❞ كتاب فكره فابتسامه المقالات الادبيه ❝  ⏤ يحيى حقي

❞ كتاب فكره فابتسامه المقالات الادبيه ❝ ⏤ يحيى حقي

.فكره فابتسامه المقالات الادبيه ليحيي حقي. كتاب فكره فابتسامه المقالات الادبيه كتاب فكره فابتسامه المقالات الادبيه

تأليف : يحيي حقي

طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب 1976

نبذة عن الكتاب :

هو أحد مؤلفات الكاتب يحيى حقى أو كما يسميه البعض عازف الكلمات، الكاتب الذى لا يشبه أحدًا ولا يشبهه أحد في أسلوبه وكتاباته المستمدة من روح الشعب وطبقات المهمشين من المجتمع المصرى ، والكتاب يضم مجموعة من المقالات أو كما يسميها الكاتب "اللوحات" المتتابعة، و لوحاته هذه لا توجد بينها صلة عضوية إلا أن أغلبها يقدم نقدا ساخرا لمواقف من الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت ليست كلها على درجة واحدة من الهدوء والصفاء، كما أنها ليست على درجة من الابتسام الوديع، بل تخفي وراء البسمة مرارة وغيظاً وعواطف أخرى، عرضها الكاتب مع تأنق لفظي ورقي في المعنى ساردًا تلك المواقف ببراعة شديدة حتى أصبح بين كاتب الأفكار والمبتسم صداقة وطيدة.
********

