❞ كتاب يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب ❝  ⏤ سفر بن عبدالرحمن الحوالي

❞ كتاب يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب ❝ ⏤ سفر بن عبدالرحمن الحوالي

من الكتابات المهمة التي تتحدث عن المستقبل من وجهة نظر صهيومسيحية، لكنها في الوقت ذاته تحفل بالعديد من المبشرات للمسلمين هو كتاب "يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب .. قراءة تفسيرية لنبوءات التوراة عن نهاية دولة إسرائيل" لفضيلة الشيخ "سفر بن عبد الرحمن الحوالي" ، حفظه الله والكتاب وإن كان تم تأليفه منذ فترة طويلة إلا أن أهميته تزداد نظرا لربط البعض بين ما تشهده المنطقة من ثورات وتغيرات، ولأنه جاء من نبوءات توراتية أوردها الكتاب عن نهاية دولة إسرائيل.

ويؤكد الكاتب في مقدمة الكتاب أنه لا يؤسس لعقيدة المسلمين، لكنه فقط كتب ليختط أسلوبا في التعامل مع الأسس الفكرية للصهيومسيحية، حيث يبشرهم بنهايتهم من كتبهم. مشيرا إلى أن هذا الأسلوب ليس بجديد لكنه منهج القرآن الذي علمنا الرجوع إلى المصادر الكتابية لإقامة الحجة وإلزام المفتري "قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين".

مشهد الانتفاضة

يبدأ المؤلف حديثه بمشهد للانتفاضة التي اندلعت في الأراضي الفلسطينية، وما تبعها من ردود أفعال، حيث يصفها قائلا: "انطلاقة مقلاع داود الذي نسجته الأيدي المغلولة، ووقوفه في مواجهة صواريخ جالوت! عربات عسكرية تتراجع أمام حجارة، ورجل واحد يقاوم مئات الجنود المدججين بأحدث ما أنتجته التكنولوجيا الأمريكية! وحشية إسرائيل التي فضحت أصدقاءها الموالين، وأحرجت أخدانها المتسترين، وقذفت بالمترددين إلى صفوف الأعداء الصرحاء! إجماع إسلامي - لا نظير له من قبل - على أن الحل هو الجهاد!! ذلك ما نطق به الرؤساء، والعلماء، والمفكرون الإستراتيجيون، والقادة الشعبيون، والخطباء والعامة الأميون، الرجال والنساء والأطفال".

مشيرا إلى أن الانتفاضة فضحت أكذوبة وجود صقور وحمائم داخل إسرائيل، فكلهم وحوش آدمية عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، موضحا سياسة تقسيم الأدوار الذي تنتهجها إسرائيل، فالحمائم تتحايل وتماطل من أجل التنازل عن شيء أو شبه شيء، والصقور تجادل وتناضل لكي لا يتم التنازل عن شيء، وبين تفاهة التنازل وعنف المعارضة انكشفت تلك الطبيعة (طبيعة النفسية اليهودية والعقيدة اليهودية ) فتفجرت الانتفاضة.

بعد سلسلة طويلة ومعقدة من المفاوضات، والمماحكات الجدلية، وافق باراك -أو كاد يوافق- على مشروع غريب لتقسيم المسجد الأقصى، لكنه يليق بالعقلية اليهودية الملتوية، وهو أن يكون التقسيم أفقياً على ثلاث مستويات:

1- المسجد والساحات. 2- ما تحت المسجد والساحات من الأرض.3- ما فوق ذلك من الجو.

وأن تكون إسرائيل مسيطرة تماماً على القسم الأرضي كله، حيث يحتمل وجود الهيكل المزعوم، وكذلك تسيطر على الجو -وهذا لا يحتاج لاشتراط، فهي وحدها التي تملك المروحيات والطائرات، والفلسطينيون محرَّم عليهم ذلك مطلقاً- وينحشر نصيب السلطة بينهما على أن يكون عبارة عن صلاحية وظيفية أو (إشراف وظيفي) على المسجد والساحات، وهناك احتمال بنصر رمزي للسلطة يتمثل في رفع العَلَم الفلسطيني على هذه المساحة المحدودة من المدينة المقدسة، وإزاء هذا المقترح هبت المعارضة الدينية والحزبية في وجه باراك، ونددت بهذا التنازل الرخيص، وضجت جمعيات ومؤسسات الهيكل - وهي أكثر من اثنتي عشرة جمعية أو مؤسسة - بالاحتجاج وتوعدت باراك والمسجد الأقصى والفلسطينيين جميعاً بالهلاك والتدمير. ومما زاد الموقف تأزماً أن المفاوضات وقعت في موسم الصوم قريباً من يوم الغفران، وقريباً من ذكرى يوم خراب الهيكل على يد تيطس الروماني.

ومن هنا ربط المعارضون بين تيطس المجرم وباراك الخائن، وقال أحد الحاخامات: "لا نبكي في هذه الذكرى خراب الهيكل قبل ألفي عام، بل نبكي خرابه اليوم، وتم إنقاذ الموقف على يد السفاح الشهير "شارون" -جزار صبرا وشاتيلا - وكانت زيارته المشؤومة للمسجد الأقصى، فأجهزت على المشروع أو أجَّلته إلى حين..!!

