❞ كتاب الزهد (ابن أبي الدنيا) ❝ ⏤ أبو بكر بن أبى الدنيا

حقيقة الحياة الدنيا تتمثل في أنها دار ابتلاء واختبار، وأنها سريعة الفناء والانقضاء، وأنها تفتن المغترين بها، وتهلكهم في شعابها، وأنها لا وزن لها ولا قيمة عند الله، وأنها لا تخلوا من الآفات والبليات والمنغصات، وأنها لعب ولهو وتكاثر، وأنها لا تصفوا لأحد، هذه كلها حقائق بينة لذوي الألباب، ولهذا فإن من طلب الدار الآخرة والجنة، فلا يعلق قلبه ونفسه بشيء من الدنيا إلا فيما نفع، وأن يعلم أن العون له في ذلك أن يكون زاهدًا في الدنيا بكليته، لأن الزهد طريق الرسل والأنبياء والصالحين بعدهم.

إذا استغنى الناس بالدنيا استغن أنت بالله ، واذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله ، وإذا أنِسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله ، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله ، وتودد إليه تنل بذلك غاية العزة والرفعة .

أيها الأخوة, من الحالات التي تلازم المؤمن حالة الزهد، هذا المفهوم مشوه في هذه الأيام، الله عز وجل حينما يقول:
﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ [سورة النحل الآية:96]


قال مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: اتَّقُوا السَّحَّارَةَ، اتَّقُوا السَّحَّارَةَ؛ فَإِنَّهَا تَسْحَرُ قُلُوبَ الْعُلَمَاءِ، يَعْنِي الدُّنْيَا. ص36. قَالَ أَبُو هَاشِمٍ الزَّاهِدُ: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، فَالدَّاءُ الدُّنْيَا، وَالدَّوَاءُ تَرْكُهَا.


قال الإمام الجنيد رضي الله عنه: سمعت سريّاً يقول: “إن الله عز وجل سلب الدنيا عن أوليائه، وحماها عن أصفيائه، وأخرجها من قلوب أهل وداده، لأنه لم يرضها لهم”.

وقال أيضا: “الزهد خلوُّ القلب عما ليس في اليد”. وقال عبد الله بن المبارك المحدث المجاهد مؤلف كتاب “الزهد”: “الزهد هو الثقة بالله مع حب الفقر”. ولنفهم كلمة شيخ مشايخ الحديث عبد الله بن المبارك هذه ينبغي أن نعلم أنه رضي الله عنه كان يتجر ويجمع المال الغزير، فيحج عاما ويحج معه طائفة من الفقراء على نفقته، ويغزو عاما.
أبو بكر بن أبى الدنيا - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الزهد (ابن أبي الدنيا) ❝ الناشرين : ❞ دار ابن كثير ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.