📘 قراءة كتاب التغييرات الاجتماعية في عهد محمد علي أونلاين
نبذة عن الكتاب :
يدخل كتاب التغييرات الاجتماعية في عهد محمد علي في بؤرة اهتمام الباحثين والأساتذة المنشغلين بالدراسات والبحوث التاريخية؛ حيث يقع كتاب التغييرات الاجتماعية في عهد محمد علي ضمن نطاق تخصص علوم التاريخ والفروع قريبة الصلة من الجغرافيا والآثار والتاريخ الاجتماعي وغيرها من التخصصات الاجتماعية.
تطورت حالة مصر الاجتماعية تطورا بعيد المدى في عصر محمدعلي، فتكونت هيئة اجتماعية تختلف كثيرا عما كانت عليه من قبل.[1]
عدد السكان
كان سكان مصر في اواخر القرن الثامن عشر يبلغون ثلاثة ملايين نسمة، واذا احذنا باحصاء الميسو مانجان عن سنة 1823 فان عددهم كان تلك السنة 2.514.400 نسمة وهذا النقص في العدد له اسباب معقولة، فان سكان مصر قد نقصوا في عهد الحملة الفرنسية والسنوات التي اعقبتها، وفي اوائل حكم محمد علي، لكثر الفتن والثورات والحروب التي افنت عددا كبيرا من السكان وانقصت النسل، على ان الاحصاء الذي عمل سنة 1845 دل على زيادة عدد السكان الى 4.476.440 نسمة، فلنتكلم عن طبقاتهم وحالتهم الاجتماعية في ذلك العصر.
طبقات المجتمع
اسلفنا الكلام في الجزء الاول من "تاريخ الحركة القومية وبالطبعة الاولى" ص 48 عن حالة مصر الاجتماعية في اواخر القرن الثامن عشر، وبينا ان سكان مصر في ذلك العصر كانوا فئتين: فريق الحكام ، وفريق المحكومين، فالحكام هم فئة المماليك الذين استبدو بحكم البلاد السنين الطوال، والمحكومون هم الشعب المصري بطبقات الاربع التي فصلنا الكلام عنها وهم طبقة العلماء، طبقة الملاك والتجار، وطبقة المزارعين وطبقة الصناع.
الهيئة الحاكمة
تبدلت طبقات المجتمع في عصر محمد علي، فبادت فئة المماليك، ولم يعدل هم حول ولا قوة، بل لم يعد لمعظمهم وجود، وآل الحكم الى محمد علي باشا واسرته، ولا يغيب عن البال ان محمد علي اصبح بولايته الحكم بارادة زعماء الشعب جزءا من الهيئة الاجتماعية المصرية، وانه قد تمصر واستعرب، فاسس دولة مصرية، وجيشا مصريا، واسطولا مصريا، وثقافة مصرية عربية، واندمجت شخصيته في شخصية مصر، فاصبح مصريا حكما وسياسة وعملا. وزاد في هذا الاندماج انه رهن مصريه ومصير اسرته بمركز مصر ومستقبلها، واتخذ مصر موطنا له كما اتخذ نابليون الكورسيكي الاصل الايطالي الجنسية فرنسا موطنا له، ورضيت هي به عاملا لها وموضع فخرها.
ومما اكد ارتباط محمد علي بمصر واندماجه فيها اعلانه الحرب على تركيا ومناصبته اياها العداء، وحروبه المتواصلة عليها، فقد جعلت هذه الحروب لمصر وحاكمها شخصية منفصلة عن السلطنة العثمانية، واستمد محمد علي قوته من الجيوش المصرية، ونال انتصاراته الحربية باسم مصر، ولحساب مصر وعظمتها، وانقطعت الصلات القديمة التي كانت تجعل ولي الامر في مصر نائبا عن سلطان تركيا، بل انقطعت الروابط بين مصر وتركيا، وصار لمصر شخصية مستقلة اظهرها محمد علي باشا، فالمماليك بحكم ابتياعهم اصلا من اسواق الرقيق واعتمادهم على هذا المصدر في تاليف بطانتهم واشياعهم وجنودهم، كانوا يستمدون كيانهم وقوتهم من مصدر خارجي، فهم ابدا يعدون انفسهم عنصرا منفصلا عن البلاد، وهم لذلك ولقلة تناسلهم لم يندمجوا في الهيئة الاجتماعية المصرية، ولا كان لهم بها صلة ما، اما محمد علي والاسرة المحمدية العلوية فقد استمدوا قوتهم ومجدهم من قوة الامة المصرية، ولعلك تذكر في كلامنا عن الجيش المصري النظامي ان محمد علي لم يستطع تاليفه من العناصر غير المصرية ، كالأرناءود والترك والدلاة وغيرهم لما فطروا عليه من التمرد والعصيان، وانه لم يوفق لانشائه الا من صميم المصريين، فالقوة الحربية التي شاد عليها محمد علي ملكه، والتي هي عماد الدول والممالك، كانت مادتها مصرية، وعنصرها مصري، وهذه الاعتبارات قد قضت على ما في نفس محمد علي من العواطف القديمة نحو تركيا ومقدونيا، وزادته اندماجا في مصر.