ولأن الأقصى عزيز على كل مسلم؛ ولأن صلف اليهود يستثير أَحْلَم الناس، ولأن الشعوب هي التي تدفع الثمن، تصدى الغيورون لـشارون ورد اليهود بوحشية التوراة المحرفة والتلمود، فاشتعلت الأرض المحتلة كلها، وتبعتها سائر الأقطار الإسلامية، وكانت انتفاضة رجب كالإعصار، وتخطت الحواجز والأسوار، وهتكت كثيراً من المؤامرات والأسرار.

على أن الملمح الجديد لانتفاضة رجب هو البروز الواضح للمصطلحات الإسلامية في لغة الخطاب لدى الجميع، وهو مؤشر للقوة المعنوية للصحوة المباركة، وأنها الطريق الأخير والوحيد بعد انكشاف زيف الشعارات العلمانية كلها. وأقبلت تباشير الصباح ليوم سينتهي بغضب من الله، وانتقامٌ يسلطه على طواغيت الكفر وجند التخريب والإجرام.

قراءة عقدية

يرجع المؤلف أسباب اهتمام اليهود بمحاولة استقراء المستقبل إلى تشتتهم وأسرهم، واضطهاد الرومان للنصارى لهم الأمر الذي له الأثر الكبير في اشتغال أهل الكتاب بأخبار المخلِّص أو المنقذ، وافتعال النبوءات عنه، وتأويل أي نص ليدل عليه، ومن أعظم ما فعلوه بهذا الشأن: تحريف البشارات والنبوءات؛ لكي توافق عـصر المفسِّر أو المؤول وحالة قومه حينئذ، ومن هنا اختلفت التأويلات وتناقضت فوق اختلاف المذاهب والفرق، ولكن أكثرهم ارتكب جناية كبرى، وهي طمس أو تحريف أي بشارة لنبي آخر الزمان وأمته، والتعسف في تأويلها وصرفها إلى مسيح اليهود المسمى "ملك السلام"، أو إلى المسيح عليه السلام.

وموقفنا من نبوءات أهل الكتاب هو نفس الموقف من عامة أحاديثهم وأخبارهم، فهي ثلاثة أنواع:

أولاً: ما هو باطل قطعاً: وهو ما اختلقوه من عند أنفسهم أو حرفوه عن مواضعه، كدعوى أن نبي آخر الزمان سيكون من نسل داود، وأن المسيح الموعود يهودي.

ثانياً: ما هو حق قطعاً، وهو نوعان:

أ ) ما صدقه الوحي المحفوظ نصاً، ومن ذلك إخبارهم بختم النبوة، وإخبارهم بنـزول المسيح عليه السلام، وخروج المسيح الدجال، وإخبارهم بالملاحم الكبرى في آخر الزمان بين أهل الكفر وأهل الإيمان، ومن هذا النوع ما قد يكون الخلاف معهم في تفصيله أو تفسيره.

ب) ما صدقه الواقع، كما في صحيح البخاري عن جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: "كُنت بـاليمن ، فلقيت رجلين من أهل اليمن : ذا كلاع وذا عمرو فجعلت أحدثهم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال ذو عمرو: لئن كان الذي تذكره من أمر صاحبك؛ فقد مرَّ على أجله منذ ثلاث. وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رُفِع لنا ركب من قبل المدينة، فسألناهم، فقالوا: قُبِضَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستُخلف أبو بكر والناس صالحون، فقالا: أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله، ورجعا إلى اليمن، فحدثت أبا بكر بحديثهم، فقال: أفلا جئت بهم. فلما كان بعدُ قال لي ذو عمرو: يا جرير! إن بك عليَّ كرامة، وإني مخبرك خبراً، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمَّرتم في آخر، فإذا كان بالسيف كانوا ملوكاً، يغضبون غضبَ الملوك ويرضون رضا الملوك".

ثالثاً: ما لا نصدقه ولا نكذبه: وهو ما عدا هذين النوعين، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم". ومن ذلك إخبارهم عن الآشوري ورجسة الخراب وأمثالها، وكوننا لا نصدقه ولا نكذبه يعني: خروجه عن دائرة الاعتقاد والوحي إلى دائرة الرأي والرواية التاريخية التي تقبل الخطأ والصواب والتعديل والإضافة، أي أن النهي لا يعني عدم البحث فيه مطلقاً، ولكنه بحث مشروط، وضمن دائرة الظن والاحتمال.

نبوءات توراتية

ثم يتحدث المؤلف عن النبوءات التي تتحدث عن نهاية دولة إسرائيل، مشيرا إلى أن العنصر الحاسم الذي تنفرد به النبوءات هو تحديد نهاية دولة إسرائيل بالسنوات، الأمر الذي يجعل ذلك عقيدة للمؤمنين بالتوراة والأناجيل، وليس مجرد رأي أو اجتهاد لباحث من الدارسين.

ثم يستعرض المؤلف لهذه النبوءات التي تتحدث عن قيام ونهاية دولة إسرائيل يقول "هول ليندسي" في كتابه (كوكب الأرض ذلك الراحل العظيم): "'قبل أن تصبح إسرائيل دولة لم يكشف عن أي شيء، أما الآن وقد حدث ذلك، فقد بدأ العد العكسي لحدوث المؤشرات التي تتعلق بجميع أنواع النبوءات، واستناداً إلى النبوءات فإن العالم كله سوف يتمركز على الشرق الأوسط، وخاصة إسرائيل في الأيام الأخيرة".

