❞ كتاب سلسلة أعلام العرب ( ابو هريرة راوية الاسلام) ❝  ⏤ محمد عجاج الخطيب

❞ كتاب سلسلة أعلام العرب ( ابو هريرة راوية الاسلام) ❝ ⏤ محمد عجاج الخطيب


أبو هُرَيْرَة عبد الرحمن بن صخر الدوسي (21 ق هـ/ 602 م - 59 هـ/679م،) صحابي محدث وفقيه وحافظ أسلم سنة 7 هـ، ولزم النبي محمداً، وحفظ الحديث عنه، حتى أصبح أكثر الصحابة روايةً وحفظًا للحديث النبوي. لسعة حفظ أبي هريرة، التفّ حوله العديد من الصحابة والتابعين من طلبة الحديث النبوي الذين قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا الثمانمائة ممن رووا عن أبي هريرة.

كما يعد أبو هريرة واحدًا من أعلام قُرّاء الحجاز، حيث تلقّى القرآن عن النبي محمد، وعرضه على أبي بن كعب، وأخذ عنه عبد الرحمن بن هرمز. تولى أبو هريرة ولاية البحرين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كمل تولى إمارة المدينة من سنة 40 هـ حتى سنة 41 هـ. وبعدها لزم المدينة المنورة يُعلّم الناس الحديث النبوي، ويُفتيهم في أمور دينهم، حتى وفاته سنة 59 هـ.


كان أبو هريرة -رضي الله عنه- من علماء الحديث النبوي ومن أهل الفتوى، حيث بلغت عدد الأحاديث التي رواها عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أكثر من خمسة آلافٍ وثلاث مئة حديثٍ نبويٍ، منها ما رواها مباشرةً عن النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها ما رواها عن كبار الصحابة، مثل: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهم، ومن شدّة حرصه على العلم أثنى عليه النبي عليه السلام، وأثنى عليه أيضاً كبار الصحابة.

حياته
المسجد النبوي لزمه أبو هريرة منذ هاجر إلى المدينة المنورة لمصاحبة النبي محمد.
نشأ أبو هريرة في مساكن قبيلته «دوس» الأزديّة بأرض اليمن يتيمًا، ولما بلغته دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي إلى الإسلام أجاب الدعوة، وأسلم،

ثم هاجر في أول سنة 7 هـ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة مع نفر من قومه من قبيلة دوس اليمانية، إلى المدينة المنورة وقت غزوة خيبر، ولكن اختُلف أأدرك القتال وشارك فيه، أم بلغ المدينة بعدما فرغوا من القتال،، قال ابن عبد البر: «أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم».

خدمة أبي هريرة للنبي محمد وأهل بيته
ومن وقت وصول أبي هريرة إلى المدينة، لزم المسجد النبوي في أهل الصفة الذين لم يكن لهم مأوى ولا أهل، ورد أنه أمضى أربع سنين في معيّة النبي محمد، وورد أنهم ثلاث، انقطع فيها عن الدنيا ليلازم النبي محمد، عاش فيها حياة المساكين، يدور معه في بيوت نسائه ويخدمه ويغزو معه ويحجّ، فشهد معه فتح مكة، وأصبح أعلم الناس بحديثه، فكان السابقون من الصحابة كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير يسألونه عن الحديث، لمعرفتهم ملازمة أبي هريرة للنبي محمد، فتمكّن أبو هريرة في تلك الفترة من استيعاب قدر كبير من أحاديث النبي محمد وأفعاله، ساعده على ذلك قُدرته الكبيرة على الحفظ. امتاز أبو هريرة في تلك الفترة بالجراءة على سؤال النبي محمد عن أشياء لا يسأله عنها غيره، وقد أوكل النبي محمد له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان، كما بعثه النبي محمد مؤذّنًا مع العلاء بن الحضرمي حين بعث النبي محمد العلاء واليًا على البحرين.

