❞ كتاب  كشاف القناع عن متن الإقناع  (ط. وزارة العدل) ❝  ⏤ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي

❞ كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع (ط. وزارة العدل) ❝ ⏤ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي

إن أجل العلوم قدرا، وأعلاها فخرا، وأبلغها فضيلة، وأنجحها وسيلة، علم الشرع الشريف ومعرفة أحكامه، والاطلاع على سر حلاله وحرامه، فلذلك تعينت إعانة قاصده وتيسير موارده لرائده، ومعاونته على تذكار لفظه ومعانيه، وفهم عباراته ومبانيه.

ولما رأيت الكتاب الموسوم بالإقناع تأليف الشيخ الإمام، والحبر العمدة العلام، شرف الدين أبي النجا موسى بن أحمد بن سالم بن عيسى بن سالم المقدمي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي تغمده الله برحمته ورضوانه وأسكنه الغرفات العليا من جنانه، في غاية حسن الوقاع، وعظم النفع، لم يأت أحد بمثاله، ولا نسج ناسج على منواله.

غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه محذراته النقاب، ويبرز من خفي مكنوناته بما وراء الحجاب، فاستخرت الله تعالى وشمرت عن ساعد الاجتهاد، وطلبت من الله العناية والرشاد، وكنت أود لو رأيت لي سابقا أكون وراءه مصليا، ولم أكن في حلبة رهانه مجليا، إذ لست لذلك كفؤا بلا مرا والفهم لقصوره يقدم رجلا ويؤخر أخرى، وسألت الله أن يمدني بذارف لطفه ووافر عطفه، وسميته (كشاف القناع عن الإقناع) .

والله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يعاملنا بفضله، ومزجته بشرحه حتى صارا كالشيء الواحد لا يميز بينهما إلا صاحب بصر أو بصيرة، لحل ما قد يكون من التراكيب العسيرة وتتبعت أصوله التي أخذ منها كالمقنع والمحرر والفروع والمستوعب وما تيسر الاطلاع عليه من شروح تلك الكتب وحواشيها، كالشرح الكبير والمبدع والإنصاف وغيرها مما من الله تعالى بالوقوف عليه كما ستراه، خصوصا شرح المنتهى والمبدع، فتعويلي في الغالب عليهما، وربما عزوت بعض الأقوال لقائلها خروجا من عهدتها.

وذكرت ما أهمله من القيود، وغالب علل الأحكام وأدلتها على طريق الاختصار غير المردود وبينت المعتمد من المواضع التي تعارض كلامه فيها، وما خالف فيه المنتهى متعرضا لذكر الخلاف فيها ليعلم مستند كل منهما وأستغفر الله تعالى مما يقع لي من الخلل في بعض المسائل المسطورة وأعوذ بالله من شر حاسد يريد أن يطفئ نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره ومن عثر على شيء مما طغى به القلم أو زلت به القدم فليدرأ بالحسنة السيئة، ويحضر بقلبه أن الإنسان محل النسيان، وأن الصفح عن عثرات الضعاف من شيم الأشراف، وأن الحسنات يذهبن السيئات وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

قال المصنف رحمه الله: (بسم الله الرحمن الرحيم) تأسيا بالكتاب، وعملا بحديث «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر» أي ذاهب البركة رواه الخطيب بهذا اللفظ في كتابه الجامع، والحافظ عبد القادر الرهاوي.

