❞ كتاب الأليات القضائية المتبعة في اصدار وتنفيذ أحكام الحضانة والزيارة ❝  ⏤ كاتب غير معروف

❞ كتاب الأليات القضائية المتبعة في اصدار وتنفيذ أحكام الحضانة والزيارة ❝ ⏤ كاتب غير معروف

نبذة عن الكتاب :
أولى المشرع كل الرعاية والحماية لحفظ المحضون مما قد يضر به، وجعل مصلحته الفضلى محل اعتبار من خلال مجمل الأحكام التشريعية المنظمة للحضانة.
ومن بين تلك الأحكام نجد المقتضيات المتعلقة بزيارة المحضون على اعتبار أن الحق المكسب لحضانة الطفل لا يلغي حق الطرف الآخر في زيارة المحضون وتفقد أحواله ووجوده على مقربة منه، لذا نجد أن المشرع رتب في حالة الإخلال بهذا الحق مجموعة من الجزاءات قد تصل إلى حد إسقاط الحضانة، كما أن المشرع منع السفر بالمحضون كضمانة لممارسة حق الزيارة.
كاتب غير معروف - يشمل يركن (كاتب غير معروف) كل الكتب التي لا يعرف مؤلفيها، حيث أن العمل في شيء بالشكل المجهول هو التدخل بشكل شخصي دون استخدام اسم محدد أو التعريف عن الهوية، وتشير حالة "غير معروف" أو "المجهول" عادة إلى حالة شخص ما بدون معرفة عامة لشخصيته أو لمعلومات تحدد هويته.

هناك العديد من الأسباب التي يختار من أجلها شخص ما إخفاء شخصيته أو أن يصبح مجهولا. يكون بعض تلك الأسباب قانونيا أو اجتماعيا، مثل إجراء الأعمال الخيرية أو دفع التبرعات بشكل مجهول، حيث يرغب بعض من المتبرعين بعدم الإشارة إلى تبرعاتهم بأي شكل يرتبط بشخصهم.

كما أن من يتعرض أو قد يتعرض للتهديد من قبل طرف ما يميل إلى إخفاء هويته، مثل الشهود في محاكمات الجرائم، أو الاتصال بشكل مجهول بالسلطات للإدلاء بمعلومات تفيد مسار التحقيق في القضايا العالقة. كما أن المجرمين بشكل عام يحاولون إبقاء أنفسهم مجهولي الهوية سواء من أجل منع إشهار حقيقة ارتكابهم للجريمة أو لتجنب القبض عليهم.

من كتب الأحوال الشخصية القانون الخاص - مكتبة .

نبذة عن الكتاب:
الأليات القضائية المتبعة في اصدار وتنفيذ أحكام الحضانة والزيارة

نبذة عن الكتاب :
أولى المشرع كل الرعاية والحماية لحفظ المحضون مما قد يضر به، وجعل مصلحته الفضلى محل اعتبار من خلال مجمل الأحكام التشريعية المنظمة للحضانة.
ومن بين تلك الأحكام نجد المقتضيات المتعلقة بزيارة المحضون على اعتبار أن الحق المكسب لحضانة الطفل لا يلغي حق الطرف الآخر في زيارة المحضون وتفقد أحواله ووجوده على مقربة منه، لذا نجد أن المشرع رتب في حالة الإخلال بهذا الحق مجموعة من الجزاءات قد تصل إلى حد إسقاط الحضانة، كما أن المشرع منع السفر بالمحضون كضمانة لممارسة حق الزيارة. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

