❞ كتاب بين الجاهلية والإسلام ❝

❞ كتاب بين الجاهلية والإسلام ❝

كان للإسلام أثران كبيران في عقلية العرب من ناحيتين مختلفتين:
(الأولى): ناحية مباشرة، وهي تعاليمه التي أتى بها مخالفًا عقائد العرب.
(الثانية): ناحية غير مباشرة، وهي أن الإسلام مكن العرب من فتح فارس ومستعمرات الروم، وهما أمتان عظيمتان تحملان أرقى مدنية في ذلك العهد، فكان من أثر الفتح وضع البلاد وما فيها من نظم وعلم وفلسفة تحت أعين العرب، فتسربت مدنيتهما إلى المسلمين، وتأثرت بهما عقليتهم، وسنتكلم كلمة عن كلتا الناحيتين.
لفظ الإسلام ومعناه: إذا تتبعنا مادة «س ل م» ونشوء كلمة الإسلام رأينا أن معنى السلام المسالمة، وضد المسالمة الحرب والخصام، جاء في القرآن: وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا، ولعل هذه الآية هي المفتاح الذي نصل به إلى معرفة السبب في تسمية العهد الذي قبل محمد ﷺ جاهلية، وعهده إسلامًا؛ والجاهلية ليست من الجهل الذي هو ضد العلم، ولكن من الجهل الذي هو السَّفَه والغضب والأنفة؛ جاء في حديث الإفك: «ولكن اجتهَلته الحِميةُ»، أي حملته الأنفة والغضب على الجهل؛ وفي الحديث أن رسول الله ﷺ قال لأبي ذر وقد عيَّرَ رجلًا بأمه: «إنك امرؤ فيكَ جاهلية»؛ أي: فيك روح الجاهلية؛ وقريب من هذا المعنى استعمالهم استجهله الشيء؛ أي: استخفَّه، ومنه قوله:
«وقاك الهوى واستَجْهَلَتْكَ المنازلُ»

وفي معلقة عمرو بن كلثوم:

ألا لا يَجْهَلَنْ أحدٌ علينا فَنجْهَلَ فَوْقَ جَهلِ الجاهلينا
فترى من هذا كله أن كلمة الجاهلية تدل على الخفة والأنفة والحمية والمفاخرة، وهي أمور أوضح ما كانت في حياة العرب قبل الإسلام، فسُمي العصر الجاهلية؛ ويقابل هذه المعاني هدوء النفس والتواضع والاعتداد بالعمل الصالح لا بالنسب وهي كلها نزعة سلام، فمعنى الآية كما قال الطبري: «أن عباد الله هم الذين يمشون على الأرض بالحلم، لا يجهلون على من جهل عليهم».

ثم انتقلت الكلمة إلى معنى آخر قريب من هذا، وهو استعمال أسلم المشتق من السلام بمعنى الخضوع والانقياد، لما كان الخضوع أدعى إلى السلام، وفي هذا المعنى جاءت الآية: وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ، فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّـهِ؛ وقد أطلقها القرآن بهذا المعنى أحيانًا على المؤمنين والكافرين جميعًا؛ لأنهم خاضعون لله، ومنقادون له بحكم خلقتهم؛ رضوا أو كرهوا، تسري عليهم قوانين العالم ولا يستطيعون الخروج عليها، وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ، فكل من في السماوات والأرض مسلم بهذا المعنى؛ أي: خاضع لأمر الله، مطيع لما وَضع في العالم من قوانين.

ثم قصرت في الاستعمال على من أسلم وجهه لله طوعًا، فكأن المسلم هو الذي رضي بإطاعة الله، فاجتمعت له الطاعة الطبيعية والطاعة بالإرادة، وقريب من هذا المعنى قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، وبهذا المعنى تطلق كلمة «مسلم» على كل من خضع لله وأطاع أي نبي من الأنبياء، فأتباع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد مسلمون: قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ، وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، وفي سورة يوسف: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ؛ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.

ثم خُصت في الاستعمال بالدين الذي أتى به محمد ﷺ، وبهذا المعنى وردَ قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا، وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ.

فهذا الإسلام عماده الخضوع لله، والانقياد له، ولعل هذا الاسم أنسب اسم للرد على العقلية الجاهلية، عقلية الأنفة والحميَّة.

•••

تعاليم الإسلام: إذا نظرنا إلى تعاليم الإسلام وجدناها تنقسم قسمين: عقائد وأعمال، وقد تضمن أهم النوعين قوله تعالى: ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ.

