📘 قراءة كتاب الاستثمار الأجنبي في الجزائر أونلاين
و لما آانت القاعدة القانونية تعبر عن وضعية العلاقات الاقتصادية و الاجتماعية السائدة،
فإن النظام القانوني للاستثمار قد عرف تطورا معتبرا مستمدا أساسا من تطور و تحويل
الاقتصاد من اقتصاد موجه إلى اقتصاد حديث نحو انفتاح السوق، وعلي هذا الأساس يعتبر
الاستثمار موضوعا من مواضيع الساعة، سواء على الساحة الوطنية أو الدولية نظرا لما له
من أهمية خاصة في مجال التنمية لأن هذه الأخيرة لا يمكن أن تتحقق إلا بفعله.
وإذا آان "الاستثمار" مصطلح اقتصادي، فإنّ الاقتصاديين لم يتيسّر لهم إعطائه تعريفا
، فالقاموس الاقتصادي و المالي إييف برنار يعرّفه آالآتي : " الاستثمار هو 1 سهلا و موحّدا
امتلاك لوسائل الإنتاج عن طريق التوسّع ، و يساوي أيضا امتلاك لرأس المال من أجل
. 2 الحصول على دخل "
أمّا المفهوم القانوني للاستثمار ، فإنّ التعريفات حوله تكاد تنعدم و السبب يرجع حسب
اعتقادنا إلى أنّ موضوع الاستثمار يدخل عادة في إطار الدراسات الاقتصادية و القانونية معا
وبما أنّ هذا الفرع من القانون هو فرع جديد، فإنّ التعريفات أنسبت إلى الفرع
الاقتصادي،وفي غياب اجتهاد فقهي لتعريف موضوع الاستثمار، انصبّ اهتمام رجال
القانون على جانبه الشكلي فحسب، فمن الناحية العملية يوجد شكلان قانونيان من أشكال
الاستثمار هما الاستثمار المباشر و الاستثمار الغير المباشر، و الشكل الأوّل هو الذي يعنينا،
لأنّه الأآثر شيوعا في العلاقات الاقتصادية الدولية، و يميّز في الاستثمار المباشر بين
الاستثمار العام و الخاص، و نحن في دراستنا هذه نرآّز على الاستثمار الأجنبي الخاص
1 / P. DIETERIEM, « L’investissement », Paris, 1957, 19-22.
2 / Y. BERNARD, Dictionnaire économique et financier, édition seuil, Paris Vi, 1975.
2
المباشر، نظرا لأهميّته و تطوّره في السنوات الأخيرة إذ عرف عودة سريعة على الساحة
الاقتصادية الدولية ، بل تزايدت أهميته لأنّ جميع الدول النّامية أصبحت بحاجة ماسّة إلى
رؤوس الأموال لتحقيق تنميتها الاقتصادية و تمويل مشاريعها المتوقّفة من جرّاء عجزها
الرّاجع إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية النّاجمة عن انهيار أسعار البترول، آما ازداد الطلب
على الاستثمار الأجنبي المباشر لإمكانية منحه الدول النّامية عدّة مزايا أهمها جلب تكنولوجيا
متطوّرة تستفيد منها هذه الدول.
غير أنّه يجب أن لا نغفي أنّ رأس المال لن ينتقل من بلده الأصلي إلى البلد المضيف، إلاّ
إذا وفر له مناخ استثمار يحقّق له ما يهدف إليه من زيادة و نماء.
