❞ كتاب غطرسة القوة عالم ريتشارد نيكسون السري ❝  ⏤ أنطوني سمرز

❞ كتاب غطرسة القوة عالم ريتشارد نيكسون السري ❝ ⏤ أنطوني سمرز

كانت حملة سنة 1946، أول لمحة عن الأسلوب السياسي لنيكسون، وفهمه للنزعة النفعية الهادفة لجني المغانم دون أي اعتبار للأخلاق وموقفه من خصومه السياسيين. وبعد ذلك بنحو ثلاثين سنة، أثناء الضجة التي أثارتها فضيحة الاقتحام في ووترغيت، قيض لبات نيكسون أن تقول أنه خلال حملة نيكسون فورهيس اقتحم أحدهم مكتب زوجها ليسرق، وربما ليدمّر، رزمة كبيرة من الكراريس، وتذمرت: "لم يهتم بالأمر أحد عندما حدث ذلك لنا في سنة 1946. كانت تلك واحدة من قصص نيكسون، التي تغيرت تفاصيلها حسب الظروف. وانتشرت قصص زائفة من المرشحين. وفي الأيام الأخيرة التي سبقت الانتخاب، جاءت أرخص واحدة وهي أن جيري فورهيس شيوعي.

وقد اعترف نيكسون فيما بعد في مجلس سرّي خاص: "كنت أعرف بالطبع أن جيري فورهيس لم يكن شيوعياً، وأعتقد أنه لا يوجد أي رجل يملك مثاليات أعلى من جري فورهيس، ولا دوافع أفضل.. ولكن كان عليّ أن أفوز. وهذا ما لا تفهمونه. إن الشيء المهم هو الفوز". إنه ريتشارد نيكسون ذاك السياسي الأمريكي البارز في النصف الثاني من القرن العشرين، والذي ارتبط اسمه بفضيحة ووترغيت التي اضطر على أثرها الاستقالة من منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأميركية.

وفي نيسان 1994 سقط نيسكون أثر نوبة قلبية شديدة، وهو في الحادية والثمانين، مخلفاً وراءه سيرة لأول رئيس أميركي يستقيل بطريقة مخزية. إلا أن ردّ فعل أميركا على موته كان سيدهشه. فالرئيس كلينتون، وهو ديموقراطي، كان في شبابه قد عارض نيكسون، وطالب باستقالته بسبب ووترغيت، أعلن يوم حداد وطني، وأغلق الكونغرس، والمحكمة العليا، وسوق نيويورك للأوراق المالية، وتوقف توزيع البريد، ونكست الأعلام إلى منتصف السارية في داخل أمريكا، وفي المؤسسات الأمريكية حول العالم لمدة شهر. وكانت القوة الجوية قد أعادت نيكسون إلى موطنه في نعش بسيط في خشب الماهوغني، ملفوفاً بالأعلام الأمريكية، على متن طائرة البوينغ 707 الزرقاء والبيضاء، التي كان اسمها ذات يوم طائرة القوة الجوية رقم واحد، وهي نفسها التي كانت قد أقلته إلى كاليفورنيا سنة 1974، عندما أصبح أول رئيس أمريكي على الإطلاق، يستقيل وسط الخزي والعار.

وغادر المركب الجنائزي الشاطئ الشرقي على صوت تحية من إحدى وعشرين طلقة مدفع، واستقبله ألوف الناس المصطفين على طول الشوارع في مسقط رأس الرجل المتوفّى. فتكدس المواطنون تحت مظلاتهم، وهم يمسكون باقات من الورد الذابل وأعلاماً أمريكية، في عاصفة عجيبة أوحت لمراسل النيويورك تايمز الذي كان يغطي الاحتفال، بمشهد العاصفة في مأساة الملك لير.

فمن كان هذا الرجل إلى وضع الملايين من الناس ثقتهم، فخان هذه الثقة؟!! وهو بالرغم من انهزامه إلا أنه استطاع تحقيق انبعاث سياسي مرة بعد أخرى وقد أظهر استبيان للرأي أخذ بعد أسبوع من وفاته، أن 27 بالمئة من الذين وجهت إليهم الأسئلة عن اعتقادهم بأن نيكسون سوف يُذْكَر كرئيس عظيم، غير أن 44 بالمئة قالوا أنه سوف يذكر كقائد لوّثه الخزي والعار. كما أن إحصاء لمواقف بعض الذين حضروا الجنازة، وبعض الذين اختاروا أن يتغيّبوا عنها، يثير شكوكاً وألغازاً وظلمة الغموض يفضل نيكسونيون نسيانها.