يقول المؤلف إن قارئ أسفار التوراة -لاسيما أنبياء عهد السبي وما بعده - يجد بوضوح تام أنها تشتمل على نبوءات عن اليهود في آخر الزمان، وأن لهم بقية يكون لها اجتماع ومملكة أخرى في فلسطين، وأن الله سوف يسلط عليهم غضبه بواسطة أمة قديرة تجتمع عليهم من أطراف الأرض. ولكن قارئ الشروح والتفاسير سوف يحار ويتيه؛ لكثرة الاختلاف والتناقض بينها في تأويل هذه النبوءات وتنـزيلها على الواقع، وهو ما يتـزايد مع الزمن بظهور فرق جديدة وآراء جديدة.

لكننا نستطيع مساعدة القارئ بالقول: إن جملة هذه الآراء تنحو طريقتين:

1 - أن تكون تلك النبوءات قد حدثت فعلاً، وهو رأي قديم، فاليهود في كل عصر ينـزلون تلك النبوءات عليه ترقباً للخلاص،

2 - أن هذه النبوءات - على ظاهرها - حديث عن المستقبل، وهو الاحتمال المنطقي الصحيح، لاسيما وأن تنـزيلها على المجيء الأول للمسيح غير معقول عقلاً وواقعاً، فهي تتحدث عن دولة وممالك وحروب..، مما لم يكن قط في عصر المسيح، ولهذا فإن أكثر الشُّرَّاح من اليهود والنصارى -وخاصة في القرون الأخيرة- ينـزلون مثل هذه النبوءات على العهد الخلاصي، أو "المشيحي" (بالشين) -كما يسمونه- أي: أحداث آخر الزمان بين يدي الدينونة الكبرى أو معها، والعهد الخلاصي منوط عند النصارى بالمجيء الثاني للمسيح، في حين يعتقد اليهود أنه منوط بالملك من نسل داود المسمى عندهم "ملك السلام".

ومعنى ذلك أن كلا الطرفين هنا؛ بل كِلاَ الطريقين في دراسة النبوءات يتفقان على أنه منذ عصر المسيح عليه السلام أو بعده بقليل، لا يوجد شيء من أحداث التاريخ تنطبق عليه النبوءات، وسيظل الأمر كذلك إلى أحداث الساعة الكبرى، وهذا بلا شك افتراض جائر لا يسوغه إلا سبب عظيم جداً!!

نهاية إسرائيل

بعد ذلك يستعرض رؤية دانيال التي تشير لنهاية دولة إسرائيل، ويشرح ما ورد في الرؤية من نبوءات والتفاسير اليهودية لها ليصل إلى نتيجة أنه حسب هذه النبوءات فإن نهاية دولة إسرائيل هو عام 2012م الموافقة لعام 1433هـ فهل فعلا ستصدق هذه التفسيرات التي أوردها المؤلف وهل ستكون نهاية دولة إسرائيل عام 2012م وهل هذه الثورات التي شهدتها المنطقة مؤشرا لنهاية إسرائيل؟

وهو ما نرجو وقوعه ولا نجزم -إلا إذا صدقه الواقع.
سفر بن عبدالرحمن الحوالي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ التعليقات المفيدة على رسالة منهج الأشاعرة في العقيدة ❝ ❞ منهج الأشاعرة في العقيدة تعقيب على مقالات الصابوني ❝ ❞ أصول الفرق والأديان والمذاهب الفكرية ❝ ❞ ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي ❝ ❞ يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب ❝ ❞ كشف الغمة عن علماء الأمة ❝ ❞ وســطية أهل السنة والجماعة ❝ ❞ ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي نسخة مصورة ❝ ❞ القدس بين الوعد الحق .. والوعد المفترى ❝ الناشرين : ❞ دار الكتب السلفية ❝ ❞ دار التأصيل ❝ ❞ دار منابر الفكر ❝ ❱
من إسلامية متنوعة كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب

من الكتابات المهمة التي تتحدث عن المستقبل من وجهة نظر صهيومسيحية، لكنها في الوقت ذاته تحفل بالعديد من المبشرات للمسلمين هو كتاب "يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب .. قراءة تفسيرية لنبوءات التوراة عن نهاية دولة إسرائيل" لفضيلة الشيخ "سفر بن عبد الرحمن الحوالي" ، حفظه الله والكتاب وإن كان تم تأليفه منذ فترة طويلة إلا أن أهميته تزداد نظرا لربط البعض بين ما تشهده المنطقة من ثورات وتغيرات، ولأنه جاء من نبوءات توراتية أوردها الكتاب عن نهاية دولة إسرائيل.

ويؤكد الكاتب في مقدمة الكتاب أنه لا يؤسس لعقيدة المسلمين، لكنه فقط كتب ليختط أسلوبا في التعامل مع الأسس الفكرية للصهيومسيحية، حيث يبشرهم بنهايتهم من كتبهم. مشيرا إلى أن هذا الأسلوب ليس بجديد لكنه منهج القرآن الذي علمنا الرجوع إلى المصادر الكتابية لإقامة الحجة وإلزام المفتري "قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين".

