❞ كتاب شريعة الإسلام صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان ❝  ⏤ يوسف القرضاوي

❞ كتاب شريعة الإسلام صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان ❝ ⏤ يوسف القرضاوي

مقدمة

إن أصل هذا الكتاب بحث شاركت بإلقائه في «ندوة التشريع الإسلامي»، التي عُقِدت بمدينة البيضاء بالجمهورية العربية الليبية، في ربيع الأول 1392هـ. أيار «مايو» 1972م. بدعوة من الجامعة الليبية، وبإشراف كلية اللغة العربية، والدراسات الإسلامية.

وقد دُعي إلى هذه الندوة أكثر من ثلاثين عالمًا وباحثًا من كبار المشتغلين بفقه الشريعة الإسلامية لإلقاء طائفة من البحوث الفقهية المقارنة، حول عدد من الموضوعات الهامة، وذلك لمساعدة اللجان المشكلة لتعديل القوانين الوضعية الليبية بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وكان على رأس الموضوعات التي عالجتها الندوة «صلاحية الشريعة للتطبيق في كل زمان ومكان»، وبالتالي صلاحيتها للتطبيق في عصرنا الحديث.

وما كان يتصور أن تكون مثل هذه القضية موضع ريب أو جدال في أي بلد مسلم، فهذا من لوازم الإيمان، ومقتضى الإسلام {وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡ} (الأحزاب: 36)، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا} (النساء: 65) .

ولكن المسلمين في الأعصرة الأخيرة، ابتلوا بالاستعمار الكافر، الذي احتلّ ديارهم في غفلة من أهلها، فلم يدع دعامة من دعائم الحياة الإسلامية إلا زلزلها وزعزعها، أو وضع الألغام من تحتها، لعلها تنفجر يومًا ما، فتأتي عليها من القواعد. ولما حمل الاستعمار العسكري والسياسي عصاه ورحل، كان قد ترك وراءه آثاره و«بصماته» فى كل جنبات الحياة التشريعية والفكرية والخلقية والعملية.

وكان أخطر ما تركه الاستعمار وراءَه هو رواسب الغزو الفكري والثقافي، الذي عمل عمله في عقول الأجيال الناشئة من أبناء الأمة المسلمة، وبخاصة الذين لم يتح لهم أن يتثقفوا بالثقاقة الإسلامية؛ فقد غير هذا الغزو المخطط المدروس كثيرًا من المفاهيم الإسلامية الأصلية، وأحل محلها مفاهيم غربية دخيلة، وما لم يستطع تغييره من القيم والأفكار، أعمل فيه معول التشكيك والبلبلة، حتى تفقد الأمة ثقتها بذاتها وبدينها وبتراثها، وتصبح أُمَّة بلا أساس، ولا جذور، وبذلك يسهل على أعدائها تسييرها إلى حيث يريدون، فإن أبت حطموها بغير جهد كبير.

ومن الأفكار التي روّجوها بواسطة مبشريهم ومستشرقيهم وتلاميذهم وعبيد فلسفتهم وحضارتهم: أن الشريعة الإسلامية شريعة قديمة لا تصلح لهذا العصر، ولا تقدر على إيجاد حلول لمشكلات الحياة المتجددة، وأوضاعها المتطورة؛ لأنها شريعة وجدت منذ أربعة عشر قرنًا، في عصر غير هذا العصر، وبيئة غير هذه البيئة، وأقوام غير هؤلاء الأقوام، فلا يعقل أن تكون شريعة عصر الجمل! صالحة لعصر الطائرات والمراكب الفضائية، والعصر القمري، كما قالوا.

ومن الغريب أن بعض أبنائنا - عن غفلة وسذاجة - صدّقوا - أو كادوا - هذه الدعوى الكاذبة؛ لعدم تمتعهم بالثقافة الإسلامية التي تحصنهم من تأثير هذه الدعايات المسمومة؛ لهذا كانت الأمانة العامة لـ «ندوة التشريع الإسلامي» على حق، حين اقترحت أن يكون ضمن بحوثها - بل أولها - «بحث بعنوان الشريعة الإسلامية صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان»، ليكون بمثابة الأساس الفكري، والدعامة النظريةالأساسية لفكرة العودة إلى الشريعة المقدسة، وليكون ردا علميا على المشككين والشاكين في صلاحية الشريعة لعصرنا ولكل الأعصار. وإلي جواز ذلك رسم الطريق الذي يبين لنا كيف نعالج الأوضاع والمشكلات المتجددة في ضوء الشريعة الخالدة.

