❞ كتاب بحث في تكرير الراء ❝  ⏤ أم جلال بنت عبدالرحيم آل سليمان

❞ كتاب بحث في تكرير الراء ❝ ⏤ أم جلال بنت عبدالرحيم آل سليمان

في هذا البحث محاولة لتحقيق أقوال العلماء في تكرير الراء، ومما دفعني لكتابته وجودُ خلافٍ بيِّن في النطق بها؛ بين مَن يظهر التكرير بوضوح، ومن يقلل التكرير (دون أن يلغيه كليةً)، ومن يلغيه كليةً؛ وكل فريق يصر على طريقته في النطق؛ والله أسأل توفيقًا وبركة إنه كريم منان. التكرير: لغة: إعادة الشيء، وأقل الإعادة مرة. واصطلاحًا: ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالحرف. حرفه: هو الراء فقط. وسمي بذلك لارتعاد طرف اللسان عند النطق به.

أقوال العلماء في تكرير الراء: اختلفت أقوال العلماء في تكرير الراء على ثلاثة أقوال، هي: القول الأول: يرفض التكرير في الراء، ويقول بأن هذه الصفة تعرف لتجتنب لا ليعمل بها عكس باقي الصفات، ويرى أن معنى وصف الراء بالتكرير أنها قابلة له وليس المراد منه الإتيان به. وممن ذهب إلى هذا القول الشيخ المرصفي في هداية القارئ، يقول: (ومعنى وَصْف الراء بالتكرير أنها قابلة له وليس المراد منه الإتيان به كما هو ظاهر، وإنما المراد به التحرز منه واجتنابه وخاصة إذا كانت الراء مشددة، فالواجب على القارئ حينئذ إخفاء هذا التكرير لأنه متى أظهره فقد جعل من الراء المشددة راءات ومن المخففة راءين والتكرير في المشددة أحوج إلى الإخفاء من التكرير في المخففة.

ولهذا أمر الحافظ ابن الجزري في المقدمة بإخفاء تكرير المشدد بقوله: وأخْفِ تكريرًا إذا تُشَدَّدُ، وخلاصة القول أن الغرض من معرفة صفة التكرير للراء ترك العمل به عكس ما تقدم في الصفات وما هو آت بعد، إذ الغرض منها العمل بمقتضاها. وطريقة إخفاء التكرير في الراء كما قال الجعبري: إنه يلصق اللافظ ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقًا محكمًا مرة واحدة بحيث لا يرتعد لأنه متى ارتعد حدث من كل مرة راء).

وممن قال بهذا القول (ملا على القاري)([3]) في كتابه (المنح الفكرية شرح المقدمة الجزرية) حيث قال: (ومعنى قولهم إن الراء مكرر هو أن الراء له قبول التكرار لارتعاد طرف اللسان به عند التلفظ كقولهم لغير الضاحك: إنسان ضاحك يعني أنه قابل للضحك وفي الجعل إشارة إلى ذلك...)([4]). وممن قال بذلك الشيخ الضباع([5]) في كتابه منحة ذي الجلال، قال: (التكرير هو عبارة قبول «الراء» للتكرير لارتعاد طرف اللسان عند النطق به. وهذه الصفة تعرف لتجتنب لا ليعمل بها([6]).

وممن قال بهذا أيضًا الشيخ ابن يالوشة في شرحه للجزرية المسمى (الفوائد المفهمة في شرح الجزرية المقدمة([7])، والدكتور محمد عصام مفلح القضاة في (الواضح في أحكام التجويد)([8])، وحسام الدين الكيلاني في (البيان في أحكام تجويد القرآن)([9])، وصاحب (العميد في علم التجويد)([10]).

القول الثاني: نأتي بالتكرير ونجتنب الزيادة فيه. فعند القائلين بهذا القول أن التكرير صفة ملازمة لحرف الراء يأتي معها حين النطق بها ولا سبيل للتخلص منه، ولكن يجب التحرز من الزيادة فيه. فليس المقصود بإخفاء التكرير - عندهم - إعدام الصفة بالكلية. يقولون بأن إخفاء الصفة (التكرير) بالكلية يؤدي إلى:ـ - إلى حصر الصوت، وبالتالي تخرج الراء كالطاء. - أنه يجعل الراء شديدة وهي حرف بَيْنِيّ. وذهب إلى هذا القول الإمام مكي بن أبي طالب القيسي في كتاب (الرعاية) حيث قال: (والحرف المكرر هو الراء سمي بذلك، لأنه يتكرر على اللسان عند النطق به، كأن طرف اللسان يرتعد به، وأظهر ما يكون ذلك إذا كانت الراء مشددة، ولابد في القراءة من إخفاء التكرير، والتكرير الذي في الراء من الصفات التي تقوي الحرف، والراء حرف قوي للتكرير الذي فيه، وهو حرف شديد أيضًا، وقد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة لذلك)([11]).

