📘 قراءة كتاب الشرق الأوسط: إطلالة أنثروبولوجية أونلاين
باتت عبارة "الشرق الأوسط" ضمن قائمة المفردات الشائعة في أيامنا. وتشير إلى منطقة جغرافية ومجموعة من السِمات السياسية والدينية والأيديولوجية والثقافية والاجتماعية المرتبطة تلقائيًا بالصفة "الشرق الأوسط". بيد أنه تعبير غامض، غير واضح الدلالة وحمّال أوجه. ففي الشرق الأوسط، يمكن العثور على حقائق مختلفة، غالبًا ما تكون متباينة في ما بينها. وهذا يمنع الباحثين من اعتماد تعريف شامل.
في طبعة حديثة لكتابه عيون خشبية: عشر تأملات في المسافة، أشار كارلو غينسبورغ إلى أن عبارة "العالم كله بلد واحد" لا تعني أن جميع الأشياء متشابهة، بل إن كل فرد مشوش بشأن شيء ما وشخص ما. ومن منظور العلاقة بين الشرق والغرب، يتجلّى هذا الشعور بالتشوش وعدم اليقين في أشكال مختلفة: الفصل بين "نحن" و"هم"، أو الصراع بين التقليد والتحديث، أو عدم توافق مفترض في الأنظمة والقيم.
في خطاب من هذا النوع، ثمة خصائص تُعدّ أكثر "غربية" وأخرى أكثر "شرقية". فعلى سبيل المثال، تُربط عناصر، مثل اللغة العربية والدين الإسلامي والاستبدادية مباشرة بالشرق الأوسط. وإضافة إلى هذا الربط السطحي، ثمة مغالطات ومعتقدات عدة تُنسب إلى الشرق الأوسط، واسعة الانتشار في أوساط الرأي العام. ويمثل الإسلام هنا الحالة الأكثر رمزية، باعتباره أصبح معيارًا لفهم أحداث العنف، ورمزًا إلى فكرة متخلفة وصارمة عن الأسرة والمجتمع، وسبب عدم التوافق مع القيم "الحديثة"، كالديمقراطية أو الحقوق المدنية. وردًّا على هذا الاتجاه الشائع، يهدف كتاب أوغو فابييتي، الشرق الأوسط: إطلالة أنثروبولوجية، إلى تحليل المغالطات والتصنيفات الخاطئة المستمدّة من مفهوم الشرق الأوسط وتغييرها ودحضها. وغرض المؤلف الرئيس هو تقديم قراءة أنثروبولوجية "لمجموعة من السِمات الثقافية والاجتماعية للمجتمعات التي عاشت في الشرق الأوسط منذ آلاف السنين"، وتجنّب التعميم وإعطاء صورة تقريبية، والتركيز بدلًا من ذلك على السياق.
يخاطب الكتاب، الصادر باللغة الإيطالية، ويتألف من عشرة فصول، عموم الجمهور. ويحاول بناء وعي متماسك وتحفيز حوار مثمر بشأن التنوع الذي بات ضروريًا اليوم في المجتمعات الغربية خاصة. وباستخدامه لغة واضحة، يشجع فابييتي القرّاء على التفكير مليًّا في التصوّرات والقوالب النمطية والأسئلة المتعلقة بالشرق الأوسط: ماذا يعني الشرق الأوسط؟ هل هناك هوية شرق أوسطية؟ ما دور الإسلام؟ ومن خلال أمثلة شتّى، يُقدّم الكتاب إجاباتٍ قيمة عن هذه الأسئلة، ومن ثم، يتماشى مع التعقيد الفعلي لهذا الواقع.
هذا الكتاب يتحدث عن ثقافات تمتد "بين العلمانية من جانب، والأصولية الدينية التي غالبًا ما تُصاحبها مظاهر عنيفة من جانبٍ آخر"؛ بين "الرغبة في الديمقراطية من جهة، والاستبداد من جهة أخرى [...] بين الماضي والحاضر، بين التقليد والحداثة" (ص 11).
عنوان الكتاب في لغته: Medio Oriente. Uno sguardo antropologico.
* هذه المراجعة منشورة في العدد 35 (شتاء 2021) من مجلة "عمران" (الصفحات 215-221)وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.
سنة النشر : 2016م / 1437هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'