كيفية تنفيذ حكم الحضانة

أحكام زيارة المحضون ونظمها وتطبيقاتها القضائية

تنفيذ صك الحضانه

عدم تنفيذ حكم الحضانه

أحكام زيارة المحضون ونظمها وتطبيقاتها القضائية في السعودية

زيارة المحضون في الفقه

مبيت المحضون

زيارة المحضون الرضيع

تنفيذ الأحكام في المادة الأسرية - تتمة 1

المبحث الثاني:
تنفيذ الأحكام في مادة الحضانة

أولى المشرع كل الرعاية والحماية لحفظ المحضون مما قد يضر به، وجعل مصلحته الفضلى محل اعتبار من خلال مجمل الأحكام التشريعية المنظمة للحضانة.
ومن بين تلك الأحكام نجد المقتضيات المتعلقة بزيارة المحضون على اعتبار أن الحق المكسب لحضانة الطفل لا يلغي حق الطرف الآخر في زيارة المحضون وتفقد أحواله ووجوده على مقربة منه، لذا نجد أن المشرع رتب في حالة الإخلال بهذا الحق مجموعة من الجزاءات قد تصل إلى حد إسقاط الحضانة، كما أن المشرع منع السفر بالمحضون كضمانة لممارسة حق الزيارة.
كما أن المشرع وفر حماية خاصة لسكنى المحضون من خلال منح سلطة تقديرية واسعة للقضاء للتنصيص على ضمانات التنفيذ.
هذا ما سأعمل على طرحه من خلال التقسيم التالي:
المطلب الأول: مؤيدات تنفيذ الحكم القاضي بالزيارة والحكم القاضي بمنع السفر بالمحضون
المطلب الثاني:الحماية القانونية لسكنى المحضون وضمانات تنفيذه.
المطلب الأول: مؤيدات تنفيذ الحكم القاضي بالزيارة والحكم القاضي
بمنع السفر بالمحضون
عمل المشرع على حماية حق الزيارة وجعله مكفولا بقوة القانون، ولحماية هذا الحق كذلك جعل الأصل هو منع السفر بالمحضون لما فيه من إخلال بحق زيارة المحضون.
إلا أن التساؤل الذي يثار هو مدى ترجمة هذه الأحكام إلى أرض الواقع من خلال الشق التنفيذي والذي ينقل الأحكام من التجريد إلى الواقعية؟
هذا ما سأعمل على تحديده من خلال ما يلي:
الفقرة الأولى: مؤيدات تنفيذ حكم زيارة المحصون.
الفقرة الثانية: مؤيدات تنفيذ مقرر منع السفر بالمحضون.
الفقرة الأولى: مؤيدات تنفيذ حكم الزيارة
لا يجادل أحد على أن الطفل هو الضحية الأولى اجتماعيا ونفسيا لآفة الطلاق ولا يمكن أن يعوض أي بديل فرصة استقراره ما بين أحضان والديه، لذا نجد أن المشرع حاول التخفيف من وطأة الطلاق على الأطفال من خلال التنظيم المحكم لمجموعة من حقوقهم، ومنها حق الحضانة مراعيا في ذلك مصلحة جميع الأطراف حق الأم في حضانة ابنها وحق الأب في زيارة ابنه وحق الابن بالشعور بوجود أبويه .
يعتبر نظام الزيارة نظاما استثنائيا شرع استثناء من نظام الحضانة لإتاحة الفرصة للأب، لرؤية ابنه على اعتبار أن رؤية الأبوين للصغير أو الصغيرة من المسائل المقررة شرعا والتي أمر الله بها عند قوله تعالى "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" وفي حرمان أحدهما من هذا الحق ضرر له والضرر منهي عنه شرعا لقوله تعالى "لا تضار والدة بولدها ولا مولد بولده" وفي هذا الإطار صدر قرار ذهب إلى "أن صلة الرحم من الالتزامات الشرعية التي أوصى بها الدين الإسلامي وكافة الشرائع السماوية وتقرها مبادئ حقوق الإنسان" وهو ما تم التأكيد عليه بمقتضى المادة 180 من مدونة الأسرة .
إلا أنه بالرغم من ثبات هذا الحق شرعا وقانونا فإن الملاحظ باستقراء مجمل النزاعات هو التعنت من طرف الحاضن بعد انتقال الحضانة إليه، في تمكين صاحب حق الزيارة من مباشرة حقه الطبيعي والشرعي كرد فعل عن النزاع المستحكم بينهما ليكون اللجوء إلى القضاء هو السبيل لنيل المبتغى وتمكين الطرف الغير الحاضن من زيارة المحضون .
ومن المعلوم أن الحكم القاضي بالزيارة يكتسي طابعا دوريا أي أنه يستمر في الزمن إلى غاية سقوط الحق شرعا، مما يطرح معه مشكل استمرارية التنفيذ فالطرف الحاضن لا يجد حرجا في افتعال الأسباب لحرمان الطرف الغير الحاضن من حق الزيارة مما يؤدي إلى نزاع مستحكم بين الطرفين ومستمر في الزمن ليبقى التساؤل مطروحا حول الضمانات الكفيلة لتنفيذ حكم الزيارة والاستمرار في تنفيذه؟
لقد عملت مدونة الأسرة على تنظيم حق الزيارة وفق ضوابط محددة فقد أوكلت للأبوين بصفة مبدئية فسحة واسعة للاتفاق حول تنظيم الزيارة بكل جوانبها تراعى فيها مصالح جميع الأطراف دون تدخل من القضاء أما في حالة عدم الاتفاق يتدخل القضاء لتنظيم عملية الزيارة بما لا يدع مجالا للشك أو التحايل مراعيا في ذلك مصالح جميع الأطراف وفي المقام الأول مصلحة الطفل عملا بمقتضيات المادة 186 .
غير أن امتناع الحاضنة في بعض الأحيان تمكين الأب من حق زيارة المحضون وفقا لما هو مقرر قضاء أو اتفاقا، يخول للأب الحق في إلزامها عن طريق سلوك إجراءات التنفيذ أو بتحرير محضر الامتناع والذي يرجع إليه عند الحاجة.
ويبقى الجانب التنفيذي كما قلت هو الأصعب نظرا للأجواء المشحونة ما بين الأبوين وخلق الأسباب لعرقلة التنفيذ لذلك نجد أن المشرع نص على مجموعة من الجزاءات كما هو موضح بمقتضى المادة 184 والتي نصت على أنه "تتخذ المحكمة ما تراه مناسبا من إجراءات بما في ذلك تعديل نظام الزيارة أو إسقاط حق الحضانة في حالة الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة".
ليقرر هذا الفصل وجوب تنفيذ الاتفاق أو الحكم المتعلق بوقت ومكان الزيارة كما تم تحديده بمقتضى المقرر سواء الاتفاقي أو القضائي وأن الإعراض عن ذلك وعدم تنفيذه بسوء نية له آثار قد تصل على حد إسقاط الحضانة كجزاء .
ومن ذلك يتضح أن أثر الإخلال بتنفيذ مقرر الزيارة يتيح سلطة تقديرية واسعة للمحكمة في اتخاذ الإجراءات المناسب، إلا أن هذا السلطة مقيدة في حالة وجود اتفاق يحدد أثر الإخلال بشكل مباشر، وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى عندما قرر "أن الطرفين إبراما اتفاقا ضمناه بأن تكون دراسة البنت بمدارس (...) المدينة وبأن يسمح لوليها بزيارتها كلما دعت الضرورة إلى ذلك ،وبتمكينه منها لمدة شهر كامل لقضاء العطلة الصيفية معه، وعلى التزامات مترتبة بذمة المطلوب ومعلقة على شرط فاسخ وهو سقوط حقها في الحضانة ... وأن محكمة الموضوع لما أعرضت عن تطبيق هذه الاتفاقية تكون قد خرقت الفصل المحتج به وعرضت قرارها للنقض" .
ويتم إثبات واقعة الامتناع بالمحضر المحرر ويتم تدعيم هذا المحضر بإجراء بحث من طرف المحكمة بواسطة أجهزتها القضائية لتفسير أسباب امتناع الحاضنة عن تسليم المحضون للطرف الغير الحاضن والتأكد من مدى مشروعية الأسباب المدلى بها، فإن تأكد القاضي بأن امتناع الحاضن عن تنفيذ حكم الزيارة كان بعذر فليس له الحكم بإسقاط الحضانة .
ومن خلال ملاحظة سير العمل القضائي فإنه تأكد لي انه قلما يتم اللجوء إلى إسقاط الحضانة نتيجة الامتناع عن تنفيذ حكم الزيارة المقرر قضاء، وهو ما يمكن أن يعزى إلى السلطة التقديرية الواسعة الممنوحة للقضاء بالإضافة إلى تقييم مدى مشروعية السبب الكامن وراء المنع، والذي قد لا يرقى في نظر القضاء إلى حد إسقاط الحضانة، وهذه الإمكانية تنحصر بالنسبة للمقررات المحددة قضاء.
والملاحظ على مستوى العمل القضائي أنه يضفي الطابع الإستعجالي على مسألة الزيارة نظرا لاتصالها بمشاعر الإنسان وكذا اعتباره حق سواء بالنسبة للمحضون أو من له حق الزيارة وهو ما قضى به رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش حيث قرر أن "حرمان الأم من حق رؤية أولادها يعرض شعورها ووجدانها وعاطفتها لكثير من الأسى والألم ويجعلها تعيش في حالة غير عادية نتيجة الحرمان المذكور مما يستلزم معه العمل على إبعاد ما ذكر عنه بكيفية استعجاله" تكتسي الزيارة طابع الإستعجال ولا تحتاج إلى إثبات ولو تعلق الأمر بأم لا تدين بالإسلام .
وبذلك فقد أنيطت بالقضاء الإستعجالي مهمة التدخل مراعاة لحالة الإستعجال والتي تقتضيه نوعية هذه القضايا وكذا وضع الحد لتعنت الطرف الحاضن عن تقديم الطفل إلى حين نظر القضاء الموضوعي في النازلة وفي هذا صدر أمر استعجالي ذهب إلى "تمكين المدعى من صلة الرحم وزيارة ولديه ... كل يوم أحد ... وتنفيذ هذا الأمر مشمول بالتنفيذ المعجل بقوة القانون ..." .
وقد يتدخل القضاء الإستعجالي كذلك لوجود صعوبة في التنفيذ ومن بين الحالات الواقعية والتي تدخل فيها القضاء المستعجل لوضع حد لإشكال في التنفيذ وتفسير "المقصود بباب المسكن"، وتتلخص الوقائع أن مأمور التنفيذ اصطحب الأب لتنفيذ حكم قضى بالزيارة فطرح إشكال تمثل في أن الأب امتنع عن الصعود إلى باب الشقة وادعى أن التنفيذ يجب أن يتم في باب العمارة وأنه على الحاضنة النزول بالطفل، في حين أن الأم امتنعت عن إنزال الطفل مدعية بضرورة صعود الأب إلى باب الشقة، ليتدخل القضاء المستعجل لتوضيح المقصود وأن التنفيذ يجب أن يتم في باب الشقة .
ومن المعلوم كذلك أن أحكام قضاء الموضوع المتعلقة بالزيارة غير مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني وهو ما يعد خطأ قانونيا نظرا لطبيعة هذه القضايا، وكذا لفتح المشرع المجال لإمكانية إيقاف تنفيذه حتى وإن تم إشماله بالنفاذ المعجل على اعتبار أن مصدره يبقى قضائي وعلى خلاف هذا الاتجاه ذهب المشرع المصري في قانون رقم 1 لسنة 2000 بمقتضى المادة 65 إلى أن "الأحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير أو رؤيته أو بالنفقات أو بالأجور أو المصروفات وما في حكمها تكون واجبة النفاذ بقوة القانون وبلا كفالة".
وتأكيدا على أهمية التنفيذ فقد ذهب حكم قضائي إلى تحديد" زيارة المدعى عليه للإبن (...) بعد الطلاق في يوم واحد من كل أحد أسبوعيا ... مع إشراف المحكمة على عملية تنفيذ الزيارة" .
وعلى الرغم من أهمية مضمون هذا الحكم فإنه يبقى قاصرا عن توضيح المقصود من إشراف المحكمة على التنفيذ فأجهزة المحكمة هي التي تسهر على التنفيذ وهو أمر بديهي فهل المقصود هو التأكيد على دورها أو تمتيع هذا الحكم بإجراءات خاصة أم المقصود هو الإشراف الدوري على عملية التنفيذ.
ولابد من الإشارة إلى أن الحكم القاضي بالزيارة لا يمكن تنفيذه جبرا أي عن طريق تدخل القوة العمومية لما في ذلك من آثار سلبية على نفسية المحضون وتعريضه لكوارث نفسية تكون لها آثار السلبية على المجتمع برمته، فهذا الخيار في إطار التشريع المغربي لا نجد له سبيلا ليبقى متعذر التطبيق، وبدوره سلك المشرع المصري نفس المنحى عندما نص بمقتضى المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضاف بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه لا ينفد حكم الرؤية قهرا، ولم يتضمن القانون رقم 1 لسنة 2000 نصا يتعارض مع الفقرة المذكورة لتظل سارية المفعول .
ومعنى ذلك أن حكم الزيارة لا يمكن تنفيذه قهرا أي بالقوة الجبرية وهذا يجد سنده لما في ذلك من إيذاء خطير لنفسية الصغار والذين تجب حمايتهم من التعرض لمثل هذه المواقف.
ومن التشريعات التي تسمح باستخدام القوة الجبرية ولكن مع مراعاة مصلحة المحضون نجد التشريع القطري بمقتضى المادة 188 من القانون رقم 22 لسنة 2006. والتي تنص على أنه "يتم تنفيذ أحكام الحضانة بالتدرج مراعاة لمصلحة المحضون وفي حالة استخدام القوة الجبرية لتنفيذ أحد أحكام الحضانة فيتم التنفيذ ضد المحكوم عليه" فهذه المادة منعت من استخدام القوة أمام أنظار المحضون وأوجبت التدرج عند تنفيذ أحكام الحضانة فهي تجيز التنفيذ بالقوة الجبرية وتراعي حالة المحضون تجنبا لمنظر قد لا يفارق مخيلته طوال حياة عمره .
بالإضافة إلى المقتضيات الواردة بمقتضى مدونة الأسرة فإن البعض يذهب إلى أنه يمكن في حالة الإخلال بمقررة الزيارة التمسك بالمؤيدات الجنائية لإجبار الطرف الحاضن للامتثال إلى مقتضيات الحكم استنادا إلى مقتضيات ف 476 من القانون الجنائي والذي نص على أنه "من كان مكلفا برعاية طفل أو امتنع من تقديمه إلى شخص له الحق في المطالبة به يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة".
وهو ما يؤكد الخلط والالتباس بين الامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر بالزيارة لطرف الغير الحاضن والامتناع عن تسليم الطفل لمن له الحق بالحضانة ومن البديهيات القانونية أنه لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص، مما يوجب عدم التوسع في تفسير النص المشار إليه فالنص واضح في دلالته يهم تسليم الطفل لتنفيذ الحكم القاضي بحق الحضانة مما يقتضي عدم الأخذ بمقتضياته على سبيل القياس.
وإذا كان المشرع المغربي سلك طريق عدم تجريم الامتناع عن تنفيذ حكم الزيارة فإنه على عكس ذلك سلك المشرع التونسي، اتجاه تجريم هذا الفعل حيث أن امتناع الأم الحاضنة من السماح للأب بزيارة ابنه رغم تقدمه لزيارة المحضون في الزمان والمكان الواردين بالحكم فإنه يكفي للأب إثبات واقعة الامتناع لرفع شكاية جزائية إلى وكيل الجمهورية لمتابعة الأمر بجريمة عدم إحضار الطفل ذلك أن القانون رقم 2 لسنة 1962 متعلق بإحداث جريمة عدم إحضار المحضون نص على أنه "في صورة حكم وقتي أو باب الحضانة فإن الأب أو الأم أو كل شخص آخر لا يحضر المحضون لمن له الحق في طلب إحضاره أو يتعمد ولو بدون حيلة أو قوة اختطاف ذلك المحضون يعاقب بسجن من ثلاثة اشهر إلى عام" .
الفقرة الثانية: مؤيدات تنفيذ مقرر منع السفر بالمحضون
إذا كان الانتقال داخل التراب المغربي لا يؤثر بشكل كبير على حق زيارة المحضون نظرا لسهولة الاتصال به، فإنه على العكس من ذلك في حالة الانتقال بالمحضون خارج أرض الوطن يقطع الصلة بينه وبين أبيه أو من له حق الزيارة، ولذلك جاءت مدونة الأسرة تنص على إمكانية منع السفر بالمحضون خارج أرض الوطن.
وهكذا نصت المادة 179 من م.أ على أنه: "يمكن للمحكمة بناء على طلب من النيابة العامة أو النائب الشرعي للمحضون أن تضمن في قرار إسناد الحضانة أو في قرار لاحق من السفر بالمحضون إلى خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي.
تتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة مقرر المنع قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ ذلك.
في حالة رفض الموافقة على السفر بالمحضون خارج المغرب يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن بذلك.
لا يستجاب لهذا الطلب إلا بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر ومن عودة المحضون إلى المغرب".
ومن ذلك يتضح أن المشرع عمل على تحديد ضوابط محددة فيما يخص السفر بالمحضون حيث جعل من الأصل هو عدم السماح بالسفر بالمحضون دون موافقة النائب الشرعي، والقصد هو معرفة نوايا الطرف الحاضن ومدى مشروعية السبب للسفر بالمحضون.
وهذا الاتجاه تتبناه أغلب التشريعات العربية والتي لا تجيز الانتقال بالصغير إلا بإذن الأب لما في ذلك من الأضرار بالأب لبعد المحصون وكذا الأضرار بالولد لافتقاده رعاية أبيه ورقابته .
وبذلك يكون المشرع المغربي بصياغته لمقتضيات المادة 179 من م.أ عمل على تكريس حق النائب الشرعي في ممارسة رقابته وزيارته للمحضون باستمرار، وهذا لا يتأتى إلا بوجود المحضون في مكان يمكن الوصول إليه، وكذلك عمل على حماية مصلحة المحضون بتعليق حق نقله دون وجود مبرر شرعي، والأكيد أن مقتضيات هذه المادة تتعلق بانتقال الحاضنة مع محضونها من أجل الإقامة الدائمة.
وما يزكي هذا التوجه ما أورده المشرع بمقتضى الفقرة الأخيرة والذي حدد إمكانية السفر بناء على أمر استعجالي إذا كان السفر عرضيا وتوفير ضمانات لعودة المحضون إلى المغرب، ليكون هذا التوجه متفقا مع ما ذهب إليه أهل الرأي ومؤيدا لمختلف التشريعات العربية على اعتبار أن السماح بسفر المحضون فيه إخلال مباشر بحق الزيارة والتي تقرره مختلف الشرائع السماوية وتزكية أغلب التوجهات القانونية السليمة.
ولتأكيد المبدأ المحدد قانونا والذي هو منع السفر بالمحضون إما بناء على المقرر المسند للحضانة أو في قرار لاحق، فإنه قد أوكلت للنيابة العامة مهمة الحرص على ضمان تنفيذ مقرر المنع باتخاذ مختلف الإجراءات التي تحول دون خروج المحضون خارج تراب المملكة وذلك بتبليغ الجهات المختصة بمراقبة المنافذ الحدودية سواء، المطارات والموانئ والمعابر الحدودية.
ويظل هذا الإجراء من أهم المرتكزات التي تضمن تنفيذ مقرر منع السفر بالمحضون والذي يحول دون مخالفة مقتضيات الحكم، أضف إلى ذلك أن عدم التقيد بهذا المنع من الطرف الحاضن وإخراج المحضون بكيفية غير مشروعة يؤدي إلى تكييف جنائي استنادا إلى مقتضيات الفصل 477 من القانون الجنائي والذي ينص على أنه "إذا صدر حكم قضائي بالحضانة وكان نهائيا أو نافذا بصفة مؤقتة فإن الأب أو الأم أو أي شخص يمتنع عن تقديم القاصر إلى من له الحق في المطالبة بذلك.
وكذلك إذا اختطفه أو غرر به ولو دون تدليس أو عنف أو حمل غيره على التغرير به أو اختطافه ممن عهد إليه بحضانته أو من المكان الذي وضع فيه، فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين إلى ألف درهم ..."
وتتمم هذه المقتضيات بما تم إيراده على مستوى الفصل 478 من ق.ج والذي ينص على أنه "من تعمد إخفاء قاصر مخطوف أو مهرب أو مغرر به أو هارب من سلطة من لهم الولاية القانونية عليه، وكذلك من تعمد تهريبه من البحث عنه، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين".
فهذه النصوص تحمي وتكرس هيبة الأحكام القضائية من خلال حمايتها لنظام الحضانة .
وإن كان الأصل هو منع السفر بالمحضون دون موافقة النائب الشرعي فإن هذا المبدأ ترد عليه استثناءات حيث أعطى المشرع للحاضنة في حالة رفض النائب الشرعي التسريح بسفر المحضون اللجوء إلى القضاء المستعجل من أجل استصدار أمر استعجالي يسمح للحاضنة بالسفر وذلك عملا بمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 179 م.أ.
والقاضي في هذه الحالة مقيد بمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 179 من م.أ حيث يجب عليه التأكد من الصفة العرضية للسفر وكذلك توفير ضمانات تأكد عودة المحضون في الوقت القريب، بالإضافة إلى كل هذا فإن الشرط الأساسي لاختصاص القضاء المستعجل هو توفر عنصر الاستعجال والذي هو مناط الاختصاص الاستعجال طبقا لمقتضيات الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية ولعل من بين المسائل التي تتيح هذا الاختصاص، سفر المحضون من أجل الاستشفاء أو في إطار بعثة ثقافية أو رياضية تحت مسؤولية السلطة العمومية .
وفي حالة الإخلال بالشروط المحددة بمقتضى المادة 179 من م.أ فإن القضاء يكون مجبرا على تأكيد المنع وفي هذا الصدد قرار ذهب إلى "أن مقتضيات المادة 179 من م.أ قد نصت على ضرورة التأكد من الصفة العرضية للسفر ومن عودة المحضون إلى المغرب... وأن المستأنف عليها لم تدلي بأية حجة يمكن الاستناد عليها للموافقة على الطلب ... وحيث أن الأمر المطعون فيه... قد أهمل الأخذ بالشروط المنصوص عليها في الفصل المذكور (179 من م.أ) أعلاه وبذلك ينبغي إلغاؤه والتصريح تصديا برفض الطلب" .
وبذلك تكون المحكمة قد أكدت المنع على اعتبار عدم توفر الشروط المحددة بمقتضى النص القانوني.
وانطلاقا من كل ما عرض على مستوى هذه الفقرة تتجلى أهم الضمانات التي تكفل تنفيذ مقرر المنع وبالخصوص التأكيد على دور النيابة العامة والتي تحضى بدور مهم في هذا الشق التنفيذي مما يستوجب عليها عدم التقصير وأخذ المسألة بجدية تفاديا لكل نقل غير مشروع وإعطاء قرارات المنع قوتها التنفيذية.
المطلب الثاني:الحماية القانونية لسكنى الحضانة وضمانات تنفيذه
ومن أهم المقتضيات القانونية التي تم إيرادها في إطار مدونة الأسرة ما يهم سكنى المحضون من خلال جعله التزاما مستقلا في تقديره عن النفقة وحق للمحضون، كما عمل المشرع على تزكية هذا الحق من خلال النص على مجموعة من المقتضيات والتي تكفل تنفيذ المقتضيات القضائية وتفعيل حق السكن بالنسبة للمحضون.
هذا ما سأعمل على طرحه من خلال التفصيل الآتي:
الفقرة الأولى: الحماية القانونية لسكنى المحضون.
الفقرة الثانية: القوة التنفيذية للحكم القاضي بسكنى الحضانة.
الفقرة الأولى: الحماية القانونية لسكنى الحضانة
من أهم المستجدات التي حملتها مقتضيات المدونة ما تم إيراده بمقتضى المادة 168 من م.أ والتي اعتبرت سكنى المحضون التزاما يقع على عاتق الأب ويستقل في تقديره عن النفقة، لتضع حدا لجدال عمر طويلا في ظل سيادة مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية الملغاة ويرجع ذلك بالأساس إلى الفراغ التشريعي المنظم لمسألة سكنى الحضانة بشكل مستقل.
ذلك أن التشريع السابق جعل من سكنى الحضانة من مشمولات النفقة والتي اعتبرت مسألة مجحفة في حق الحاضنة والمحضون وهذا ما تم تجسيده على مستوى العمل القضاء وفي أعلى هيئاته فقد ذهب المجلس الأعلى في أحد قراراته " ... أن الطالبة إذا كانت تستحق على المطلوب أجرة حضانتها ونفقة أولادها منه طبق مقتضيات الفصلين 103 و127 المحتج بهما، فلها أن تطلب ذلك بصفة قانونية لا أن تستمر محتلة للدار بعد انتهاء المدة التي حددها لها الأمر القضائي السالف الذكر..." والعمل القضائي لم يستقر على حال ففي قرار آخر ذهب إلى أن "المحكمة عندما اعتبرت موافقة الطاعنة على تحديد النفقة والتزامها بالإفراغ يفقدها حقها في السكنى مع أولادها وحكمت بإفراغها تكون قد خالفت الفصل 127 المذكور وعرضت قرارها للنقض ..." .
والقراران المذكوران يجسدان التضارب الذي ساد العمل القضائي في أعلى مستوياته في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة وعجزه عن الخروج يساعد القضاء الموضوعي على الثبات حول رأي يعالج الاضطراب الذي خلفه الفراغ التشريعي حول موضوع سكنى المحضون.
وكما أشرت سابقا فقد أتت المادة 168من م.أ لتضع الحد للجدال الذي ساد العمل القضائي حول سكنى المحضون، والإشارة بصفة صريحة إلى أن التزام السكن يقع مستقلا على عاتق الأب وبذلك يلزم بتوفير محل لسكن المحضون أو أن يؤدي أجرة الكراء الذي تقدرها المحكمة.
ودعما لهذه المقتضيات تم إلزام الأب بعدم إفراغ المحضون من بيت الحضانة إلا بعد تنفيذه للحكم المحدد لسكنى المحضون، لتكون من أهم المقتضيات في هذه المادة، حتى تضمن للحكم المحدد للسكنى الفعالية والطريق إلى التنفيذ، كما تم إتاحة سلطة واسعة للقضاء حول اتخاذ التدابير حتى تضمن استمرار تنفيذ الحكم المحدد لسكنى المحضون.