ومعنى قوله: (ولابد في القراءة من إخفاء التكرير) يعني التكرير الزائد، يدل على ذلك قوله: (والراء حرف قوي للتكرير الذي فيه، وهو حرف شديد أيضًا، وقد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة لذلك). وذهب إلى هذا القول الإمام ابن الجزري حيث قال: (الحرف المكرر هو الراء.

قال سيبويه وغيره هو حرف شديد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة ولو لم يكرر لم يجر فيه الصوت وقال المحققون: هو بين الشدة والرخاوة وظاهر كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية في الراء وإلى ذلك ذهب المحققون فتكريرها ربوها في اللفظ وإعادتها بعد قطعها ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصًا إذا شددت ويعدون ذلك عيبًا في القراءة. وبذلك قرأنا على جميع من قرأنا عليه وبه نأخذ([12]).

يفهم من قول الإمام ابن الجزري هذا أنه ينبغي إخفاء التكرير الزائد بدليل تحذيره في موضع آخر من المبالغة في إخفاء التكرير حيث نقل عنه قوله: (وقد يبالغ قوم في إخفاء تكريرها مشددة فيأتي بها محصرمة شبيهة بالطاء. وذلك خطأ لا يجوز، فيجب أن يلفظ بها مشددة تشديدًا ينبو بها اللسان نبوة واحدة وارتفاعًا واحدًا من غير مبالغة في الحصر والعسر نحو: الرحمن الرحيم)([13]) وحصرمة الراء: من الحصر وهو العِيُّ في المنطق، فالذي يبالغ في إخفاء تكرير الراء يجد في لسانه ثقلًا يشبه الحصر، وهو العِيُّ([14]). وممن قال بهذا القول الشيخ المرعشي في جهد المقل قال: (ليس معنى إخفاء التكرير إعدام تكريره بالكلية، بإعدام ارتعاد رأس اللسان بالكلية، لأن ذلك لا يمكن إلا بالمبالغة في لصق رأس اللسان باللثة بحيث ينحصر الصوت بينهما بالكلية، كما في الطاء المهملة، وذلك خطأ لا يجوز....لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الراء من الحروف الشديدة مع أنه من الحروف البينية، بل معناه تقوية ذلك اللصق بحيث لا يتبين التكرير والارتعاد في السمع)([15]).

وممن قال بذلك من المتأخرين عطية قابل نصر في كتابه (غاية المريد في علم التجويد)، قال: (التكرير صفة ملازمة لحرف الراء بمعنى أنها قابلة لها فيجب التحرز عنها؛ لأن الغرض من معرفة هذه الصفة تركها، بمعنى: عدم المبالغة فيها)([16])، وقال أيضًا: (وليس معنى إخفاء التكرير إعدام ارتعاد رأس اللسان بالكلية؛ لأن ذلك يؤدي إلى حصر الصوت بين رأس اللسان واللَّثة كما في حرف الطاء وهذا خطأ لا يجوز، وإنما يرتعد رأس اللسان ارتعادة واحدة خفيفة حتى لا تنعدم الصفة)([17]). وممن قال بذلك أيضًا صاحب (فتح رب البرية في شرح المقدمة الجزرية)، قال: (صفة التكرير صفةٌ مَعِيبَةٌ للرّاء، وقد ذكرت لتُجْتَنَبَ مع عدم عدميَّتها) ([18]). القول الثالث: يقول بتكرير الراء.

حجتهم أن التكرير صفة لازمة للراء لأن الواقف على الراء يجد طرف لسانه يتعثر بما فيه من التكرير، ولذلك يعد في الإمالة بحرفين. وذهب إلى هذا القول الإمام نصر بن علي المعروف بابن أبي مريم([19])في كتابه (الموضح في وجوه القراءات وعللها)، يقول: (ومنها حرف واحد مكرر وهو الراء، وذلك لأن الواقف إذا وقف على الراء وجد طرف اللسان يتعثر بما فيه من التكرير وذلك يعد في الإمالة بحرفين، والحركة فيه تنزل منزلة حركتين) ([20]).

وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أبو شامة في (إبراز المعاني من حرز الأماني) شرح الشاطبية في شرحه بيت الشاطبي: وَمُنْحَرِفٌ لاَمٌ وَرَاءٌ وَكُرِّرَتْ ......................... قال: (قال مكي: التكرير تضعيف يوجد في جسم الراء لارتعاد طرف اللسان بها ويقوى مع التشديد ولا يبلغ به حد بفتح وقال ابن أبي مريم: إذا وقف الواقف على الراء وجد طرف اللسان يتغير بما فيه من التكرير، ولذلك يعد في الإمالة بحرفين والحركة فيه تنزل منزلة حركتين، وقال الشيخ أبو عمرو: والمكرر الراء لما تحسه من شبه ترديد اللسان في مخرجه عند النطق به ولذلك أجرى مجرى الحرفين في أحكام متعددة)([21]).
أم جلال بنت عبدالرحيم آل سليمان - ❰ لها مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ بحث في القلقلة ❝ ❞ بحث في تكرير الراء ❝ ❞ جمع القرآن والأحرف السبعة ❝ ❞ الحروف العربية وكيفية أدائها عند حفص من طريق الشاطبية ❝ ❞ كيف تحفظين القرآن مبكراً ( دون السادسة) ؟ عرض تجربة عملية ❝ ❱
من كتب علوم القرآن كتب التفاسير وعلوم القرآن الكريم - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب بحث في تكرير الراء

نبذة عن الكتاب:
بحث في تكرير الراء

في هذا البحث محاولة لتحقيق أقوال العلماء في تكرير الراء، ومما دفعني لكتابته وجودُ خلافٍ بيِّن في النطق بها؛ بين مَن يظهر التكرير بوضوح، ومن يقلل التكرير (دون أن يلغيه كليةً)، ومن يلغيه كليةً؛ وكل فريق يصر على طريقته في النطق؛ والله أسأل توفيقًا وبركة إنه كريم منان. التكرير: لغة: إعادة الشيء، وأقل الإعادة مرة. واصطلاحًا: ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالحرف. حرفه: هو الراء فقط. وسمي بذلك لارتعاد طرف اللسان عند النطق به.

أقوال العلماء في تكرير الراء: اختلفت أقوال العلماء في تكرير الراء على ثلاثة أقوال، هي: القول الأول: يرفض التكرير في الراء، ويقول بأن هذه الصفة تعرف لتجتنب لا ليعمل بها عكس باقي الصفات، ويرى أن معنى وصف الراء بالتكرير أنها قابلة له وليس المراد منه الإتيان به. وممن ذهب إلى هذا القول الشيخ المرصفي في هداية القارئ، يقول: (ومعنى وَصْف الراء بالتكرير أنها قابلة له وليس المراد منه الإتيان به كما هو ظاهر، وإنما المراد به التحرز منه واجتنابه وخاصة إذا كانت الراء مشددة، فالواجب على القارئ حينئذ إخفاء هذا التكرير لأنه متى أظهره فقد جعل من الراء المشددة راءات ومن المخففة راءين والتكرير في المشددة أحوج إلى الإخفاء من التكرير في المخففة.

ولهذا أمر الحافظ ابن الجزري في المقدمة بإخفاء تكرير المشدد بقوله: وأخْفِ تكريرًا إذا تُشَدَّدُ، وخلاصة القول أن الغرض من معرفة صفة التكرير للراء ترك العمل به عكس ما تقدم في الصفات وما هو آت بعد، إذ الغرض منها العمل بمقتضاها. وطريقة إخفاء التكرير في الراء كما قال الجعبري: إنه يلصق اللافظ ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقًا محكمًا مرة واحدة بحيث لا يرتعد لأنه متى ارتعد حدث من كل مرة راء).

وممن قال بهذا القول (ملا على القاري)([3]) في كتابه (المنح الفكرية شرح المقدمة الجزرية) حيث قال: (ومعنى قولهم إن الراء مكرر هو أن الراء له قبول التكرار لارتعاد طرف اللسان به عند التلفظ كقولهم لغير الضاحك: إنسان ضاحك يعني أنه قابل للضحك وفي الجعل إشارة إلى ذلك...)([4]). وممن قال بذلك الشيخ الضباع([5]) في كتابه منحة ذي الجلال، قال: (التكرير هو عبارة قبول «الراء» للتكرير لارتعاد طرف اللسان عند النطق به. وهذه الصفة تعرف لتجتنب لا ليعمل بها([6]).

