📘 قراءة رواية غدا.. تنكشف الأسرار أونلاين
الفصل الأول
...أسرار
كل شخص لديه أسرار....
قد تكون أسرار عادية،ولا يوجد داعي لإخفاءها
وقد تكون أسرار خطيرة، ومعرفتها أحياناً يكون ثمنه غالي
السؤال هنا....لماذا نخفي أمور عن أشخاص قريبين منا؟
والسر الذي يُخفى لأعوام،قد يُفضح في لحظة.....
وقتها فقط ستشعر أنك ضيعت أعوام من عمرك لتخفي سر ظننته سيبقى سر للأبد،وها قد انكشف أمام الجميع
سرك.
مهما اعتقدت أن سرك لن يكشف أبداً،سيأتي يوم وسيعرف أمام أقرب الناس إليك
_دكتورة فيروز،حضرتك شردتي؟
تقطع المريضة شرود فيروز:
_أسفة،إستمري من فضلك
وتتحدث المريضة بحزن:
_أكثر شئ يقتل الشخص من داخله أن من يحبه يكذب ويخفي أموره عليه
فتضحك فيروز:
أنا أعلم أن من يقتل الشخص من داخله الخيانة وليس الكذب
فتكمل المريضة وهي تحاول أن تجعل وجهة نظرها صحيحة:
_لا يا دكتورة،الكذب هو بداية لسلسلة من الأخطاء ومنها الخيانة
ثم تصمت ثانية:
_سأضرب لكِ مثال،يقول زوجك أنه خارج ليقابل صديقه،أو في العمل،وهو في الحقيقة يقابل عشيقته أو زوجته الثانية التي تزوجها عليكي
إنقبض قلب فيروز من هذا المثال،فهي بالطبع تحب زوجها وتثق فيه،وخاصة أن زوجها طبيب أسنان له سمعته الحسنة،وهو شخص يسير في مسار واحد ولا يخرج عنه من البيت إلي العيادة والعكس،وتعرف جميع أصدقائه،فهم يسكنون في نفس العمارة الذي تسكن فيها فيروز مع زوجها وابنتها
فتردف فيروز وهي تتصنع الإبتسامة:
_من فضلك،لا تُدخلي زوجي في الموضوع
فتهتف المريضة:
_أسفة..لم أقصد إزعاجك،فأنا أضرب مثال فقط
تتجاهل فيروز عبارتها:
_أنسة أسماء...هل الكذب هو السبب الوحيد لعدم زواجك حتى الآن؟
فترد بثقة:
_نعم ليس غيره،الكذب يعني إخفاء أمور لا يريد أحد أن يعرفه غير نفسه،والنتيجة تحدث الكثير من المشكلات ويدمر نفسه وغيره
وتدون فيروز كل ما قالته المريضة:
_يا أسماء يجب أن تعرفي أننا جميعاً نكذب ونخفي أسرار،ولا سوف تجدي شخص لا يكذب ولا يخفي أسراره
وتردف أسماء بتحدي:
_لا يا دكتورة يوجد مثلي كثيرين،ولكننا نهتم فقط بالمظاهر الخادعة،هذا وسيم،هذا غني،نحن نهتم من سطح القشرة فقط
وقررت فيروز إنهاء الجلسة وتغلق مذكرتها:
_إنتهت جلسة اليوم وموعدنا الأسبوع القادم
_تمام يا دكتورة،أراكِ على خير
وخرجت المريضة،وبدأت فيروز تلملم أغراضها كي تعود إلي البيت بعد يوم عمل شاق ككل يوم،وليس شاق جسدي
ولكنه شاق نفسي.....
فمن يعمل في مهنة الطب النفسي ويشاهد كل يوم حالات متنوعة تعاني من اليأس والإكتئاب وعدم الثقة بالنفس وغيرها،يصاب بالعدوى من هذه الأمراض..
يقطع أفكارها رنين الهاتف لتجد زوجها أحمد يهاتفها:
_إشتقت إليك
ليضحك أحمد:
_لم يكن كام ساعة في اليوم،ماذا ستفعلين لو غبت عنكِ شهر؟
_سأموت حتماً من الإشتياق
ويضحكان معاً في نفس الوقت
ويردف أحمد بين أنفاسه اللاهثة من الضحك:
_سأمر الآن على ياسمين لأخذها من الدرس،ثم أمر عليكِ
وتقول فيروز بهيام:
_سأنتظرك بفارغ الصبر،أحبك
ويضحك أحمد ويردف بشوق:
_وأنا أكثر
ويغلق الخط وتنتظر فيروز زوجها أحمد......
أحمد،حبها الأول والأخير،١٤ عاماً من الزواج ويبقى الحب يسكن علاقتهما....
من زعم أن الحب يفقد بريقه مع الأيام،بل يزداد بريقه أكثر في علاقتهما....
حبهما ظل وسيظل يصمد أمام أعباء الحياة
وبعدها بوقت.....
وصلت سيارة زوجها أحمد وركبت بداخلها:
_إشتقتك حبيبي،وإشتقتكِ يا ياسمين
فترد ياسمين بسخرية:
_نعم تشتقيني ولكن ليس مثل بابا
ويضحك أحمد:
_بنت
_أمزح يا بابا
فتهتف فيروز بسعادة:
_الدقيقة التي لا أراكم فيها أشتاقكم بشدة
ويهتف أحمد بحنان:
_وأنا الدقيقة التي أبعد فيها عنكم،أشعر بأنني ضائع
فتهتف ياسمين بتهكم:
_والآن نحن معاً،هيا تحركم كي نلحق العزومة مس ندى ومس سلمى
نعم عزومة ندى وسلمى،أصدقائهما وجيرانهما في العمارة
وتذكرت فيروز بأنها يجب أن تتصل بجارتها يارا لتعرف وصلت لتساعد ندى وسلمى أم لا،وتناولت هاتفها لتتصل بها.
********
تنتهي من عملها في البنك وتستعد للعودة إلي البيت لتساعد صديقاتها في العزومة،فيرن هاتف يارا بإسم صديقتها فيروز:
_هل عدتِ إلي البيت أم لا؟
_في طريقي إلى البيت
فتقول يارا:
_وأنا سأتصل بزوجي شادي لأعرف هل سيمر على والدته ليأخذ الأولاد،أم سأضطر أنا إلي الذهاب؟
_تمام حبيبتي،في البداية سنمر على محل لشراء هدية لسلمى للإحتفال بحملها
_رائع،كيف نسيت هذا؟ وأنا أيضاً سأشتري هدية لسلمى،هل تريدي أن تقول إن يارا بخيلة؟
فتضحك فيروز وتهتف:
_طب إنجزي يا كريمة إنتي،وأنا أعلم أنكِ دائماً الأخيرة في كل شئ
تضحك يارا وتهم بالتعليق لكن تجد رقم زوجها شادي على الإنتظار،فتهتف بتعجل:
_فيروز شادي يتصل سأرد عليه،مع السلامة
وتغلق مع فيروز وترد على زوجها:
_انت فين يا شادي؟
_أسف يارا،سأطلب منكِ أن تمري على والدتي كي تأخذي الأولاد،لم أنتهي من عملي بعد
تزفر يارا وهي تريد أن تعود إلى البيت بعد الإنتهاء من عملها فتردف بضيق:
_حاضر،سأمر على والدتك كي أخذ أولادي
_حفظكِ الله لي
فتبتسم يارا وتنسي ضيقها من زوجها وتردف بحب:
_ربنا يخليك لي ولأولادي
ويبتسم شادي:
_طب حبيبتي سأكمل عملي،وبعد أن أنتهي من عملي سأتصل بكِ،مع السلامة
ويغلق الخط،وتستقل يارا سيارتها في طريقها إلى حماتها لأخذ أولادها
آه من حماتها،هي إمرأة طيبة القلب وحنونة....
ولكن لديها لسان سليط،مثل الأطفال الذي في قلبها على لسانها مباشرة
لا تعرف المجاملة،وإبنها هو كل حياتها....
من يجرحه أو يغضبه،فتشعل ثورة يصعب إخمادها
هذه المرأة الحديدية كما تحب تلقبها يارا
ووصلت إلي عمارة حماتها،وصعدت إلي شقتها لتأخذ الأولاد،وتقابل حماتها بترحيبها الساخر:
_أهلا بسيدة الأعمال التي لأجل أعمالها تترك أولادها عند حماتها ولا تهتم ماذا سيحدث لحماتها مع أحفادها؟
فترد يارا بفتور:
_ليست هذه المرة الأولى التي أترك الأولاد عندك،ومالهم
الأولاد هم بخير؟
وتهتف حماتها بتهكم:
_بخير طبعاً،من مثل أولادك لا يصير لهم شئ،أنا الذي أصاب بصداع مزمن من الصراخ واللعب
فتعتذر يارا:
_أسفة،سأحاسبهم في البيت على الصداع الذي سببه لكِ أولادي
_وما فيها أن تجلسي لتربي أبناءك في بيتك،بدلاً من تركهم عند جيرانك أو عند،ها أنا أمامك لا كنت أعمل ولا غيره،ومع ذلك ربيت إبني وجعلته مضرب الأمثال في الأخلاق والتربية
تردف بها حماتها بكل فخر عن تربيتها بابنها،بالطبع شادي يُضرب به المثل في الأخلاق بالفعل
وتهتف يارا بتعجل كي تستطيع شراء هدية لسلمى للإحتفال بحملها:
_شكراً يا حماتي سأعود إلي البيت
ونزلت بسرعة دون أن تنتظر الرد ومعها أولادها
ويرن هاتفها برقم ندى:
_مرحباً ندى
_مرحباً يارا،متى ستعودي إلي البيت؟
_أنا في الطريق،أين سلمى؟
تهتف ندى بضيق:
_لم تساعدني إلي الآن،ولم تأتي كما اتفقنا
تهتف يارا بتعجب:
_كيف؟
_قالت لي صباحاً أنها لديها مشوار،وستنهيه وتعود عندي على طول
_وممكن تكون لسه بالخارج
_لا أعلم،سأمر على شقتها وأعرف عادت أم لا؟
يكسو وجه يارا القلق:
_طيب،أنا سأذهب إلي محل الهدايا بشراء هدية لسلمى،وسأعود إلي البيت حالاً
وتغلق يارا الهاتف،ويكسو ملامح يارا القلق والحيرة
لأن سلمى إتفقت مع ندى أن يعدان العزومة وسيحضران مفاجأة،وأين إختفت سلمى يا تُرى؟
************
وأخيراً يصل أحمد مع زوجته وابنته إلي البيت وينزلان من السيارة وأحضروا هدية لسلمى ستكون رائعة......
في نفس الوقت تصل يارا مع أولادها وأحضرت أيضاً
هدية لسلمى،وتقابلوا جميعاً في شارع عمارتهما،فأحمد يخاطب يارا:
_يارا،شادي ليس معك؟
تهتف بقلق ظاهر:
_سينهي عمله وسيأتي على طول
تلاحظ فيروز قلق صديقتها،وتسألها وهي تربت بحنان على كتفها:
_ماذا حدث؟هل تشاجرتي مع حماتك؟
_لا،الموضوع
ولم تكمل يارا جملتها
ليلاحظوا جميعهم سيارة إسعاف تقف أمام عمارتهم،وينزل منها طاقم الإسعاف ليدخلوا العمارة
فتأخذهم الدهشة جميعاً ويتجهون إلي العمارة ليتفاجئوا بندى تخرج لهم وهي منهارة
فيسأل أحمد:
_ماذا حدث؟
_سلمى
_ما بها سلمى؟
تهتف بها فيروز بقلق شديد
ويخرجون طاقم الإسعاف وهم يحملون سلمى إلي سيارة الإسعاف،ويروا يد سلمى غارقة في دمائها،وقد يبدو أنها قطعت شرايينها......
فيشهقوا جميعاً من الصدمة
_ماذا حدث؟
يهتف بها شادي وهو عاد للتو من عمله
إلا أن تلجمه الصدمة ويضع يده على فمه ويحتضن زوجته بذراعيه،فيهتف بتلعثم
_ياسمين حبيبتي،خذي الأولاد وإجلسوا في شقة والديكِ
_نعم،نعم حبيبتي إصعدي إلى الشقة مع عمر وسمر أولاد يارا،هيا
هتف بها أحمد كأنه تذكر شيئاً مهم،فمن المؤكد أن ابنته ياسمين لا تنسى مشهد كهذا طوال عمرها،أما عمر وسمر
أولاد شادي ويارا ما زالوا صغار لم يفهموا ماذا حدث؟
..وفي نفس الوقت تأتي سيارة هاني زوج ندى ومعه وائل زوج سلمى وكانوا يشترون بعض الأغراض،
ليتفاجئوا بسيارة الإسعاف
ليسأل هاني بقلق:
_هل أحد أصابه شئ؟
ويجري وائل إلي سيارة الإسعاف ليرى زوجته ويجد أنها قطعت شرايينها،فيصرخ وائل بإسمها:
_سلمى
فيجذبوه أحمد وهاني وشادي بعيداً عن سيارة الإسعاف
ويحاولون تهدئته وهو ما زال يصرخ بندائه لها
الجميع ألجمتهم الصدمة........
فرحة اليوم انتهت بمأساة ستترك أثراً عميقاً في نفوسهم إلى الأبد.....
ما الذي يجعل الإنسان لينهي حياته بهذه الطريقة القاسية؟
ما الذي فعلته سلمى وخافت أن ينكشف أمرها فقررت الإنتحار؟
هل تخفي سلمى سر؟ما هو؟وسلمى؟التي عرفت برقتها وخجلها.
غداً سنعرف وستنكشف أموراً قد تغير مجرى حياتنا...
وسنكتشف أننا لم نعرفهم من الأساس،وكأنهم غرباء عنا
الفصل الثاني
*العزاء*
في مناسبة كهذه تكسو وجوه الجميع الحزن على العزيز الراحل
ولكن يختلف الأمر في عزاء سلمى....
يكسو حالة من الصدمة على الجميع،فسلمى ماتت منتحرة،ولا أحد يعلم لماذا انتحرت؟هل كانت مريضة؟
سلمى كانت إنسانة مقبلة على الحياة،وكانت تحب أن تعيش اللحظة بسعادة وفرح......
كانت....نعم لم يستوعبوا أصدقائها أنها رحلت إلى الأبد...
لماذا؟لماذا؟جميعها أسئلة بلا إجابة،إجابتها عند واحدة فقط.....سلمى ولكن أين هي؟
لابد أن في الموضوع سر،وحتماً سينكشف يوماً ما.
أما بالنسبة لصديقاتها فيروز ويارا وندى كانوا في حالة يرثى لها،وكأنهم في وادي أخر،ويتذكرن أجمل ذكريات مع صديقتهم الراحلة
ففيروز تتذكر عندما زارتها سلمى في عيادتها
_ما هذه المفاجأة الرائعة؟
تهتف بها فيروز بسعادة برؤية صديقتها،وتردف أيضاً:
_جاية كشف ولا زيارة؟
فتهتف سلمى بسخرية:
_ماذا تقولي حبيبتي؟أنا مش بتاعة كشف وحاجات دي،زيارة لأجمل فيروز
فتضحك فيروز:
_حبيبتي أجمل سلمى،ولو أنه ليس مكان للزيارات،ولكنكِ
من الغاليات
وتعانق سلمى فيروز وتهتف بمرح:
_ها! أين ستذهبي مع أحمد للإحتفال بعيد زواجكما؟
_لا أعلم بعد،ولكن أعتقد أننا سنذهب إلي نفس المكان الذي ذهبنا إليه العام الماضي
فترمق سلمى لفيروز بنظرة نارية وتهتف بإستنكار:
_ماذا تقولي؟نفس المكان الذي إحتفلتم فيه يعيد زواجكم؟
_عادي
فتحيط سلمى فيروز بذراعها وتردف بحب:
_لا تقلقي،سأختار لكما مكان ستشكروني عليه طوال عمركما،وهذا الإحتفال سيكون على نفقتي أنا
فتبتسم فيروز بحب وامتنان:
_لم أعرف حقاً كيف أشكرك على ما تفعليه معنا؟أنتي لستِ صديقتي بل شقيقتي وأكثر
_وأنتي أيضاً شقيقتي يا فيروز
وتحضنان بعضهما
..وتعود فيروز من ذكرياتها مع سلمى لتجتاحها حالة من عدم التصديق لرحيل صديقتها بهذه الطريقة
.....ويارا التي فتحت هاتفها لتقلب في صورها مع سلمى
وهي قلبها يتألم حزناً ووجعاً
سلمى التي كانت تعشق التصوير ولا تفوت مناسبة إجتمعوا فيها إلا والتقطت مجموعة من الصور مع بعضهم
ولتجتاح ذكرى جمعت يارا مع سلمى
_يا سلمى إنتي عارفة إني مش بحب "التيك توك"
تهتف بها يارا بضيق،وتردف سلمى بود:
_يارا حبيبتي أنا مش هنزل الفيديو على هذا الموقع،سأحفظه وسأنشره بيننا نحن فقط
فترفع يارا اصبعها السبابة في وجه سلمى وتهتف:
_ولو،أنا أتصور معكم صورة بالعافية،تريدين فيديو كمان
فتهتف سلمى بتهكم:
_هل يوجد أحد في هذا الزمان يكره التصوير،وفيديو كمان؟لا تغضبي مني أصل إنتي بصراحة....معقدة
_معقدة؟
فتحزن يارا وتترك سلمى وتنزل إلي شقتها ولكن سلمى تلحق بها،وقبل أن تغلق يارا الباب تستوقفها سلمى وتهتف بندم:
_لا تغضبي،لا أقصد والله
ترمق يارا سلمى بنظرة جانبية
_خلاص بقى ،حقك عليا
وتحضن سلمى يارا وتقبل جبينها،وتهتف يارا بود حقيقي
_عمري ما أزعل منك يا سلمى
......وتعود يارا من ذكرياتها وتتألم من داخلها،كانت سلمى رقيقة القلب،ولا تحب أن يغضب منها أحد،من سيأتي مثلك في طيبتك ورقتك يا غالية؟
....أما ندى فهي لا تتوقف عن البكاء لحظة على صديقتها،حتى كان إنهيارها في جنازة صديقتها لم يكن إنهيار عادي.،دموعها التي كانت كسيل الماء في غزارته.....ندى كانت ترى سلمى تؤام روحها،والجميع كان يشهد بهذا........
_ما رأيك في هذا المنظر؟
تهتف بها ندى بسعادة وهي تنظم ديكور شقة سلمى؛للإحتفال بعيد ميلاد وائل زوج سلمى،خاصة أن ندى تعمل في مجال الديكور
_حبيبتي،أنتي قلبي أنتي
تهتف بها سلمى بو وهي تقبل وجنة ندى،فتهتف ندى بغرور مصطنع:
_لكن العمل عمل،أريد حق تعبي ومجهودي الجبار هذا
فتلكز سلمى ندى في كتفها فتهتف بغضب:
_أليس أنتِ التي قلتِ لي أنا سأعمل ديكور شقتك للإحتفال بعيد ميلاد وائل،وهذا بدون مقابل لأجل صداقتنا
وأشاحت سلمى وجهها في ضيق
فتهتف ندى وهي تقهقه:
_أنتي صدقتي ولا إيه؟أنا أمزح فقط يا حمقاء......
_بجد؟
_أنتِ هكذا،لا تفرقين بين الجد والمزاح
فتضحك سلمى وتحضن ندى،ثم تلكمها بخفة في ظهرها:
_لا تفعلي معي هكذا مرة أخرى،لا تقولي شئ وتعودي فيه حتى لو كان مزاح
فتضحك ندى ثم تضحك سلمى بعدها
....تعود ندى من ذكرياتها ودموعها لم تجف بعد،بل تزداد
أكثر
***بالنسبة لوائل كان مغيباً تماماً،وكأنه فقد الذاكرة ولم يعد يعرف من هؤلاء،وأين هو؟ كل مايحتاجه الآن زوجته وحبيبته سلمى...أين أنتِ؟
_أنا هنا
تهتف بها سلمى بمرح وهي تخرج من غرفتها مرتدية فستان أنيق بلون البنفسجي،اللون المفضل لها،وتضع مكياج يبرز أنوثتها وجمالها،وتترك شعرها على حريته منسدلاً طويلاً،وتزين رقبتها بعقد إشتراه وائل لها زاد جمالها في عينه،فتقطع تأمله بجمالها وتردف بحب:
_كل عام وانت حبيبي
ثم تقبل وجنته قبلة خفيفة،ثم تعطيه هديته:
_هذه هدية حبك لي قبل أن تكون هدية عيد ميلادك
يقبل وائل جبينها بعمق يعبر عن حبه وعشقه الجارف لها
ثم يهتف وهو يخرج من جيب معطفه علبة أنيقة بها خاتم من الماس فتهتف بسعادة غامرة:
_لا أجد كلمات لأعبر عن حبي لك
ثم يرفع كفها إلي شفتيه ليقبل كفها بنعومة:
_لو اشتريت لكِ كنوز الدنيا كلها ووضعتها بين يديكِ،لن تكفي لتعبر عن مدى حبي وتعلقي بكِ،أنتِ ست النساء وأجمل النساء
.....فيخرجه من ذكرياته الأشخاص الذين جاءوا ليعزونه في زوجته الراحلة،وهو مغيب تماماً......