والباء في البسملة للمصاحبة أو الاستعانة متعلقة بمحذوف وتقديره فعلا أولى، لأن الأصل في العمل للأفعال وخاصة؛ لأنه أمس بالمقام، ومؤخرا لإفادة الاختصاص؛ ولأنه أوفق للوجود وأدخل في التعظيم ولا يرد {اقرأ باسم ربك} [العلق: 1] لكونه مقام أمر بجعل الفعل مقرونا باسم الله، فتقديمه أي الفعل لكونها أول سورة نزلت، على أن في الكشاف أن معناه: اقرأ مفتتحا بسم - ربك أي قل: بسم الله الرحمن الرحيم ثم اقرأ فيكون معناه: مفتتحا بسم الله اقرأ وكفى به شاهدا على أن البسملة مأمور بها في ابتداء كل قراءة إذ هو أمر بإيجاد القراءة مطلقا بدون تعلقه بمقروء دون مقروء، فتكون مأمورا بها في ابتداء غير هذه السورة أيضا وكسرت الباء وإن كان حق الحروف المفردة الفتح - للزومها الحرفية والجر، ولتشابه حركتها عملها وحذفت الألف من اسم الله دون اسم ربك ونحوه لكثرة الاستعمال، وعوض عنها تطويل الباء.

والله أصله إله حذفت همزته وعوض عنها اللام، وإله اسم لكل معبود بحق أو باطل ثم غلب على مفهوم كلي هو المعبود بحق والله علم خاص لذات معين هو المعبود بالحق إذ لم يستعمل في غيره تعالى.

قال تعالى {هل تعلم له سميا} [مريم: 65] ومن ثم كان لا إله إلا الله توحيدا، أي لا معبود بحق إلا ذلك الواحد الحق، فهو من الأعلام الخاصة من حيث إنه لم يسم به غيره ومن الأعلام الغالبة من حيث إن أصله إله.

قاله الدلجي في شرح الشفاء والرحمن خاص لفظا إذ لم يسم به غيره تعالى وما شذ لا يعتد به، عام معنى؛ لأنه صفة بمعنى كثير الرحمة، ثم غلب على البالغ في الرحمة والإنعام بجلائل النعم في الدنيا والآخرة، فهو لوقوعه صفة لا موصوفا وكونه بإزاء المعنى دون الذات من الصفات الغالبة الرحيم عام لفظا؛ لأنه قد يسمى به غيره تعالى، وهما صفة مشبهة من رحم بجعله لازما بنقله إلى باب فعل بضم ثانيه، إذ لا تشتق من متعد والرحمة عطف، أي تعطف وشفقة وميل روحاني لا جسماني.

ومن ثم جعل الإنعام مسببا عن العطف والرقة لا عن الانحناء الجسماني، وكلاهما في حقه تعالى محال فهو مجاز إما عن نفس الإنعام فيكون صفة فعل أو عن إرادته فيكون صفة ذات وإما تمثيل للغائب، أي تمكنه تعالى من الإنعام بالشاهد، أي تمكن الملك من ملكه فتفرض حاله تعالى على سبيل التمكن منه بحال ملك عطف على رعيته ورق لهم فعمهم معروفه فأطلقا عليه تعالى على طريق الاستعارة التمثيلية وقدم الرحمن؛ لأنه علم أو كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره أو لأن الرحيم ذكر كالتتمة والرديف للرحمن، لئلا يتوهم كون دقائق الرحمة لغيره تعالى.




منصور بن يونس بن إدريس البهوتي - أبو السعادات منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن أحمد بن علي بن إدريس البهوتي الحنبلي المصري القاهري (1000 - 1051 هـ / 1591 - 1641م) ولد منصور البهوتي سنة 1000 هـ، وكان ممن انتهى إليه الإفتاء والتدريس، وكان شيخا له مكارم دارة، وكان في كل ليلة جمعة يجعل ضيافة ويدعو جماعته من المقادسة، وإذا مرض أحد عاده وأخذه إلى بيته ومرَّضه إلى أن يشفى، وكانت الناس تأتيه بالصدقات فيفرّقها على طلبة العلم في مجلسه ولا يأخذ منها شيئا. كان صارفا أوقاته في تحرير المسائل الفقهية
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ كشاف القناع عن متن الإقناع (ط. عالم الكتب) ❝ ❞ عمدة الطالب لنيل المآرب ❝ ❞ الروض المربع شرح زاد المستقنع ❝ ❞ شرح منتهى الإرادات ❝ ❞ شرح منتهى الإرادات المسمى دقائق أولي النهى لشرح المنتهى ❝ ❞ كشاف القناع عن متن الإقناع (ط. وزارة العدل) ❝ ❞ شرح منتهى الإرادات ت: التركي ❝ ❞ شرح منتهى الإرادات المسمى دقائق أولي النهى لشرح المنتهى ط عالم الكتب ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ عالم الكتب ❝ ❱
من الفقه الإسلامي - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
كشاف القناع عن متن الإقناع (ط. وزارة العدل)

