الوعي الذاتي
1992م - 1446هـ
إنهار عالم كامل من الوقائع والأحلاف والمسبقات والمفاهيم والمبادئ والأوهام. ولن يمكن الخروج الآن من هذه النكبة إلا بمراجعة فكرية جذرية للخطط والسياسات والمثل والعقائد والأفكار التي بلورت هذا الإخفاق وقادت إليه. ولا يمكن لممارسة جديدة أن تنشأ اليوم ما لم يستوعب دروس الماضي. ولن يتمكن النقد من القيام بدوره وتحديد أسباب الإخفاق وظروفه ما لم يضع نصب عينيه هدف تحقيق حركة جديدة وممارسة جديدة. وهذا يتطلب التزاماً أولياً بمبادئ ومثل لا يمكن أن يتجنب الانطلاق منها أي نقد جذري. فالتاريخ يخلق باستمرار وقائع جديدة ويعطي للمفاهيم ذاتها معاني جديدة وللحركة آفاقاً جديدة، ويقتضي في كل منعطف تاريخي مراجهة جديدة للأفكار والممارسات، إذ إن العالم العربي اليوم لا علاقة له بالعالم العربي منذ عشرين أو ثلاثين سنة وهو يحتفظ في الوقت ذاته بوقائع عميقة، بمشكلات وتناقضات جوهرية لم تتغير أو لم تجد حلاً بعد. وهذا الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات متعددة، يربط بينها هدف واحد وموضوع واحد: مراجعة الوعي العربي نفسه في ميدان محدد هو ميدان الثقافة. ولكن نقد الثقافة، كما يظهر من خلال هذه الأبحاث، لا يشكل إلا لحظة من لحظات النقد الاجتماعي ولا يتحقق إلا به.
. المزيد..