مشهد الانتفاضة

يبدأ المؤلف حديثه بمشهد للانتفاضة التي اندلعت في الأراضي الفلسطينية، وما تبعها من ردود أفعال، حيث يصفها قائلا: "انطلاقة مقلاع داود الذي نسجته الأيدي المغلولة، ووقوفه في مواجهة صواريخ جالوت! عربات عسكرية تتراجع أمام حجارة، ورجل واحد يقاوم مئات الجنود المدججين بأحدث ما أنتجته التكنولوجيا الأمريكية! وحشية إسرائيل التي فضحت أصدقاءها الموالين، وأحرجت أخدانها المتسترين، وقذفت بالمترددين إلى صفوف الأعداء الصرحاء! إجماع إسلامي - لا نظير له من قبل - على أن الحل هو الجهاد!! ذلك ما نطق به الرؤساء، والعلماء، والمفكرون الإستراتيجيون، والقادة الشعبيون، والخطباء والعامة الأميون، الرجال والنساء والأطفال".

مشيرا إلى أن الانتفاضة فضحت أكذوبة وجود صقور وحمائم داخل إسرائيل، فكلهم وحوش آدمية عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، موضحا سياسة تقسيم الأدوار الذي تنتهجها إسرائيل، فالحمائم تتحايل وتماطل من أجل التنازل عن شيء أو شبه شيء، والصقور تجادل وتناضل لكي لا يتم التنازل عن شيء، وبين تفاهة التنازل وعنف المعارضة انكشفت تلك الطبيعة (طبيعة النفسية اليهودية والعقيدة اليهودية ) فتفجرت الانتفاضة.

بعد سلسلة طويلة ومعقدة من المفاوضات، والمماحكات الجدلية، وافق باراك -أو كاد يوافق- على مشروع غريب لتقسيم المسجد الأقصى، لكنه يليق بالعقلية اليهودية الملتوية، وهو أن يكون التقسيم أفقياً على ثلاث مستويات:

1- المسجد والساحات. 2- ما تحت المسجد والساحات من الأرض.3- ما فوق ذلك من الجو.

وأن تكون إسرائيل مسيطرة تماماً على القسم الأرضي كله، حيث يحتمل وجود الهيكل المزعوم، وكذلك تسيطر على الجو -وهذا لا يحتاج لاشتراط، فهي وحدها التي تملك المروحيات والطائرات، والفلسطينيون محرَّم عليهم ذلك مطلقاً- وينحشر نصيب السلطة بينهما على أن يكون عبارة عن صلاحية وظيفية أو (إشراف وظيفي) على المسجد والساحات، وهناك احتمال بنصر رمزي للسلطة يتمثل في رفع العَلَم الفلسطيني على هذه المساحة المحدودة من المدينة المقدسة، وإزاء هذا المقترح هبت المعارضة الدينية والحزبية في وجه باراك، ونددت بهذا التنازل الرخيص، وضجت جمعيات ومؤسسات الهيكل - وهي أكثر من اثنتي عشرة جمعية أو مؤسسة - بالاحتجاج وتوعدت باراك والمسجد الأقصى والفلسطينيين جميعاً بالهلاك والتدمير. ومما زاد الموقف تأزماً أن المفاوضات وقعت في موسم الصوم قريباً من يوم الغفران، وقريباً من ذكرى يوم خراب الهيكل على يد تيطس الروماني.

ومن هنا ربط المعارضون بين تيطس المجرم وباراك الخائن، وقال أحد الحاخامات: "لا نبكي في هذه الذكرى خراب الهيكل قبل ألفي عام، بل نبكي خرابه اليوم، وتم إنقاذ الموقف على يد السفاح الشهير "شارون" -جزار صبرا وشاتيلا - وكانت زيارته المشؤومة للمسجد الأقصى، فأجهزت على المشروع أو أجَّلته إلى حين..!!

ولأن الأقصى عزيز على كل مسلم؛ ولأن صلف اليهود يستثير أَحْلَم الناس، ولأن الشعوب هي التي تدفع الثمن، تصدى الغيورون لـشارون ورد اليهود بوحشية التوراة المحرفة والتلمود، فاشتعلت الأرض المحتلة كلها، وتبعتها سائر الأقطار الإسلامية، وكانت انتفاضة رجب كالإعصار، وتخطت الحواجز والأسوار، وهتكت كثيراً من المؤامرات والأسرار.

على أن الملمح الجديد لانتفاضة رجب هو البروز الواضح للمصطلحات الإسلامية في لغة الخطاب لدى الجميع، وهو مؤشر للقوة المعنوية للصحوة المباركة، وأنها الطريق الأخير والوحيد بعد انكشاف زيف الشعارات العلمانية كلها. وأقبلت تباشير الصباح ليوم سينتهي بغضب من الله، وانتقامٌ يسلطه على طواغيت الكفر وجند التخريب والإجرام.

قراءة عقدية

يرجع المؤلف أسباب اهتمام اليهود بمحاولة استقراء المستقبل إلى تشتتهم وأسرهم، واضطهاد الرومان للنصارى لهم الأمر الذي له الأثر الكبير في اشتغال أهل الكتاب بأخبار المخلِّص أو المنقذ، وافتعال النبوءات عنه، وتأويل أي نص ليدل عليه، ومن أعظم ما فعلوه بهذا الشأن: تحريف البشارات والنبوءات؛ لكي توافق عـصر المفسِّر أو المؤول وحالة قومه حينئذ، ومن هنا اختلفت التأويلات وتناقضت فوق اختلاف المذاهب والفرق، ولكن أكثرهم ارتكب جناية كبرى، وهي طمس أو تحريف أي بشارة لنبي آخر الزمان وأمته، والتعسف في تأويلها وصرفها إلى مسيح اليهود المسمى "ملك السلام"، أو إلى المسيح عليه السلام.