أقسام الكتاب
ينقسم كتاب الاديب الكبير يحيى حقي "فكرة فابتسامة " إلى 3 اقسام، القسم الأول به 13 قصة والقسم الثاني به 7 قصص، والقسم الثالث به قصتان فقط. يبدأ القسم الأول بقصة بعنوان سيداتي انساتي ثم 3 قصص أخرى، يبدأ هذا الجزء قائلا: "سأقدم لك بلا مبالغة لوحات شهدتها بعينى تقززت لها نفسى أشد التقزز، قوام كل لوحة امرأة، وهذا هو سبب بلواى."[1] و يتناول أيضا في هذا الجزء مشكلات كالتدخين و غيرها. أما القسم الثاني فيبدأ بـ "البلطة والشجرة"، ثم "الحكاية وما فيها" وهي مسرحية من 3 فصول، وبعدها تأتى مقالات مثل: "فضائل في الثلاجة"، و"بيني وبين صديق"، و"خرج ولم يعد"، و"سبعة في قارب". أما القسم الثالث والاخير ففيه "هذا الجمهور"، عن كازينو الورد في روما امام مسرح صغير. وأخيرا "اعترافات لا تقال الا لصديق"، وفيه اعترافات للاديب يحيى حقى في مرحلة بداية الكتابة وختمها بقوله "لم اقرأ هذه المؤلفات في صنعة القصة وفضلت ان اتعلم كما يقال من منازلهم بالمعاناة والتجربة وتأمل آثار كبار الكتاب وهم اساتذتى وائمتى واحبائى".[2]
*************
القسم الأول
الجزء الآول
سيداتى آنساتى.
يقول يحيى حقى في مقدمة كتابه "فكرة فابتسامة": "معبد الشعر مغلق في وجهى بالضبة والمفتاح، لا أملك الدخول إلى محرابه ولو من سلم الخدم، فإنى أرها أسمى من أن أخاطبها بالنثر ..." [3] ، ويؤكد أن تحسّره على عجزه عن كتابة الشعر من أكبر الأدلة على علو قدر المرأة عنده، ومن حقها أن تصاغ لها قصيدة جميلة مستمدة من قبس جمالها، ورقيقة من وحي رقتها، فهو بذلك ينفى عن نفسه تهمة التحامل على المرأة، لان قوام كل لوحة من لو حاته في هذا الجزء امرأة.
***********
اللوحة الأولى: فاتن
في المقال الأول يسلط يحيى حقى الضوء على مشكلة اجتماعية كبيرة وهى سوء معاملة السيدات للخادمات، كما يصور لنا الفجوة بين الطبقات الاجتماعية في ذلك الوقت، فها هى السيدة الغنية تحدد أجرا للخادمة "تصرف مثله أو أكثر منه في ليلة واحدة ثم أبت ان تتزحزح عنه (اذا كان يعجبك ..) فقبلته الخادمة صاغرة ودعت بسعة الرزق و طول العمر."[4] أما فاتن فهى ابنة الخادمة التى ترفض "الست" بشدة ان تظل هذه الطفلة الرضيعة مع أمها الخادمة أثناء وقت العمل قائلة: "احنا عاوزينك وحدك، شوفى لك صرفة في بنتك ..."[5] وتحاول الخادمة أن تستعطف سيدتها لكن تبؤ كل محاولاتها بالفشل و ينتهى الموقف بان تتمنى الخادمة لو ان طفلتها هذه ماتت قائلة: "لو كنتِ تموتى..".[5]
***********
اللوحة الثانية: لدغ أقسى من الصفع!
اللوحة الثانية المرسومة في مقال يحيى حقى الذى يحمل اسم "لدغ أقسى من الصفع!" هو امتداد بشكل أو بآخر للوحته السابقة "فاتن". ففيه يلقى حقى المزيد من الضوء على المشكلة نفسها، ولكن هذه المرة بطل الموقف فتى فلاح يتيم تعهدت "الست" بتهذيبه وتعليمه ليعمل في خدمتها بعد ان تابت عن استخدام النساء_نظرا لأن في قلبها شعور غامض أن عدوا مجهولا قد سرق منها شيئا لا تعرف ما هو[6] _ ونغصت حياة زوجها حتى ظفر لها من الريف بهذا الصبى.[6] ومضى زمن فاذا بالفلاح الجلف ينقلب إلى فتى متمدين، وظن ان الله قد عوضه عن اليتم والتلطيم باسرة يلوذ بها، ولكنه ارتكب ذات يوم حماقة ما، فنودى عليه وذا بالشتائم والسباب تنهال عليه من ال"بك" ثم قبل اعتذار الفتى، فاغتظت زوجته لتساهله فتدخلت بالمدفعية الثقيلة بان استخرجت الست الفيلم القديم و انهالت بالسباب و الاهانة على الفتى قائلة: "جرى ايه يا واد أنت اتفرعنت قوى. لابس بدلة وعامل أفندى ... نسيت يوم ما جيت لنا ... جلابيتك مقيحة مفيهاش حتة على بعضها ... مدّناك و علمناك وبقيت بنى آدم وبعد الفلس و اللضى بقا في جيبك فلوس تشخشخ بيها ومتنامش ليلة جعان ولا طفحان مش مليان دود" فتمنى الفتى أن تصفعه بكفها ولا تذله وتهدم كرامته بلدغ العقرب.[7] فما كان منه الا ان اعتذر لها.
*********
اللوحة الثالثة: خمسة صاغ
هذه المقالة تحكى لنا معاناة أم محمد الغسالة السيدة الهزيلة التى تتحمل مسئولية عائلة مكونة من ستة أيتام، وتتحمل من أجلهم المتاعب فتجلس أمام الطست وتظل يداها تدعكان بلا انقطاع من مطلع الصباح إلى ما بعد الظهر، [8] معروفة باتقانها فغسيل أم محمد نظيف كالشمع، الزهرة مضبوطة، لم ينضج منها ثوب ملون على ثوب أبيض، ما ضاع منها منديل ولا سقط في الطريق قميص، ولكن لأم محمد عيبا غريبا لم تنعقد المودة بسببه بينها وبين ستات البيوت، [8] فهم يرونها مخبولة، فبمجرد أن تجلس أمام الطست "تعدد" كأنها في مأتم، بنغم حزين يفتت الصخر.[8] وذات مره أتفقت إحدى السيدات مع أم محمد على أن تغسل لها كل يوم اثنين مقابل جنيه واحد في الشهر، وظل اتفاقهما سارى لمدة عامين، لم تخلف أم محمد قط موعدها، أجرها غير مرتبط بأسعار الأكل والشرب، الجنيه هو الجنيه لم يتغير!.[9] وكانت لدى الست صبية صغيرة تخدمها رأتها الست يوما ما جالسة تستريح لحظة فززتها من مكانها وطلبت إليها أن تفعل شيئا، [9] فجمعت الخادمة المناديل والجوارب وغسلتها أحسن غسيل، وفي يوم الاثنين التالى صبرت الست حتى أتمت أم محمد الغسيل وقالت لها: "شوفى يا أم محمد .. من هنا ورايح ح نشيل عنك المناديل والشرابات، وعلشان كده ح نخصم من أجرتك خمسة صاغ." [9]