وقد رأى بعض الإخوة الغيورين أن في تعميم نشر هذا البحث نفعًا لكثير من المسلمين، وردا على كثير من أسئلة المستفسرين، وشبهات الشاكين والمشككين، ولم أجد بدا من الاستجابة لرغبة هؤلاء الإخوة، فعكفت على البحث أنقحه وأضيف إليه حتى خرج على هذه الصورة، التي أسأل الله تعالى أن ينفع بها.

وقد رأيت أن يشتمل هذا البحث على ثلاثة أقسام أو أبواب مرتبة كما يلي:

الأول: يتضمن شهادات وأدلة على صلاحية الشريعة للتطبيق في كل زمان ومكان. وفيه شهادة الوحي، وشهادة التاريخ، وشهادة الواقع.

الثانى: عن ضرورة الاجتهاد لمعالجة الأوضاع المتطورة، والمشكلات المتجددة، في ضوء الشريعة، وفيه نبين مرادنا بالاجتهاد هنا، وموقفنا من التراث الفقهي، ومن فهم النصوص، ومن المسائل الجديدة.

الثالث: عن شروط عملية يجب توافرها عند تطبيق الشريعة في مختلف النواحي القانونية، حتى تؤتي أكلها، وتسعد أهلها.

ولعلي بذلك أكون قد جليت بعض ما يجب تجليته في هذه القضية الهامة. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
يوسف القرضاوي - يوسف عبد الله القرضاوي (9 سبتمبر 1926): عالم مصري مسلم يحمل الجنسية القطرية، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سابقا. ولد في قرية صفط تراب مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر.


❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام ❝ ❞ الصبر في القرآن ❝ ❞ جيل النصر المنشود ❝ ❞ الإسلام والعلمانية وجها لوجه ❝ ❞ المنتقى من كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ❝ ❞ الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد ❝ ❞ دور الزكاة في علاج المشكلات الاقتصادية وشروط نجاحها ❝ ❞ ثقافتنا بين الانفتاح والانغلاق ❝ ❞ عوامل السعة والمرونة في الشريعة الإسلامية ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان ❝ ❞ دار القلم للنشر والتوزيع ❝ ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ❝ ❞ الأزهر الشريف ❝ ❞ دار الشروق ❝ ❞ مكتبة وهبة ❝ ❞ دار الصحوة للنشر ❝ ❞ مركز بحوث السنة والسيره -قطر ❝ ❞ مكتبة البنين ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
شريعة الإسلام صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان

1972م - 1446هـ
مقدمة

إن أصل هذا الكتاب بحث شاركت بإلقائه في «ندوة التشريع الإسلامي»، التي عُقِدت بمدينة البيضاء بالجمهورية العربية الليبية، في ربيع الأول 1392هـ. أيار «مايو» 1972م. بدعوة من الجامعة الليبية، وبإشراف كلية اللغة العربية، والدراسات الإسلامية.

وقد دُعي إلى هذه الندوة أكثر من ثلاثين عالمًا وباحثًا من كبار المشتغلين بفقه الشريعة الإسلامية لإلقاء طائفة من البحوث الفقهية المقارنة، حول عدد من الموضوعات الهامة، وذلك لمساعدة اللجان المشكلة لتعديل القوانين الوضعية الليبية بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وكان على رأس الموضوعات التي عالجتها الندوة «صلاحية الشريعة للتطبيق في كل زمان ومكان»، وبالتالي صلاحيتها للتطبيق في عصرنا الحديث.

وما كان يتصور أن تكون مثل هذه القضية موضع ريب أو جدال في أي بلد مسلم، فهذا من لوازم الإيمان، ومقتضى الإسلام {وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡ} (الأحزاب: 36)، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا} (النساء: 65) .