في عهد الخلفاء الراشدين
وبعد وفاة النبي محمد، شارك أبو هريرة في عهد أبي بكر الصديق في حروب الردة، كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد عمر بن الخطاب، ثم استعمله عمر واليًا على البحرين، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف، فاتهمه عمر في تلك الأموال، فأنكر أبو هريرة اغتصابه لتلك الأموال، وقال له بأنها نتاج خيله، ومن تجارته في الغلال، وما تجمّع له من أُعطيات. فتقصّى عُمر الأمر، فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة. أراد عُمر بعدئذ أنه يُعيد أبي هريرة إلى ولايته على البحرين، فأبى أبو هريرة، وامتنع. بعد ولايته تلك، أقام أبو هريرة في المدينة المنورة يُحدّث طلاب الحديث، ويُفتي الناس في أمور دينهم، فقد روى زياد بن مينا أنه: «كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وجابر مع أشباه لهم، يُفتون بالمدينة، ويُحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا»، كذلك قال ابن حزم في كتاب «الإحكام في أصول الأحكام»: «المتوسطون فيما روي عنهم من الفتاوى عثمان، أبو هريرة، عبد الله بن عمرو بن العاص، أم سلمة، أنس، أبو سعيد، أبو موسى، عبد الله بن الزبير، سعد بن أبي وقاص، سلمان، جابر، معاذ، أبو بكر الصديق».

لم يكن أبو هريرة بمعزل عما يدور حوله من أحداث، فقد شارك أبو هريرة في مناصرة المدافعين عن عثمان بن عفان يوم الدار، وهو ما حفظه الأمويون لأبي هريرة. ورغم حُسن علاقته بالأمويين، إلا أنه عنّف مروان بن الحكم ولم يكن وقتها واليًا على المدينة المنورة لممانعته دفن الحسن بن علي بن أبي طالب مع جده النبي محمد، حيث قال له أبو هريرة: «تدخل فيما لا يعنيك ولكنك تريد رضا الغائب»، يعني أبو هريرة بذلك معاوية.

وفاته
مقبرة البقيع حيث دُفن أبو هريرة.
تعددت الروايات في تاريخ وفاة أبي هريرة، فقال هشام بن عروة أن أبا هريرة وعائشة توفيا سنة 57 هـ، وأيّد هذا التاريخ علي بن المديني ويحيى بن بكير وخليفة بن خياط، بينما قال الهيثم بن عدي بأنه توفي سنة 58 هـ، فيما قال الواقدي وأبو عبيد وأبو عمر الضرير أنه مات سنة 59 هـ، وزاد الواقدي أن عمره يومها كان 78 سنة، وأن أبا هريرة هو من صلى على عائشة في رمضان سنة 58 هـ، وعلى أم سلمة في شوال سنة 59 هـ، ثم توفي بعد ذلك في نفس السنة. كانت وفاة أبي هريرة في وادي العقيق، وحمل بعدها إلى المدينة، حيث صلى عليه الوليد بن عتبة أمير المدينة المنورة وقتئذ بعد صلاة العصر، وشيعه عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري، ودُفن بالبقيع. وقد أوصى أبو هريرة حين حضره الموت، فقال: «إذا مت فلا تنوحوا عليّ، لا تضربوا عليّ فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي». كما كانت له قبل وفاته دارًا في ذي الحليفة، تصدق بها على مواليه. وقد كتب الوليد بن عتبه إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان يُنبأه بموت أبي هريرة، فكتب معاوية إليه يأمره بأن يحصي ورثة أبي هريرة، وأن يمنحهم عشرة آلاف درهم، وأن يُحسن جوارهم.

