❞ كتاب العقل والنقل عند ابن رشد ❝  ⏤ محمد أمان بن علي الجامي

❞ كتاب العقل والنقل عند ابن رشد ❝ ⏤ محمد أمان بن علي الجامي

مما لا يختلف فيه اثنان أن ابن رشد فيلسوف كبير وخطير، ومن الصعوبة بمكان أن يحدد المرء معالم فلسفته ومذهبه كما قلت آنفاً حيث اختار لنفسه الغموض في حياته، ولا أقول إن ابن رشد لا يملك الجرأة الكافية التي تمكنه من الإعلان عما يتفاعل في نفسه من آراء عرفانية ولكني أقول: عن ابن رشد لم يستخدم أو لم يرد أن يستخدم جرأته في الإعلان عن مذهبه, والثبات عليه بشكر واضح ودائم بل قد اضطر أحياناً إلى مسايرة الناس في خلاف ما يعتقد,ْ وخصوصاً بعد أن نكب على يد السلطان المنصور ابن أبي يعقوب، سلطان الموحدين وأحرقت كتبه في الفلسفة، ورمي بالإلحاد، ومما يروى في سبب تلك النكبة أنه أنكر بحضرة والي قرطبة وجود قوم عاد الذين ورد ذكرهم في الكتاب العزيز، هكذا الرواية - والعهدة على الراوي - وعلى الرغم مما قيل فإن الدارس لآراء ابن رشد يشهد له بالعمق وأنه من أوسع الفلاسفة الإسلاميين في العلوم الماورائية، وله محاولة في ربط الفلسفة بالشريعة في حدود تصوره للشريعة.

وقد قام ابن رشد بشرح عدة كتب من كتب الفلاسفة الإسلاميين وغيرهم، وانتقد بعض أولئك الفلاسفة وفند آراءهم ونظر في علم الكلام فوقف عنده كثيراً ولم يستسغ آراءهم وتأويلهم فأخذ ينقد تأويل الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية وحكم عليهم كلهم بأنهم خصمون يجادلون بالباطل حتى تخضع النصوص لآرائهم وعقلياتهم، فرأى أنه لا بد له أن يشق له طريقاً وحده ويطلق العنان لجواد فلسفته لينطلق كما يريد إلا أن جواده لم يسلم كبوة - لكل جواد كبوة - ومن كبوة جواده وهفوة ذهنه أنه يرى:

إذا وجدت بعض الآيات في الكتاب العزيز تضاد الفلسفة يجب تفسيرها تفسيراً شعبياً باعتبار أن لكل آية معنيين: حرفي شعبي وروحي خاص، فالحرفي للشعب، والروحي للفلاسفة. بل يقول ما هو أدهى من هذا وأمر؛ إذا يقول: "كما أن الأنبياء يتقبلون الوحي فيبلغونه للشعب، وكذلك الفلاسفة وهم أنبياء الطبقة العالمة".

لذلك يجب أن يوفق بين الدين والعلم, وعلى العلماء أن يجمعوا بين الحكمة والشريعة وأن يعلموا من الشريعة بما يوافق الحكمة حتى يكون علمهم في كل شيء موافقاً للحكمة. ومن أقواله المأثورة: "الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له".

هذه - كما ترى - كبوة خطيرة، بل انزلاقة قاتلة، وقولة منكرة في الإسلام، لا أعلم أنه سبق إليها؛ إذ هي سخرية ساخرة من مقام النبوة, والنبوة منزلة خاصة لا تنبغي إلا لأولئك المصطفين المختارين الذين اختارهم الله وجعلهم واسطة بينه وبين عباده في تبليغ الرسالة إليهم ونصحهم وهدايتهم, أولهم آدم وآخرهم خاتم النبيين محمد بن عبد الله العربي الهاشمي، وقد صرح الكتاب العزيز أنه خاتم النبيين حيث يقول الرب تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب: 40).

وادعاء النبوة لأحد بعده مصادمة لهذه الآية والأحاديث الصحيحة التي جاءت في هذا المعنى كقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي"، وابن رشد قد قال قولاً شططاً بادعاء النبوة للفلاسفة، بل إنه يجعلهم نخبة ممتازة من الأنبياء ومرسلة إلى نخبة ممتازة من الناس - إذ يقول: "وكذلك الفلاسفة وهم أنبياء السبقة العالمة", ولست أدري ما مفهوم النبوة عند ابن رشد؟ حتى تبيح له فلسفته مثل هذا الادعاء علماً بأنه من الفلاسفة الذين يشملهم ادعاؤه فلاسفةُ اليونان من غير المسلمين مثل أستاذه أفلاطون ومثل أرسطو فهل تبيح فلسفة ابن رشد أن يكون أمثال هؤلاء من قدماء الفلاسفة وحدثائهم من المسلمين وغير المسلمين من أنبياء الله تعالى؟!! والله المستعان.
محمد أمان بن علي الجامي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ مجموع رسائل الجامي في العقيدة والسنة ❝ ❞ العقل والنقل عند ابن رشد ❝ الناشرين : ❞ دار ابن رجب للنشر و التوزيع ❝ ❱
من فرق ومذاهب وأفكار وردود كتب الردود والمناظرات - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
العقل والنقل عند ابن رشد