*********
اللوحة الرابعة: عشرة كيلو شايلة عشرة كيلو
نشرت هذه المقالة في جريدة "المساء" بتاريخ 29 مايو 1961، ويتناول فيها الكاتب يحيى حقى نفس موضوع لوحاته الثلاثة السابقة وهو سوء معاملة الخادمات، تدور أحداث الموقف في أحد المواصلات العامة، وهى مثيلاتها كثيرات في المترو والأوتوبيس تتصارع مع باقى الركاب أثناء صعودها ونزولها، هى سيدة ككيس القطن، [9] فيعلق الكاتب على ذلك قائلا: "يارب .. كيف يمكن أن يوحى وجه امرأة بمثل هذا الغلظ والجمود، تجلس أمام وتأخذ تنظر إلى الخلق كله _لا إلىّ وحدى_ شزرا وبحنق شديد، حينئذ أتمنى أن أكون أنا المفتى وتعرض علىّ قضيتها لأكتب بالثلث على الملف 'حلال فيها الإعدام' ..." [3] لهذه السيدة الضخمة ابن يزن عشرة كيلو، كثير الحركة كالزئبق، يخوض أجساد الركاب بحذائه ليصل إلى الشباك، تتركه أمه لطفلة صغيرة لا يزيد وزنها هى الأخرى عن عشرة كيلو، حقها ان تدلل هى الأخرى، [3] تنوء بحمل الصبى ولا يُرى في عينيها أقل أثر للهم، بل تحوطه بذراعيها. ويتعجب الكاتب من غلظة هذه السيدة التى تمتد يدها أكثر من مرة لتعدل ثوب ابنها ولم تمتد ولو مرة لتربت على كتف خادمتها الطفلة الصغيرة وتصبرها أن المشوار قصير. وإذا جاء الكمسرى تقول له بالفم المليان "تذكرة ونص"، [3] فتمنى يحيى حقى أن يقول لها ساخرا: "النص لك أنتِ لأنك رغم ضخامتك لستِ إنسانة كاملة، والتذكرة لهذه الصبية لأنها تقوم بعمل يعجز عنه بعض البالغين".[3]


يحيى حقي - يحيى حقي محمد حقي (17 يناير 1905م - 9 ديسمبر 1992م) كاتب وروائي مصري. ولد يحيى حقي في أسرة لها جذور تركية في القاهرة وقد حصل على تعليم جيد حتى انخرط في المحاماة حيث درس في معهد الحقوق بالقاهرة وكان تخرجه منه في عام 1925م.

❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ قنديل ام هاشم ❝ ❞ فكره فابتسامه المقالات الادبيه ❝ ❞ رسائل يحيي حقي الي ابنته ❝ ❞ سارق الكحل ❝ ❞ كناسه الدكان ❝ ❞ دماء و طين مع ثلاث قصص جديده ❝ ❞ تعالي معي الي الكونسير مع الكاريكاتير في موسيقي سيد درويش ❝ ❞ تراب الميري ❝ ❞ انشوده للبساطه ❝ الناشرين : ❞ دار المعارف ❝ ❞ الهيئة المصرية العامة للكتاب ❝ ❱
من كتب الروايات والقصص - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.

نبذة عن الكتاب:
فكره فابتسامه المقالات الادبيه

1976م - 1446هـ
.فكره فابتسامه المقالات الادبيه ليحيي حقي. كتاب فكره فابتسامه المقالات الادبيه كتاب فكره فابتسامه المقالات الادبيه

تأليف : يحيي حقي

طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب 1976

نبذة عن الكتاب :

هو أحد مؤلفات الكاتب يحيى حقى أو كما يسميه البعض عازف الكلمات، الكاتب الذى لا يشبه أحدًا ولا يشبهه أحد في أسلوبه وكتاباته المستمدة من روح الشعب وطبقات المهمشين من المجتمع المصرى ، والكتاب يضم مجموعة من المقالات أو كما يسميها الكاتب "اللوحات" المتتابعة، و لوحاته هذه لا توجد بينها صلة عضوية إلا أن أغلبها يقدم نقدا ساخرا لمواقف من الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت ليست كلها على درجة واحدة من الهدوء والصفاء، كما أنها ليست على درجة من الابتسام الوديع، بل تخفي وراء البسمة مرارة وغيظاً وعواطف أخرى، عرضها الكاتب مع تأنق لفظي ورقي في المعنى ساردًا تلك المواقف ببراعة شديدة حتى أصبح بين كاتب الأفكار والمبتسم صداقة وطيدة.
********