أما بالنسبة لأصدقائه أحمد وهاني وشادي كانوا يقدرون حالته جيداً ويواسي كل واحد منهم وائل؛مدركين أن فراق شخص رحل عن دنيانا وإن كان هذا الشخص عزيز على الجميع من أقسى أنواع الخسارة التي لا تعوض أبداً
وبعد إنتهاء العزاء يهتف شادي لوائل:
_وائل،تعالى إبقى معي في شقتي حتى تهدأ وتمر من هذه الأزمة
_شادي معه حق،وجودك في هذه الشقة ستذكرك دائماً بسلمى،يجب أن تبتعد عن هذه الشقة فترة
يهتف بها أحمد وهو يريد وائل أن يتعافى سريعاً من وفاة زوجته وحبيبته سلمى...
لكن وائل ظل متجمداً كتمثال من الشمع،لا يسمع ولا يرى
فيردف هاني وهو يعتقد أن لا فائدة من الحديث معه:
_اتركوه يا جماعة على راحته،ولا تضغطوا عليه أكثر
_معك حق،هيا بنا
وتركوه جميعاً وحده وهو يشعر بخسارته الكبيرة ولا يدري هل سيعود كما كان بعد رحيل سلمى؟هل يستطيع أن يمارس حياته كأن لم يحدث شئ؟
الإجابة هو أن رحيل شخص عزيز لدينا يجعلنا نعود وبداخلنا كسر لا تلتئمه الأيام والعمر
كأنهم أخذوا معهم جزء من روحنا
...........................
تنهي يارا من تحضير يارا الإفطار لزوجها وأولادها
فيخرجوا أولاد بدوشتهم المعتادة فتتعصب يارا دون أن تدري:
_لا أريد أن أسمع صوت،تناولوا إفطاركم بهدوء
فيخرج شادي من غرفته بعد الإنتهاء من إرتداء ملابسه:
_ماذا حدث؟لماذا تصرخي هكذا يارا؟
فتفيق يارا من فورة غضبها وعصبيتها:
_أسفة يا حبايبي لم أقصد،ولكن يجب أن تراعوا أن يوجد حالة وفاة ونقدر حالة الحزن التي أصابت أونكل وائل،وأصابتنا جميعاً
فتهتف سمر بحزن:
_يعني طنط سلمى مش هترجع تاني
فلم تستطع يارا التماسك وبدأت في البكاء،فيردف شادي وهو يحضن أولاده:
_لا يا أبنائي من يذهب عند الله لا يعود أبداً،نحن نبكي ونحزن على فراقه في البداية، ولكن يجب أن تستمر الحياة،ولكن نتذكره من آن إلي آخر ونترحم عليه
فيهتف إبنه ببراءة:
_يعني أنت يا أبي ستموت أيضاً مثل طنط سلمى؟
_كلنا سنموت يا عمر يا حبيبي،ولكن لا أحد يعلم معاد أجله؟
فيُنهي شادي هذا الحوار:
_هيا يا حبايبي كي أوصلكم إلي المدرسة
_هيا
ينطقوها الأطفال بصوت عالي وشقاوة معتادة
فيزجرهم شادي:
_ها
_أسفين يا بابا
يقولها الأولاد في نفس الوقت
ثم يوجه شادي سؤال لزوجته:
_مش هتروحي البنك؟
_لا أنا إستاذنت وخدت أجازة،سأذهب إلي ندى وأجلس معها شوية
يقبل شادي جبينها:
_براحتك،لو أردتي شئ هاتفيني
_تمام
......................
تلاحظ فيروز إرهاق زوجها البادي على ملامحه من أثر ما حدث في اليومين السابقين فتهتف بقلق:
_لو تشعر بالتعب،إسترح اليوم وإقضيه في البيت
فيربت أحمد على كتفها برفق:
_لا داعي،سأذهب إلي العيادة لا تقلقي
_على راحتك
فسأل أحمد بإهتمام:
_هل ستذهبي إلي عيادتك أيضاً؟
_نعم،ولكن سأشتري بعض الأغراض وبعدها سأذهب إلي العيادة
_تمام،سأذهب وأصطحب معي ياسمين لأوصلها إلي المدرسة
_ماشي ابقى انتبه على نفسك
تقولها وهي تربت على وجنته بحب لا يتبدل مع الأيام
_أحبكِ جداً
قالها أحمد بعاطفة صادقة أيضاً لم تتأثر بخداع الوقت والأيام
وفي سيارته هو وابنته ليوصلها إلى المدرسة...تهتف ابنته
بنبرة حزن وتأثر:
_بابا..ما الذي يجعل شخص ينتحر وينهي حياته بهذه الطريقة؟أليس هذا حرام؟
يتفاجأ أحمد من سؤال ابنته،وظل ينظر إلي الطريق وهو يفكر في إجابة السؤال،فابنته لم تعد صغيرة وهي تعرف أن سلمى قطعت شرايينها وأنهت حياتها في لحظة،فهذا يجعلها تسأل سؤال كهذا،وتريد أن تعرف دوافع انتحارها
مثلهم جميعاً،ولكن لا أحد يملك الإجابة
فيهتف أحمد وهو على دراية بوعي إبنته نوعاً ما:
_ياسمين... الإنسان بطبعه مش بيحب يحكي كل حاجة لأي حد حتى أقرب الناس إليه،وكل واحد لديه سر يتعمد إخفاءه،وعشان يحافظ على السر ومينكشفش،بيضطر إنه يبعد عن كل الناس إللي بيحبوه،حتى لو وصل إنه يموت،
المهم إن السر لازم يفضل سر
_يعني طنط سلمى كان عندها سر،وخافت ينكشف فانتحرت؟
يجاوب أحمد بحيرة:
_البيوت أسرار.....وفي نفس الوقت الشخص نفسه أسرار
العبارة الأخيرة تثير في نفس ياسمين حالة غريبة لا تعرف ما هي؟
الشخص أسرار.....من الممكن أن والدها يخفي أمر عنهم
فتسأل بتوجس:
_بابا،هل تخفي عنا شيئاً؟
ينظر أحمد لإبنته نظرة قلق ودهشة،ابنته التي تريد أن تعرف كل شئ ،وتسأل عن كل شئ،هي أصبحت في سن لا يكتفي بإجابة واحدة،ويريد الغوص في الأعماق حتى يتضح كل شئ
فأوقف أحمد السيارة أمام مدرسة ياسمين، فإستغلها فرصة كي ينهي الجدال:
_هيا وصلنا
_ماشي يا بابا،ولكن تذكر أن حديثنا لم ينتهي بعد
سيطر على أحمد حالة من القلق،وجاهد في كلامه كي يخرج عادياً:
_انتبهي على حالك
ثم قّبل وجنة ابنته،وترجلت ياسمين من السيارة لتلحق بطابور المدرسة
أما أحمد سيطر عليه جملة واحدة لا ثاني لها
*حديثنا لم ينتهي بعد*
هو لم ينكر خوفه من حديث ابنته التي اتخذ مسار لم يعرف نهايته.......
.............
تطرق يارا باب شقة ندى لتجلس معها وتواسيها في مصابها.....مصابها..مصابهم جميعاً،لا تعلم من يواسي من؟
فيفتح هاني الباب ليرحب بيارا:
_أهلاً يارا،كيف حالك؟
_حالي مثل حالكم جميعاً،ماذا كنت تتوقع؟
تهتف بها يارا بحدة سيطرت عليها بعد وفاة سلمى،فأدرك هاني أنه تفوه بسؤال ساذج كهذا،ماذا كان يتوقع إجابة سؤال كهذا؟صديقتهم التي لم يمر على وفاتها أسبوع
فأردف بنبرة ندم:
_أسف
_أنا الأسفة،لأني اتعصبت شوية،أين ندى؟
يردف هاني بنبرة حزن:
_في غرفتها ترفض تناول الطعام،بعد إذنك سأذهب إلي العمل
_تفضل
ينزل هاني وتدخل يارا الشقة وتتجه إلى غرفة ندى،وتطرق الباب فتردف ندى:
_ادخل
فتدخل يارا لتجدها جالسة على الأرض وتمسك هاتفها
وتقلب في الصور التي تجمعها مع الراحلة سلمى،ولا تتوقف بكاء،والدمع يسقط من عينيها بغزارة،وتقدر يارا هذا الشعور خصوصاً لندى؛لأن سلمى وندى كانوا أصدقاء من أيام الطفولة،وظلوا مع بعضهم حتى الجامعة وعندما تزوجوا سكنوا في نفس العمارة.......
هذه الصداقة جعلت كل واحدة تشعر وكأن ثانية نصفها الآخر،على الرغم من أن الصداقة ليست بالأيام والسنوات،ولكن الصداقة مواقف،ولكن سلمى وندى جمعوا بين الإثنين........
لم تجد يارا كلمات لتواسي صديقتها،هل تريد يارا من تواسيها؟أم أن الكلمات في هذه المواقف لا تُشفي الوجع داخلنا؟
فتجلس بجانب ندى تحضنها وتربت على ظهرها،وتحاول أن تخفف ولو جزء صغير من الوجع.....
نعم نحن نحتاج في حياتنا أشخاص تربت على كفنا،وتشعر بوجعنا مثلنا تماماً،كما يشعرون بأفراحنا دائماً
................
تخرج يارا من شقة ندى لتفاجأ بوائل ومعه شنطة ملابسه
لتسأله:
_مساء الخير يا وائل،هل ستسافر؟
وفي نفس الوقت يصعد هاني إلي شقته ليتفاجأ بوائل أيضاً
يردف هاني:
_ماذا يحدث؟
وتفتح ندى باب شقتها عندما تسمع صوت زوجها
فيكرر هاني نفس السؤال ليردف وائل بآلم:
_روحها في البيت،في كل ركن
ويوجه بصره إلي يارا:
_زوجك معه حق،يجب أن أبتعد عن هذه الشقة حتى أهدأ،أريد أن أريح أعصابي
فيمنحهم إبتسامة صغيرة:
_أرى وجهكم بخير
ويتركهم وائل دون أن ينتظر رد من أحد
ثم وهو ينزل يتفاجأ بفيروز تفتح باب شقتها وتسأل:
_هل ستسافر؟
فيجيب باقتضاب:
_سأستريح في شقة والديّ لفترة
تومئ فيروز رأسها ثم يمشي وائل عدة خطوات ثم تناديه فيروز ليلتفت قائلاً:
_نعم
_لو إحتجت أن تتكلم مع أحد،تعالى العيادة ولا تعتبر نفسك مريض بل صديق يا وائل
يمنحها ابتسامة أو بالأحرى نصف إبتسامة ثم يتركها ويذهب إلى شقة والديه
.................
في شقة والديه.....هذه الشقة التي تحمل ذكريات لا تنسى مع أشخاص هما كانوا كل حياته
فكان وائل يعيش في إحدى دول الخليج في فترة الطفولة
والمراهقة،ثم عاد مع والديه مصر وهو في سن الجامعة والتحق بكلية التجارة جامعة القاهرة،وبعد عام توفي والده وعاش مع والدته وشقيقته التي تزوجت فيما بعد وهاجرت مع زوجها إلي كندا وتوفيت والدته قبل زواجه بسلمى بعام واحد
هل جاء هنا ليتعافى؟أم جاء ليزداد وجعه أكثر؟
ما أسوأ أن تكون وحدك وليس لك لمن تلجأ إليه....على الرغم من أن وائل لديه أصدقاء ولكن الأصدقاء ليسوا كالأهل ،فالأب يعني الأمان والسند،وبعد رحيله والده فقد الأمان وشعر وكأنه إنكسر ظهره،والأم تعني الحنان،وبعد وفاتها إفتقد الحنان والحب التي كانت تعطيه له،حتى جاءت سلمى لتعوضه بحب وحنان تركوا أثرهم في قلب وائل،إلي أن ترحل هكذا بدون مقدمات.......
ظل وائل يفكر إلى من يلجأ؟
_إلي من ألجأ؟سألجأ إلي الله،سأدعو الله كي يصبر قلبي على ما أنا فيه،يصبر حتى يلتقي بأحبابه مرة أخرى
...............
في عملها تجلس يارا تمارسه بحماس عاد تدريجياً بعد رحيل سلمى لتفاجأ به أمامها ومعه بوكيه ورد:
_مرحباً بأجمل نساء الدنيا
تبتسم يارا وهي تتذكر لقاءهما الأول ،حيث كانت في بداية عملها في البنك،وجاء هو ليفتح حساب بنكي، وكان اللقاء، يارا كانت تعتقد أن الحب من أول نظرة في الأفلام والروايات فقط
ولكن عندما رأت شادي ،أحست بمشاعر الأنثى للمرة الأولى في حياتها تتحرك، وقتها أدركت أنها وقعت في الحب هكذا بدون مقدمات
.....أما شادي فعندما رأها لأول مرة شعر بالفعل بأنها أجمل نساء الدنيا ......
نعم...أجمل نساء الدنيا ليست شكلاً فقط،بل جمال الروح ونقاءه
هكذا نحن عندما نحب ،نرى المحبوب أجمل من كل شئ وأي شئ
الحب الذي يجعلنا نرى كل شئ في الحياة جميل ،وأن الحياة رائعة وتستحق أن نعيشها
فيهتف شادي مشيراً لبوكيه الورد:
_كل عام وأنتي حبيبتي
فتبتسم يارا وهي تأخذ بوكيه الورد
_شكراً
_لم تسألي ما المناسبة؟
_عيد ميلادي،ولكنه غداً وليس اليوم.
فيضحك شادي فيهتف برومانسية:
_أعلم،ولكن أريد أن نحتفل بمولد أجمل إمرأة في حياتي اليوم ووحدنا
تهتف يارا:
_وحدنا كيف؟
_سنتناول العشاء في المطعم الذي يطل على النيل ،المطعم الذي ذهبنا إليه لأول مرة بعد خطبتنا
نعم فتذكرت يارا أن أول مرة خرجت مع شادي ذهبوا إلى مطعم يطل على النيل وكان المنظر رائع لا تنساه أبداً
فتسأل:
_والأولاد؟
_تركتهم عند والدتي
ولكن فجأة تتكدر ملامح يارا،فيسأل شادي بحيرة:
_ما بكِ؟منزعجة لأني تركت الأولاد عند والدتي؟
_لا أبداً،أول عيد ميلاد لي بدون سلمى
أصابت عبارتها ألم في قلب شادي، سلمى التي برحيلها كسر أشياء بداخل كل واحد فيهم وخاصةً وفاتها الغامضة، ترى ما الذي فعلته سلمى لينتهي بها الأمر إلي الإنتحار؟
فيرد وهو يحاول أن يخرج زوجته من حزنها على رحيل صديقتها،واعتبر مناسبة عيد ميلادها فرصة ليخرجها من عالم أحزانها:
_رحمها الله حبيبتي، ولو كانت حية لقالت إحتفلي بعيد ميلادك ولا تشغلي بالك بي
فضحكت يارا ؛لأن شادي قال عبارته بطريقة سلمى في المزاح والسخرية
فينهي شادي حواره مع زوجته ليتركها تكمل عملها:
_سأنجز بعض الأمور، ونتقابل في المطعم الساعة 8،أريد زوجتي في أبهى صورة كما كنتِ في أيام الخطوبة
_ستراني اليوم أجمل مما رأيتني في أيام الخطوبة
تهتف بها يارا بتحدي،فيردف بثقة:
_سأرى اليوم أجمل الجميلات
.......................
_خير يا حضرة المديرة،ما الذي أصاب ابنتي ياسمين؟
تهتف بها فيروز للمديرة مدرسة ابنتها بعد أن استدعتها المديرة للحضور إلى المدرسة.........
_في البداية نعتذر لكِ مدام فيروز إذا عطلنا حضرتك عن عملك؟
فترد فيروز بقلق:
_لا، لم تعطلوني عن شئ خير؟ماذا فعلت ياسمين؟
فترد المديرة:
_حضرتك عارفة إن النهاردة نتيجة إمتحانات الشهر؟
تومئ فيروز رأسها ووتيرة القلق تتصاعد
_هذه درجات ابنتك هذا الشهر
تتناول فيروز أوراق إمتحانات ابنتها لتتحول ملامحها من القلق إلي الغضب
نعم درجات ابنتها تتجاوز نصف مجموع المادة بدرجة أو اثنين في كل المواد، ابنتها التي عُرفت في المدرسة بتفوقها
وتطلع من الأوائل كل عام ونالت حب الأساتذة لها تحصل على هذه الدرجات....كيف حدث هذا؟وما هذا التحول المفاجئ لابنتها؟
فتردف المديرة وهي تخرج فيروز من حالة الغضب التي سيطرت عليها:
_كلنا مثلك يا مدام فيروز، كل المدرسين إتصدموا من درجات ياسمين، غير هذا.....
_غير هذا ماذا؟
تهتف بها فيروز وتتصاعد وتيرة القلق أكثر وأكثر وتتوقع مما هو أخطر.......
لترد المديرة:
_جميع المدرسين لاحظم شرود ياسمين في الحصص وهذا ما أثر على درجاتها في إمتحانات الشهر
وتسأل المديرة بتردد:
_مدام فيروز هل تشاجرتي مع زوجك في الفترة الأخيرة؟
تتفاجأ فيروز من هذا السؤال ،فعلاقتها مع أحمد جيدة ولا تحدث مشاجرات كثيرة........
فترد باقتضاب:
_لا، علاقتي أنا ووالدها على ما يرام
فتهتف المديرة بجدية:
_مدام فيروز، حضرتك طبيبة نفسية وعارفة إن المشاكل التي تحدث بين الأب والأم تؤثر على نفسية الإبن ومستواه الدراسي
وتكمل:
_هل حدث شئ في الفترة الأخيرة أثرت على نفسية ياسمين؟
تهتف فيروز وهي لا تتوقع أن ما في رأسها قد يؤثر على ياسمين بهذا الشكل:
_توفت جارة لنا في العمارة التي نسكن فيها،وياسمين كانت تحبها جداً وهذه المرة الأولى التي يتوفى فيها أحد تحبه وتعزه ابنتي بشدة......
_البقاء لله،ولكن يجب أن تعلم ياسمين أن الحياة تستمر رغم رحيل الأحبة ويجب أن نمضي في طريق الحياة،نعم نحزن ونوقف الدنيا عند رحيل شخص عزيز لوقت ونرجع تاني نكمل حياتنا
تتفهم فيروز وتهتف:
_حاضر، شكراً لأنكم بلغتوني بهذا الأمر
لترد المديرة:
_لولا إني أعرف ياسمين وتفوقها، لكان لي موقف أخر
تخرج فيروز من عند المديرة وتشعر أنها منهكة من كل شئ......العيادة وموت سلمى وابنتها ما كل هذا......حقاً ما كل هذا يا الله
يدخل هاني البيت بعد انتهاءه من عمله ليجد ندى وهي يبدو عليها أنها مستعدة للخروج فسألها:
_إلي أين ستذهبي؟
_سأذهب لشراء بعض حاجيات المنزل....
فيهتف :
_طب لماذا لم تتصلي به وكنت سأشتري الأغراض بعد أن أنهي عملي
_أنا تذكرت هذا الآن،لا يهمك أنا لم أتأخر، تريد شئ؟
تسأله وعلى وجهها ابتسامة،ليجيب:
_لا أريد سلامتك
_لا تقلق عليّ
ثم تسأله بتردد:
_هل سيظل وائل في بيت والديه كثيراً؟
يتعجب هاني من سؤال ندى عن وائل ثم يخفي تعجبه:
_لا أعلم، سنتركه حتى يتعافى من صدمة وفاة سلمى
_رحمها الله، هيا كي لا أتأخر
قالتها وهي تتصنع الإبتسامة ،ثم خرجت
حدس هاني يخبره أن ندى تخفي أمر وهي تحاول أن تظهر بشكل طبيعي بعد وفاة سلمى
ثم ينظر بجانبه ليجد صورتهما في يوم الزفاف
أسعد يوم في حياة كل انسان بالطبع
يتذكر هذا اليوم وهو يبتسم
ندى التي أحبها من أول مرة رأها فيها، رقتها كانت تسحره،وكأنه في حلم رائع يتمني أن يكون حقيقة،ليصبح حقيقة بعدها،
ليتفاجأ بعد فترة قصيرة من معرفته بها تعترف بحبها له؛ليتحقق الحلم ويصبح حقيقة.كان فقط تفاجأ بإعترافها له وهي كان لم يبدو عليها إعجاب أو شئ في بداية معرفتهما،ولكنه لم يكترث بهذا الموضوع ؛إكتفى فقط بإعترافها الرومانسي الذي لم ولن ينساه أبداً
........................
