يقول المؤلف: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين وبعد:

فهذه دراسة بعنوان: "الضوء المنير على الجامع الصغير للعلَّامة: يحيى بن الحسين بن القاسم (1035 - ١٠٩٩هـ), دراسة وتحقيق",  تحقيق د. عبد الله راجح راجح شارب, في علوم الحديث, قسم الدراسات الإسلامية, كلية الآداب والعلوم الإنسانية, جامعة صنعاء.

وقد هدفت هذه الدراسة إلى إخراج الكتاب المحقق بأفضل صورة, كما أراد له مؤلفه, وتحقيقه تحقيقًا علميًا, بحيث يستفيد منه الباحثين وطلبة العلم, مع إبراز شخصية المؤلف (الشارح), وإعطائه حقه من الترجمة له, والتعريف به وبعصره؛ وذلك خدمة لعلوم السُّنَّة, ووفاء لمن اشتغلوا بعلومها, وتحملوا الأذى في سبيل نشرها.

وقد استخدم الباحث في ثنايا هذه الدراسة المنهج الاستقرائي التحليلي, والمنهج التاريخي الوصفي, واعتمد على الوثائق التاريخية المتعلقة بترجمة المؤلف (الشارح), ودراسة منهجه في التأليف. 

وتتكون الدراسة من قسمين أساسيين: قسم الدراسة, وقسم التحقيق, وذلك في بابين؛ حيث  خصَّصت الباب الأول للقسم الخاص بالدراسة, وتناولت في الباب الثاني القسم الخاص بالتحقيق.

أما الباب الأول فقد جعلته في ثلاثة فصول, خصّصت الفصل الأول للتعريف بمؤلف الأصل (السيوطي), وكتابه (الجامع الصغير من حديث البشير النذير), وكان ذلك في مبحثين, ففي المبحث الأول ترجمت له ترجمة موجزة, وفيها عرَّفتُ به وبجهوده العلمية؛ ثم انتقلت إلى المبحث الثاني وفيه تحدثت عن كتابه (الجامع الصغير) فعرَّفتُ بسبب تأليفه, وعدد أحاديثه, وترتيبه, ووصفه, ورموزه, والكتب التي اهتمت به وشرحته, وختمت هذا المبحث بإثبات تساهل الإمام السيوطي في كتابه, وذكرت نقد العلماء له.

وأمَّا الفصل الثاني فقد جعلته في مبحثين, ففي المبحث الأول منه تناولت عصر الشارح بشيء من التفصيل غير الممل, حيث طرقت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية في اليمن آنذاك, وخرجت للقارئ بصورة مصغرة لواقع المجتمع اليمني في تلك الحقبة من الزمن, وقد اعتمدت في ذلك على تاريخ (بهجة الزمن في تاريخ اليمن) وهو لمؤلف المخطوط يحيى بن الحسين, فهو بمثابة شاهدٍ على العصر, ثم انتقلتُ إلى المبحث الثاني وفيه بسطت الكلام للتعريف بالمؤلف (الشارح), العلَّامة يحيى بن الحسين بن القاسم -رحمه الله- العلَّامة الذي جهله قومه؛ لذا فقد عزمت أمري أن أعطيه حقه من الترجمة؛ وفاءً له ولجهوده العلمية, في خدمة العلوم الشرعية عامة, وعلوم السُّنَّة خاصَّة؛ وذلك من خلال الترجمة الكاملة له, رغم ندرة المادة العلمية, فقد دفع الشارح ضريبة حبّه لعلوم السُّنَّة ودفاعه عنها, بأن قوبل بالإهمال المتعمد له ولمصنفاته؛ نكاية به, ورغم ما لاقيت من صعوبة كبيرة في هذا المبحث لندرة المادة العلمية, إلا أنني استخرجت -والحمد لله- قدر كبير من المعلومات المتفرقة في بطون الكتب, وجمعتها, ورتبتها, وكان ذلك موضوع المبحث الثاني؛ فذكرت مولده ونسبه, وتحدثت عن نشأته وأسرته, وحياته العلمية؛ من أسباب نبوغه وتميزه العلمي, وشيوخه وتلامذته, ثم مذهبه الفقهي وعقيدته, ثم بسطت الكلام عن دوره البارز في التصدي لبدعة سب الصحابة, وقد حاولت حصر كل مصنفاته؛ حيث أحصيت (124) مصنفًا, ثم تحدثت عن مكانته وثناء العلماء عليه, ولم أنسى الحديث عن تحامل بعض المؤرخين عليه, وإهمال الترجمة له, وختمت الفصل الثاني بذكر الأقوال في تاريخ وفاته رحمه الله.

وأما الفصل الثالث فقد خصصته لدراسة مخطوط الضَّوء المنير على الجامع الصغير, وجعلته في مبحثين, ففي المبحث الأول عرَّفت بالمخطوط, ووثَّقت نسبته إلى المؤلف -رحمه الله- ثم تحدثت عن موضوع المخطوط, وقيمته العلمية, وختمت المبحث بوصفٍ موجزٍ للمخطوط, أمَّا المبحث الثاني فقد جعلته للحديث عن منهج المؤلف (الشارح) وأهم مصادره الذي اعتمد عليها في المخطوط، ثم انتقلت إلى الباب الثاني الخاص بالتحقيق.

وقد استقيت مادة هذه الدراسة والتحقيق، من مجموعة مصادر ومراجع، وكان من أهم المصادر التي اعتمدت عليها في قسم الدراسة، إلى جانب كتاب (بهجة الزمن)، كتاب (البدر الطالع) للشوكاني, وأما أهم المراجع التي اعتمدت عليها في قسم التحقيق، إلى جانب الكتب التي اعتمد عليها مؤلف المخطوط, فكانت: كتابَيّ (تهذيب التهذيب)، و(تقريب التهذيب) لابن حجر، وكتابَيّ (تذكرة الحفاظ)، و(أعلام النبلاء) للذهبي، في معرفة تراجم الرواة، أما ناحية التخريج والحكم على الحديث فكان أهمها: "مجمع الزوائد" للهيثمي، بالإضافة إلى كتابي (صحيح الجامع الصغير), و(ضعيف الجامع الصغير) و (السلسلة الصحيحة) و(السلسلة الضعيفة والموضوعة), كلها للإمام الألباني. 
ثم خاتمة واحتوت على أهم النتائج التي تم التوصل إليها، ثم توصيات ومقترحات الباحث، ثم قائمة المصادر والمراجع. 

ولعلّ أمثل ما نقوله في ختام هذا التصدير، كلمة الراغب الأصفهاني إذ يقول: "رأيت إنه لا يكتب إنسان كتابًا في يومه إلَّا قال في غده: لو غيّر هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قُدِّم هذا لكان أفضل, ولو تُرك هذا لكان أجمل؛ وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر".

إن الكمال لله وحده، وحسب المرء أن يكون صادقاً فيما يعمل، ولله الحمد وعليه التُّكلان.