ونحن نفصل ما جاء فيها بعض التفصيل فنقول:

العقائد: أهم أصل من أصول الإسلام الاعتقاد بالله، والاعتقاد بالله يكاد يكون عامًّا بين الشعوب، فلا تكاد تخلو أمة متبدية أو متحضرة من اعتقاد بإله، ولكن فكرة الألوهية وأوصاف الإله تختلف اختلافًا كبيرًا بين الأمم، والإسلام يصف الله بأوصاف نُلخصها مما ورد في القرآن؛ فهو ليس إله قبيلة، ولا إله أمة العرب وحدهم، ولا إله الناس وحدهم، بل هو إله كل شيء رَبِّ الْعَالَمِينَ، وكل شيء في الوجود مخلوق له، وخاضع لأمره، للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ.

وكل شيء من مظاهر الكون فعنه صدر: للهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ، وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ، للهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا، وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا، وَاللهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا.

قد أحاط علمه بكل شيء، وأحاطت قدرته بكل شيء، وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينَ، إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ،

وهو إله واحد؛ فليس هناك إله للخير وإله للشر، وليس هناك إله للجمال وإله للرياح، وليس هناك مَن يشاركه في ألوهيته، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللهُ، وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ اللهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَـٰهَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ، وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.

ليس لأي مخلوق ولا لأية طائفة سلطان على الناس في عقائدهم، ولا لأية صفة من صفات الربوبية: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ، حتى الرسول نفسه ليس إلا مبلغًا، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ، وعلى الجملة فالله واحد بأتم معاني الوحدانية، وأبسط أشكالها، وليس يَرْضى الإسلام عن أي نوع من التعدد، ولا أي رمز يشعر بالتعدد.
-
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
بين الجاهلية والإسلام

كان للإسلام أثران كبيران في عقلية العرب من ناحيتين مختلفتين:
(الأولى): ناحية مباشرة، وهي تعاليمه التي أتى بها مخالفًا عقائد العرب.
(الثانية): ناحية غير مباشرة، وهي أن الإسلام مكن العرب من فتح فارس ومستعمرات الروم، وهما أمتان عظيمتان تحملان أرقى مدنية في ذلك العهد، فكان من أثر الفتح وضع البلاد وما فيها من نظم وعلم وفلسفة تحت أعين العرب، فتسربت مدنيتهما إلى المسلمين، وتأثرت بهما عقليتهم، وسنتكلم كلمة عن كلتا الناحيتين.
لفظ الإسلام ومعناه: إذا تتبعنا مادة «س ل م» ونشوء كلمة الإسلام رأينا أن معنى السلام المسالمة، وضد المسالمة الحرب والخصام، جاء في القرآن: وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا، ولعل هذه الآية هي المفتاح الذي نصل به إلى معرفة السبب في تسمية العهد الذي قبل محمد ﷺ جاهلية، وعهده إسلامًا؛ والجاهلية ليست من الجهل الذي هو ضد العلم، ولكن من الجهل الذي هو السَّفَه والغضب والأنفة؛ جاء في حديث الإفك: «ولكن اجتهَلته الحِميةُ»، أي حملته الأنفة والغضب على الجهل؛ وفي الحديث أن رسول الله ﷺ قال لأبي ذر وقد عيَّرَ رجلًا بأمه: «إنك امرؤ فيكَ جاهلية»؛ أي: فيك روح الجاهلية؛ وقريب من هذا المعنى استعمالهم استجهله الشيء؛ أي: استخفَّه، ومنه قوله:
«وقاك الهوى واستَجْهَلَتْكَ المنازلُ»

وفي معلقة عمرو بن كلثوم:

ألا لا يَجْهَلَنْ أحدٌ علينا فَنجْهَلَ فَوْقَ جَهلِ الجاهلينا
فترى من هذا كله أن كلمة الجاهلية تدل على الخفة والأنفة والحمية والمفاخرة، وهي أمور أوضح ما كانت في حياة العرب قبل الإسلام، فسُمي العصر الجاهلية؛ ويقابل هذه المعاني هدوء النفس والتواضع والاعتداد بالعمل الصالح لا بالنسب وهي كلها نزعة سلام، فمعنى الآية كما قال الطبري: «أن عباد الله هم الذين يمشون على الأرض بالحلم، لا يجهلون على من جهل عليهم».

ثم انتقلت الكلمة إلى معنى آخر قريب من هذا، وهو استعمال أسلم المشتق من السلام بمعنى الخضوع والانقياد، لما كان الخضوع أدعى إلى السلام، وفي هذا المعنى جاءت الآية: وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ، فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّـهِ؛ وقد أطلقها القرآن بهذا المعنى أحيانًا على المؤمنين والكافرين جميعًا؛ لأنهم خاضعون لله، ومنقادون له بحكم خلقتهم؛ رضوا أو كرهوا، تسري عليهم قوانين العالم ولا يستطيعون الخروج عليها، وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ، فكل من في السماوات والأرض مسلم بهذا المعنى؛ أي: خاضع لأمر الله، مطيع لما وَضع في العالم من قوانين.