وفي إحدى المقابلات قال عنه أحد الناس الذين عرفوه أكثر من معظم الآخرين، وهو جون ايرليكمان أن سيرة حياة نيكسون هي أصعب مهمة يستطيع أن يتصوروها، ولكن لا بد من كتابة هذا الجزء من تاريخ أميركا، والصعوبات في هذه المهمة هي برأي ايرليكمان أكيدة لأن البطل الرئيسي فيها متملص مراوغ محيّر، والأدلة مبعثرة، ومدفونة دفناً عميقاً أحياناً.

وفي هذا الكتاب حاول آنطوني سمرز الوصول إلى حقيقة نيكسون. من ولادته كفكرة مغمورة في كاليفورنيا، إلى سقوطه في ذروة سلطة الرئاسة، وأن يتوصل إلى شيء يقرب من ذلك "التاريخ الصلب".

تأتي سيرة ريتشارد نيكسون هذه من مؤلف صاحب أكثر الكتب بيعاً، كاشفةً لأسرار نيكسون التي يمكن اعتبارها من المعالم البارزة في حياته؛ فهي صورة تثير اهتماماً عظيماً لسياسي كان مبدؤه الذي يلاحقه باطراد وبلا هوادة هو الفوز-مهما كان الثمن.

وبعد مضي عقدين على استقالة ريتشارد نيكسون من منصب الرئاسة، لم يفقد شيئاً من فتنته الآسرة. فمن المجادلات المستمرة حول سِجلِّه في الوظيفة، إلى الصراعات المثيرة للخلاف حول أشرطة التسجيل في البيت الأبيض، يبدو أننا أسرى هاجس يتحكم فينا هو الحاجة إلى فهم أشهر شخصية سياسية ذات سمعة سيئة في أمريكا. وفي غطرسة القوة يقدم لنا الصحفي المحقق الفائز بالجوائز آنطوني سمرز تمحيصاً دقيقاً لم يسبق له مثيل لرئيس تجمع شخصيته ذكاءً سياسياً لامعاً إلى نزعة إجرامية للانتقام.

يعتمد المؤلف على أكثر من ألف مقابلة، وخمس سنوات من البحث، فيتابع حياة نيكسون العملية من شبابه في كاليفورنيا عبر عضويته المثيرة للنزاع في الكونغرس، وعمله كنائب للرئيس، حتى أيامه الجياشة بالاضطراب في المكتب البيضاوي. فيبرز من ذلك نمط لحياة رجل يحفزه إدمان على التآمر وتعطش للسلطة طيلة حياته، رجل لم يكن تخريبه للديمقراطية أثناء ووترغيت في الحقيقة سوى تتويج لسنوات من التلاعب الساخر المظلم بالنظام السياسي.

ويوثق سمرز حقائق لم تكشف من قبل عن دور نيكسون في التآمر للإطاحة بفيدل كاسترو، ومحاولته تخريب محادثات السلام الفيتنامية؛ وقبوله بلا وازع من ضمير أموالاً من مصادر مشبوهة، ومتاعبه مع الكحول، واستعماله لأدوية بلا وصفة طبية، وعدم استقراره العقلي والعاطفي، مع وصول حصري للطبيب الذي سعى لمساعدته؛ والحقيقة حول أفضل صديق له، بيب ريبوزو Bebe Rebozo، وحياته الزوجية التي اكتنفتها المتاعب مع زوجته بات.

إن كتاب غطرسة القوة سوف يدمِّر الصورة التي سعى نيكسون لجعلها تراثاً إلى الأبد، ليقدم مكانها صورة عارية لرجل كان لعذاباته الشخصية مثل هذا الأثر الضارّ على خمسين عاماً من التاريخ الأميركي.
أنطوني سمرز - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ غطرسة القوة عالم ريتشارد نيكسون السري ❝ ❱
من كتب السير و المذكرات التراجم والأعلام - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.

