📘 قراءة كتاب عدالة التابعين المطلقة أونلاين
باسم الله وبعدُ: فإنَّ الله تعالى فضَّل بعض الناس على بعض بما يعلمه سبحانه من نواياهم وصفاء قلوبهم، قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ}[البقرة: 253].
وقال سبحانه: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ}[الإسراء: 55].
وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}[الأنعام: 165].
وقال: { انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا}[الإسراء: 21].
فهذا التفضيل هو من أمر الله تعالى وحده ولا يُسأل عنه، ولا تُحكَّم العقول فيه إلا بخير، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة: 216].
وقال تعالى: { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء: 23].
وممَّن فضل الله تعالى على الخلق، الملائكة والأنبياء، يقول تعالى: {اللهُ يَصْطَفِى مِنَ الْمَلائكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ}[الحج: 75].
وممن فضل سبحانه وتعالى بعد الملائكة والرسل، أنصار الرسل وهم أصحاب الرسل وكذلك تلامذة أصحاب الرسل، أي أتباعهم، وأتباع صحابة أصحاب الرسل.
ومن عموم هؤلاء فضَّل الله تعالى رسول الله محمد ﷺ على سائر الرسل بأن جعله خاتم النبيين وسيدهم، قال تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب: 40].
وبه فقد فضَّل الله تعالى أصحاب النبي ﷺ على سائر أصحاب الرسل عليهم السلام، وفضل تابعي أصحابه ﷺ على سائر تابعي أصحاب الرسل عليهم السلام، وكذلك فضَّل تابعي أتباع أصحاب الرسول ﷺ، على سائر تابعي أتباع أصحاب الرسل عليهم السلام.
ولكنَّ قوما قد طعنوا في الصحابة، إمَّا في دينهم، وذلك في تكفيرهم كلهم أو البعض منهم، أو في عدالتهم المطلقة، وذلك بتفسيقهم كلُّهم أو البعض منهم، ممن ثبت فضله في الكتاب والسنة، فهؤلاء لا ينظر إليهم، ولا يُلتفت لقولهم، فهم محجوبون عن صحيح العلم، وعلى قلوبهم أكنَّة ، في آذانهم وقر ، وعلى أبصارهم غشاوة، وقلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة، فلا يُرفع لهم ذكر، بأن يُذكروا في كتاب.
ثمَّ أنَّ قوما آخرين لم يعطوا الصحابة قدرهم، ولكنهم لم يطعنوا فيهم، وهؤلاء يُخشى عليهم، وذلك من عدم توقير الصحابة ومن بعدهم.
ثمَّ آخرون وقَّروا الصحابة وأعطوهم قدرهم، ولكنَّهم سوَّوا بين التابعين وتابعيهم مع عموم الناس، فهؤلاء لم يتحروِا الرُّشد في علمهم، ولم يدققوا النَّظر في أصولهم.
وعلى ما سبق، فموضوع بحثنا هذا هو: بيان خصوصية التابعين واتباعهم على عموم المسلمين.
وبيان أنَّ الفرد من العصور الذهبية ولو من الجيل الثالث هو بأمة ممن هم بعدهم.
وكانت هذه المواضيع على بابين في بحثنا هذا:
الأول: بيان عدالة الصحابة والتابعين وأتباعهم المطلقة.
والثاني: بيان أنَّ الأفضلية خير من العددية، أو الخيرية أفضل من العددية، أو تغني عن العددية.
ولا يتم بيان الموضوع الثاني إلا ببيان الموضوع الأول.
ومرادنا بهذا هو أن يُعلى قدر التابعين وأتباعهم ويُعلى ذكرهم، وأن نعلم مقامهم، واتصالهم بالصحابة في ما مدحهم الله تعالى ورسوله ﷺ، وأنه معدلون بتعديل الله تعالى، وتعديل رسوله ﷺ راجين من الله تعالى أن ينفعنا بهذا وأن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن يهديني والمسلمين إلى صراطه المستقيم، وإلى توقير رسول الله ﷺ وصحبه وتابعيهم فقد قال تعالى: {لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الفتح: 9]، فتوقير الله تعالى من توقير رسوله ﷺ، وتوقير الرسول ﷺ من توقير صحابته وتوقير صحابته من توقير أتباعهم وصحبهم وتلامذتهم، وإن اختل واحد اختلَّ الكل، فقد قال النبي ﷺ: دعوا أصحابي لا تسبُّوا أصحابي ، أي لا تؤذيني بسبهم أو تحقيرهم، أو مساواتهم بغيرهم، وهو نفسه على التابعين، فما قال النبي ﷺ ذلك، إلا أنَّ الصحابة كانوا على عهد النبي ﷺ لا يخالفونه طرفة عين، وبه كذلك في التابعين واتباعين من تبع منهم الصحابة ولم يخالفوهم في ما تعلموه من النبي ﷺ طرفة عين، والله تعالى يقول: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة: 100].
فمن تبع الصحابة على ما هم عليه ممن هم من الجيل الثاني أو الثالث فهو التابعي وهذه آية في حقه، فقد قال النبي ﷺ: خيرُكم قرني ثم الذينَ يلونَهم ثمَّ الَّذينَ يلونهمْ، ثمَّ يخلفُ قومٌ تسبقُ شهاداتُهم أيمانَهم وأيمانُهم شهاداتَهم .
والله الهادي إلى سواء السبيل وبه نستعين، ونسأله سبحانه أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينفعنا به، وأن يبلِّغَ من هذا العمل مقصده، هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
سنة النشر : 2023م / 1444هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'