دخل أحمد البيت ليجد فيروز تتشاجر مع ابنتها ياسمين، وصوتهما عالي ليدخل بين الإثنين ليهتف:
_ماذا حدث يا فيروز؟لماذا تتحدثي مع البنت هكذا؟
لتصرخ فيروز بعصبية:
_إسأل ابنتك؟
يهتف أحمد بضيق:
_ماذا حدث يا فيروز؟
_اتفضل وشاهد بنفسك
يأخذ أحمد أوراق إمتحانات ابنته ياسمين ليرى درجاتها في إمتحانات الشهر
_ما هذا يا ياسمين؟هذه درجاتك؟
تهتف ياسمين بصوت عالي :
_نعم،هذه درجاتي،لم أذاكر بشكل جيد هذا الشهر
_إخفضي صوتك يا بنت
ليرد أحمد يحاول تهدئة الموقف:
_اهدي يا فيروز، وأنتي يا ياسمين لم نعتاد منكِ هذه الدرجات، ما الذي حدث جعلكِ لم تذاكري هذا الشهر؟
تزفر ياسمين وتهتف:
أهذا تحقيق؟
يزجرها أحمد:
_ياسمين
وتستمر فيروز في صراخها:
_هذا الذي أخذه منها، قلة ادب
_لا أنا محترمة غصباً عن أي أحد
هتفت بها ياسمين بنبرة أقرب إلى الصراخ، ثم تركتهم ودخلت غرفتها وأغلقت الباب بصوت عالي
تهتف فيروز بحدة:
_أعجبك هذا؟
يمسك أحمد كتفها برقة:
_اهدي يا فيروز، ياسمين هذه الفترة على غير طبيعتها، وفاة سلمى أثرت على نفسيتها
تهتف فيروز بضيق:
_حتى أنت
_هل يوجد شخص أخر قال هذا؟
تهتف فيروز:
_قلت للمديرة أن سبب تراجع المستوى الدراسي لياسمين سببه وفاة سلمى، ولكن بداخلي لم أقتنع بهذا،فياسمين في سن حرج،شاهدت تصرفاتها؟
قالت عبارتها الأخيرة وهي تشاور على ما تفعله ابنته
_أنا أدخل لتهدئتها
فيدخل أحمد غرفة ياسمين بعد أن طرق الباب وسمحت بالدخول له:
_ياسمين هسأل سؤال واتمنى أن تكون الإجابة واضحة ومباشرة
تتغضن ملامح ياسمين ثم تومئ رأسها بعصبية:
_هل ما زالتِ حزينة على رحيل سلمى؟
تشيح ياسمين وجهها دون رد فيهتف أحمد بحدة:
_أجيبي عن السؤال يا بنت
فتهتف بحدة مماثلة:
_أنا حزينة لرحيل طنط سلمى بهذه الطريقة المفاجأة وبدون مقدمات
يربت أحمد على كتف ابنته:
_ياسمين نحن جميعاً مثلك ،تفاجئنا من موت سلمى بهذه الطريقة، ونشعر بأن في هذا الموضوع سر ويجب معرفته
_نعم،ما الذي فعلته سلمى؟ما هو هذا السر؟سلمى التي كانت مقبلة على الحياة وكانت سعيدة بحملها فجأة تنتحر هكذا؟
فتكمل
_بابا أنا عملت بحث على الإنترنت عن أسباب الإنتحار ،أسبابه بتكون إكتئاب أو حالة نفسية ،بس الذي يدفع الشخص ليصيب بالإكتئاب أو حالة نفسية هو أن يكون لديه سر، وخائف من أن ينكشف هذا السر فيصيبه بحالة نفسية تدفعه إلى الإنتحار
فكر أحمد في حديث ابنته لبرهة، ما الذي يجعلها تبحث في هذا الموضوع؟ إلا أن طرد أفكاره من رأسه وهتف بجدية:
_ياسمين، أريد منكِ أن تهتمي بدراستك وتذاكري وتعودي كما كنتِ متفوقة، فاهمة؟
أومأت ياسمين رأسها، ثم قبل أحمد جبينها ثم خرج من غرفتها وهو يفكر في أمر ابنته
هل لهذا السبب أهملت مذاكرتها؟وما الذي جعلها تهتم بهذا الموضوع؟
سامحكِ الله يا سلمى على ما فعلتهِ
كانت هذه أفكار أحمد وهذه الأسئلة تسيطر على رأسه وإجابتها عند ابنته
لابد من معرفة إجابة هذه الأسئلة، إن لم تكن اليوم،حتماً سيكون غداً
في المطعم الذي يطل على النيل يجلسان فيه يارا وشادي يتناولوا العشاء،حيث ظلت يارا تأكل وهي تنظر في وجه شادي وهو يأكل ليسألها وهو يبتسم:
_لماذا تنظري إلي؟
فترد له الإبتسامة وتهتف:
_لا شئ،أنا كنت أفكر فيك
ليضحك شادي :
_تفكري فيّ وأنا معك الآن؟وعندما لم أكن معك تفكري فيّ أيضاً؟
ترد يارا بعبارة ذات مغزى:
_أنا أتكلم جد،أتعلم يا شادي إنني إمرأة تمشي وراء إحساسها دائماً، وإحساس الأنثى لا يخيب ،وأنا إحساسي يكون صحيح دائماً
يتعجب شادي من طريقة كلامها وكأنها ستكشف المستور:
_لم أفهم،ماذا تقصدين؟
تلتقط يارا أنفاسها ثم تردف:
_ شادي، لم أنكر إنني أٌعجبت بك من أول مرة رأيتك فيها،ولكن كنت وإلي الآن عندما أنظر إلي عينيك ألمح فيهما حزن
_وهذا وقته؟
هتف بها شادي باستنكار حاد،لترد بسرعة:
_شادي أنا أسفة لم أقصد،ولكن...
تصمت ثواني مترددة في التفوه بجملتها القادمة:
_لماذا لا تحب أن تحكي لي عن ماضيك؟وعندما أحاول أن أسألك عنه تتهرب منه،وكأنه شخص يلاحقك في كل مكان
تتضح نظرة الحزن في عينيه التي تعرفها يارا، والتي تظهر عندما تسأله عن ماضيه.......
ولكن يحاول أن يتصنع الهدوء:
_حبيبتي، اليوم الذي عرفتك فيه،هو حاضري ومستقبلي والوقت الذي نبقى فيه معاً،هو أجمل حاضر لنتذكرها في المستقبل ونحن عجائز
تدرك يارا أنه يتصنع الهدوء الإبتسامة كي يخفي جرحاً تتمنى هي معرفته؛كي تداويه بطريقتها
ثم تمسك يديه برقة:
_حبيبي لا تخجل من ماضيك؛فالماضي هو جزء من الحاضر
فيبتسم لها ابتسامة حقيقية هذه المرة:
_الماضي مهما حاولنا طمسه نفشل،طمس معالم الجرح في نفوسنا،ولا نحاول إصلاح ما حدث في الماضي؛لذلك أنا أتجنب الكلام عنه
أدركت يارا إدراك اليقين أن شادي يُخفي جرح كبير بداخله ،وكل يوم يزداد اليقين؛حتى وصل إلى ذروته
بحدس الأنثى الذي لا يخيب أبداً أن شادي يخفي سر كبير ،وأن مجرد كشفهِ سيخسر زوجته وكل شئ
ولكن ما هو السر؟ يجب أن تعرفه يارا،وبعد ما تعرف السر ستقرر وقتها هل ستسامحه أم لا؟
......................
في بيت والديه يجلس على الأرض ويمسك صورة زوجته الراحلة وبداخله ألم كبير لا تكفي الأيام لمداواته
ما زال في حالة عدم إستيعاب لرحيل سلمى، بل أن يشعر بأنها حوله في كل وقت وفي كل مكان
يتأمل صورتها وهي تبتسم فيها،أعجبه إبتسامتها التي كانت تزين وجهها في كل الأوقات
كانت على طبيعتها وتتصرف بتلقائية وعفوية كطفلة
كل هذا أعجبه ......إبتسامتها ورقتها وعفويتها و
تنقطع أفكاره مع رنين جرس الباب ليقوم وائل بفتحه ليجدها أمامه، من جعلته يتذوق مرارة الألم والندم،وتهتف بجرأتها التي لا تجيدها إلا أمامه:
_إشتقت لك حبيبي
وهو لم يملك الرد إلا بإسمها:
_ندى
......................
الفصل الثالث
لا يصدق وائل كيف تجرأت ندى لتأتي إليه وفي شقة والديه ،ألم يكفيها ما فعلت؟
يكفي أن وائل يعيش حالة من عذاب الضمير وندى هي السبب
ندى التي تحاول معه من فترة قبل موت سلمى؛ولكنه هو لا يصدق أن هذه ندى
كيف تتظاهر أمام الجميع بأنها تحب زوجها وأن علاقتهما رائعة، ليس الجميع فقط
بل مع زوجها أيضاً،فيشعر وكأنه يخون زوجته سلمى ويخون صديقه العزيز هاني
فلا تنتظر ندى فتدخل الشقة ليمسكها من ذراعيها:
_ماذا تريدين مني؟إتركيني ويكفي ما حدث
تنفض ندى ذراعيها من يده وتدخل وتتجاهل عبارته فتهتف بجرأة أصبح الوحيد هو الذي يعرفها:
_ما الذي حدث؟ حبيبي جئت أطمئن عليه ما الأمر؟
_أنا بخير إتركيني لحالي
فتهتف ندى بجرأة واثقة وهي تتشبث بقميصه:
_أنت حالي وحبيبي وكنت أنتظر هذه الفرصة من زمان
لا يصدق أن هذه ندى جارته التي تميزت بأدبها وخجلها التي كان يُقسم عليها الجميع
كانت جارته في العمارة التي كان سكن فيها مع والديه وشقيقه
كان يذاكر لها عندما كانت في مرحلة الثانوية وكان يذاكر لها الرياضيات ويوضح لها بعض الأمور التي لا تفهمها
كانت وما زالت ندى بالنسبة لوائل صديقة وجارة عزيزة ،وكان يعتبرها مثل شقيقته،وبالفعل كانت أقرب صديقة لشقيقته
،حتى كانت شقيقته تعتبر ندى أقرب أصدقائها لأدبها وأخلاقها.....
يحمد الله الآن أن شقيقته تزوجت وهاجرت ،ولا شاهدت أقرب صديقة لها التي كانت تمثل أمامها أخلاق ماذا تفعل الآن؟
ندى التي في الفترة الأخيرة وقبل موت سلمى بفترة ليست كبيرة ليتفاجأ أنها تحاول أن تنتهز الفرصة التي يكون فيها خارج البيت لتبدأ مسرحية المطاردة.
فتقطع ندى أفكاره لتهتف:
_تعلم....أنا كنت أنتظر هذه اللحظة من زمان
ثم تحاول فجأة الإقتراب منه وعلى وشك أن تقبله ولكن يدفعها بقسوة ليسقطها على الأرض ليهتف بقسوة:
_انسي أن يحدث هذا.....ثم ماذا كنتِ تعنين بأنكِ إنتظرتي هذه اللحظة؟هل كنتِ تنتظرين موت سلمى لهذه الدرجة؟
وقفت ندى ثم هتفت ببرود:
_لا، كنت أنتظر طلاقكما ،وها هي جاءت من عند الله وماتت سلمى جزاءاً لما فعلته
تتجمد ملامح وائل وهو يحاول فهم عبارتها،ماذا فعلت سلمى؟
ثم تفاجأه ندى بضحكة إستهزاء ثم أردفت بسخرية :
_هل كنت تعتقد أن زوجتك ملاك؟أنت ساذجُ حقاً
ثم تكمل ضحكها وسط دهشة إستغراب وائل من كلامها،ثم لا يشعر بما يفعله وهو يمسك ذراع ندى ويطردها من البيت بقوله:
_إخرجي من بيتي ومن حياتي،زوجتي أشرف إمرأة في الدنيا
ثم يغلق الباب ويسمح لعبارته بالسقوط، سقطت ببطء قاتل ،ورأسه ممتلئ بالألغاز ويريد من يحل هذه الألغاز
هل سلمى أيضاً كانت مثل ندى تدعي الأخلاق أمامهم ومن خلفهم تفعل كما تفعل ندى؟
أما أن ندى لا تريد أن تغرق في وحل الخيانة وحدها وتريد أن تأخذ معها أعز صديقاتها سلمى؟
رأسه يكاد ينفجر من كل هذا
ظل هكذا خلف الباب حتى تخاذل جفنيه واستسلم للنوم
..........
في عيادتها تجلس فيروز وهي تنتظر يارا بعدما طلبت منها أن تأتي إلي عيادتها لتريدها في أمراً ما
ما هو ؟جسدها ونفسيتها متعبين من كل شئ من البيت والعيادة وخصوصاً المرضى عندما يأتوا إليها ليتعافوا من صدماتهم ومشكلاتهم......
تبتسم فيروز بسخرية، يعتقدون المرضى بأن الطبيب النفسي ساحر يخلصهم من مشاكلهم النفسية ويرون أن الطبيب النفسي لا يصابه أي مرض نفسي وأنه شخص عاقل وطبيعي مائة بالمائة،لا ليس هذا صحيح
الطبيب النفسي هو أيضاً يريد طبيب نفسي ليصلح له حياته وقد يكون لديه مشكلات أكبر من مشاكل مرضاه......
حقاً..........لا يوجد إنسان يخلو من علة جسدية أو نفسية
هذه أفكار فيروز قبل أن يقطعها طرق الباب.....إنها هي يارا
وتطلب منها الدخول، وتدخل يارا وتتبادلان التحية
وبعدها تطلب فيروز من يارا أن تخبرها بما عندها،وما الذي دفعها لتأتي إليها،لتهتف يارا بحيرة:
_سلمى
_ماذا؟
تتردد يارا وتصمت ثواني وكأنها ستعلن عن مفاجأة:
_سلمى كانت ليست على ما يرام الفترة الأخيرة
تندهش فيروز من حديث يارا ،ماذا تقصد بأنها كانت ليست على ما يرام؟
فتبدأ يارا تتحدث وتخبرها بما هو مفاجئ لفيروز:
_هل تتذكري اليوم الذي خرجنا جميعاً فيه،وأعلنت ندى عن حمل سلمى؟
تومئ فيروز رأسها وتطلب منها أن تكمل
_سلمى توترت في البداية ولكنها بعد حاولت أن تظهر طبيعية،غير ذلك كانت متقلبة المزاج وكثيرة الشرود،وكانت تتعصب بعض الوقت،فسرت هذا أنه من سببه الحمل لأني أيضاً كنت متقلبة المزاج في حملي في طفليّ
تصمت ثواني ثم تهتف:
_ثم حدث ما حدث
وتهتف فيروز بتعجب:
_لا أفهم، عايزة تتوصلي إلى ماذا؟
ثم تفتح يارا حقيبتها وتخرج منه شئ،إنه هاتف سلمى
وتتناوله فيروز من يدها وتهتف:
_كيف حصلتِ عليه؟
_أخذته يوم العزاء، تسللتُ دون أن يلاحظني أحد
وتحاول فيروز فتحه ولكنها تفشل لأنه بكلمة السر ،فتسأل يارا:
_هل حاولتِ فتحه؟
تومئ يارا رأسها بالنفي، فتفكر فيروز لبرهة ثم تأخذ الهاتف وتضعه في حقيبتها وأعلنت أنها تعرف شخص يفهم في هذه الأمور ستذهب إليه وتفتح الهاتف،ووقتها فقط يستطيعون معرفة حقيقة إنتحار سلمى
قلب فيروز يخبرها أن القادم سيأتي ومعه مفاجأت من العيار الثقيل
...................
في أحد الكافيهات يجلس أحمد ومعه شادي ويتسامران في أمورهما اليومية، يتشاركان الفرح والألم،وهذا أجمل ما في الصداقة مشاركة كل شئ المادية والمعنوية
فتحدث شادي مع أحمد والسر كالحبل الذي إلتف حول رقبته،ويزيد الخناق عليه كل يوم،السر الذي لا يعرفه أحد إلا والدته وأحمد وزوجته فيروز
ليعاتبه أحمد:
_يكفي ما تفعله في نفسك وفي زوجتك،ماذا كان سيحدث لو قلت لها؟
_ماذا أقول لها؟إنني كنت ضحية لعبة سخيفة من زوجتي الأولى،وأنها تزوجتني فقط لتنتقم من حبيبها الذي تركها وتزوج غيرها
.....نعم هذا هو السر،شادي تزوج قبل يارا إمرأة أخرى وكان يحبها بشدة، ولكن بعد أشهر قليلة من الزواج تفاجئه بأنها تريد الطلاق بدون أي مقدمات،إندهش وقتها من طلبها، وهو كان يوفر لها كل شئ كي يجعلها سعيدة،ولكن هتفت في نبرة قاسية أنها تزوجته فقط كي تنتقم من حبيبها القديم، وبعد أن حبيبها طلق زوجته وإعترف لها أنه نادم على تركه لها.
هنا تعلن عن إنتهاء لعبتها التي دمرت حياة شادي وجعلته يكره كل شئ،وأصاب بإكتئاب كادأن يدفعه للإنتحار
إلا أن صديقه أحمد إقترح عليه أن يذهب إلي فيروز زوجته وهو يعلم أنها طبيبة نفسية، في البداية رفض ولكنه بعد ذلك ذهب إليها وشرح لها كل شئ،وفيروز ساعدته في تخطي أزمته ،وعاد شادي مثل الأول وأفضل ،حتى بعدها عام إلتقى
بيارا ،ودق قلبه دقة حب لم يعرفها من قبل،ليست مثل سابقتها أبداً ومن هنا بدأت الحكاية
ولكن رفض شادي أن يخبر يارا أنه تزوج من قبل لأن هذا الموضوع يثير حفيظته بشدة،يرفض أن يذكر منه أي شئ
ولكن بعد ذلك دخل في حالة من القلق والخوف من أن تكشف زوجته هذا السر،ولا يعلم وقتها هل ستبقى معه أم ستتركه؟
صمت شادي لوقت ليهتف بعدها بحدة:
_تُرى ماذا ستفعل يارا وقتها حتماً ستتركني
ليرد أحمد بود:
_وممكن أن تسامحك لأنك كنت مجرد ضحية لإمرأة كانت تتسلى وليس أكثر
ويكمل :
_شادي، يارا ستعرف الحقيقة يوماً ما ،إن لم يكن اليوم فهو غداً
يهتف شادي بتوجس:
_لست قادراً على البوح بهذا الأمر،وفي نفس الوقت هذا الموضوع يقتلني بالبطئ كل يوم
_يجب ان تقتله أنت باعترافك إسترح، كل يوم يمر عليك سيقتلك هذا السر أكثر وأكثر،وأنا لا أعرف إلى متى سأظل أقول هذا الكلام،لساني تعب من هذا الكلام
يقول أحمد عبارته الأخيرة بحدة ممزوجة بحزن وقلق على صديقه
ليندم بعدها على حدته معه:
_أسف، أنت تعلم كم أخاف عليك!أنت لست صديقي ،أنت أخي وأكثر
فيتصنع شادي إبتسامة:
_دامت صداقتنا وهذه العشرة، سأذهب لشراء بعض الأغراض وأعود إلى البيت ،هل تريد شئ؟
ليرد أحمد بعبارة ذات مغزى:
_أريد سلامتك يا صديقي
نعم سلامته في أن يعترف لزوجته السر الذي لم يقتله فقط،من الممكن أن يقتلها معه
........................
يخرج هاني ومعه زوجته ندى من شقتهما ليتناولوا العشاء في الخارج وهم يخرجون يجدوا وائل يفتح باب شقته
ليهتف هاني:
_حمداً لله على سلامتك يا وائل
يلتفت وائل ليجد هاني وتقف معه ندى وترمقه بنظرة هو الوحيد الذي يعرفها ليرد وائل بإقتضاب:
_الله يسلمك ياهاني
_البيت نّور بك يا وائل
تهتف بها ندى ببراءة يعرف وائل أنها تتدعيه ،فيشيح بوجهه عنها
ليهتف هاني:
_طب سنخرج أنا وندى،تحب أن تخرج معنا؟
تجمد ملامحه فجأة ليهتف بحدة:
_لا أريد أن أسترح بعض الوقت
ودخل وائل شقته دون انتظار رد أحدهم
دخل الشقة......الشقة التي كانت تسكن فيها أحلى فتاة عرفها في حياته، يتذكر عندما كان يدخل شقته ويجدها في إنتظاره
وتجري إليه وتعانقه وتقبل وجنته وتهتف بأجمل الكلمات الذي ينزل على قلبه برداً وسلاماً،فتسقط دمعة منه على حبيبته التي ذهبت منه في لحظة
هل ما تقوله ندى صحيح؟
هل كانت أمامه شئ ومن خلفه شيئاً أخر؟
فينفض وائل رأسه محاولاً طرد هذه الأفكار من رأسه، وفسر هذا أن ندى لا تريد أن تقع وحدها في هذا الوحل الذي غرقت نفسها فيه،ولا يعرف ما سبب ما تفعله ندى؟
ولكن سيناريو إنتحار سلمى جعل تسيطر عليه أفكار يتصور فيها سلمى بأبشع صور ممكن أن يتصورها
هل كانت تخونه؟هل إرتكبت جرم وخافت من أن ينكشف؟
في رأسه الكثير من الأسئلة ولكن إجابتها عند شخص واحد لم يعد له وجود في هذه الدنيا...........سلمى
.........وفي المطعم الذي يتناولوا فيه العشاء تهتف ندى بقلق نوعاً ما:
_وائل محتاج إلي طبيب نفسي، وإلا حزنه على سلمى سيقتله بالبطئ
يصمت هانى برهة يفكر في أمر وائل وأن حديث ندى صحيح يحتاج إلى طبيب نفسي، إذن هي فيروز ،ولما لا؟فهي تعرف كل شئ
وتقطع ندى أفكاره:
_وائل محتاج أن نقف بجانبه جميعاً
يومئ هاني رأسه
_أنا أشفق على وائل بشدة
هتفت بها ندى ليرد هاني بحمية رجل غيور
_أنا ألاحظ أن حديثك كله عن وائل،لا تقولي جملة إلا وضعتِ فيها وائل
فتتصنع ندى إبتسامة وتحاول أن تلطف الجو:
_ما هذا؟هل أسميه غيرة؟وائل جاري من زمان ومثل أخي فلا داعي لهذا
هتفت بها بنبرة تحذيرية نوعاً ما،ليتصنع هو أيضاً إبتسامة ويهتف:
_هذا حب وليست غيرة حبيبتي وأنا لا أغير من صديقي أبداً
إبتسما الإثنان ولكنها إبتسامة مصطنعة ولكن يختلف السبب عند كل واحد
هاني يبتسم كي لا يعكر أجواء هذه الخروجة، ولكن لا يعرف لماذا إنتابه حالة من قلق وتوقع أشياء لم يتوقع حدوثها والأمر مرتبط بندى
أما ندى فهي مع هاني تتصنع كل شئ معه وليست الإبتسامة وحدها، فقلبها وعقلها وكل شئ مع واحد فقط ......وائل
..................................