أقسام الكتاب
ينقسم كتاب الاديب الكبير يحيى حقي "فكرة فابتسامة " إلى 3 اقسام، القسم الأول به 13 قصة والقسم الثاني به 7 قصص، والقسم الثالث به قصتان فقط. يبدأ القسم الأول بقصة بعنوان سيداتي انساتي ثم 3 قصص أخرى، يبدأ هذا الجزء قائلا: "سأقدم لك بلا مبالغة لوحات شهدتها بعينى تقززت لها نفسى أشد التقزز، قوام كل لوحة امرأة، وهذا هو سبب بلواى."[1] و يتناول أيضا في هذا الجزء مشكلات كالتدخين و غيرها. أما القسم الثاني فيبدأ بـ "البلطة والشجرة"، ثم "الحكاية وما فيها" وهي مسرحية من 3 فصول، وبعدها تأتى مقالات مثل: "فضائل في الثلاجة"، و"بيني وبين صديق"، و"خرج ولم يعد"، و"سبعة في قارب". أما القسم الثالث والاخير ففيه "هذا الجمهور"، عن كازينو الورد في روما امام مسرح صغير. وأخيرا "اعترافات لا تقال الا لصديق"، وفيه اعترافات للاديب يحيى حقى في مرحلة بداية الكتابة وختمها بقوله "لم اقرأ هذه المؤلفات في صنعة القصة وفضلت ان اتعلم كما يقال من منازلهم بالمعاناة والتجربة وتأمل آثار كبار الكتاب وهم اساتذتى وائمتى واحبائى".[2]
*************
القسم الأول
الجزء الآول
سيداتى آنساتى.
يقول يحيى حقى في مقدمة كتابه "فكرة فابتسامة": "معبد الشعر مغلق في وجهى بالضبة والمفتاح، لا أملك الدخول إلى محرابه ولو من سلم الخدم، فإنى أرها أسمى من أن أخاطبها بالنثر ..." [3] ، ويؤكد أن تحسّره على عجزه عن كتابة الشعر من أكبر الأدلة على علو قدر المرأة عنده، ومن حقها أن تصاغ لها قصيدة جميلة مستمدة من قبس جمالها، ورقيقة من وحي رقتها، فهو بذلك ينفى عن نفسه تهمة التحامل على المرأة، لان قوام كل لوحة من لو حاته في هذا الجزء امرأة.
***********
اللوحة الأولى: فاتن
في المقال الأول يسلط يحيى حقى الضوء على مشكلة اجتماعية كبيرة وهى سوء معاملة السيدات للخادمات، كما يصور لنا الفجوة بين الطبقات الاجتماعية في ذلك الوقت، فها هى السيدة الغنية تحدد أجرا للخادمة "تصرف مثله أو أكثر منه في ليلة واحدة ثم أبت ان تتزحزح عنه (اذا كان يعجبك ..) فقبلته الخادمة صاغرة ودعت بسعة الرزق و طول العمر."[4] أما فاتن فهى ابنة الخادمة التى ترفض "الست" بشدة ان تظل هذه الطفلة الرضيعة مع أمها الخادمة أثناء وقت العمل قائلة: "احنا عاوزينك وحدك، شوفى لك صرفة في بنتك ..."[5] وتحاول الخادمة أن تستعطف سيدتها لكن تبؤ كل محاولاتها بالفشل و ينتهى الموقف بان تتمنى الخادمة لو ان طفلتها هذه ماتت قائلة: "لو كنتِ تموتى..".[5]
***********
اللوحة الثانية: لدغ أقسى من الصفع!
اللوحة الثانية المرسومة في مقال يحيى حقى الذى يحمل اسم "لدغ أقسى من الصفع!" هو امتداد بشكل أو بآخر للوحته السابقة "فاتن". ففيه يلقى حقى المزيد من الضوء على المشكلة نفسها، ولكن هذه المرة بطل الموقف فتى فلاح يتيم تعهدت "الست" بتهذيبه وتعليمه ليعمل في خدمتها بعد ان تابت عن استخدام النساء_نظرا لأن في قلبها شعور غامض أن عدوا مجهولا قد سرق منها شيئا لا تعرف ما هو[6] _ ونغصت حياة زوجها حتى ظفر لها من الريف بهذا الصبى.[6] ومضى زمن فاذا بالفلاح الجلف ينقلب إلى فتى متمدين، وظن ان الله قد عوضه عن اليتم والتلطيم باسرة يلوذ بها، ولكنه ارتكب ذات يوم حماقة ما، فنودى عليه وذا بالشتائم والسباب تنهال عليه من ال"بك" ثم قبل اعتذار الفتى، فاغتظت زوجته لتساهله فتدخلت بالمدفعية الثقيلة بان استخرجت الست الفيلم القديم و انهالت بالسباب و الاهانة على الفتى قائلة: "جرى ايه يا واد أنت اتفرعنت قوى. لابس بدلة وعامل أفندى ... نسيت يوم ما جيت لنا ... جلابيتك مقيحة مفيهاش حتة على بعضها ... مدّناك و علمناك وبقيت بنى آدم وبعد الفلس و اللضى بقا في جيبك فلوس تشخشخ بيها ومتنامش ليلة جعان ولا طفحان مش مليان دود" فتمنى الفتى أن تصفعه بكفها ولا تذله وتهدم كرامته بلدغ العقرب.[7] فما كان منه الا ان اعتذر لها.
*********
اللوحة الثالثة: خمسة صاغ
هذه المقالة تحكى لنا معاناة أم محمد الغسالة السيدة الهزيلة التى تتحمل مسئولية عائلة مكونة من ستة أيتام، وتتحمل من أجلهم المتاعب فتجلس أمام الطست وتظل يداها تدعكان بلا انقطاع من مطلع الصباح إلى ما بعد الظهر، [8] معروفة باتقانها فغسيل أم محمد نظيف كالشمع، الزهرة مضبوطة، لم ينضج منها ثوب ملون على ثوب أبيض، ما ضاع منها منديل ولا سقط في الطريق قميص، ولكن لأم محمد عيبا غريبا لم تنعقد المودة بسببه بينها وبين ستات البيوت، [8] فهم يرونها مخبولة، فبمجرد أن تجلس أمام الطست "تعدد" كأنها في مأتم، بنغم حزين يفتت الصخر.[8] وذات مره أتفقت إحدى السيدات مع أم محمد على أن تغسل لها كل يوم اثنين مقابل جنيه واحد في الشهر، وظل اتفاقهما سارى لمدة عامين، لم تخلف أم محمد قط موعدها، أجرها غير مرتبط بأسعار الأكل والشرب، الجنيه هو الجنيه لم يتغير!.[9] وكانت لدى الست صبية صغيرة تخدمها رأتها الست يوما ما جالسة تستريح لحظة فززتها من مكانها وطلبت إليها أن تفعل شيئا، [9] فجمعت الخادمة المناديل والجوارب وغسلتها أحسن غسيل، وفي يوم الاثنين التالى صبرت الست حتى أتمت أم محمد الغسيل وقالت لها: "شوفى يا أم محمد .. من هنا ورايح ح نشيل عنك المناديل والشرابات، وعلشان كده ح نخصم من أجرتك خمسة صاغ." [9]