هذا و قد استقرّ تعريف مناخ الاستثمار وفقا للأدبيات الاقتصادية المستقرّة، و وفقا لما ذهبت
إليه المؤسّسة العربية لضمان الاستثمار على أنّه : " مجمل الأوضاع و الظروف السياسية،
الاقتصادية ، الاجتماعية و القانونية التي تؤثر في توجهّات رأس المال"، من خلال هذا
التعريف نستنتج أنّه يقصد بمناخ الاستثمار تلك الأوضاع و الظروف التي تتمّ فيها العمليّة
الاستثمارية، التي قد تنعكس سلبا أو إيجابا على فرص نجاح المشروعات الاستثمارية
و تشمل الأوضاع و الظروف السياسيّة الاقتصادية ،الاجتماعية و الأمنيّة ،إذ أنّ هذه
الأوضاع و الظروف تترجم في مجملها إلى عوامل جذب أو عوامل حجب لرأس المال
الأجنبي أو بعبارة أخرى إمّا أن تمثّل هذه العناصر دافعا للإقبال على الاستثمار في بلد ما
أو الإحجام عنه.
فقد شهدت السنوات الأخيرة تواصلا في جهود الجزائر لتحسين مناخ الاستثمار فيها، من
خلال تهيئة الأوضاع و الظروف المناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، و ذلك
باستحداث الإطار الاقتصادي المناسب آذلك الإطار القانوني الواضح، و توفير الظروف
السياسية المناسبة حيث آان هذا الأخير يشكّل عائقا أمام المستثمر الأجنبي، فالاضطرابات
السياسية التي عرفتها الجزائر في السنوات الأخيرة أثّرت سلبا على الاستثمار المباشر فيها،
لكن بعد استقرار الأوضاع السياسيّة و استكمال الجزائر لبناء مؤسّساتها التشريعية، شكّل
دافعا لإقبال المستثمرين الأجانب إلى بلادنا.
3
وهكذا يكمن الإطار القانوني في سلسلة من التشريعات أهمّها تلك التي تتعلّق بترقية
الاستثمار في الجزائر، حيث تضمّنت إجراءات تحفيزيّة لصالح المستثمر الأجنبي لم تتناولها
التشريعات السّابقة، وفي دراستنا هذه نرآّز على الإطار القانوني أو النظام القانوني الجديد
للاستثمار ، هذا لا يعني التقليل من أهميّة الأطر الأخرى بل و لأنّ الجزائر و لأوّل مرّة،
قامت بتوفير إطار قانوني محفّز للاستثمارات الأجنبيّة المباشرة ، بداية من قوانين فترة ما
بعد الإصلاحات ثمّ المرسوم التشريعي رقم 93-12 الصادر في 5 أآتوبر 1993 و المتعلّق
بترقية الاستثمارات في الجزائر، و آذلك الأمر 01-03 المؤرخ في 20 أوت 2001
والخاص بتطوير الاستثمار، ساعية من وراء ذلك إلى النهوض بالاقتصاد الوطني و محاولة
منها مواآبة حرآة التطورات الاقتصادية نحو اقتصاد حر تسود فيه روح المنافسة والشفافية
وتماشيا مع هذه السياسة الحديثة، قامت الجزائر أيضا بتوقيع جملة من الاتفاقيات
والمعاهدات الثنائيّة و المتعدّدة الأطراف، آذا الانضمام إلى عدّة منظّمات عالميّة حيث
شجّعت هذه السياسة الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر.
ومن بين القطاعات التي تأثرت بسياسة انفتاح الاقتصاد الوطني هو قطاع المواصلات
السلكية واللاسلكية، فقد ترجم هذا الانفتاح بصدور القانون رقم 2000-03 الصادر في
05 أوت 2000 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية ،
الذي جاء مؤيدا لفكرة تطوير الاستثمار و ذلك بفتح سوق المواصلات السلكية و اللاسلكية
للمنافسة، آما يرجع هذا الانفتاح للأهمية التي يكتسبها هذا الأخير و لطبيعته الإستراتيجية؛
فالهدف الرئيسي من وراء استقبال الاستثمار في هذا النوع من القطاعات هو نقل
التكنولوجيا، فمن بين الشرآات التي انجذبت نحو هذا القطاع نظرا لفتحه لسوقه للمنافسة هي
مجموعة أوراسكوم المصرية .