ولكن المسلمين في الأعصرة الأخيرة، ابتلوا بالاستعمار الكافر، الذي احتلّ ديارهم في غفلة من أهلها، فلم يدع دعامة من دعائم الحياة الإسلامية إلا زلزلها وزعزعها، أو وضع الألغام من تحتها، لعلها تنفجر يومًا ما، فتأتي عليها من القواعد. ولما حمل الاستعمار العسكري والسياسي عصاه ورحل، كان قد ترك وراءه آثاره و«بصماته» فى كل جنبات الحياة التشريعية والفكرية والخلقية والعملية.

وكان أخطر ما تركه الاستعمار وراءَه هو رواسب الغزو الفكري والثقافي، الذي عمل عمله في عقول الأجيال الناشئة من أبناء الأمة المسلمة، وبخاصة الذين لم يتح لهم أن يتثقفوا بالثقاقة الإسلامية؛ فقد غير هذا الغزو المخطط المدروس كثيرًا من المفاهيم الإسلامية الأصلية، وأحل محلها مفاهيم غربية دخيلة، وما لم يستطع تغييره من القيم والأفكار، أعمل فيه معول التشكيك والبلبلة، حتى تفقد الأمة ثقتها بذاتها وبدينها وبتراثها، وتصبح أُمَّة بلا أساس، ولا جذور، وبذلك يسهل على أعدائها تسييرها إلى حيث يريدون، فإن أبت حطموها بغير جهد كبير.

ومن الأفكار التي روّجوها بواسطة مبشريهم ومستشرقيهم وتلاميذهم وعبيد فلسفتهم وحضارتهم: أن الشريعة الإسلامية شريعة قديمة لا تصلح لهذا العصر، ولا تقدر على إيجاد حلول لمشكلات الحياة المتجددة، وأوضاعها المتطورة؛ لأنها شريعة وجدت منذ أربعة عشر قرنًا، في عصر غير هذا العصر، وبيئة غير هذه البيئة، وأقوام غير هؤلاء الأقوام، فلا يعقل أن تكون شريعة عصر الجمل! صالحة لعصر الطائرات والمراكب الفضائية، والعصر القمري، كما قالوا.

ومن الغريب أن بعض أبنائنا - عن غفلة وسذاجة - صدّقوا - أو كادوا - هذه الدعوى الكاذبة؛ لعدم تمتعهم بالثقافة الإسلامية التي تحصنهم من تأثير هذه الدعايات المسمومة؛ لهذا كانت الأمانة العامة لـ «ندوة التشريع الإسلامي» على حق، حين اقترحت أن يكون ضمن بحوثها - بل أولها - «بحث بعنوان الشريعة الإسلامية صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان»، ليكون بمثابة الأساس الفكري، والدعامة النظريةالأساسية لفكرة العودة إلى الشريعة المقدسة، وليكون ردا علميا على المشككين والشاكين في صلاحية الشريعة لعصرنا ولكل الأعصار. وإلي جواز ذلك رسم الطريق الذي يبين لنا كيف نعالج الأوضاع والمشكلات المتجددة في ضوء الشريعة الخالدة.

وقد رأى بعض الإخوة الغيورين أن في تعميم نشر هذا البحث نفعًا لكثير من المسلمين، وردا على كثير من أسئلة المستفسرين، وشبهات الشاكين والمشككين، ولم أجد بدا من الاستجابة لرغبة هؤلاء الإخوة، فعكفت على البحث أنقحه وأضيف إليه حتى خرج على هذه الصورة، التي أسأل الله تعالى أن ينفع بها.

وقد رأيت أن يشتمل هذا البحث على ثلاثة أقسام أو أبواب مرتبة كما يلي:

الأول: يتضمن شهادات وأدلة على صلاحية الشريعة للتطبيق في كل زمان ومكان. وفيه شهادة الوحي، وشهادة التاريخ، وشهادة الواقع.

الثانى: عن ضرورة الاجتهاد لمعالجة الأوضاع المتطورة، والمشكلات المتجددة، في ضوء الشريعة، وفيه نبين مرادنا بالاجتهاد هنا، وموقفنا من التراث الفقهي، ومن فهم النصوص، ومن المسائل الجديدة.