عادت فيروز إلى البيت ومعها هاتف سلمى
يجب أن يفتحوا هذا الهاتف لمعرفة أي شئ قد يكون سبب في إنتحار سلمى، فتتذكر سعد جارها في الحي التي كانت تسكن فيه في الطفولة وهو معروف بشطارته في أي شئ يخص الهواتف والتكنولوجيا عموماً ،فاتصلت به فأخبرته عن هاتف سلمى وأنها نسيت كلمة المرور الخاصة بالهاتف وتريد فتح الهاتف فقال لها أن تمر بعد يومين ليفتح لها الهاتف فتشكره فيروز،فيدخل زوجها أحمد وهي تنهي المكالمة ليردف هو بتساؤل:
_مع من تتحدثي؟
تتردد ثانية فتكذب:
_يارا، أتصل بها للإطمئنان عليها
فيومئ رأسه ويهتف:
_كيف حالها؟
_بخير
ثم تمسك رأسها فجأة وكأنها تشعر بصداع ليسألها بقلق:
_ما بكِ؟
لتهتف وهي تتصنع التماسك:
_لا شئ،العمل وضغوطه أنت تعلم، أتعرف يا أحمد كم أحسدك؟
ليضحك أحمد ويسأل وهو متعجب:
_على ماذا تحسدينني؟
_أنت طبيب أسنان، سهل أنك تعالج مرضاك
يهتف مندهشاً:
_سهل يا فيروز؟ ألا تعلمي أن وجع الأسنان أصعب وجع ممكن أن يعيشه الإنسان !
فتضحك فيروز:
_لم أقصد الذي فهمته،قصدي أن العلاج الجسدي مهما تعظم أوجاعهِ،فكما يقولون ساعة ألم وستمر،صح؟
يومئ أحمد رأسه بالإيجاب
_لكن يبقى العلاج النفسي هو أصعب أنواع المرض،خاصةً أن نفس لا تُشفى سريعاً من أحداث قاسية مرت بها،وممكن أن تبقى هكذا حتى أخر العمر
يفكر أحمد فيما قالته فيروز نعم مهتهما أن يعالجوا مرضاهم ولكن أحمد يستعمل أدوات وأشياء مادية لإزالة الوجع من مريضه ،نعم سيتألم وقت ولكن سيعود بعدها طبيعي، أما فيروز مهمتها أصعب ؛فهنا لا تستعمل أدوات وأشياء مادية
في مجالها تتعامل مع كل ما هو معنوي، وهذا ما يصعب الأمر ،المرض النفسي علاجه أصعب وشفاءه أكثر صعوبة ؛
لأن النفس بطبيعتها لا تنسى من أذاها.
لتخرجه فيروز من أفكاره وهي تضرب يده بخفة:
_إلي أين ذهبت؟
فيضحك:
_أين سأذهب وأنا بجانبي القمر؟ ما رأيكِ أن نسافر ونغير جو؟
_فكرة رائعة ،ولكن إمتحانات ياسمين إقتربت، وأنا يجب أن أبقى بجوارها خصوصاً أنها لا تعجبني هذه الفترة
_إبنتك لم تعد صغيرة، وهذا سنها مثلها مثل غيرها
ثم تمسك يديه برقة وتهتف بحنان:
_أبقاك الله لي
يبتسم ويقبل يدها بحب:
_وأبقاكِ لي حبيبتي
........ما فائدة الحب لو لم يهون علينا مصاعب الحياة وآلامها ،هكذا يبقى الحب...........
...................
الخوف، ما أسوء الخوف عندما يسيطر علينا،الخوف هو عدو الإنسان يحكم قبضتهِ على رقبة الإنسان حتى تزهق أنفاسهِ
هذا شعور شادي الذي يزداد مع الأيام،حتماً خوفه من أن ينكشف سرهِ سيقتله بسكتة قلبية
ولا يجد مفر منه، ولكن لا ملجأ له إلا الله(ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
هذه حقيقة يبعث لنا طمأنينة وأن الله لا يفعل شر أبداً،وأن كل ما يحدث في حياتنا سئ قد يكون أفضل لنا من وقوع شئ رائع يحدث بعدها كارثة لا تحمد عقباه
كانت هذه أفكار شادي وهو يدعي الله في صلاتهِ ،وأن يجعله مطمئن دائماً وأن يترك كل شئ له
فينهي شادي صلاته وتدخل عليه يارا بعد أن قصت على أولادها حكاية كل يوم لتردف له:
_حرماً
_جمعاً
وإتجه الإثنان إلى السرير إستعداداً للنوم
يسأل شادي بتردد:
_يارا، هل يأتي يوم تتركيني فيه؟
لتتعجب يارا من حديثه لترد بقلق:
_لماذا تقول هذا؟
_لا أعلم، خطر على بالي هذا السؤال
لتمسك يده:
_لا يمكن أن أتركك
وتصمت ثانية ثم تهتف:
_إلا في حالة واحدة
لتصمت مرة ثانية ليسأل هو:
_ما هي؟
وتصمت لوقت كي تجمّع حديثها وقلبها يزيد دقاته نوعاً ما:
_لا شعرت أنك لم تعد تحبني، وأن قلبك مع إمرأة أخرى
لم تكمل عبارتها حتى جذبها وضمها إلى صدرهِ ليهتف بحنان شديد:
_لا تقولي هذا،أنا أحبك وسأظل أحبك، أنا لا أحب أحد غيركِ يا يارا،أنا أحبك
فترفع رأسها إليه:
_وأنا أكثر،لكن الحب وحده لا يكفي،يجب أن يكون مبني على ثقة
تراجع شادي برأسه للخلف في حركة عدم فهم لتكمل هي:
_ما أقصده عن وجود ثقة في العلاقة هو بداية الحب وليس نهايته
فينفض شادي رأسه في عدم فهم:
_لم أفهم أيضاً
فتلمس يارا كتفه برقة وتهتف:
_الثقة في أي علاقة زوجية يبدأ بأن كلاً من الزوجين أن يكون شفافاً أمام الأخر،بمعنى أن علاقتهما لا تغلفها أسرار أبداً
أاه،هذا هو الخوف بعينيه
أسرار......
أسرار ولابد من كشفها، وإن لم تنكشف اليوم وإنكشفت غداً قد يكون ثمنها خسارة أعز الناس على قلوبنا،
وأن كل يوم يمر ولا تكشف السر للشريك الأخر قد تحدث أزمة ثقة، نعم ممكن أن تخسر ثقته ولا تعود العلاقة كما كانت للأسف
طال شرود شادي، فتقوم يارا بإعادة تركيزه معها بحركة من إصبعها:
_أين شردت؟
فيشهق من المفاجأة لتنتابه حالة من التشتت لتكمل هي:
_شادي، أنت تعلم كم أثق بك،وكم أحبك وأُقدرك ،أتمنى أن تبقى عن حُسن ظني دائماً
قالتها بنبرة بها نوعاً ما تحذيرية،وولم تنتظر رد فعله وإتخذت وضع النوم،تاركة شادي في نهر خوفهِ وقلقهِ
....................
أكثر الشعور قسوةً هو أن شخصاً قريباً منك مسافةً،وأبعد عنكَ روحاً
شعور قاتل كسكين يغرز في قلبك
شعور يقتل هاني خاصةً في الفترة الأخيرة، أصبحت ندى أكثر تباعداً ،تتعامل معه ببرود،ذكره بأيام قبل إرتباطهما
كانت تتعامل معه بهذه الطريقة، ولكن هو كان لا يبالي، وكان يشعر أن يوماً ما ستشعر به وتدرك كم يحبها، وبالفعل بعد فترة قصيرة من خطبة وائل وسلمى أعلنت عن حبها له وأنها ستكون أسعد إنسانة عندما ترتبط بهاني وكان هو أسعد منها بكثير ؛ لأنه شعر بأن حلمهِ تحقق
تذكر هاني هذه اللحظة السعيدة في حياتهِ ليخفف عنه برود علاقتهما في هذه الفترة،لتخطر له فكرة تعيد مجد أيام خطبتهما
ليتصل بندى ليستقبل صوتها ببرود يغلفها في الفترة الأخيرة:
_إزيك يا هاني،هل حدث شئ؟
تصدمه برد فعلها ونبرة صوتها الباردة ولكنه يتجاهل هذا ويهتف بنبرة حب:
_إشتقت إليكِ
لتهتف هي بإستنكار:
_أنا لا أصدق، تهاتفني كي تقول لي إشتقت إليكِ وأنا معاك طوال اليوم
يندهش من رد فعلها وصدمته هذه مرة جعلته يريد إنهاء المكالمة إعتقاداً أنها من الممكن أن تكون مشغولة بأمراً ما
أما هي تصنعت الندم وأردفت:
_أسفةيا حبيبي،معلش كنت مشغولة فقط
_لا يهمكِ شئ
يصمت ثواني ثم جاهد مع نفسه كي يخرج صوته بنبرة تجمع بين الحب والمرح:
_أريدأن نخرج سوياً اليوم
فتزفر ندى وترد:
_أسفة يا هاني، لديّ بعض المشاوير
يشعر هاني بالخيبة:
_ما هي؟
_أريد أن أذهب إلى الكوافير ،وسأذهب إلى صديقةٍ لي لم أراها من زمن
ليسألها :
_ما هي صديقتك؟
فترد بتأفف:
_صديقة لم تعرفها أنت،صديقتي من أيام المدرسة
_طب من الممكن أن تأجلي معاك الذهاب إلى صديقتك غداً؟
لترد بإستنكار بارد:
_كيف هذا؟هي الآن في إنتظاري،ولا أستطيع أن أؤجل الموعد
لترى وائل يخرج من عمارة فتنهي المكالمة مع هاني:
_سأدخل الكوافير الآن،سلام
وأغلقت الخط دون أن تنتظر رده
أما هاني يشعر أن زوجته تبتعد عنه كل يوم أكثر وحاجز ما بينهما يزداد إرتفاعاً،ولا يعرف هل علاقتهما للأسف في نهاية المطاف؟أم أنها فقط سحابة صيف وستمر؟
يتمنى من قلبه أنها تكون فقط سحابة صيف وستمر
أما ندى فخرجت من البيت لتراقب وائل وتجد الفرصة أن تنفرد به بعيداً عن أعين أصدقائهم، فكان خرج من عمارةٍ ما،وبمجرد ما ركب سيارته حتى لحقت به وجلست بجوارهِ وهمست بحرارة:
_اشتقت إليك
ليصرخ وائل في وجهها:
_ماذا تفعلي هنا؟ألم تتركيني وشأني؟
تتجاهل ندى صراخه وتمسك يده وتردف:
_أنت لا تعلم كم أُحبكَ؟
ينزع يده من يدها بقسوة ويردف بنبرة أقسى:
_ندى،كل ما أعلمه إنكِ زوجة هاني صديقي،وهاني يُحبكِ جداً
فتزفر ندى وتهتف بسخط:
_وأنا لا أحب هاني،لا أنكر إنني حاولت أن أحبه ولكن لا لا أستطيع
ثم تهتف بنبرة تأثر حقيقية:
_تعرف في كل مرة أكون فيه مع هاني أتخيلك أنت ،أشعر بأنك معي رغم أنك بعيداً عني،أقسم لك أنني لم أُحب أحد كما أحببتك، ولا تمنيت أن أكون مع أحد إلا أنت
ثم وضعت رأسها على صدره تبكي ..
تبكي حقيقة لا تمثيل......
ندى كانت تحب وائل من زمان من أول ما سكن معها في العمارة،كانت هي في سن المراهقة وأول رجل يخطف قلبها وكانت تراه في خيالها عريسها وزوجها وهو يمسك يدها بكل حب،وكانت كل يوم يزداد تعلقها به وتحبه أكثر حتى بعدما أرتبط بسلمى والتي كانت ترى أن أسوأ ما فعلته في حياتها هو أنها عرفته بصديقة عمرها سلمى التى تراها دائماً خطفت منها حب عمرها ؛ولهذا لم تسامحها على ما فعلته بها حتى لو كانت ندى تظهر العكس.....
وفي هذا الوقت تعرفت على هاني صديق وائل في الحقيقة كانت لا تشعر بإتجاهه أي شئ وبعد إعلان وائل إرتباطه بسلمى
لا تعرف حتى الآن لماذا ذهبت إلى هاني وإعترفت له بحبها؟ وهذا طبعاً ليس حقيقي ،ما زال قلبها مع وائل
وكل يوم تكتشف أنها أخطأت خطأ عمرها بزواجها من هاني
وكانت على الجانب الآخر من الشارع الذي يقف فيه وائل بسيارته وبجانبه ندى وهي على صدره،تراهما ياسمين إبنة فيروز وأحمد،وتنصدم من ما شاهدته.......
هل ندى تخون زوجها مع وائل؟
تضع يدها على فمها في حالة من صدمة وعدم تصديق ،وترجع ياسمين للخلف قليلاً حتى لا يراها وائل وندى
أما وائل أبعد رأس ندى وهتف بحدة وقسوة:
_إسمعي يا ندى،أنا لم ولن أحب أحد كما أحب سلمى وما زلتُ ،هل تفهمي؟
تتجمد ملامح ندى من ما تسمعه،ليتأوه وائل ويمسك جانبه لتهتف بقلق وخوف عليه:
_ما بك؟
_من كام يوم أشعر أن جانبي يؤلمني ،واليوم ذهبتُ إلى الطبيب وطلب مني بعض الإشاعات والتحاليل
تتبدل ملامح ندى في ثانية من قلق إلى مكر....نعم مكر في تذكرت شيئاً بخصوص مرض وائل وأنه ليس أول مرة يشتكي من آلام جانبه ،ليقطع عليها أفكارها ويهتف بوهن:
_إخرجي من السيارة حالاً،إخرجي
فتخرج من السيارة دون أن ترد وبعد أن تبتعد عن السيارة تجد هاتفها يرن برقم صاحبه الذي تجاهلته الفترة الأخيرة ونسيته مع الأزمات التي حدثت فى هذه الفترة لترد بفتور:
_نعم
ليأتي الرد من الطرف الآخر:
_أريد مقابلتكِ الآن
لترد بإعتراض:
_وأنا لا أريد مقابلتك،خلاص من كانت تجمع بيننا رحمها الله من الدنيا ومن أمثالك
ليضحك بسخرية:
_بالفعل رحمها من أمثالي ومن أمثالك أيضاً
ليكمل:
_ بعد نصف ساعة إن لم أُقابلك في نفس الكافيه الذي كنا نتقابل فيه،سأذهب إلى زوجك وأحكي له كل شئ،هل تفهمين؟
وكادت ترد لكنه لم يعطيها فرصة للرد وأغلق الهاتف
...ماذا يريد منها هذا ما يُدعى هادي خطيب سلمى القديم؟
هذا الشاب العابث الذي تركته سلمى لإستهتاره وأن كل ما يشغله في الحياة الخروج والفتيات وتركته لأنها أدركت أنه لن يتغير.....
وبعد زواج سلمى من وائل،حاول الإتصال بها وكانت تتجاهله،وحاول مقابلتها أكثر من مرة وأعلن لها أنه تغير وأنه لا يريد شيئاً من الدنيا غيرها فقط،ولكنها أعلنت في وجهه أنه لو أخر رجل في الدنيا لن تتزوجه، أما ندى فقد وجدتها فرصة لتنهي علاقة سلمى لوائل وتطلب ندى الطلاق من هاني وتتزوج وائل ،وإتصلت بهادي وأخبرته أنها تصدقه وستساعده كي يتزوج سلمى...
لكن ما الذي يريده منها هذا الإنسان الآن؟ ستذهب وستعرف بنفسها
...................
5
وصلت ندى إلى الكافيه،وكان هادي في إنتظارها، وعندما رأها لوح بكفيه فإتجهت إليه وجلست قبالته ليردف بتهكم:
_والله زمان يا ندى
_ماذا تريد؟
ليضحك هادي بسخرية ويكمل:
_أريد سلمى
_سلمى ماتت
_أعلمُ،لكن أنتِ وعدتيني إنكِ ستساعديني لأتزوج سلمى
ترد بتأفف:
_نعم ،كنت أساعدك لأنني كنت أشعر أنك تحب سلمى وأنك ندمت على ما فعلته بها،وأنك إبتعدت عن كل ما كان يزعجها منك
ليرد بتهكم:
_كنتِ تساعديني لأنكِ وجدتِ فرصة في أن ممكن تتزوجي وائل يوماً ما
اتسعت عيناها في صدمة
كيف عرف أنها تسعى كي تتزوج من وائل
ليرد:
_ماذا؟كنتِ معتقدة إنني لم أعرف
ويضحك وضحكته تثير قلقها وغضبهافي ذات الوقت لتسأله بتوجس:
_ماذا تريد مني؟
ليرد بهدوء وكأنه يقول شئ عادي بالنسبة لها:
_أريد مليون جنيه
تتجمد ملامحها لكن ترد سريعاً:
_هل جُننتَ؟من أين أتي بمبلغ كهذا؟
يتجاهل عبارتها ويكمل:
_يا عزيزتي كل شئ وله ثمن،هذا المبلغ ثمن السر الذي بيننا
ويخرج هاتفه من جيبه ويُسمعها تسجيلات بصوتها
هذا الشخص كان يسجل لها كل ما قالته وعن كل الخطط كي يستعيد بها سلمى لتهتف بصوت عالي:
_أنت حقير،كنت تسجل لي
يضع سبابته على شفتيه في إشارة صمت:
_إهدئي يا إمرأة، نحن في مكان عام،وأي شئ ستفعليه سيضركِ في النهاية وحدك
_حقير
ليرد بغرور:
_قليلاً مما عندكم،أنتِ ساعدتيني وجعلتِ سلمى حامل مني أنا
العبارة الأخيرة جعلتها تتذكر الحوار الذي دار بينها وبين سلمى التي كانت تهتف بخوف وقلق:
_كيف؟كيف هذا؟
لتربت ندى على كتفها:
_إهدئي،أخبريني، لماذا أنتي غاضبة؟لأنكِ حامل من وائل،أليس تحبين وائل وتريدين طفلاً منه؟
ثم تفجر سلمى مفاجأة:
_وائل عقيم،مستحيل أن يكون أب
تشهق ندى بصدمة،هذه الليلة التي دبرتها مع هادي كي........
معقولة، نعم
نعتقد أن أقرب الناس لدينا هما أخر ناس ممكن أن تكون أشخاص مؤذية وتريد أن تدمر أي شئ في طريقها وتدمر أي شخص حتى أقرب الأقربين
نعم.....هذا الكلام ينطبق على ندى
ندى التي ضمرت لسلمى الشر، ففي يوم كان هاني مسافر وإتصلت بسلمى كي تقضي معها اليوم،وفي نفس الوقت إتصلت بهادي كي يأتي ويفعل ما تطلبه منه،في البداية رفض ما طلبته منه ولكن بعد إلحاح ندى وإقناعه أن ما سيفعله مع سلمى هو الذي سيضمن أن سلمى ستعود إليه وسيعيش معها إلى الأبد،وجاء إلى البيت مرتدياً النقاب كأنه إمرأة كي لا يكشفه أحد،أما ندى فوضعت مخدر في العصير الذي شربت منه سلمى،وحدث ما حدث،وفي اليوم الثاني إستيقظت سلمى وسألت ما الذي حدث معها؟
لتدعي ندى أنها مرضت فجأة وطلبت لها الطبيب وقال أنه إنخفاض ضغط ليس أكثر،ولكن ندى لم تعلم أن وائل عقيم ،وهذا مع جعل اللعبة التي لعبتها أكثر إثارة........
ليعيدها هادي من شرودها:
_إنتي
تشهق بعنف ويكمل هو:
_أما أنا ،فلم أتوقع أنكِ حقيرة لهذه الدرجة
ويردف :
_لم أكن أعلم أنك تضعي كاميرا في غرفة النوم وتصوريني مع سلمى
لترد بعصبية:
_يا أحمق، أنا كنت أفعل هذا كي أُساومها كي تترك وائل وإلا ستنال الفضيحة!