*********
اللوحة الرابعة: عشرة كيلو شايلة عشرة كيلو
نشرت هذه المقالة في جريدة "المساء" بتاريخ 29 مايو 1961، ويتناول فيها الكاتب يحيى حقى نفس موضوع لوحاته الثلاثة السابقة وهو سوء معاملة الخادمات، تدور أحداث الموقف في أحد المواصلات العامة، وهى مثيلاتها كثيرات في المترو والأوتوبيس تتصارع مع باقى الركاب أثناء صعودها ونزولها، هى سيدة ككيس القطن، [9] فيعلق الكاتب على ذلك قائلا: "يارب .. كيف يمكن أن يوحى وجه امرأة بمثل هذا الغلظ والجمود، تجلس أمام وتأخذ تنظر إلى الخلق كله _لا إلىّ وحدى_ شزرا وبحنق شديد، حينئذ أتمنى أن أكون أنا المفتى وتعرض علىّ قضيتها لأكتب بالثلث على الملف 'حلال فيها الإعدام' ..." [3] لهذه السيدة الضخمة ابن يزن عشرة كيلو، كثير الحركة كالزئبق، يخوض أجساد الركاب بحذائه ليصل إلى الشباك، تتركه أمه لطفلة صغيرة لا يزيد وزنها هى الأخرى عن عشرة كيلو، حقها ان تدلل هى الأخرى، [3] تنوء بحمل الصبى ولا يُرى في عينيها أقل أثر للهم، بل تحوطه بذراعيها. ويتعجب الكاتب من غلظة هذه السيدة التى تمتد يدها أكثر من مرة لتعدل ثوب ابنها ولم تمتد ولو مرة لتربت على كتف خادمتها الطفلة الصغيرة وتصبرها أن المشوار قصير. وإذا جاء الكمسرى تقول له بالفم المليان "تذكرة ونص"، [3] فتمنى يحيى حقى أن يقول لها ساخرا: "النص لك أنتِ لأنك رغم ضخامتك لستِ إنسانة كاملة، والتذكرة لهذه الصبية لأنها تقوم بعمل يعجز عنه بعض البالغين".[3]



.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

 

.فكره فابتسامه المقالات الادبيه ليحيي حقي.


