❞ كتاب عقل جديد لعالم جديد ❝

❞ كتاب عقل جديد لعالم جديد ❝

عقل جديد لعالم جديد من فكر وثقافة
عقل جديد .. لعالم جديد !
عقلنا هو مصيبتنا ، وهو فى ذات الوقت خلاصنا الوحيد .. فالعالم الذى صنَعَنَا قد انقضى زمانه ، و العالَمُ الذى صَنَعْناه لم نفهمه بعد ، رغم أننا مغروسون فى زمانه . كان العالم القديم الذى صَنَعَنا ببيئة ثابتة محدودة يأتى فيها التهديد مفاجئا قصيرا .. هجوم حيوان مفترس ، أو ثعبان ، زلزال .. برق .. فيضان .. و كانت أجهزة الإنسان الحية مجهزة للتصرف فى مثل تلك المواقف الفجائية بالهرب أو الاختباء .. بالخوف و الفزع ، بالقتال أو الهرب .
ثم أصبح التغير يتواصل سريعا ، أسرع من قدرة البشرية على التعامل مع ابداعاته ، أصبحنا لا نشعر بالتغير ، و المشكلة أن الروتين الذهنى الذى نشأ فى الأصل لينقل التغيرات المفاجئة فى العالم القديم ، قد أُجْبِر فى العالم الجديد على أن يعمل على إدراك مخاطر غير مسبوقة و اتخاذ القرارات بالنسبة لمواجهتها .
هذا ما يشرحه كتاب " عقل جديد لعالم جديد " من تأليف روبرت أورنشتاين و بويل إيرليش ، الأستاذان بجامعة ستانفورد الأمريكية وترجمه إلى العربية أستاذ الوراثة الكبير الراحل الدكتور أحمد مستجير.
لقد تطور الإنسان حضاريا و بيولوجيا بشكل أسرع من أى كائن آخر على ظهر الأرض ، غيًر الإنسان من كوكب الأرض بأكثر مما فعلت كل الكائنات خلال آلاف الملايين من السنين ، لكننا لا نزال نعمل بعقل لا يناسب إلا القرن الثامن عشر ، برغم كل المنجزات العلمية الهائلة للقرن العشرين ، و مالم نُطور وعينا كى نتلاءم مع ما أنجزناه ، فسنحطم كل ما أبدعناه ، فبعض المنجزات التى صنعتها حضارة الإنسان تهدد حياته و حضارته و تهدد قدرة الأرض على تدعيم حياة البشر و ضمان استمرارها .
لقد أصبح الجهاز الذهنى البشرى عاجزًا عن تفهم العالم الجديد ، لم يعد جهازنا العصبى مع تزايد تعقيد الحياة المعاصرة متلائما مع واقع عالمنا اليوم .. كيف إذن يمكن أن نعيد تدريب أنفسنا لنتعامل مع المستقبل فى عالم جديد يمتلىء بتهديدات لم يسبق للبشرية أن واجهت مثيلاتها ؟.
لقد غير الإنسان أوضاع البيئة الطبيعية أكثر من أى نوع آخر ، غيرناها لتلائمنا نحن ، فالملابس و المساكن و الزراعة و استخدام النار –كأمثلة – مكنتنا من العيش فى أى مكان ، بارد أو حار ، فى ألاسكا أو عند خط الإستواء ، أقام الإنسان بيئة جديدة تماما على الأرض أو حتى بعيدا عن كوكب الأرض ، ثم لا توافق الآن بين الذهن البشرى و العالم الذى يحيا فيه الناس .
إننا لانلحظ التلوث البصرى فى الزبالة الملقاة فى الشوارع على الفور و بسهولة أكبر من رؤيتنا للمسرطنات فى عوادم السيارات أو فى الكيماويات القاتلة أو الملونات السامة أو فى الملوثات التى نلقى بها فى مياه النيل الذى نشرب منه و نروى مزروعاتنا ،.
الذهن البشرى إذن قد تطور ليسجل التغيرات قصيرة الأجل لحظة بلحظة ، يوما بعد يوم ، و أن يتغاضى عن الخلفية التى عليها وقعت هذه التغيرات . فالبشر يشكلون الآن بيئاتهم ، الخرسانة و الصلب يحلان الآن محل التراب و الشجر ، الأجهزة تدفىء ما هو بارد و تبرد ماهو حار ، نحن نصنع أجواء للتنفس ، نحن نتحكم فى الكائنات الأخرى ، أصبح لدينا ترسانات نووية ، أصبح مصير معظم الكائنات الحية بين أيدينا .
لم يحدث من قبل قى نوع واحد وهو الإنسان أن زاد عدده هذه الزيادة الانفجارية ، لقد خلق الإنسان بذلك مفارقة ، فانتصاراتنا قد تدمرنا ، إننا نبدد ثرواتنا ، نستنزف الوقود الذى صنعته الطبيعة عبر ملايين السنين ، نحرقه فى عشرات السنين و ذلك قبل أن نجد بديلا له و نفسد بيئتنا إفسادا خطيرا . البشرية تنفق من مدخراتها ، و ماذا هى فاعلة عندما تنفد ؟
فالسيارات فى الولايات المتحدة تحرق من البترول فى عام واحد ما يزيد عما جمعه حقل ألاسكا البترولى فى مائة ألف عام ، و يُباد من أنواع الكائنات الحية بالغابات الاستوائية كل عام ما يزيد عما يمكن لعملية الأَنْوعَة أن تحققه فى مليون عام ، فكل الكائنات الحية على ظهر كوكبنا تساعد فى تحسين المناخ و توفر لنا الماء العذب، تُوَلِد و تحفظ التربة اللازمة للغابات و الزراعة ، تخلصنا من مخلفات الإنسان و تعيد تدوير المواد الغذائية .
لم يوفر التطور الحضارى ما يعوض البشر عن الجهاز الإدراكى القديم ، لم يبتكر لهم جهازا للشعور بمرور الزمن ، يدركون به التغيرات التدريجية التى لا تستطيع أجهزة الإنسان البيولوجية أن تشعر بها ، نحن لا نهتم بآلآلاف ممن يموتون يوميا بسبب سوء التغذية أو الفقر أو الغرق أو فى حوادث السيارات ، و بالرغم من تحذيرات الأطباء من أن التدخين يسبب السرطان ، فإن الملايين يدخنون ، لأن الضرر من التدخين لا يحدث فجأة ، بل بالتدريج الذى لا يلحظه الذهن البشرى ولا يخيفه بالتالى ، إنه العقل غير المتوافق مع ما يحيط به ، فالعقل القديم لا يميز التغيرات التدريجية بل يكبتها ولا يركز و ينتبه سوى للتغيرات المباشرة و التى لها فورية رد الفعل.
روبرت اورنشتاين وبول ايرليش
-
من فكر وثقافة - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.