وبذلك يكون المشرع بمقتضى المادة 168 من م.أ قد سد فراغا تشريعيا أثر على سير العمل القضائي وحسم النقاش فيما يتعلق بسكنى المحضون إلا أنه على الرغم من ذلك فإن المسألة لم تسلم من بعض الاجتهادات التي تشدو عن المقتضيات الصريحة للمدونة، ومن ذلك ما ذهبت إليه استئنافية الجديدة والذي اعتبرت أن سكنى المحضون خلال مدة الرضاع هو حجر أمه استنادا إلى قول ابن عاصم في التحفة:

وليس لرضيع سكنى بالقضا *** على أبيه والرضاع ما انقضى
واستنادا أيضا على تعليق الشيخ محمد بن يوسف الكافي: " ... أن من طلق زوجته وله معها ولد رضيع فلا سكنى للرضيع على أبيه لأن مسكنه في مدة الرضاع حجر أمه ..."
وكأن الأمر يتعلق بمعالجة فراغ تشريعي بالاستناد إلى مقتضيات المادة 400 م.أ .
وقد أثار هذا القرار نقاشا وحرك الأقلام حيث ذهب البعض إلى أن حق السكن ثابت بالنسبة للمحضون سواء أكان رضيعا أو فطيما فمقتضيات المادة 168 من م.أ، وردت على إطلاقها ومن البديهيات القانونية أن المطلق يبقى على إطلاقه ما لم يرد ما يقيده، كما أن تفعيل مقتضيات المادة 400 من م.أ مشروط بوجود فراغ تشريعي ولا مجال لأعمال مقتضياته مادام أن المسألة معالجة بنص قانوني.
وهو ما يفرض على القضاء التقييد بالمقتضيات الصريحة دون تجاوز أو تقييد أو تخصيص تحقيقا لغاية المشرع من سن هذه المقتضيات والتي تضع مصلحة المحضون محل اعتبار، لحمايته من كل ما قد يضره ويكفل له التنشئة السليمة ويضمن له مسكنا لاستقراره.
الفقرة الثانية: القوة التنفيذية للحكم القاضي بسكنى الحضانة
لقد جاءت مدونة الأسرة لتدعيم حق المحضون في السكنى، تأكيدا لحقه بضرورة وجود مسكن يؤويه ويضمن له الاستقرار وحسن التنشئة، وفي سبيل ذلك نجد أن المشرع حاول تدعيم هذا الحق من خلال المادة 191 من م.أ والتي جاء فيها "تحدد المحكمة وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة وتكاليف السكن على أموال المحكوم عليه، أو اقتطاع النفقة من منبع الريع أو الأجر الذي يتقاضاه، وتقرر عند الإقتضاء الضمانات الكفيلة باستمرار أداء النفقة".
وأكد على هذه المقتضيات في المادة 168 من م.أ والتي جاء فيها "تعتبر تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرها.
يجب على الأب أن يهيئ لأولاده محلا لسكناهم أو أن يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه مراعية في ذلك أحكام المادة 191 بعده.
لا يفرغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون، على المحكمة أن تحدد في حكمها الإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ هذا الحكم من قبل الأب المحكوم عليه".
وبذلك يكون الأب ملزما بالإستناد إلى هذه المقتضيات التشريعية بان يهيئ للمحضون وبالتبعية للحاضنة مسكنا يؤويهم، وذلك إما بالتنازل عن محل سكناه أو تأدية مقابل الكراء، الذي تحدده المحكمة، كما تلتزم المحكمة عند هذا التقدير تحديد الوسائل الكفيلة بضمان استمرارية التنفيذ على اعتبار أن السكن يستمر إلى غاية انقضاء الالتزام شرعا أي أنه يكتسي طابعا استمراريا .
وما يلاحظ على مستوى صياغة مقتضيات المادة 191 أنها لا تسعفنا مبدئيا للقول بأن الإقتطاع من المنبع يشمل حتى الشق في الحكم الذي يحدد تكاليف السكن للمحضون بدليل أن المشرع استعمل عبارة "اقتطاع النفقة من منبع الريع أو الأجر" وبذلك يكون هذا الإمتياز مقرر لضمان استمرار أداء النفقة دون تكاليف سكنى المحضون .
وبذلك تكون الإحالة المقرر بمقتضى المادة 168 من م.أ على المادة 191 من م.أ لا تفيد في تقرير اللجوء إلى الإقتطاع من منبع الريع كما هو مبين من سابق ما قيل، لتبقى مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 168 الكفيلة بتقرير هذا الحق، والمسلك لضمان تنفيذ المقتضيات المحددة لتكاليف سكنى المحضون على اعتبار أنها خولت للمحكمة الصلاحية في أن تتخذ في حكمها الإجراءات الكفيلة لضمان استمرارية التنفيذ من قبل الأب المحكوم عليه فالمشرع وإن كان نص على هذا المقتضى المهم، فإنه لم يرد أمثلة لنوعية هذه التدابير، لتبقى السلطة التقديرية للقضاء واسعة في هذا الصدد ومن بين الإجراءات التي قد تكفل حسن التنفيذ النص على الغرامة التهديدية عن كل تأخير في التنفيذ أو الحجز من المنبع إذا كان الأب موظفا أو عاملا .
ومن بين المميزات التي حملتها مقتضيات المادة 168 من م.أ أنها منحت للأب حق الخيار، فهو مخير ما بين التنازل عن محل سكناه أو أداء مقابل كراء محل لسكنى المحضون، وبذلك يكون طريق تحديد الوسائل الكفيلة بضمان استمرارية التنفيذ متاحا في حالة التزام الأب بأداء أجرة الكراء.
وعلى غرار هذا التوجه والذي حدد الخيار بالنسبة للأب فإن المشرع المصري بمقتضى المادة (18 مكرر ثالثا) من قانون 100 لسنة 1985 منح الخيار بالنسبة للحاضنة بين الإستقلال بمسكن الزوجية وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضون ولها .
وفي اعتقادي أن التوجه الذي سلكه المشرع المغربي توجه لا ضرر ولا ضرار فيه فنظرة الأب للموقف تجعله ينظر بعين الرأفة لإبنه قبل حاضنته فيسلك في أغلب الأحيان ما يحقق استقراره فالعاطفة السوية لولده لن تجعله يفعل ما يضره به.
أما لو أتيح الخيار للحاضنة فلن تتوانى عن أخذ مسكن الزوجية، تحركها في ذلك مشاعر الإنتقام دون وجود عاطفة تلجم نواياها وانتقامها اتجاه طليقها.
لذا يبقى توجه المشرع المغربي حكيما مادام أنه يزكي هذه المقتضيات بمجموعة من الضمانات والإجراءات التنفيذية.
ومن بين القواعد التي قررتها مقتضيات المادة 168 من م.أ أن المحضون لا يفرغ من بيت الحضانة إلا بعد تنفيذ الأب الحكم الخاص بسكنى المحضون، وبذلك يكون المشرع قد وضع حدا بين شرعية التواجد وعدمه وأقر بأحقية بقاء الحاضنة مع محضونها في بيت الحضانة مادام أن الأب لم ينفذ المقتضيات المحددة بالسند التنفيذي سواء أكان المطلوب هو أجرة الكراء أو إخلائه لبيت الزوجية في حالة تنازله عنه، وهو إجراء حكيم يقي الحاضنة والمحضون من التشرد ويضمن الرضوخ من طرف الأب لمقتضيات الحكم.
وقد شبه أحد الأساتذة المسألة هنا بكونها صورة من صور الدفع بعدم التنفيذ على الرغم من عدم وجود عقد في هذه الحالة، على اعتبار أننا أمام حكم وهذا الأخير يعتبر مصدرا من مصادر الالتزام كالعقد.
ويبقى هذا رأي وجيه نظرا لتأسيسه قانونيا ويكتسي طابع القياس التماثلي نظرا لتداخل والتشارك بين ما أوردته المادة 168من م.أ وقاعدة الدفع بعدم التنفيذ المحددة بمقتضى قانون الالتزامات والعقود.
وفي إطار انتقاد مقتضيات المادة 168 من م.أ فقد ذهب أحد الأساتذة "أن هذه المادة تقف من الأب المطلق المعسر أو الموظف البسيط موقفا غير مريح بحيث يمنع عليه إفراغ المحضون إلا بعد أن يهيئ له مسكنا مستقلا أو أداء أجرته يفهم من ذلك –ضمنيا- خروجه من بيت الزوجية ولا يعود إليه إلا بعد تنفيذ التزامه في هذا الخصوص ..."
وفي اعتقادي أن هذا التوجه بعيد عن مقتضيات المادة المذكورة والتي تجعل من عدم التنفيذ سببا شرعيا لبقاء الحاضنة ومحضونها في بيت الزوجية، دون أن يمتد الأمر لطرد الأب من مسكنه فالنص واضح يفهم بمعناه ولا يفهم من تأويل ضمني بعيد عن النص، كما ذهب الأستاذ إلى أن الأحكام المحددة لسكنى المحضون هي من الأمور المرهقة أحيانا وقد يعرض الأب في حالة عجزه عن التنفيذ للإكراه البدني.
من المعلوم أن الأحكام المحددة لسكنى المحضون تعتمد في تقديرها على دخل الملزم وكذا مستوى الأسعار والأعراف أي أنها تقدر لتجد السبيل إلى التنفيذ ولا تقدر للتعجيز فالمسألة تخضع لمجموعة من الضوابط حددها المشرع، أي أنها من الناحية المنطقية لن تعجز الأب عن توفير المسكن للمحضون.
أما بالنسبة لطرح مسألة تجريم فعل الامتناع عن تنفيذ التزام سكنى المحضون.
فالمشرع المغربي وإن عاقب على جريمة إهمال الأسرة بنص صريح (ف 480 ق.ح) والذي نص على أنه "من صدر عليه حكم نهائي قابل للتنفيذ المؤقت بدفع نفقة إلى زوجة أو أحد أصوله أو فروعه أو أمسك عن دفعها في موعدها المحدد"، فإن التشريع في إطار مدونة الأسرة قد فصل ما بين التزام السكن والتزام النفقة ، لينحصر سريان المقتضى الزجري على ما تم تحديده – أي النفقة- دون غيرها .
وهو ما يخالف قول الأستاذ بكون الإخلال بالتزام سكنى المحضون، يؤدي إلى التكييف الجنائي، وكونه في بعض حالات فيه تعجيز للأب الملزم بتوفير المسكن.
ومن كل ما قيل يلاحظ جليا مدى حرص المشرع على توفير الضمانات الكفيلة باستقرار الأبناء والتخفيف عنهم من وطأة الطلاق، سواء من خلال تقرير حق السكن والعمل على توجيه القضاء لتوفير الضمانات التي تكفل التنفيذ، وكذا العمل على تحديد مجموعة من المقتضيات والتي تحث على استمرارية تنفيذ الحكم القاضي بسكن المحضون.