وهذه الحقيقة تنطبق كذلك على اعوانه ممن كانوا في الاصل من اصل غير مصري، فكثير منهم كانوا من سلالة تركية او مقدونية، ولكن الحروب التي اشتركوا فيها تحت لواء محمد علي وابراهيم قد فصلتهم عن موطنهم الاصلي وادمجتهم في مجموعة الشعب المصري، فصارت مصر وطنا خالدا لهم ولاسراتهم وذراريهم، حاربوا من اجلها، وبذلوا جهودهم وارواحهم ودماءهم في سبيل رفعتها ومجدها، وهؤلاء قد اندمجوا في الشعب وصاروا جزءا من الهيئة الاجتماعية المصرية الجديدة ولا غربة في ذلك فان من مميزات مصر انها تدمج في كيانها العناصر والقوميات التي تتصل بها برابطة الفتح او التوطن، وتصبغها على الزمن بصبغة القومية المصرية، ولقد عبر ابراهيم باشا عن هذا العشور بحديثه الذي نقلناه عنه (ص 247 وبالطبعة السابقة) وذكر البارون بوالكونت، حديثا اخر لمصطفى مختار بك ياور ابراهيم باشا وملازمه في حروب سورية والاناضول (ووزير المعارف العمومية في عهد محمد علي) قال فيه: "اننا وان كنا في الغالب مولودين في تركيا لكن قد اكتسبنا الجنسية المصرية بحكم التوطن، وانتم معشر الفرنسيين تعترفون بالجنسية الفرنسية لم يقيم بفرنسا عشر سنوات، اما نحن فقد جئنا مصر قبل انت نتجاوز الصبا، فلسنا الان اتراكا، ولم يتبق فينا ما يربطنا بهذا العشب الذي لا يترك في طريقا اينما سار سوى دلائل الخراب، ولقد اندمجنا في امة اخرى ارقى وانبل واذكى من الامة التركية، اندمجنا في تلك الامة العربية التي سبقت اوروبا الى الحضارة وازدانت ايام عزها وسؤددها بذلك العمران الذي يتجلى للنظارين في المدن الزاهرة التي انشاتها والعمائر الجميلة التي اقامتها".
فاول عمل سياسي واجتماعي لمحمد علي انه ادمج شخصية اسرته في كيان مصر وقوميتها، وكذلك نحا نحوه اعوانه في الحكم ممن كانوا في الاصل من عصر غير مصري، وهنا يبدو لك جانب من عبقرية محمد علي، فلقد كان في بداءة حكمه لا يعدوا ان يكون واليا من ولاة السلطنة العثمانية، فلو انه حذا حذوهم وكان على شاكلتهم لتعصب للجنسية التركية وعمل على تتريك المصريين كما عمل ولاة السلطنة العثمانية اذ كانوا دائبين على تتريك العناصر العربية، فيحاربون اللغة العربية، والقومية العربية، ويثيرون في هذا السبيل الفتن والثورات في مختلف الانحاء، ويضعون القيوم والعقبات امام تقدم الشعب، لكن محمد علي باشا عمل على نقيض تلك السياسة فاحيا القومية المصرية واندمج فيها واقتادها الى الامام، واسس دولة مصرية،وعرشا مصريا، وملكا مصريا.
سنة النشر : 1989م / 1409هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 11.5 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'