كتاب فكره فابتسامه المقالات الادبيه

 .فكره فابتسامه المقالات الادبيه ليحيي حقي.                         كتاب فكره فابتسامه المقالات الادبيه  كتاب فكره فابتسامه المقالات الادبيه 

تأليف : يحيي حقي 

طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب 1976

نبذة عن الكتاب :

هو أحد مؤلفات الكاتب يحيى حقى أو كما يسميه البعض عازف الكلمات، الكاتب الذى لا يشبه أحدًا ولا يشبهه أحد في أسلوبه وكتاباته المستمدة من روح الشعب وطبقات المهمشين من المجتمع المصرى ، والكتاب يضم مجموعة من المقالات أو كما يسميها الكاتب "اللوحات" المتتابعة، و لوحاته هذه لا توجد بينها صلة عضوية إلا أن أغلبها يقدم نقدا ساخرا لمواقف من الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت ليست كلها على درجة واحدة من الهدوء والصفاء، كما أنها ليست على درجة من الابتسام الوديع، بل تخفي وراء البسمة مرارة وغيظاً وعواطف أخرى، عرضها الكاتب مع تأنق لفظي ورقي في المعنى ساردًا تلك المواقف ببراعة شديدة حتى أصبح بين كاتب الأفكار والمبتسم صداقة وطيدة.


أقسام الكتاب
ينقسم كتاب الاديب الكبير يحيى حقي "فكرة فابتسامة " إلى 3 اقسام، القسم الأول به 13 قصة والقسم الثاني به 7 قصص، والقسم الثالث به قصتان فقط. يبدأ القسم الأول بقصة بعنوان سيداتي انساتي ثم 3 قصص أخرى، يبدأ هذا الجزء قائلا: "سأقدم لك بلا مبالغة لوحات شهدتها بعينى تقززت لها نفسى أشد التقزز، قوام كل لوحة امرأة، وهذا هو سبب بلواى."[1] و يتناول أيضا في هذا الجزء مشكلات كالتدخين و غيرها. أما القسم الثاني فيبدأ بـ "البلطة والشجرة"، ثم "الحكاية وما فيها" وهي مسرحية من 3 فصول، وبعدها تأتى مقالات مثل: "فضائل في الثلاجة"، و"بيني وبين صديق"، و"خرج ولم يعد"، و"سبعة في قارب". أما القسم الثالث والاخير ففيه "هذا الجمهور"، عن كازينو الورد في روما امام مسرح صغير. وأخيرا "اعترافات لا تقال الا لصديق"، وفيه اعترافات للاديب يحيى حقى في مرحلة بداية الكتابة وختمها بقوله "لم اقرأ هذه المؤلفات في صنعة القصة وفضلت ان اتعلم كما يقال من منازلهم بالمعاناة والتجربة وتأمل آثار كبار الكتاب وهم اساتذتى وائمتى واحبائى".[2]

القسم الأول
الجزء الآول
سيداتى آنساتى.
يقول يحيى حقى في مقدمة كتابه "فكرة فابتسامة": "معبد الشعر مغلق في وجهى بالضبة والمفتاح، لا أملك الدخول إلى محرابه ولو من سلم الخدم، فإنى أرها أسمى من أن أخاطبها بالنثر ..." [3] ، ويؤكد أن تحسّره على عجزه عن كتابة الشعر من أكبر الأدلة على علو قدر المرأة عنده، ومن حقها أن تصاغ لها قصيدة جميلة مستمدة من قبس جمالها، ورقيقة من وحي رقتها، فهو بذلك ينفى عن نفسه تهمة التحامل على المرأة، لان قوام كل لوحة من لو حاته في هذا الجزء امرأة.

اللوحة الأولى: فاتن
في المقال الأول يسلط يحيى حقى الضوء على مشكلة اجتماعية كبيرة وهى سوء معاملة السيدات للخادمات، كما يصور لنا الفجوة بين الطبقات الاجتماعية في ذلك الوقت، فها هى السيدة الغنية تحدد أجرا للخادمة "تصرف مثله أو أكثر منه في ليلة واحدة ثم أبت ان تتزحزح عنه (اذا كان يعجبك ..) فقبلته الخادمة صاغرة ودعت بسعة الرزق و طول العمر."[4] أما فاتن فهى ابنة الخادمة التى ترفض "الست" بشدة ان تظل هذه الطفلة الرضيعة مع أمها الخادمة أثناء وقت العمل قائلة: "احنا عاوزينك وحدك، شوفى لك صرفة في بنتك ..."[5] وتحاول الخادمة أن تستعطف سيدتها لكن تبؤ كل محاولاتها بالفشل و ينتهى الموقف بان تتمنى الخادمة لو ان طفلتها هذه ماتت قائلة: "لو كنتِ تموتى..".[5]