ثم قصرت في الاستعمال على من أسلم وجهه لله طوعًا، فكأن المسلم هو الذي رضي بإطاعة الله، فاجتمعت له الطاعة الطبيعية والطاعة بالإرادة، وقريب من هذا المعنى قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، وبهذا المعنى تطلق كلمة «مسلم» على كل من خضع لله وأطاع أي نبي من الأنبياء، فأتباع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد مسلمون: قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ، وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، وفي سورة يوسف: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ؛ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.

ثم خُصت في الاستعمال بالدين الذي أتى به محمد ﷺ، وبهذا المعنى وردَ قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا، وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ.

فهذا الإسلام عماده الخضوع لله، والانقياد له، ولعل هذا الاسم أنسب اسم للرد على العقلية الجاهلية، عقلية الأنفة والحميَّة.

•••

تعاليم الإسلام: إذا نظرنا إلى تعاليم الإسلام وجدناها تنقسم قسمين: عقائد وأعمال، وقد تضمن أهم النوعين قوله تعالى: ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ.

ونحن نفصل ما جاء فيها بعض التفصيل فنقول:

العقائد: أهم أصل من أصول الإسلام الاعتقاد بالله، والاعتقاد بالله يكاد يكون عامًّا بين الشعوب، فلا تكاد تخلو أمة متبدية أو متحضرة من اعتقاد بإله، ولكن فكرة الألوهية وأوصاف الإله تختلف اختلافًا كبيرًا بين الأمم، والإسلام يصف الله بأوصاف نُلخصها مما ورد في القرآن؛ فهو ليس إله قبيلة، ولا إله أمة العرب وحدهم، ولا إله الناس وحدهم، بل هو إله كل شيء رَبِّ الْعَالَمِينَ، وكل شيء في الوجود مخلوق له، وخاضع لأمره، للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ.

وكل شيء من مظاهر الكون فعنه صدر: للهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ، وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ، للهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا، وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا، وَاللهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا.

قد أحاط علمه بكل شيء، وأحاطت قدرته بكل شيء، وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينَ، إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ،

وهو إله واحد؛ فليس هناك إله للخير وإله للشر، وليس هناك إله للجمال وإله للرياح، وليس هناك مَن يشاركه في ألوهيته، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللهُ، وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ اللهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَـٰهَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ، وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.

ليس لأي مخلوق ولا لأية طائفة سلطان على الناس في عقائدهم، ولا لأية صفة من صفات الربوبية: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ، حتى الرسول نفسه ليس إلا مبلغًا، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ، وعلى الجملة فالله واحد بأتم معاني الوحدانية، وأبسط أشكالها، وليس يَرْضى الإسلام عن أي نوع من التعدد، ولا أي رمز يشعر بالتعدد. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

بين الجاهلية والإسلام من كتب إسلامية

كان للإسلام أثران كبيران في عقلية العرب من ناحيتين مختلفتين:
(الأولى): ناحية مباشرة، وهي تعاليمه التي أتى بها مخالفًا عقائد العرب.
(الثانية): ناحية غير مباشرة، وهي أن الإسلام مكن العرب من فتح فارس ومستعمرات الروم، وهما أمتان عظيمتان تحملان أرقى مدنية في ذلك العهد، فكان من أثر الفتح وضع البلاد وما فيها من نظم وعلم وفلسفة تحت أعين العرب، فتسربت مدنيتهما إلى المسلمين، وتأثرت بهما عقليتهم، وسنتكلم كلمة عن كلتا الناحيتين.
لفظ الإسلام ومعناه: إذا تتبعنا مادة «س ل م» ونشوء كلمة الإسلام رأينا أن معنى السلام المسالمة، وضد المسالمة الحرب والخصام، جاء في القرآن: وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا، ولعل هذه الآية هي المفتاح الذي نصل به إلى معرفة السبب في تسمية العهد الذي قبل محمد ﷺ جاهلية، وعهده إسلامًا؛ والجاهلية ليست من الجهل الذي هو ضد العلم، ولكن من الجهل الذي هو السَّفَه والغضب والأنفة؛ جاء في حديث الإفك: «ولكن اجتهَلته الحِميةُ»، أي حملته الأنفة والغضب على الجهل؛ وفي الحديث أن رسول الله ﷺ قال لأبي ذر وقد عيَّرَ رجلًا بأمه: «إنك امرؤ فيكَ جاهلية»؛ أي: فيك روح الجاهلية؛ وقريب من هذا المعنى استعمالهم استجهله الشيء؛ أي: استخفَّه، ومنه قوله:
«وقاك الهوى واستَجْهَلَتْكَ المنازلُ»

