❞ كتاب نحو نظام نقدي عادل - دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام ❝

❞ كتاب نحو نظام نقدي عادل - دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام ❝

نحو نظام نقدي عادل دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام من اقتصاد

سنة رابعة دكتوراه في العلوم الاقتصادية


نحو نظام نقدي عادل: دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام

تأليف : محمد عمر شابرا

الناشر : دار البشير

نبذة عن الكتاب :


كما لابد أن يضطلع النظام النقدي والمصرفي العادل بالارتقاء بمستوى خدماته لتطابق معايير الجودة والكفاءة الاقتصادية والسلامة الشرعية، كل هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها دون استراتيجيات مناسبة، ولعل أهم عناصر الاستراتيجية التي اقترحها الكاتب البعد الأخلاقي والقيمي للنظام النقدي والاقتصادي ككل، فلا اقتصاد بلا أخلاق، وكذلك إعادة تنظيم هيكلي لكافة جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بتدخل إيجابي وفعال للدولة الإسلامية.

ثانيا: طبيعة الربا: لقد أولى الكاتب اهتماما كبيرا لقضية الربا وجعلها محورا لبحثه، لأن باب الربا كما قال ابن كثير "من أشكل الأبواب على معظم أهل العلم"، ففي الربا اعتداء على مقصد من مقاصد الشرع وهو المال، والربا بلغة الشرع هي الزيادة المشروطة على المقترض دفعها مقابل الاقتراض أو تمديد أجل القرض، وتنقسم إلى ربا النسيئة (ربا الديون، ربا القرض)، وربا الفضل (ربا البيوع، الربا الخفي). فربا النسيئة ناتج عن علاقة مالية ويقابلها ربا الجاهلية أو الفائدة الربوية، وهو ثمن تأخير سداد القرض (كل قرض جر نفعا فهو ربا)، أما ربا الفضل فينتج عن علاقة تجارية في المعاوضات الربوية، وسمي كذلك لفضل أحد العوضين على الآخر دون مقابل، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى التمييز بين ربا البيوع وربا الفضل، لأن الأول شامل لربا الفضل وربا النساء معاً، وربا النساء في الاصطلاح هو غير ربا النسيئة، فالأول في البيع والثاني في القرض.

وقد حلل الكاتب في ملحق خاص بطبيعة الربا وأنواعه وحكمة تحريمه، كيف أن الربا ليس مصدراً للظلم الاجتماعي فحسب، بل هو أيضاً سبب في سوء تخصيص الموارد، وفي نمو ضال، وفي الاضطراب الاقتصادي، وعدد آخر من المشكلات الاقتصادية.

ثالثا: البديل: اقترح الكاتب بديلا لنظام الفائدة الربوية يرتكز على مبدأين: الملكية الخاصة المضبوطة بالقيم الأخلاقية العائد على رأس المال لا يحدد مسبقا بل بعد احتساب التكاليف، وقد يحتمل الربح كما يحتمل الخسارة، وعلى هذا الأساس طرح الكاتب أربع صور لنظام التمويل بالمشاركة، فقد يكون ملكية فردية أي التملك والإدارة، أو مشاركة إما بالعمل ورأس المال (مضاربة) وإما في رأس المال وربحه وخسارته (شركة)، أو اجتماع الشركة والمضاربة في حال رغبة أحد المشتركين في الحصول على فرص استثمارية مربحة دون الإدارة، أو شركات مساهمة في إطار تعاليم الإسلام.

إن نظام التمويل بالمشاركة يسهم في توسيع قاعدة الملكية، وربط الدائرة الحقيقية بالنقدية، والأهم من ذلك الحد من التمويل المفرط (الإقراض) للقطاعين العام والخاص على حد السواء.

رابعا: البرنامج الإسلامي: إن البرنامج الذي اقترحه الكاتب يقتضي إجراء بعض التعديلات الجوهرية وتبني استراتيجيات هيكلية من أجل تحقيق أهداف الإسلام الاقتصادية والاجتماعية، ويتمثل التعديل الأول في ضرورة إدخال بعض الإصلاحات الأساسية طبقاً للقيم التي يدعو لها الإسلام مثل: الاعتدال في الإنفاق، والقضاء على الاكتناز، والفاعلية في استخدام المدخرات، وتجنب الهدر في استغلال الثروات... الخ.

أما التعديل الثاني فيضم تشكيلة من الإصلاحات الهامة ذات البعد الاستراتيجي التي يتوجب إحداثها لتحقيق التحول التدريجي نحو أسلمة النظام الاقتصادي، ولعل أولها توسيع دائرة التمويل بالمشاركة بدلا من التمويل الربوي من خلال زيادة رأس مال الشركات من الداخل دون اللجوء إلى الاقتراض الربوي، تنظيم مخزون النقود السوداء بتحويلها إلى الخارج أو إنفاقها على الاستهلاك التفاخري، إعادة النظر في قوانين الجباية والضرائب بفرض نسب ضريبية على نصيب الفوائد الربوية من الدخل الإجمالي أعلى من تلك المفروضة على الأرباح، ترشيد الهيكل الضريبي، وتشجيع إنشاء مؤسسات الاستثمار برأس المال المخاطر. أما الإجراء الثاني فهو تقليل سلطة المصارف والحد من ممارساتها الخطيرة في التوليد غير المنظم لنقود الودائع، كما يعتبر إنشاء وتنظيم سوق سليمة للأوراق المالية مطلبا ضروريا لإعادة تنظيم الاقتصاد وفق الخط الإسلامي.

خامسا: اعتراضات ومبررات: عرض الكاتب في هذا الفصل أهمالاعتراضات التي أثيرت حول إمكانية تطبيق اقتصاد خال من الربا، وحول معالجتها بإعطاء حلول موضوعية تساعد على فهم طبيعة هذا الاقتصاد، وتتلخص فيما يلي:

- تخصيص الموارد: يعتبر معدل الربح في نظام المشاركة آلية فعالة وذات كفاءة في إحداث التوازن بين عرض الأموال القابلة للاستثمار والطلب عليها، ومن ثم يكون تخصيصها أمثلا وتوزيعها عادلا.

- الادخار والتكوين الرأسمالي: إن تعدد أوجه الاستثمار الإسلامي وآجالها كفيل للتقليص من حدة الأثر التآكلي للتضخم، وتعويض أي تفضيل زمني قد يحدث من خلال إتاحة فرص استثمارية متفاوتة المخاطرة والآجال والمجالات، فنظام المشاركة يستهدف التعبئة الإجمالية للادخارات لتوظيفها في مشاريع منتجة ومدرة للثروة.

- الاستقرار: تعتبر التقلبات الاقتصادية المفاجئة السمة البارزة للنظام الرأسمالي القائم على الفائدة الربوية، والتي تنخفض معدلاتها وترتفع تبعا للممارسات المجازفية في الأسواق والمؤسسات المالية، في حين يوفر نظام المشاركة في الربح والخسارة توزيعا عادلا للمخاطر بين جميع الأطراف الفاعلة.

- النمو الاقتصادي: يتحقق النمو الاقتصادي الأمثل في اقتصاد إسلامي من خلال التخصيص الأمثل والتوزيع العادل للموارد، وترشيد استثمار المدخرات، وتقسيم منصف للمخاطر.

- تعرض الودائع للخسارة: تتميز الودائع في المصارف الإسلامية بإمكانية خسارتها كلية أو جزء منها ( عدا الودائع الحالة) لكونها تمثل عقود مضاربة تحتمل الربح كما تحتمل الخسارة، كما تتعرض لمخاطر أخلاقية وأخرى تجارية، ولمعالجة الإشكال اقترح شابرا إنشاء نظام مراجعة مستمرة لحسابات الزبائن للتحوط من مخاطر عدم إفصاح ولا أمانة المضارب، ولمواجهة المخاطر التجارية الناتجة عن تفاعل السوق بطريقة غير متوقعة وجب التخطيط الجيد للظروف المحتملة وتبني استراتيجية التنويع في الكم والنوع، كما أنه يمكن لهذه المصارف تخصيص جزء من أرباحها كاحتياطات مخاطر الاستثمار لمقابلة أي خسارة محتملة.