إن أجل العلوم قدرا، وأعلاها فخرا، وأبلغها فضيلة، وأنجحها وسيلة، علم الشرع الشريف ومعرفة أحكامه، والاطلاع على سر حلاله وحرامه، فلذلك تعينت إعانة قاصده وتيسير موارده لرائده، ومعاونته على تذكار لفظه ومعانيه، وفهم عباراته ومبانيه.

ولما رأيت الكتاب الموسوم بالإقناع تأليف الشيخ الإمام، والحبر العمدة العلام، شرف الدين أبي النجا موسى بن أحمد بن سالم بن عيسى بن سالم المقدمي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي تغمده الله برحمته ورضوانه وأسكنه الغرفات العليا من جنانه، في غاية حسن الوقاع، وعظم النفع، لم يأت أحد بمثاله، ولا نسج ناسج على منواله.

غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه محذراته النقاب، ويبرز من خفي مكنوناته بما وراء الحجاب، فاستخرت الله تعالى وشمرت عن ساعد الاجتهاد، وطلبت من الله العناية والرشاد، وكنت أود لو رأيت لي سابقا أكون وراءه مصليا، ولم أكن في حلبة رهانه مجليا، إذ لست لذلك كفؤا بلا مرا والفهم لقصوره يقدم رجلا ويؤخر أخرى، وسألت الله أن يمدني بذارف لطفه ووافر عطفه، وسميته (كشاف القناع عن الإقناع) .

والله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يعاملنا بفضله، ومزجته بشرحه حتى صارا كالشيء الواحد لا يميز بينهما إلا صاحب بصر أو بصيرة، لحل ما قد يكون من التراكيب العسيرة وتتبعت أصوله التي أخذ منها كالمقنع والمحرر والفروع والمستوعب وما تيسر الاطلاع عليه من شروح تلك الكتب وحواشيها، كالشرح الكبير والمبدع والإنصاف وغيرها مما من الله تعالى بالوقوف عليه كما ستراه، خصوصا شرح المنتهى والمبدع، فتعويلي في الغالب عليهما، وربما عزوت بعض الأقوال لقائلها خروجا من عهدتها.

وذكرت ما أهمله من القيود، وغالب علل الأحكام وأدلتها على طريق الاختصار غير المردود وبينت المعتمد من المواضع التي تعارض كلامه فيها، وما خالف فيه المنتهى متعرضا لذكر الخلاف فيها ليعلم مستند كل منهما وأستغفر الله تعالى مما يقع لي من الخلل في بعض المسائل المسطورة وأعوذ بالله من شر حاسد يريد أن يطفئ نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره ومن عثر على شيء مما طغى به القلم أو زلت به القدم فليدرأ بالحسنة السيئة، ويحضر بقلبه أن الإنسان محل النسيان، وأن الصفح عن عثرات الضعاف من شيم الأشراف، وأن الحسنات يذهبن السيئات وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

قال المصنف رحمه الله: (بسم الله الرحمن الرحيم) تأسيا بالكتاب، وعملا بحديث «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر» أي ذاهب البركة رواه الخطيب بهذا اللفظ في كتابه الجامع، والحافظ عبد القادر الرهاوي.