وموقفنا من نبوءات أهل الكتاب هو نفس الموقف من عامة أحاديثهم وأخبارهم، فهي ثلاثة أنواع:

أولاً: ما هو باطل قطعاً: وهو ما اختلقوه من عند أنفسهم أو حرفوه عن مواضعه، كدعوى أن نبي آخر الزمان سيكون من نسل داود، وأن المسيح الموعود يهودي.

ثانياً: ما هو حق قطعاً، وهو نوعان:

أ ) ما صدقه الوحي المحفوظ نصاً، ومن ذلك إخبارهم بختم النبوة، وإخبارهم بنـزول المسيح عليه السلام، وخروج المسيح الدجال، وإخبارهم بالملاحم الكبرى في آخر الزمان بين أهل الكفر وأهل الإيمان، ومن هذا النوع ما قد يكون الخلاف معهم في تفصيله أو تفسيره.

ب) ما صدقه الواقع، كما في صحيح البخاري عن جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: "كُنت بـاليمن ، فلقيت رجلين من أهل اليمن : ذا كلاع وذا عمرو فجعلت أحدثهم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال ذو عمرو: لئن كان الذي تذكره من أمر صاحبك؛ فقد مرَّ على أجله منذ ثلاث. وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رُفِع لنا ركب من قبل المدينة، فسألناهم، فقالوا: قُبِضَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستُخلف أبو بكر والناس صالحون، فقالا: أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله، ورجعا إلى اليمن، فحدثت أبا بكر بحديثهم، فقال: أفلا جئت بهم. فلما كان بعدُ قال لي ذو عمرو: يا جرير! إن بك عليَّ كرامة، وإني مخبرك خبراً، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمَّرتم في آخر، فإذا كان بالسيف كانوا ملوكاً، يغضبون غضبَ الملوك ويرضون رضا الملوك".

ثالثاً: ما لا نصدقه ولا نكذبه: وهو ما عدا هذين النوعين، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم". ومن ذلك إخبارهم عن الآشوري ورجسة الخراب وأمثالها، وكوننا لا نصدقه ولا نكذبه يعني: خروجه عن دائرة الاعتقاد والوحي إلى دائرة الرأي والرواية التاريخية التي تقبل الخطأ والصواب والتعديل والإضافة، أي أن النهي لا يعني عدم البحث فيه مطلقاً، ولكنه بحث مشروط، وضمن دائرة الظن والاحتمال.

نبوءات توراتية

ثم يتحدث المؤلف عن النبوءات التي تتحدث عن نهاية دولة إسرائيل، مشيرا إلى أن العنصر الحاسم الذي تنفرد به النبوءات هو تحديد نهاية دولة إسرائيل بالسنوات، الأمر الذي يجعل ذلك عقيدة للمؤمنين بالتوراة والأناجيل، وليس مجرد رأي أو اجتهاد لباحث من الدارسين.

ثم يستعرض المؤلف لهذه النبوءات التي تتحدث عن قيام ونهاية دولة إسرائيل يقول "هول ليندسي" في كتابه (كوكب الأرض ذلك الراحل العظيم): "'قبل أن تصبح إسرائيل دولة لم يكشف عن أي شيء، أما الآن وقد حدث ذلك، فقد بدأ العد العكسي لحدوث المؤشرات التي تتعلق بجميع أنواع النبوءات، واستناداً إلى النبوءات فإن العالم كله سوف يتمركز على الشرق الأوسط، وخاصة إسرائيل في الأيام الأخيرة".

يقول المؤلف إن قارئ أسفار التوراة -لاسيما أنبياء عهد السبي وما بعده - يجد بوضوح تام أنها تشتمل على نبوءات عن اليهود في آخر الزمان، وأن لهم بقية يكون لها اجتماع ومملكة أخرى في فلسطين، وأن الله سوف يسلط عليهم غضبه بواسطة أمة قديرة تجتمع عليهم من أطراف الأرض. ولكن قارئ الشروح والتفاسير سوف يحار ويتيه؛ لكثرة الاختلاف والتناقض بينها في تأويل هذه النبوءات وتنـزيلها على الواقع، وهو ما يتـزايد مع الزمن بظهور فرق جديدة وآراء جديدة.

لكننا نستطيع مساعدة القارئ بالقول: إن جملة هذه الآراء تنحو طريقتين:

1 - أن تكون تلك النبوءات قد حدثت فعلاً، وهو رأي قديم، فاليهود في كل عصر ينـزلون تلك النبوءات عليه ترقباً للخلاص،

2 - أن هذه النبوءات - على ظاهرها - حديث عن المستقبل، وهو الاحتمال المنطقي الصحيح، لاسيما وأن تنـزيلها على المجيء الأول للمسيح غير معقول عقلاً وواقعاً، فهي تتحدث عن دولة وممالك وحروب..، مما لم يكن قط في عصر المسيح، ولهذا فإن أكثر الشُّرَّاح من اليهود والنصارى -وخاصة في القرون الأخيرة- ينـزلون مثل هذه النبوءات على العهد الخلاصي، أو "المشيحي" (بالشين) -كما يسمونه- أي: أحداث آخر الزمان بين يدي الدينونة الكبرى أو معها، والعهد الخلاصي منوط عند النصارى بالمجيء الثاني للمسيح، في حين يعتقد اليهود أنه منوط بالملك من نسل داود المسمى عندهم "ملك السلام".

