📘 قراءة كتاب التربية والسلوك أونلاين
التربية في الفكر الإسلامي هي غايته ووسيلته الكبرى، والإطار المرجعي الأبرز الذي يحرك الجماعات ويربي الأفراد ويؤسس المؤسسات ويقود الأمة نحو العلم والتقدم والحضارة.
وإذا كانت التربية كما يقول العلماء هي أوسع مجالات المعرفة اجتهادا، فقد أبدع المسلمون في اكتساب وسائل المعرفة وفي تحديد الغايات، وفي تربية المعلم، وتحفيز المتعلم، وفي المرادفة بين التربية والعلم وبين الدين كله.ولهذا رأينا المجتمع الإسلامي على مدى تاريخه المديد يعلي مكانة المربين، وينشئ المدارس، ويلتمس الحكمة متى وكيف وجدها، ويؤسس النظريات المعرفية، ويسخر معارف الإنسان وملكاته ليعلي من مكانته ويستفيد من ثروات الكون وخيراته، ويبتعد عن تيارات الشر التي تحاول أن تنال من الإنسان بدعوى أنها تربيه.
ولهذا كما يؤكد العالم التربوي الدكتور أحمد العسال الرئيس السابق لجامعة باكستان الإسلامية والخبير التعليمي فإن مصطلح التربية الإسلامية من المصطلحات الراسخة بالفعل في التاريخ التربوي وفي الممارسة المعرفية في ديار المسلمين. وقد ثبت أن المسلمين بوحي الله صاروا أمة تربية كما هم أمة رسالة ودعوة، وبالقدر الذي طبقوا فيه مفاهيمهم الخاصة في التربية بالقدر الذي استفادوا فيه من كل التجارب الإنسانية المعرفية في صدر الإسلام وتاريخه وفي العصور التالية.
ويضيف الدكتور العسال: التربية الإسلامية تغطي المعنيين الواسعين اللذين يشير إليهما علماء التربية في كل العصور، وهما التربية بالمعنى العام أي كل ما يرتبط بالحياة ورعاية الإنسان كله والمجتمع والناس والمؤسسات على مختلف مستوياتها التربوية، والمعنى الخاص الثاني وهو الذي يركز على عملية التعليم المتخصص أو النظامي بعناصره الأربعة المحددة وهي الطالب والمدرسة والمعلم والمنهج، ومن أبرز خصوصيات التربية الإسلامية أنها لا تعاني انفصاما بين التربية العامة والتربية الخاصة، بل هناك تجانس مفروض بين كل عناصر المجتمع في الأسس الكبرى مع ترك حريات الإبداع في التفاصيل والتخصصات والوسائل.
خصائص التربية الإسلامية
ومن خلال النصوص الشرعية والممارسة التربوية للمسلمين، يمكن القول إن للتربية في الإسلام مجموعة من الخصائص الحاكمة لها والتي تميزها عن غيرها من مدارس التربية المعاصرة ومن أبرز هذه الخصائص:
أنها تربية ربانية، تستمد من قوانين الله ومقاصده الشرعية كثيرا من مناهجها الدراسية وغاياتها التربوية السامية.
تربية شاملة، لا تقف على جانب من الكون دون جانب، ولا تركز في الإنسان على ناحية دون أخرى، ولهذا سوف تجد السلوك والفهم والمعرفة والإدراك، والجغرافيا والعلوم والرياضيات، والاجتماع والسياسة والنفس، والجد والترفيه، والمادة والروح.. كل هذا وغيره مادة للتربية الإسلامية للدراسة والفهم واستخراج القوانين وخدمة حركة الكون كله.
تربية إنسانية، تهدف إلى خدمة الإنسان كله، كما تعتمد على الإنسانية والترفق بالمتعلم. ومن دلالات هذا أن المعرفة في الإسلام حق لكل إنسان، وأن التماسها من كل إنسان واجب، ولهذا لم نجد في تاريخ المعرفة الإسلامية تيارات عنصرية أو تعصبية على نحو ما حاول الفكر التربوي الغربي، حيث أنشأ نظريات حاولت الانتصار فقط للرجل الأبيض وحكمت بغباء الآخر، كما أساءت لصورة الآخر الذهنية في عقول كثير من أبنائها. وقد ظهرت بعض هذه النظريات العنصرية على يد علماء كما ظهرت على يد بعض المستشرقين.