والباء في البسملة للمصاحبة أو الاستعانة متعلقة بمحذوف وتقديره فعلا أولى، لأن الأصل في العمل للأفعال وخاصة؛ لأنه أمس بالمقام، ومؤخرا لإفادة الاختصاص؛ ولأنه أوفق للوجود وأدخل في التعظيم ولا يرد {اقرأ باسم ربك} [العلق: 1] لكونه مقام أمر بجعل الفعل مقرونا باسم الله، فتقديمه أي الفعل لكونها أول سورة نزلت، على أن في الكشاف أن معناه: اقرأ مفتتحا بسم - ربك أي قل: بسم الله الرحمن الرحيم ثم اقرأ فيكون معناه: مفتتحا بسم الله اقرأ وكفى به شاهدا على أن البسملة مأمور بها في ابتداء كل قراءة إذ هو أمر بإيجاد القراءة مطلقا بدون تعلقه بمقروء دون مقروء، فتكون مأمورا بها في ابتداء غير هذه السورة أيضا وكسرت الباء وإن كان حق الحروف المفردة الفتح - للزومها الحرفية والجر، ولتشابه حركتها عملها وحذفت الألف من اسم الله دون اسم ربك ونحوه لكثرة الاستعمال، وعوض عنها تطويل الباء.

والله أصله إله حذفت همزته وعوض عنها اللام، وإله اسم لكل معبود بحق أو باطل ثم غلب على مفهوم كلي هو المعبود بحق والله علم خاص لذات معين هو المعبود بالحق إذ لم يستعمل في غيره تعالى.

قال تعالى {هل تعلم له سميا} [مريم: 65] ومن ثم كان لا إله إلا الله توحيدا، أي لا معبود بحق إلا ذلك الواحد الحق، فهو من الأعلام الخاصة من حيث إنه لم يسم به غيره ومن الأعلام الغالبة من حيث إن أصله إله.

قاله الدلجي في شرح الشفاء والرحمن خاص لفظا إذ لم يسم به غيره تعالى وما شذ لا يعتد به، عام معنى؛ لأنه صفة بمعنى كثير الرحمة، ثم غلب على البالغ في الرحمة والإنعام بجلائل النعم في الدنيا والآخرة، فهو لوقوعه صفة لا موصوفا وكونه بإزاء المعنى دون الذات من الصفات الغالبة الرحيم عام لفظا؛ لأنه قد يسمى به غيره تعالى، وهما صفة مشبهة من رحم بجعله لازما بنقله إلى باب فعل بضم ثانيه، إذ لا تشتق من متعد والرحمة عطف، أي تعطف وشفقة وميل روحاني لا جسماني.

ومن ثم جعل الإنعام مسببا عن العطف والرقة لا عن الانحناء الجسماني، وكلاهما في حقه تعالى محال فهو مجاز إما عن نفس الإنعام فيكون صفة فعل أو عن إرادته فيكون صفة ذات وإما تمثيل للغائب، أي تمكنه تعالى من الإنعام بالشاهد، أي تمكن الملك من ملكه فتفرض حاله تعالى على سبيل التمكن منه بحال ملك عطف على رعيته ورق لهم فعمهم معروفه فأطلقا عليه تعالى على طريق الاستعارة التمثيلية وقدم الرحمن؛ لأنه علم أو كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره أو لأن الرحيم ذكر كالتتمة والرديف للرحمن، لئلا يتوهم كون دقائق الرحمة لغيره تعالى.





.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

إن أجل العلوم قدرا، وأعلاها فخرا، وأبلغها فضيلة، وأنجحها وسيلة، علم الشرع الشريف ومعرفة أحكامه، والاطلاع على سر حلاله وحرامه، فلذلك تعينت إعانة قاصده وتيسير موارده لرائده، ومعاونته على تذكار لفظه ومعانيه، وفهم عباراته ومبانيه.

ولما رأيت الكتاب الموسوم بالإقناع تأليف الشيخ الإمام، والحبر العمدة العلام، شرف الدين أبي النجا موسى بن أحمد بن سالم بن عيسى بن سالم المقدمي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي تغمده الله برحمته ورضوانه وأسكنه الغرفات العليا من جنانه، في غاية حسن الوقاع، وعظم النفع، لم يأت أحد بمثاله، ولا نسج ناسج على منواله.

غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه محذراته النقاب، ويبرز من خفي مكنوناته بما وراء الحجاب، فاستخرت الله تعالى وشمرت عن ساعد الاجتهاد، وطلبت من الله العناية والرشاد، وكنت أود لو رأيت لي سابقا أكون وراءه مصليا، ولم أكن في حلبة رهانه مجليا، إذ لست لذلك كفؤا بلا مرا والفهم لقصوره يقدم رجلا ويؤخر أخرى، وسألت الله أن يمدني بذارف لطفه ووافر عطفه، وسميته (كشاف القناع عن الإقناع) .

والله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يعاملنا بفضله، ومزجته بشرحه حتى صارا كالشيء الواحد لا يميز بينهما إلا صاحب بصر أو بصيرة، لحل ما قد يكون من التراكيب العسيرة وتتبعت أصوله التي أخذ منها كالمقنع والمحرر والفروع والمستوعب وما تيسر الاطلاع عليه من شروح تلك الكتب وحواشيها، كالشرح الكبير والمبدع والإنصاف وغيرها مما من الله تعالى بالوقوف عليه كما ستراه، خصوصا شرح المنتهى والمبدع، فتعويلي في الغالب عليهما، وربما عزوت بعض الأقوال لقائلها خروجا من عهدتها.

وذكرت ما أهمله من القيود، وغالب علل الأحكام وأدلتها على طريق الاختصار غير المردود وبينت المعتمد من المواضع التي تعارض كلامه فيها، وما خالف فيه المنتهى متعرضا لذكر الخلاف فيها ليعلم مستند كل منهما وأستغفر الله تعالى مما يقع لي من الخلل في بعض المسائل المسطورة وأعوذ بالله من شر حاسد يريد أن يطفئ نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره ومن عثر على شيء مما طغى به القلم أو زلت به القدم فليدرأ بالحسنة السيئة، ويحضر بقلبه أن الإنسان محل النسيان، وأن الصفح عن عثرات الضعاف من شيم الأشراف، وأن الحسنات يذهبن السيئات وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

قال المصنف رحمه الله: (بسم الله الرحمن الرحيم) تأسيا بالكتاب، وعملا بحديث «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر» أي ذاهب البركة رواه الخطيب بهذا اللفظ في كتابه الجامع، والحافظ عبد القادر الرهاوي.

والباء في البسملة للمصاحبة أو الاستعانة متعلقة بمحذوف وتقديره فعلا أولى، لأن الأصل في العمل للأفعال وخاصة؛ لأنه أمس بالمقام، ومؤخرا لإفادة الاختصاص؛ ولأنه أوفق للوجود وأدخل في التعظيم ولا يرد {اقرأ باسم ربك} [العلق: 1] لكونه مقام أمر بجعل الفعل مقرونا باسم الله، فتقديمه أي الفعل لكونها أول سورة نزلت، على أن في الكشاف أن معناه: اقرأ مفتتحا بسم - ربك أي قل: بسم الله الرحمن الرحيم ثم اقرأ فيكون معناه: مفتتحا بسم الله اقرأ وكفى به شاهدا على أن البسملة مأمور بها في ابتداء كل قراءة إذ هو أمر بإيجاد القراءة مطلقا بدون تعلقه بمقروء دون مقروء، فتكون مأمورا بها في ابتداء غير هذه السورة أيضا وكسرت الباء وإن كان حق الحروف المفردة الفتح - للزومها الحرفية والجر، ولتشابه حركتها عملها وحذفت الألف من اسم الله دون اسم ربك ونحوه لكثرة الاستعمال، وعوض عنها تطويل الباء.

والله أصله إله حذفت همزته وعوض عنها اللام، وإله اسم لكل معبود بحق أو باطل ثم غلب على مفهوم كلي هو المعبود بحق والله علم خاص لذات معين هو المعبود بالحق إذ لم يستعمل في غيره تعالى.