- القروض قصيرة الأجل: إن أوجه التمويل الإسلامي لا يمكن أن تبنى كلها على المشاركة في الربح والخسارة، فالقروض قصيرة الأجل يصعب بناؤها لصعوبة تقدير أرباحها خلال فترة وجيزة إلى جانب احتمالية تعرض المصرف لمخاطر عدم سدادها، لذلك فإنه لا بد من إدراجها ضمن عقد المضاربة الشامل.

- تمويل البيع مؤجل الثمن: تتعلق بالائتمان الاستهلاكي، ولما كان الإسلام يحظر اقتصاد الاستهلاك التفاخري وجب التمييز بين الحاجات الحقيقية التي يعنى النظام المالي الإسلامي بتمويلها مضاربة، والحاجات الوهمية لا محل لها في الاقتصاد الإسلامي.

- إقراض الدولة: اعترض الكاتب على استمرار التمويل المصرفي لعجوزات الدولة المتراكمة، وأكد على ضرورة مقابلة النفقات بالإيرادات الضريبية واتباع سياسة التقشف، وأنه لا بد أن تكوت هذه العجوزات معقولة حتى يسهل تمويلها إما مشاركة، أو تأجيرا بالنسبة للمشاريع التجارية، أو تبرعا من خلال إنعاش العرف الإسلامي للأوقاف لتمويل المشاريع ذات الطابع الاجتماعي. كما أشار إلى أهمية ترشيد التمويل المصرفي للدولة حفاظا على أهداف المصرف المركزي خاصة استقرار المستوى العام للأسعار.

سادسا: الإطار التنظيمي المناسب: من أجل تحقيق أهداف النظام النقدي والمصرفي الإسلامي اقترح شابرا إطارا تنظيميا يضم التغييرات الأساسية التي سبق التعرض لها، ويتشكل من مؤسسات مصرفية ( المصرف المركزي، المصارف التجارية)، وغير مصرفية (شركات الاستثمار، اتحادات الإقراض،.. .)، ومؤسسات ائتمان متخصصة، وهيئات التأمين على الودائع ومراجعة الحسابات الاستثمارية، وقد ناقش الكاتب مجالات هذه المؤسسات ومسؤولياتها، حيث ركز على توضيح العلاقة بين كل من المصرف المركزي، الحكومة، المصارف التجارية، فالأولى مصرف مركزي-حكومة ينبغي أن تقوم على أساس القرض الحسن، في حين تتحد العلاقة مصرف مركزي-مصارف تجارية بعقد المضاربة، على ألا تكون المصارف التجارية صغيرة غير اقتصادية، ولا كبيرة ذات هيمنة.

وتتلخص وظيفة مؤسسات الائتمان المتخصصة في نظر شابرا في تمويل القطاعات الصغيرة مضاربة أو على أساس القرض الحسن، وتعمل هيئة مراجعة الحسابات الاستثمارية على تشجيع التصريح بمعدلات الربح الحقيقية في ظل رشادة النظام الضريبي.

سابعا: السياسة النقدية: يرى شابرا أن الطلب على النقود في اقتصاد إسلامي ينشأ أساساً من الصفقات والاحتياجات الاحتياطية التي يحددها بدرجة كبيرة مستوى الدخل النقدي وتوزيعه. أما في الاقتصاد الرأسمالي فينشأ الطلب المضارب على النقود من تقلبات سعر الفائدة، فهبوط معدلات الفائدة إذا اقترن بتوقعات تنبئ بارتفاعها يغري الأفراد والمنشآت بزيادة موجوداتهم النقدية.كما أن إلغاء الفائدة في الاقتصاد الإسلامي وفرض الزكاة بمعدل 2.5%سنوياً لا يؤديان فقط إلى تخفيض الطلب المضارب على النقود والحد من الأثر المانع لمعدلات الفائدة، بل يؤدي أيضاً إلى زيادة الاستقرار في الطلب الكلي على النقود.

وترتكز الاستراتيجية الإسلامية في نظر الكاتب على توجيه السياسة النقدية إلى توليد نمو في عرض النقود موافقا للنمو في الناتج الوطني، وبما أن التوسع النقدي يتحدد أساسا على النقود الأولية، فإنه يتوجب على المصرف المركزي ضبط معدل توليد النقود من قبل المصارف التجارية، وكذا مراقبة مصادر النقود ذات الطاقة العالية: قروض للخزينة العمومية، قروض للمصارف التجارية، فائض ميزان المدفوعات.

وحدد الكاتب للسياسة النقدية الشرعية مجموعة من الأدوات والآليات التي تسهم في تنظيم الائتمان، وسد الحاجة إلى تمويل العجز الحقيقي للحكومة، وتتمثل فيما يلي:

- تحديد معدل نمو سنوي للعرض النقدي من قبل المصرف المركزي، تتاح من خلاله نقود للدولة على أساس القرض الحسن، ونقود للمصارف التجارية والمؤسسات المتخصصة على أساس المضاربة، في ضوء الأهداف الاقتصادية والاجتماعية.

- توفير نسبة من الودائع الحالة تستخدمها الدولة مقابل رسم خدمة، وتختلف هذه النسبة باختلاف الظرف الاقتصادي.

- وضع نسب الاحتياطي النظامي للودائع الحالة في المصارف التجارية.

- وضع سقف إجمالي للتمويل، ووضع سياسات لتوزيع التمويلات اعتمادا على ضابط الأولويات.

- مجموعة من الأدوات الكمية والنوعية الأخرى، مثل شراء الأسهم وبيعها، وشهادات المشاركة في الربح والخسارة لتحل محل السندات الحكومية في عمليات السوق المفتوحة، ونسبة إعادة التمويل، ونسبة الاقتراض.

تقويم النموذج: عالج الكاتب في هذا الفصل مدى قدرة النموذج المقترح على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة الإسلامية؛ وانطلق في تحليله من دور المصرف المركزي في تنظيم العرض النقدي للحفاظ على استقرار الأسعار، من خلال التحكم فيما يتم توليده من نقود الودائع التي تنتج عنها أرباح يرحل جزء منها للمصارف والمؤسسات المالية مضاربة، والجزء الآخر تتولى خزانة الدولة استخدامه لتمويل المشروعات الكفائية والتي تؤدي إلى تخفيض معدلات البطالة والفقر، وتقليص الفجوات بين الطبقات المجتمعية.

فالمصاعب المالية التي تواجهها الحكومة في اقتصاد إسلامي يمكن حلها من خلال أرباح النقود المتولدة، أو تحويل نسبة من الودائع الحالة لدى المصارف التجارية مقابل رسوم ضئيلة تنعكس مباشرة على تخفيض المعدلات الضريبية المفروضة على منشآت الأعمال، وهذا على غرار أسعار الفائدة الربوية.

إن اشتراك المؤسسات المالية في الأرباح والخسائر يعتبر دافعا لها للبحث عن أكثر المشروعات الأكثر إنتاجية ونفعا لتمويلها، وهذا ما يحقق فعلا الاستغلال الرشيد للموارد، ومن ثم يمكن القول: إن النظام النقدي والمصرفي المقترح يخدم وبفعالية أهداف الاقتصاد الإسلامي من كل النواحي.

المرحلة الانتقالية: بعد تصميم النموذج، انتقل شابرا لرسم منهجية الانتقال نحو نظام نقدي ومصرفي إسلامي متكامل، وفق الخطوات التالية:

- وضع الإطار التنظيمي للمؤسسات المصرفية والمالية في النظام المقترح، وإنشاء الهيئات الداعمة للمصرفية الإسلامية، وترشيد النظام الضريبي اجتنابا لهروب رؤوس الأموال، وإحياء مؤسستي الزكاة والعشر.

- إعادة تنظيم سوق رأس المال على أساس إسلامي، إذ تتغير قيم الأوراق المالية المتداولة ارتفاعا وانخفاضا تبعا للتقلبات الاقتصادية وليس الممارسات المضاربية.