الفصل الثاني:
تنفيذ الأحكام عند إنتهاء الرابطة الزوجية
لقد تولى المشرع التطرق إلى مساطر إنهاء الرابطة الزوجية بمقتضى الكتاب الثاني من مدونة الأسرة وفصل في أحكامها، وقد أناط المشرع بالقضاء أثناء النظر في دعاوي إنهاء الرابطة الزوجية البت في بعض التدابير المؤقتة سواء بطلب من أطراف النزاع أو بصفة تلقائية.
وفي سبيل إيجاد طريق لتنفيذ هذه التدابير، وضع المشرع مجموعة من الإجراءات الضامنة لتنفيذها، ومن بينها ما نصت عليه المادة 83 من مدونة الأسرة والتي تقضي بضرورة إيداع مستحقات الزوجة والأولاد داخل أجل 30 يوما.
وحرصا من المشرع على تحقيق مبدأ التقاضي على درجتين نجد أنه أخضع الحكم القاضي بهذه المستحقات لإمكانية الطعن بالإستئناف، لذا يبقى التساؤل المطروح في هذه النقطة هو مدى تأثير الطعن بالإستئناف على تحصيل المستحقات؟
ومن المعلوم أن المشرع نص بمقتضى الفصل 361 من ق.م.م على الطعن بالنقض في قضايا الأسرة له أثر واقف للتنفيذ نظرا لخصوصيتها.
لذا أتساءل عن هذا الفصل هل حقق مبتغاه أم أنه يشكل عائقا قانونيا بصياغته العامة؟
كما ترتبط بموضوع تنفيذ أحكام إنهاء الرابطة الزوجية، الأحكام الأجنبية التي تحتاج إلى مسطرة خاصة لتنفيذها في المغرب والمنصوص عليها سواء في إطار قانون مدونة الأسرة أو قانون المسطرة المدنية.
هذا ما سأتطرق إليه من خلال الآتي:
المبحث الأول: تنفيذ الأحكام الوطنية المرتبطة بإنهاء الرابطة الزوجية
المبحث الثاني: تذييل الأحكام الأجنبية المنهية للرابطة الزوجية بالصيغة التنفيذية.
المبحث الأول:
تنفيذ الأحكام الوطنية المرتبطة بإنهاء الرابطة الزوجية