لم يرد ذكر لأسرة أبي هريرة أكثر من أنه كانت له زوجة اسمها «بسرة بنت غزوان»، ومن الولد ابنه المحرر وهو ممن رووا عنه الحديث النبوي، وعبد الرحمن بن أبي هريرة، وبلال بن أبي هريرة؛ وابنة كانت زوجة للتابعي سعيد بن المسيب. أما صفة أبي هريرة الشكلية، فقد كان أبو هريرة رجلاً آدم، بعيد ما بين المنكبين، أفرق الثنيتين، ذا ضفيرتين، يميل إلى المُزاح، فقد رُوي أنه كان يرى الصبية يلعبون في الليل لعبة الغراب، فيتسلل بينهم، وهم لا يشعرون، حتى يلقي بنفسه بينهم، ويضرب برجليه الأرض، يريد بذلك أن يضحكهم، فيفزع الصبيان منه، ويفرون ههنا وههنا، يتضاحكون.

روايته للحديث النبوي
لزم أبو هريرة النبي محمد منذ أن أسلم سنة 7 هـ، وساعدته سعة حفظه على استيعاب عدد كبير من الأحاديث النبوية ذكر الذهبي في ترجمته لأبي هريرة في كتابه «سير أعلام النبلاء» أن أحاديث أبي هريرة بلغت في مسند بقي بن مخلد 5374 حديث، اتفق البخاري ومسلم على 326 حديث منها، وانفرد البخاري بـ 93 حديثًا، ومسلم بـ 98 حديثًا، كما أحصى له المحقق شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد 3870 حديثًا. وقد جمع أبو إسحاق إبراهيم بن حرب العسكري في القرن الثالث الهجري مسند أبي هريرة، وتوجد نسخة منه محفوظة في مكتبة كوبريللي بتركيا، كما جمع الطبراني مُسندًا لأبي هريرة في مصنف.

لذا، فقد التف حوله الكثيرون ممن طلبة الحديث النبي قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا 800 رجل وامرأة رووا عن أبي هريرة. وقد شهد لأبي هريرة معاصروه بأوّليته في سعة الحفظ، بينما ذكر أبو هريرة أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان أحفظ منه، نظرًا لتدوين عبد الله لما كان يحفظه من أحاديث، بينما لم يكن أبو هريرة يكتب. كما حفظ أبو هريرة القرآن، وقرأه على أبي بن كعب، وقد أخذ عنه الأعرج. وقد اختبر مروان بن الحكم حفظ أبي هريرة، ومروان يومئذ واليًا على المدينة، بأن دعا أبا هريرة، وسأله أن يُحدّثه، وأمر مروان كاتبه أن يجلس خلف ستار يكتب ما يسمعه. فجعل أبو هريرة يُحدّث مروان. ثم أرسل مروان بعد فترة يسأل أبي هريرة أن يُحدّثه، وأمر كاتبه بأن يقارن بما كتبه، فما وجده غيّر حرفًا عن حرف، عندئذ قال له مروان: «تعلم أنا قد كتبنا حديثك أجمع؟»، فقال أبو هريرة: «وقد فعلت؟»، قال: «نعم»، قال: «فاقرأه علي»، فقرأه. فقال أبو هريرة: «أما إنكم قد حفظتم، وإن تطعني تمحه»، فمحاه مروان، وقال أبو هريرة: «ارو كما روينا».
محمد عجاج الخطيب - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ أبو هريرة راوية الإسلام ❝ ❞ السنة قبل التدوين ❝ ❞ لمحات في المكتبة والبحث والمصادر ❝ ❞ سلسلة أعلام العرب ( ابو هريرة راوية الاسلام) ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ مكتبة وهبة ❝ ❞ وزارة الثقافة المصرية ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
سلسلة أعلام العرب ( ابو هريرة راوية الاسلام)

2017م - 1445هـ

أبو هُرَيْرَة عبد الرحمن بن صخر الدوسي (21 ق هـ/ 602 م - 59 هـ/679م،) صحابي محدث وفقيه وحافظ أسلم سنة 7 هـ، ولزم النبي محمداً، وحفظ الحديث عنه، حتى أصبح أكثر الصحابة روايةً وحفظًا للحديث النبوي. لسعة حفظ أبي هريرة، التفّ حوله العديد من الصحابة والتابعين من طلبة الحديث النبوي الذين قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا الثمانمائة ممن رووا عن أبي هريرة.

