📘 قراءة رواية سوار الياسمين أونلاين
رواية سوار الياسمين: الفصل الأول:
تأملت تلك الحديقة الغناء، الشاسعة المساحة التي خلبت لبها وتسللت إلى داخلها بعض من مشاعر الراحة التي لم تعرفها منذ سنوات،
سارت خلف (سليمان) على ممر صغير معبد بالحصى يفضي إلى قصر رائع صُمم على الطراز الحديث.
عكست جدرانه البيضاء الملساء أشعة الشمس ليتألق كقطعة من اللؤلؤ، بينما اخترقت أشعة الشمس نوافذه العريضة بكثافة، تلك النوافذ الخشبية المطعمة بزجاج صافٍ لينهل القصر من أشعة الشمس كما يشاء،
على اليمين من القصر صُممت تكعيبة خشبية مظللة بالأشجار التي تتعانق في السماء صانعة ما يشبه القبة بحيث تؤمِّن لصاحبها العزلة،
استقرت تحتها عدة أرائك باللون العاجي توسطتها مائدة خشبية حملت مزهريةً نحاسيةً رائعة التصميم، حوت زهورًا طبيعيةً خلابةً توسطتهم زهرة ياسمين وقفت بينهم باعتزاز،
صعدت الدرجات الرخامية المؤدية إلى بهو القصر الواسع الذي عكس مزاج صاحبه وأبرز رغبته في العزلة،
تبعته إلى حجرة مكتب تتميز بالفخامة والذوق الرفيع، جلس خلف مكتبها الوحيد رجل يبدو في منتصف الثلاثينات من العمر، أسود الشعر عريض المنكبين ،
برزت عضلاته من تحت قميصه الأسود معلنةً بوضوح عن قوة صاحبها الذي انهمك في مراجعة بعض الأوراق أمامه قبل أن يرفع رأسه ببطء ليتأملها بعينين أبنوسيتين ذات نظراتٍ حادة،
تشعر أنها تنفذ إلى داخل النفوس لتهتك سترها وتسبر أغوارها،
وتفتح صندوقها الأسود مالم تسارع بتأمينها وبناء سياج حولها يحميها من اختراق تلك العينين اللتين استقرتا داخل عظام منحوتة التقاسيم بروعة بالغة،
يتوسطها أنف مستقيم يشرف على فك صارم، نبتت أسفله بعض الشعيرات في غفلة من صاحبها،
شعرت برجفة داخلها وصاحب القصر يتأملها بنظراتٍ متفحصة، كانت أمامه شابة في أواخر العشرينيات من عمرها، متوسطة الطول،
بيضاء البشرة مشربة بحمرة طبيعية، ذات عينين سوداوين واسعتين كعيون المها، تألقتا كليل مظلم،
ظللتهما أهداب طويلة كثيفة كحراس على جوهرتيها الغاليتين، أسبلت جفنيها في حياء حين رأته يتفحصها فتألقت أمام ناظريه بذلك الحياء الفطري،
ترتدي حجابًا أنيقًا يتناسب مع أناقة ثيابها وبساطتها التي دلت على ذوقٍ راق،
قال في بطء: أين كنتِ تعملين من قبل؟أجابته في حذر: لم أعمل من قبل؟سارع (سليمان) قائلًا: الست (ياسمين) كانت في كلية الهندسة.
نظرت للرجل مؤنبةً على إفشائه لهذا السر
بينما تراجع في مقعده وهو يقول في اهتمام: هل أنت مهندسة؟أومأت برأسها إيجابًا فتابع فى شك: ولمَ لم تعملي في مجال الهندسة أو في شركة على الأقل؟
أجابته في توتر: أنا لا أحب مجال الهندسة كثيرًا .. لقد دخلت الكلية إرضاءً لوالدي.قال في تهكم لاذع: وهل عملك كمدبرة منزل يُرضى والدك؟!!
احتقن وجهها وغامت الرؤية أمام عينيها وبعض قطرات الماء المالح تتجمع داخل حدقتيها منذرةً بهطول الدموع،
إلا أنها سيطرت عليها بإرادة فولاذية وهي تلتقط نفسًا عميقًا بدد غصة حلقها لتنطلق الكلمات حادة قاطعة: أعتقد أنه مناسب الآن فأنا بحاجة إلى عمل يوفر لي المسكن أيضًا خاصة بعد وفاة والدي.
أطرق برأسه لحظات قبل أن يقول في خفوت: آسف.تطلعت في دهشة إلى ذلك الصارم الساخر وتلك الرقة المفاجئة التي ألجمتها، نهض من خلف مكتبه ليدور ويقف أمامها مباشرةً كان يناهز المترين طولًا عريض المنكبين مفتول العضلات،
اتكأ على حافة مكتبه في تراخ وهو يقول في جدية تناقضت مع وقفته: أنا لا أحب أن أستخدم الكثيرين في بيتي، مهام عملك ستعرفينها لاحقًا، لكن أهمها هو رعاية الحيوانات والاهتمام بها، والأهم هو ألا تسمحي لأى غريب بالولوج إلى المنزل في غيابي.
هتف (سليمان) في سرعة: الست (ياسمين) أمينة ومحترمة.رمقه بنظرة جانبية وهو يعود ليجلس خلف مكتبه منهيًا المقابلة في برود: يمكنك استلام العمل من الآن، اتركي بطاقتك الشخصية.كادت تسقط مغشيًّا عليها، أخذ القلق يعصف بجنبات نفسها،
حارت في البحث عن جواب قبل أن تأتيها النجدة على لسان (سليمان) الذي قال في سرعة: أنا سأحضرها لك سيدى. ثم أشار لها نحو الباب متابعًا: تفضلي يا ابنتي.تنفست الصعداء وهي تنظر بامتنان للعجوز قبل أن تسرع الخطى لتفر من المكان.
حدقت فيه بذهول وقد ظهر أمامها فجأة كأنما برز من العدم، نقلت بصرها بين ابتسامته الباردة وبين تلك الأصفاد الحديدية التي أغلقها على معصمها وهو يقول في لهجة آمرة: سيري معي بهدوء، فأنتِ تعلمين ما الذي يمكنني فعله؟
سنة النشر : 2020م / 1441هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 5.0 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'