- التقليل من اعتماد جميع المنشآت على القروض الربوية، وتشجيعها على التمويلات التشاركية لتغطية احتياجات رأس المال الثابت والعامل بهدف توسيع قاعدة ملكية منشآت الأعمال.

- إلغاء آلية الفائدة من المؤسسات الائتمانية المتخصصة والعمومية، والعاملة في قطاعات الاقتصاد المختلفة، بغرض تحويل آلية عملها نحو التمويل التشاركي لا الإقراضي.

- تحويل جميع منشآت القطاع العام التي تقبل منتجاتها التسويق التجاري إلى شركات مساهمة، مع استبدال السندات الربوية التي أصدرتها بأسهم تتوافق والشريعة الإسلامية.

- التحويل التدريجي للمؤسسات المالية الربوية كافة إلى مؤسسات مشاركة في الأرباح والخسائر، من خلال تمكينها من تخفيض أصولها وخصومها الربوية بنسبة معينة، وزيادة أصولها وخصومها المشاركة في الربح والخسارة زيادة مقابلة.

- أما بخصوص قضية الدين الحكومي غير المسدد فيمكن معالجته وفقا لما يلي: الدين الحكومي نحو القطاع الخاص المحلي ينبغي تحويله إلى تمويل بالمشاركة، أما سندات الدين الحكومي في محافظ المصارف التجارية فيمكن تسديدها من خلال استخدام ذلك الجزء من الودائع الحالة الذي تحوله المصارف للحكومة على أساس قرض حسن (يعادل 25%من هذه الودائع).

- وتبقى المشكلة قائمة في نظر الكاتب في الديون الأجنبية، حيث تضطر الحكومة إلى دفع الفوائد على ما اقترضته من ديون خارجية إلى غاية تواريخ استحقاقها.

يعتبر هذا النموذج أكثر واقعية وقابلية للتطبيق، حيث يتطلب من المؤسسات المالية وجميع منشآت الأعمال اكتساب الخبرة العملية مع تحمل المصاعب الفنية غير المتوقعة.

الخاتمة: يمكن أن نقول بعد هذا التحليل الرائع للدكتور شابرا أن بحثا علميا ممنهجا بأصوله ومعالجا بقواعده، لا يستحق سوى التقدير والثناء على صاحبه الذي فسح المجال واسعا للدراسات الاقتصادية في ضوء الإسلام.

فقدأسهم الكاتب في رفع مستوى الحوار الدائر حول الاقتصاد النقدي الإسلامي، وذلك بتحليله الصارم لبعض المفاهيم الجوهرية، وتقويمه الناقد لبعض الأفكار الجديدة التي تم تطويرها في الممارسات المصرفية، هذا فضلا على أنه احتوى على إضافات علمية ممتازة ومواقف امتازت بالجرأة في الطرح والبعد في النظر.

إلا أن هذا الجهد القيم يحتاج إلى مزيد من التطوير على المستوى العملي التطبيقي، وقبل ذلك تطوير الفكر والوعي الاقتصادي الإسلامي لدى من لديهم القدرة على التغيير نحو الأفضل.

وفي الأخير، تجدر الإشارة إلى أن الكاتب قد أثار قضايا اقتصادية مهمة بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة المتكاملة، مثل: كيفية تصحيح العلاقات النقدية الدولية على أسس لا ربوية، مشكلة المديونية الخارجية وتأثيرها على السياسة النقدية المحلية، الابتكارات والإبداعات المالية في اقتصاد إسلامي.
-
من كتب علم الإقتصاد - مكتبة الكتب العلمية.

نبذة عن الكتاب:
نحو نظام نقدي عادل - دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام

نحو نظام نقدي عادل دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام من اقتصاد

سنة رابعة دكتوراه في العلوم الاقتصادية


نحو نظام نقدي عادل: دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام

تأليف : محمد عمر شابرا

الناشر : دار البشير

نبذة عن الكتاب :


كما لابد أن يضطلع النظام النقدي والمصرفي العادل بالارتقاء بمستوى خدماته لتطابق معايير الجودة والكفاءة الاقتصادية والسلامة الشرعية، كل هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها دون استراتيجيات مناسبة، ولعل أهم عناصر الاستراتيجية التي اقترحها الكاتب البعد الأخلاقي والقيمي للنظام النقدي والاقتصادي ككل، فلا اقتصاد بلا أخلاق، وكذلك إعادة تنظيم هيكلي لكافة جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بتدخل إيجابي وفعال للدولة الإسلامية.

ثانيا: طبيعة الربا: لقد أولى الكاتب اهتماما كبيرا لقضية الربا وجعلها محورا لبحثه، لأن باب الربا كما قال ابن كثير "من أشكل الأبواب على معظم أهل العلم"، ففي الربا اعتداء على مقصد من مقاصد الشرع وهو المال، والربا بلغة الشرع هي الزيادة المشروطة على المقترض دفعها مقابل الاقتراض أو تمديد أجل القرض، وتنقسم إلى ربا النسيئة (ربا الديون، ربا القرض)، وربا الفضل (ربا البيوع، الربا الخفي). فربا النسيئة ناتج عن علاقة مالية ويقابلها ربا الجاهلية أو الفائدة الربوية، وهو ثمن تأخير سداد القرض (كل قرض جر نفعا فهو ربا)، أما ربا الفضل فينتج عن علاقة تجارية في المعاوضات الربوية، وسمي كذلك لفضل أحد العوضين على الآخر دون مقابل، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى التمييز بين ربا البيوع وربا الفضل، لأن الأول شامل لربا الفضل وربا النساء معاً، وربا النساء في الاصطلاح هو غير ربا النسيئة، فالأول في البيع والثاني في القرض.

وقد حلل الكاتب في ملحق خاص بطبيعة الربا وأنواعه وحكمة تحريمه، كيف أن الربا ليس مصدراً للظلم الاجتماعي فحسب، بل هو أيضاً سبب في سوء تخصيص الموارد، وفي نمو ضال، وفي الاضطراب الاقتصادي، وعدد آخر من المشكلات الاقتصادية.

ثالثا: البديل: اقترح الكاتب بديلا لنظام الفائدة الربوية يرتكز على مبدأين: الملكية الخاصة المضبوطة بالقيم الأخلاقية العائد على رأس المال لا يحدد مسبقا بل بعد احتساب التكاليف، وقد يحتمل الربح كما يحتمل الخسارة، وعلى هذا الأساس طرح الكاتب أربع صور لنظام التمويل بالمشاركة، فقد يكون ملكية فردية أي التملك والإدارة، أو مشاركة إما بالعمل ورأس المال (مضاربة) وإما في رأس المال وربحه وخسارته (شركة)، أو اجتماع الشركة والمضاربة في حال رغبة أحد المشتركين في الحصول على فرص استثمارية مربحة دون الإدارة، أو شركات مساهمة في إطار تعاليم الإسلام.

إن نظام التمويل بالمشاركة يسهم في توسيع قاعدة الملكية، وربط الدائرة الحقيقية بالنقدية، والأهم من ذلك الحد من التمويل المفرط (الإقراض) للقطاعين العام والخاص على حد السواء.

رابعا: البرنامج الإسلامي: إن البرنامج الذي اقترحه الكاتب يقتضي إجراء بعض التعديلات الجوهرية وتبني استراتيجيات هيكلية من أجل تحقيق أهداف الإسلام الاقتصادية والاجتماعية، ويتمثل التعديل الأول في ضرورة إدخال بعض الإصلاحات الأساسية طبقاً للقيم التي يدعو لها الإسلام مثل: الاعتدال في الإنفاق، والقضاء على الاكتناز، والفاعلية في استخدام المدخرات، وتجنب الهدر في استغلال الثروات... الخ.

