❞ كتاب اللباب في تهذيب الأنساب الجزء الثاني ❝ ⏤ ابن الأثير
لقد نتساءل اليوم : ما هي الفائدة من كتب الانساب ؟!
وهل كان لها دور في التاريخ ادته و انتهت ؟!
اما انا فما زلت اعتقد بفائدتها واومن بجدواها و اتمنى لو نشرت على نطاق واسع جدا ليعتبر العرب المعاصرون بما ال اليه امر دولهم الغابرة حين امتدت اليها يد ابليس بالعصبية الجاهلية ففرقتهم الى شيع و احزاب كل يفاخر بنسبه و يعتز باجداده و يقاتل اخوانه دونه.
واما العلم الصرف فيستفيذ منها فائدة جلى ، يعرف بها المستوى العقلي و العلمي و الخلقي الذي وصل اليه المؤلفون و الناس الذين عاصروهم ، و يقيس ذلك بالمستوى العالمي ، و يتتبع التطور الذي مشته من عهد ابن الكلبي و ابن اسحاق حتى العصر الحاضر .
و لقد تطور اسلوب التاليف في الانساب تطورا و ليدا و لكنه و ثيق جدا و بين الخطوات بدا من رفع اسماء الاشخاص الى ابائهم حتى ادم وضم الاسر الى افخاذ و الافخاذ في بطون و البطون في قبائل و عشائر و شعوب وجعلها جذمين رئيسيين كبيرين جدا هما قحطان جد العرب العاربة او المتعربة و عدنان جد العرب المستعربة و افنى ما قبلهم من العرب البائدة كطم و جديس و عاد و ثمود و عمليق وجرهم .
و اسكن القحطانيين جنوب الجزيرة و العدنانيين شمالها ثم هاجر بقبائلهم شمالا و جنوبا في الجاهلية و شرقا و غربا في الاسلام و خلط بعض فروعهم ببعض بالمصاهرة و بالجوار و احتفظ باصولهم بعد ذلك كله حتى عصرنا الحاضر .
ولما خرج العرب من صحرائهم وولجوا ابواب الحضارة كثر انتساب الناس الى الاماكن و البلاد و الصناعات و المذاهب و الصفات و العيوب فقيل زيد العراقي ، و عمرو المالكي ، وخالد الخياط ، و بدر الشافعي ، و سعيد الطويل ، و عامر الاعور ... الخ .
و تركز ذلك كله في كتاب السمعاني ( 506-562 هـ ) حتى اصبح مختصرا لتاريخ الاشخاص و التعريف بهم و لخصه ابن الاثير (555 – 630 هـ ) فاسماه اللباب في تهذيب الانساب ) و علق عليه تعليقا اجاد في اكثره و قصرت به الخطى في اقله و استدرك عليه كثيرا من النقص . ولما كان الكتاب مرتبا على الحروف الهجائية فقد صح ان نسميه (( معجم الاعلام )) و فيه كثير من المشهورين من غير العرب غير انه موجز شديد الايجاز لا يصح الاعتماد عليه الا في الاشارة الرمز فمن جيد تصحيحه ما جاء في تعليقه مثلا على مادة ( اليسرى ).
( قول السمعاني ان اليسرى من اهل الشام منسوب الى بصرى فبدل الصاد بالسين كالسراط و الصراط فهذا الفصل جميعه خطا في التنقل و النحو . اما النقل فانما ينسب الى قربة بسر بضم الباء الموحدة و سكون السين المهملة و بالراء وهي معروفة من بلاد حوران لا الى بصرى .
واما قوله ابدلوا الصاد سينا فهذا كلام يدل على انه يجوز ان تبدل الصاد سينا مع كل حرف و حينئذ يقال له :
يا ابا سالح !! و انما تبدل مع حروف معلومة ليس هذا موضع ذكرها . ثم يا ليت شعري ما يصنع بالياء ؟! و انما النسبة الى بصري بصروي ، و كان اهل الشام يقولون بصراوي فمن اين اخذ هذه النسبة ؟! ..)
و كذلك قوله في مادة ( بلقاوي و بلقائي ).
( هذا كلام السمعاني ... اما قوله : ان البلقاء مدينة الشراة بناحية الشام فليس كذلك و انما البلقاء اسم ولاية تشتمل على عدة كثيرة من القرى و مدينتها عمان ـ بالتشديد ـ ) و يقول في مادة (( تلمسان)).:
( ليس تلمسان من نواحي الشام و انما من افريقية بين بجاية و فاس ) .
و ينتقد السمعاني في مادة (( حواب )) فيقول :
(( ذكر السمعاني الحديث في كلاب حواب و القصة لم يذكر احدا ينسب اليه فلا ادري لاي معنى ذكره )؟! و مثل ذلك كثير جدا في اللباب مما يدل على دقة و فهم و ذوق .
غير انه ارتكب بعض الخطا وهو يصحح كما في تعليقه على مادة (( الدفتي )) بقوله :
( لا اعرف بالشام بلدا اسمه دفينة و لعله رفتية بالراء ). و لو استقصى لعرف ان دفنه مكان قرب انطاكية اشتهر زمن الرومان بما فيه من ملاعب و مسارح وملاه ما زالت اطلالها حتى عصرنا الحاضر شاهدة على امجاد ماضيها .