ترتبط بدعاوي إنهاء الرابطة الزوجية مجموعة من الأحكام غايتها حماية الأسرة من أطفال وزوجة ، كما هو الشأن بالنسبة للتدابير المؤقتة والتي تعمل المحاكم على اتخاذها أثناء النظر في دعاوي إنهاء الرابطة الزوجية، وقد عمل المشرع في سبيل تفعيل هذا التدابير إدخال مجموعة من الآليات والمستجدات كما هو الأمر بالنسبة للنيابة العامة والتي أناط بها المشرع مهمة الحرص على تنفيذها.
كما أنه منحت للقضاء سلطة مهمة لتحديد المستحقات المترتبة عن إنهاء الرابطة الزوجية.
وفي سبيل توضيح هذه المقتضيات واثر الطعون على تنفيذها فقد ارتأيت تقسيم هذا المبحث إلى ما يلي:
المطلب الأول: التدابير المؤقتة وخصوصية تنفيذها
المطلب الثاني: أثر الطعون على التنفيذ
المطلب الأول: التدابير المؤقتة وخصوصية تنفيذها
لقد نص المشرع بمقتضى المادة 121 م.أ على أن للمحكمة أثناء النظر في النزاع المستحكم بين الزوجين والذي قد يهدد استمرار العلاقة الزوجية، اتخاذ مجموعة من التدابير المؤقتة والتي من شأنها توفير الحماية للزوجة والأطفال، وفي سبيل ذلك نص على مجموعة من الآليات لضمان التنفيذ.
وهذا ما سأتطرق إليه من خلال الآتي:
الفقرة الأولى: طبيعة التدابير المؤقتة
الفقرة الثانية: خصوصية تنفيذ التدابير المؤقتة
الفقرة الأولى: طبيعة التدابير المؤقتة
تعكس دعاوي إنهاء الرابطة الزوجية، وضعا اجتماعيا ونفسيا معقدا نظرا لما يصحبها من تصعيد طوال مسطرة التقاضي، وهو ما يعرض مصالح الأطراف إلى الضياع لذلك نجد أن المشرع خول للمحكمة اتخاذ تدابير مؤقتة وتحفظية هدفها حماية أفراد الأسرة من تبعات النزاع الدائر ما بين الزوجين.
والمحكمة لها في ذلك أن تتخذ مجمل التدابير والتي تحمل طبيعة مؤقتة إلى حين الفصل في النزاع الدائر وهذا ما تم التأكيد عليه من خلال مقتضيات المادة 121 من م.أ فهذه المادة سمحت للقضاء الأسري باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية الأولاد من مخلفات النزاع الدائر ما بين والديهما، والذي قد يكون له تأثير على سلوكهم وعلى مردودهم الدراسي.
وهذه الإجراءات تتخذ أشكالا متعددة ولا تنحصر حسب ما هو وارد تشريعيا في حق السكن، فالمادة 121 من م.أ أوردت هذا الحق على سبيل المثال للاستئناس بها والقياس عليه في أمور أخرى، فهذه التدابير قد تتخذ صورة إيداع الأولاد مثلا عند أصوله كإجراء لحمايتهم من تبعات النزاع الدائر ما بين والديه، كما قد تهم هذه التدابير أمتعة البيت وممتلكات الأطراف، إلى غيرها من التدابير والتي تستجلي في اعتبارها مصلحة الأطراف، وتبقى سلطة تحديد هذه التدابير ملقاة على أنظار القضاء استئناسا بطلبات الأطراف واستئناسا كذلك بالوضع القائم.
وبالرجوع إلى مدونة الأحوال الشخصية الملغاة نجد أنه شابها قصور تشريعي بحيث لم تعمل على توسعة سلطة القضاء فيما يخص التدابير المؤقتة وجسدت حقا واحدا ألا وهو الحق في السكن، والذي كان غالبا لا يفعل نظرا لاصطدام النص القانوني بمعيقات واقعية والتي تتجسد أساسا في غياب دار الثقة، وكذا انعدام حرية المرأة في تحديد محل سكناها ، ليكون الطريق المتاح تشريعيا آنذاك لتوسعة التدابير التحفظية هي القواعد القانونية المسطرية بمقتضى ف 212 ق.م.م (الملغى) على اعتبار انه كان يوفر حماية أكبر للزوجة والأولاد إذ خول للقضاء سلطة تقديرية واسعة .
أما بالنسبة للمدونة الحالية فإنها قد وسعت من إمكانية اتخاذ التدابير المؤقتة المناسبة كيفما كان نوعها ما دام أن الحالة تفرض الإستعجال وتتصف بطابع مؤقت.
ويرتبط تفعيل مقتضيات المادة 121 من م.أ بضرورة وجود نزاع ما بين الزوجين محل نظر من طرف القضاء وهذا ما تم تأكيده من خلال حكم ذهب إلى " أن مقتضيات المادة 121 من مدونة الأسرة المشار إليها تنطبق على هذه النازلة لثبوت وجود نزاع ما بين الزوجين معروض أمام القضاء وتعذر المساكنة بينهما ..." .
ليكون اختصاص المحكمة حسب ما هو ثابت تشريعيا مقيد بضرورة وجود نزاع مستحكم ما بين الزوجين إلى حد يهدد استمرار العلاقة الزوجية، فالتدابير المؤقتة لا يمكن تصورها إلا تابعة لنزاع يستوجب الفصل فيه قضائيا.
كما يشترط إضافة إلى وجود نزاع قضائي تعذر المساكنة ما بين الزوجين حيث أن بقائهما في بيت واحد قد يجرهم إلى استفحال النزاع وتفاقم الصراع والذي قد لا تعرف عواقبه، خصوصا إذا تقدمت الزوجة بدعوى لإنهاء الرابطة الزوجية فقد يشكل بقائها في بيت الزوجية خطرا عليها .
وبالتالي فإن تخلف أحد الشرطين المحددين تشريعيا قد يدفع المحكمة إلى رفض طلب التدابير المؤقتة ، وفي هذا صدر أمر استعجالي ذهب إلى ما يلي: "وحيث إن مقتضيات المادة 121 من مدونة الأسرة المشار إليها في مستجدات النيابة العامة لا تنطبق على هذه النازلة، أولا لعدم ثبوت وجود نزاع بين الزوجين معروض أمام القضاء".
وانطلاقا من الأمر الإستعجالي أعلاه، فإنه يجرنا إلى الحديث عن مدى إمكانية إتاحة الإختصاص لقاضي المستعجلات من أجل اتخاذ التدابير المؤقتة؟.
بالرجوع إلى النص القانوني المحدد للتدابير المؤقتة ( م121 م.أ) نجد أنه يتيح الاختصاص إلى المحكمة والتفسير الفقهي الغالب لهذه العبارة يتجه إلى تحديدها في القضاء الموضوعي أي هيئة الحكم.
وفي اعتقادي أن هذا التفسير فيه تضيق للمعنى ومن شأنه أن يثقل العبء على الجهاز القضائي للنظر في أمور قد تتولى أجهزة أخرى النظر فيها على اعتبار أن القضاء المستعجل لا ينعزل عن معنى المحكمة.
فالتدابير المؤقتة تدخل ضمن نطاق الطلبات الوقتية والقاعدة في هذا الشأن أن الطلب الوقتي يقوم في أساسه على وقائع قابلة للتغيير أي انه يحدد موقع الخصوم بشكل مؤقت ولا يمس بأصل الحق ويحوز حجية مؤقتة ومن هذا التحديد يظهر مدى التداخل بينه وبين الطلب المستعجل.
وفي اعتقادي أنه ليس هناك ما يمنع من سلوك الشخص المطالب بالتدابير المؤقتة طريق القضاء المستعجل متى توفرت شروطه .
فالتدابير المؤقتة تستمد طبيعتها الاستعجالية من أهدافها والرغبة من سنها والمتمثلة في الحفاظ على مكونات الأسرة وليس هناك حالة استعجالية تتعدى الحفاظ على الأولاد والزوجة، ولا يمكن التذرع بأن الإختصاص يعود إلى القضاء الموضوعي لنزع إمكانية إتاحة الإختصاص للقضاء المستعجل.
غير أنه في نظري لا يجوز الجمع بين القضائين وبمعنى أوضح أن سلوك أحد الطريقين ينزع الاختصاص عن الآخر.
كل هذا جعلني أكون قناعة أن اشتراك الإختصاص مع التقييد بالضوابط القانونية لا يخرج عن أي إطار قانوني بل يزكي الحماية لحقوق الأطراف ويسعف في اختيار الطريق الذي يظن أنه سيحقق السرعة الكفيلة بضمان الحق.
على اعتبار أن التدابير المؤقتة تكتسي طبيعة وقتية ويتحقق معها عنصر الإستعجال ولا تمس بأصل الحق كما أن لفظ المحكمة وتوسيع تفسير معناه كفيل باختصاص القضاء المستعجل.
وعلى الرغم من أهمية المقتضيات القانونية الواردة بمقتضى المادة 121 من م.أ فإن الملاحظ على مستوى العمل القضائي أنه قلما يتم تفعيلها وهو ما حدى بالوزارة الوصية إلى إصدار منشور يحث الجهاز القضائي على تفعيل التدابير المؤقتة حيث جاء فيه " ... لا يخفى عليكم أن مدونة الأسرة جاءت بعدة مقتضيات إيجابية ورائدة وحلول متوازنة ومنصفة وعملية، تهدف إلى حفظ وصيانة الأسرة وتماسكها واستمرارها واستقرارها، إلا أنه قد يحدث في بعض الأحيان نزاع بين الزوجين وتتعذر المساكنة الشرعية بينهما أثناء جريان الدعوى، مما يؤثر سلبا على وضعية الزوجة والأطفال الذي قد يتعرضون للتشرد والضياع بسبب ذلك،وأحيانا لخطر كبير تكون نتائجه وخيمة ما لم يتم تداركه وتلافيه في الوقت الملائم.
وتفاديا لمثل هذه الأخطار والأضرار المحدقة بكيان الأسرة فإن المشرع نص في المادة 121 من المدونة( ...)
ورعيا لما هذه التدابير من أهمية قصوى في حماية الأسرة ... نطلب منكم حث السادة القضاة والنواب على تفعيل هذه التدابير كلما اقتضت المصلحة ذلك وإعطائها الأهمية القصوى التي تستحقها وتنفيذها بدقة" .
الفقرة الثانية: خصوصية تنفيذ التدابير المؤقتة
نصت المادة 121 من م.أ على أنه "في حالة عرض النزاع بين الزوجين على القضاء وتعذر المساكنة بينهما للمحكمة أن تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة بالنسبة للزوجة والأطفال تلقائيا أو بناء على طلب وذلك في انتظار صدور الحكم في الموضوع بما فيها اختيار السكن مع أحد أقاربها أو أقارب الزوج، وتنفذ تلك التدابير فورا على الأصل عن طريق النيابة العامة".
وفي مقابل هذا النص كانت تنص الفقرة الرابعة من الفصل 212 من ق.م.م (الملغى) على أنه "تبت المحكمة عند الاقتضاء في التدابير المؤقتة والتحفظية المتعلقة بصيانة المرأة والأولاد وحضانتهم وأمتعة البيت.
يكون هذا الأمر قابلا للتنفيذ على الأصل رغم كل طرق الطعن".
وفي شأن مقتضيات الفصل 212 من ق.م.م (الملغى) نجد أنها متعت القرارات الآمرة بالتدابير المؤقتة بالنفاذ المعجل القانوني ويتأكد هذا عندما نص المشرع أن "هذا الآمر قابلا للتنفيذ على الأصل رغم كل طرق الطعن".
وبالرجوع إلى الاجتهاد القضائي قبل الحسم التشريعي بمقتضى الفصل 212 من ق.م.م نجد أن المحاكم لم تحسم في طبيعة هذه التدابير ذلك أن استئنافية الرباط ذهبت إلى أن "التدابير المتعلقة بحضانة الأولاد أثناء جريان مسطرة الطلاق لا يتعلق إلا بالنفاذ المعجل الجوازي لذا لا يحق للقاضي أن يأمر به من تلقاء نفسه" ، لتتراجع عن موقفها في قرار لاحق عندما قضت بأن "هاته التدابير تأتي نافذة معجلا بقوة القانون ولو لم يطلب ذلك من يعنيه الأمر وأنه تبعا لهذا لا تقبل الطلبات الرامية إلى إيقاف آثار هذا النفاذ المعجل لأنه معجل بقوة القانون ..." .
وعلى الرغم من المقتضيات القانونية الصريحة (الفصل 212 من ق.م.م الملغى) والتي تشمل التدابير المؤقتة بالنفاذ المعجل القانوني فإن المسألة لم تمنع من بروز عدة مشاكل خاصة في ما يتعلق بإيقاف تنفيذها.
وفي هذا الشأن برزت نازلة تتعلق بتمكين المدعية من نفقة وحضانة الأولاد (كتدبير مؤقت) إلى حين البت في جوهر النزاع، إلا أن محكمة الإستئناف غيرت هذه التدابير "بإيقاف التنفيذ فيما يرجع لرد الولد لأمه وبإبقائه كما كان عند والده ... وبإيقاف ما زاد عن ثلاثمائة درهم شهريا من النفقة".