ومعنى ذلك أن كلا الطرفين هنا؛ بل كِلاَ الطريقين في دراسة النبوءات يتفقان على أنه منذ عصر المسيح عليه السلام أو بعده بقليل، لا يوجد شيء من أحداث التاريخ تنطبق عليه النبوءات، وسيظل الأمر كذلك إلى أحداث الساعة الكبرى، وهذا بلا شك افتراض جائر لا يسوغه إلا سبب عظيم جداً!!

نهاية إسرائيل

بعد ذلك يستعرض رؤية دانيال التي تشير لنهاية دولة إسرائيل، ويشرح ما ورد في الرؤية من نبوءات والتفاسير اليهودية لها ليصل إلى نتيجة أنه حسب هذه النبوءات فإن نهاية دولة إسرائيل هو عام 2012م الموافقة لعام 1433هـ فهل فعلا ستصدق هذه التفسيرات التي أوردها المؤلف وهل ستكون نهاية دولة إسرائيل عام 2012م وهل هذه الثورات التي شهدتها المنطقة مؤشرا لنهاية إسرائيل؟

وهو ما نرجو وقوعه ولا نجزم -إلا إذا صدقه الواقع. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

من الكتابات المهمة التي تتحدث عن المستقبل من وجهة نظر صهيومسيحية، لكنها في الوقت ذاته تحفل بالعديد من المبشرات للمسلمين هو كتاب "يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب .. قراءة تفسيرية لنبوءات التوراة عن نهاية دولة إسرائيل" لفضيلة الشيخ "سفر بن عبد الرحمن الحوالي" ، حفظه الله والكتاب وإن كان تم تأليفه منذ فترة طويلة إلا أن أهميته تزداد نظرا لربط البعض بين ما تشهده المنطقة من ثورات وتغيرات، ولأنه جاء من نبوءات توراتية أوردها الكتاب عن نهاية دولة إسرائيل.

 

ويؤكد الكاتب في مقدمة الكتاب أنه لا يؤسس لعقيدة المسلمين، لكنه فقط كتب ليختط أسلوبا في التعامل مع الأسس الفكرية للصهيومسيحية، حيث يبشرهم بنهايتهم من كتبهم.  مشيرا إلى أن هذا الأسلوب ليس بجديد لكنه منهج القرآن الذي علمنا الرجوع إلى المصادر الكتابية لإقامة الحجة وإلزام المفتري "قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين".

 

مشهد الانتفاضة

يبدأ المؤلف حديثه بمشهد للانتفاضة التي اندلعت في الأراضي الفلسطينية،  وما تبعها من ردود أفعال، حيث يصفها قائلا: "انطلاقة مقلاع داود الذي نسجته الأيدي المغلولة، ووقوفه في مواجهة صواريخ جالوت! عربات عسكرية تتراجع أمام حجارة، ورجل واحد يقاوم مئات الجنود المدججين بأحدث ما أنتجته التكنولوجيا الأمريكية! وحشية إسرائيل التي فضحت أصدقاءها الموالين، وأحرجت أخدانها المتسترين، وقذفت بالمترددين إلى صفوف الأعداء الصرحاء! إجماع إسلامي - لا نظير له من قبل - على أن الحل هو الجهاد!! ذلك ما نطق به الرؤساء، والعلماء، والمفكرون الإستراتيجيون، والقادة الشعبيون، والخطباء والعامة الأميون، الرجال والنساء والأطفال".

 مشيرا إلى أن الانتفاضة فضحت أكذوبة وجود صقور وحمائم داخل إسرائيل، فكلهم وحوش آدمية عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، موضحا سياسة تقسيم الأدوار الذي تنتهجها إسرائيل، فالحمائم تتحايل وتماطل من أجل التنازل عن شيء أو شبه شيء، والصقور تجادل وتناضل لكي لا يتم التنازل عن شيء، وبين تفاهة التنازل وعنف المعارضة انكشفت تلك الطبيعة (طبيعة النفسية اليهودية والعقيدة اليهودية ) فتفجرت الانتفاضة.

 

بعد سلسلة طويلة ومعقدة من المفاوضات، والمماحكات الجدلية، وافق باراك -أو كاد يوافق- على مشروع غريب لتقسيم المسجد الأقصى، لكنه يليق بالعقلية اليهودية الملتوية، وهو أن يكون التقسيم أفقياً على ثلاث مستويات:

1- المسجد والساحات. 2- ما تحت المسجد والساحات من الأرض.3- ما فوق ذلك من الجو.

وأن تكون إسرائيل مسيطرة تماماً على القسم الأرضي كله، حيث يحتمل وجود الهيكل المزعوم، وكذلك تسيطر على الجو -وهذا لا يحتاج لاشتراط، فهي وحدها التي تملك المروحيات والطائرات، والفلسطينيون محرَّم عليهم ذلك مطلقاً- وينحشر نصيب السلطة  بينهما على أن يكون عبارة عن صلاحية وظيفية أو (إشراف وظيفي) على المسجد والساحات، وهناك احتمال بنصر رمزي للسلطة يتمثل في رفع العَلَم الفلسطيني على هذه المساحة المحدودة من المدينة المقدسة، وإزاء هذا المقترح هبت المعارضة الدينية والحزبية في وجه باراك، ونددت بهذا التنازل الرخيص، وضجت جمعيات ومؤسسات الهيكل - وهي أكثر من اثنتي عشرة جمعية أو مؤسسة - بالاحتجاج وتوعدت باراك والمسجد الأقصى والفلسطينيين جميعاً بالهلاك والتدمير. ومما زاد الموقف تأزماً أن المفاوضات وقعت في موسم الصوم قريباً من يوم الغفران، وقريباً من ذكرى يوم خراب الهيكل على يد تيطس الروماني.

