📘 قراءة كتاب كلمة عن أدب التراجم والحديث عن الكتب أونلاين
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
و بعد : فان كثيرة من الكتاب و الأدباء . فضلا عن الشادين في اللغات و المتطفلين على الآداب - يعتبرون موضوع التعريف برجل من ذوى الشأن و الخطر و ترجمة حياته ووصفه من أسهل الأغراض الأدبية، و المواد الكتابة ، فيكيلون لمن يترجمون له أو يعرفون به ألقابا ونعوا بسخاء ، و يكون أكثرها كلمات مدح وإطراء مشتركة ، يمكن أن تقال عن كل عام وأديب أو عظيم وجليل ، أو صالج وتق ، أو حاكم حكومة ، أو قائد جيش ، لا تفيد تحديد الشخصية و تعيينها ، ولا تصوير القسمات و المخايل ، ولا التجاعيد التي يمتاز بها وجه عن وجه، وجسم عن جسم ، واللغة العربية من أغنى اللغات في كلمات الوصف والمدح، و الحلية والزينة ، ويكفي الكاتب أن يعتمد في ذلك على كتاب , الألفاظ الكتابية ، لعبد الرحمن بن عيسى الهمداني ( المتوفي ۱۳۲۰ - ۹۳۳م ) فأخذ منه ما يشاء من كلمات الوصف والمدح فيجود بها على صاحبه ، أو يرجع إلى كتب التراجم و السير و المكتبة العرية من أغنى مكتبات العالم فيها - فيختار منها جملا وكلمات وصف بها المترجم له أو الممدوح و من يكتب عنه ، فيتشابه الرجال و تاثلون ولا يخرج منها القاری، معرة شخصية دقيقة معينة ، ولا يشعر بالحيوية والحرارة ، ولا بالرقة والنعومة ، ولا بالمرونة و الحركية ، و لا بالعواطف والمشاعر ، ولا
بالأحاسيس والانعكاسات و ردود الفعل ، التي تمتاز بها الأجسام الحية عن التماثيل والنصب، و الصور والدي، ويمتاز بها الانسان عن الحيوان فضلا عن الجمادات و النباتات .
ولكن وصف شخصية أو ترجمة إنسان ليست من السهولة و العموم بالدرجة التي يتصورها كثير من الناس ، فان ذلك يحتاج إلى عدة مؤهلات، أولاها : المعرفة الشخصية الواعية الناقدة إذا كانت عن طريق المعاشرة والصحة فهي من أفضل المؤهلات و أقواما ، و إلا فعن طريق الدراسة الأمية و تتبع الأخبار و أن تقوم بها صلة من الصلات التي تحث على تتبع الأخبار و التعرف على الخصائص ، ويليها : الاقتدار على البيان و التعبير و تملك ثروة لغوية و كلمات مميزة فاصلة ، ثم يأتي دور الدقة و الأمانة و الشعور بالمسئولية، و القدرة على تفصيل اللباس على قائمة المترجم له و المعرف به ، فلا يكسوه لباسة سابغة فضفاضة يدو فيه قزمة حقيرة ، ويتم هذا اللباس عن أنه باس لغير هذا الانسان و القامة أطول من قامته ، و للرجال قامات وقيم ، وقد تكون الجناية على القيمة أشنع من الجناية على القامة .
ومهم كذلك أن يتوفر عند الكتابة في ترجمة حياة أو تعرف بشخصية ، دافع نبيل و رغبة ملحة تنبع من القلب ، من تجاوب مع نكرة ، أو استجابة لنداء الضمير ، أو دفاع عن كرامة مهضومة ، وحق سليب ، أورد الاعتبار ، أو وفاء بفضل ، أو إعجاب بجمال أو كال ، فان الكتابة إذا تجردت عن هذه العوامل كلما كانت أشبه برسم خشيب جامد أو وشی و تطريز لمجرد الربح المادي و الغرض التجاری ، و يكون الكاتب أو الشاعر في ذلك المطرب المحترف أو الناتحة الأجورة .