الثالث: عن شروط عملية يجب توافرها عند تطبيق الشريعة في مختلف النواحي القانونية، حتى تؤتي أكلها، وتسعد أهلها.

ولعلي بذلك أكون قد جليت بعض ما يجب تجليته في هذه القضية الهامة. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

مقدمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

وبعد؛

فإن أصل هذا الكتاب بحث شاركت بإلقائه في «ندوة التشريع الإسلامي»، التي عُقِدت بمدينة البيضاء بالجمهورية العربية الليبية، في ربيع الأول 1392هـ. أيار «مايو» 1972م. بدعوة من الجامعة الليبية، وبإشراف كلية اللغة العربية، والدراسات الإسلامية.

وقد دُعي إلى هذه الندوة أكثر من ثلاثين عالمًا وباحثًا من كبار المشتغلين بفقه الشريعة الإسلامية لإلقاء طائفة من البحوث الفقهية المقارنة، حول عدد من الموضوعات الهامة، وذلك لمساعدة اللجان المشكلة لتعديل القوانين الوضعية الليبية بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وكان على رأس الموضوعات التي عالجتها الندوة «صلاحية الشريعة للتطبيق في كل زمان ومكان»، وبالتالي صلاحيتها للتطبيق في عصرنا الحديث.

وما كان يتصور أن تكون مثل هذه القضية موضع ريب أو جدال في أي بلد مسلم، فهذا من لوازم الإيمان، ومقتضى الإسلام {وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡ} (الأحزاب: 36)، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا} (النساء: 65) .

ولكن المسلمين في الأعصرة الأخيرة، ابتلوا بالاستعمار الكافر، الذي احتلّ ديارهم في غفلة من أهلها، فلم يدع دعامة من دعائم الحياة الإسلامية إلا زلزلها وزعزعها، أو وضع الألغام من تحتها، لعلها تنفجر يومًا ما، فتأتي عليها من القواعد. ولما حمل الاستعمار العسكري والسياسي عصاه ورحل، كان قد ترك وراءه آثاره و«بصماته» فى كل جنبات الحياة التشريعية والفكرية والخلقية والعملية.

وكان أخطر ما تركه الاستعمار وراءَه هو رواسب الغزو الفكري والثقافي، الذي عمل عمله في عقول الأجيال الناشئة من أبناء الأمة المسلمة، وبخاصة الذين لم يتح لهم أن يتثقفوا بالثقاقة الإسلامية؛ فقد غير هذا الغزو المخطط المدروس كثيرًا من المفاهيم الإسلامية الأصلية، وأحل محلها مفاهيم غربية دخيلة، وما لم يستطع تغييره من القيم والأفكار، أعمل فيه معول التشكيك والبلبلة، حتى تفقد الأمة ثقتها بذاتها وبدينها وبتراثها، وتصبح أُمَّة بلا أساس، ولا جذور، وبذلك يسهل على أعدائها تسييرها إلى حيث يريدون، فإن أبت حطموها بغير جهد كبير.

ومن الأفكار التي روّجوها بواسطة مبشريهم ومستشرقيهم وتلاميذهم وعبيد فلسفتهم وحضارتهم: أن الشريعة الإسلامية شريعة قديمة لا تصلح لهذا العصر، ولا تقدر على إيجاد حلول لمشكلات الحياة المتجددة، وأوضاعها المتطورة؛ لأنها شريعة وجدت منذ أربعة عشر قرنًا، في عصر غير هذا العصر، وبيئة غير هذه البيئة، وأقوام غير هؤلاء الأقوام، فلا يعقل أن تكون شريعة عصر الجمل! صالحة لعصر الطائرات والمراكب الفضائية، والعصر القمري، كما قالوا.