اللوحة الثانية: لدغ أقسى من الصفع!
اللوحة الثانية المرسومة في مقال يحيى حقى الذى يحمل اسم "لدغ أقسى من الصفع!" هو امتداد بشكل أو بآخر للوحته السابقة "فاتن". ففيه يلقى حقى المزيد من الضوء على المشكلة نفسها، ولكن هذه المرة بطل الموقف فتى فلاح يتيم تعهدت "الست" بتهذيبه وتعليمه ليعمل في خدمتها بعد ان تابت عن استخدام النساء_نظرا لأن في قلبها شعور غامض أن عدوا مجهولا قد سرق منها شيئا لا تعرف ما هو[6] _ ونغصت حياة زوجها حتى ظفر لها من الريف بهذا الصبى.[6] ومضى زمن فاذا بالفلاح الجلف ينقلب إلى فتى متمدين، وظن ان الله قد عوضه عن اليتم والتلطيم باسرة يلوذ بها، ولكنه ارتكب ذات يوم حماقة ما، فنودى عليه وذا بالشتائم والسباب تنهال عليه من ال"بك" ثم قبل اعتذار الفتى، فاغتظت زوجته لتساهله فتدخلت بالمدفعية الثقيلة بان استخرجت الست الفيلم القديم و انهالت بالسباب و الاهانة على الفتى قائلة: "جرى ايه يا واد أنت اتفرعنت قوى. لابس بدلة وعامل أفندى ... نسيت يوم ما جيت لنا ... جلابيتك مقيحة مفيهاش حتة على بعضها ... مدّناك و علمناك وبقيت بنى آدم وبعد الفلس و اللضى بقا في جيبك فلوس تشخشخ بيها ومتنامش ليلة جعان ولا طفحان مش مليان دود" فتمنى الفتى أن تصفعه بكفها ولا تذله وتهدم كرامته بلدغ العقرب.[7] فما كان منه الا ان اعتذر لها.

اللوحة الثالثة: خمسة صاغ
هذه المقالة تحكى لنا معاناة أم محمد الغسالة السيدة الهزيلة التى تتحمل مسئولية عائلة مكونة من ستة أيتام، وتتحمل من أجلهم المتاعب فتجلس أمام الطست وتظل يداها تدعكان بلا انقطاع من مطلع الصباح إلى ما بعد الظهر، [8] معروفة باتقانها فغسيل أم محمد نظيف كالشمع، الزهرة مضبوطة، لم ينضج منها ثوب ملون على ثوب أبيض، ما ضاع منها منديل ولا سقط في الطريق قميص، ولكن لأم محمد عيبا غريبا لم تنعقد المودة بسببه بينها وبين ستات البيوت، [8] فهم يرونها مخبولة، فبمجرد أن تجلس أمام الطست "تعدد" كأنها في مأتم، بنغم حزين يفتت الصخر.[8] وذات مره أتفقت إحدى السيدات مع أم محمد على أن تغسل لها كل يوم اثنين مقابل جنيه واحد في الشهر، وظل اتفاقهما سارى لمدة عامين، لم تخلف أم محمد قط موعدها، أجرها غير مرتبط بأسعار الأكل والشرب، الجنيه هو الجنيه لم يتغير!.[9] وكانت لدى الست صبية صغيرة تخدمها رأتها الست يوما ما جالسة تستريح لحظة فززتها من مكانها وطلبت إليها أن تفعل شيئا، [9] فجمعت الخادمة المناديل والجوارب وغسلتها أحسن غسيل، وفي يوم الاثنين التالى صبرت الست حتى أتمت أم محمد الغسيل وقالت لها: "شوفى يا أم محمد .. من هنا ورايح ح نشيل عنك المناديل والشرابات، وعلشان كده ح نخصم من أجرتك خمسة صاغ." [9]