ليكمل ولا يبالي بما قالته:
_يومان فقط كي تُدبري المبلغ، وإلا ستنالي أنتِ الفضيحة
_ممكن أن تسمح بمد المهلة كي أستطيع تدبير المبلغ
يتجاهل عبارتها:
_ما قلته هو أخر ما عني،مع السلامة
ويقف ليهم بالرحيل ويمد يده في جيبه ليحاسب ،ولكن يتراجع في أخر لحظة ليهتف بتهكم:
_إدفعي أنتِ الحساب،ما فعلتهِ ستدفعي حسابه من الآن
ولوح لها بكفيه ثم غادر المكان
لتشعر ندى بالإختناق وموعد خسارة كل شئ على وشك الإقتراب
في عيادتها تجلس فيروز تنتظر المريضة القادمة حيث أنها أول جلسة لها
فتدخل المريضة وترحب بفيروز، وتجلس على الشيزلونج وتبدأ فيروز الحديث:
_أنتِ هنا لكي تحكي وتتحدثي عن كل شئ بدون خوف ولا خجل،وأن المريض بالنسبة للطبيب كتاب مفتوح،تمام
لتومئ المريضة رأسها بالإيجاب
لتبدأ المريضة في الحديث وتهتف بشرود وكأنها تتذكر ذكرى بعيدة:
_أنا إسمي علياء،مطلقة ولديّ ولدين،عانيت من أبي وقسوته، أجبرني أن أتزوج من شخص غير حبيبي، نعم كنت أحب إبن الجيران،وهو أيضاً كان يحبني وكان يكبرني بأربعة أعوام وإتفقنا بعد أن يُنهي دراسته الجامعية يأتي لخطبتي
تصمت علياء وتسمح لدموعها بالإنهمار
يبدو أن هذه المرأة عانت كثيراً،وتوجعت بشدة من أقرب الناس إليها
لتشجعها فيروز على الحديث:
_أكملي
لتمسح دموعها وتُكمل:
_جاء لخطبتي،والدي رفضه،بل أهانه وإعتبره شاب طائش لا يصلح للزواج، ولكن كان هو أرجل رجل ممكن أن تقابليه في حياتك،ووقتها برر والدي بهذا أن الحب شئ والزواج شيئاً أخر،وأمرني أن أنسى هذا الأمر نهائي
وكملت حديثها وأن بعد أعوام من رفضه لحبيبها ،أجبرها على الزواج من رجل لا تعرفه وهو رجل ميسور الحال ويعيش في الخارج،وتزوجته وسافرت معه إلى الخارج ليذيقها كل أنواع العذاب،ويعاملها كجارية كخادمة يُذلها ويهينها،وبعد سنوات من مسلسل الإهانات رفعت عليه قضية طلاق وحصلت على حريتها وعادت إلى مصر مع أولادها،لتعتمد على ذاتها ولا تحتاج إلى أحد،ولم تسأل عن والدها منذ أن عادت لتعترف بقسوة:
_أنا أكرهه، نعم أنا بنت تكره أبيها،يقولون أن كثرة القسوة تُعلم الجفاء
تُقدر فيروز مشاعر علياء،وخاصةً ما فعله بها
يُعاملها كما لو كانت بضاعة يبيعها لمن يُقدرها بثمناً كبير،وترد فيروز بتعاطف:
_علياء، أُقدر حجم مأساتك، ولكن أيضاً مهما حدث هو يكون والدك في النهاية
لتهتف بصرامة:
_لا، من يفعل هذا مع إبنته ليس أباً بالمرة، أب مات قلبه من زمان
وتحاول فيروز تغيير الموضوع:
_طب مدام علياء،ما الذي ستفعليه في الفترة القادمة؟
تردف علياء وهي تبتسم ابتسامة ثقة:
_سأقف على قدمي،ولا أحتاج إلى أحد،وسأكون قوية لأجل أولادي
وتصمت ثواني وبعدها تهتف بحزن:
_وممكن أن ألتقي بحبيبي القديم،وأرى كيف حاله الآن؟بالطبع أكيد أصبح له عائلة زوجة وأبناء،أريد فقط الإطمئنان عليه
وترمقها فيروز نظرات ما بين حزن وعطف وإشتياق لماضي ذهب ولن يعود
وتتصنع علياء الإبتسامة وتهتف:
_أسفة
_على ماذا تتأسفي؟مر عليّ حالات مثل هذه وأكثر
فهنا تبتسم علياء إبتسامة حقيقية وتردف:
_أعذريني، لأنها المرة الأولى التي أتي فيها إلى طبيب نفسي
وترد لها فيروز الإبتسامة:
_أتمنى أن تكوني أكثر راحة وأمان،نلتقي الأسبوع القادم
لتقوم علياء وتسلم على فيروز وترحل، تاركة فيروز في حالة من التأثر لحالتها، وعلياء من الحالات النادرة التي تؤثر في فيروز بشكل كبير
......................
يجلس أحمد مع هاني في بيته بعدما إستدعاه الأخير لأنه يريد الحديث مع أحد،ويحكي له عما فعلته ندى معه اليوم ليربت أحمد على يديه ويردف:
_إهدأ يا هاني،لا تكبر الموضوع صديقتها لم تراها منذ زمن وأرادت أن تقضي معها وقت لطيف، وأنت تشاهدك كل يوم،وإن كنت تريد الخروج معها الأيام القادمة كثير
لم يخفف كلام أحمد من ضيق هاني ليردف هو:
_لا يا أحمد،أنا أشعر أنها تغيرت معي الفترة الأخيرة، وكأنها لا تريد أن تراني، ندى لم تعد تحبني يا أحمد
صمت ثم أكمل بوجع:
_أو ممكن ندى لم تحبني من الأساس
ليرد أحمد بإستنكار:
_ما هذا الهراء يا رجل؟كيف تتحدث بهذا الكلام؟
ليرد هاني بغضب:
_ما نظهره أمام الناس ،ليس كله حقيقي
ليسأل أحمد بتعجب:
_ما الذي تقصده
يهم هاني بالرد،لكن يسمع صوت المفتاح معلناً عن عودة ندى،وتدخل ندى تتصنع الإبتسامة :
_كيف حالك يا أحمد؟
ليرد أحمد عاتباً:
_هكذا يا ندى
وينظر إلى هاني الذي أشاح بوجهه بعيداً عن ندى،فتفهم ندى وتتصنع الخنوع وتنكس رأسها وتهتف:
_أسفة يا حبيبي، أعلم أني كنت ثقيلة الظل في الصباح، ولكن كما قلت ،كنت أزور صديقتي التي لم أراها من زمن
ليبتسم أحمد ويرد:
_خلاص يا هاني،ها هي ندى إعتذرت
ونظر هاني إلى ندى ويهتف بصرامة لم تعتادها:
_ندى،لن أسمح لكِ أن تتحدثي معي هكذا مرة ثانية فاهمة؟
يتعجب أحمد من طريقته في الكلام،فهذه أول مرة يتحدث بهذه الصرامة، وأما ندى إعتقدت أنه يمزح فاقتربت منه متشبثة بقميصه:
_فاهمة يا حبيبي لا تغضب هكذا
يزيح ذراعها بقسوة لم يعتادها أحد من هاني ويترك ندى وأحمد ويدخل غرفته ،أما أحمد يستأذن للخروج:
_سأعود إلى شقتي
ويتوجه أحمد إلى الباب إستعداداً للخروج ولكن تستوقفه ندى بقولها:
_أنا رأيت ياسمين كانت تفتح باب شقتها للدخول ناديت عليها لكنها لم ترد وأغلقت الباب بحدة
يتعجب أحمد، فيرد محاولاً التبرير:
_من الممكن أنها لم تسمعك
لتهتف متعجبة:
_غريبة، كنت عندما أهمس لها فقط كانت تأتي إلي وتبتسم وتحكي لي عن أخبار يومها في المدرسة،ولكن أنا همست لها ،ثم ناديتها بصوت عالي ولكنها تجاهلتني
فيهز أحمد كتفه في حيرة ويردف :
_لا أعرف،سأعود إلى شقتي وأسألها
فتهز ندى رأسها فتترك أحمد ينزل إلى شقته لإبنته ليفهم ما حدث
في غرفتها كانت تجلس ياسمين تسترجع ما رأته اليوم
هل من المعقول أن ما رأته حقيقي؟
ندى التي كانت تعتبرها صديقة لها وليست جارتها فقط وكانت تحكي لها تفاصيل يومها الدراسي،وبعض أسرار لا تحب أن تقولها لوالدتها
كانت تعلم ياسمين أن ندى كانت جارة وائل في عمارتهما القديمة وكان وائل يُعاملها مثل شقيقته
وكانت تتذكر كيف صرخ وائل في وجه ندى
يقطع أفكارها طرق الباب لتسمح للطارق بالدخول ،فيدخل والدها ويردف بحنان أبوي:
_كيف حالك حبيبتي؟
فتهز ياسمين رأسها في إشارة أنها بخير
يصمت أحمد برهةثم يهتف:
_طنط ندى نادت عليكي،ولكنكِ تجاهلتيها تماماً
تجحظ عيناها في خوف نوعاً ما وتُجاهد كي تخرج كلماتها صحيحة بدون تلعثم ويظهر عليها التماسك:
_لم أسمعها يا والدي ،كنت شاردة
_شاردة في ماذا؟
يُهيأ إلى ياسمين أن والدها هتف بصرامة وكأنها في تحقيق رسمي،رغم أن نبرته كانت عادية فترد بتلعثم هذه المرة:
_في إمتحانات ،نعم الإمتحانات
فيمسك أحمد كتف إبنته برقة أبوية ويهتف:
_ياسمين، هل تخفي عني شيئاً؟
يدق قلب ياسمين بسرعة ،تشعر كأنها إرتكبت جُرم ،فتفضل ياسمين الصمت ليرد أحمد:
_ياسمين، إذا كنتِ تخفين شيئاً إعترفي على الأقل لي.
فتسأل ياسمين والدهابتوجس:
_هل ستغضب مني يوماً عندما تكتشف أنني أخفيت عنك سراً؟
ليبتسم لها إبتسامة أمان ويردف:
_وما الداعي الذي يجعلك تخفي عني سر؟
ويكمل:
_ياسمين، يجب أن تعلمي أن الإبن كتاب مفتوح لوالديه،ومهما حدث يجب أن تُعرفينا كل شئ،لأننا سنعرف سنعرف، والأفضل
أن تعترفي لنا،وإلا سنعلم من الخارج، وستكون وقتها ضربة قاسية، سينكسر شئ صعب إصلاحه،ماشي يا ياسمين؟
فتهز ياسمين رأسها في قلق وحيرة، ويُقبل أحمد رأسها ويبتسم لها ثم يخرج من غرفتها
أما هي تجلس على سريرها وتبكي وتشعر بحجر ثقيل على صدرها وتريد إزاحته بأي طريقة
...........................
يجلس مع أولاده على مائدة الطعام ينتظر زوجته التي تعد العشاء فيمسك هاتفه ليتصفح على الإنترنت ليتفاجأ بخبر إلقاء القبض على زوجة رجل أعمال معروفة بعد أن ورطها،كانت شركته تخسر ويتراكم عليها الديون فقام بكتابة الشركة بإسم زوجته،وتمكن هو من الهرب ،هذه المرأة التي دمرت حياة من أحبها بشدة
سبحان الله(يُمهل ولا يُهمل)
تقطع يارا أفكار شادي وتهتف:
_شادي العشاء جاهز
جلست على الطاولة وتلاحظ تركيزه مع هاتفه لتسأل بإستنكار :
_هذا وقت الهاتف؟
فيعتذر لها:
_أسف، أتابع بعض الأخبار على الإنترنت
تومئ يارا رأسها وتهتف:
_أنا أشعر ببعض القلق،حتى أقرب الأقربين لم يعد لديهم أمان
فيسألها:
_ماذا تقصدي؟
_المرأة زوجة رجل الأعمال التي سُجنت بسببه،بعد أن كتب لها شركته بإسمها وشركته غرقت في الديون ،السوشيال ميديا تتحدث عن هذه القضية
ينتاب شادي بعض القلق فتمسك يارا معصمه وتردف بمرح:
_هذا الأمر يجعلني أخاف منك، وأخاف أن تورطني في شئ،ولكني أنا لستُ أي إمرأة،أنا أستطيع أن أُورط قارة بأكملها
يضحك شادي مجاملة لزوجته ويهتف بمرح مصطنع:
_أنتن لا يقدر عليكن أحد غير الله
تضحك يارا ضحكة إفتقدها هو منذ زمن ويرد إبنه بمرح سيطر عليهم الليلة:
_نعم يا والدي معك حق،فشقيقتي تفعل المصيبة وتورطني أنا
فيضحكان شادي ويارا من تلقائية وبراءة إبنهما وخصوصاً شادي التي تحولت إلى ضحكة حقيقية هذه المرة
وليأتي دور الإبنة لترد بفخر:
_نعم، أنا طفلة يُترك لها بلاد بأكملها
ضحكوا جميعاً من هذه الجلسة الأسرية الرائعة التي تمتزج بين الأمان والحب والمرح
تمنى شادي من كل قلبه أن تظل السعادة دائمة في حياتهم ولا يفرق بينهما شئ
ويارا التي أيضاً تمنت أن لا يدخل قلب أسرتها غير السعادة والفرح
وقفت تتأمل الطاولة التي وضعت عليها فطار اليوم،نعم رغم الضغط الذي تتعرض له بسبب ما يُدعى هادي وتهديده،إلا أنها لا ينقصها سوء مزاج من زوجها فقامت مبكراً تُحضر له الفطار لعل مزاجه يتحسن
فخرج من غرفته ويتوجه إلى باب الشقة ويستعد للخروج لتستوقفه بندائها الهادئ:
_هاني، أحضرت لك الفطار الذي تفضله ألم تتناوله؟
يرد ببرود:
_شكراً سأتناول الفطار في الخارج
تشعر ندى بخيبة أمل، هل كان ينقصها هذا ،إلا أنها تطرد هذا الشعور وتتكلم بنعومة إمرأة:
_أنت تعشق أن تأكل من يدي،أليس أنت من قلت لي هذا؟
يتجاهل هاني عبارتها ويهتف بنبرة تحذير:
_إسمعي يا ندى، لم أُغير طريقتي معك،حتى تحكي لي كل ما تخفيه عني
فتتصنع ندى الجهل:
_لم أفهم ما الذي تقصده
_لا تّدعي الغباء،إذا عرفت في يوم من الأيام أنكِ أخفيتِ عني شئ لتري مني وجه أخر غير الذي تعرفيه
هتف بها هاني بحدة شديدة وبتهديد، أما ندى تشعر وكأنه يعرف شئ ولكنه يّدعي الجهل
ثم يتركها ويغلق الباب بحدة،أما ندى فتشعر بالسخط من كل شئ
ما الذي أصابه هذا؟
رأسها يكاد ينفجر من كل هذه الضغوط التي حاصرتها
ليرن هاتفها برقم هادي
هل جاء ليكمل عليها أكثر ويذكرها بالدين
نعم ما فعلته أشبه بدين ثقيل ويجب سداد الدين
فتزفر ثم ترد:
_نعم
ليرد ببرود ساخر:
_هل نسيتِ ما إتفقنا عليه؟
تزفر ندى ثم ترد بضيق:
_لم أنسى،سأدبر المبلغ كي أتخلص منك إلى الأبد
يضحك بسخرية ثم يردف:
_يا حبيبتي هذا ثمن صغير أوي للحفاظ على هذا السر
لترد بسخرية:
_ألهذه الدرجة سري ثمنه غالي جداً
_نعم غالي جداً،يساوي حياتك
تتجمد ملامحها مما سمعته ليرد سريعاً:
_دبري المبلغ في أسرع وقت وإلا تحملي نتيجة أفعالك
ثم يغلق الخط دون أن ينتظر ردها
وضعت ندى يدها على رأسها تفكر،وبعد فترة من التفكير تُقدر بيع سيارتها،وعندما يسألها هاني عن سبب بيعها ستقول وقتها أنها كانت لديها ديون وسددتها
في بعض الأوقات تكون أخطاء الماضي أشبه بديون ثقيلة على الإنسان ويجب أن يُسددها ، وإلا ستخنقه حتى تجعله يخسر كل شئ....
يخسر الحاضر والمستقبل
.............................
في طريقه إلى مدرسة إبنته تتصل به زوجته فيروز فيرد:
_نعم حبيبتي
فتبتسم فيروز شعور يتجدد لديها عندما تسمع كلمة "حبيبتي "
لترد بإبتسامة:
_هذه كلمة لها مفعول السحر عليّ،كلماتك تجعلني أذوب كقطعة ثلج
فيضحك أحمد من كلمات زوجته فيهتف:
_لماذا تتصلي بي؟
_اتصلت بك كي أُخبرك أني سوف آتي متأخرة اليوم،لديّ مشوار وبعدها سأخرج مع يارا وهي إستأذنت زوجها
يتعجب أحمد برهة لكن سرعان ما يختفي تعجبه ويهتف:
_ماشي حبيبتي ،سأذهب إلى مدرسة ياسمين
_لماذا؟
_المديرة هاتفتني وطلبت إستدعائي إلى المدرسة لأجل ياسمين
فتهتف فيروز بإقتضاب :
_تمام، سأعرف عندما أعود،وأرى ماذا فعلت الهانم هذه المرة
_سأذهب هناك وسأفهم كل شئ،مع السلامة
ثم يُنهي أحمد المكالمة
وبعدها بمدة كان يجلس في مكتب مديرة المدرسة ويهتف ببعض القلق:
_خير،هل إشتكى أحد من ياسمين؟
فتبتسم المديرة وتهتف:
_أبداً أنا طلبت حضور حضرتك،وكنت أتمنى حضور المدام أيضاً،لأخبركما أن ياسمين قدمت بحث أعلنت عنه إدارة المدرسة وفازت بالمركز الأول
يتحول قلقه وحيرته إلى سعادة وفخر،ليسأل أحمد:
_البحث عن ماذا؟
_البحث عن أسباب الإنتحار
يندهش أحمد عندما يسمع عنوان البحث
أهذا ما شغل ياسمين عن دراستها؟ فعاد يسأل:
_متى طلبت إدارة المدرسة البحث؟
_منذ فترة،قبل أن أتصل بمدام فيروز لأخبرها عن مستوى الدراسي لياسمين الذي تراجع
إذن شكوكه تحققت وأردفت المديرة :
_على فكرة مستوى الدراسي لياسمين عاد مثل الأول،أصبحت أكثر تركيزاً،والمدرسين عادوا يمدحون مستواها الدراسي
ليطرق الباب فتسمح المديرة بالدخول ليدخل مشرف البحث وتعرفه المديرة على أحمد والد ياسمين ليبتسم المشرف في إعجاب وتقدير لمستوى إبنته ويهتف:
_في الحقيقة لم يتوقع أحد أن ياسمين تقدم بحث بمنتهى الدقة والتفصيل وأنها تعمقتي الموضوع على عكس الأغلبية أخذوا من سطح الحكاية وليس بعمقها، رغم أن ياسمين أخر تلميذة قدمت البحث،ولكن هي أفضلهن
وتطلب من المشرف أن يقدم بحث ياسمين لكي يراه والدها ويقرأ بحثها،وبالفعل إنبهر الأب من أسلوبها في سرد البحث ،والموضوعات التي توغلت فيها
ياسمين لم تُخيب ظن أهلها بها وأن البحث أثر فترة في مستواها الدراسي، ولكن الأب وقع في حيرة ،هل تراجع المستوى الدراسي لياسمين سببه البحث وليس إنتحار سلمى؟سيعرف الإجابة من إبنته
يصل شادي الى بيت والدته ليأخذ أولاده لأن يارا قالت له أنها سوف تتأخر اليوم وستكون مع فيروز،تعجب برهة ولكنه لم يهتم كثيراً،يكفي أن زوجته عرفته أين ستخرج ومع من؟
وصل إلى شقة والدته التي رحبت به وكأنه غائب عادَ من سفر طويل
شادي إعتاد على هذا، وإعتاد على مبالغة والدته في أي شئ يخصه منذ كان طفلاً،فيدخل شادي يسأل على أبناءه فقالت له أنهم نائمون ولكنها أرادته في شئ مهم وجلس الإثنان على أريكة منزلهم:
_عندما سمعتُ عن سجن هذه الملعونة لم أصدق والله إلى الآن لم أُصدق أن الله انتقم لك منها
_الحمد لله
ثم تفاجأ ببكاء والدته فربت على يدها وهتف وهو يتصنع الإبتسامة:
_لماذا تبكي الآن؟بدلاً من أن تفرحي لهذا الخبر،هل تتذكري عندما قُلتِ لي أن عندما يأتي اليوم الذي ينتقم لك الله من هذه الملعونة سأرقص وأُغني فرحاً
فتسمح الأم دموعها وتهتف بمزيج من فرحٍ وحزنٍ :
_أنا أبكي من فرحتي،أشمتُ في تلك المرأة التي لأجلها وقفت في وجهي وقلتُ لي أنني أُحبها وسأتزوجها، وقتها إفعل ما يحلو لك ولكن كل شخص يتحمل نتيجة أفعاله، صح يا شادي؟
فيردف شادي بحزن:
_نعم،نعم يا أمي دفعتُ ثمن هذه الزيجة،تحطمتُ ،حطمتني المرأة التي أحببتها وتزوجتها وكنت مستعد لفعل أي شئ لتكون سعيدة معي،ولكن هي إختارتني كيداً في حبيبها القديم، وعندما طلق زوجته جاءت تطلب مني بمنتهى الجرأة أنها تريد الطلاق لأن حبيبها ترك زوجته،وأنها تزوجتني نكايةً فيه
قال هذه العبارة وهو لا يشعر بسقوط دموعه لتضع الأم رأسه على صدرها:
_لا تبكي يا ابني،فهذه المرأة لا تستحق أن تذرف دموعاً عليها
_أنا لا أبكي لأجلها، بل أبكي لنفسي
فتسمح الأم على شعر ابنها وتهتف بإبتسامة:
_ولكن لله الحمد عوضك بزوجة رائعة مثل يارا،أدب وإخلاص لا تشبه هذه الملعونة في شئ
_ولكنني خائف يا والدتي
ترفع والدته رأسه لينظر إلى وجهها وتهتف في عتاب:
_أنت تعلم أنك أَخْطأتُ مِنْ البداية؛لأنك لم تعترف ليارا عن زواجك الأول من هذه الملعونة
_خُفت يا والدتي،أنتِ تعلمين كم أُحب يارا ،وخفت أفقدها
يصمت ثانية ثم يُكمل :
_ولكن خلاص،أشعر أنني سأعترف لها قريباً ، قريباً جداً
تربت الأم على كتف إبنها:
_حفظكما الله،هيا يجب أن يستيقظوا الأولاد،وأولادك نومهم ثقيل مثلك
فيضحك شادي ويهتف بمرح:
_يبدو أن هذا الموضوع وراثة
يضحكان الإثنان ثم تقوم الأم لإيقاظ أحفادها
يشعر شادي بأن فات الكثير ولم يبقى إلا القليل
نعم يشعر أن قلبه المتعب والمنهك سينال راحته أخيراً
........................