كما يعد أبو هريرة واحدًا من أعلام قُرّاء الحجاز، حيث تلقّى القرآن عن النبي محمد، وعرضه على أبي بن كعب، وأخذ عنه عبد الرحمن بن هرمز. تولى أبو هريرة ولاية البحرين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كمل تولى إمارة المدينة من سنة 40 هـ حتى سنة 41 هـ. وبعدها لزم المدينة المنورة يُعلّم الناس الحديث النبوي، ويُفتيهم في أمور دينهم، حتى وفاته سنة 59 هـ.


كان أبو هريرة -رضي الله عنه- من علماء الحديث النبوي ومن أهل الفتوى، حيث بلغت عدد الأحاديث التي رواها عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أكثر من خمسة آلافٍ وثلاث مئة حديثٍ نبويٍ، منها ما رواها مباشرةً عن النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها ما رواها عن كبار الصحابة، مثل: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهم، ومن شدّة حرصه على العلم أثنى عليه النبي عليه السلام، وأثنى عليه أيضاً كبار الصحابة.

حياته
المسجد النبوي لزمه أبو هريرة منذ هاجر إلى المدينة المنورة لمصاحبة النبي محمد.
نشأ أبو هريرة في مساكن قبيلته «دوس» الأزديّة بأرض اليمن يتيمًا، ولما بلغته دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي إلى الإسلام أجاب الدعوة، وأسلم،

ثم هاجر في أول سنة 7 هـ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة مع نفر من قومه من قبيلة دوس اليمانية، إلى المدينة المنورة وقت غزوة خيبر، ولكن اختُلف أأدرك القتال وشارك فيه، أم بلغ المدينة بعدما فرغوا من القتال،، قال ابن عبد البر: «أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم».

خدمة أبي هريرة للنبي محمد وأهل بيته
ومن وقت وصول أبي هريرة إلى المدينة، لزم المسجد النبوي في أهل الصفة الذين لم يكن لهم مأوى ولا أهل، ورد أنه أمضى أربع سنين في معيّة النبي محمد، وورد أنهم ثلاث، انقطع فيها عن الدنيا ليلازم النبي محمد، عاش فيها حياة المساكين، يدور معه في بيوت نسائه ويخدمه ويغزو معه ويحجّ، فشهد معه فتح مكة، وأصبح أعلم الناس بحديثه، فكان السابقون من الصحابة كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير يسألونه عن الحديث، لمعرفتهم ملازمة أبي هريرة للنبي محمد، فتمكّن أبو هريرة في تلك الفترة من استيعاب قدر كبير من أحاديث النبي محمد وأفعاله، ساعده على ذلك قُدرته الكبيرة على الحفظ. امتاز أبو هريرة في تلك الفترة بالجراءة على سؤال النبي محمد عن أشياء لا يسأله عنها غيره، وقد أوكل النبي محمد له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان، كما بعثه النبي محمد مؤذّنًا مع العلاء بن الحضرمي حين بعث النبي محمد العلاء واليًا على البحرين.

في عهد الخلفاء الراشدين
وبعد وفاة النبي محمد، شارك أبو هريرة في عهد أبي بكر الصديق في حروب الردة، كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد عمر بن الخطاب، ثم استعمله عمر واليًا على البحرين، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف، فاتهمه عمر في تلك الأموال، فأنكر أبو هريرة اغتصابه لتلك الأموال، وقال له بأنها نتاج خيله، ومن تجارته في الغلال، وما تجمّع له من أُعطيات. فتقصّى عُمر الأمر، فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة. أراد عُمر بعدئذ أنه يُعيد أبي هريرة إلى ولايته على البحرين، فأبى أبو هريرة، وامتنع. بعد ولايته تلك، أقام أبو هريرة في المدينة المنورة يُحدّث طلاب الحديث، ويُفتي الناس في أمور دينهم، فقد روى زياد بن مينا أنه: «كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وجابر مع أشباه لهم، يُفتون بالمدينة، ويُحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا»، كذلك قال ابن حزم في كتاب «الإحكام في أصول الأحكام»: «المتوسطون فيما روي عنهم من الفتاوى عثمان، أبو هريرة، عبد الله بن عمرو بن العاص، أم سلمة، أنس، أبو سعيد، أبو موسى، عبد الله بن الزبير، سعد بن أبي وقاص، سلمان، جابر، معاذ، أبو بكر الصديق».