نبذة عن الكتاب:
غطرسة القوة عالم ريتشارد نيكسون السري

2003م - 1445هـ
كانت حملة سنة 1946، أول لمحة عن الأسلوب السياسي لنيكسون، وفهمه للنزعة النفعية الهادفة لجني المغانم دون أي اعتبار للأخلاق وموقفه من خصومه السياسيين. وبعد ذلك بنحو ثلاثين سنة، أثناء الضجة التي أثارتها فضيحة الاقتحام في ووترغيت، قيض لبات نيكسون أن تقول أنه خلال حملة نيكسون فورهيس اقتحم أحدهم مكتب زوجها ليسرق، وربما ليدمّر، رزمة كبيرة من الكراريس، وتذمرت: "لم يهتم بالأمر أحد عندما حدث ذلك لنا في سنة 1946. كانت تلك واحدة من قصص نيكسون، التي تغيرت تفاصيلها حسب الظروف. وانتشرت قصص زائفة من المرشحين. وفي الأيام الأخيرة التي سبقت الانتخاب، جاءت أرخص واحدة وهي أن جيري فورهيس شيوعي.

وقد اعترف نيكسون فيما بعد في مجلس سرّي خاص: "كنت أعرف بالطبع أن جيري فورهيس لم يكن شيوعياً، وأعتقد أنه لا يوجد أي رجل يملك مثاليات أعلى من جري فورهيس، ولا دوافع أفضل.. ولكن كان عليّ أن أفوز. وهذا ما لا تفهمونه. إن الشيء المهم هو الفوز". إنه ريتشارد نيكسون ذاك السياسي الأمريكي البارز في النصف الثاني من القرن العشرين، والذي ارتبط اسمه بفضيحة ووترغيت التي اضطر على أثرها الاستقالة من منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأميركية.

وفي نيسان 1994 سقط نيسكون أثر نوبة قلبية شديدة، وهو في الحادية والثمانين، مخلفاً وراءه سيرة لأول رئيس أميركي يستقيل بطريقة مخزية. إلا أن ردّ فعل أميركا على موته كان سيدهشه. فالرئيس كلينتون، وهو ديموقراطي، كان في شبابه قد عارض نيكسون، وطالب باستقالته بسبب ووترغيت، أعلن يوم حداد وطني، وأغلق الكونغرس، والمحكمة العليا، وسوق نيويورك للأوراق المالية، وتوقف توزيع البريد، ونكست الأعلام إلى منتصف السارية في داخل أمريكا، وفي المؤسسات الأمريكية حول العالم لمدة شهر. وكانت القوة الجوية قد أعادت نيكسون إلى موطنه في نعش بسيط في خشب الماهوغني، ملفوفاً بالأعلام الأمريكية، على متن طائرة البوينغ 707 الزرقاء والبيضاء، التي كان اسمها ذات يوم طائرة القوة الجوية رقم واحد، وهي نفسها التي كانت قد أقلته إلى كاليفورنيا سنة 1974، عندما أصبح أول رئيس أمريكي على الإطلاق، يستقيل وسط الخزي والعار.

وغادر المركب الجنائزي الشاطئ الشرقي على صوت تحية من إحدى وعشرين طلقة مدفع، واستقبله ألوف الناس المصطفين على طول الشوارع في مسقط رأس الرجل المتوفّى. فتكدس المواطنون تحت مظلاتهم، وهم يمسكون باقات من الورد الذابل وأعلاماً أمريكية، في عاصفة عجيبة أوحت لمراسل النيويورك تايمز الذي كان يغطي الاحتفال، بمشهد العاصفة في مأساة الملك لير.

فمن كان هذا الرجل إلى وضع الملايين من الناس ثقتهم، فخان هذه الثقة؟!! وهو بالرغم من انهزامه إلا أنه استطاع تحقيق انبعاث سياسي مرة بعد أخرى وقد أظهر استبيان للرأي أخذ بعد أسبوع من وفاته، أن 27 بالمئة من الذين وجهت إليهم الأسئلة عن اعتقادهم بأن نيكسون سوف يُذْكَر كرئيس عظيم، غير أن 44 بالمئة قالوا أنه سوف يذكر كقائد لوّثه الخزي والعار. كما أن إحصاء لمواقف بعض الذين حضروا الجنازة، وبعض الذين اختاروا أن يتغيّبوا عنها، يثير شكوكاً وألغازاً وظلمة الغموض يفضل نيكسونيون نسيانها.

