❞ كتاب أعيان العصر وأعوان النصر مجلد 1 ❝ ⏤ صلاح الدين الصفدي
نبذة عن الكتاب :
بسم الله الرحمن الرحيم
وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب. الحمد لله الذي حكم على أهل الوجود بالعدم، وقدره عليهم بالقدم، وقضى به على الخلق فما أفاد معه محاذاة حذر ولا مناداة ندم، وأورد الموت على فناء أعمارهم فانهد وبناء أبشارهم فانهدم. نحمده على نعمه التي فسحت مدة الأجل، ومنحت تراخي المهلة ولم تؤثر العجل، ونزحت القلوب إلا من الأمن، ودفعت ما عظم وجل من الوجل.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة هي الذخر يوم الفاقة، والحق أن لا ترد يوم المحاقة، والفارط الذي قدمناه ونحن نرجو لحاقه.
ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي حذر معاطب الغرور، وبصر عواقب السرور التي تليها الشرور، وأظهر كواكب الحق فهي في فلك البدور تدور، فهو الذي.
لم أجر غاية فكري منه في وصفة ... إلا وجدت مداها غاية الأبد
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كانوا شجى في لهوات من كفر، وكان الباطل بهم دجى حتى جلوا الحق فلاح صباح الفالح بهم وسفر، وراضوا الزمان فاستقاد لهم من بعد ما تقاعس ونفر، ورآهم الزمان جمال هذه الأرض في الحياة، وبعد الممات جمال الكتب والسير، فهم الذين سجع الحمام بمدحهم وصدح، وشرح الخاطر وصفهم لما جال في سرد مناقبهم وسرح، وإياهم أراد ابن الرومي لا من خاطبه ومد المدى لما مدح، إذ يقول:
آراؤكم ووجوهكم وحلومكم ... في الحادثات إذا دجون نجوم
منها معالم للهدى ومصابح ... تجلو الدجى والأخريات رجوم
صلاة لا يمل الزمان دوامها، ولا يرى الدهر انصرافها وانصرامها، ما نبت في رياض الدياجي نرجس نجوم، وراحت أطيار الدراري على نهر المجرة وهي تحوم، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
وبعد: فإن الوقوف على أخبار من تقدم، وخرب ربع عمره بالموت وتهدم، ووصف في حياته أو غادر للشعراء في رثائه لما تردى ما تردم مما تتشوق النفوس إلى الوقوف عليه، وتتشوف بجملتها إليه، فإنه: في الذاهبين الأولين لنا بصائر. وفي آثار من درج وأخباره أدلة للتأسي وأمائر، وفي التفكر في مصارعهم ما يصلح الظواهر والضمائر، وقد حض القرآن على مثل هذ وحث، ورم بوعظه ما رق من القسوة ورث. والتاريخ فن لا يمله طرف مطالع، ولا يسأمه سمع مصغ ولا مراجع، ولا يخلو من يقف على التواريخ من فائدة، ولا يطوي صحفها إلا وقد حصل منها على صلة وعائدة، ولا تمر به كائنة إلا تنبه لها وأجراها على ما في ذهنه من القاعدة، وما كان التراجم في التواريخ إلا كتاب ورد من غايب، أو خبر جاء به نجاب إما بالمحاسن أو بالمعايب:
فلا تبخلوا مع بعدكم بوجوهكم ... علينا ألا إن الوجوه هي الكتب
فكم قد سمعنا بموجود ولم نتبين حاله، ولا عرفنا حقه ولا محاله، ولا علمنا ما تصف به من ذم أو مدح، ولا ما لاتحف به من موجب شكر أو قدح، وربما كان للإنسان قريب وقد درج، أو لزم وقد دخل هذه الدار وخرج، ولا علم له بما عامله به زمانه، ولا ما أحدث له حدثانه:
وقد فارق الناس الأحبة قبلنا ... وأعيا دواء الموت كل طبيب
فإذا راجع التواريخ كان كمن شاهد من مضى، وعاين ما جرى به عليه القدر وقضى، وأنا أرى التأريخ والترجمة معاداً ثانياً في المعنى لا في الوجود، ونشراً أول قبل نشر الرفات إلا أنها لم يفض عنها ختم اللحود.
وكنت قد أنفقت مدة من العمر ما وجدت لها عوضاً، ولا حسبتها إلا لمعة برق أومض لي ومضى، في جمع تاريخي الكبير الذي سميته الوافي بالوفيات، وسقت فيه ذكر جمل من الأعيان من زمن النبي صلى الله عليه وسلم وإلى زماني، ونصبت فيه نفسي دريئة لمن طعن في أو رماني، إلا أنه جاء مطولاً، وأصبح وجه مضمونه عن الاقتصار والاختصار مخولاً، فأردت بعد فراغي منه أن أقتصد وأقتصر، وأختار مما أمتار وأختص وأختصر، وأجمع تاريخاً لمن أدركه عصري وجنى ثمر غصنه هصري، وضمتني وإياه دائرة وجودي أو نقطة مصري، و كان في زماني ولم أره، أو نقل الرواة الأثبات خبره:
أليس الليل يجمع أم عمرو ... وإيانا فذاك لنا تداني
وتنظر للهلال كما أراه ... ويعلوها النهار كما علاني
وما أحسن قول الآخر:
قال لي قائل لأية حال ... ترقب البدر ثم تهوى سواة
صلاح الدين الصفدي - صلاح الدين الصَّفديّ هو صلاح الدين أبو الصَّفاء خليل بن أيبك بن عبد الله الألبَكِي الفاري الصَّفديّ الدِّمشقيّ الشَّافعيّ. (صفد، 696 هـ - دمشق، 10 شوَّال 764 هـ) وُلِدَ لواحدٍ من أمراء المماليك، في صفد سنة ستٍّ وتسعين وست مئة، ونشأ في أُسرة ثريَّة نشأةً مرفَّهة، فحفظ القرآن العزيز في صغره، ثُمَّ طلب العلم، وبرع في النَّحو واللُّغة والأدب والإنشاء، وكتب الخطّ المنسوب، وقرأ الحديث وكتبه. وتعانى صناعة الرَّسم على القماش، ثُمَّ حُبِّب إليه الأدب فولِعَ به، وذكر عن نفسه أنَّ أباه لم يمكِّنه من الاشتغال حتى استوفى عشرين سنة، فطلب بنفسه وقال الشعر الحسن ثُمَّ أكثر جداً من النَّظم والتَّرسل والتَّواقيع.
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الوافي بالوفيات ج1 ❝ ❞ أعيان العصر وأعوان النصر مجلد 1 ❝ ❞ لوعة الشاكي ودمعة الباكي ❝ ❞ أعيان العصر وأعوان النصر مجلد 3 ❝ ❞ أعيان العصر وأعوان النصر مجلد 2 ❝ ❞ أعيان العصر وأعوان النصر مجلد 5 ❝ ❞ أعيان العصر وأعوان النصر مجلد 6 ❝ ❞ أعيان العصر وأعوان النصر مجلد 4 ❝ ❞ الوافي بالوفيات ج10 ❝ الناشرين : ❞ دار الفكر للطباعة والنشر بسوريا ❝ ❞ دار الكتاب العربي ❝ ❞ دار إحياء التراث العربي ❝ ❞ دار فرانز شتايز، بمدينة فيسبادن (ألمانيا) ❝ ❞ الشركة المتحدة للتوزيع ❝ ❞ المعهد الألماني للأبحاث الشرقية ❝ ❞ دار كلاوس شفارتس - برلين ❝ ❞ دار إحياء الكتاب العربية ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.