أما التعديل الثاني فيضم تشكيلة من الإصلاحات الهامة ذات البعد الاستراتيجي التي يتوجب إحداثها لتحقيق التحول التدريجي نحو أسلمة النظام الاقتصادي، ولعل أولها توسيع دائرة التمويل بالمشاركة بدلا من التمويل الربوي من خلال زيادة رأس مال الشركات من الداخل دون اللجوء إلى الاقتراض الربوي، تنظيم مخزون النقود السوداء بتحويلها إلى الخارج أو إنفاقها على الاستهلاك التفاخري، إعادة النظر في قوانين الجباية والضرائب بفرض نسب ضريبية على نصيب الفوائد الربوية من الدخل الإجمالي أعلى من تلك المفروضة على الأرباح، ترشيد الهيكل الضريبي، وتشجيع إنشاء مؤسسات الاستثمار برأس المال المخاطر. أما الإجراء الثاني فهو تقليل سلطة المصارف والحد من ممارساتها الخطيرة في التوليد غير المنظم لنقود الودائع، كما يعتبر إنشاء وتنظيم سوق سليمة للأوراق المالية مطلبا ضروريا لإعادة تنظيم الاقتصاد وفق الخط الإسلامي.

خامسا: اعتراضات ومبررات: عرض الكاتب في هذا الفصل أهمالاعتراضات التي أثيرت حول إمكانية تطبيق اقتصاد خال من الربا، وحول معالجتها بإعطاء حلول موضوعية تساعد على فهم طبيعة هذا الاقتصاد، وتتلخص فيما يلي:

- تخصيص الموارد: يعتبر معدل الربح في نظام المشاركة آلية فعالة وذات كفاءة في إحداث التوازن بين عرض الأموال القابلة للاستثمار والطلب عليها، ومن ثم يكون تخصيصها أمثلا وتوزيعها عادلا.

- الادخار والتكوين الرأسمالي: إن تعدد أوجه الاستثمار الإسلامي وآجالها كفيل للتقليص من حدة الأثر التآكلي للتضخم، وتعويض أي تفضيل زمني قد يحدث من خلال إتاحة فرص استثمارية متفاوتة المخاطرة والآجال والمجالات، فنظام المشاركة يستهدف التعبئة الإجمالية للادخارات لتوظيفها في مشاريع منتجة ومدرة للثروة.

- الاستقرار: تعتبر التقلبات الاقتصادية المفاجئة السمة البارزة للنظام الرأسمالي القائم على الفائدة الربوية، والتي تنخفض معدلاتها وترتفع تبعا للممارسات المجازفية في الأسواق والمؤسسات المالية، في حين يوفر نظام المشاركة في الربح والخسارة توزيعا عادلا للمخاطر بين جميع الأطراف الفاعلة.

- النمو الاقتصادي: يتحقق النمو الاقتصادي الأمثل في اقتصاد إسلامي من خلال التخصيص الأمثل والتوزيع العادل للموارد، وترشيد استثمار المدخرات، وتقسيم منصف للمخاطر.

- تعرض الودائع للخسارة: تتميز الودائع في المصارف الإسلامية بإمكانية خسارتها كلية أو جزء منها ( عدا الودائع الحالة) لكونها تمثل عقود مضاربة تحتمل الربح كما تحتمل الخسارة، كما تتعرض لمخاطر أخلاقية وأخرى تجارية، ولمعالجة الإشكال اقترح شابرا إنشاء نظام مراجعة مستمرة لحسابات الزبائن للتحوط من مخاطر عدم إفصاح ولا أمانة المضارب، ولمواجهة المخاطر التجارية الناتجة عن تفاعل السوق بطريقة غير متوقعة وجب التخطيط الجيد للظروف المحتملة وتبني استراتيجية التنويع في الكم والنوع، كما أنه يمكن لهذه المصارف تخصيص جزء من أرباحها كاحتياطات مخاطر الاستثمار لمقابلة أي خسارة محتملة.

- القروض قصيرة الأجل: إن أوجه التمويل الإسلامي لا يمكن أن تبنى كلها على المشاركة في الربح والخسارة، فالقروض قصيرة الأجل يصعب بناؤها لصعوبة تقدير أرباحها خلال فترة وجيزة إلى جانب احتمالية تعرض المصرف لمخاطر عدم سدادها، لذلك فإنه لا بد من إدراجها ضمن عقد المضاربة الشامل.

- تمويل البيع مؤجل الثمن: تتعلق بالائتمان الاستهلاكي، ولما كان الإسلام يحظر اقتصاد الاستهلاك التفاخري وجب التمييز بين الحاجات الحقيقية التي يعنى النظام المالي الإسلامي بتمويلها مضاربة، والحاجات الوهمية لا محل لها في الاقتصاد الإسلامي.

- إقراض الدولة: اعترض الكاتب على استمرار التمويل المصرفي لعجوزات الدولة المتراكمة، وأكد على ضرورة مقابلة النفقات بالإيرادات الضريبية واتباع سياسة التقشف، وأنه لا بد أن تكوت هذه العجوزات معقولة حتى يسهل تمويلها إما مشاركة، أو تأجيرا بالنسبة للمشاريع التجارية، أو تبرعا من خلال إنعاش العرف الإسلامي للأوقاف لتمويل المشاريع ذات الطابع الاجتماعي. كما أشار إلى أهمية ترشيد التمويل المصرفي للدولة حفاظا على أهداف المصرف المركزي خاصة استقرار المستوى العام للأسعار.

سادسا: الإطار التنظيمي المناسب: من أجل تحقيق أهداف النظام النقدي والمصرفي الإسلامي اقترح شابرا إطارا تنظيميا يضم التغييرات الأساسية التي سبق التعرض لها، ويتشكل من مؤسسات مصرفية ( المصرف المركزي، المصارف التجارية)، وغير مصرفية (شركات الاستثمار، اتحادات الإقراض،.. .)، ومؤسسات ائتمان متخصصة، وهيئات التأمين على الودائع ومراجعة الحسابات الاستثمارية، وقد ناقش الكاتب مجالات هذه المؤسسات ومسؤولياتها، حيث ركز على توضيح العلاقة بين كل من المصرف المركزي، الحكومة، المصارف التجارية، فالأولى مصرف مركزي-حكومة ينبغي أن تقوم على أساس القرض الحسن، في حين تتحد العلاقة مصرف مركزي-مصارف تجارية بعقد المضاربة، على ألا تكون المصارف التجارية صغيرة غير اقتصادية، ولا كبيرة ذات هيمنة.

وتتلخص وظيفة مؤسسات الائتمان المتخصصة في نظر شابرا في تمويل القطاعات الصغيرة مضاربة أو على أساس القرض الحسن، وتعمل هيئة مراجعة الحسابات الاستثمارية على تشجيع التصريح بمعدلات الربح الحقيقية في ظل رشادة النظام الضريبي.

سابعا: السياسة النقدية: يرى شابرا أن الطلب على النقود في اقتصاد إسلامي ينشأ أساساً من الصفقات والاحتياجات الاحتياطية التي يحددها بدرجة كبيرة مستوى الدخل النقدي وتوزيعه. أما في الاقتصاد الرأسمالي فينشأ الطلب المضارب على النقود من تقلبات سعر الفائدة، فهبوط معدلات الفائدة إذا اقترن بتوقعات تنبئ بارتفاعها يغري الأفراد والمنشآت بزيادة موجوداتهم النقدية.كما أن إلغاء الفائدة في الاقتصاد الإسلامي وفرض الزكاة بمعدل 2.5%سنوياً لا يؤديان فقط إلى تخفيض الطلب المضارب على النقود والحد من الأثر المانع لمعدلات الفائدة، بل يؤدي أيضاً إلى زيادة الاستقرار في الطلب الكلي على النقود.

وترتكز الاستراتيجية الإسلامية في نظر الكاتب على توجيه السياسة النقدية إلى توليد نمو في عرض النقود موافقا للنمو في الناتج الوطني، وبما أن التوسع النقدي يتحدد أساسا على النقود الأولية، فإنه يتوجب على المصرف المركزي ضبط معدل توليد النقود من قبل المصارف التجارية، وكذا مراقبة مصادر النقود ذات الطاقة العالية: قروض للخزينة العمومية، قروض للمصارف التجارية، فائض ميزان المدفوعات.