ويجب أن يعرف أن للكلمات درجة حرارة وبرودة (Temperature) فلا توضع كلمة ذات حرارة متصاعدة مكان كلة ذات حرارة منخفضة ، فضلا عن أن توضع كلمة ذات حرارة مكان كلمة ذات برودة ، ولا يسخی بكلمة تعطي صورة مائلة من العظمة و الكال ، أو النبوغ و الذكاء ، أو الخلق الحسن ، و السيرة العالية، أو العلم الغزير و الذكاء الألمعي ، الشخصية لا تستحق إلا كلمات فيها التوسط والاقتصاد، ثم يضعه في طبقته ويحدد اختصاصه وتميزه في فن من الفنون أو موضوع من الموضوعات .
و المشكلة حين يكون المترجم جامعة بين أصناف العلم و ضروب الكمال و أشتات الفضائل ، كما كان الشأن مع العلماء الأقدمين بصفة عامة ، فلا يقدر على تحديد اختصاصه إلا من اطلع على مؤلفاته جميعا ، واطلع على آراء مناصريه فيه وحكمهم عليه.
و بهذه الخصيصة امتاز العلامة شمس الدين أحمد بن خلكان (م۵۶۸۱) في كتابه « وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ، من بين مؤلف كتب التراجم و السير ، فانه إذا وصف أحدا من المترجم لهم بقوله : النحوي ، أو الفقيه ، أو الأديب ، أو المفسر ، أو اللغوي ، أو الواعظ ، فليس من الميسور زحزحته عن مكانه الرئيسي و الاختصاصی ، ووضعه في طبقة أخرى ، و هذا قلا تیسر لمؤلفي كتب التراجم و السير ، ولا يقدر عليه إلا صاحب سليقة في فن التراجم ، و من أعطاء الله الدقة في الحكم ، ورقة الشعور ، وحسن الذوق ، و الاطلاع الواسع الدقيق . .
لقد أراد الله أن أنشأ في بيئة كانت هوايتها التاريخ وكتابة التراجم والسير ، و أن أولد في أسرة كان فيها مؤرخون و مؤلفون ، و كان أكثر اشتغالهم بالتأليف في تراجم الرجال ، وطبقات الشعراء و الأدباء ، وسير العظماء ، من المصلحين و العلماء و الملوك والأمراء ، فكان جدى العلامة السيد نور الدين الحسني (م۱۳۲۶ه) من السابقين إلى فكرة وضع موسوعة باللغة الفارسية حين لم يخطر ه ذا بال كثير من العلماء و المؤلفين في شبه القارة الهندية ، وذلك قبل ثمانين سنة أو أكثر حين لم تعرف الموسوعات و دوائر المعارف في الهند حتى في اللغات الأجنبية ، فوضع كتابه « مهر جهانتاب ، (۱) في مجلدين ضخمين يحتوي المجلد الأول بخط مؤلفه على ثلاث مائة وألف (۱۳۰۰) صفحة بالقطع الكبير ، و أكثرها تراجم الطبقات الصوفية و العلماء و الشعراء ،ووفق و الدى العلامة السيد عبد الحي الحسني ( م ۱۳۶۱ه ) الوضع أكبر كتاب يعرف في شبه القارة الهندية في تراجم الرجال الذين نبغوا في الهند من القرن الاسلامي الأول إلى سنة وفاة المؤلف۱۳۶۱ (۱۹۲۳م ) يغطى المساحة الزمنية من القرن الأول إلى القرن الرابع عشر الهجري ، و المساحة المكانية من ممر خيبر في الشمال الغربي من الهند إلى خليج بغال في الشرق ، و من قلل کشمير إلى : ما لابار ، و « کالی کوت ، في الجنوب، و الأعيان من كل طبقة على اختلاف مذاههم الفقهية واتجاهاتهم العلمية ، و اختصاصاتهم الفنية ، وله في ثمانية مجلدات كبار يحتوي على أكثر من أربعة آلاف وخمس مائة ( 4500 )..
كلمة عن أدب التراجم والحديث عن الكتب من التراجم والأعلام
حجم الكتاب عند التحميل : 948.2 كيلوبايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'