📘 قراءة كتاب أثر علم الكلام الإسلامي على فلاسفة اليهود: الإلهيات أنموذجا أونلاين
اقتباسات من كتاب أثر علم الكلام الإسلامي على فلاسفة اليهود: الإلهيات أنموذجا
علم الكلام يعرف أيضا باسم علم التوحيد، وعلم أصول الدين، وعلم الفقه الأكبر، وعلم الإيمان، وعلم الأسماء والصفات، وعلم أصول السنة، أحد أبرز العلوم الإسلامية الذي يهتم بمبحث العقائد الإسلامية وإثبات صحتها والدفاع عنها بالأدلة العقلية والنقلية. إذ يُعَدُّ – إلى جانب علم أصول الفقه – انعكاساً لمنهج التفكير الإسلامي، وتجلياً من تجلياته العقلية.
فهو – في بعض مسمياته– علم النظر والاستدلال، وقد سمي بذلك لقيامه على القول بوجوب النظر العقلي عند كثير من المتكلمين، واشتغاله بآليات الاستدلال العقلية على المسائل الإيمانية.
وهو علم يعنى بمعرفة الله تعالى والإيمان به، ومعرفة ما يجب له وما يستحيل عليه وما يجوز، وسائر ما هو من أركان الإيمان الستة ويلحق بها، وهو أشرف العلوم وأكرمها على الله تعالى، لأن شرف العلم يتبع شرف المعلوم لكن بشرط أن لا يخرج عن مدلول الكتاب، والسنة الصحيحة، وإجماع العدول، وفهم العقول السليمة في حدود القواعد الشرعية، وقواعد اللغة العربية الأصيلة.
ويقوم علم الكلام على بحث ودراسة مسائل العقيدة الإسلامية بإيراد الأدلة وعرض الحجج على إثباتها، ومناقشة الأقوال والآراء المخالفة لها، وإثبات بطلانها، ودحض ونقد الشبهات التي تثار حولها، ودفعها بالحجة والبرهان. فمثلا إذا أردنا أن نستدل على ثبوت وجود خالق لهذا الكون، وثبوت أنه واحد لا شريك له، نرجع إلى هذا العلم، وعن طريقه نتعرف على الأدلة التي يوردها العلماء في هذا المجال.
وذلك أن هذا العلم هو الذي يعرفنا الأدلة والبراهين والحجج العلمية التي باستخدامها نستطيع أن نثبت أصول الدين الإسلامي، ونؤمن بها عن يقين. كما أنه هو الذي يعرفنا كيفية الاستدلال بها وكيفية إقامة البراهين الموصلة إلى نتائج يقينية.
وهكذا إذا أردنا أن نعرف وجوب نبوة النبي وصحتها، فإننا نعمد إلى أدلة هذا العلم التي يستدل بها في هذا المجال، وندرسها، ثم نقيم برهانا على ذلك. وأيضا إذا أردنا أن ننفي شبهة التجسيم عن الذات الإلهية، نرجع إلى هذا العلم، وعن طريقه نستطيع معرفة ما يقال من نقد لإبطالها. ولابد في الأدلة التي يستدل بها على إثبات أي أصل من أصول الدين، وأي مسألة من مسائل هذا العلم وقضاياه من أن تكون مفيدة لليقين.
فمثلا لو أقمنا الدليل على ثبوت المعاد (أي البعث بعد الموت) لابد في هذا الدليل من أن يؤدي إلى إثبات المعاد بشكل يدعونا إلى الاعتقاد الجازم والإيمان القاطع بثبوته، أي اليقين بمعاد الناس وببعثهم من القبور وحشرهم يوم القيامة، وعرضهم للحساب، ومن بعد مجازاتهم بالثواب أو العقاب.