فنقض المجلس الأعلى الحكم المذكور قائلا "وحيث أن التدبير الذي أمر به القاضي الابتدائي وإن كان قابلا للإستئناف للنظر في جوهره فإنه يبقى قابلا للتنفيذ رغم كل طعن وينفذ بقوة القانون ولا يملك القضاة في نطاق سلطتهم التقديرية حق إيقافه، لذلك فإن القرار المطعون فيه خالف مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 212 من ق.م.م عندما أمر بإيقاف تنفيذ الحضانة المؤقتة وجزء من النفقة ويتعين بالتالي إبطاله" .
الأصل أن التدابير المؤقتة كما يدل عليها وصفها تتخذ بشكل مؤقت إلى حين الفصل في موضوع النزاع وهي تتخذ نظرا لما تستدعيه تلك الحالة النزاعية من إجراءات وحماية ويتأكد الأمر بالنسبة للحكم أعلاه عندما وصفه القاضي الابتدائي بكونه إجراء تمهيدي.
فالنص القانوني وإن كان يتحدث على أن تلك التدابير تنفذ رغم كل طعن فإن الأمر هنا يقتصر على ممارسة الطعن دون أن يتعداه إلى تصدي محكمة الاستئناف للحكم الابتدائي وتغيير مقتضياته، فالمجلس الأعلى في النازلة أعلاه وكأنه يخلط ما بين ممارسة الطعن والذي لا يكون له أي أثر على التنفيذ وما بين االتصدي للموضوع المستأنف والخروج بقرار في شأنه، والذي يلغي المقتضيات الابتدائية لتسري المقتضيات الجديدة على النازلة، ويظهر هذا الخلط بارزا عند قوله: " وحيث أن التدابير الذي أمر به القاضي الابتدائي وإن كان قابلا للإستئناف للنظر في جوهره ... فإنه يبقى قابلا للتنفيذ رغم كل طعن ..."
ومن كل ذلك فإنه في نظري، أن المقتضيات التشريعية التي كان ينص عليها الفصل 212 من ق.م.م (الملغى) شابها قصور أثر على فعاليتها وعلى الخصوص عندما أتاح المشرع إمكانية الطعن فيها، وتناسى أن هذه الإجراءات تدخل ضمن نطاق الأحكام التمهيدية، والتي توصف بأنها أحكام غير قطعية ولا تحوز أي حجية حيث يمكن للمحكمة التي أصدرتها أن تعدل عنها متى برزت وقائع يمكن أن تكون سندا لذلك.
وانطلاقا من مقتضيات الفصل 212 من ق.م.م (الملغى) فإنه من غير الجائز طلب إيقاف تنفيذ التدابير المؤقتة المتعلقة بالزوجة والأولاد مادام أنها كانت مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني، إلا أنه كان من الجائز إثارة الصعوبة بشأن تنفيذها وخاصة عندما يتعلق الأمر بالنظام العام .
وبالرجوع إلى المقتضيات التشريعية التي حملتها مقتضيات مدونة الأسرة، بمقتضى المادة 121 من م.أ، فإننا نجد أنها قد حاولت الإحاطة بموضوع التدابير المؤقتة بنوع من التدقيق وحملت في صياغتها مجموعة من المستجدات لتجاوز الإشكالات التي طرحت في ظل سيادة مقتضيات (م.ح.ش) وكذا سريان مقتضيات ف 212 ق.م.م قبل إلغائه.
وأول ما يمكن ملاحظته بقراءة متأنية للمادة 121 من م.أ أن المشرع المغربي أكد على الطابع الإستعجالي للتدابير المؤقتة من خلال إقراره بأن هذه التدابير تنفذ فورا على الأصل وهو ما من شأنه أن يعفي المحكوم لفائدته من طول الإجراءات التي توالي التنفيذ بمقتضى القواعد العامة.
كما أن هذا المقتضى يؤكد على الطابع المؤقت لهذه التدابير من خلال تحصينها ضد إمكانية ممارسة الطعون، ونزع الطابع النزاعي عليها، خلافا لما كان عليه الأمر في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة. لتكون التدابير المؤقتة في ظل مدونة الأسرة واجبة التنفيذ بمجرد صدورها وتخضع في تنفيذها للقواعد العامة لإكسابها قوة الشيء المقضي به، وهو ما يفسر إحجام المشرع عن اشمال هذه التدابير بالنفاذ المعجل.
ونظرا لإعتبار هذه التدابير ذات طابع تنفيذي مؤقت لحماية الزوجة والأولاد، فقد أسندت مهمة التنفيذ والسهر عليه للنيابة العامة رغبة من المشرع بإحاطة عملية تنفيذ هاته التدابير بالحزم والفعالية وتجنب التماطل والإستخفاف والتي تصحب عادة إجراءات التنفيذ طبقا للقواعد العامة.
ويمكن تحديد دور النيابة العامة في عملية التنفيذ من خلال دعم ومؤازرته مأمور التنفيذ إلا أنه يبقى على الرغم من ذلك دورها محدود أمام عدم تحديد وسائل محددة في يدها لمباشرة إجراءات التنفيذ، لذا يبقى السبيل لإبراز هذا الدور إيجاد نصوص قانونية صريحة تفسر دور النيابة العامة .
المطلب الثاني: أثر الطعون على التنفيذ
تتميز طرق الطعن العادية بكونها موقفة للتنفيذ كما هو الشأن بالنسبة لممارسة الطعن بالاستئناف و الأجل اللازم لممارسته، على عكس ذلك فإن الطعن بالنقض لا يوقف التنفيذ كقاعدة عام، باستثناء الحالات المحددة في الفصل 361 ق.م.م والتي يترتب على ممارسة الطعن بالنقض في شأنها إيقاف التنفيذ.
لذا أتسأل عن تأثير هذه المقتضيات على التنفيذ في المادة الأسرية؟ سواء فيما يتعلق بتحصيل المستحقات وأثر الاستئناف عليها؟ أو أثر الطعن بالنقض على مجمل قضايا الأسرة؟
وإجابة على هذا التساؤل سأطرح الموضوع وفق الأتي:
الفقرة الأولى: اثر الطعن بالاستئناف على تحصيل المستحقات
الفقرة الثانية: أثر الطعن بالنقض على قضايا الأسرة
الفقرة الأولى: أثر الطعن بالاستئناف على تحصيل المستحقات
لاشك أن مستحقات الزوجة والأطفال من أبرز الحقوق المترتبة على إنهاء العلاقة الزوجية لما لها من أهمية بالغة في المحافظة على الوضع الإجتماعي والمادي لهؤلاء، وتدخل ضمن مستحقات الزوجة حسب مدونة الأسرة نفقة العدة وسكناها والمتعة التي يرعى فيها عدة اعتبارات والصداق والمؤخر إن وجد وأجرة الحضانة وتشمل مستحقات الأولاد، نفقتهم وسكناهم.
وقد أخضع المشرع المغربي هذه المستحقات لإمكانية الطعن بالاستئناف وهذا ما يفهم ضمنا من خلال الفقرة الأولى من المادة 128 من م.أ والتي نصت على أن المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو الخلع أو بالفسخ لأحكام هذا الكتاب تكون غير قابلة لآي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية.
أي بمفهوم المخالفة أن أي جزء لا يهم انفصام عري الزوجية لا يخضع لمقتضيات هذا الفصل ويقبل إمكانية الطعن .
والقاعدة العامة هي أن كل الأحكام قابلة للاستئناف طبقا للفصل 134من ق.م.م، فاستعمال الطعن بالاستئناف حق في جميع الأحوال عدا إذا قرر القانون خلاف ذلك
والطعن بالاستئناف هو حق لأطراف الدعوى يمارس للخروج بقرار أنفع كما إذا ما تم تقرير مستحقات الزوجة والأطفال في مبالغ هزيلة أو كما إذا تم تقديرها في مبالغ تفوق قدرة الملزم بأدائها.
وقد حدد المشرع المغربي أجل استئناف الأحكام الصادرة في المادة الأسرية في 15 يوما، وفق ما تنص عليه الفقرة الثانية من الفصل 137 من ق.م.م والتي جاء فيها "إذا تعلق الأمر بقضايا الأسرة فإن استئناف الأحكام الصادرة في شانها يجب تقديمه داخل أجل خمسة عشرة يوما".
وتفعيلا لذلك ذهب حكم صادر عن ابتدائية مراكش إلى أن "المحكمة باطلاعها على وثائق الملف تبين لها بأن المستأنف بلغ إليه الحكم المستأنف بتاريخ 04/10/2004 حسب التاريخ المدون بطي التبليغ والذي أدلي به إثباتا لهذا التاريخ وإقرار منه بأنه لم يبادر إلى الطعن فيه بالإستئناف إلا بتاريخ 04/11/2004 بعد مرور أجل الإستئناف الذي هو 15 يوما حسب الفقرة الأخيرة من الفصل 134 ق.م.م بخصوص استئناف القضايا المتعلقة بالأسرة مما يجعل الإستئناف واقعا خارج أجله القانوني" .
وقد ثار نقاش عن وقت سريان أجل استئناف الشق المتعلق بتحديد المستحقات المترتبة عن إنهاء العلاقة الزوجية فهل يتم احتسابه من وقت صدور الأمر بالإيداع أو من يوم الأداء وابتداء من انتهاء أجل 30 يوما .
وفي اعتقادي أن سريان هذا الأجل يبدأ سريانه من يوم إصدار المحكمة قرارا معللا طبقا للمادة 88 من م.أ يحدد المستحقات المنصوص عليها قانونا لأنه قبل ذلك لا يمكن الحديث عن حكم.
ومن الآثار القانونية المترتبة عن تقديم المقال الإستئنتافي الأثر الواقف للتنفيذ وهو ما تم التأكيد عليه من خلال الفقرة الأخيرة من ف 134 من ق.م.م والتي نصت على أنه "يوقف أجل الإستئناف والإستئناف نفسه داخل الأجل القانوني للتنفيذ، عدا إذا أمر بالتنفيذ المعجل".
وفي سبيل عدم تمديد هذا الأثر على الأحكام المحددة للمستحقات المترتبة عن إنهاء الرابطة الزوجية، نجد بعض التوجه في العمل القضائي يذهب إلى إشمال هذه المستحقات بالنفاذ المعجل وفي هذا ذهبت ابتدائية طنجة إلى الآتي: "وحيث يتعين شمول الحكم في شقه المتعلق بمستحقات الزوجة ونفقة الأبناء بالنفاذ المعجل وكذا الشأن بالنسبة للأجرة الحضانة لطابعها الإستعجالي وصلة الرحم لطابعه الأسري والإنساني" .
إلا أن الملاحظ على مستوى هذا الحكم أنه لا يحدد طبيعة النفاذ المعجل المنصوص عليه، وكأنها مددت مقتضيات ف 179 مكرر من ق.م.م إلى المستحقات حيث أن الصياغة اللغوية لهذا الحكم تتميز بطابعها الإلزامي –أي النفاذ المعجل القانوني- فإن كانت النفقة مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني المنصوص عليه صراحة بمقتضى ف 179 مكرر ق.م.م فإن المستحقات المترتبة عن إنهاء العلاقة الزوجية لا تتمتع بنفس الميزة وإنما يمكن أن يقضي لها بالنفاذ المعجل القضائي، وصياغة الحكم توحي وكأن النفقة والمستحقات تتمتعان بنفس الطبيعة، لذا يجب في نظري وضع فيصل بين المقتضيين وإبرازه واضحا.
ومن الأحكام التي ذهبت إلى التمييز أو بمعنى آخر تقرير النفاذ المعجل لمن منح له هذا الامتياز دون غيره نجد حكم ابتدائية مكناس ذهبت إلى "تطليق المدعية (...) من زوجها المدعى عليه طلقة واحدة بائنة للشقاق مع تحديد المستحقات فيما يلي:
-عن السكن خلال العدة ألف وخمسمائة درهم (1500 درهم).
-عن المتعة خمسة آلاف درهم (5000 درهم).
-عن كالئ صداقها ألفين درهم (2000 درهم).
-عن نفقة الأبناء ثلاثمائة درهم لكل واحد منهما (300 درهم).
-عن أجرة الحضانة مائة وخمسون درهم (150 درهم) للإبنين (...) و(...) معا من تاريخ الحكم إلى غاية سقوط الفرض شرعا.
-عن السكنى للأبناء خمسمائة درهم (500 درهم) لهما جميعا من تاريخ الحكم إلى غاية سقوط الفرض مع النفاذ المعجل في شق النفقة والصائر ورفض ما عدا ذلك" .
ويترتب على عدم إشمال المستحقات بالنفاذ المعجل غل يد الزوجة عن تحصيلها من صندوق المحكمة، على الرغم من إلزام الزوج على إيداعها داخل أجل 30 يوما، أي أن الأمر المحدد للمستحقات يتم تنفيذه ولا يمكن للزوجة تحصيلها ،وفي هذا تناقض جلي فإخضاعها لهذه المقتضيات لا يحقق أي فائدة، لذا كان من الأجدر أمام هذه المقتضيات ترك المسألة على قواعدها العامة، أي أن تنفيذ الأمر المحدد للمستحقات لا يتم إلا بعد نيل الحكم قوته التنفيذية على اعتبار أنه لا يؤذن للزوجة بسحب المستحقات المقررة بمقتضى الحكم الإبتدائي (وطعن فيه بالإستئناف) ولا تسحب سوى المستحقات التي تم إشمالها بالنفاذ المعجل.