ومن الغريب أن بعض أبنائنا - عن غفلة وسذاجة - صدّقوا - أو كادوا - هذه الدعوى الكاذبة؛ لعدم تمتعهم بالثقافة الإسلامية التي تحصنهم من تأثير هذه الدعايات المسمومة؛ لهذا كانت الأمانة العامة لـ «ندوة التشريع الإسلامي» على حق، حين اقترحت أن يكون ضمن بحوثها - بل أولها - «بحث بعنوان الشريعة الإسلامية صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان»، ليكون بمثابة الأساس الفكري، والدعامة النظريةالأساسية لفكرة العودة إلى الشريعة المقدسة، وليكون ردا علميا على المشككين والشاكين في صلاحية الشريعة لعصرنا ولكل الأعصار. وإلي جواز ذلك رسم الطريق الذي يبين لنا كيف نعالج الأوضاع والمشكلات المتجددة في ضوء الشريعة الخالدة.

وقد رأى بعض الإخوة الغيورين أن في تعميم نشر هذا البحث نفعًا لكثير من المسلمين، وردا على كثير من أسئلة المستفسرين، وشبهات الشاكين والمشككين، ولم أجد بدا من الاستجابة لرغبة هؤلاء الإخوة، فعكفت على البحث أنقحه وأضيف إليه حتى خرج على هذه الصورة، التي أسأل الله تعالى أن ينفع بها.

وقد رأيت أن يشتمل هذا البحث على ثلاثة أقسام أو أبواب مرتبة كما يلي:

الأول: يتضمن شهادات وأدلة على صلاحية الشريعة للتطبيق في كل زمان ومكان. وفيه شهادة الوحي، وشهادة التاريخ، وشهادة الواقع.

الثانى: عن ضرورة الاجتهاد لمعالجة الأوضاع المتطورة، والمشكلات المتجددة، في ضوء الشريعة، وفيه نبين مرادنا بالاجتهاد هنا، وموقفنا من التراث الفقهي، ومن فهم النصوص، ومن المسائل الجديدة.

الثالث: عن شروط عملية يجب توافرها عند تطبيق الشريعة في مختلف النواحي القانونية، حتى تؤتي أكلها، وتسعد أهلها.

ولعلي بذلك أكون قد جليت بعض ما يجب تجليته في هذه القضية الهامة. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.



سنة النشر : 1972م / 1392هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة شريعة الإسلام صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل شريعة الإسلام صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
يوسف القرضاوي - Yousef Al Qaradawi

كتب يوسف القرضاوي يوسف عبد الله القرضاوي (9 سبتمبر 1926): عالم مصري مسلم يحمل الجنسية القطرية، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سابقا. ولد في قرية صفط تراب مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام ❝ ❞ الصبر في القرآن ❝ ❞ جيل النصر المنشود ❝ ❞ الإسلام والعلمانية وجها لوجه ❝ ❞ المنتقى من كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ❝ ❞ الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد ❝ ❞ دور الزكاة في علاج المشكلات الاقتصادية وشروط نجاحها ❝ ❞ ثقافتنا بين الانفتاح والانغلاق ❝ ❞ عوامل السعة والمرونة في الشريعة الإسلامية ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان ❝ ❞ دار القلم للنشر والتوزيع ❝ ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ❝ ❞ الأزهر الشريف ❝ ❞ دار الشروق ❝ ❞ مكتبة وهبة ❝ ❞ دار الصحوة للنشر ❝ ❞ مركز بحوث السنة والسيره -قطر ❝ ❞ مكتبة البنين ❝ ❱. المزيد..