وفي إحدى المقابلات قال عنه أحد الناس الذين عرفوه أكثر من معظم الآخرين، وهو جون ايرليكمان أن سيرة حياة نيكسون هي أصعب مهمة يستطيع أن يتصوروها، ولكن لا بد من كتابة هذا الجزء من تاريخ أميركا، والصعوبات في هذه المهمة هي برأي ايرليكمان أكيدة لأن البطل الرئيسي فيها متملص مراوغ محيّر، والأدلة مبعثرة، ومدفونة دفناً عميقاً أحياناً.

وفي هذا الكتاب حاول آنطوني سمرز الوصول إلى حقيقة نيكسون. من ولادته كفكرة مغمورة في كاليفورنيا، إلى سقوطه في ذروة سلطة الرئاسة، وأن يتوصل إلى شيء يقرب من ذلك "التاريخ الصلب".

تأتي سيرة ريتشارد نيكسون هذه من مؤلف صاحب أكثر الكتب بيعاً، كاشفةً لأسرار نيكسون التي يمكن اعتبارها من المعالم البارزة في حياته؛ فهي صورة تثير اهتماماً عظيماً لسياسي كان مبدؤه الذي يلاحقه باطراد وبلا هوادة هو الفوز-مهما كان الثمن.

وبعد مضي عقدين على استقالة ريتشارد نيكسون من منصب الرئاسة، لم يفقد شيئاً من فتنته الآسرة. فمن المجادلات المستمرة حول سِجلِّه في الوظيفة، إلى الصراعات المثيرة للخلاف حول أشرطة التسجيل في البيت الأبيض، يبدو أننا أسرى هاجس يتحكم فينا هو الحاجة إلى فهم أشهر شخصية سياسية ذات سمعة سيئة في أمريكا. وفي غطرسة القوة يقدم لنا الصحفي المحقق الفائز بالجوائز آنطوني سمرز تمحيصاً دقيقاً لم يسبق له مثيل لرئيس تجمع شخصيته ذكاءً سياسياً لامعاً إلى نزعة إجرامية للانتقام.

يعتمد المؤلف على أكثر من ألف مقابلة، وخمس سنوات من البحث، فيتابع حياة نيكسون العملية من شبابه في كاليفورنيا عبر عضويته المثيرة للنزاع في الكونغرس، وعمله كنائب للرئيس، حتى أيامه الجياشة بالاضطراب في المكتب البيضاوي. فيبرز من ذلك نمط لحياة رجل يحفزه إدمان على التآمر وتعطش للسلطة طيلة حياته، رجل لم يكن تخريبه للديمقراطية أثناء ووترغيت في الحقيقة سوى تتويج لسنوات من التلاعب الساخر المظلم بالنظام السياسي.

ويوثق سمرز حقائق لم تكشف من قبل عن دور نيكسون في التآمر للإطاحة بفيدل كاسترو، ومحاولته تخريب محادثات السلام الفيتنامية؛ وقبوله بلا وازع من ضمير أموالاً من مصادر مشبوهة، ومتاعبه مع الكحول، واستعماله لأدوية بلا وصفة طبية، وعدم استقراره العقلي والعاطفي، مع وصول حصري للطبيب الذي سعى لمساعدته؛ والحقيقة حول أفضل صديق له، بيب ريبوزو Bebe Rebozo، وحياته الزوجية التي اكتنفتها المتاعب مع زوجته بات.