وفي معلقة عمرو بن كلثوم:

ألا لا يَجْهَلَنْ أحدٌ علينا فَنجْهَلَ فَوْقَ جَهلِ الجاهلينا
فترى من هذا كله أن كلمة الجاهلية تدل على الخفة والأنفة والحمية والمفاخرة، وهي أمور أوضح ما كانت في حياة العرب قبل الإسلام، فسُمي العصر الجاهلية؛ ويقابل هذه المعاني هدوء النفس والتواضع والاعتداد بالعمل الصالح لا بالنسب وهي كلها نزعة سلام، فمعنى الآية كما قال الطبري: «أن عباد الله هم الذين يمشون على الأرض بالحلم، لا يجهلون على من جهل عليهم».

ثم انتقلت الكلمة إلى معنى آخر قريب من هذا، وهو استعمال أسلم المشتق من السلام بمعنى الخضوع والانقياد، لما كان الخضوع أدعى إلى السلام، وفي هذا المعنى جاءت الآية: وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ، فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّـهِ؛ وقد أطلقها القرآن بهذا المعنى أحيانًا على المؤمنين والكافرين جميعًا؛ لأنهم خاضعون لله، ومنقادون له بحكم خلقتهم؛ رضوا أو كرهوا، تسري عليهم قوانين العالم ولا يستطيعون الخروج عليها، وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ، فكل من في السماوات والأرض مسلم بهذا المعنى؛ أي: خاضع لأمر الله، مطيع لما وَضع في العالم من قوانين.

ثم قصرت في الاستعمال على من أسلم وجهه لله طوعًا، فكأن المسلم هو الذي رضي بإطاعة الله، فاجتمعت له الطاعة الطبيعية والطاعة بالإرادة، وقريب من هذا المعنى قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، وبهذا المعنى تطلق كلمة «مسلم» على كل من خضع لله وأطاع أي نبي من الأنبياء، فأتباع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد مسلمون: قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ، وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، وفي سورة يوسف: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ؛ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.

ثم خُصت في الاستعمال بالدين الذي أتى به محمد ﷺ، وبهذا المعنى وردَ قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا، وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ.

فهذا الإسلام عماده الخضوع لله، والانقياد له، ولعل هذا الاسم أنسب اسم للرد على العقلية الجاهلية، عقلية الأنفة والحميَّة.

•••

تعاليم الإسلام: إذا نظرنا إلى تعاليم الإسلام وجدناها تنقسم قسمين: عقائد وأعمال، وقد تضمن أهم النوعين قوله تعالى: ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ.

ونحن نفصل ما جاء فيها بعض التفصيل فنقول:

العقائد: أهم أصل من أصول الإسلام الاعتقاد بالله، والاعتقاد بالله يكاد يكون عامًّا بين الشعوب، فلا تكاد تخلو أمة متبدية أو متحضرة من اعتقاد بإله، ولكن فكرة الألوهية وأوصاف الإله تختلف اختلافًا كبيرًا بين الأمم، والإسلام يصف الله بأوصاف نُلخصها مما ورد في القرآن؛ فهو ليس إله قبيلة، ولا إله أمة العرب وحدهم، ولا إله الناس وحدهم، بل هو إله كل شيء رَبِّ الْعَالَمِينَ، وكل شيء في الوجود مخلوق له، وخاضع لأمره، للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ.

وكل شيء من مظاهر الكون فعنه صدر: للهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ، وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ، للهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا، وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا، وَاللهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا.

قد أحاط علمه بكل شيء، وأحاطت قدرته بكل شيء، وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينَ، إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ،

وهو إله واحد؛ فليس هناك إله للخير وإله للشر، وليس هناك إله للجمال وإله للرياح، وليس هناك مَن يشاركه في ألوهيته، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللهُ، وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ اللهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَـٰهَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ، وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.

ليس لأي مخلوق ولا لأية طائفة سلطان على الناس في عقائدهم، ولا لأية صفة من صفات الربوبية: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ، حتى الرسول نفسه ليس إلا مبلغًا، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ، وعلى الجملة فالله واحد بأتم معاني الوحدانية، وأبسط أشكالها، وليس يَرْضى الإسلام عن أي نوع من التعدد، ولا أي رمز يشعر بالتعدد.



حجم الكتاب عند التحميل : 178 كيلوبايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة بين الجاهلية والإسلام

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل بين الجاهلية والإسلام
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'