وحدد الكاتب للسياسة النقدية الشرعية مجموعة من الأدوات والآليات التي تسهم في تنظيم الائتمان، وسد الحاجة إلى تمويل العجز الحقيقي للحكومة، وتتمثل فيما يلي:

- تحديد معدل نمو سنوي للعرض النقدي من قبل المصرف المركزي، تتاح من خلاله نقود للدولة على أساس القرض الحسن، ونقود للمصارف التجارية والمؤسسات المتخصصة على أساس المضاربة، في ضوء الأهداف الاقتصادية والاجتماعية.

- توفير نسبة من الودائع الحالة تستخدمها الدولة مقابل رسم خدمة، وتختلف هذه النسبة باختلاف الظرف الاقتصادي.

- وضع نسب الاحتياطي النظامي للودائع الحالة في المصارف التجارية.

- وضع سقف إجمالي للتمويل، ووضع سياسات لتوزيع التمويلات اعتمادا على ضابط الأولويات.

- مجموعة من الأدوات الكمية والنوعية الأخرى، مثل شراء الأسهم وبيعها، وشهادات المشاركة في الربح والخسارة لتحل محل السندات الحكومية في عمليات السوق المفتوحة، ونسبة إعادة التمويل، ونسبة الاقتراض.

تقويم النموذج: عالج الكاتب في هذا الفصل مدى قدرة النموذج المقترح على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة الإسلامية؛ وانطلق في تحليله من دور المصرف المركزي في تنظيم العرض النقدي للحفاظ على استقرار الأسعار، من خلال التحكم فيما يتم توليده من نقود الودائع التي تنتج عنها أرباح يرحل جزء منها للمصارف والمؤسسات المالية مضاربة، والجزء الآخر تتولى خزانة الدولة استخدامه لتمويل المشروعات الكفائية والتي تؤدي إلى تخفيض معدلات البطالة والفقر، وتقليص الفجوات بين الطبقات المجتمعية.

فالمصاعب المالية التي تواجهها الحكومة في اقتصاد إسلامي يمكن حلها من خلال أرباح النقود المتولدة، أو تحويل نسبة من الودائع الحالة لدى المصارف التجارية مقابل رسوم ضئيلة تنعكس مباشرة على تخفيض المعدلات الضريبية المفروضة على منشآت الأعمال، وهذا على غرار أسعار الفائدة الربوية.

إن اشتراك المؤسسات المالية في الأرباح والخسائر يعتبر دافعا لها للبحث عن أكثر المشروعات الأكثر إنتاجية ونفعا لتمويلها، وهذا ما يحقق فعلا الاستغلال الرشيد للموارد، ومن ثم يمكن القول: إن النظام النقدي والمصرفي المقترح يخدم وبفعالية أهداف الاقتصاد الإسلامي من كل النواحي.

المرحلة الانتقالية: بعد تصميم النموذج، انتقل شابرا لرسم منهجية الانتقال نحو نظام نقدي ومصرفي إسلامي متكامل، وفق الخطوات التالية:

- وضع الإطار التنظيمي للمؤسسات المصرفية والمالية في النظام المقترح، وإنشاء الهيئات الداعمة للمصرفية الإسلامية، وترشيد النظام الضريبي اجتنابا لهروب رؤوس الأموال، وإحياء مؤسستي الزكاة والعشر.

- إعادة تنظيم سوق رأس المال على أساس إسلامي، إذ تتغير قيم الأوراق المالية المتداولة ارتفاعا وانخفاضا تبعا للتقلبات الاقتصادية وليس الممارسات المضاربية.

- التقليل من اعتماد جميع المنشآت على القروض الربوية، وتشجيعها على التمويلات التشاركية لتغطية احتياجات رأس المال الثابت والعامل بهدف توسيع قاعدة ملكية منشآت الأعمال.

- إلغاء آلية الفائدة من المؤسسات الائتمانية المتخصصة والعمومية، والعاملة في قطاعات الاقتصاد المختلفة، بغرض تحويل آلية عملها نحو التمويل التشاركي لا الإقراضي.

- تحويل جميع منشآت القطاع العام التي تقبل منتجاتها التسويق التجاري إلى شركات مساهمة، مع استبدال السندات الربوية التي أصدرتها بأسهم تتوافق والشريعة الإسلامية.

- التحويل التدريجي للمؤسسات المالية الربوية كافة إلى مؤسسات مشاركة في الأرباح والخسائر، من خلال تمكينها من تخفيض أصولها وخصومها الربوية بنسبة معينة، وزيادة أصولها وخصومها المشاركة في الربح والخسارة زيادة مقابلة.

- أما بخصوص قضية الدين الحكومي غير المسدد فيمكن معالجته وفقا لما يلي: الدين الحكومي نحو القطاع الخاص المحلي ينبغي تحويله إلى تمويل بالمشاركة، أما سندات الدين الحكومي في محافظ المصارف التجارية فيمكن تسديدها من خلال استخدام ذلك الجزء من الودائع الحالة الذي تحوله المصارف للحكومة على أساس قرض حسن (يعادل 25%من هذه الودائع).

- وتبقى المشكلة قائمة في نظر الكاتب في الديون الأجنبية، حيث تضطر الحكومة إلى دفع الفوائد على ما اقترضته من ديون خارجية إلى غاية تواريخ استحقاقها.

يعتبر هذا النموذج أكثر واقعية وقابلية للتطبيق، حيث يتطلب من المؤسسات المالية وجميع منشآت الأعمال اكتساب الخبرة العملية مع تحمل المصاعب الفنية غير المتوقعة.

الخاتمة: يمكن أن نقول بعد هذا التحليل الرائع للدكتور شابرا أن بحثا علميا ممنهجا بأصوله ومعالجا بقواعده، لا يستحق سوى التقدير والثناء على صاحبه الذي فسح المجال واسعا للدراسات الاقتصادية في ضوء الإسلام.

فقدأسهم الكاتب في رفع مستوى الحوار الدائر حول الاقتصاد النقدي الإسلامي، وذلك بتحليله الصارم لبعض المفاهيم الجوهرية، وتقويمه الناقد لبعض الأفكار الجديدة التي تم تطويرها في الممارسات المصرفية، هذا فضلا على أنه احتوى على إضافات علمية ممتازة ومواقف امتازت بالجرأة في الطرح والبعد في النظر.

إلا أن هذا الجهد القيم يحتاج إلى مزيد من التطوير على المستوى العملي التطبيقي، وقبل ذلك تطوير الفكر والوعي الاقتصادي الإسلامي لدى من لديهم القدرة على التغيير نحو الأفضل.

وفي الأخير، تجدر الإشارة إلى أن الكاتب قد أثار قضايا اقتصادية مهمة بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة المتكاملة، مثل: كيفية تصحيح العلاقات النقدية الدولية على أسس لا ربوية، مشكلة المديونية الخارجية وتأثيرها على السياسة النقدية المحلية، الابتكارات والإبداعات المالية في اقتصاد إسلامي. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

نحو نظام نقدي عادل - دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام من اقتصاد

سنة رابعة دكتوراه في العلوم الاقتصادية

قراءة في كتاب:

نحو نظام نقدي عادل: دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام

محمد عمر شابرا
نبذة عن الكتاب :
 

كما لابد أن يضطلع النظام النقدي والمصرفي العادل بالارتقاء بمستوى خدماته لتطابق معايير الجودة والكفاءة الاقتصادية والسلامة الشرعية، كل هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها دون استراتيجيات مناسبة، ولعل أهم عناصر الاستراتيجية التي اقترحها الكاتب البعد الأخلاقي والقيمي للنظام النقدي والاقتصادي ككل، فلا اقتصاد بلا أخلاق، وكذلك إعادة تنظيم هيكلي لكافة جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بتدخل إيجابي وفعال للدولة الإسلامية.