قال تعالى {هل تعلم له سميا} [مريم: 65] ومن ثم كان لا إله إلا الله توحيدا، أي لا معبود بحق إلا ذلك الواحد الحق، فهو من الأعلام الخاصة من حيث إنه لم يسم به غيره ومن الأعلام الغالبة من حيث إن أصله إله.

قاله الدلجي في شرح الشفاء والرحمن خاص لفظا إذ لم يسم به غيره تعالى وما شذ لا يعتد به، عام معنى؛ لأنه صفة بمعنى كثير الرحمة، ثم غلب على البالغ في الرحمة والإنعام بجلائل النعم في الدنيا والآخرة، فهو لوقوعه صفة لا موصوفا وكونه بإزاء المعنى دون الذات من الصفات الغالبة الرحيم عام لفظا؛ لأنه قد يسمى به غيره تعالى، وهما صفة مشبهة من رحم بجعله لازما بنقله إلى باب فعل بضم ثانيه، إذ لا تشتق من متعد والرحمة عطف، أي تعطف وشفقة وميل روحاني لا جسماني.

ومن ثم جعل الإنعام مسببا عن العطف والرقة لا عن الانحناء الجسماني، وكلاهما في حقه تعالى محال فهو مجاز إما عن نفس الإنعام فيكون صفة فعل أو عن إرادته فيكون صفة ذات وإما تمثيل للغائب، أي تمكنه تعالى من الإنعام بالشاهد، أي تمكن الملك من ملكه فتفرض حاله تعالى على سبيل التمكن منه بحال ملك عطف على رعيته ورق لهم فعمهم معروفه فأطلقا عليه تعالى على طريق الاستعارة التمثيلية وقدم الرحمن؛ لأنه علم أو كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره أو لأن الرحيم ذكر كالتتمة والرديف للرحمن، لئلا يتوهم كون دقائق الرحمة لغيره تعالى.



حجم الكتاب عند التحميل : 4.8 ميجا بايت .
نوع الكتاب : rar.
عداد القراءة: عدد قراءة  كشاف القناع عن متن الإقناع  (ط. وزارة العدل)

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل  كشاف القناع عن متن الإقناع  (ط. وزارة العدل)
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات rarقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات rar
يمكن تحميلة من هنا 'http://www.rarlab.com/download.htm'

المؤلف:
منصور بن يونس بن إدريس البهوتي - Mansour bin Younis bin Idris Al Bahouti

كتب منصور بن يونس بن إدريس البهوتي أبو السعادات منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن أحمد بن علي بن إدريس البهوتي الحنبلي المصري القاهري (1000 - 1051 هـ / 1591 - 1641م) ولد منصور البهوتي سنة 1000 هـ، وكان ممن انتهى إليه الإفتاء والتدريس، وكان شيخا له مكارم دارة، وكان في كل ليلة جمعة يجعل ضيافة ويدعو جماعته من المقادسة، وإذا مرض أحد عاده وأخذه إلى بيته ومرَّضه إلى أن يشفى، وكانت الناس تأتيه بالصدقات فيفرّقها على طلبة العلم في مجلسه ولا يأخذ منها شيئا. كان صارفا أوقاته في تحرير المسائل الفقهية ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ كشاف القناع عن متن الإقناع (ط. عالم الكتب) ❝ ❞ عمدة الطالب لنيل المآرب ❝ ❞ الروض المربع شرح زاد المستقنع ❝ ❞ شرح منتهى الإرادات ❝ ❞ شرح منتهى الإرادات المسمى دقائق أولي النهى لشرح المنتهى ❝ ❞ كشاف القناع عن متن الإقناع (ط. وزارة العدل) ❝ ❞ شرح منتهى الإرادات ت: التركي ❝ ❞ شرح منتهى الإرادات المسمى دقائق أولي النهى لشرح المنتهى ط عالم الكتب ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ عالم الكتب ❝ ❱. المزيد..

كتب منصور بن يونس بن إدريس البهوتي