وممن قال بهذا أيضًا الشيخ ابن يالوشة في شرحه للجزرية المسمى (الفوائد المفهمة في شرح الجزرية المقدمة([7])، والدكتور محمد عصام مفلح القضاة في (الواضح في أحكام التجويد)([8])، وحسام الدين الكيلاني في (البيان في أحكام تجويد القرآن)([9])، وصاحب (العميد في علم التجويد)([10]).

القول الثاني: نأتي بالتكرير ونجتنب الزيادة فيه. فعند القائلين بهذا القول أن التكرير صفة ملازمة لحرف الراء يأتي معها حين النطق بها ولا سبيل للتخلص منه، ولكن يجب التحرز من الزيادة فيه. فليس المقصود بإخفاء التكرير - عندهم - إعدام الصفة بالكلية. يقولون بأن إخفاء الصفة (التكرير) بالكلية يؤدي إلى:ـ - إلى حصر الصوت، وبالتالي تخرج الراء كالطاء. - أنه يجعل الراء شديدة وهي حرف بَيْنِيّ. وذهب إلى هذا القول الإمام مكي بن أبي طالب القيسي في كتاب (الرعاية) حيث قال: (والحرف المكرر هو الراء سمي بذلك، لأنه يتكرر على اللسان عند النطق به، كأن طرف اللسان يرتعد به، وأظهر ما يكون ذلك إذا كانت الراء مشددة، ولابد في القراءة من إخفاء التكرير، والتكرير الذي في الراء من الصفات التي تقوي الحرف، والراء حرف قوي للتكرير الذي فيه، وهو حرف شديد أيضًا، وقد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة لذلك)([11]).

ومعنى قوله: (ولابد في القراءة من إخفاء التكرير) يعني التكرير الزائد، يدل على ذلك قوله: (والراء حرف قوي للتكرير الذي فيه، وهو حرف شديد أيضًا، وقد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة لذلك). وذهب إلى هذا القول الإمام ابن الجزري حيث قال: (الحرف المكرر هو الراء.

قال سيبويه وغيره هو حرف شديد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة ولو لم يكرر لم يجر فيه الصوت وقال المحققون: هو بين الشدة والرخاوة وظاهر كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية في الراء وإلى ذلك ذهب المحققون فتكريرها ربوها في اللفظ وإعادتها بعد قطعها ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصًا إذا شددت ويعدون ذلك عيبًا في القراءة. وبذلك قرأنا على جميع من قرأنا عليه وبه نأخذ([12]).

يفهم من قول الإمام ابن الجزري هذا أنه ينبغي إخفاء التكرير الزائد بدليل تحذيره في موضع آخر من المبالغة في إخفاء التكرير حيث نقل عنه قوله: (وقد يبالغ قوم في إخفاء تكريرها مشددة فيأتي بها محصرمة شبيهة بالطاء. وذلك خطأ لا يجوز، فيجب أن يلفظ بها مشددة تشديدًا ينبو بها اللسان نبوة واحدة وارتفاعًا واحدًا من غير مبالغة في الحصر والعسر نحو: الرحمن الرحيم)([13]) وحصرمة الراء: من الحصر وهو العِيُّ في المنطق، فالذي يبالغ في إخفاء تكرير الراء يجد في لسانه ثقلًا يشبه الحصر، وهو العِيُّ([14]). وممن قال بهذا القول الشيخ المرعشي في جهد المقل قال: (ليس معنى إخفاء التكرير إعدام تكريره بالكلية، بإعدام ارتعاد رأس اللسان بالكلية، لأن ذلك لا يمكن إلا بالمبالغة في لصق رأس اللسان باللثة بحيث ينحصر الصوت بينهما بالكلية، كما في الطاء المهملة، وذلك خطأ لا يجوز....لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الراء من الحروف الشديدة مع أنه من الحروف البينية، بل معناه تقوية ذلك اللصق بحيث لا يتبين التكرير والارتعاد في السمع)([15]).

