❞ كتاب العبادة: دراسة منهجية شاملة في ضوء الكتاب والسنة ❝ ⏤ محمد أبو الفتح البيانوني
العبادة في الشريعة الإسلامية هي الهدف الأساسي من خلق الإنسان، ففي القرآن الكريم كتاب الله المنزل رحمة للعالمين، يقول الله:«وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، وعلى هذا فإن العبادة تشمل كل الأعمال الصالحة التي يحبها الله وترضيه، والاتصاف بكل الصفات والأخلاق الحميدة، وكذلك حب الله والرسول والصالحين، ومعاملة الناس معاملة حسنة، مما يجعل الإنسان المسلم في عبادة طوال حياته وفي جميع تصرفاته كما جاء في القرآن الكريم: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾.
يقول ابن تيمية في رسالته «العبودية»: «العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث والأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة. وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضى بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك هي من العبادة لله».
ولکن هذا التعریف تعریف للعبادة بمعناها العام، حیث إن المباحات لو قارنتها النیة تصیر عبادات، ولکنها بحسب أصلها لا ثواب ولا أجر علیها. فمن الجدیر أن تُعرف العبادة بما لا یُراد به إلا تعظیم الله تعالی بأمره، بمعنی أنه تعالی اعتبره عملاً لا یراد به إلا تعظیمه فی خطاباته؛ وما لا خطاب فی خصوصه بأنه عبادة بهذا المعنی فلیس بعبادة، بل من العادات والمباحات.
وهذا تناسب ما هو المشهور فی الفرق بین العادة والطاعة والقربة والعبادة، «الْعِبَادَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ. وَحَدُّهَا فِعْلٌ لَا يُرَادُ بِهِ إلَّا تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَمْرِهِ. وَالْقُرْبَةُ: مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ أَوْ مَعَ الْإِحْسَانِ لِلنَّاسِ كَبِنَاءِ الرِّبَاطِ وَالْمَسْجِدِ. وَالطَّاعَةُ مَا يَجُوزُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ. قَالَ تَعَالَى: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ»»
فالحق هو أن العبادة الخاصة هی ما اعتبرها الشارع عبادة بخصوصها فی خطاباته، وأن العبادة العامة هی ما لم یعتبرها الشارع عبادة بخصوصه فی خطاباته، لکن مع مقارنة النیة تصیر عبادة ـ أی ذات ثواب وأجر ـ وهذا المعنی للعبادة تجری فی القرب المباحة والعادة التی لا یتعلق بها أجر ولا عقاب، کطبابة الطبیب وبناء الرباط والتدریس والتدرّس وغیرها لو قارنتها النیة.
محمد أبو الفتح البيانوني - محمد عبد الله أبو الفتح البيانوني بن الشيخ أحمد الصياد عز الدين ابن الشيخ عيسى بن حسن بن بكري البيانوني. ولد في عام 1359 هـ، الموافق 1940 م، في مدينة حلب. متزوج، ولديه 10 أولاد. نشأ في أسرة علمية دعوية في كنف والده الذي كان من كبار علماء ودعاة مدينة حلب، وفي رعاية والدته التي كانت من كبار الصالحات والداعيات المتميزات في تربيتها والتزامها، وكانت أسرته على صلة وثيقة بكبار العلماء والدعاة في بلاد الشام، وعلى خلطة واسعة مع بعض أهل العلم والدعوة الذين يترددون على والده، ولا سيما الشيخ محمد أبو النصر خلف الحمصي، والشيخ محمد الحامد، والشيخ إبراهيم الغلايني وغيرهم – رحمهم الله جميعا -.
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ المدخل إلى علم الدعوة ❝ ❞ العبادة: دراسة منهجية شاملة في ضوء الكتاب والسنة ❝ ❞ تحول العبادات إلى عادات وأثره في حياة المسلمين ❝ ❞ الحكم التكليفي في الشريعة الإسلامية (دكتوراه) ❝ ❞ دراسات في الاختلافات العلمية ❝ ❞ جهاد الكلمة، معالمه وضوابطه ❝ ❞ مفهوم أهل السنة والجماعة بين التوسيع والتضييق ❝ ❞ فقه الضرورة، معالمه وضوابطه ❝ ❞ القواعد الشرعية وأثرها في ترشيد الصحوة الإسلامية ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ دار القلم للنشر والتوزيع ❝ ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ دار الإسلام للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ❝ ❞ مكتبة دار التراث للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الفتح ❝ ❞ دار اقرأ للنشر والتوزيع ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.