إن كتاب غطرسة القوة سوف يدمِّر الصورة التي سعى نيكسون لجعلها تراثاً إلى الأبد، ليقدم مكانها صورة عارية لرجل كان لعذاباته الشخصية مثل هذا الأثر الضارّ على خمسين عاماً من التاريخ الأميركي. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

كانت حملة سنة 1946، أول لمحة عن الأسلوب السياسي لنيكسون، وفهمه للنزعة النفعية الهادفة لجني المغانم دون أي اعتبار للأخلاق وموقفه من خصومه السياسيين. وبعد ذلك بنحو ثلاثين سنة، أثناء الضجة التي أثارتها فضيحة الاقتحام في ووترغيت، قيض لبات نيكسون أن تقول أنه خلال حملة نيكسون فورهيس اقتحم أحدهم مكتب زوجها ليسرق، وربما ليدمّر، رزمة كبيرة من الكراريس، وتذمرت: "لم يهتم بالأمر أحد عندما حدث ذلك لنا في سنة 1946. كانت تلك واحدة من قصص نيكسون، التي تغيرت تفاصيلها حسب الظروف. وانتشرت قصص زائفة من المرشحين. وفي الأيام الأخيرة التي سبقت الانتخاب، جاءت أرخص واحدة وهي أن جيري فورهيس شيوعي.

وقد اعترف نيكسون فيما بعد في مجلس سرّي خاص: "كنت أعرف بالطبع أن جيري فورهيس لم يكن شيوعياً، وأعتقد أنه لا يوجد أي رجل يملك مثاليات أعلى من جري فورهيس، ولا دوافع أفضل.. ولكن كان عليّ أن أفوز. وهذا ما لا تفهمونه. إن الشيء المهم هو الفوز". إنه ريتشارد نيكسون ذاك السياسي الأمريكي البارز في النصف الثاني من القرن العشرين، والذي ارتبط اسمه بفضيحة ووترغيت التي اضطر على أثرها الاستقالة من منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأميركية.

وفي نيسان 1994 سقط نيسكون أثر نوبة قلبية شديدة، وهو في الحادية والثمانين، مخلفاً وراءه سيرة لأول رئيس أميركي يستقيل بطريقة مخزية. إلا أن ردّ فعل أميركا على موته كان سيدهشه. فالرئيس كلينتون، وهو ديموقراطي، كان في شبابه قد عارض نيكسون، وطالب باستقالته بسبب ووترغيت، أعلن يوم حداد وطني، وأغلق الكونغرس، والمحكمة العليا، وسوق نيويورك للأوراق المالية، وتوقف توزيع البريد، ونكست الأعلام إلى منتصف السارية في داخل أمريكا، وفي المؤسسات الأمريكية حول العالم لمدة شهر. وكانت القوة الجوية قد أعادت نيكسون إلى موطنه في نعش بسيط في خشب الماهوغني، ملفوفاً بالأعلام الأمريكية، على متن طائرة البوينغ 707 الزرقاء والبيضاء، التي كان اسمها ذات يوم طائرة القوة الجوية رقم واحد، وهي نفسها التي كانت قد أقلته إلى كاليفورنيا سنة 1974، عندما أصبح أول رئيس أمريكي على الإطلاق، يستقيل وسط الخزي والعار.

وغادر المركب الجنائزي الشاطئ الشرقي على صوت تحية من إحدى وعشرين طلقة مدفع، واستقبله ألوف الناس المصطفين على طول الشوارع في مسقط رأس الرجل المتوفّى. فتكدس المواطنون تحت مظلاتهم، وهم يمسكون باقات من الورد الذابل وأعلاماً أمريكية، في عاصفة عجيبة أوحت لمراسل النيويورك تايمز الذي كان يغطي الاحتفال، بمشهد العاصفة في مأساة الملك لير.

فمن كان هذا الرجل إلى وضع الملايين من الناس ثقتهم، فخان هذه الثقة؟!! وهو بالرغم من انهزامه إلا أنه استطاع تحقيق انبعاث سياسي مرة بعد أخرى وقد أظهر استبيان للرأي أخذ بعد أسبوع من وفاته، أن 27 بالمئة من الذين وجهت إليهم الأسئلة عن اعتقادهم بأن نيكسون سوف يُذْكَر كرئيس عظيم، غير أن 44 بالمئة قالوا أنه سوف يذكر كقائد لوّثه الخزي والعار. كما أن إحصاء لمواقف بعض الذين حضروا الجنازة، وبعض الذين اختاروا أن يتغيّبوا عنها، يثير شكوكاً وألغازاً وظلمة الغموض يفضل نيكسونيون نسيانها.

