❞ كتاب الروح والجسد ❝ ⏤ مصطفى محمود
كتاب الروح والجسد هو كتاب من تأليف الدكتور مصطفى محمود تحدث فيه عن طرفان نقيضان يتصارعان وبينهما يعيش الإنسان في كبد تحلق به الروح في علياء المعاني السامية ويقيده الجسد الفاني بأغلال محكمة من شهوات ورغبات.. هذا الصراع الذي تكلم فيه رجال الدين والفلاسفة والمفكرون والمتصوفون..
“السعادة الحقة هي حالة عميقة من حالات السكينة تقل فيها الحاجة إلى الكلام وتنعدم الرغبة في الثرثرة. هي حالة رؤية داخلية مبهجة واحساس بالصلح مع النفس والدنيا والله، واقتناع عميق بالعدالة الكامنة في الوجود كله، وقبول لجميع الآلام في رضى وابتسام”
*********
“اللهم اجعل مكالمتي معك وحدك،فأنت وحدك تعلم ولا تظلم ولا تتبدل عندك الأقوال والأحكام ولا تضيع عندك محبة”
********
“للصمت المفعم بالشعور حكم أقوى من حكم الكلمات”
*********
“لابدّ من احترام المسافة التي تحفظ لكل فرد مجاله الخاص وكينونته الخاصة كإنسان مستقل له الحق في أن يطوي ضلوعه على شيء”
************
“وصف القرآن العلاقة السوية بين الرجل والمرأة بأنها المودة والرحمة ، ولم يسمها حبا ، وجعل الحب وقفا على علاقة الانسان بالله ، لأنه وحده جامع الكمالات الجدير بالحب والتحميد ، وجاءت لفظة الحب في القران عن حب الله وحب الرسول ، وجاءت مرة واحدة عن حب المرأة على لسان النسوة الخاطئات حينما تكلمن عن امرأة العزيز وفتاها الذي (شغفها حبا) وهو حب رفضه يوسف واستعصم منه واستعان بربه ،وآثر عليه السجن عدة سنين”
*********
“وللصمت المفعم بالشعور حكم أقوى من حكم الكلمات.. وله إشعاع وله قدرته الخاصة على الفعل والتأثير..
والمحب الصامت يستطيع أن ينقل لغته وحبه إلى الآخر.. إذا كان الآخر على نفس المستوى من رهافة الحس-وإذا كان هو الآخر قادراً على السمع بلا أذن والكلام بلا نطق”
***********
“اللهم اجعل لي صمت الجبل يحمل في أحشائه البركان وهو صامت .. ويحمل في باطنه الزلزال وهو هادئ ، ويحمل في جوفه الذهب والبلاتين والماس ويبدو متواضعاً بفرش نفسه للفقراء والبسطاء .
اللهم اجعل مكالماتي معك وحدك ، فأنت وحدك الذي تعلم ولا تظلم ولا تتبدل عندك الأقوال والأحكام ، ولا تضيع عندك محبّة”
********
“الله لا يتركنا ندعي اي شيء إلا ويمتحننا فيه ... بأن يضعنا امام مخاطر الكلمة ومخاطر التبعة .. فيطالبنا بثمن الصدق ان كنا صادقين .. والله يمتحننا في ظاهرنا وباطننا ويمتحن جواهرنا وقلوبنا وأفعالنا”
************
“بل تكاد تكون قاعدة أن القلب لا يصحو إلا بالألم ...
والنفس لا تشف وترهف إلا بالمعاناة”
************
“كنا عائدين من أداء الواجب حينما قال لي صديقي:
ـ أنعيش في كذب دائم ؟ ألا يوجد صدق ؟
قلت له:
ـ بل نحن نصدق دائما ولكنه صدق محدود, صدق لحظتها.. كلماتنا عمرها عمر الرسم علي الماء والنقش علي الرمال.. وهي في العادة صادقة في حدود هذا العمر القصير إلا فيما ندر.
ـ وبعد ذلك.
ـ بعد ذلك تتغير الظروف وتتبدل الملابسات وتمتحن العواطف والأقوال والأعمال.. وتبتلي النفوس في جواهرها وتتقلب القلوب.. ويأتي بعد الليل النهار وبعد النهار الليل.. فنحن علي أرض تدور.. أليس كذلك.
ـ ألا يوجد حب يصمد للامتحان ألا يوجد حب باق؟
ـ أحيانا.. ولكن هذا الحب الباقي في العادة تعيا عن حمله الكلمات.. والذي يحب هذا الحب إذا حاول أن يعبر عن نفسه لا يخرج منه إلا كلاما عبيطا.. أو عبارات بلا معني.. ومثل هذا الحب يكون في أغلب الأحوال أزمة في الصدر وعطشا خلف الضلوع لا ارتواء له ولا حل له.
ـ إني أتمني أن تحبني امرأة هذا الحب.
ـ إني لا أتمني أن تحبني امرأة هذا الحب أبدا.
ـ لم؟
ـ لأن المرأة التي تحب هذا الحب لا تسامح.. إنها تري نفسها قد أعطت روحها فلا أقل أن تأخذ روحي والذين يحبون هذا الحب هم بين قاتل ومقتول وأنا لا أحب أن أكون أحدهما.
ـ بل هو الحب الرائع.
ـ بل هو الإشراك بعينه وعبادة المخلوق من دون الخالق, وهذا ما قاله الإمام الغزالي في حب المرأة الواحدة إذا كان استغراقا وصبابة.. قال إنه السقوط في الشرك... ولهذا أباح الإسلام تعدد الزوجات ليحول دون هذا الاستئثار.. وحتي لا يكون التوحيد إلا لله.