وممن قال بذلك من المتأخرين عطية قابل نصر في كتابه (غاية المريد في علم التجويد)، قال: (التكرير صفة ملازمة لحرف الراء بمعنى أنها قابلة لها فيجب التحرز عنها؛ لأن الغرض من معرفة هذه الصفة تركها، بمعنى: عدم المبالغة فيها)([16])، وقال أيضًا: (وليس معنى إخفاء التكرير إعدام ارتعاد رأس اللسان بالكلية؛ لأن ذلك يؤدي إلى حصر الصوت بين رأس اللسان واللَّثة كما في حرف الطاء وهذا خطأ لا يجوز، وإنما يرتعد رأس اللسان ارتعادة واحدة خفيفة حتى لا تنعدم الصفة)([17]). وممن قال بذلك أيضًا صاحب (فتح رب البرية في شرح المقدمة الجزرية)، قال: (صفة التكرير صفةٌ مَعِيبَةٌ للرّاء، وقد ذكرت لتُجْتَنَبَ مع عدم عدميَّتها) ([18]). القول الثالث: يقول بتكرير الراء.

حجتهم أن التكرير صفة لازمة للراء لأن الواقف على الراء يجد طرف لسانه يتعثر بما فيه من التكرير، ولذلك يعد في الإمالة بحرفين. وذهب إلى هذا القول الإمام نصر بن علي المعروف بابن أبي مريم([19])في كتابه (الموضح في وجوه القراءات وعللها)، يقول: (ومنها حرف واحد مكرر وهو الراء، وذلك لأن الواقف إذا وقف على الراء وجد طرف اللسان يتعثر بما فيه من التكرير وذلك يعد في الإمالة بحرفين، والحركة فيه تنزل منزلة حركتين) ([20]).

وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أبو شامة في (إبراز المعاني من حرز الأماني) شرح الشاطبية في شرحه بيت الشاطبي: وَمُنْحَرِفٌ لاَمٌ وَرَاءٌ وَكُرِّرَتْ ......................... قال: (قال مكي: التكرير تضعيف يوجد في جسم الراء لارتعاد طرف اللسان بها ويقوى مع التشديد ولا يبلغ به حد بفتح وقال ابن أبي مريم: إذا وقف الواقف على الراء وجد طرف اللسان يتغير بما فيه من التكرير، ولذلك يعد في الإمالة بحرفين والحركة فيه تنزل منزلة حركتين، وقال الشيخ أبو عمرو: والمكرر الراء لما تحسه من شبه ترديد اللسان في مخرجه عند النطق به ولذلك أجرى مجرى الحرفين في أحكام متعددة)([21]).

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

في هذا البحث محاولة لتحقيق أقوال العلماء في تكرير الراء، ومما دفعني لكتابته وجودُ خلافٍ بيِّن في النطق بها؛ بين مَن يظهر التكرير بوضوح، ومن يقلل التكرير (دون أن يلغيه كليةً)، ومن يلغيه كليةً؛ وكل فريق يصر على طريقته في النطق؛ والله أسأل توفيقًا وبركة إنه كريم منان. التكرير: لغة: إعادة الشيء، وأقل الإعادة مرة. واصطلاحًا: ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالحرف. حرفه: هو الراء فقط. وسمي بذلك لارتعاد طرف اللسان عند النطق به.

 أقوال العلماء في تكرير الراء: اختلفت أقوال العلماء في تكرير الراء على ثلاثة أقوال، هي: القول الأول: يرفض التكرير في الراء، ويقول بأن هذه الصفة تعرف لتجتنب لا ليعمل بها عكس باقي الصفات، ويرى أن معنى وصف الراء بالتكرير أنها قابلة له وليس المراد منه الإتيان به. وممن ذهب إلى هذا القول الشيخ المرصفي في هداية القارئ، يقول: (ومعنى وَصْف الراء بالتكرير أنها قابلة له وليس المراد منه الإتيان به كما هو ظاهر، وإنما المراد به التحرز منه واجتنابه وخاصة إذا كانت الراء مشددة، فالواجب على القارئ حينئذ إخفاء هذا التكرير لأنه متى أظهره فقد جعل من الراء المشددة راءات ومن المخففة راءين والتكرير في المشددة أحوج إلى الإخفاء من التكرير في المخففة.