ثانيا: طبيعة الربا: لقد أولى الكاتب اهتماما كبيرا لقضية الربا وجعلها محورا لبحثه، لأن باب الربا كما قال ابن كثير "من أشكل الأبواب على معظم أهل العلم"، ففي الربا اعتداء على مقصد من مقاصد الشرع وهو المال، والربا بلغة الشرع هي الزيادة المشروطة على المقترض دفعها مقابل الاقتراض أو تمديد أجل القرض، وتنقسم إلى ربا النسيئة (ربا الديون، ربا القرض)، وربا الفضل (ربا البيوع، الربا الخفي). فربا النسيئة ناتج عن علاقة مالية ويقابلها ربا الجاهلية أو الفائدة الربوية، وهو ثمن تأخير سداد القرض (كل قرض جر نفعا فهو ربا)، أما ربا الفضل فينتج عن علاقة تجارية في المعاوضات الربوية، وسمي كذلك لفضل أحد العوضين على الآخر دون مقابل، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى التمييز بين ربا البيوع وربا الفضل، لأن الأول شامل لربا الفضل وربا النساء معاً، وربا النساء في الاصطلاح هو غير ربا النسيئة، فالأول في البيع والثاني في القرض.

وقد حلل الكاتب في ملحق خاص بطبيعة الربا وأنواعه وحكمة تحريمه، كيف أن الربا ليس مصدراً للظلم الاجتماعي فحسب، بل هو أيضاً سبب في سوء تخصيص الموارد، وفي نمو ضال، وفي الاضطراب الاقتصادي، وعدد آخر من المشكلات الاقتصادية.

ثالثا: البديل: اقترح الكاتب بديلا لنظام الفائدة الربوية يرتكز على مبدأين: الملكية الخاصة المضبوطة بالقيم الأخلاقية العائد على رأس المال لا يحدد مسبقا بل بعد احتساب التكاليف، وقد يحتمل الربح كما يحتمل الخسارة، وعلى هذا الأساس طرح الكاتب أربع صور لنظام التمويل بالمشاركة، فقد يكون ملكية فردية أي التملك والإدارة، أو مشاركة إما بالعمل ورأس المال (مضاربة) وإما في رأس المال وربحه وخسارته (شركة)، أو اجتماع الشركة والمضاربة في حال رغبة أحد المشتركين في الحصول على فرص استثمارية مربحة دون الإدارة، أو شركات مساهمة في إطار تعاليم الإسلام.

إن نظام التمويل بالمشاركة يسهم في توسيع قاعدة الملكية، وربط الدائرة الحقيقية بالنقدية، والأهم من ذلك الحد من التمويل المفرط (الإقراض) للقطاعين العام والخاص على حد السواء.

رابعا: البرنامج الإسلامي: إن البرنامج الذي اقترحه الكاتب يقتضي إجراء بعض التعديلات الجوهرية وتبني استراتيجيات هيكلية من أجل تحقيق أهداف الإسلام الاقتصادية والاجتماعية، ويتمثل التعديل الأول في ضرورة إدخال بعض الإصلاحات الأساسية طبقاً للقيم التي يدعو لها الإسلام مثل: الاعتدال في الإنفاق، والقضاء على الاكتناز، والفاعلية في استخدام المدخرات، وتجنب الهدر في استغلال الثروات... الخ.

 أما التعديل الثاني فيضم تشكيلة من الإصلاحات الهامة ذات البعد الاستراتيجي التي يتوجب إحداثها لتحقيق التحول التدريجي نحو أسلمة النظام الاقتصادي، ولعل أولها توسيع دائرة التمويل بالمشاركة بدلا من التمويل الربوي من خلال زيادة رأس مال الشركات من الداخل دون اللجوء إلى الاقتراض الربوي، تنظيم مخزون النقود السوداء بتحويلها إلى الخارج أو إنفاقها على الاستهلاك التفاخري، إعادة النظر في قوانين الجباية والضرائب بفرض نسب ضريبية على نصيب الفوائد الربوية من الدخل الإجمالي أعلى من تلك المفروضة على الأرباح، ترشيد الهيكل الضريبي، وتشجيع إنشاء مؤسسات الاستثمار برأس المال المخاطر. أما الإجراء الثاني فهو تقليل سلطة المصارف والحد من ممارساتها الخطيرة في التوليد غير المنظم لنقود الودائع، كما يعتبر إنشاء وتنظيم سوق سليمة للأوراق المالية مطلبا ضروريا لإعادة تنظيم الاقتصاد وفق الخط الإسلامي.

خامسا: اعتراضات ومبررات: عرض الكاتب في هذا الفصل أهمالاعتراضات التي أثيرت حول إمكانية تطبيق اقتصاد خال من الربا، وحول معالجتها بإعطاء حلول موضوعية تساعد على فهم طبيعة هذا الاقتصاد، وتتلخص فيما يلي:

-   تخصيص الموارد: يعتبر معدل الربح في نظام المشاركة آلية فعالة وذات كفاءة في إحداث التوازن بين عرض الأموال القابلة للاستثمار والطلب عليها، ومن ثم يكون تخصيصها أمثلا وتوزيعها عادلا.

-   الادخار والتكوين الرأسمالي: إن تعدد أوجه الاستثمار الإسلامي وآجالها كفيل للتقليص من حدة الأثر التآكلي للتضخم، وتعويض أي تفضيل زمني قد يحدث من خلال إتاحة فرص استثمارية متفاوتة المخاطرة والآجال والمجالات، فنظام المشاركة يستهدف التعبئة الإجمالية للادخارات لتوظيفها في مشاريع منتجة ومدرة للثروة.

-   الاستقرار: تعتبر التقلبات الاقتصادية المفاجئة السمة البارزة للنظام الرأسمالي القائم على الفائدة الربوية، والتي تنخفض معدلاتها وترتفع تبعا للممارسات المجازفية في الأسواق والمؤسسات المالية، في حين يوفر نظام المشاركة في الربح والخسارة توزيعا عادلا للمخاطر بين جميع الأطراف الفاعلة.

-   النمو الاقتصادي: يتحقق النمو الاقتصادي الأمثل في اقتصاد إسلامي من خلال التخصيص الأمثل والتوزيع العادل للموارد، وترشيد استثمار المدخرات، وتقسيم منصف للمخاطر.

-   تعرض الودائع للخسارة: تتميز الودائع في المصارف الإسلامية بإمكانية خسارتها كلية أو جزء منها ( عدا الودائع الحالة) لكونها تمثل عقود مضاربة تحتمل الربح كما تحتمل الخسارة، كما تتعرض لمخاطر أخلاقية وأخرى تجارية، ولمعالجة الإشكال اقترح شابرا إنشاء نظام مراجعة مستمرة لحسابات الزبائن للتحوط من مخاطر عدم إفصاح ولا أمانة المضارب، ولمواجهة المخاطر التجارية الناتجة عن تفاعل السوق بطريقة غير متوقعة وجب التخطيط الجيد للظروف المحتملة وتبني استراتيجية التنويع في الكم والنوع، كما أنه يمكن لهذه المصارف تخصيص جزء من أرباحها كاحتياطات مخاطر الاستثمار لمقابلة أي خسارة محتملة.

-   القروض قصيرة الأجل: إن أوجه التمويل الإسلامي لا يمكن أن تبنى كلها على المشاركة في الربح والخسارة، فالقروض قصيرة الأجل يصعب بناؤها لصعوبة تقدير أرباحها خلال فترة وجيزة إلى جانب احتمالية تعرض المصرف لمخاطر عدم سدادها، لذلك فإنه لا بد من إدراجها ضمن عقد المضاربة الشامل.

-   تمويل البيع مؤجل الثمن: تتعلق بالائتمان الاستهلاكي، ولما كان الإسلام يحظر اقتصاد الاستهلاك التفاخري وجب التمييز بين الحاجات الحقيقية التي يعنى النظام المالي الإسلامي بتمويلها مضاربة، والحاجات الوهمية لا محل لها في الاقتصاد الإسلامي.