اقتباسات من كتاب عقل جديد لعالم جديد

نبذة عن الكتاب:
عقل جديد لعالم جديد

1994م - 1446هـ
عقل جديد لعالم جديد من فكر وثقافة
عقل جديد .. لعالم جديد !
عقلنا هو مصيبتنا ، وهو فى ذات الوقت خلاصنا الوحيد .. فالعالم الذى صنَعَنَا قد انقضى زمانه ، و العالَمُ الذى صَنَعْناه لم نفهمه بعد ، رغم أننا مغروسون فى زمانه . كان العالم القديم الذى صَنَعَنا ببيئة ثابتة محدودة يأتى فيها التهديد مفاجئا قصيرا .. هجوم حيوان مفترس ، أو ثعبان ، زلزال .. برق .. فيضان .. و كانت أجهزة الإنسان الحية مجهزة للتصرف فى مثل تلك المواقف الفجائية بالهرب أو الاختباء .. بالخوف و الفزع ، بالقتال أو الهرب .
ثم أصبح التغير يتواصل سريعا ، أسرع من قدرة البشرية على التعامل مع ابداعاته ، أصبحنا لا نشعر بالتغير ، و المشكلة أن الروتين الذهنى الذى نشأ فى الأصل لينقل التغيرات المفاجئة فى العالم القديم ، قد أُجْبِر فى العالم الجديد على أن يعمل على إدراك مخاطر غير مسبوقة و اتخاذ القرارات بالنسبة لمواجهتها .
هذا ما يشرحه كتاب " عقل جديد لعالم جديد " من تأليف روبرت أورنشتاين و بويل إيرليش ، الأستاذان بجامعة ستانفورد الأمريكية وترجمه إلى العربية أستاذ الوراثة الكبير الراحل الدكتور أحمد مستجير.
لقد تطور الإنسان حضاريا و بيولوجيا بشكل أسرع من أى كائن آخر على ظهر الأرض ، غيًر الإنسان من كوكب الأرض بأكثر مما فعلت كل الكائنات خلال آلاف الملايين من السنين ، لكننا لا نزال نعمل بعقل لا يناسب إلا القرن الثامن عشر ، برغم كل المنجزات العلمية الهائلة للقرن العشرين ، و مالم نُطور وعينا كى نتلاءم مع ما أنجزناه ، فسنحطم كل ما أبدعناه ، فبعض المنجزات التى صنعتها حضارة الإنسان تهدد حياته و حضارته و تهدد قدرة الأرض على تدعيم حياة البشر و ضمان استمرارها .
لقد أصبح الجهاز الذهنى البشرى عاجزًا عن تفهم العالم الجديد ، لم يعد جهازنا العصبى مع تزايد تعقيد الحياة المعاصرة متلائما مع واقع عالمنا اليوم .. كيف إذن يمكن أن نعيد تدريب أنفسنا لنتعامل مع المستقبل فى عالم جديد يمتلىء بتهديدات لم يسبق للبشرية أن واجهت مثيلاتها ؟.
لقد غير الإنسان أوضاع البيئة الطبيعية أكثر من أى نوع آخر ، غيرناها لتلائمنا نحن ، فالملابس و المساكن و الزراعة و استخدام النار –كأمثلة – مكنتنا من العيش فى أى مكان ، بارد أو حار ، فى ألاسكا أو عند خط الإستواء ، أقام الإنسان بيئة جديدة تماما على الأرض أو حتى بعيدا عن كوكب الأرض ، ثم لا توافق الآن بين الذهن البشرى و العالم الذى يحيا فيه الناس .
إننا لانلحظ التلوث البصرى فى الزبالة الملقاة فى الشوارع على الفور و بسهولة أكبر من رؤيتنا للمسرطنات فى عوادم السيارات أو فى الكيماويات القاتلة أو الملونات السامة أو فى الملوثات التى نلقى بها فى مياه النيل الذى نشرب منه و نروى مزروعاتنا ،.