فاعتمادا على ما سبق يمكن حصر إشكالية هذا البحث بطرح سلسلة من التساؤلات ندرجها
فيما يلي:
- إلى أي مدى استطاع المشرع الجزائري التوفيق بين ما تقتضيه المصلحة الوطنية
و مصالح المستثمر الأجنبي؟
4
- هل النصوص القانونية السارية آفيلة بتشجيع الاستثمار الأجنبي من الناحية الشكلية
والموضوعية؟ خاصة وأنّ الإطار القانوني يكمن في سلسلة من التحفيزات و التشجيعات
الممنوحة للمستثمرين الأجانب على أآثر من صعيد، و ذلك برفع عوائق الاستثمار و تدعيم
إجراءات حمايته، والتي تجلت أساسا في قوانين الاستثمار أي في فحوى المرسوم التشريعي
93-12 الصادر في5 أآتوبر 1993، المعدل بالأمر 01-03 المؤرخ في 20 أوت 2001 .
- إن تحضير أرضية محفزة للاستثمار الأجنبي و ذلك بإعادة هيكلة الإطار القانوني في
هذا المجال لغرض استقبال الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر، آان ولا بد وأن يتطابق
مع الواقع هذا التطابق قادنا إلى إجراء دراسة ميدانية تمثلت أساسا في معالجة استثمار شرآة
أوراسكوم في الجزائر ،ثمّ تساؤلنا حول مدى تماشي الواقع مع الإطار القانوني؟ وهل حضت
هذه الأخيرة أي أوراسكوم بالمزايا و الضمانات التي تضمنتها قوانين الاستثمار؟
- هل يمكن اعتبار استثمار أوراسكوم آمثال عن نجاح الاستثمارات الأجنبية في الجزائر؟
و ما هي النتائج المترتبة عن ذلك؟
- أخيرا هل على الجزائر و بناءا على تجربتها الحالية في مجال الاستثمار الأجنبي، أن
تراجع بعض بنود قوانينها الحالية و المتعلقة بالاستثمار؟
ومحاولة منا رفع اللبس عن بعض هذه المسائل المتعلقة بالاستثمار الأجنبي في الجزائر
و بالخصوص استثمار شرآة أوراسكوم، أنجزنا هذه الدراسة معتمدين على المنهج التحليلي
القائم على العرض و التحليل النقدي، فقد قمنا بتحليل التشريعات الحالية التي جاءت لصالح
الاستثمار، ثم استخلاص النتائج لاستظهار جوانب النقص فيها إن وجدت، ثمّ قمنا بتقديم
خطة الموضوع على النحو التالي:
مبحث تمهيدي، خصصناه لتعريف الاستثمار وأهميته، مع معالجة و بصفة وجيزة لأهم
قوانين الاستثمار التي عرفتها الجزائر ابتداء من سنة 1963، والتي تمثل تاريخ صدور أول
قانون للاستثمار في الجزائر إلى غاية 1993 .
ثم فصل أول خصصناه لمختلف الإجراءات المتعلقة بتطوير الاستثمار الأجنبي في
الجزائر، من خلال الامتيازات والضمانات الواردة في المرسوم التشريعي 93-12 الصادر
في 5 أآتوبر 1993 ، ثم مضمون الأمر 01-03 المؤرخ في 20 أوت 2001 .
5
أما الفصل الثاني، فقد قمنا بدراسة حالة إحدى الشرآات الأجنبية المستثمرة في الجزائر في
مجال الاتصالات، ألا و هي شرآة أوراسكوم.
ثم خاتمة أجملنا فيها أهم النتائج التي توصلنا إليها من خلال هذه الدراسة مع تقديم بعض
الاقتراحات.
رسالة ماجستير عن الاستثمار الاجنبي المباشر
الاستثمار في الجزائر
سنة النشر : 2010م / 1431هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 1,872MB .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'