لم يكن أبو هريرة بمعزل عما يدور حوله من أحداث، فقد شارك أبو هريرة في مناصرة المدافعين عن عثمان بن عفان يوم الدار، وهو ما حفظه الأمويون لأبي هريرة. ورغم حُسن علاقته بالأمويين، إلا أنه عنّف مروان بن الحكم ولم يكن وقتها واليًا على المدينة المنورة لممانعته دفن الحسن بن علي بن أبي طالب مع جده النبي محمد، حيث قال له أبو هريرة: «تدخل فيما لا يعنيك ولكنك تريد رضا الغائب»، يعني أبو هريرة بذلك معاوية.

وفاته
مقبرة البقيع حيث دُفن أبو هريرة.
تعددت الروايات في تاريخ وفاة أبي هريرة، فقال هشام بن عروة أن أبا هريرة وعائشة توفيا سنة 57 هـ، وأيّد هذا التاريخ علي بن المديني ويحيى بن بكير وخليفة بن خياط، بينما قال الهيثم بن عدي بأنه توفي سنة 58 هـ، فيما قال الواقدي وأبو عبيد وأبو عمر الضرير أنه مات سنة 59 هـ، وزاد الواقدي أن عمره يومها كان 78 سنة، وأن أبا هريرة هو من صلى على عائشة في رمضان سنة 58 هـ، وعلى أم سلمة في شوال سنة 59 هـ، ثم توفي بعد ذلك في نفس السنة. كانت وفاة أبي هريرة في وادي العقيق، وحمل بعدها إلى المدينة، حيث صلى عليه الوليد بن عتبة أمير المدينة المنورة وقتئذ بعد صلاة العصر، وشيعه عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري، ودُفن بالبقيع. وقد أوصى أبو هريرة حين حضره الموت، فقال: «إذا مت فلا تنوحوا عليّ، لا تضربوا عليّ فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي». كما كانت له قبل وفاته دارًا في ذي الحليفة، تصدق بها على مواليه. وقد كتب الوليد بن عتبه إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان يُنبأه بموت أبي هريرة، فكتب معاوية إليه يأمره بأن يحصي ورثة أبي هريرة، وأن يمنحهم عشرة آلاف درهم، وأن يُحسن جوارهم.

لم يرد ذكر لأسرة أبي هريرة أكثر من أنه كانت له زوجة اسمها «بسرة بنت غزوان»، ومن الولد ابنه المحرر وهو ممن رووا عنه الحديث النبوي، وعبد الرحمن بن أبي هريرة، وبلال بن أبي هريرة؛ وابنة كانت زوجة للتابعي سعيد بن المسيب. أما صفة أبي هريرة الشكلية، فقد كان أبو هريرة رجلاً آدم، بعيد ما بين المنكبين، أفرق الثنيتين، ذا ضفيرتين، يميل إلى المُزاح، فقد رُوي أنه كان يرى الصبية يلعبون في الليل لعبة الغراب، فيتسلل بينهم، وهم لا يشعرون، حتى يلقي بنفسه بينهم، ويضرب برجليه الأرض، يريد بذلك أن يضحكهم، فيفزع الصبيان منه، ويفرون ههنا وههنا، يتضاحكون.

