❞ رواية عتبة الألم ❝ ⏤ حسن سامي يوسف
كانت ليلة قمراء، وكانت الأضواءُ تختلط ببعضها من السماء والأرض فتصنع مشهداً انطباعياً طاغياً في رِقّته، وفي الجو من حولنا تضوعُ أزهار الياسمين والليمون مخلوطةً بعبير أزهار النارنج الفوّاحة من باحات المنازل الدمشقية الوسيعة، فتضفي على الكون سعادةً تبعث على الرعشة في القلوب التي أضناها السفر بحثاً عن سعادة ضائعة، كانت الحركة في الطرقات قد انعدمت أو تكاد.
وسادَ سكونٌ مهيبٌ على الخليقة، ومن مكان ما انساب صوتٌ جارحٌ في عذوبته بين نسائم الربيع الطريّة الهائمة من حولنا في جميع المطارح: ليه تلاوعيني وإنتي نور عيني... أم كلثوم... لا بدّ وأنّ الليل قد انتصف، لم أنظر إلى الساعة حول معصمي.
لم أكلّف نفسي عناء النظر، فهو سوف يقطع عليّ متعة التملّي من هذا الرواء الذي له شكل أنثى شابّةٍ غلبها الحزنُ مثلما غلبها الفرح، أيّ عذابٍ يسكن هذه البنت؟ أيّ عذابٍ تعيشه؟...
ربما كان عذاب الجوى، بدت لي بنتاً رقيقةً لو هبّت عليها نسمةٌ من ربيع لكسراتها إلى نصفين، جعلتُ أتأملها مليّاً وأنا أسأل نفسي: أتراها في خجلٍ أو في ندمٍ من بعد القبض عليها ملتبسةً بجريمة الحب الذي لم تعترف به صراحةً؟...
كان عليّ أن أساعدها في الخروج من لجّة الأسى الذي غرقتْ به، ولم أعرف ماذا أقول، وفكرت: ليس مهمّاً ما تقول، قل أيّ كلام: اسمعي الشاكي وارحمي الباكي قضّى طول عمره قلبه يهواكي.
حسن سامي يوسف - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ رسالة إلى فاطمة ❝ ❞ عتبة الألم ❝ ❞ على رصيف العمر ❝ الناشرين : ❞ دار ورد للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار أمواج للطباعة و النشر و التوزيع ❝ ❱
من كتب الروايات والقصص - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.