وقد انعكس هذا وغيره من خصيصة مهمة وهي الاعتدال والوسطية، وهي ميزة للإسلام كله ولوسائل التربية فيه. ولهذه الوسطية كانت التربية عندنا تقوم على الاعتدال بين الترغيب والترهيب، وبين العقلانية والعاطفية، وبين المادية والروحانية، وبين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة. والمعروف أن التطرف الغربي في إعلاء قيمة الفرد، فتح الباب أمام التوسع في الغرائز ونشر الأنانية والجور على حساب المصالح العامة. كما أن تطرف الرؤية الشيوعية الماركسية للعامة على حساب الفرد، قد أفقد الفرد ذاتيته وحرمه من الحافز الشخصي وأذابه في الجماعة. والتربية عندنا وسط بين تطرفين، حيث تحافظ وترعى كل خصائص المجتمع ومصالحه.
التدريب والتدرج
ويتجاوز الدكتور أحمد العسال الحديث عن عناية الإسلام بالعلم والتعلم، وانتشار المدارس الأهلية والحكومية والفردية، والصرف عليها بالجهود الذاتية والحكومية وأموال الزكاة والوقف، أو مئات العلماء التربويين الذين نظّروا وطبّقوا التربية الإسلامية في واقع المسلمين.. ولكنه يتوقف سريعا أمام عشرات الأساليب الرائعة في التربية والتعلم وهي الأساليب التي يعتقد بعض أبناء القرن العشرين أنهم مبتكروها.
يقول الدكتور العسال: لدينا مواقف وأساليب إسلامية شديدة العلمية والتأثير في المربِي والمربَى وفي المناخ العلمي كله. من ذلك:
1 التربية بالتدريب والسلوك والفعل ورد الفعل والقدرة الظاهرة، فليس في الفكر الإسلامي كلام دون عمل، حيث لا يجوز الإسراف تربويا في الكلام النظري بعيدا عن الفعل. وكذلك أقر الفكر الإسلامي مبدأ التجريب حتى في بعض مواقف الإيمان كما في قصة إبراهيم عليه السلام وموسى عليه السلام. وكما في واقعة تأبير النخل الشهيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2 اللين في المعاملة والتدرج في نقل المعلومة ومراعاة ما يعرف علميا ب الفروق الفردية بين المتلقين. وفي تأصيل هذه المعاني يقول عليه السلام: الرفق لم يكن في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه وقد راعى الرسول والدعاة والمربون سنة التدرج ويقول الإمام الزهري لتلاميذه: ولا تأخذ العلم جملة فإن من أخذه جملة ذهب عنه جملة. وفي إجابات الرسول عن عشرات الأسئلة ما يؤكد أنه صلى الله عليه وسلم يراعي أولا حال السائل والفروق الفردية النفسية والاجتماعية التي عليها.
3 مراعاة حالة المربين واستشارة عقول السامعين بالتساؤل والحركة وإثارة الانتباه. فقد جادل الرسول صلى الله عليه وسلم وسأله فرد وسأله عشرات الأفراد، كما ضرب الأمثال للسائلين، ويذكر العلماء أن رسول الله طبّق عددا من أنواع الحوارات والتساؤلات بالأمثلة. كما اعتمدت التربية الإسلامية على الوصف والوصف الدقيق والقصة المشوقة ذات النهايات المفتوحة والنهايات المغلقة. كما اعتمدت التطويل تارة والتقصير تارة والتوسط تارة أخرى والتكرار في موضع والإيجاز في آخر.
الكتاب تجمع هذه السلسلة خطب العلامة نور الدين، تناول فيها قضية التربية فهى أساس بناء المعاملة مع الله و رسوله ومع المسلمين وغير المسلمين من البشر
سنة النشر : 2007م / 1428هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 33.5 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'