ـ وهل تظن أنك تختار قدرك.. ألا يمكن أن يداهمك هذا النوع من الحب برغم أنفك, فلا تملك منه فكاكا؟
ـ إنه يكون مصيبة.. وكارثة وأسرا.. وسجنا.. وأغلالا.. ومثل هذا الحب لا يكتبه الله إلا علي عبد غضب عليه ولعنه وأضله وأرجو ألا أكون من المغضوب عليهم ولا من الضالين.. وأرجو أن أعرف معبودي فلا أضل عنه وأنه هو الله وحده جامع الكمالات.. الأجمل من كل جميل.. مهوي الأفئدة وسكن الأرواح.
ـ وماذا للمرأة المثلي عندك؟
ـ لها عندي المودة والرحمة والصحبة الطيبة.. ولا أكثر.. لا غل ولا قيد ولا أسر.. وإنما ضيافة كريمة يستضيف فيها كل منا الآخر مدي أيام الدنيا الشقية ويعاونه علي تحملها.
ـ سوف أعيش وأفرح فيك وأراك بإذن الله في الأسر والغل والقيد غريقا لشوشتك في أذيال امرأة حتي تتوب عن تعذيبنا.
ـ تبت.. ولا داعي للبلاء.. اللهم لا تدخلنا في تجربة.. اللهم لا تكتب علي إلا حبك.
ـ وهل يتنافي حب الله مع حب الناس؟
ـ بل هو يدعو إلى حب الناس ولكن بلا غل وبلا قيود وبلا عبودية.. حب المودة والرحمة لا سعار الغرام وضرام الشهوات.
ـ وهل يمكن أن يغنيك حب الله عن الحاجة إلى غرام بشري؟
ـ نعم إذا استطعت أن أفهم معني النظر إلى وجهه ومعني أن كل شيء هالك إلا وجهه.. ومعني أن عشق الهالكين هو الهلاك معهم وأن في حبه وحده الخلاص والعتق والحرية.
ـ وكيف تنظر إلى وجهه؟
ـ أستشفه في صدح الطيور وفي نور الفجر, في جناح الفراش وفي بصمة الاصبع وفي عطر الوردة وفي العدل المستتر وراء الألم والحكمة الخافية في العذاب.. وأشعر به في استسرار الليل وإبهام الموت وطلسم القدر..
أحس به في الحقائق التي تلقي في عقلي بلا لغة وبلا عبارة وفي السكينة التي تسعفني ساعة الخطر وفي الوضوح الرائع الذي يتجلي علي لحظة الأزمة.. وفي الإحساس الحميم بالصحبة والونس وأنا وحدي, وفيما هو أكثر من ذلك من لطائف الأسرار التي يمكن أن تحدث بين العبد وربه مما لا يكتب ولا يقال.
ـ أهناك شيء لا يمكن أن يقال؟
ـ كل ما هو مطلق لا يمكن أن يقال.
ـ وكيف نعرفه؟
ـ لا نعرفه ولكن نكابده.. إحساسك بذاتك مكابدة وليست معرفة ومع ذلك, فهي أعلي من جميع المعارف في درجة اليقين.. ذاتك أمر لا يرقي إليه شك.. ومع ذلك, فهي أمر لا يمكن أن يتوضح كما تتوضح سائر المعارف.. والحقائق العليا كلها مكابدات وليست معارف.. والمتصوفة يسمون هذا الإحساس بالله.. حضورا.. وحضرة.
ـ وهل يمكن أن نصل إلى هذه الحضرة بالاجتهاد؟
ـ لا نستطيع إلا أن يساعدنا هو.
ـ وهل دخلت هذه الحضرة؟
ـ أنا أبعد الناس عن هذا الشرف, أنا حالي مثل حالك ومثل حال المرحوم الذي دفناه اليوم ومثل حال الخاطئين الذين يتقلبون مع الليل والنهار. ولكني أحاول.. مجرد محاولة.”
**********
“إن السعادة فى معناها الوحيد الممكن هى الصلح بين الظاهر والباطن
بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان والآخريين وبين الإنسان وبين الله
فينسكب كل منهما فى الآخر كأنهما وحدة
ويصبح الفرد منا وكأنه الكل .. وكأنما الطيور تغنى له وتتكلم لغته .”
مصطفى محمود - مُصطفى محمود (27 ديسمبر 1921 - 31 أكتوبر 2009)، هو فيلسوف وطبيب وكاتب مصري. ألف 89 كتاباً منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة. كان مصطفى محمود مقدّماً لأكثر من 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير (العلم والإيمان).
أنشأ عام 1979م مسجده في القاهرة المعروف بـاسم "مسجد مصطفى محمود". ويتبع له ثلاثة مراكز طبية تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود. وشكل قوافل للرحمة من ستة عشر طبيبًا، ويضم المركز أربعة مراصد فلكية، ومتحفاً للجيولوجيا، يقوم عليه أساتذة متخصصون. ويضم المتحف مجموعة من الصخور الجرانيتية، والفراشات المحنطة بأشكالها المتنوعة وبعض الكائنات البحرية. أُطلق على كويكب اسم (296753) مصطفى محمود تكريما له.
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ في الحب والحياة ❝ ❞ السر الأعظم ❝ ❞ حوار مع صديقي الملحد ❝ ❞ الروح والجسد ❝ ❞ اناشيد الإثم و البراءة ❝ ❞ رحلتي من الشك الي الإيمان ❝ ❞ التوراة ❝ ❞ اينشتاين والنسبية ❝ ❞ لغز الحياة ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ دار المعارف ❝ ❞ دار أخبار اليوم ❝ ❞ مكتبة مصر ❝ ❞ دار العودة ❝ ❞ المكتب المصري الحديث ❝ ❞ دار كتاب اليوم - القاهرة ❝ ❞ دار الجمهورية - دمشق ❝ ❱
من فكر وثقافة - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.