 

ومن هنا ربط المعارضون بين تيطس المجرم وباراك الخائن، وقال أحد الحاخامات: "لا نبكي في هذه الذكرى خراب الهيكل قبل ألفي عام، بل نبكي خرابه اليوم، وتم إنقاذ الموقف على يد السفاح الشهير "شارون" -جزار صبرا وشاتيلا - وكانت زيارته المشؤومة للمسجد الأقصى، فأجهزت على المشروع أو أجَّلته إلى حين..!!

 

ولأن الأقصى عزيز على كل مسلم؛ ولأن صلف اليهود يستثير أَحْلَم الناس، ولأن الشعوب هي التي تدفع الثمن، تصدى الغيورون لـشارون ورد اليهود بوحشية التوراة المحرفة والتلمود، فاشتعلت الأرض المحتلة كلها، وتبعتها سائر الأقطار الإسلامية، وكانت انتفاضة رجب كالإعصار، وتخطت الحواجز والأسوار، وهتكت كثيراً من المؤامرات والأسرار.

 

على أن الملمح الجديد لانتفاضة رجب هو البروز الواضح للمصطلحات الإسلامية في لغة الخطاب لدى الجميع، وهو مؤشر للقوة المعنوية للصحوة المباركة، وأنها الطريق الأخير والوحيد بعد انكشاف زيف الشعارات العلمانية كلها. وأقبلت تباشير الصباح ليوم سينتهي بغضب من الله، وانتقامٌ يسلطه على طواغيت الكفر وجند التخريب والإجرام.

 

قراءة عقدية

يرجع  المؤلف أسباب اهتمام اليهود بمحاولة استقراء المستقبل إلى تشتتهم  وأسرهم، واضطهاد الرومان للنصارى  لهم الأمر الذي له الأثر الكبير في اشتغال أهل الكتاب بأخبار المخلِّص أو المنقذ، وافتعال النبوءات عنه، وتأويل أي نص ليدل عليه، ومن أعظم ما فعلوه بهذا الشأن: تحريف البشارات والنبوءات؛ لكي توافق عـصر المفسِّر أو المؤول وحالة قومه حينئذ، ومن هنا اختلفت التأويلات وتناقضت فوق اختلاف المذاهب والفرق، ولكن أكثرهم ارتكب جناية كبرى، وهي طمس أو تحريف أي بشارة لنبي آخر الزمان وأمته، والتعسف في تأويلها وصرفها إلى مسيح اليهود المسمى "ملك السلام"، أو إلى المسيح عليه السلام.

 

وموقفنا من نبوءات أهل الكتاب هو نفس الموقف من عامة أحاديثهم وأخبارهم، فهي ثلاثة أنواع:

أولاً: ما هو باطل قطعاً:  وهو ما اختلقوه من عند أنفسهم أو حرفوه عن مواضعه، كدعوى أن نبي آخر الزمان سيكون من نسل داود، وأن المسيح الموعود يهودي.

 

ثانياً: ما هو حق قطعاً، وهو نوعان:

أ ) ما صدقه الوحي المحفوظ نصاً، ومن ذلك إخبارهم بختم النبوة، وإخبارهم بنـزول المسيح عليه السلام، وخروج المسيح الدجال، وإخبارهم بالملاحم الكبرى في آخر الزمان بين أهل الكفر وأهل الإيمان، ومن هذا النوع ما قد يكون الخلاف معهم في تفصيله أو تفسيره.

ب) ما صدقه الواقع، كما في صحيح البخاري عن جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: "كُنت بـاليمن ، فلقيت رجلين من أهل اليمن : ذا كلاع وذا عمرو فجعلت أحدثهم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال ذو عمرو: لئن كان الذي تذكره من أمر صاحبك؛ فقد مرَّ على أجله منذ ثلاث. وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رُفِع لنا ركب من قبل المدينة، فسألناهم، فقالوا: قُبِضَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستُخلف أبو بكر والناس صالحون، فقالا: أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله، ورجعا إلى اليمن، فحدثت أبا بكر بحديثهم، فقال: أفلا جئت بهم. فلما كان بعدُ قال لي ذو عمرو: يا جرير! إن بك عليَّ كرامة، وإني مخبرك خبراً، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمَّرتم في آخر، فإذا كان بالسيف كانوا ملوكاً، يغضبون غضبَ الملوك ويرضون رضا الملوك".

 

ثالثاً: ما لا نصدقه ولا نكذبه:  وهو ما عدا هذين النوعين، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم". ومن ذلك إخبارهم عن الآشوري ورجسة الخراب وأمثالها، وكوننا لا نصدقه ولا نكذبه يعني: خروجه عن دائرة الاعتقاد والوحي إلى دائرة الرأي والرواية التاريخية التي تقبل الخطأ والصواب والتعديل والإضافة، أي أن النهي لا يعني عدم البحث فيه مطلقاً، ولكنه بحث مشروط، وضمن دائرة الظن والاحتمال.