الذهن البشرى إذن قد تطور ليسجل التغيرات قصيرة الأجل لحظة بلحظة ، يوما بعد يوم ، و أن يتغاضى عن الخلفية التى عليها وقعت هذه التغيرات . فالبشر يشكلون الآن بيئاتهم ، الخرسانة و الصلب يحلان الآن محل التراب و الشجر ، الأجهزة تدفىء ما هو بارد و تبرد ماهو حار ، نحن نصنع أجواء للتنفس ، نحن نتحكم فى الكائنات الأخرى ، أصبح لدينا ترسانات نووية ، أصبح مصير معظم الكائنات الحية بين أيدينا .
لم يحدث من قبل قى نوع واحد وهو الإنسان أن زاد عدده هذه الزيادة الانفجارية ، لقد خلق الإنسان بذلك مفارقة ، فانتصاراتنا قد تدمرنا ، إننا نبدد ثرواتنا ، نستنزف الوقود الذى صنعته الطبيعة عبر ملايين السنين ، نحرقه فى عشرات السنين و ذلك قبل أن نجد بديلا له و نفسد بيئتنا إفسادا خطيرا . البشرية تنفق من مدخراتها ، و ماذا هى فاعلة عندما تنفد ؟
فالسيارات فى الولايات المتحدة تحرق من البترول فى عام واحد ما يزيد عما جمعه حقل ألاسكا البترولى فى مائة ألف عام ، و يُباد من أنواع الكائنات الحية بالغابات الاستوائية كل عام ما يزيد عما يمكن لعملية الأَنْوعَة أن تحققه فى مليون عام ، فكل الكائنات الحية على ظهر كوكبنا تساعد فى تحسين المناخ و توفر لنا الماء العذب، تُوَلِد و تحفظ التربة اللازمة للغابات و الزراعة ، تخلصنا من مخلفات الإنسان و تعيد تدوير المواد الغذائية .
لم يوفر التطور الحضارى ما يعوض البشر عن الجهاز الإدراكى القديم ، لم يبتكر لهم جهازا للشعور بمرور الزمن ، يدركون به التغيرات التدريجية التى لا تستطيع أجهزة الإنسان البيولوجية أن تشعر بها ، نحن لا نهتم بآلآلاف ممن يموتون يوميا بسبب سوء التغذية أو الفقر أو الغرق أو فى حوادث السيارات ، و بالرغم من تحذيرات الأطباء من أن التدخين يسبب السرطان ، فإن الملايين يدخنون ، لأن الضرر من التدخين لا يحدث فجأة ، بل بالتدريج الذى لا يلحظه الذهن البشرى ولا يخيفه بالتالى ، إنه العقل غير المتوافق مع ما يحيط به ، فالعقل القديم لا يميز التغيرات التدريجية بل يكبتها ولا يركز و ينتبه سوى للتغيرات المباشرة و التى لها فورية رد الفعل.
روبرت اورنشتاين وبول ايرليش .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

عقل جديد لعالم جديد من فكر وثقافة



سنة النشر : 1994م / 1415هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 6.2 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة عقل جديد لعالم جديد

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل عقل جديد لعالم جديد
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'