"كما أنه لا يؤذن للزوجة بسحب المستحقات مباشرة لكونها لا تستحق إلا الذي سيقضي لها به وفقا للمادة 88 من مدونة الأسرة ، طالما أن المستحقات تحدد بقرار من طرف المحكمة، فإن سحبها يتوقف على سلوك مسطرة التنفيذ" ، بمعنى أنه حتى ولو تم إيداع المستحقات واكتسب الحكم المحدد له قوة الشيء المقضي به، فإن الزوجة لا تسحب إلا المحدد لها أما الباقي فإنها تسلك في شأنه إجراءات التنفيذ.
وفي هذا تعقيد لا تبرير له مادام أنه حق تم اكتسابه وتم إثباته وفي اعتقادي أن الحل التشريعي الأجدر لتفادي تأثير الطعن بالإستئناف على تحصيل المستحقات هو إشمالها بالنفاذ المعجل القانوني، على اعتبار أن الأمر يتعلق بحق مالي لا يخاف عدم تداركه، كما أنه حتى ولو تم تغير أرقام المستحقات فإن الحل يتمثل في إعمال المقاصة لتغطية الفرق.
الفقرة الثانية: أثر الطعن بالنقض على التنفيذ
يتميز الطعن بالنقض باعتباره طعنا غير عادي، بأنه لا يترتب عليه أثر واقف للتنفيذ، إلا أن المسألة لا تأخذ على إطلاقها، حيث أن المشرع أورد على هذه القاعدة استثناءات تم تحديدها بمقتضى ف 361 ق.م.م، حيث تم التوضيح بأن رفع الدعوى أمام المجلس الأعلى يوقف التنفيذ في الحالات الآتية:
- قضايا الأحوال الشخصية
- الزور الفرعي
- التحفيظ العقاري
والحكمة ظاهرة من تشريع هذا الفصل هي محاولة تفادي وضعيات قانونية معقدة، والتي قد لا يكون لها سبيل للمعالجة متى تم تنفيذ القرار المطعون في شأنه بالنقض فالأمر قد يهون عندما يتعلق الآمر بتبديد مالي أو غيرها من الأمور التي قد تتوفر الإمكانية لتداركها .
فهذا الفصل يحصر مواضيع تتميز بطابعها الخاص ومنها قضايا الأحوال الشخصية والتي جعلها المشرع المغربي تستفيد من هذا الإمتياز نظرا لما تكتسيه من أهمية بالغة، ونظرا كذلك لأن تنفيذ بعض الأحكام الصادرة في شأنها قبل المرور بمرحلة النقض فقد يرتب آثار خطيرة خصوصا عند ما يتعذر إرجاع الحال إلى ما كان عليه من قبل كما هو الحال بالنسبة لدعوى إثبات العلاقة الزوجية فقد تتزوج المرأة التي قضى لها مثلا بانتفاء العلاقة ، فهذه الوضعية يستحيل تداركها متى تم تغير الحكم المنفذ.
فمثل هذه الحالات هي التي كانت دافعا لإستحداث مثل هذه المقتضيات والتي تؤجل ترتيب الحق إلى ما بعد الخروج بقرار في شأنها يحسم النزاع، لتكون دعاوي الأحوال الشخصية المطعون فيه بالنقض مبررا لإيقاف التنفيذ.
وعلى الرغم من تحديد النص التشريعي على أن القضايا المرتبطة بالأحوال الشخصية توقف التنفيذ عند الطعن فيه بالنقض، فإن المسألة لا تخلو من بروز مشاكل تتعلق أساسا بتفسير المقصود بهذه العبارة، لأن المعنى الظاهر لها يستوعب مجمل قضايا الأسرة، وفي هذا إضرار بمصالح الأطراف لأن بعض القضايا قد لا ترقى إلى مستوى يجعلها تستفيد من الإمتياز المقرر في الفصل 361 من ق.م.م.
ليبقى التساؤل المطروح في هذا الصدد يتعلق بالمقصود "بقضايا الأحوال الشخصية"؟.
من الناحية العملية تبرز صعوبات ناتجة عن تأويل المقصود ، وذلك بالنظر لكون المشرع لم يحدد المقصود بكيفية واضحة، فمجال الأحوال الشخصية واسع ويشمل أمورا عدة .
وفي سبيل توضيح المقصود كان لوزارة العدل رأي، تجسد بمقتضى منشور تحت عدد 21-62 بتاريخ 18-03-1962 بخصوص الفصل 15 من ظهير تأسيس المجلس الأعلى (27-09-1957) الذي كان ينص على أن الطعن بالنقض يوقف التنفيذ على قضايا الأحوال الشخصية (فصل 361 من ق.م.م حاليا) حيث بينت الوزارة في المنشور على أن المراد بقضايا الأحوال الشخصية والتي يوقف طلب النقض فيها إجراءات التنفيذ تجنبا للتفسير الواسع للمعنى يتمثل خصوصا في حالة الأشخاص التي لا يمكن تدارك ما يترتب على أحكامها إذا نفذت كما إذا مكن رجل من امرأة منكرة للزوج منه أو مدعية صدور الطلاق منه فإنه يخشى أن يترتب على التنفيذ وقوع الدخول أو حصول حمل، لتحدد بمقتضى هذا المنشور أن معنى الأحوال الشخصية ينحصر في النسب والولادة والزواج والطلاق والوفاة دون بقية الدعاوي والتي لا يترتب على رفعها إلى المجلس الأعلى إيقاف تنفيذها .
ودون الدخول في القيمة القانونية للمناشير والتي كان للقضاء موقف في شأنها حيث اعتبرها غير ملزمة ولا يترتب على مخالفتها أي جزاء .
ليجرنا الحديث إلى إبراز مجموعة من القضايا الموضوعية والتي تبرز أهمية التدخل التشريعي لتحديد المقصود "بقضايا الأحوال الشخصية" وحصر المواضيع التي تمس هذا الفصل (الفصل 361 من ق.م.م) تجنبا لخلق وضعيات قانونية معقدة .
ومن المواضيع البارزة التي كانت مثارة في ظل سريان مدونة الأحوال الشخصية، وكانت تصطدم بمقتضيات الفصل 361 ق.م.م ما يتعلق بمادة التطليق والذي كان يستغرق النزاع فيها مدة طويلة يتأكد فيها عدم رغبة الطرفين والزوجة على وجه التحديد الإستمرار في عقد الزواج على الرغم من بذل القضاء ما في وسعه لتيسير سبل التراضي بينهما سواء في المرحلة الإبتدائية أو الاستئنافية، فتشبت طالبة التطليق بحقها في جميع مراحل التقاضي كاف لإقرار انفصام عري الزوجية –لذا فما الفائدة من إيقاف التنفيذ في مرحلة النقض- .
وقد تقلص تأثير الفصل 361 من ق.م.م عندما عملت المدونة الحالية على ضبط المساطر القضائية وحسمت في مدى قابلية أحكام إنهاء الرابطة الزوجية لأي طعن، عندما اعتبرت أن هذه الأحكام تتصف بالبتية ولا مجال لإخضاعها لمبدأ التقاضي على درجتين، لترفع المعاناة عن المرأة المغربية والتي كانت في ظل مدونة الأحوال الشخصية (الملغاة) تعاني من تعسف بعض الأزواج، والذين كانوا يجدون في استعمال مختلف طرق الطعن، طريقا لتأزيم وضعية الزوجة وتتأزم الوضعية أكثر عند نهائية الحكم والذي جاء فرجا بعد وقت طويل، لتتطول المدة أكثر بإيقاف التنفيذ إلى غاية النظر في شأن الطعن بالنقض.
وفي سبيل تقليص تأثير مقتضيات ف. 361 من ق.م.م أقرت المدونة في مجموعة من المواد بنهائية الفصل في المرحلة الإبتدائية ، لتتراجع إمكانية التصادم مع ف. 361 من ق.م.م، والذي يبقى مجال تأثيره محدودا، خصوصا عندما فصل في نهائية الحكم القاضي بإنهاء الرابطة الزوجية إلا أنه يبقى مجال التأثير في بعض المواد بارزا خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأحكام الصادرة في مادة النفقة والتي أشملها المشرع بالنفاذ المعجل القانوني.
فإن كان ممارسة الطعون العادية "التعرض والإستئناف"، لا يكون لها أي تأثير على تنفيذ النفقة فإن الإشكال يثار عند صيرورة الحكم نهائيا وخضوعه للطعن بالنقض.
فدلالة المشرع المغربي بمقتضى الفصل 179 مكرر من ق.م.م عند نصه بأن الأوامر والأحكام في مادة النفقة تنفذ "رغم كل طعن" ينصرف إلى الطعون العادية دول تعديها إلى الطعون الغير العادية، ليكون تأثير الطعن بالنقض وفق النص التشريعي واقف للتنفيذ (الفصل 361 من ق.م.م).
ليظهر جليا مدى التضارب التشريعي الحاصل ، فالحكم في مرحلته الابتدائية يتم إشماله بالنفاذ المعجل القانوني، وعند الخروج في شأنه بقرار استئنافي يتم إلغاء القيمة التنفيذية لهذا الحكم ويضرب عرض الحائط الطبيعة الإستعجالية لهذا النوع من الأحكام على الرغم من الأمر لا يتعلق بحق شخصي يصعب تداركه إذا ما تم تنفيذه.
وفي نظري أن تجاوز تأثير الفصل 361 من ق.م.م على الأحكام الصادرة في مادة النفقة إلى غاية بروز تدخل تشريعي- يستوجب الذهاب مع رأي أحد الفقه عندما ذهب إلى أن "صدور الحكم من محكمة الدرجة الثانية بتأييد الحكم الإبتدائي المشمول بالنفاذ المعجل فإن الذي ينفذ هو الحكم الحائز لقوة الأمر المقضي به لا الحكم الإبتدائي ولا يستمر النفاذ المعجل بعد صدور الحكم، الحائز لقوة الشيء المقضي به، بل يتعين عندئذ أن يتم التنفيذ على أساس القواعد العامة ... وإذا صدر حكم ابتدائي مشمول بالنفاذ المعجل ثم تأييد في الإستئناف وفي النقض حكم بوقف تنفيذه، فإن الذي يقف هو تنفيذ الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الثانية لأنه هو الذي طعن فيه بالنقض أم الحكم الإبتدائي المشمول بالنفاذ المعجل (يستمر مفعوله) فهو لم يطعن فيه النقض".
ومن بين التشريعات التي توفر الحلول القانونية السليمة لمثل هذا النوع من الإشكالات نجد التشريع الفرنسي والذي ذهب بمقتضى ف 51 من القانون 25/12/1975(بمثابة قانون المسطرة المدنية) إلى "أن الأثر الواقف الناتج عن الطعن بالإستئناف أو النقض لا يسري في حق مقتضيات القرار الذي يتعلق بحضانة الأطفال وتعويضاتهم ونفقتهم متى كانت هذه المقتضيات قد اتخذت بوصفها تدابير مؤقتة أو وقع الأمر بتنفيذها معجلا" .
ومن بين المواضيع التي تبرز معالم عدم التناسق التشريعي موضوع تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية في مجال إنهاء الرابطة الزوجية والتي أتاح المشرع إمكانية الطعن فيها، بالإضافة على إصباغ العمل القضائي وصف الأحوال الشخصية عليها لإيقاف تنفيذها متى تم الطعن فيها بالنقض، فعلى الرغم من إقرار المشرع على أن أحكام إنهاء الرابطة الزوجية تتصف بالبتية، فإنه لم يصبغ هذه الصفة على أحكام التذييل، فالعمل القضائي سواء مستوى محاكم الإستئناف وحتى على مستوى المجلس الأعلى يقبل الطعن فيها، الأمر الذي يشكل تناقضا بتعامله السلبي مع الزوجة أو الزوج المطلق وفق بلد الإقامة بالخارج، وتعامله الإيجابي مع مقررات إنهاء الرابطة والزوجية من طرف القضاء المغربي والتي اعتبرها نهائية وغير قابلة لأي طعن .
إن النظر القانوني السليم يستوجب النظر إلى دعاوي التذييل بنوع من المرونة، وعزلها عن قضايا الأحوال الشخصية بالمفهوم الواسع للمعنى على اعتبار أنها مسطرة من أجل التنفيذ فالحكم الأجنبي مر في البلد المصدر للحكم بجميع مراحله القانونية حتى اكتسب قوة الشيء المقضي به لذا يجب عدم التعقيد عند الوصول إلى إثبات قيمته القانونية في البلد المراد التنفيذ على ترابه.
لذا يجب تكييف دعاوى التذييل طبقا للقواعد العامة، بغض النظر عن الموضوع المدون في الحكم والمراد تنفيذه.
ومن كل ما قيل في هذه الفقرة يلاحظ مدى أهمية التدخل التشريعي لحصر الأحكام المستفيدة من امتياز الفصل361 من ق.م.م لأن الحكمة من وراء سن هذا المقتضى لا تنسحب على جميع قضايا الأحوال الشخصية



نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة الأليات القضائية المتبعة في اصدار وتنفيذ أحكام الحضانة والزيارة

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل الأليات القضائية المتبعة في اصدار وتنفيذ أحكام الحضانة والزيارة
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
كاتب غير معروف - LINDSI MORAN

كتب كاتب غير معروف يشمل يركن (كاتب غير معروف) كل الكتب التي لا يعرف مؤلفيها، حيث أن العمل في شيء بالشكل المجهول هو التدخل بشكل شخصي دون استخدام اسم محدد أو التعريف عن الهوية، وتشير حالة "غير معروف" أو "المجهول" عادة إلى حالة شخص ما بدون معرفة عامة لشخصيته أو لمعلومات تحدد هويته. هناك العديد من الأسباب التي يختار من أجلها شخص ما إخفاء شخصيته أو أن يصبح مجهولا. يكون بعض تلك الأسباب قانونيا أو اجتماعيا، مثل إجراء الأعمال الخيرية أو دفع التبرعات بشكل مجهول، حيث يرغب بعض من المتبرعين بعدم الإشارة إلى تبرعاتهم بأي شكل يرتبط بشخصهم. كما أن من يتعرض أو قد يتعرض للتهديد من قبل طرف ما يميل إلى إخفاء هويته، مثل الشهود في محاكمات الجرائم، أو الاتصال بشكل مجهول بالسلطات للإدلاء بمعلومات تفيد مسار التحقيق في القضايا العالقة. كما أن المجرمين بشكل عام يحاولون إبقاء أنفسهم مجهولي الهوية سواء من أجل منع إشهار حقيقة ارتكابهم للجريمة أو لتجنب القبض عليهم. . المزيد..

كتب كاتب غير معروف