روايته للحديث النبوي
لزم أبو هريرة النبي محمد منذ أن أسلم سنة 7 هـ، وساعدته سعة حفظه على استيعاب عدد كبير من الأحاديث النبوية ذكر الذهبي في ترجمته لأبي هريرة في كتابه «سير أعلام النبلاء» أن أحاديث أبي هريرة بلغت في مسند بقي بن مخلد 5374 حديث، اتفق البخاري ومسلم على 326 حديث منها، وانفرد البخاري بـ 93 حديثًا، ومسلم بـ 98 حديثًا، كما أحصى له المحقق شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد 3870 حديثًا. وقد جمع أبو إسحاق إبراهيم بن حرب العسكري في القرن الثالث الهجري مسند أبي هريرة، وتوجد نسخة منه محفوظة في مكتبة كوبريللي بتركيا، كما جمع الطبراني مُسندًا لأبي هريرة في مصنف.

لذا، فقد التف حوله الكثيرون ممن طلبة الحديث النبي قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا 800 رجل وامرأة رووا عن أبي هريرة. وقد شهد لأبي هريرة معاصروه بأوّليته في سعة الحفظ، بينما ذكر أبو هريرة أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان أحفظ منه، نظرًا لتدوين عبد الله لما كان يحفظه من أحاديث، بينما لم يكن أبو هريرة يكتب. كما حفظ أبو هريرة القرآن، وقرأه على أبي بن كعب، وقد أخذ عنه الأعرج. وقد اختبر مروان بن الحكم حفظ أبي هريرة، ومروان يومئذ واليًا على المدينة، بأن دعا أبا هريرة، وسأله أن يُحدّثه، وأمر مروان كاتبه أن يجلس خلف ستار يكتب ما يسمعه. فجعل أبو هريرة يُحدّث مروان. ثم أرسل مروان بعد فترة يسأل أبي هريرة أن يُحدّثه، وأمر كاتبه بأن يقارن بما كتبه، فما وجده غيّر حرفًا عن حرف، عندئذ قال له مروان: «تعلم أنا قد كتبنا حديثك أجمع؟»، فقال أبو هريرة: «وقد فعلت؟»، قال: «نعم»، قال: «فاقرأه علي»، فقرأه. فقال أبو هريرة: «أما إنكم قد حفظتم، وإن تطعني تمحه»، فمحاه مروان، وقال أبو هريرة: «ارو كما روينا».

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

نبذة عن الكتاب :

أبو هريرة راوية الإسلام 

اختلف المؤرّخون في اسم أبي هريرة، فقيل: عبد الرحمن بن صخر، وقيل: عبد شمس، وقيل: عبد عمرو، وقيل: إنّ اسمه كان عبد شمس قبل الإسلام وعبد الله بعد الإسلام، إلّا أنّ المتفق عليه أنّه أبو هريرة الدوسي الأزدي اليمامي، من دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران، والمشهور في اسمه أنّه عبد الرحمن بن صخر الدوسي، ويكنّى بأبي هريرة؛ بسبب هرةٍ كان يعتني بها،[١] كما أطلق على أبي هريرة راوية الإسلام، وكان إسلامه قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، على يد الطفيل بن عمرو الدوسي، ومن أوصافه الخُلقية التي عُرف بها: اللطف والرقة واللين والوقار والحُلم والكرم والجود، ومن أوصافه الخَلقية عُرْض المنكبين، وبياض لونه، وكان يخضب شعر لحيته، كما عُرف أيضاً بشدّة حبه للنبي عليه الصلاة والسلام، وشدّة خوفه عليه، وكان حريصاً على خدمته والقيام بأموره وشؤونه،


علم أبي هريرة 


كان أبو هريرة -رضي الله عنه- من علماء الحديث النبوي ومن أهل الفتوى، حيث بلغت عدد الأحاديث التي رواها عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أكثر من خمسة آلافٍ وثلاث مئة حديثٍ نبويٍ، منها ما رواها مباشرةً عن النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها ما رواها عن كبار الصحابة، مثل: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهم، ومن شدّة حرصه على العلم أثنى عليه النبي عليه السلام، وأثنى عليه أيضاً كبار الصحابة.

 وفاة أبي هريرة 


توفي أبو هريرة -رضي الله عنه- في السنة السابعة والخمسين من الهجرة النبوية على الراجح من أقوال العلماء، وقيل في السنة الثامنة والخمسين، وقيل في التاسعة والخمسين، وكان له من العمر حين توفي ثمانٌ وسبعون سنةً.


