❞ رواية عاموس ❝ ⏤ كريم سليمان متولي
يجلس الثري اليهودي (إيزاك شاؤول) على كرسي داخل مكتب الحاخام (حاييم ناحوم) حاخام المعبد اليهودي الواقع في شارع عدلي بوسط البلد، ورغم أن انتظاره لم يدم إلا دقائق إلا أنها مرت وكأنها ساعات طويلة، كان العرق يتصبب على وجهه ووجنتيه؛ بسبب توتره، برغم أن الجو كان معتدلا.
وكان ينقل نظره ما بين الساعة الذهبية التي يخرجها من جيب سرواله وما بين الباب.
ثم تنهد تنهيدة طويلة في تمنٍ أن كل ما مر به خلال الأيام الماضية يكون مجرد كوابيس.
فمنذ وقوع الحرب بين الدولة الوليدة إسرائيل والعرب، والتي انتهت بهزيمة العرب وضياع فلسطين أصبحت الدول العربية الحاضنة لليهود منذ أزمان بعيدة تلفظ اليهود، وأصبحوا غير مرغوب في وجودهم على أراضيها بعدما كانوا يتمتعون بكل حقوق المواطنة الكاملة، وها هي مصر الدولة العربية الكبرى بدأ شعبها ينظر إلى اليهود المصريين على أنهم خونة، وأن انتماءهم لأبناء عرقهم لا للأرض التي احتضنتهم، وزاد الطين بلة وصول الضباط الأحرار للحكم بعد طردهم للملك الذي كانت تضم بطانته الكثير من اليهود، مثل زوجة قطاوي باشا التي كانت وصيفة الملكة الأم (نازلي).
وقطاوي باشا نفسه الذي كان أحد أعمدة الصناعة بمصر وأصبح اليهود المصريون بين كفي الرحايا (الغضب الشعبي وعدم وجود غطاء سياسي يحميهم).
وبدأت هجرة اليهود إلى دولة إسرائيل وإلى أوروبا طوعا و قسرا.
مرت كل هذه الأحداث أمام عيني (إيزاك) فجعلته يشعر أن بقاءه كيهودي مصري على أرض مصر أمرا مستحيلا، فاغمض عينيه كأنه يرفض أن يتقبل الواقع الأليم.
لكن الصوت الناتج عن فتح باب المكتب أجبره أن يفتح عينيه، وبمجرد أن رأى الحاخام (حاييم ناحوم) حتى قام احتراما وتبجيلا له، واقترب منه وانحنى أمامه انحناءة بسيطة وأمسك بيد الحاخام وقبلها، ولم يقم ظهره إلا بعدما ربت الحاخام على كتفه طالبا منه أن يجلس أكثر من مرة.
*جلس الحاخام خلف مكتبه وأمامه إيزاك الذي لم ينطق بكلمة واحدة.
نظر الحاخام إلى إيزاك بعطف وبدأ حديثه: أعلم يا إيزاك سبب زيارتك رغم علمي بمدى انشغالك بأعمالك.
كريم سليمان متولي - {مؤلف وسينارست وله العديد من الأعمال السينمائيه القصيرة }
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ عاموس ❝ الناشرين : ❞ اسكرايب للنشر والتوزيع ❝ ❱
من كتب الروايات والقصص - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.