 ولهذا أمر الحافظ ابن الجزري في المقدمة بإخفاء تكرير المشدد بقوله: وأخْفِ تكريرًا إذا تُشَدَّدُ، وخلاصة القول أن الغرض من معرفة صفة التكرير للراء ترك العمل به عكس ما تقدم في الصفات وما هو آت بعد، إذ الغرض منها العمل بمقتضاها. وطريقة إخفاء التكرير في الراء كما قال الجعبري:  إنه يلصق اللافظ ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقًا محكمًا مرة واحدة بحيث لا يرتعد لأنه متى ارتعد حدث من كل مرة راء). 

وممن قال بهذا القول (ملا على القاري)([3]) في كتابه (المنح الفكرية شرح المقدمة الجزرية) حيث قال: (ومعنى قولهم إن الراء مكرر هو أن الراء له قبول التكرار لارتعاد طرف اللسان به عند التلفظ كقولهم لغير الضاحك: إنسان ضاحك يعني أنه قابل للضحك وفي الجعل إشارة إلى ذلك...)([4]). وممن قال بذلك الشيخ الضباع([5]) في كتابه منحة ذي الجلال، قال: (التكرير هو عبارة قبول «الراء» للتكرير لارتعاد طرف اللسان عند النطق به. وهذه الصفة تعرف لتجتنب لا ليعمل بها([6]). 

وممن قال بهذا أيضًا الشيخ ابن يالوشة في شرحه للجزرية المسمى (الفوائد المفهمة في شرح الجزرية المقدمة([7])، والدكتور محمد عصام مفلح القضاة في (الواضح في أحكام التجويد)([8])، وحسام الدين الكيلاني في (البيان في أحكام تجويد القرآن)([9])، وصاحب (العميد في علم التجويد)([10]).

 القول الثاني: نأتي بالتكرير ونجتنب الزيادة فيه. فعند القائلين بهذا القول أن التكرير صفة ملازمة لحرف الراء يأتي معها حين النطق بها ولا سبيل للتخلص منه، ولكن يجب التحرز من الزيادة فيه. فليس المقصود بإخفاء التكرير - عندهم - إعدام الصفة بالكلية. يقولون بأن إخفاء الصفة (التكرير) بالكلية يؤدي إلى:ـ - إلى حصر الصوت، وبالتالي تخرج الراء كالطاء. - أنه يجعل الراء شديدة وهي حرف بَيْنِيّ.  وذهب إلى هذا القول الإمام مكي بن أبي طالب القيسي في كتاب (الرعاية) حيث قال: (والحرف المكرر هو الراء سمي بذلك، لأنه يتكرر على اللسان عند النطق به، كأن طرف اللسان يرتعد به، وأظهر ما يكون ذلك إذا كانت الراء مشددة، ولابد في القراءة من إخفاء التكرير، والتكرير الذي في الراء من الصفات التي تقوي الحرف، والراء حرف قوي للتكرير الذي فيه، وهو حرف شديد أيضًا، وقد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة لذلك)([11]). 

ومعنى قوله: (ولابد في القراءة من إخفاء التكرير) يعني التكرير الزائد، يدل على ذلك قوله: (والراء حرف قوي للتكرير الذي فيه، وهو حرف شديد أيضًا، وقد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة لذلك). وذهب إلى هذا القول الإمام ابن الجزري حيث قال: (الحرف المكرر هو الراء.

 قال سيبويه وغيره هو حرف شديد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة ولو لم يكرر لم يجر فيه الصوت وقال المحققون: هو بين الشدة والرخاوة وظاهر كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية في الراء وإلى ذلك ذهب المحققون فتكريرها ربوها في اللفظ وإعادتها بعد قطعها ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصًا إذا شددت ويعدون ذلك عيبًا في القراءة. وبذلك قرأنا على جميع من قرأنا عليه وبه نأخذ([12]).

