📘 قراءة كتاب أزمة الثقافة الإسلامية أونلاين
إن غلبة الجديد على القديم لا تتمّ فقد بحدّ السيف وإنما أيضاً بجاذبية الحضارة الجديدة، مادياً وفكرياً وروحياً. فإذا كان الغرب اليوم يُمثّل القيم الإنسانية-نظرياً على الأقل-وإذا كان هذا الغرب يعني العلم والفكر العميق والفن وكذلك التكنولوجيا، فالمسألةُ ليست كما قيل من قبلُ مسألة أخذ ما يصلح لنا، أو مسألة استرجاع قوتنا القديمة كما كانت زمن الخلافة، بل مسألة بقاء في الوجود التاريخي.
إن كل إشكالية الهوية والحداثة والتراث والقومية والإسلام السياسي لا قيمة لها من وجهة الفكر الصحيح. فهي مُنبئة عن عجز في طرح المشاكل وحسم الأمور في الواقع. وهذا مُعطى من التاريخ الحديث، أي من قرون من التأخر طال العالم الإسلامي كله منذ عام 1700 إلى حدود عام 1920 حيث برزت نهضةٌ في مجالات عديدة، إلاّ في مجال الثقافة العليا المبدعة..
فهذه الثقافة العُليا لم تعد إسلامية بالمعنى الدقيق، بل هي ماتت حوالى العام 1500 في رافديها الديني والدنيوي كليهما. ولم يكن هذا بفعل الغرب، ولكن بمفعول انحطاط الطموح الداخلي لهذه الثقافة الذي يجب البحث عن مصدره، ولم يحصل هذا بعد.
ولا يمكن أبداً للعرب والمسلمين أن يلجوا باب الحداثة والمشاركة في العالم المعاصر، إلاّ إذا كوّنوا لأنفسهم طموحاً عالياً في مجالات الفكر والمعرفة والعلم والفن والأدب، وقرّروا بصفة جدية الأخذ عن الغير، وما أبدعته الحداثة في كل هذه الميادين.
وبعد كتابه الصادر في بداية سنة 2000 تحت عنوان السيرة النبوية: جدلية الوحي والقرآن، الذي أثار الكثير من الجدل في صفوف المتابعين للدراسات الإسلامية وتاريخ الأفكار، مَشرقًا ومغربًا، وردَّ عليه بعضُهم وناقشه آخرون كثيرون، أطلَّ علينا المؤرِّخ التونسي هشام جعيط بكتاب جديد بعنوان أزمة الثقافة الإسلامية.¨
وإذا كان الكتاب مجموعة من الدراسات التي كتبها المؤلِّف في فترات ومراحل متباعدة امتدت، كما يقول، على عشرين سنة، فإن ذلك لم يحُلْ دون انتظامها حول مَحاور متقاربة موضوعيًّا، تتركز، في مجملها، حول دراسة "جدلية الدين والحداثة والثقافة والسياسة".
وقد اجتهد جعيط في مزيد من لَحْم هذه الدراسات عبر التصدير لها بمقدمة قيِّمة ومتينة نجحت، إلى حدٍّ كبير، في بلورة مشهد تاريخي وثقافي متميز لما وَرَدَ في هذه الدراسات. وقد صنَّف الكاتبُ هذه الدراسات تحت أربعة مَحاور أساسية.
تأملاً في تجربة الدولة الوطنية/القطرية – دولة ما بعد الاستقلال –، يرى الكاتب أن التحديثيين خاب ظنهم في القرن العشرين، سواء كانوا قادة دول (مصطفى كمال أتاتورك، رضا شاه، عبد الناصر، بورقيبة) أم مفكرين – خاب ظنهم في أنه يمكن التخلص من الإسلام بشطبة قلم، لأن هذا لا يكون من دون صراع وجدلية في الواقع المجتمعي والتاريخي.
ولا تخفى على المتمعِّن في الكتاب من بدايته منهجيةُ النقد المزدوج التي يتوسَّل بها الكاتب في تأمله في الفكر الإصلاحي والفكر الحداثي، اللذين يعيشان أزمة عميقة، تعكسها الحالة الثقافية البائسة التي يمرُّ بها اليوم عالمُنا العربي والإسلامي. يتساءل:
هل من الممكن، في جوِّنا الإسلامي اليوم، في هذا الجوِّ الصاخب الذي يدور في الفراغ، أن يبرز ابن عربي أو السهروردي أو ابن الفارض، أو في ميدان آخر، ابن خلدون أو ابن سينا؟
وبأسلوب يقسو فيه المؤلِّف على الذات، نقدًا وتشريحًا، يجيب:
نحن أقْدَر على المجابهة منَّا على الإبداع وعلى البحث عن السعادة والدعة. ومعنى السعادة عندنا رتيب، ويقف عند تماسك النسيج الاجتماعي والعائلي، عندما نخرج من الرتابة إلى التهور في التفاخر والاستهلاك.
سنة النشر : 2001م / 1422هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'