تجلس فيروز في الكافيه تنتظر يارا بعد أن إتصلت بها لتخبرها أنها ذهبت لجارها سعد في الحي القديم وساعدها في فتح هاتف سلمى؛ لكونه يفهم في هذه الأمور ،فأثناء إنتظارها ليارا أخذت تقلب في هاتف سلمى وتقلب في الصور الخاصة بها،والصور التي تجمعهم، فتبتسم فيروز لهذه الذكريات التي تتمنى أن يقف الزمن عندها،وأن بالفعل الذكريات الجميلة قصيرة العمر،تمر دون أن نشعر بها، فخرجت فيروز من ألبوم صور سلمى، لتفتح تطبيق المحادثات(واتس أب )
لتجد أن أخر شخص راسل سلمى كانت ندى،وكانت رسائل ندى مسجلة،فتحته فيروز لتسمع صوت ندى تهدد فيه سلمى
بأنها إن لم تطلب الطلاق من وائل ستعرف أن الجنين الذي في بطن سلمى ليس من وائل وأنه من هادي
تجحظ عين فيروز من صدمة ما سمعته
هل سلمى كانت تخون زوجها؟وأنها حامل من هادي
هادي ....تتذكره فيروز سلمى قالت لها أنه كان خطيبها القديم،وتركته لإستهتاره، وكان وائل يعرف هذا
تقطع يارا أفكار فيروز بقدومها لتهتف:
_ما بكِ،لماذا منزعجة هكذا؟
لتعطي فيروز هاتف سلمى ليارا لتقلب في المحادثات التي بينها وبين ندى،وتسمع ندى أخر تسجيل صوتي لندى،وهو قبل إنتحار سلمى بيوم
وتنصدم مما سمعته لتهتف بعدم تصديق:
_لا،لا سلمى لم تفعل هذا، أكيد يوجد خطأ
لتقلب يارا في المحادثات الأخيرة،والتي تحتوي على تسجيلات صوتية لندى، وفجأة تقف يارا عند فيديو أرسلته ندى،وكان الفيديو فيه سلمى نائمة ويدخل عليها شخص و........
لم تستطيع يارا أن تكمل مشاهدة من صدمتها، فأخذت فيروز الهاتف لترى ما الذي صدمها؟
لتجد هذا الفيديو ....ولتسمع باقي التسجيلات الصوتية الأخيرة وأن كلها تهديد لسلمى، إن لم تطلب الطلاق من وائل ستفضحها ندى بهذا الفيديو لتردف فيروز بصدمة:
_ندى، لا يمكن أن تفعل هذا،كيف؟ سلمى كانت أكثر من أخت لها
فخرجت فيروز من محادثة ندى لتجد محادثة أخرى،وفيها شخص يكتب لسلمى،أنه ندم على تركه لها،وأنه يحبها بشدة،إلا أن سلمى كانت تصده بكل الطرق،وكانت تكتب أنها لم تحب أحد إلا زوجها وائل، وكانت تطلب منه أن يبتعد عنها وعن حياتها
أدركت فيروز أن هذا هادي،خطيب سلمى القديم
لتهتف فيروز:
_هادي.........هادي هو الذي سيفك هذه الطلاسم كلها
لتسأل يارا:
_ماذا ستفعلي؟
_سأقول لكِ
………
6
عادت يارا إلى البيت وهي تجد شادي يستعد للنزول فتتعجب من هذا فتسأل:
_ستذهب إلى أين؟
فيربت على وجنتها بحنان:
_نسيت شئ في سيارتي، سأحضره فقط
فيشعر بأن يارا حزينة قليلاً:
_ما بكِ يارا؟
فتتصنع المرح:
_لا شئ، أقول لك،ما رأيك عندما تحضر الشئ الذي نسيته في سيارتك، نشاهد أي شئ في التلفزيون
فيومئ رأسه في سعادة وينزل كي يحضر ما نسيه في السيارة
أما هي فما زالت غارقة في صدمتها
ندى....ندى هي من فعلت هذا في أقرب صديقة لها
هي من طعنتها بسكين الغدر
هي التي حولت حياة سلمى إلى جحيم في أيامها الأخيرة
سلمى إنتحرت بسببها....
لا .....بل قتلتها ندى
نعم قتلتها بخيانتها، وغدرها
كل هذا بسبب حبها لوائل،ووائل كان يعتبرها مثل شقيقته
ما ذنب سلمى المسكينة؟
غداً ستكون مفاجأة لندى من العيار الثقيل
مفاجأة خططت لها هي وفيروز
قطعت أفكارها هذه ودخلت تطمئن على أولادها،وجدت إبنتها نائم ،فقبلت جبينه
إلا إنها وجدت إبنتها ما زالت مستيقظة لتعاتبها يارا:
_أما زلتِ مستيقظة ؟أنسيتِ أن فيه مدرسة غداً؟
لتهتف الإبنة ببراءة طفولية:
_لا بالطبع لم أنسى،ولكن كنت أريدك في أمر
_ما هو؟
وتحكي الإبنة عن ما سمعته اليوم، والحوار الذي دار بين والدها وجدتها
نعم...الحوار عن زوجته الأولى التي باعته لأجل حبيبها القديم، والذي دارت الأيام وانتقم الله له منها
تتسع عين يارا في صدمة مما سمعته لتهتف بنبرة غريبة:
_حبيبتي، هل أنتِ متأكدة مما سمعتهِ؟
لتهتف الإبنة ببراءة طفولية تُناسب سنها:
_نعم يا ماما،كان والدي يبكي،وقال أنه دفع ثمن هذه الزيجة غالية ،وجدتي عاتبته وقالت له كان يجب أن تقول ليارا،وأنتِ يا ماما علمتيني أنا وأخي أننا لا يجب أن خفي أي سر عنكِ وعن والدي،لماذا والدي أخفي عنكِ أنه كان متزوج قبلك؟
معنى هذا أنكِ لستِ زوجته الأولى
لستِ زوجته الأولى...لستِ حبه الأول.....لستِ أول إمرأة في حياته
كلمات كخنجرٍ ضربت صدرها بقسوة
أهذا هو السر...كنت متزوج قبلي، أنني لستُ حبك الأول، لست إمرأتك الأولى
تساقطت عبرات من عين يارا لتلاحظها ابنتها:
_تبكين يا ماما
فتمسح دموعها سريعاً،وتحضن ابنتها ،وتخفف الابنة عنها:
_لا تخافي والدتي من هذه المرأة، لن تخطف منكِ بابا،فهي في السجن
فترفع يارا رأس ابنتها وتسأل:
_سمر، هل والدك أو جدتك عرفوا أنكِ عرفت هذا وسمعتيه
وتهتف الإبنة بذكاء:
_عندما جاءت جدتي لتُصحيني من النوم أنا وعمر تصنعت النوم،وعمر بالفعل كان نائم
فتصنعت يارا الإبتسامة وطلبت من ابنتها النوم وتمنت لها أحلام سعيدة
دخلت يارا غرفة النوم ،وجلست على السرير، فتشعر بضياع وكأنها دخلت ممر الضياع والمتاهة
أهذا شادي؟أهذه ندى؟
من هولاء؟
لا أعرفهم، ليس هم، أشخاص أخرين
شادي......لماذا أخفى عني أمر زواجه الأول؟هل كان خائف إني أتركه مثلاً؟خاف أنني أراه شخص غير جدير بالزواج كونه مطلق؟
لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟
لماذا يا شادي؟
يدخل شادي عليها وكانت سعادته فاقت حدودها فدخل يهتف بمرح:
_هيا، حضري الفشار والتسالي؛كي نستمتع بالمشاهدة
إلا أنه يجد يارا وكأنها كانت تبكي،فوقف أمامها ومسك يديها، إلا أنها أزاحت يدها بعنف من يديه
ليستغرب من هذا التصرف:
_ماذا حدث؟
تهتف بحدة:
_لا شئ،أشعر بالتعب، وأريد النوم
_طب لو أنتِ تشعرين بالتعب، لماذا طلبتي مني أن نسهر ونشاهد أى شئ في التلفزيون؟
هتف بها بحدة مثلها،لترد بحدة أعلى:
_أسفة، شعرتُ بالتعب فجأة، ليست جريمة هي،أريد النوم
وأخذت وضع النوم دون أن تنتظر رد منه، أما هو مندهش من طريقتها الحادة معه،عندما جاءت من الخارج كانت تبدو عادية،ولا يوجد شئ يُلفت إنتباهه، لكن تذكر ...كانت تبدو حزينة قليلاً ،ولكن كانت تتحدث بطريقة عادية
صبراً.....صبراً حبيبتي.....
قريباً أفصح لكِ عن ما يؤلم قلبي وسنرتاح سوياً
يشعر بإحساس إقتراب الراحة من السر الذي يُنهك روحه، ويتعب قلبه
أما هي في وضعها كانت تشعر بأنها ساذجة وأن زوجها خدعها وإستغل طيبة قلبها، وأخفى عنها أمر كهذا
فما أقسى أن يستغل أحد طيبة قلبك ونقاءه ليجعلك مغفلاً ومغيباً ويخفي عنك أموراً ،وعندما تنكشف تكون أنت أخر من يعلم، ويضحك عليك الجميع!
عادت فيروز إلى البيت ،ووجدت أحمد يجلس على الأريكة في إنتظارها فقال مبتسماً:
_حمداً لله على سلامتك يا حبيبتي
فتجامله بإبتسامة:
_شكراً ،خير هل حدث شئ؟
لتجلس فيروز على الأريكة بجانب أحمد،ويمسك يدها ويهتف بفخر:
_إبنتك قدمت بحث طلبته إدارة المدرسة وحصلت على المركز الأول
تبتسم فيروز بفخر ونادت على ياسمين،فأتت ياسمين ولكن لم يبدو على وجهها أي مشاعر للفرحةأو السعادة،مما يثير دهشة فيروز وأحمد،لتسألهافيروز بحنان:
_هل كان هو سبب إهمالك لدراستك الفترة الماضية؟
ويرد أحمد:
_وأنا أيضاً أسأل نفس السؤال؟
لترد ياسمين بقلق وحيرة:
_في الحقيقة أنا أيضاً لم أعرف سبب إهمالي لدراستي الفترة الماضية، خاصةً أنهم طلبوا البحث بعد إنتحار سلمى بفترة قليلة
فقامت فيروز بإحتضان إبنتها وقبلت جبينها وهتفت:
_إن كنت قسوت عليكِ يوماً،فكان هذا لأجلك، الأم لن تقسو على أبناءها أبداً،ولكن إن شعرت بإهمال أبناءها في أي شئ،وبالتحديد دراستهما، تشّد عليهما ،كي يكونوا أفضل، فهذا ليس خطأ أبداً
تبتسم ياسمين إبتسامة سريعة،ثم يلاحظ أحمد قلق إبنته ويقف يمسك يدها بهدوء:
_ما بكِ حبيبتي، ألستِ طبيعية منذ عودتك من المدرسة،بل من الأمس؟
فتتردد ياسمين في إخبار والديها عن ما شاهدته الأمس،فتتصاعد ضربات قلبها،فقلب الأم تشعر بأن إبنتها مترددة في إخبار شئ تعرفه، فتربت فيروز على كتف ابنتها وتقول بإطمئنان:
_حبيبتي، أي شئ ستقوليه سنصدقه
فتنقل ياسمين نظرها بين والدتها ووالدها الذي هز رأسه وكأنه يؤكد كلام والدتها
فتأخذ ياسمين القرار،وتقول كل شئ،كل ما رأته الأمس،وصدمتها مما شاهدته،وأن أخر ما تتوقعه أن ندى تخون زوجها الذي يحبها بشدة،وتخونه مع وائل صديقه، والذي يبدو مما شاهدته أن ندى تحاول الإقتراب من وائل،ولكن هو يصدها،ويبعدها
عنه،لأنه يبدو عليه حبه لزوجته الراحلة،وبعد أنهت ياسمين حديثها عن ما شاهدته، تنقل نظرها بين والديها الذي يبدو عليهما ملامح الصدمة، وبالأخص أحمد الذي إلى الآن لم تحدثه فيروز عن رسائل وتهديدات ندى لسلمى
تهتف فيروز محاولة تصنع الهدوء :
_حبيبتي، هل أحد غيرنا عرف هذا الموضوع؟
_لا
فيسأل أحمد إبنته بتوجس :
_ياسمين، بصراحة عندما نادت عليكِ ندى،أنتِ قصدتِ تجاهلها
تومئ ياسمين رأسها بالإيجاب في حركة توحى بخوف
فيقبل أحمد جبينها وقال وهو يبث في قلبها الأمان:
_لا تقلقي من شئ،نحن نصدقك
وتربت فيروز على كتف ابنتها:
_إذهبي إلى غرفتك الآن،وعودي كما كنتِ،متفوقة دائماً
تهتف فيروز عبارتها الأخيرة لتلهيها عن موضوع ندى،وتبتسم ياسمين على أثر ذلك ،وتدخل غرفتها
ليردف أحمد بصدمة وعدم تصديق:
_أنا في حالة عدم ذهول،معقول ندى تفعل هذا
_بل تفعل أكثر من هذا
ينظر أحمد لفيروز وقد تبدلت ملامحه، وأصبح الآن لا يريد شئ غير أن يعرف ما الذي تقصده فيروز؟
لتبدأ فيروز في سرد أحداث اليوم،ومقابلتها مع يارا، وإكتشافهم لأشياء لم يتوقعوها من ندى،وأخرجت هاتف سلمى، ليأخذه، ويرى المحادثات الأخيرة بين ندى وسلمى،ويتعجب مما شاهده وسمعه
معقول......
كيف يستطيع الإنسان أن يعيش بشخصيتين ؟
شخصية يظهر فيها أمامك أنه يُحبك ،ويحب لك الخير !
وشخصية أخرى من خلفك يضمر لك الشر!
كيف يستطيع أن يعيش مرتدياً قناع يخفي فيه وحشيته وشره؟
حقاً...الإنسان غريب،ومهما كنت قريباً من شخص أياً كان،تشعر وكأنك لا تعرفه معرفة حقيقية
كل هذه كانت أفكار أحمد،لتقطعها فيروز لتهتف بتوعد:
_غداً سيسقط قناع البراءة التي ترتديه ندى،وسيظهر وجهها القبيح أمامنا جميعاً
لم يفهم أحمد مقصد فيروز فيسألها:
_كيف؟
_ستعرف الآن
وأمسكت فيروز هاتفها لتتصل بندى
وفي بيتها تجلس ندى في غرفة نومها مع زوجها الذي ترك لها الغرفة وقرر أن ينام على الأريكة في صالة منزلهم، ندى كانت تشعر بضيق،تشعر وكأن العالم أصبح ضددها،هادي ووائل وحتى هاني
يقطع أفكارها رنين الهاتف لترد على المتصلة فيروز فتتصنع المرح وهي تهتف:
_كيف حالك عزيزتي؟
_بخير دائماً
تهتف بها فيروز بضيق تحاول كتمانه في مكالمتها مع ندى ولكن واضح أنها فشلت في هذا، حتى ندى شعرت بضيق فيروز،ولكن فيروز تجاهلت هذا وأخبرتها أن تريد أن نتجمع جميعاً غداً في بيتها، وجدتها ندى فرصة لتخرج من شعورها بالضيق الذي سيطر عليها في هذه الفترة وطلبت فيروز أن تخبر زوجها أن يحضر معها،وتهتف فيروز بطلب تعرف أنها تلعب على وتر حساس بالنسبة لندى:
_نحن نحاول الإتصال بوائل كي نؤكد عليه موعد الغد، ولكن هاتفه مغلق،لو تجدي طريقة لتخبري وائل عن الموعد سيكون هذا
جيد لكِ
تقلق ندى من نبرة فيروز في حديثها عن وائل، وكأنها تلمح بشئ،لكن سرعان ما تمحي فيروز هذا الإحساس بالنسبة لندى لتهتف سريعاً:
_لنا جميعاً
فتومئ ندى رأسها في قلق،فتغلق فيروز الخط وهي ترى أن نهاية السر الذي تخفيه ندى سينكشف أمام الجميع غداً
أما ندى في مكانها تشعر بأن فيروز تُحضر لمفاجأة.....
مفاجأة تخصها.....
كانت نبرة فيروز غريبة وكأنها تلمح إلى شئ
فخرجت من الغرفة لتؤكد عليه عزومة فيروز غداً...
فخرجت إليه وكان هو يستعد للنوم فتقول:
_فيروز ستقيم عزومة في بيتها، وتؤكد علينا الحضور
ليرد بجمود:
_أعلم،أحمد إتصل بي وأكد عليّ
فتتحدث فيروز وهي تتصنع التماسك والثبات:
_وائل
_ما به؟
يهتف بها بنبرة تشويقية،لترد ندى:
_فيروز وأحمد يحاولون الإتصال بوائل لكنه لم يرد
_لا داعي للقلق،أنا سأذهب مع وائل غداً في مشوار، وسأكد عليه
فتومئ ندى رأسها في قلق لم يغادرها
وتشعر أن الغد سيحمل العديد من المفاجأت
....وفي بيته......
يحبس نفسه في غرفته، وكأنه يريد أن يحمي نفسه عن العالم وبالأخص من ندى، أغلق هاتفه، وألم جانبه يكاد يقتله، لم يعرف
لماذا عاوده الألم، وهو أخذ علاجه قبل زواجه من سلمى
الحقن الذي كان يأخذها للعلاج ساعدت في تحسن حالته، وإختفى الألم،ولكن عاد إليه مرة أخرى
هل ممكن أن يكون سببه حزنه على سلمى؟
غداً ينتظر نتيجة التحاليل وشعوره بالخوف يسيطر عليه،لهذا طلب من هاني أن يأتي معه غداً؛كي لا يسقط وحده
فهو يشعر أيضاً أن سقوطه إقترب،ولا يجد من يسنده غير صديق عمره هاني
رفع يديه يدعو الله أن لا يخيب ظنه في أقرب الناس إليه، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم
أما هاتفه سيتركه مغلقاً،حتى يأتي الغد،ليؤكد على هاني الموعد للذهاب إلى الطبيب
ويدعو الله أن يريح قلبه ويسكنه الأمان والطمأنينة
................
لم تصدق نفسها.....هي هنا،وستلتقي مع حبها الأول من ثاني،تريد فقط الإطمئنان عليه،وكيف حاله؟
فمجرد لقاءه تعتبره عودة إلى الماضي الجميل، الماضي التي كانت أحلامها بسيطة
أحلامها كانت بيت يجمعها مع حبيبها، ويأتي الواقع وقسوته ؛ليهدم أحلامها المتواضعة ،وتخسر حبيبها ،بل مستقبلها كله
تنقطع أفكارها عندما تجد فيروز تدخل عيادة الأسنان التي جاءت إليها علياء،عندما إشتكت لإحدى صديقاتها عن وجع في ضرسها ورشحت لها أحمد من أفضل أطباء الأسنان، وتأكدت من إسمه
إنه هو حبها الأول أحمد
ولكن ....هل جاءت فيروز للكشف أيضاً
فتلمحها فيروز وتسلم عليها وتسألها عن حالها وترد علياء:
_بخير، أشكو من ألم في ضرسي، وصديقتي رشحت لي هذا الطبيب
تبتسم فيروز وترد بفخر:
_أريدك أن تشكري صديقتك؛لأنها رشحت زوجي،وزوجي أفضل طبيب أسنان في الدنيا
زوجي...زوجي
فيروز هي زوجة أحمد
ما هذه الصدفة الغير مقصودة؟
فيروز هي زوجته
تلاحظ فيروز تبدل ملامح علياء ،وكادت تسأل علياء عن تبدل ملامحها، إلا أن زوجها خرج مع المريضة وهي تشكره على مجهوده ويرد لها الشكر لتجدها معرفة بينها وبين أحمد وقامت بتحيتها، وفي نفس الوقت نادى على المريضة التي عليها الدور في الكشف ليتفاجأ أحمد بعلياء.....
حبه الأول
معقول أن يتقاطع الماضي مع الحاضر؟نرى صورة من الماضي وكأنها حدثت الآن
يتذكر أحمد كل لحظة جمعتهما وكأنها حدثت الأمس،وليس من أكثر من عشر سنوات
عادت علياء من كهف الماضي، الماضي الذي نسيه؛كي يستطيع أن يعيش،لا يريد أن يبني حاضره على أنقاض الماضي
إهانة والد علياء له جعلت له حافز كي يثبت العكس،وأنه أصبح طبيب أسنان معروف ومحبوب بين الجميع
وبعد أن أنهت فيروز تحية المريضة ،وقفت تبدل نظرها بين أحمد وعلياء،وهما كان ينظران لبعضهما، كأنهم يعرفان بعض من زمان
وبحدس المرأة أدركت فيروز أن أحمد هو الحب الأول لعلياء ،هذه نظرات عشق عادت مرة أخرى بعد غياب
عشق......هل؟
لا لا،الحب الأول عندما يعود مرة أخرى بعد غياب، يعود ولكن ليس كما كان
يتبخر سحر الحب الأول
ليس من المعقول أن يعود أحمد يحب علياء كما كان يحبها في الماضي ،ولا العكس أيضاً علياء لن تحب أحمد كما كانت تحبه زمان
نعم ليس ممكن........بل مستحيل
.........