عمليات بحث متعلقة بـ أبو هريرة راوية الإسلام

متى توفي أبو هريرة

أبو هريرة

صفات أبي هريرة

اسم أبو هريرة رضي الله عنه

قصة إسلام أبو هريرة

سبب تسمية أبو هريرة

أبو هريرة ومعاوية

أبو هريرة سير أعلام النبلاء

أبو هريرة راوية الإسلام

الجرح والتعديل



سنة النشر : 2017م / 1438هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 5.1 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة سلسلة أعلام العرب ( ابو هريرة راوية الاسلام)

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل سلسلة أعلام العرب ( ابو هريرة راوية الاسلام)
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
محمد عجاج الخطيب -

كتب محمد عجاج الخطيب ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ أبو هريرة راوية الإسلام ❝ ❞ السنة قبل التدوين ❝ ❞ لمحات في المكتبة والبحث والمصادر ❝ ❞ سلسلة أعلام العرب ( ابو هريرة راوية الاسلام) ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ مكتبة وهبة ❝ ❞ وزارة الثقافة المصرية ❝ ❱. المزيد..

كتب محمد عجاج الخطيب
الناشر:
وزارة الثقافة المصرية
كتب وزارة الثقافة المصرية ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ دعما للديمقراطية العربية: لماذا وكيف تقرير فريق عمل مستقل ❝ ❞ أحمد زكي الملقب بشيخ العروبة حياته آراؤه آثاره ❝ ❞ تطور الموسيقى والطرب في مصر الحديثة عبد المنعم إبراهيم الجميعى ❝ ❞ سلسلة أعلام العرب ( احمد بن طولون ) ❝ ❞ سلسلة أعلام العرب ( قاسم امين ) ❝ ❞ نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان الجزء الرابع ❝ ❞ نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان الجزء الثالث ❝ ❞ نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان الجزء الاول ❝ ❞ سلسلة أعلام العرب (حسان بن ثابت شاعر الرسول) ❝ ❞ نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان الجزء الثاني ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ سعيد عبد الفتاح عاشور ❝ ❞ أنور الجندي ❝ ❞ زكريا ابراهيم ❝ ❞ عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ ❝ ❞ د. على حسنى الخربوطلى ❝ ❞ حسن أحمد محمود ❝ ❞ سيدة اسماعيل كاشف ❝ ❞ محمد عجاج الخطيب ❝ ❞ أحمد الشرباصي ❝ ❞ د. بدوى طبانة ❝ ❞ د. حسين فوزى النجار ❝ ❞ كاتب غير معروف ❝ ❞ محمود رزق سليم ❝ ❞ إبراهيم أحمد العدوى ❝ ❞ محمد عبد العزيز مرزوق ❝ ❞ محمد عبدالغني حسن هلال ❝ ❞ ماهر حسن فهمي ❝ ❞ محمد مصطفى حلمي ❝ ❞ مقدم . محمد فرج ❝ ❞ احمد كمال زكي ❝ ❞ علي بن داود الصيرفي ❝ ❞ مادلين أولبرايت ❝ ❞ أحمد فؤاد الأهواني ❝ ❞ فوقية حسين محمود ❝ ❞ عبد القادر أحمد طليمات ❝ ❞ محمود احمد الحفني ❝ ❞ يوسف عز الدين عيسى ❝ ❞ عبد الحميد سند الجندي ❝ ❞ عبدالرؤوف مخلوف ❝ ❞ محمد جابر عبد العال الحيني ❝ ❞ Ahmad Muhammad El howfy_أحمد محمد الحوفي ❝ ❞ سيد حنفي حسنين ❝ ❞ محمود غنيم ❝ ❞ عبد اللطيف حمزة ❝ ❞ محمود الهجرسي ❝ ❞ حسن فتحي ❝ ❱.المزيد.. كتب وزارة الثقافة المصرية