❞ كتاب نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ❝ ⏤ مجموعة من المؤلفين
الذي ورد في كلام النبوة وخطب الصحابة وما ثبت عن العرب الإتيان بأما بعد إذا أرادوا الانتقال في كلامهم وخطبهم وأما إبدالها واوًا فطريقة المتأخرين ولا داعي لهذا كما يدعون فالأولى محاكاة ما كان عليه سلفنا واللَّه أعلم]. فإنه لما كان الكتاب الموسوم بالمنتقى من الأخبار في الأحكام. مما لم ينسج على بديع منواله. ولا حرر على شكله ومثاله أحد من الأئمة الأعلام. قد جمع من السنة المطهرة ما لم يجتمع في غيره من الأسفار. وبلغ إلى غاية في الإحاطة بأحاديث الأحكام تتقاصر عنها الدفاتر الكبار. وشمل من دلائل المسائل جملة نافعة تفنى دون الظفر ببعضها طوال الأعمار.
وصار مرجعًا لجلة العلماء عند الحاجة إلى طلب الدليل لا سيما في هذه الديار وهذه الأعصار. فإنها تزاحمت علي مورده العذب أنظار المجتهدين.
وتسابقت على الدخول في أبوابه أقدام الباحثين من المحققين. وغدا ملجأ للنظار يأوون إليه. ومفزعًا للهاربين من رق التقليد يعولون عليه. وكان كثيرًا ما يتردد الناظرون في صحة بعض دلائله. ويتشكك الباحثون في الراجح والمرجوح عند تعارض بعض مستندات مسائله. حمل حسن الظن بي جماعة من حملة العلم بعضهم من مشايخي على أن التمسوا مني القيام بشرح هذا الكتاب.
وحسنوا لي السلوك في هذه المسالك الضيقة التي يتلون الخريت [الخريت: بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المهملة الماهر الذي يهتدي لإخرات المفازة وهي طرقها الخفية ومضايقها]. [هيهات أن يتم إثبات الاجتهاد، ناهيك إثبات المجتهد المطلق، فلهذا الأخير شروط دونها خرط القتاد، منها إجماع علماء الأمة على إمامتة وأهليته للاجتهاد المطلق، وإن لم يكن الأمر كذلك لرأينا مئات المذاهب بل الآلاف، مما لا يخدم إلا الشيطان وأعداء الإسلام. دار الحديث] في موعرات شعابها والهضاب. فأخذت في إلقاء المعاذير. وأبنت تعسر هذا المقصد على جميع التقادير. وقلت: القيام بهذا الشأن يحتاج إلى جملة من الكتب يعز وجودها في هذه الديار.
والموجود منها محجوب بأيدي جماعة عن الأبصار بالاحتكار والادخار كما تحجب الأبكار. ومع هذا فأوقاتي مستغرقة بوظائف الدرس والتدريس. والنفس مؤثرة لمطارحة مهرة المتدربين في المعارف على كل نفيس. وملكتي قاصرة عن القدر المعتبر في هذا العلم الذي قد درس رسمه. وذهب أهله منذ أزمان قد تصرمت فلم يبق بأيدي المتأخرين إلا اسمه. لا سيما وثوب الشباب قشيب. وردن الحداثة بمائها خصيب. ولا ريب أن لعلو السن وطول الممارسة في هذا الشأن أوفر نصيب.
فلما لم ينفعني الإكثار من هذه الأعذار. ولا خلصني من ذلك المطلب ما قدمته من الموانع الكبار. صممت على الشروع في هذا المقصد المحمود. وطمعت أن يكون قد أتيح لي أني من خدم السنة المطهرة معدود. وربما أدرك الطالع شأو الضليع وعد في جملة العقلاء المتعاقل الرقيع. وقد سلكت في هذا الشرح لطول المشروح مسلك الاختصار. وجردته عن كثير من التفريعات والمباحثات التي تقضي إلى الإكثار. لا سيما في المقامات التي يقل فيها الاختلاف. ويكثر بين أئمة المسلمين في مثلها الائتلاف.
وأما في مواطن الجدال والخصام فقد أخذت فيها بنصيب من إطالة ذيول الكلام لأنها معارك تتبين عندها مقادير الفحول. ومفاوز لا يقطع شعابها وعقابها إلا نحارير الأصول. ومقامات تتكسر فيها النصال على النصال. ومواطن تلجم عندها أفواه الأبطال بأحجار الجدال. ومواكب تعرق فيها جباه رجال حل الإشكال والإعضال.
وقد قمت وللَّه الحمد في هذه المقامات مقامًا لا يعرفه إلا المتأهلون. ولا يقف على مقدار كنهه من حملة العلم إلا المبرزون. فدونك يا من لم تذهب ببصر بصيرته أقوال الرجال. ولا تدنست فطرة عرفانه بالقيل والقال. شرحًا يشرح الصدور ويمشي على سنن الدليل وإن خالف الجمهور. وإني معترف بأن الخطأ والزلل هما الغالبان على من خلقه اللَّه من عجل. ولكني قد نصرت ما أظنه الحق بمقدار ما بلغت إليه الملكة.
ورضت النفس حتى صفت عن قذر التعصب الذي هو بلا ريب الهلكة. وقد اقتصرت فيما عدا هذه المقامات الموصوفات على بيان حال الحديث وتفسير غريبه وما يستفاد منه بكل الدلالات وضممت إلى ذلك في غالب الحالات الإشارة إلى بقية الأحاديث الواردة في الباب مما لم يذكر في الكتاب.
لعلمي بأن هذا من أعظم الفوائد التي يرغب في مثلها أرباب الألباب من الطلاب. ولم أطول ذيل هذا الشرح بذكر تراجم رواة الأخبار. لأن ذلك مع كونه علمًا آخر يمكن الوقوف عليه في مختصر من كتب الفن من المختصرات الصغار. وقد أشير في النادر إلى ضبط اسم راوٍ أو بيان حاله على طريق التنبيه. لا سيما في المواطن التي هي مظنة تحريف أو تصحيف لا ينجو منه غير النبيه.
وجعلت ما كان للمصنف من الكلام على فقه الأحاديث وما يستطرده من الأدلة في غضونه من جملة الشرح في الغالب ونسبت ذلك إليه. وتعقبت ما ينبغي تعقبه عليه وتكلمت على ما لا يحسن السكوت عليه مما لا يستغني عنه الطالب. كل ذلك لمحبة رعاية الاختصار وكراهة الإملال بالتطويل والإكثار. وتقاعد الرغبات وقصور الهمم عن المطولات.
وسميت هذا الشرح لرعاية التفاؤل الذي كان يعجب المختار نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار واللَّه المسؤول أن ينفعني به ومن رام الانتفاع من إخواني. وأن يجعله من الأعمال التي لا ينقطع عني نفعها بعد أن أدرج في أكفاني.
مجموعة من المؤلفين - "مجموعة من المؤلفين"، هو ركن للكتب التي شارك في تأليفها أكتر من كاتب ومؤلف، وهو قسم مميز مليء بالكتب التي تعددت الجهود في إخراجها على أكمل الوجوه.
من إسلامية متنوعة كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.