اللوحة الرابعة: عشرة كيلو شايلة عشرة كيلو
نشرت هذه المقالة في جريدة "المساء" بتاريخ 29 مايو 1961، ويتناول فيها الكاتب يحيى حقى نفس موضوع لوحاته الثلاثة السابقة وهو سوء معاملة الخادمات، تدور أحداث الموقف في أحد المواصلات العامة، وهى مثيلاتها كثيرات في المترو والأوتوبيس تتصارع مع باقى الركاب أثناء صعودها ونزولها، هى سيدة ككيس القطن، [9] فيعلق الكاتب على ذلك قائلا: "يارب .. كيف يمكن أن يوحى وجه امرأة بمثل هذا الغلظ والجمود، تجلس أمام وتأخذ تنظر إلى الخلق كله _لا إلىّ وحدى_ شزرا وبحنق شديد، حينئذ أتمنى أن أكون أنا المفتى وتعرض علىّ قضيتها لأكتب بالثلث على الملف 'حلال فيها الإعدام' ..." [3] لهذه السيدة الضخمة ابن يزن عشرة كيلو، كثير الحركة كالزئبق، يخوض أجساد الركاب بحذائه ليصل إلى الشباك، تتركه أمه لطفلة صغيرة لا يزيد وزنها هى الأخرى عن عشرة كيلو، حقها ان تدلل هى الأخرى، [3] تنوء بحمل الصبى ولا يُرى في عينيها أقل أثر للهم، بل تحوطه بذراعيها. ويتعجب الكاتب من غلظة هذه السيدة التى تمتد يدها أكثر من مرة لتعدل ثوب ابنها ولم تمتد ولو مرة لتربت على كتف خادمتها الطفلة الصغيرة وتصبرها أن المشوار قصير. وإذا جاء الكمسرى تقول له بالفم المليان "تذكرة ونص"، [3] فتمنى يحيى حقى أن يقول لها ساخرا: "النص لك أنتِ لأنك رغم ضخامتك لستِ إنسانة كاملة، والتذكرة لهذه الصبية لأنها تقوم بعمل يعجز عنه بعض البالغين".[3]

محتويات
1    أقسام الكتاب
1.1    القسم الأول
1.2    الجزء الآول
1.2.1    سيداتى آنساتى.
1.2.1.1    اللوحة الأولى: فاتن
1.2.1.2    اللوحة الثانية: لدغ أقسى من الصفع!
1.2.1.3    اللوحة الثالثة: خمسة صاغ
1.2.1.4    اللوحة الرابعة: عشرة كيلو شايلة عشرة كيلو
1.3    الجزء الثانى
1.3.1    أنا خرمـان.
1.4    الجزء الثالث
1.4.1    أين تأكل اليوم؟
1.4.2    الوصايا العشر في سوق الخضار
1.4.3    حجاب لدوام المحبة
1.4.4    تاريخ من نوع جديد
1.4.5    فرتكه وقلة بركة
1.4.6    حكايات تريح القلب
1.4.7    إلى اصدقائى السياح
1.5    القسم الثانى
1.6    القسم الثالث
2    مراجع

 



سنة النشر : 1976م / 1396هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 2.8 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة فكره فابتسامه المقالات الادبيه

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل فكره فابتسامه المقالات الادبيه
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
يحيى حقي - Yahya Haqqi

كتب يحيى حقي يحيى حقي محمد حقي (17 يناير 1905م - 9 ديسمبر 1992م) كاتب وروائي مصري. ولد يحيى حقي في أسرة لها جذور تركية في القاهرة وقد حصل على تعليم جيد حتى انخرط في المحاماة حيث درس في معهد الحقوق بالقاهرة وكان تخرجه منه في عام 1925م. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ قنديل ام هاشم ❝ ❞ فكره فابتسامه المقالات الادبيه ❝ ❞ رسائل يحيي حقي الي ابنته ❝ ❞ سارق الكحل ❝ ❞ كناسه الدكان ❝ ❞ دماء و طين مع ثلاث قصص جديده ❝ ❞ تعالي معي الي الكونسير مع الكاريكاتير في موسيقي سيد درويش ❝ ❞ تراب الميري ❝ ❞ انشوده للبساطه ❝ الناشرين : ❞ دار المعارف ❝ ❞ الهيئة المصرية العامة للكتاب ❝ ❱. المزيد..

كتب يحيى حقي
الناشر:
الهيئة المصرية العامة للكتاب
كتب الهيئة المصرية العامة للكتاب ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ مزرعة الحيوان ❝ ❞ الموجز في التحليل النفسي ❝ ❞ روميو وجولييت ❝ ❞ بدائع الزهور فى وقائع الدهور ج1 ❝ ❞ مذكرات الجمسي ❝ ❞ المعجم الوجيز هيروغليفي-عربي ❝ ❞ مذكرات الجسمي ❝ ❞ أفكار وأراء ❝ ❞ رواية الكهف ❝ ❞ قادة مصر الفرعونية- حتشبسوت ❝ ❱.المزيد.. كتب الهيئة المصرية العامة للكتاب