-   إقراض الدولة: اعترض الكاتب على استمرار التمويل المصرفي لعجوزات الدولة المتراكمة، وأكد على ضرورة مقابلة النفقات بالإيرادات الضريبية واتباع سياسة التقشف، وأنه لا بد أن تكوت هذه العجوزات معقولة حتى يسهل تمويلها إما مشاركة، أو تأجيرا بالنسبة للمشاريع التجارية، أو تبرعا من خلال إنعاش العرف الإسلامي للأوقاف لتمويل المشاريع ذات الطابع الاجتماعي. كما أشار إلى أهمية ترشيد التمويل المصرفي للدولة حفاظا على أهداف المصرف المركزي خاصة استقرار المستوى العام للأسعار.

 سادسا: الإطار التنظيمي المناسب: من أجل تحقيق أهداف النظام النقدي والمصرفي الإسلامي اقترح شابرا إطارا تنظيميا يضم التغييرات الأساسية التي سبق التعرض لها، ويتشكل من مؤسسات مصرفية ( المصرف المركزي، المصارف التجارية)، وغير مصرفية (شركات الاستثمار، اتحادات الإقراض،.. .)، ومؤسسات ائتمان متخصصة، وهيئات التأمين على الودائع ومراجعة الحسابات الاستثمارية، وقد ناقش الكاتب مجالات هذه المؤسسات ومسؤولياتها، حيث ركز على توضيح العلاقة بين كل من المصرف المركزي، الحكومة، المصارف التجارية، فالأولى مصرف مركزي-حكومة ينبغي أن تقوم على أساس القرض الحسن، في حين تتحد العلاقة مصرف مركزي-مصارف تجارية بعقد المضاربة، على ألا تكون المصارف التجارية صغيرة غير اقتصادية، ولا كبيرة ذات هيمنة.

وتتلخص وظيفة مؤسسات الائتمان المتخصصة في نظر شابرا في تمويل القطاعات الصغيرة مضاربة أو على أساس القرض الحسن، وتعمل هيئة مراجعة الحسابات الاستثمارية على تشجيع التصريح بمعدلات الربح الحقيقية في ظل رشادة النظام الضريبي.

سابعا: السياسة النقدية: يرى شابرا أن الطلب على النقود في اقتصاد إسلامي ينشأ أساساً من الصفقات والاحتياجات الاحتياطية التي يحددها بدرجة كبيرة مستوى الدخل النقدي وتوزيعه. أما في الاقتصاد الرأسمالي فينشأ الطلب المضارب على النقود من تقلبات سعر الفائدة، فهبوط معدلات الفائدة إذا اقترن بتوقعات تنبئ بارتفاعها يغري الأفراد والمنشآت بزيادة موجوداتهم النقدية.كما أن إلغاء الفائدة في الاقتصاد الإسلامي وفرض الزكاة بمعدل 2.5%سنوياً لا يؤديان فقط إلى تخفيض الطلب المضارب على النقود والحد من الأثر المانع لمعدلات الفائدة، بل يؤدي أيضاً إلى زيادة الاستقرار في الطلب الكلي على النقود.

وترتكز الاستراتيجية الإسلامية في نظر الكاتب على توجيه السياسة النقدية إلى توليد نمو في عرض النقود موافقا للنمو في الناتج الوطني، وبما أن التوسع النقدي يتحدد أساسا على النقود الأولية، فإنه يتوجب على المصرف المركزي ضبط معدل توليد النقود من قبل المصارف التجارية، وكذا مراقبة مصادر النقود ذات الطاقة العالية: قروض للخزينة العمومية، قروض للمصارف التجارية، فائض ميزان المدفوعات.

وحدد الكاتب للسياسة النقدية الشرعية مجموعة من الأدوات والآليات التي تسهم في تنظيم الائتمان، وسد الحاجة إلى تمويل العجز الحقيقي للحكومة، وتتمثل فيما يلي:

-   تحديد معدل نمو سنوي للعرض النقدي من قبل المصرف المركزي، تتاح من خلاله نقود للدولة على أساس القرض الحسن، ونقود للمصارف التجارية والمؤسسات المتخصصة على أساس المضاربة، في ضوء الأهداف الاقتصادية والاجتماعية.

-   توفير نسبة من الودائع الحالة تستخدمها الدولة مقابل رسم خدمة، وتختلف هذه النسبة باختلاف الظرف الاقتصادي.

-   وضع نسب الاحتياطي النظامي للودائع الحالة في المصارف التجارية.

-   وضع سقف إجمالي للتمويل، ووضع سياسات لتوزيع التمويلات اعتمادا على ضابط الأولويات.

-   مجموعة من الأدوات الكمية والنوعية الأخرى، مثل شراء الأسهم وبيعها، وشهادات المشاركة في الربح والخسارة لتحل محل السندات الحكومية في عمليات السوق المفتوحة، ونسبة إعادة التمويل، ونسبة الاقتراض.

تقويم النموذج: عالج الكاتب في هذا الفصل مدى قدرة النموذج المقترح على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة الإسلامية؛ وانطلق في تحليله من دور المصرف المركزي في تنظيم العرض النقدي للحفاظ على استقرار الأسعار، من خلال التحكم فيما يتم توليده من نقود الودائع التي تنتج عنها أرباح يرحل جزء منها للمصارف والمؤسسات المالية مضاربة، والجزء الآخر تتولى خزانة الدولة استخدامه لتمويل المشروعات الكفائية والتي تؤدي إلى تخفيض معدلات البطالة والفقر، وتقليص الفجوات بين الطبقات المجتمعية.

فالمصاعب المالية التي تواجهها الحكومة في اقتصاد إسلامي يمكن حلها من خلال أرباح النقود المتولدة، أو تحويل نسبة من الودائع الحالة لدى المصارف التجارية مقابل رسوم ضئيلة تنعكس مباشرة على تخفيض المعدلات الضريبية المفروضة على منشآت الأعمال، وهذا على غرار أسعار الفائدة الربوية.

إن اشتراك المؤسسات المالية في الأرباح والخسائر يعتبر دافعا لها للبحث عن أكثر المشروعات الأكثر إنتاجية ونفعا لتمويلها، وهذا ما يحقق فعلا الاستغلال الرشيد للموارد، ومن ثم يمكن القول: إن النظام النقدي والمصرفي المقترح يخدم وبفعالية أهداف الاقتصاد الإسلامي من كل النواحي.

المرحلة الانتقالية: بعد تصميم النموذج، انتقل شابرا لرسم منهجية الانتقال نحو نظام نقدي ومصرفي إسلامي متكامل، وفق الخطوات التالية:

-   وضع الإطار التنظيمي للمؤسسات المصرفية والمالية في النظام المقترح، وإنشاء الهيئات الداعمة للمصرفية الإسلامية، وترشيد النظام الضريبي اجتنابا لهروب رؤوس الأموال، وإحياء مؤسستي الزكاة والعشر.

-   إعادة تنظيم سوق رأس المال على أساس إسلامي، إذ تتغير قيم الأوراق المالية المتداولة ارتفاعا وانخفاضا تبعا للتقلبات الاقتصادية وليس الممارسات المضاربية.

-   التقليل من اعتماد جميع المنشآت على القروض الربوية، وتشجيعها على التمويلات التشاركية لتغطية احتياجات رأس المال الثابت والعامل بهدف توسيع قاعدة ملكية منشآت الأعمال.

-   إلغاء آلية الفائدة من المؤسسات الائتمانية المتخصصة والعمومية، والعاملة في قطاعات الاقتصاد المختلفة، بغرض تحويل آلية عملها نحو التمويل التشاركي لا الإقراضي.

-   تحويل جميع منشآت القطاع العام التي تقبل منتجاتها التسويق التجاري إلى شركات مساهمة، مع استبدال السندات الربوية التي أصدرتها بأسهم تتوافق والشريعة الإسلامية.

-   التحويل التدريجي للمؤسسات المالية الربوية كافة إلى مؤسسات مشاركة في الأرباح والخسائر، من خلال تمكينها من تخفيض أصولها وخصومها الربوية بنسبة معينة، وزيادة أصولها وخصومها المشاركة في الربح والخسارة زيادة مقابلة.