موضوعات علم الكلام تتعلق بالأصول الدينية كالبحث في ذات الله وصفاته وأفعاله. وفي أحكام الشريعة من بعثة الرسل ونصب الأئمة والتكليف والثواب والعقاب. يتناولها بحسب ما وردت في الشريعة أمراً مقرراً لا مدخل فيه للشك، محاولاً أن يؤيدها بالأدلة العقلية حتى يكون الإيمان بها أشد وثوقاً وأكثر توكيداً لاجتماع النقل والعقل معاً، فضلاً عن أن الدليل العقلي هو السبيل إلى إثبات هذه الأصول على المخالفين من أصحاب الديانات المخالفة. وموضوع علم الكلام هو النظر أي الاستدلال بخلق الله تعالى لإثبات وجوده وصفاته الكمالية وبالنصوص الشرعية المستخرج منها البراهين.
وهو على قانون الإسلام لا على أصول الفلاسفة، لأن الفلاسفة لهم كلام في ذلك يعرف عندهم بالإلهيات؛ وعلماء التوحيد لا يتكلمون في حق الله وفي حق الملائكة وغير ذلك اعتماداً على مجرد النظر بالعقل، بل يتكلمون في ذلك من باب الاستشهاد بالعقل على صحة ما جاء عن الرسول؛ فالعقل عند علماء التوحيد شاهد للشرع ليس أصلاً للدين، وأما الفلاسفة فجعلوه أصلاً من غير التفات إلى ما جاء عن الأنبياء، فلا يتقيدون بالجمع بين النظر العقلي وبين ما جاء عن الأنبياء، على أن النظر العقلي السليم لا يخرج عمّا جاء به الشرع ولا يتناقض معه. قال أبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين ما نصه: "وأما الكلام فمقصوده حماية المعتقدات التي نقلها أهل السنة من السلف الصالح لا غير". قال وقال الحافظ ابن عساكر: "....يا خليل الله ما تقول في علم الكلام، فقال: يدفع به الشبه والأباطيل".
وموضوع علم الكلام هو كما يحدده الإيجي في كتابه المواقف: "المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية تعلقا قريبا أو بعيدا". يقول الشريف الجرجاني في شرحه: "وذلك لأن مسائل هذا العلم أما عقائد دينية كإثبات القِدَم والوحدة للصانع، وإثبات الحدوث وصحة الإعادة للأجسام، واما قضايا تتوقف عليها تلك العقائد كتركيب الأجسام من الجواهر الفردة، وجواز الخلاء وكانتفاء الحال، وعدم تمايز المعدومات المحتاج إليهما في اعتقاد كون صفاته تعالى متعددة وموجودة في ذاته...".
والدين يقوم على جملة من الأحكام، بعضها يتعلق بالأمور الاعتقادية، وبعضها يتعلق بالأمور العملية من عبادات ومعاملات، ولقد وضح ابن خلدون الأمور الاعتقادية بأنها الأمور التي كلفنا بتصديقها بقلوبنا واعتقادها في أنفسنا مع الإقرار بألسنتنا، وهي التي تقررت بقول النبي ﷺ حين سئل عن الإيمان فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره". وهذه هي العقائد الإيمانية المقررة في علم الكلام.
لقد كان لعلم الكلام الإسلامي أهمية كبيرة تجلّت في شرف غايته وموضوعاته، وعظيم منفعته، وقد كان لمدارسه المختلفة أثر كبير على العديد من فلاسفة اليهود الذين اتبعوا قواعده وأدواته عند تفسيرهم لنصوص التوراة، وتقريرهم لعقائد اليهودية من خلال نفي الجسمية والتشبيه عن الإله، وتأويل كلّ ما يوهم ذلك في نصوص مصادرهم، والاستدلال على الوحدانية، وغير ذلك.
وكان من أبرز المتأثرين من فلاسفة اليهود: سعديا الفيومي، وابن ميمون، وابن كمونة. فألّفوا كتبًا ساروا فيها على منهج علم الكلام الإسلامي، وقد صرّحوا بذلك مشيرين إلى أسماء علماء الكلام الإسلامي وكتبهم. فكان لذلك أثر إيجابي عليهم خاصّة عند محاولتهم تقديم مسائل الإلهيات في الفكر اليهودي بصورة مقبولة.
ومن أبرز المدارس الكلامية التي تأثر بها فلاسفة اليهود: المعتزلة، والأشاعرة.
سنة النشر : 2019م / 1440هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'