❞ رواية بصقة في وجه الحياة ❝ ⏤ فؤاد التكرلي
كنت وحيداً في بغداد فقد سافر أخي نهاد والعائلة إلى بعقوبة حيث عين حاكماً وتوجب عليَّ البقاء في هذه المدينة المفترسة متطفلاً في السكن بدار أحد أخوتي الكبار .
تن ...تن ...تن ..
ثلاث دقات رهيبة تعلن اقتراب الصباح ، وأنا ذلك الأب المسكين ، لا أزال جالساً في غرفتي منكمشاً على نفسي ، أحاول جهدي أن أتبين هذه الكلمات على ضوء المصباح الضئيل البعيد .
السكون عجيب هذه الساعة من الليل ، الساعة التي تسبق انبثاق الفجر ... انبثاق النهار .. انبثاق الحقيقة . وأعجب من هذا السكون ذلك الهدوء النفسي الغريب الذي يوقد في داخلي دون حراك .. دون اضطراب كالماء الآمن الأخضر في المستنقعات العميقة . لم يمض وقت طويل منذ أن أقبلت فاطمة .. منذ أن نزلت من سيارة التاكسي ، منذ أن أرسلت ضحكة مكتومة قصيرة .....
ماذا يبعث فينا الماضي حين نسترجعه ؟
لقد عرفت ذلك الساعة ، الآن منذ لحظات حين قرأت ما كتبت قبل أيام ، إنه يعرض حياتنا بسكون وهدوء ، وهو في عرضه هذا صامتاً .. ساكناً ، يهمس ولا يرفع صوته ويترفق بنا ولا يقسو . هذا هو كل شيء يسمى الماضي .
لعلي سعيد الآن لم يمر ما يزعجني نهار اليوم ، فلقد قضيته في البيت لم أخرج قط ...
إني لا أريد الكتابة الآن هناك طبيعة في أو قل عادة متأصلة ، تحملني وتحبذ لي السكون والصمت ، ولقد لبثت تحكمني هذين الأسبوعين السابقين لكنني ، تغلبت عليها أخيرا ، تغلب عليها إحساس آخر أقوى مني ومنها وأشد عوداً .. إحساس بالخوف .
أجل إني أخاف ، أخاف أن ألبث ساكناً مطرقاً ،أتظاهر أن الأمور الجارية لاتهمني في كثير أو قليل ، لأنني أعرف نتيجة هذا السكون ، أعرف تمام المعرفة .
فؤاد التكرلي - فؤاد التكرلي روائي عراقي استطاع أن يحصد أوقات نجاحه بحرية وبلا صخب روايات قليلة، إلا أن مساحة تأثيرها كانت أكبر انها نموذج للروايات الكلاسيكية الحديثة ببنائها ،روائي عراقي أسهم في تطور الثقافة العربية وأثرى المكتبة العربية بالكثير من قصصه الأدبية،
ولد التكرلي في بغداد عام 1927 ودرس في مدارسها ، تخرج من كلية الحقوق عام 1949 ثم عمل ككاتب تحقيق وبعدها محاميا، ثم قاضيا، وتولى عدة مناصب في الدولة ومنها في القضاء العراقي حيث تم تعيينه قاضيا في محكمة بداءة بغداد عام 1964، وبعدها سافر إلى فرنسا ثم عاد ليعين خبيرا قانونيا في وزارة العدل العراقية. وعاش في تونس لسنوات بعد تقاعده، وعمل في سفارة العراق بعد حرب الخليج عام 1991، وألف القصص بأسلوب أبداعي متميز.
ينتمي التكرلي إلى عائلة ذات حظوة دينية ومكانة اجتماعيّة متميزة، وإذا كانت هذه العائلة بتفرّعاتها المختلفة قد تمتّعت بمباهج السلطة في بداية الحكم الملكي في العراق، فإنّها سرعان ما تخلّت عن الدور الذي أنيط بها موقتاً لجيل جديد من السياسيّين نشأوا تحت الراية العثمانية وتعلّموا صرامة عسكرها، لكنّهم تعلموا أيضاً من الاحتلال البريطاني بعض عناصر الحداثة الأوروبية. وقد أدى ذلك إلى فترة انفراج نسبي اجتماعيّاً أسهمت في إظهار ذلك الجيل الذي لا يتكرّر من المبدعين أو ساعدته على إنضاج تجاربه.
نشر التكرلي أولى قصصه القصيرة في عام 1951 في مجلة الأديب اللبنانية، ولم ينقطع عن نشر قصصه في الصحف والمجلات العراقية والعربية، كما صدرت له في تونس عام 1991 مجموعة قصصية بعنوان (موعد النار). وفي عام 1995 صدرت له رواية (خاتم الرمل). وكتب روايته الأخيرة (اللاسؤال واللاجواب) عام 2007. وكانت له أيضا مؤلفات أخرى مثل خزين اللامرئيات و الرجع البعيد الأعمال الكاملة 1و القصص الأعمال الكاملة..
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ أنطولوجيا القصة القصيرة العربية في أدب الخيال العلمي ❝ ❞ الأعمال الكاملة - 5 القصص ❝ ❞ موعد النار ❝ ❞ اللاسؤال واللاجواب ❝ ❞ غرباء (ت: التكرلي) ❝ ❞ خاتم الرمل ❝ ❞ الأعمال الكاملة - 6 المقالات ❝ ❞ قصص واقعية من العالم العربي ❝ ❞ قصص أفريقية آسيوية ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ المدى للإعلام والثقافة والفنون ❝ ❞ منشورات الجمل ❝ ❞ دار الآداب ❝ ❞ وكالة الصحافة العربية - ناشرون ❝ ❞ دار الجنوب للنشر ❝ ❱
من كتب الروايات والقصص - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.