وقصر في وقوفه على بعض الخطا لم يصلحه كما في مادة ( سراقوس ) ذكر السمعاني انها مدينة بالشام ، و انما هي مدينة في اقصى الجنوب من ايطاليا اشتهرت منذ القديم بقصة اكتشاف قانون الكثافة . وقد احتلها العرب زمنا ، وهي اليوم مشهورة بمدرجها اليوناني و مغارة الصدى وحمام العالم ( ارخميدس ) الذي خرج منه عاريا وهو ينادي ( اوريكا اوريكا) أي وجدتها وجدتها ( يقصد الكثافة).
كما قصر في مادة بيورد و ابيورد و بلورد فلم يذكر الشاعر الفحل المحامي عن العروبة في ابان التحكم الشعوبي ، ابا المظفر الابيوردي المعادي و لم يشر الى كتابه الضخم في الانساب و لعله لم يطلع عليه مع ان الابيوردي توفي عام 507 هـ أي قبل ولادة ابن الاثير بنحو نصف قرن .
و في مادة (( ثقيف )) لم يذكر كلمة عن الحجاج على اشتهاره في التاريخ و عنى بالمحدثين و المفسرين و علماء الدين و الصوفية و اضرابهم اكثر من عنايته بالشعراء و الادباء و السياسيين .
و بقد صرح ابن الاثير في مقدمته بانه جعل من كتاب ابن كلبي مناره و هداه فلم يرجع في تعليقه على كتاب السمعاني الى سواه وكان لم يطلع على ما قيل فيه قبل الرجوع اليه ؟!.
و الكتب على عمومه مرجع جيد و مستند ممتاز تعلق به كل من جاء بعده و اتكا عليه اكثر من المؤلفين في هذا الفن وكان اخرهم الزركلي في (( قاموس الاعلام )) فقد جعله من مراجعه الوثيقة , و الزركلي دقيق الانتقاء فيما ياخد و فيما يترك .
و لعلك تتساءل الان عن ابن الاثير و عن السمعاني و تود لو عرفت عنهما شيئا بعد الحديث الطويل عن كتب الانساب و تاريخها و عنهما كذلك .
و لو كان في هذا المكان متسع لذكرنا لك الشيء الكثير الكثير ، اما و الامر كما رايت فلا تمض في قراءة الكتاب قيل الاطلاع على الوجيز الذي قدمه اين الاثير عن السمعاني بين يدي الكتاب و على التقديم الذي عرضه الناشر عن ابن الاثير منقولا عن ابن العماد . و تاكد من يعد ان كتاب اللباب هذا يغنيك عن كثير من المطولات .
ويعتبر كتاب اللباب في تهذيب الأنساب _عز الدين ابن الأثير من المراجع القيمة للباحثين في تخصص علوم الحديث الشريف على نحو خاص ومعظم الكتابات الفقهية والإسلامية بصفة عامة حيث يدخل كتاب اللباب في تهذيب الأنساب _عز الدين ابن الأثير في إطار مجال تخصص علم الحديث وله صلة بالمجالات الأخرى ولاسيما العلوم الفقهية والتفسير، ودراسات السيرة النبوية، والثقافة الإسلامية.
ووصف الكتاب هو كالتالي:
كتاب الأنساب للسمعاني كتاب في غاية الملاحة ونهاية الجودة والفصاحة اشتمل على مجمل الأنساب سواء كانت من القبائل والبطون أو الآباء والأجداد والمذاهب كالشافعي والحنفي، والأمكنة والصناعات والصفات والألقاب، لكنه جاء مطولا ومفصلا فقام ابن الأثير الجزري باختصاره وتهذيبه في هذا الكتاب مما يسهل على طالب العلم اقتناؤه والاطلاع عليه. وهذه طبعة مضبوطة ومحققة الأصول.
يمثل كتاب اللباب في تهذيب الأنساب أهمية خاصة لدى باحثي التراجم والأعلام؛ حيث يندرج كتاب اللباب في تهذيب الأنساب ضمن نطاق مؤلفات التراجم وما يرتبط بها من فروع الفكر الاجتماعي والثقافة.
ابن الأثير - عز الدين أبي الحسن الجزري الموصلي (555-630 هـ) المعروف بـابن الأثير الجزري، من أبرز المؤرخين المسلمين، عاصر دولة صلاح الدين الأيوبي، ورصد أحداثها ويعد كتابه الكامل في التاريخ مرجعا لتلك الفترة من التاريخ الإسلامي.
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الكامل في التاريخ: تاريخ ابن الأثير (ط. بيت الأفكار) ❝ ❞ البديع في علم العربية الجزء الأول ❝ ❞ المختار من الكامل فى التاريخ لابن الأثير (قصة صلاح الدين الأيوبى) ❝ ❞ البديع في علم العربية الجزء الثاني ❝ ❞ الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء الخامس ❝ ❞ الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء السادس ❝ ❞ الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء السابع ❝ ❞ الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء الثالث ❝ ❞ الكامل في التاريخ - تاريخ ابن الأثير- الجزء التاسع ❝ الناشرين : ❞ دار الكتاب العربي ❝ ❞ الأزهر الشريف ❝ ❞ دار صادر ❝ ❞ جامعة أم القرى ❝ ❞ بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع ❝ ❞ مكتبة الأسرة المصرية ❝ ❞ مطبعة-بريل- بمدينة ليدن ❝ ❞ مركز زايد للتراث والتاريخ ❝ ❞ مكتبة القدسي - القاهرة ❝ ❞ مكتبة المثنى - بغداد ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.