ألغاز في رأس يارا كثيرة من وقت ما حكت لها إبنتها عن ما سمعته ،بل من قبلها، من وقت ما تزوجت شادي
اليوم تريد حل لكل هذه الألغاز
ستحصل على كل يريح ذهنها
اليوم،ستُكشف الخبايا والأسرار
كانت هذه أفكارها أثناء صعودها إلى شقة حماتها
تطرق الباب بحدة وتنتظر ثواني، حتي تفتح حماتها الباب، وتستقبلها بود:
_أهلاً يا ابنتي
ولكن يارا تتجاهل التحية،وترد بجمود:
_أريد أن أدخل،نتحدث سوياً
تتعجب المرأة من طريقة يارا معها، فتسمح لها بالدخول وتفهم ماذا تريد يارا؟
فتردف المرأة بود:
_لماذا تعبتي نفسك، وأتيتِ إلى هنا،شادي سيُنهي عمله ويمر ليأخذ الأولاد
ترد يارا بنفس الجمود:
_الأولاد نائمون الآن
_نعم، عادوا من المدرسة متعبين ،أنتِ أكيد تفهمي هذا؟
_أنا جئتُ إلى هنا، لتوضحي لي الحقيقة
تندهش حماتها مما قالته يارا وتهتف بتوجس:
_حقيقة ماذا؟
تخرج يارا هاتفها من الحقيبة وتفتحه وتضع الهاتف في وجه حماتها وتسألها:
_هذه هي زوجة شادي الأولى؟
تتسع عين حماتها في صدمة....
هذه الملعونة كما تسميها
لا تعرف بما تُجاوب
تتلاحق أنفاسها سريعاً
لكن السؤال هنا،كيف عرفت أن هذه الملعونة زوجة شادي الأولى؟
_ردي
تهتف بها يارا، بغضب لم تسيطر عليه،وتحاول حماتها تهدئتها:
_إهدي يا ابنتي، شادي لم يكذب عليكِ في شئ
_لم يكذب عليّ
تقولها يارا بسخرية لاذعة،ليدخل في نفس الوقت شادي
ويتفاجأ بوجود يارا فيهتف بتوجس:
_لماذا أتيتِ هنا؟أنتِ تعلمين إنني الذي سأخذ الأولاد
ملامح يارا كانت كصنم ولم ترد عليه فيسألها:
_ما الذي حدث؟
تضع الهاتف في وجهه ليرى صورة زوجته الأولى ليرد وكأنه لم يملك خياراً أخر فيردف بصراحة:
_كانت زوجتي
ثم بدأ يحكي حكايته مع تلك المرأة وما فعلته معه، وأنه كان ضحية لهذه المرأة، ومر بفترة عصيبة وصعبة،إلا أن أحمد إقترح عليه أن يذهب إلي طبيب نفسي، وكانت زوجته فيروز،وبالفعل ذهب إليها للعلاج، ولن ينسى هذا الجِميل الذي صنعه صديقه أحمد وزوجته فيروز، وعاد مثل الأول وأفضل
أما يارا كانت العبرات تسقط من عينها، تبكي على حالها، تشعر بأنها وصلت إلى قمة جبل السذاجة وأنها إمرأة مغفلة ضحك عليها الجميع،حتى أقرب صديقة لها فيروز
_يارا، أنا كنت أتألم لإخفاء هذا السر،وكان كحجر ثقيل على صدري، يارا أنا أحبك
_اصمت، لا أريد أن أسمع شئ
هتفت بها يارا بصراخ، وتهتف بألم:
_هل كنت تعتقد أن هذا السر ستخفيه عني طوال العمر؟كنت تتوقع أن كذبتك تطول حتى الممات؟
ثم تضحك بسخرية:
_جعلتني ساذجة ومغفلة، لماذا؟
ثم تصرخ:
_ماذا كان سيحدث لو أخبرتني عن أنك كنت متزوج؟ خوفت تخسرني؟ما فعلته ليس خوفاً من أن تخسرني، وليس حباً
،بل أنانية، أنت لا تحب أحد غير نفسك
كان شادي يبكي أيضاً،ولكن عندما هتفت يارا عبارتها الأخيرة ركع على ركبتيه ومسك يديها وهتف بنبرة مقهورة:
_أرجوكِ،لا تقولي هذا، أقسم لكِ أنكِ حبي الأول والأخير،لم أحب أحد كما أحببتك، أنتِ جعلتيني أنظر إلى الحياة بشكل جديد،ورجعتِ لي ذاتي التي فقدتها بسبب تلك الحقيرة، بعد أن عدتُ أرى الحياة كما كنت أراها زمان،ترددت في إخبارك،
خوفت أن أعود إلى ظلمتي وضياعي،خوفت خسارتك، خوفت أنكِ لم تقدري أنني كنت مجرد ضحية لإمرأة حقيرة كهذه،
زواجي الأول ليس حباً كما كنت أعتقد، بل كان وهماً إكتشفته متأخراً...أنا أسف
ثم ينخرط في البكاء
ما أقسى دموع القهر،وخصوصاً للرجال!
كل هذا وكانت والدته تبكي لبكاءه، فأوقفته وربتت على وجنته برفق ،وتنظر إلى يارا وتقول:
_صدقيه يا ابنتي، إبني أحبك كما أحببتهِ أنتِ
تسمح يارا دموعها وتهتف بتماسك ضعيف:
_من يحب شخص، لا يخفي عنه شئ أبداً،حتى لو كان صغيراً،قد يكون بالنسبة له تافه، ولكن قد يكون بالنسبةلطرف الأخر مهم
لو كنت قلت لي زمان عن موضوع زواجك الأول، كان من الممكن أن أتفاهم وأقدر موقفك، وأراك ضحية لإمرأة كهذه، لكن الآن أنا أراك شخصاً مذنباً،ولن أستطيع أن أُسامحك بسهولة
يبدو أن صوت يارا العالي جعلوا الأولاد يستيقظوا من النوم ،ويخرجون إلى صالة البيت ،ليجدوا الجميع يبكون فيسأل الإبن:
_لماذا تبكون؟
لا أحد يجاوب إلا يارا وتهتف بجدية:
_هيا يا أولاد إنتظروني في مدخل العمارة، وأنا سأنزل خلفكم حالاً
وتهتف الإبنة أيضاً:
_وبابا سينزل معك يا ماما
لتهتف يارا بعصبية:
_إنزلي أنتِ وشقيقك دون كلمة زائدة
يشعروا الأولاد بذعرمن والدتهم، فنزلوا سريعاً،وأخذت يارا حقيبتها ،ووضعت هاتفها فيه وتستعد للخروج، إلا أنها عادت للخلف،ونظرت إلى شادي وقالت:
_أريد الطلاق
_لا
هتف بها شادي قاطعة ليكمل:
_لا مستحيل أن أفعل ذلك،أرجوكِ سامحيني، أنا لم أقصد إني أُخطئ في حقك والله
ثم يحاول أن يمسك كفها، لكنها أبعدتها بعنف لتهتف بقسوة:
_مستحيل، حقاً مستحيل، مستحيل أن أعيش معك لحظة واحدة بعد الآن
فتتركه للحاق بأولادها ؛لتترك شادي حطام رجل
لا يستطيع أن يلملم شتات نفسه،فبعد يارا حُكم عليه بأن يكون تائهاً لا يعرف ذاته، وتضيع منه نفسه مدى الحياة
.....................
يجلس وائل في عيادة الطبيب ينتظر نتيجة التحاليل ،ومعه هاني يهدأ من خوفه من نتيجة التحاليل ويحاول إطمئنانه، ولكن القلق لا يغادر قلب وائل،ليأتي الطبيب ومعه الأشعة وبدأ يسأل وائل:
_أنت تلقيتُ العلاج من قبل؟
يومئ وائل رأسه بالإيجاب ويرد:
_نعم من سنتين عندما ألمني جانبي، ذهبتُ إلى طبيب وطلب مني أن أخذ حقنة مرتين فى الأسبوع وأعطاني إسمها،وذهبت إلى الصيدلية واشتريتها، وبدأت أخذ العلاج عن طريق هذه الحقنة ،حتى إختفى الوجع تماماً
_ما الأمر يا دكتور، هل أثرت الحقنة بشكل سئ عليه؟
هتف بها هاني ويشعر أن سينكشف أمر خطير،فيردف الطبيب بحيرة:
_في الحقيقة لم أعرف ماذا أقول؟لكن يبدو العلاج الذي أخذه الأستاذ أثرت بشكل سئ
_وضح كلامك يا دكتور
_أثرت في إحدى أعضاء جسمك
يتردد الطبيب ثانية ثم يهتف بأسف:
_وجعلتك عقيم،لا يمكن أن تكون أب
وكأن الطبيب سبّه ليردف وائل بعصبية:
_هل جننت؟ما الذي تهذي به؟
ليتدخل هاني ويهدي وائل ويسأل الطبيب:
_كيف هذا؟حدث أثناء العلاج؟
_نعم ،الحقنة كانت لها أثار جانبية، وكل مرة يأخذ الحقنة كانت تُزيد نسبة العقم لديه
يندهش هاني من كلام الطبيب، وخائف أن ما يدور في رأسه صحيح، ليرد مح
_كيف؟زوجته كانت حامل منه
يندهش الطبيب من كلام هاني، وهذا الأمر ليس له إلا معنى واحد
_مستحيل أكيد كانت حامل من شخص
يقاطعه وائل :
_إخرس
وذهب إليه ،ووضع كفيه في عنق الطبيب محاولاً خنقه ليتدخل هاني ويعتذر للطبيب ،ويصرخ وائل:
_كاذبون، كلكم كاذبون، كلكم
يمسك هاني وائل ويحاول تهدئته ويخرجه من عند الطبيب وينزلوا إلى مدخل العمارة ويستمر وائل في صراخه:
_الخائنة.....الكاذبة.....الخائنة
_إهدأ يا وائل أرجوك، أكيد الموضوع فيه شئ خطأ
_خطأ......إدعت أنها حامل مني...خائنة
هنا تتحول نبرته من الصراخ إلى البكاء،يبكي حاله ،ويسقط على ركبتيه ويهتف:
_خدعتني، خدعتني ببراءتها، كاذبة
وينزل هاني ويربت على كتفه ويقول :
_وائل، سلمى لم تفعل هذا،سنأخذ الأشعة ونذهب إلى طبيب ثاني، وسيقول عكس ما قاله هذا الدكتور
فيرن هاتف هاني برقم أحمد ويرد عليه:
_ألو أحمد
_...........
_نعم لن ننسى عزومة اليوم
يهتف وائل قاطعاً:
_أنا لن أذهب لأي عزومة
_إهدأ
صرخ بها هاني،ويكمل حواره مع أحمد، ويفاجئه أحمد بأن الموضوع ليست عزومة ولكن سنعلن عن شئ يخص زوجته، وعلاقتها مع سلمى في الفترة الأخيرة
فشعر أن في شئ غامض سيُكشف اليوم، وطالما الموضوع يخص زوجته، سيكتشف أمر لم يخطر على باله أبداً
.........................
عاد أحمد وفيروز، ولم يوجه أحدهم كلمة للأخر طوال الطريق ،وعندما يدخلان شقتهما يتحدث أحمد:
_هل ستظلى صامتة هكذا طوال اليوم؟
تشيح وجهها ليكمل هو:
_أنا لم أخفي عنكِ سراً،علياء موضوع وانتهى،كنت شاب مراهق وقتها، وأنتِ بالطبع تفهمين أفكار المراهقين في هذه المرحلة
وتنظر إليه فيروز، وتهتف بجدية:
_نعم أعرف كيف يفكروا المراهقين وكيف ينظرون إلى الحياة، وأعلم أنك الآن رجل عاقل وواعي،أنا الذي يزعجني الآن أنكَ أخفيتُ عني هذه العلاقة
فيمسك أحمد يدها ويهتف بهدوء:
_أعلم أنكِ تثقين بي،ولكن أقسم لكِ أنها كانت علاقة بريئة
مراهقين مقبلين على الحياة، ولكن الحياة ليست وردي كما إعتقدوا وإفترقوا إلى الأبد،ولكن إن تلاقت الطرق،لن يعودوا كما كانوا
تنظر إليه بمزيج بين الحب والعتاب وتهتف:
_أحمد حبيبي، لا تخفي عني شيئاً مرة ثانية،حتى لو كان صغيراً،في الحب لا يوجد أسرار،مفهوم؟
يومئ أحمد رأسه ويقبل يد فيروز، لتمنحه إبتسامة حب، يقطع هذه اللحظة رنين جرس الباب فيفتحه أحمد ليجد إبنته ياسمين فتدخل ويغلق أحمد الباب إلا أن يارا تدفعه بهدوء ليهتف:
_يارا
_هل كنتِ تبكي؟
فتتجاهل يارا عبارتها وتفتح حقيبتها وتطلع مفتاح شقتها وتمد يدها لياسمين بالمفتاح وتهتف:
_ياسمين، خذي مفتاح الشقة،إفتحيه وإدخلي إجلسي مع أولادي
فتنظر ياسمين لوالدتها، فتومئ الأخيرة رأسها بحركة موافقة فتتحرك ياسمين مع أولاد يارا ويخرجون من الشقة، وتغلق يارا الباب
ليسأل أحمد:
_خير يا يارا،وأين شادي؟
_لماذا؟
يندهش أحمد وزوجته فيروز من إجابتها على السؤال أخر ولم يعرفوا ماذا تقصد؟
_لماذا أنتم أيضاً كذبتم عليّ؟
فتسأل فيروز بدهشة من حديث يارا :
_كذبنا عليكِ في ماذا؟
لتضحك يارا بسخرية:
_لا داعي للتمثيل يا فيروز، أنا عرفت أن شادي كان متزوجاً قبلي
تتسع عيونهم في صدمة لإكتشاف الحقيقة ليهتف أحمد سريعاً :
_يارا، أقسم لكِ أنني حاولت أن أقنع شادي بأن يقول لكِ الحقيقة أكثر من مرة، ولكن كان خائف
لتردف بتهكم:
_أنت أيضاً تقول هذا
يصمت أحمد،لا يستطيع أن يكمل
بالفعل الحقيقة في كثير من الوقت تكون مُرة، مرار لا يتحمله بشر
لذلك نكره الحقيقة، ونحب أن نعيش في جنة الغفلة والغيبوبة، يكون أرحم من نار الحقيقة
وتهتف فيروز مدافعة عن نفسها:
_أنا أيضاً كذلك، لا أنكر أن شادي أخطأ؛لأنه تمادى في إخفاء سر زواجه الأول عنكِ،لكن والله لم يقصد أحد إيذائك
_كل هذا ولم تقصدوا إيذائي،هل أنتم أصدقاء؟
حتى في الصداقة لا يوجد أسرار، الصداقة الحقيقية
نعم....،أي شئ حقيقي...لا يعرف خفايا ولا أسرار أبداً
تهتف فيروز بأسف:
_أنا أعرف أن الأسف لا يُجدي،ولكن هذه طبيعة البشر ،مهما كان حبنا للشخص الأخر،لكن يظل موجود حاجز لامرئي بينهم
ويهتف أحمد مدافعاً عن فيروز:
_فيروز تتكلم صح يا يارا،من منا ليس لديه أسرار،حتى لو كانت صغيرة وتافهة
تردف يارا وكأنها مغيبة:
_كلنا لدينا أسرار،الكل يضحك على بعض،حتى ندى كانت تمثل أمامنا دور الإخلاص والبراءة، ويكون هذا في النهاية مجرد قناع يكشف عن وجهها الحقيقي القبيح،الملئ بالشر والحقد
يوجد كثيرين مثل يارا،يعتقدوا أن البشر جميعاً مثلها، في الطيبة والصراحة،وعدم إخفاء الأسرار، وعندما تكتشف الحقيقة تدخل في صدمة تكسرها، ولا تجعلها تعود كما كان، فتبدأ الشك في كل شئ حولها؛لأنها غفلت عن شئ مهم،وهو أن ليس كل البشر يشبهون بعضهم،يوجد الشئ ونقيضه، وإلا إختلت موازين الكون
يقطع الصمت الذي ساد عليهم رنين جرس الباب لتفتحه فيروز لتجده الضيف المهم الذي جاء ليكشف الحقيقة، حقيقة ندى واللعبة التي لعبتها معه،وراحت ضحيتها سلمى، إنه هادي
...............
هنا نسترجع أحداث أمس،عندما كانت فيروز ويارا في الكافيه،وعندما قالت فيروز أن هادي هو سيفك هذه الطلاسم كلها
وأخذت هاتفها وأرسلت الفيديو والتسجيلات الصوتية الأخيرة بصوت ندى،وأرسلتها من هاتف سلمى إلى هاتفها ومن هاتفها إلى رقم هادي،وبعد أقل من عشر دقائق تفاجئوا بأنه هو المتصل لترد فيروز بإقتضاب إنها تريد رؤيته الآن،وستوضح له كل شئ،وأرسلت له عنوان الكافيه،وبعدها بنصف ساعة كان يجلس أمام فيروز ويارا، ليسأل هادي بقلق:
_من أين وصلتم إلى هذه الرسائل؟
يصمت ثانية وكان يفكر ثم رد سريعاً:
_ندى،ندى هي التي أرسلتكم، الحقيرة ستدفع ثمن هذا غالياً
لترد فيروز بثبات :
_في الحقيقة ندى لم تعلم شيئاً عن الذي يحدث الآن
وضعت هاتف سلمى أمامه وكان مفتوحاً على المحادثات التي بينه و بين سلمى وأردفت:
_ أليس هذا هاتف سلمى؟
يأخذ هادي الهاتف ويقلب الرسائل الخاصة به وبسلمى، وأيضاً الرسائل التي تخص سلمى وندى ويسمع التسجيلات الصوتية لندى،والتهديدات التي توجهها لسلمى،فيقول هادي بتوجس:
_ماذا تُريدون مني؟
ترد فيروز بثقة وثبات:
_لا شئ غير كشف حقيقة ندى
يندهش هادي مما يسمعه وترد يارا:
_هذه الإنسانة تعيش بوجهين،كذبت علينا جميعاً،كانت تُمثل أمامنا دور الصديقة الوفية،وهي كانت تطعن أعز صديقة لها في ظهرها، تأمرتم سوياً لتدمير حياة سلمى المسكينة
ليصرخ هادي:
_لا، أنا كنت أريد أن أتزوج سلمى، وندى كانت تساعدني
وتردف فيروز بإحتقار:
_وهذا الفيديو؟
ليرد هادي بحزن:
_أقسم لكِ إنني رفضت في البداية، ولكن أنتم تعلمون ،الغاية تُبرر الوسيلة، ولكن
_ولكن ماذا؟كنت تعتقد بأن سلمى ستعود لك،حتى لو وائل طلقها بعد ما تفضحها ندى بسبب ذلك الفيديو، أنتم دمرتم هذه المسكينة، وجعلتوها تنتحر؛لأنها رأت أن هذا أفضل من الفضيحة
صرخت بها يارا في وجهه بهذه العبارة، ولتكمل فيروز أيضاً:
_مهما كانت غايتك، لا تستعمل هذه الوسائل الدنيئة كي تحصل على ما تريده، وما فعلته ليس حباً،هذه أنانية
يصرخ هادي في وجههم:
_يكفي، يكفي ،يكفي جلدكم لي على هذا الذنب،يكفي جلد الذات وعذاب الضمير الذي أعيشه بعد موت سلمى، فأنا أتحمل ذنبها، ولكن المذنب الحقيقي هي ندى
ثم يكمل بنبرة إنتقام:
_لكن، هذه المصيبة يجب أن يعرف الجميع حقيقتها،هي المجرمة الحقيقية ،أريد أن أصلح خطئي، إنني لم أصلح هذا الخطأ في حياة سلمى،ولكن سأصلحه بعد موتها، لعل هذا يُريحها الآن
إصلاح الخطأ.......نحب دائماً أن نصلح أخطاءنا بعد فوات الأوان، بعد خسارة كل شئ،لعل إصلاح الخطأ يُعيد ولو جزء بسيط مما خسرناه، للأسف ندرك الخطأ بعد وقوعه
...............
لنعود إلى الوقت الحالي،وهادي جاء الآن ليكشف المستور،والأسرار التي لم يتوقعها أحد،ولم تخطر على بالهم
فتعرف فيروز هادي لأحمد،فيرحب به،ويجلس معهم ينتظرون ندى وهاني ووائل،وبالأخص ندى؛لأنها هي بطلة هذه العزومة، وسيسقط قناعها المزيف أمام الجميع، وتطلب فيروز من يارا أن تتصل بندى لتتعجلها في الحضور، فتتصل يارا بندى؛لتخبرها الأخيرة أنها على وشك الوصول، وبعد عشر دقائق تصل ندى،وتفتح فيروز الباب وتسمح لها بالدخول،لتبدأ أولى الفقرات، أن تتفاجأ بوجود هادي،فتتجمد في مكانها بعض الوقت، وتطلب فيروز من ندى أن تجلس، فتجلس ندى والخوف بدأ يتسرب إلى قلبها، تشعر أن الخطر قادم ،تردف فيروز بقليل من الخبث:
_أتعرفي هادي يا ندى، أليس كذلك؟
فتتصنع ندى التماسك:
_بلى،خطيب سلمى القديم، صحيح
ليومئ هادي رأسه بالإيجاب بحركة ذات مغزى بالنسبة لندى،فتحاول ندى أن تخرج من حالة الخوف التي سيطرت عليها وتهتف:
_أين البقية؟زوجي ووائل وشادي
فتنظر يارا لندى بحركة عصبية، فتتفهم فيروز موقف يارا،وأنها لا تريد أن تسمع حتى إسمه
فيرن جرس الباب ليفتحه أحمد، ليجد هاني ووائل،وائل الذي لم يبدو طبيعياً أبداً،فدعاهم أحمد
لدخول،وائل الذي كان يتحرك بلا وعي،وكأنه لا يعرف أين هو؟ولا مع من؟
إلا أن يرى هادي....
