الدردشة العقلية
2021م - 1446هـ
واحدة من أهم الرؤى التي اكتسبتها خلال مسيرتي المهنية هي أن الأدوات اللازمة لتقليل الثرثرة واستغلال أصواتنا الداخلية ليست شيئًا نحتاج إلى البحث عنه. بل غالبًا ما تكون متوارية على مرأى من الجميع في انتظارنا لتنشيطها، حيث إنها موجودة في عاداتنا العقلية وسلوكياتنا الغريبة وروتيننا اليومي، وكذلك في الأشخاص والمنظمات والبيئات التي نتفاعل معها, وفي هذا الكتاب، سأكشف عن هذه الأدوات, وأشرح ليس كيفية عملها فحسب، وإنما أيضًا كيفية انسجامها معًا لتكوين صندوق أدوات لمساعدتنا على إدارة المحادثات التي نجريها مع أنفسنا.في الفصول التالية، سأعرض لك ما يحدث في المختبر بينما أحكي قصصًا عن الأشخاص الذين يقاومون ثرثرتهم الداخلية. وستتعرف على الحياة العقلية لعميلة سابقة في وكالة الأمن القومي، وفريد روجرز، وملالا يوسفزي، وليبرون جيمس، وقبيلة من السكان الأصليين في جنوب المحيط الهادي تُدعى تروبرياند، بالإضافة إلى العديد من الأشخاص مثلي ومثلك تمامًا. لكن لبدء هذا الكتاب، سنبحث أولًا ماهية الصوت الداخلي، جنبًا إلى جنب مع كل الأشياء الرائعة التي يقدمها لنا, ثم سنتعمق في بحث الجانب المظلم من المحادثات التي نجريها مع أنفسنا، والمدى المخيف حقًّا الذي يمكن أن تضر به الثرثرة الداخلية أجسادنا، وحياتنا الاجتماعية، وتعرقل حياتنا المهنية, وهذا التوتر الحتمي للصوت الداخلي كقوة مفيدة ومدمرة في آن واحد هو ما أعتقد أنه يمثل اللغز العظيم للعقل البشري. فكيف يمكن أن يكون الصوت الذي يعمل كأفضل مدرب لنا هو أسوأ منتقدينا؟ ستصف بقية فصول الكتاب أساليب معينة يمكن أن تقلل من ثرثرتنا الذاتية – وهي أساليب تساعدنا على حل لغز عقولنا بشكل سريع.إن الحل للتغلب على الثرثرة الذاتية ليس في التوقف عن التحدث إلى نفسك, بل إن التحدي هو معرفة كيفية القيام بذلك بشكل أكثر فاعلية, ولحسن الحظ، صُمم كل من عقلك والعالم من حولك لمساعدتك على القيام بذلك بالتحديد، لكن قبل أن نناقش كيفية التحكم في الصوت الموجود داخل رؤوسنا، نحتاج إلى الإجابة عن سؤال أساسي.لماذا نمتلك في المقام الأول أصواتًا داخل رؤوسنا؟ . المزيد..