-   أما بخصوص قضية الدين الحكومي غير المسدد فيمكن معالجته وفقا لما يلي: الدين الحكومي نحو القطاع الخاص المحلي ينبغي تحويله إلى تمويل بالمشاركة، أما سندات الدين الحكومي في محافظ المصارف التجارية فيمكن تسديدها من خلال استخدام ذلك الجزء من الودائع الحالة الذي تحوله المصارف للحكومة على أساس قرض حسن (يعادل 25%من هذه الودائع).

-   وتبقى المشكلة قائمة في نظر الكاتب في الديون الأجنبية، حيث تضطر الحكومة إلى دفع الفوائد على ما اقترضته من ديون خارجية إلى غاية تواريخ استحقاقها.

يعتبر هذا النموذج أكثر واقعية وقابلية للتطبيق، حيث يتطلب من المؤسسات المالية وجميع منشآت الأعمال اكتساب الخبرة العملية مع تحمل المصاعب الفنية غير المتوقعة.

الخاتمة: يمكن أن نقول بعد هذا التحليل الرائع للدكتور شابرا أن بحثا علميا ممنهجا بأصوله ومعالجا بقواعده، لا يستحق سوى التقدير والثناء على صاحبه الذي فسح المجال واسعا للدراسات الاقتصادية في ضوء الإسلام.

فقدأسهم الكاتب في رفع مستوى الحوار الدائر حول الاقتصاد النقدي الإسلامي، وذلك بتحليله الصارم لبعض المفاهيم الجوهرية، وتقويمه الناقد لبعض الأفكار الجديدة التي تم تطويرها في الممارسات المصرفية، هذا فضلا على أنه احتوى على إضافات علمية ممتازة ومواقف امتازت بالجرأة في الطرح والبعد في النظر.

إلا أن هذا الجهد القيم يحتاج إلى مزيد من التطوير على المستوى العملي التطبيقي، وقبل ذلك تطوير الفكر والوعي الاقتصادي الإسلامي لدى من لديهم القدرة على التغيير نحو الأفضل.

وفي الأخير، تجدر الإشارة إلى أن الكاتب قد أثار قضايا اقتصادية مهمة بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة المتكاملة، مثل: كيفية تصحيح العلاقات النقدية الدولية على أسس لا ربوية، مشكلة المديونية الخارجية وتأثيرها على السياسة النقدية المحلية، الابتكارات والإبداعات المالية في اقتصاد إسلامي.

 



حجم الكتاب عند التحميل : 3.9 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة نحو نظام نقدي عادل - دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل نحو نظام نقدي عادل - دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

الناشر:
دار البشير للثقافة والعلوم
كتب دار البشير للثقافة والعلومليس كل ما يُكتب يُنشر،وليس كل ما يُنشر يُقرأ،الكتابة والنشر والقراءة منظومة تفاعلية آمنت بها دار البشير،لذا فمن أول يوم كنّا حريصين على أن ندقق في اختياراتنا ،فكانت دار البشير معكم على الطريق منذ عام 1982. نقدم ما ينفعُ ونُضيف إلى القارئ والمكتبة العربية ما يُثري الفكر ويُنمي الوعي ويُغذي شريان الثقافة دائما،مُحكّمين في البداية ضمير الناشر الحي على المحتوى الثمين ،مستلهمن رسالة التنوير الحقيقي ،متواصلون مع كل فنون الكتابة ،مدركين لرسالة القلم النبيلة،في أول أمة ما نزل عليها من الوحي هو التوجيه ب “اقرأ”،ومازلنا مستمرين…. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ غزل البنات ❝ ❞ كوني صحابية ❝ ❞ منارات الحب ❝ ❞ الهالة المقدسة ❝ ❞ رجال من التاريخ ج1 ❝ ❞ ممنوع الضحك ❝ ❞ الصهيونية من بابل إلى بوش ❝ ❞ خريف شجرة الرمان ❝ ❞ ليالى تركستان ❝ ❞ السمو الروحي الأعظم والجمال الفني في البلاغة النبوية ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ حنان لاشين ❝ ❞ علي الطنطاوي ❝ ❞ مصطفى صادق الرافعي ❝ ❞ ابن عساكر ❝ ❞ خالد أبو شادى ❝ ❞ نجيب الكيلانى ❝ ❞ آمال عطية ❝ ❞ محمد أحمد الراشد ❝ ❞ د. فضل حسن عباس ❝ ❞ محمود ماهر على ❝ ❞ أبو هلال العسكري ❝ ❞ محبوبة محمد سلامة ❝ ❞ محمد عيسى داود ❝ ❞ عبد الحميد كشك ❝ ❞ ياسمين قنديل ❝ ❞ محمود مصطفى ❝ ❞ أورخان محمد علي ❝ ❞ نعمان عبد الرزاق السامرائي ❝ ❞ د. محمد عمر شابرا ❝ ❞ ساميه احمد ❝ ❞ عثمان بن أحمد بن قائد النجدي ❝ ❞ طارق البشري ❝ ❞ مجدي فتحي السيد ❝ ❞ وصال تقة ❝ ❞ محمد عبد القادر أبو فارس ❝ ❞ محمد الشرقاوي ❝ ❞ حلمي محمد القاعود ❝ ❞ محمد عبد الرحمن عوض ❝ ❞ صابر عبد الدايم ❝ ❞ محمد عطية ❝ ❞ كاتب غير معروف ❝ ❞ مجموعة من المؤلفين ❝ ❞ السيد الباز العريني السيد أحمد خليل محمد فتحي الشنقيطي فؤاد عبدالمعطي الصياد محمد عبد الغني سعودي ❝ ❞ أحمد الجدع ❝ ❞ نادية مصطفى ❝ ❞ خليل بن كيكلدي العلائي ❝ ❞ محمد سالم الرشيدي ❝ ❞ أحمد السعيد مراد ❝ ❞ د. محمود النجيري ❝ ❞ د. مأمون فريز جرار ❝ ❞ عبير جمال الدين ❝ ❞ د. فتحي محمد الزغبي ❝ ❞ عايدة العزب موسى ❝ ❞ ياسر الغرباوي ❝ ❞ أبو الحسن الندوى ❝ ❞ أحمد عادل ❝ ❞ خالد فهمي وأبو الحسن الجمال ❝ ❞ جي دي موباسان ❝ ❞ خالد الأنصاري ❝ ❞ الدكتور احمد حجازي السقا ❝ ❞ إبراهيم الحارتي ❝ ❞ موريس ديكوبرا ❝ ❞ حنان الشيمى ❝ ❞ عبد الفتاح ماضي ❝ ❞ جاستون ليرو ❝ ❞ عمار الزين ❝ ❞ أسامة يوسف شهاب ❝ ❞ سعد ابو الرضا ❝ ❞ علي جاد مطر ❝ ❞ ابى يحى الغرناطى ❝ ❞ عبد العزيز عبد الرحمن قارة ❝ ❞ صفاء الفقي ❝ ❞ عز الدين بن جماعة ❝ ❞ د. محمد هلال ❝ ❞ محمد رامز عبد الفتاح مصطفى العزيزي ❝ ❞ محمد عبد الله الشرقاوي ❝ ❞ عادل الشويخ ❝ ❞ عائشة عثمان أوغلي ❝ ❞ نادية مصطفي-سيف عبد الفتاح-ماجدة ابراهيم ❝ ❞ علي أحمد العثمان ❝ ❞ محمد عبدالحكيم سليم ❝ ❞ ممدوح جميل النيربيه ❝ ❞ عبد الكريم بن أحمد مطهر ❝ ❞ اسماء دقماق ❝ ❞ الطبيب سليمان قوش ❝ ❞ عمر حسن القيام ❝ ❞ قحطان عبد الرحمن الدوري ❝ ❞ محمد رامز العزيزي ❝ ❞ أحمد خيري حافظ, أسماء علاء الدين ❝ ❞ ستانفورد ج شو ❝ ❞ عامر صالح ❝ ❞ إيناس فوزي مكاوي ❝ ❞ شيماء عادل ❝ ❞ سماح حسني صالح ❝ ❞ معتز أشرف ❝ ❱.المزيد.. كتب دار البشير للثقافة والعلوم