 

نبوءات توراتية

ثم يتحدث المؤلف عن النبوءات التي تتحدث عن نهاية دولة إسرائيل، مشيرا إلى أن العنصر الحاسم الذي تنفرد به النبوءات هو تحديد نهاية دولة إسرائيل بالسنوات، الأمر الذي يجعل ذلك عقيدة للمؤمنين بالتوراة والأناجيل، وليس مجرد رأي أو اجتهاد لباحث من الدارسين.

 

ثم يستعرض المؤلف لهذه النبوءات التي تتحدث عن قيام ونهاية دولة إسرائيل يقول "هول ليندسي" في كتابه (كوكب الأرض ذلك الراحل العظيم): "'قبل أن تصبح إسرائيل دولة لم يكشف عن أي شيء، أما الآن وقد حدث ذلك، فقد بدأ العد العكسي لحدوث المؤشرات التي تتعلق بجميع أنواع النبوءات، واستناداً إلى النبوءات فإن العالم كله سوف يتمركز على الشرق الأوسط، وخاصة إسرائيل في الأيام الأخيرة".

يقول المؤلف إن قارئ أسفار التوراة -لاسيما أنبياء عهد السبي وما بعده - يجد بوضوح تام أنها تشتمل على نبوءات عن اليهود في آخر الزمان، وأن لهم بقية يكون لها اجتماع ومملكة أخرى في فلسطين، وأن الله سوف يسلط عليهم غضبه بواسطة أمة قديرة تجتمع عليهم من أطراف الأرض. ولكن قارئ الشروح والتفاسير سوف يحار ويتيه؛ لكثرة الاختلاف والتناقض بينها في تأويل هذه النبوءات وتنـزيلها على الواقع، وهو ما يتـزايد مع الزمن بظهور فرق جديدة وآراء جديدة.

 

لكننا نستطيع مساعدة القارئ بالقول: إن جملة هذه الآراء تنحو طريقتين:

1 - أن تكون تلك النبوءات قد حدثت فعلاً، وهو رأي قديم، فاليهود في كل عصر ينـزلون تلك النبوءات عليه ترقباً للخلاص،

2 - أن هذه النبوءات - على ظاهرها - حديث عن المستقبل، وهو الاحتمال المنطقي الصحيح، لاسيما وأن تنـزيلها على المجيء الأول للمسيح غير معقول عقلاً وواقعاً، فهي تتحدث عن دولة وممالك وحروب..، مما لم يكن قط في عصر المسيح، ولهذا فإن أكثر الشُّرَّاح من اليهود والنصارى -وخاصة في القرون الأخيرة- ينـزلون مثل هذه النبوءات على العهد الخلاصي، أو "المشيحي" (بالشين) -كما يسمونه- أي: أحداث آخر الزمان بين يدي الدينونة الكبرى أو معها، والعهد الخلاصي منوط عند النصارى بالمجيء الثاني للمسيح، في حين يعتقد اليهود أنه منوط بالملك من نسل داود المسمى عندهم "ملك السلام".

 

ومعنى ذلك أن كلا الطرفين هنا؛ بل كِلاَ الطريقين في دراسة النبوءات يتفقان على أنه منذ عصر المسيح عليه السلام أو بعده بقليل، لا يوجد شيء من أحداث التاريخ تنطبق عليه النبوءات، وسيظل الأمر كذلك إلى أحداث الساعة الكبرى، وهذا بلا شك افتراض جائر لا يسوغه إلا سبب عظيم جداً!!

 

نهاية إسرائيل

بعد ذلك يستعرض رؤية دانيال التي تشير لنهاية دولة إسرائيل، ويشرح ما ورد في الرؤية من نبوءات والتفاسير اليهودية لها ليصل إلى نتيجة أنه حسب هذه النبوءات فإن نهاية دولة إسرائيل هو عام 2012م الموافقة لعام 1433هـ  فهل فعلا ستصدق هذه التفسيرات التي أوردها المؤلف وهل ستكون نهاية دولة إسرائيل عام 2012م وهل هذه الثورات  التي شهدتها المنطقة مؤشرا لنهاية إسرائيل؟

وهو ما نرجو وقوعه ولا نجزم -إلا إذا صدقه الواقع.



حجم الكتاب عند التحميل : 505.4 كيلوبايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
سفر بن عبدالرحمن الحوالي - safar bin ebdalrhmn alhawali

كتب سفر بن عبدالرحمن الحوالي ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ التعليقات المفيدة على رسالة منهج الأشاعرة في العقيدة ❝ ❞ منهج الأشاعرة في العقيدة تعقيب على مقالات الصابوني ❝ ❞ أصول الفرق والأديان والمذاهب الفكرية ❝ ❞ ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي ❝ ❞ يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب ❝ ❞ كشف الغمة عن علماء الأمة ❝ ❞ وســطية أهل السنة والجماعة ❝ ❞ ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي نسخة مصورة ❝ ❞ القدس بين الوعد الحق .. والوعد المفترى ❝ الناشرين : ❞ دار الكتب السلفية ❝ ❞ دار التأصيل ❝ ❞ دار منابر الفكر ❝ ❱. المزيد..

كتب سفر بن عبدالرحمن الحوالي