وفي إحدى المقابلات قال عنه أحد الناس الذين عرفوه أكثر من معظم الآخرين، وهو جون ايرليكمان أن سيرة حياة نيكسون هي أصعب مهمة يستطيع أن يتصوروها، ولكن لا بد من كتابة هذا الجزء من تاريخ أميركا، والصعوبات في هذه المهمة هي برأي ايرليكمان أكيدة لأن البطل الرئيسي فيها متملص مراوغ محيّر، والأدلة مبعثرة، ومدفونة دفناً عميقاً أحياناً.

وفي هذا الكتاب حاول آنطوني سمرز الوصول إلى حقيقة نيكسون. من ولادته كفكرة مغمورة في كاليفورنيا، إلى سقوطه في ذروة سلطة الرئاسة، وأن يتوصل إلى شيء يقرب من ذلك "التاريخ الصلب".

تأتي سيرة ريتشارد نيكسون هذه من مؤلف صاحب أكثر الكتب بيعاً، كاشفةً لأسرار نيكسون التي يمكن اعتبارها من المعالم البارزة في حياته؛ فهي صورة تثير اهتماماً عظيماً لسياسي كان مبدؤه الذي يلاحقه باطراد وبلا هوادة هو الفوز-مهما كان الثمن.

وبعد مضي عقدين على استقالة ريتشارد نيكسون من منصب الرئاسة، لم يفقد شيئاً من فتنته الآسرة. فمن المجادلات المستمرة حول سِجلِّه في الوظيفة، إلى الصراعات المثيرة للخلاف حول أشرطة التسجيل في البيت الأبيض، يبدو أننا أسرى هاجس يتحكم فينا هو الحاجة إلى فهم أشهر شخصية سياسية ذات سمعة سيئة في أمريكا. وفي غطرسة القوة يقدم لنا الصحفي المحقق الفائز بالجوائز آنطوني سمرز تمحيصاً دقيقاً لم يسبق له مثيل لرئيس تجمع شخصيته ذكاءً سياسياً لامعاً إلى نزعة إجرامية للانتقام.

يعتمد المؤلف على أكثر من ألف مقابلة، وخمس سنوات من البحث، فيتابع حياة نيكسون العملية من شبابه في كاليفورنيا عبر عضويته المثيرة للنزاع في الكونغرس، وعمله كنائب للرئيس، حتى أيامه الجياشة بالاضطراب في المكتب البيضاوي. فيبرز من ذلك نمط لحياة رجل يحفزه إدمان على التآمر وتعطش للسلطة طيلة حياته، رجل لم يكن تخريبه للديمقراطية أثناء ووترغيت في الحقيقة سوى تتويج لسنوات من التلاعب الساخر المظلم بالنظام السياسي.

ويوثق سمرز حقائق لم تكشف من قبل عن دور نيكسون في التآمر للإطاحة بفيدل كاسترو، ومحاولته تخريب محادثات السلام الفيتنامية؛ وقبوله بلا وازع من ضمير أموالاً من مصادر مشبوهة، ومتاعبه مع الكحول، واستعماله لأدوية بلا وصفة طبية، وعدم استقراره العقلي والعاطفي، مع وصول حصري للطبيب الذي سعى لمساعدته؛ والحقيقة حول أفضل صديق له، بيب ريبوزو Bebe Rebozo، وحياته الزوجية التي اكتنفتها المتاعب مع زوجته بات.

إن كتاب غطرسة القوة سوف يدمِّر الصورة التي سعى نيكسون لجعلها تراثاً إلى الأبد، ليقدم مكانها صورة عارية لرجل كان لعذاباته الشخصية مثل هذا الأثر الضارّ على خمسين عاماً من التاريخ الأميركي.غطرسة القوة عالم ريتشارد نيكسون السري من سير وتراجم ومذكرات



سنة النشر : 2003م / 1424هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 33.1 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة غطرسة القوة عالم ريتشارد نيكسون السري

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:


شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
أنطوني سمرز - ANTONI SMRZ

كتب أنطوني سمرز ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ غطرسة القوة عالم ريتشارد نيكسون السري ❝ ❱. المزيد..

كتب أنطوني سمرز