1984م - 1446هـ
مما لا يختلف فيه اثنان أن ابن رشد فيلسوف كبير وخطير، ومن الصعوبة بمكان أن يحدد المرء معالم فلسفته ومذهبه كما قلت آنفاً حيث اختار لنفسه الغموض في حياته، ولا أقول إن ابن رشد لا يملك الجرأة الكافية التي تمكنه من الإعلان عما يتفاعل في نفسه من آراء عرفانية ولكني أقول: عن ابن رشد لم يستخدم أو لم يرد أن يستخدم جرأته في الإعلان عن مذهبه, والثبات عليه بشكر واضح ودائم بل قد اضطر أحياناً إلى مسايرة الناس في خلاف ما يعتقد,ْ وخصوصاً بعد أن نكب على يد السلطان المنصور ابن أبي يعقوب، سلطان الموحدين وأحرقت كتبه في الفلسفة، ورمي بالإلحاد، ومما يروى في سبب تلك النكبة أنه أنكر بحضرة والي قرطبة وجود قوم عاد الذين ورد ذكرهم في الكتاب العزيز، هكذا الرواية - والعهدة على الراوي - وعلى الرغم مما قيل فإن الدارس لآراء ابن رشد يشهد له بالعمق وأنه من أوسع الفلاسفة الإسلاميين في العلوم الماورائية، وله محاولة في ربط الفلسفة بالشريعة في حدود تصوره للشريعة.

وقد قام ابن رشد بشرح عدة كتب من كتب الفلاسفة الإسلاميين وغيرهم، وانتقد بعض أولئك الفلاسفة وفند آراءهم ونظر في علم الكلام فوقف عنده كثيراً ولم يستسغ آراءهم وتأويلهم فأخذ ينقد تأويل الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية وحكم عليهم كلهم بأنهم خصمون يجادلون بالباطل حتى تخضع النصوص لآرائهم وعقلياتهم، فرأى أنه لا بد له أن يشق له طريقاً وحده ويطلق العنان لجواد فلسفته لينطلق كما يريد إلا أن جواده لم يسلم كبوة - لكل جواد كبوة - ومن كبوة جواده وهفوة ذهنه أنه يرى:

إذا وجدت بعض الآيات في الكتاب العزيز تضاد الفلسفة يجب تفسيرها تفسيراً شعبياً باعتبار أن لكل آية معنيين: حرفي شعبي وروحي خاص، فالحرفي للشعب، والروحي للفلاسفة. بل يقول ما هو أدهى من هذا وأمر؛ إذا يقول: "كما أن الأنبياء يتقبلون الوحي فيبلغونه للشعب، وكذلك الفلاسفة وهم أنبياء الطبقة العالمة".

لذلك يجب أن يوفق بين الدين والعلم, وعلى العلماء أن يجمعوا بين الحكمة والشريعة وأن يعلموا من الشريعة بما يوافق الحكمة حتى يكون علمهم في كل شيء موافقاً للحكمة. ومن أقواله المأثورة: "الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له".

هذه - كما ترى - كبوة خطيرة، بل انزلاقة قاتلة، وقولة منكرة في الإسلام، لا أعلم أنه سبق إليها؛ إذ هي سخرية ساخرة من مقام النبوة, والنبوة منزلة خاصة لا تنبغي إلا لأولئك المصطفين المختارين الذين اختارهم الله وجعلهم واسطة بينه وبين عباده في تبليغ الرسالة إليهم ونصحهم وهدايتهم, أولهم آدم وآخرهم خاتم النبيين محمد بن عبد الله العربي الهاشمي، وقد صرح الكتاب العزيز أنه خاتم النبيين حيث يقول الرب تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب: 40).

وادعاء النبوة لأحد بعده مصادمة لهذه الآية والأحاديث الصحيحة التي جاءت في هذا المعنى كقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي"، وابن رشد قد قال قولاً شططاً بادعاء النبوة للفلاسفة، بل إنه يجعلهم نخبة ممتازة من الأنبياء ومرسلة إلى نخبة ممتازة من الناس - إذ يقول: "وكذلك الفلاسفة وهم أنبياء السبقة العالمة", ولست أدري ما مفهوم النبوة عند ابن رشد؟ حتى تبيح له فلسفته مثل هذا الادعاء علماً بأنه من الفلاسفة الذين يشملهم ادعاؤه فلاسفةُ اليونان من غير المسلمين مثل أستاذه أفلاطون ومثل أرسطو فهل تبيح فلسفة ابن رشد أن يكون أمثال هؤلاء من قدماء الفلاسفة وحدثائهم من المسلمين وغير المسلمين من أنبياء الله تعالى؟!! والله المستعان. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

     
 مقدمة 
 تمهيد 
 بين يدي البحث 
 العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح 
 تعريف العقل 
 تعريف النقل 
 العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح 
 فلسفة ابن رشد 
 وجود الله عند ابن رشدa 
 الوحدانية عند ابن رشد 
 العلم عند ابن رشد 
 محاولة ابن رشد الحل الوسط في قضية قدم العالم 
 صفة الحياة والقدم والإرادة عند الفليسوف ابن رشد 
 الكلام عند ابن رشد 
 مناقشة ابن رشد في رأيه 
 موقف ابن رشد من مثبتة الصفات 
 ابن رشد يثبت المعاد بالأدلة العقلية والنقلية 
 الخلاصة 
 القضاء والقدر عند ابن رشد 
 معنى القدر والقضاء وأيهما أسبق 
 ما ينتج من هذا القول 
 وجهة نظرهم 
 كسب الأشعري 
 خلاصة رأي ابن رشد 
 سر القدر 
 من ثمرات الإيمان بالقدر 
 خاتمة 



سنة النشر : 1984م / 1404هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 877.5 كيلوبايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة العقل والنقل عند ابن رشد

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل العقل والنقل عند ابن رشد
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
محمد أمان بن علي الجامي - Mohammed Aman bin Ali Al Jami

كتب محمد أمان بن علي الجامي ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ مجموع رسائل الجامي في العقيدة والسنة ❝ ❞ العقل والنقل عند ابن رشد ❝ الناشرين : ❞ دار ابن رجب للنشر و التوزيع ❝ ❱. المزيد..

كتب محمد أمان بن علي الجامي