  يفهم من قول الإمام ابن الجزري هذا أنه ينبغي إخفاء التكرير الزائد بدليل تحذيره في موضع آخر من المبالغة في إخفاء التكرير حيث نقل عنه قوله: (وقد يبالغ قوم في إخفاء تكريرها مشددة فيأتي بها محصرمة شبيهة بالطاء. وذلك خطأ لا يجوز، فيجب أن يلفظ بها مشددة تشديدًا ينبو بها اللسان نبوة واحدة وارتفاعًا واحدًا من غير مبالغة في الحصر والعسر نحو: الرحمن الرحيم)([13]) وحصرمة الراء: من الحصر وهو العِيُّ في المنطق، فالذي يبالغ في إخفاء تكرير الراء يجد في لسانه ثقلًا يشبه الحصر، وهو العِيُّ([14]). وممن قال بهذا القول الشيخ المرعشي في جهد المقل قال: (ليس معنى إخفاء التكرير إعدام تكريره بالكلية، بإعدام ارتعاد رأس اللسان بالكلية، لأن ذلك لا يمكن إلا بالمبالغة في لصق رأس اللسان باللثة بحيث ينحصر الصوت بينهما بالكلية، كما في الطاء المهملة، وذلك خطأ لا يجوز....لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الراء من الحروف الشديدة مع أنه من الحروف البينية، بل معناه تقوية ذلك اللصق بحيث لا يتبين التكرير والارتعاد في السمع)([15]). 

وممن قال بذلك من المتأخرين عطية قابل نصر في كتابه (غاية المريد في علم التجويد)، قال: (التكرير صفة ملازمة لحرف الراء بمعنى أنها قابلة لها فيجب التحرز عنها؛ لأن الغرض من معرفة هذه الصفة تركها، بمعنى: عدم المبالغة فيها)([16])، وقال أيضًا: (وليس معنى إخفاء التكرير إعدام ارتعاد رأس اللسان بالكلية؛ لأن ذلك يؤدي إلى حصر الصوت بين رأس اللسان واللَّثة كما في حرف الطاء وهذا خطأ لا يجوز، وإنما يرتعد رأس اللسان ارتعادة واحدة خفيفة حتى لا تنعدم الصفة)([17]). وممن قال بذلك أيضًا صاحب (فتح رب البرية في شرح المقدمة الجزرية)، قال: (صفة التكرير صفةٌ مَعِيبَةٌ للرّاء، وقد ذكرت لتُجْتَنَبَ مع عدم عدميَّتها) ([18]). القول الثالث: يقول بتكرير الراء. 

 حجتهم أن التكرير صفة لازمة للراء لأن الواقف على الراء يجد طرف لسانه يتعثر بما فيه من التكرير، ولذلك يعد في الإمالة بحرفين. وذهب إلى هذا القول الإمام نصر بن علي المعروف بابن أبي مريم([19])في كتابه (الموضح في وجوه القراءات وعللها)، يقول: (ومنها حرف واحد مكرر وهو الراء، وذلك لأن الواقف إذا وقف على الراء وجد طرف اللسان يتعثر بما فيه من التكرير وذلك يعد في الإمالة بحرفين، والحركة فيه تنزل منزلة حركتين) ([20]). 

وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أبو شامة في (إبراز المعاني من حرز الأماني) شرح الشاطبية في شرحه بيت الشاطبي: وَمُنْحَرِفٌ لاَمٌ وَرَاءٌ وَكُرِّرَتْ                ......................... قال: (قال مكي: التكرير تضعيف يوجد في جسم الراء لارتعاد طرف اللسان بها ويقوى مع التشديد ولا يبلغ به حد بفتح وقال ابن أبي مريم: إذا وقف الواقف على الراء وجد طرف اللسان يتغير بما فيه من التكرير، ولذلك يعد في الإمالة بحرفين والحركة فيه تنزل منزلة حركتين، وقال الشيخ أبو عمرو: والمكرر الراء لما تحسه من شبه ترديد اللسان في مخرجه عند النطق به ولذلك أجرى مجرى الحرفين في أحكام متعددة)([21]).



حجم الكتاب عند التحميل : 316 كيلوبايت .
نوع الكتاب : rar.
عداد القراءة: عدد قراءة بحث في تكرير الراء

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل بحث في تكرير الراء
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات rarقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات rar
يمكن تحميلة من هنا 'http://www.rarlab.com/download.htm'

المؤلف:
أم جلال بنت عبدالرحيم آل سليمان - Umm Jalal bint Abdul Rahim Al Suleiman

كتب أم جلال بنت عبدالرحيم آل سليمان ❰ لها مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ بحث في القلقلة ❝ ❞ بحث في تكرير الراء ❝ ❞ جمع القرآن والأحرف السبعة ❝ ❞ الحروف العربية وكيفية أدائها عند حفص من طريق الشاطبية ❝ ❞ كيف تحفظين القرآن مبكراً ( دون السادسة) ؟ عرض تجربة عملية ❝ ❱. المزيد..

كتب أم جلال بنت عبدالرحيم آل سليمان