كتب يوسف القرضاوي
الناشر:
مكتبة وهبة
كتب  مكتبة وهبة في سنة 1946م أنشأ الحاج وهبة حسن وهبةـ مكتبة وهبة للطبع والنشر والتوزيع، وكانت عبارة عن محل صغير بشارع محمد علي (القلعة حاليًا) من جهة العتبة. ولما اعتقل لمدة أسبوع عام 1948م، وفي عام 1950م انتقل من المحل الصغير بشارع محمد علي إلى شارع الجمهورية بنفس الاسم ونفس المنهج... وتعرف في ذلك الوقت على الشيخ أبو الحسن الندوي ، الذي طبع له (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين)، وكتاب (مذكرات سائح في الشرق) وغيرها من الكتب، وتعرف أيضا على فضيلة الشيخ السيد سابق الذي طبع له كتاب (فقه السنة) بأجزائه الصغيرة. وخرج من السجن آخر عام 1960م ليجد المكتبة خاوية على عروشها، ليعيد نشاطه مرة أخرى من جديد، حيث كانت المكتبة طوال فترة سجنه كلأً مباحًا، ولم يتم نشر أي شيء خلال تلك الفترة. ثم زاول عمله مرة أخرى فترة ثم توالت المحن على المكتبة مع اعتقاله سنة 1965 حتى وفاة عبد الناصر. وبعد خروجه من السجن بعد وفاة عبد الناصر سنة 1971، بدأ الصراع مع السلطات لرفع الحراسة عنه وعن عائلته لمزاولة نشاطه مرة أخرى. ومن أقدار الله أن المبنى الذي كانت به المكتبة هدم أثناء فترة غيابه والاعتقال، وكان يشيد مبنى آخر مكانه، وكأنه كان على موعد حتى يظل اسم مكتبة وهبة كما هو، في نفس الموقع والمكان. ووافق صاحب العقار الجديد على استئجاره للمحل. ثم عاود النشاط مرة أخرى للطبع والنشر والتوزيع، بنفس الاسم، يؤدي رسالته التي بذل من أجلها الغالي والثمين. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأسرار الحكمة في تعددهن ❝ ❞ الصبر في القرآن ❝ ❞ الإسرائيليات في التفسير والحديث ❝ ❞ دراسات عن ابن حزم وكتابه طوق الحمامة ❝ ❞ التفسير والمفسرون / ج1 (ط. وهبة) ❝ ❞ أبو هريرة راوية الإسلام ❝ ❞ تاريخ التشريع الإسلامي (ط. وهبة) ❝ ❞ موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام ❝ ❞ الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالإستعمار الغربي ❝ ❞ جيل النصر المنشود ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ يوسف القرضاوي ❝ ❞ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني ❝ ❞ مناع القطان ❝ ❞ الطاهر أحمد مكي ❝ ❞ جمال الدين الشرقاوي ❝ ❞ محمد حسين الذهبي ❝ ❞ إبراهيم محمد حسن الجمل ❝ ❞ عطية صقر ❝ ❞ أحمد عمر هاشم ❝ ❞ أحمد عبدالوهاب ❝ ❞ زينب عبد العزيز ❝ ❞ بهاء الامير ❝ ❞ محمود حمدى زقزوق ❝ ❞ عبد العظيم المطعني ❝ ❞ محمد عجاج الخطيب ❝ ❞ د.محمد محمد أبو موسى ❝ ❞ سامح القلينى ❝ ❞ أحمد عبد الوهاب بكير ❝ ❞ اللواء أحمد عبد الوهاب ❝ ❞ علاء أبو بكر ❝ ❞ محمد الأمين الخضري ❝ ❞ توفيق محمد شاهين ❝ ❞ أبوزيد شلبي ❝ ❞ د. سامح القلينى ❝ ❞ سعيد عبد الحكيم زيد ❝ ❞ صبري الأشوح ❝ ❞ محمد شامة ❝ ❞ د. عبد المتعال محمد الجبري ❝ ❞ محمد ثابت الشاذلي ❝ ❞ د.سعد الدين مسعد هلالي ❝ ❞ د. عبد العظيم المطعني ❝ ❞ مؤمن الهباء ❝ ❞ الدكتور عبدالعظيم إبراهيم المطعني ❝ ❞ د. أمينة سليم ❝ ❞ د.عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني ❝ ❞ أحمد عبد الرحمن ❝ ❞ عبد العظيم إبراهيم محمد المطعنى ❝ ❞ بكير بن سعيد أعوشت ❝ ❞ د. محمد الحسيني إسماعيل ❝ ❞ عبدالعظيم إبراهيم المطعني ❝ ❞ د.محمد عجاج خطيب ❝ ❞ د. أحمد عبد الرحمن ❝ ❞ فولفجانج ليونهارد ❝ ❞ محمد البهي ❝ ❞ مصطفي أبو يوسف بدران أحمد عبدالوهاب ❝ ❱.المزيد.. كتب مكتبة وهبة