يعرفه، سلمى أخبرته أنه كان خطيبها القديم، وبعد زواجهم كان يُلاحقها وتذكر مرة أنه تشاجر معه،وهدده إن رأه يطارد زوجته مرة أخرى
معقول ....كانت هذه هي تمثيلية من سلمى
لم يشعر بنفسه وهو يمسك هادي من ياقة قميصه ويهتف وهو يكز أسنانه:
_أنت، أنت الحقير، كانت تخونني معك، يا حقير
يحاول أحمد وهاني إبعاده عن هادي،ويحاولون تهدئتهم،وندى التي تتصاعد ضربات قلبها بجنون، في حين فيروز ويارا يراقبون الموقف،ويشعرون أن اليوم سينتهي بكارثة
ليكمل وائل صراخه:
_الخائنة، كانت تخونني معه،بل كانت حامل منه
ليرد هادي سريعاً مدافعاً عن نفسه:
_أنا سأشرح لكَ كل شئ،سلمى ليست كما تظن
ويحاول أحمد تهدئته:
_إجلس يا وائل، سنشرح لكَ كل شئ
فتهتف فيروز بحدة موجهة حديثها لهادي:
_هيا، إعترف بما عندك
فأخذ يشاور هادي بسبابته لندى ليهتف:
_هذه هي سبب كل هذا؟
_سبب ماذا؟
صرخت بها ندى،فأشارت لها يارا بكفها بأن تصمت
_سبب ماذا؟أكمل
صرخ فيه وائل
وأخذ هادي يعترف بكل شئ،وأن ندى هاتفته، وإتفقت معه أنها ستبذل قصارى جهدها؛كي تُعيد إليه سلمى ويتزوجها
وبدأت تُعد لهذا، هنا يأتي دور هاتف سلمى وتفتحه يارا لكي يشاهدوا الفيديو الخاص بسلمى وهادي،وسلمى التي كانت نائمة فاقدة الوعي،أثر المخدر الذي وضعته ندى في العصير لسلمى، مما يُسهل الأمر أن يفعل هادي ما فعله مع سلمى، وعاد كما جاء
دون أن يلاحظه أحد،وعندما فاقت سلمى، كذبت ندى عليها وأخبرتها أن ضغطها إنخفض فجأة وطلبت لها الطبيب، وأن لا داعي للقلق،وبعدها بفترة تكتشف سلمى أنها حامل،ولكن ليس من وائل؛لأن وائل عقيم
كيف عرفت سلمى هذا؟
هتف بها هاني بإندهاش،ليكمل هادي:
_قبل زواجها من وائل،أجرت فحوصات طبية لها ولوائل،؛لتكتشف بعدها أن وائل عقيم ولا يمكن أن يكون أب،فكذبت سلمى عليه؛كي لا تجرح إحساسه،ولأنها تحب وائل ،خافت أن يطلب منها أن تتركه،وتكمل حياتها مع شخص أخر وتستطيع الإنجاب منه
هذا الذي قالته سلمى لندى،وبعدها بفترة أرسلت ندى لسلمى ذلك الفيديو، وبدأت ندى تهددها بأنها سترسل هذا الفيديو إلى وائل،وإلى كل الناس، إن لم تطلب سلمى من نفسها الطلاق من وائل
وفي اليوم الذي خرجنا فيه وأعلنت ندى عن حمل سلمى، وكانت سلمى تريد إخفاء الأمر بقدر الإمكان
يسأل وائل هادي:
_وأنت؟لم تتصل بك سلمى لتخبرك عن أمر حملها؟
ليرد بحزن:
_بعد ما قالت لي ندى حكاية حملها، التي لم أكن أتوقعها،إختفيت فترة،ولا أسمع أي خبر عن سلمى، حتى جاء خبر إنتحارها،
وقتها شعرت بتأنيب ضمير كبير، وندم،وتحمل مسئولية موت سلمى ،وبعد أن استوعبت خبر موتها
ثم ينظر إلى ندى ويهتف بإحتقار:
_قررتُ الإنتقام من هذه المرأة ،طلبت منها مبلغ مقابل صمتي
ثم يضحك بسخرية:
_ولكن في الحقيقة، كنت أريد أن أدمرها، نعم سأخذ المبلغ وسأفضح سرها،لأنها هي المجرمة الحقيقية
ندى....كان الجميع ينظرون إليها نظرات تنوعت من إحتقار ،وإشمئزاز من هذه الإنسانة
أما هي كانت تشعر وكأنها تجردت من ملابسها، ولكن هي تجردت من شخصيتها المزيفة،القناع التي ترتديه فوق وجهها الحقيقي،لتردف فيروز بتهكم:
_والآن ندى،ما رأيك في ما سمعته؟
وتردف يارا بإشمئزاز منها:
_رأيها في ماذا يا فيروز؟ما هذا الحقد والكره الذي يملئ قلبك؟كيف إستطاعتِ أن تعيشي هكذا؟تتصنعين الود أمامنا، ومن خلفنا تصنعين الشر؟ماذا كنتِ تدبري لنا أيضاً؟
ليمسكها وائل من مرفقها،ويهتف بإحتقار واضح:
_حقيرة، هذا رأيي فيكِ،كنتِ تريدين أن تفضحي زوجتي، كي أُطلقها، وبعدها ستطلبي الطلاق من هاني؛لكي تتزوجيني،هل كنتِ تظنين يا حمقاء إنني كنت سأتزوجك حتى لو طلقت سلمى؟
ويوجه نظره إلى هاني وهو ما زال ممسكاً بمرفق ندى:
_إسمع،هذه الحقيرة كانت تحاول الإقتراب مني بأي طريقة، حتى قبل موت زوجتي، ولكنني كنت أبعدها عني، ولكنها لم تمل أبداً،وكانت تُطاردني في كل مكان أذهب إليه،وتعترف لي أنها لم تحبك، وتحبني أنا
فيبدو هاني كتمثال،لا يبدو عليه أي تعبير، هل هو في حالة عدم إستيعاب لهذه الحقيقة؟أم هو كان عارف هذا السر من البداية، فلم يتفاجأ به؟
هنا يأتي دور ندى في الحديث،فتزيح ندى مرفقها من كف وائل بعنف لتهتف بأعلى صوت:
_نعم، أنا من قمت بكل هذا،أنا شريرة الحكاية كما تطلقون عليّ،أنا فعلت كل لهذا لأجل شخص واحد
وتنظر إلى وائل:
_أنت يا وائل، أنا الذي لم أحب أحد كما أحببتك
لتتجمد ملامح هاني مما يسمعه،كيف تهتف بها هكذا أمامه؟لم تراعي حتى مشاعره،وهو الذي أحب ندى بشدة
وتكمل ندى وهي تنظر إلى وائل:
_أحببتك،ولكنك دهست قلبي بقدميك، وكل هذا لأجل سلمى، ما الذي يميزها عني؟
ثم أخذت تبكي:
_لماذا أحببتها هي؟أنا كنت جارتك وليست هي، أنت تعرفني قبلها، لماذا إخترتها هي؟
كيف يستطيع الإنسان أن يخفي حقده وكرهه بقناع حب مزيف؟وقت ما أعلن وائل عن رغبته في الزواج من سلمى، نبتت الحقد والكره لأعز صديقة لها بعد ما كانت المحبة تجمعهما، ولكن وائل لم يقصد أن يفرق بين
صديقتين، ولكن ندى كانت بالنسبة له جارة ومثل شقيقته، أما سلمى فعندما رأها لأول مرة دق قلبه دقة الحب المتميزة، فالقلب لا سلطان عليه،القلب يميل لمن يهواه، ونحن لا نستطيع التحكم فيه، وأحياناً بسببه ندفع الثمن غالياً،نخسر أشياء،وأشخاص وممكن أنفسنا،ويرد أحمد معبراً عن ضيقه من ندى:
_لا يوجد مبرر للذي فعلته، هل سلمى كانت تعرف عن حبك لوائل؟
_لا، لم أعرف أحد عن حبي لوائل
ليهتف أحمد بحدة:
_ جعلتيها تدفع ثمن زواجها من وائل،وهي لا تعرف حبك لوائل،أنتِ دمرتي سلمى،عاقبتيها على ذنب لم تفعله،وأنتِ التي كنتِ منهارة بعد موت سلمى كان ماذا؟
لتصرخ فيهم:
_كنت أبكي نفسي،أنا لم أندم على ما فعلته،نعم أعترف إنني ،وقمت بإستغلال هادي، ووجدته وسيلة لتحقيق إنتقامي،وكنت أعرف أن سلمى لن تعود إلى هادي بعد طلاقها من وائل بعد أن أفضحها
تكسو وجوه الجميع نظرات الغضب والكره ناحية هذه الإنسانة التي تجردت من إنسانيتها، أصبحت مسخ مشوه، حبها لوائل وصل إلى ذروة جنونه،وعندما يصل الحب إلى هذه الذروة يكون على إستعداد لتدمير أي شئ
صدقت المقولة "ومن الحب ما قتل "
ثم نظرت ندى إلى هاني وتهتف بمزيج من غضب وكره:
_أما أنت،فأنا عمري في حياتي ما أحببتك
لتكسو ملامح هاني الضيق والغضب، وتكمل هي:
_لا أعرف حتى الآن لماذا تزوجتك؟
لتهتف بوقاحة وكأنها لم يهمها أحد ولا حتى هاني:
_أنا أكرهك
فوصل الغضب عن هاني لذروته ،ليضع هاني قبضتيه في عنق ندى ويكز أسنانه ويهتف:
_سأقتلك، ستدفعي الثمن غالياً
في حين حاول الجميع إبعاد هاني عن ندى، وتزيح كفيه هاني وتهتف وهي تخرج من الشقة:
_أنا لا أريد أن أعرفكم أبداً
وهمّ هاني باللحاق بها لكن أحمد وفيروز ويارا منعوه،ليهتف أحمد:
_هل تريد أن تُضيع حياتك لأجل هذه
_إتركوني، سأقتلها
وترد فيروز محاولة تهدئته:
_إهدأ يا هاني، إتركها الآن وبعدها
لم تكمل فيروز عبارتها، فيسمعوا صوت صرير توقف إطارات السيارة،ومع صوت صرخة شخص،
فنزلوا الجميع ليشاهدوا الحادثة،
ليجدوا المارة تجمعوا حول السيارة، فتجمعوا أيضاً، فتلجمهم الصدمة، عندما ينظرون إلى جسد ندى غارقة في دمها على الأرض
نعم الليلة إنتهت بكارثة مأساوية للجميع
لا أحد يعرف هل يحزنوا على ندى؟أم على ما فعلته ندى؟
................
بعد مرور أسبوعين
..........
وقفت يارا تمسك صورة شادي، وتنظر إلى الصورة بحزن
إشتاقته؟
تخجل من الإعتراف بهذا، حتى بينها وبين نفسها
الحب الحقيقي لا يُنسى بسهولة، وهي أحبت شادي حباً حقيقياً،ولكن أين شادي؟
فهو إختفى تماماً بعد مواجهته ليارا، حتى لم يأتي عزاء ندى
هل سافر؟
تنقطع تساؤلتها مع رنين جرس الباب، فتفتحه يارا لتجد حماتها، فأشارت يارا لها بالدخول،فدخلت حماتها وجلست على الأريكة وهتفت حماتها:
_البقاء لله يا إبنتي
_ونعم بالله
فتردد المرأة ثواني ثم أخذت تتحدث:
_إسمعي يا إبنتي ،أنا لا أعرف أين شادي؟،أقسم لكِ إنني لا أعرف
فترد يارا بإقتضاب:
_أصدقك
تردف المرأة بحنان:
_أريد أن ألقي على مسامعك كلمتين مهمتين، كلنا بشر،كلنا نخطئ، نخطئ في حق أنفسنا وفي حق غيرنا، ولكن يجب أيضاً أن نسامح وأن نغفر،إذا كان الله غفوراً رحيماً،
نحن البشر لن نسامح!
يا إبنتي الحياة ليست تستحق كل هذه المشاكل والخلافات، إقضي عمرك مع من يميل إليه قلبك، حتى لو عقلك عارضك، بدل ما تندمي بعدها، بعد فوات الأوان
لم ترد يارا بكلمة، فأخذت تفكر في كلام حماتها، وهنا إبتسمت حماتها وهي تشعر أن كلامها له مفعول السحر عند يارا،ثم وقفت وإستأذنت يارا في الرحيل،وقامت بفتح الباب ثم إلتفتت إلى يارا قبل أن تغادر وتهتف برجاء:
_عندما يعود شادي عودي إليه،ليس لأولادك فقط،بل لنفسك أيضاً
لتمنحها يارا إبتسامة صغيرة وتكمل المرأة:
_تذكري يا إبنتي، العمر مهما طال،فهو قصير، فيجب أن نقضيه مع من نُحب
إبتسمت لها ثم غادرت الشقة وأغلقت خلفها الباب
بهذه الكلمات دقت طبول الحرب بين قلب وعقل يارا ،تُرى من سيفوز في هذه المعركة القلب أم العقل؟
........................
وقف أحمد وزوجته فيروز في صالة شقة هاني
هاني الذي ساءت حالته النفسية في الفترة الأخيرة
السبب ليس حُزناً على رحيل ندى،بل ما فعلته ندى معه، فهي دمرت كل شئ جميل لديه
ندى التي خدعته بإبتسامة مصطنعة، وكلمات حب لم تشعر هي بها،وتمنت أن تكون هذه الكلمات لشخص واحد وهو وائل
ما فعلته ترك بداخله جرح عميق لا يُشفى منه أبداً،
لم يتركوا أحمد وفيروز هاني لحظة
حتى جاء اليوم يعلن فيه هاني أنه سيسافر
أو بالأحرى سيهاجر
قرر الرحيل نهائياً
معتقداً أن الهجرة هي العلاج وأنه سيُشفى من الجرح الذي سببته ندى
بعض الأشخاص تجد في السفر شفاء لجروحهم
ولكن مهما سافرنا إلى آخر العالم
تُطاردنا جروحنا كشبح لا نستطيع المفر منه
فيقطع أحمد الصمت الذي ساد ويهتف لفيروز :
_أنا بصراحة كنت رافض أن يسافر هاني في هذه الحالة
فتربت فيروز على كتفه وتهتف :
_ومن الممكن أن يكون هو الحل الوحيد لنسيان ما حدث
ليرد بإستنكار:
_كيف ينسى هاني؟
هذه أشياء لا تُنسى يا فيروز،
حتى لو سافرنا إلى آخر الدنيا،ما يفعله هاني أنا أراه خطأ، غير الهجرة ،فهو أحرق ملابس وصور ندى، كان سيحرق الشقة
أيضاً،لولا إنني إستطعت أن أوقف هذا في اللحظة الأخيرة
_إتركه يفعل ما يحلو له، ولا نزيد جرحه، أرجوك
يخرج هاني من غرفته ومعه حقيبة السفر، ليعلن أن هذا هو قراره النهائي،ولا رجوع فيه ويهتف بنبرة خالية من أي تعبير:
_أراكم على خير
ليرد أحمد بيأس:
_أهذا هو قرارك؟
هز هاني رأسه بالإيجاب بحركة عنيفة نوعاً ما
فتهتف فيروز معلنة عن تأييدها لقراره:
_أنا متأكدة يا هاني إنك إتخذت القرار الصائب،وأن ممكن في سفرك تبدأ حياتك من جديد، مع أشخاص جديدة،وتتزوج
يقاطعها هاني بحدة:
_لا، زواج مرة أخرى لا
فذهب أحمد إليه،ويربت على كتفه ويهتف:
_لا تجعلها تكرهك في الزواج وفي النساء أيضاً،ليس كل ناس يشبهون بعضهم، لا تجعل إمرأة كهذه تُكرهك في الحب والزواج
وتكمل فيروز:
_نعم، إفعل مثل شادي،هو تعافى من صدمة زوجته الأولى،وتزوج يارا وأنجب أولاد،لكن كانت المشكلة أنه أخفى سر زواجه الأول على يارا، وعاش يتألم لإخفاء السر عنها، فنصيحة مني كأخت قبل أن أكون طبيبة نفسية ،إن شاء الله إن وقعت في الحب مرة ثانية لا تفعل مثل شادي، إخبرها، وأنت لست خسران شئ............أبداً
كانت كلمات أحمد وفيروز بلسم لجروح هاني وأوجاعه، فودعهم هاني في مشهد مؤثر لن ينساه أبداً
سيظل يتذكرهم، ويتذكر مساعدتهم له
أحمد وفيروز ويارا وشادي،وحتى وائل صديق طفولته، الذي هاجر البلاد أيضاً،هاجر ليعيش مع شقيقته، هاجر هرباً من هاني،وخوفاً من نظراته التي تفضح إحتقاره لخيانة صديقه
ولكن هاني لم يغضب منه أبداً،ولم ينظر إلى وائل على أنه خائن أبداً،فهو كان مثله ضحية، فأرسل له رسالة على الهاتف يخبره أنه لم يغضب منه، وأن صداقتهما لم تتأثر أبداً،وأنه سيظل صديقه للأبد
فإن الصداقة الحقيقية تبقى، حتى لو إفترقوا أصحابها، وأصبح بينهم بلاد
يكفي أن ما في القلب لا يتغير أبداً
...................
أنهت يارا عملها في البنك وخرجت لتركب سيارتها وتتوجه إلى حماتها لتأخذ أولادها،
وعند خروجها تجد شادي يقف أمام سيارتها وفي يديه بوكيه ورد ويبتسم
آه....
هذه الجولة الأخيرة من المعركة بين القلب والعقل
ها.....من سينتصر
شادي ينتظر من سينتصر على من؟
يبتسم بحزن
أما يارا تُقدم قدم،وتؤخر أخرى
حان وقت إنهاء المعركة، وشادي ينتظر أيضاً نتيجة المعركة، هل ستُحسب لصالحه أم لا؟
القلب والعقل يقف كل منهما أمام الأخر وفيه كف كل واحد سيف من سيضرب الأول؟
إلا في غفلة ضرب القلب والعقل بالسيف،فتتوجه يارا إلى شادي وتعانقه،لتعلن نهاية المعركة لصالح القلب
نعم
صدق كلام حماتها، فإننا لو طاوعنا العقل في قراره، سنخسر وسنندم بعد فوات الأوان
فتنظر إليه وتهتف:
_شادي أنا
فيقطع شادي كلامها بكفيه، وقال:
_أهم شئ أنكِ سامحتيني
فتتردد يارا في الحديث ثانية ثم تهتف لتوضح الأمور:
_سامحتك بشرط
_أعرف،من ألآن فصاعداً لن أخفي عنكِ شيئاً أبداً
فتبتسم يارا وتهتف:
_أحبك
ليعانقها شادي ويدور بها غافلاً عن المارة في الشارع،ليعلن للجميع أن هذه المرأة حبيبته الأولى والأخيرة
……….
.........
تُنهي ياسمين روايتها الأولى والتي سوف تقوم بنشرها على مواقع التواصل الإجتماعي،وخرجت إلى والديها بعد نشر روايتها الأولى،فهتف أحمد بسعادة:
_أنهيتِ الرواية أخيراً
_نعم،وتستطيعون الآن قراءتها
فضحكت فيروز وهتفت:
_ما إسم هذه الرواية؟
فترد ياسمين:
_غداً.. تنكشف الأسرار
فيمزح أحمد مع إبنته:
_غداً غداً
فتضحك الفتاة:
_ليس غداً بمعنى الكلمة،ولكن هذا تعبير مجازي على أن أي سر سينكشف في المستقبل،سواء وهو على قيد الحياة مثل ندى،أو بعد رحيله مثل سلمى
فيرد الأب وهو يهز رأسه موافقاً كلام إبنته:
_نعم،رغم أن سلمى كانت مجرد ضحية،ولكنني أراها أيضاً مخطئة
تندهش فيروز من كلام زوجها،فيفهم دهشتها ويكمل:
_أخطئت لأنها أخفت ما حدث معها عن الجميع،من الصحيح أن تخبر أي شخص تثق فيه،حتى لو كان زوجها،لو كان يحبها حقاً،أكيد سوف يُصدقها،وسيحاول مساعدتها
فترد فيروز متفقة مع زوجها:
_نعم،الإنسان كلما طال في إخفاء أمراً ما،ستتعقد الأمور لديه،وسيدخل في دوامة لا يستطيع الخروج منها أبداً،فالإعتراف بسر يؤلم الشخص ونفسيته لغيره،يكون هو بداية الحل،مثلي أنا طبيبة نفسية وأطلب من المريض أن يقول جميع أسراره؛لأن إعترافه هذا هو بداية العلاج
ويردف أحمد:
_بالطبع،لكل شخص لديه أمور خفية لا يعرفها غيره،وليس عيباً أن نخفي شيئاً ما عن أقرب الأشخاص لدينا،ولكن لابد من أن نكون واضحين مع بعض،والأشخاص الحقيقين هم من يقدروا أوجاعنا وشعورنا بالضيق،هؤلاء هم يستحقون أن نعترف لهم بأسرارنا وأمورنا الخفية،وغير ذلك،سنكتشف مع الوقت أننا لم نعرفهم معرفة حقيقية
وأشارت فيروز إلى ياسمين بالجلوس بين والديها؛وكل منهما أمسك هاتفه ليقرأ رواية ياسمين في جو عائلي هادئ
في حياة كل منّا أسرار نخفيها،وعندما يطال إخفاء هذه الأسرار.. تصبح فيما بعد كقنبلة موقوتة
ستنفجر بقوة في وجه صاحبها،ووجه من حوله
تمت
سنة النشر : 2024م / 1445هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'