❞ كتاب أوجه القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم ❝  ⏤ عبدالله بن محمد العسكر

❞ كتاب أوجه القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم ❝ ⏤ عبدالله بن محمد العسكر

القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.

وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل؛ أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي ﷺ والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي ﷺ.

والقراءات العشر هي عشر قراءات لقراءة القرآن أقرها العلماء في بحثهم لتحديد القراءات المتواترة، فاستقر الاعتماد العلمي، بعد زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى القراءات السبع، على يد الإمام ابن الجزري، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة أبو جعفر المدني ويعقوب الحضرمي البصري وخلف بن هشام البغدادي

تاريخها:

نزل القرآن على سبعة أحرف، والأحرف ليست في الكتابة فقط بل في النطق والمعنى والتشكيل وعلامات الوقف والإيجاز، ونظرا لاختلاف لكنات ولهجات العرب الذين أنزل عليهم القرآن، وقد جمع الصحابي وأمير المؤمنين عثمان بن عفان القرآن على تشكيل واحد، وهناك سبع قراءات ثابتة وثلاث قراءات مكملة للسبع فيكتمل عقد العشر قراءات، وكل هذه القراءات ونطقها وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناقلها الصحابة ثم التابعون فالتابعين وهكذا.

يذكر القرآن أنه نزل بلسان العرب: {نَزَلَ بهِ الْرُّوحُ الْأمِيْنُ * عَلَى قَلْبكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرينْ * بلِسَانٍ عَرَبيٍّ مَبيْنٌ} وبين العرب اتفاق كبير في كثير من الكلمات واختلاف ضئيل في بعض الظواهر اللفظية التي تتميز بها كل قبيلة عن الأخرى، وحول ذلك قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ فاقرؤوا كما عُلّمتم." فكان كل صحابي يعلّم كما تعلّم وفي عصر تابع التابعين ظهر رجال تفرّغوا للقراءة ولنقلها وضبطها وجلسوا بعد ذلك للتعليم، فاشتُهرت القراءة التي كانوا يَقرؤون ويُقرئون بها الناس، فصارت تلك الكيفية تُنسب إلى هؤلاء القراء، لأنهم لزموها وليس لأنهم اخترعوها، فهم نقلوها نقلاً محضاً وليس لهم فيها أدنى تغيير أو زيادة.

وكما حصل مع الفقهاء في العصور الأولى حيث كان عددهم كبير جدًا في البداية برز منهم أئمة أربعة فقط، بعد أن تَهَيّأ لهم تلاميذ لزموهم ونقلوا مذاهبهم الفقهية، فبقيت مذاهبهم وانتشرت واندثرت باقي المذاهب، وكذلك حصل مع القرّاء حيث ظهر وبرز منهم عشرة من أئمة القراءة.

انتشارها:

أغلب هذه القراءات يعرفها أهل القراءات وعلماؤها الذين تلقوها وعددهم كافٍ للتواتر في العالم الإسلامي. لكن العامّة من المسلمين المنتشرين في أغلب دول العالم الإسلامي وعددهم يقدر بالملايين يقرؤون برواية الكوفية برواية الكوفي حفص عن عاصم وفي بلاد المغرب العربي يقرؤون بقراءة الإمام نافع وهو إمام أهل المدينة سواء رواية قالون أو رواية ورش". وفي السودان وفي حضرموت يقرؤون بالرواية التي رواها الدوري عن أبي عمرو.

سبب الاقتصار على القراءات السبع:

وقال مكي بن أبي طالب: كان الناس على رأس المئتين (200هـ) بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، بالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، بالشام على قراءة ابن عامر، بمكة على قراءة ابن كثير، بالمدينة على قراءة نافع. واستمروا على ذلك. فلما كان على رأس الثلاثمئة (300هـ)، أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب. قال: والسبب في الاقتصار على السبعة –مع أن في أئمة القراء من هو أجل منهم قدراً، ومثلهم أكثر من عددهم– أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيراً جداً. فلما تقاصرت الهمم، اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به. فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة، وطول العمر في ملازمة القراءة، والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماما واحداً. ولم يتركوا مع ذلك ما نقل مما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به، كقراءة يعقوب وعاصم الجحدري وأبي جعفر وشيبة وغيرهم... انظر فتح الباري (9|31).

أي القراءات أصح وأصوب؟

وهنا قد يتساءل المرء، أي القراءات أصح وأصوب؟ وهذا السؤال خطأ. ولعل الأصح قولاً: أيهن الأقوى تواتراً؟ فأقواهن تواتراً هي قراءة نافع المدني، ثم تليها قراءة ابن عامر الشامي وقراءة ابن كثير المكي. وهناك قراءات فيها خلاف، أعني أن بعض الناس ذمها وبخاصة قراءة حمزة وما تفرع عنها. وأما ما زعمه البعض من أن انتشار رواية حفص عن عاصم هذه الأيام دليل على أنها أصح، فليس في هذا القول إثارة من علم. ولو كان صادقاً، لكانت انتشرت قبل العثمانيين بعصور طويلة. لكن الحقيقة معروفة.

فرواية حفص عن عاصم كانت رواية نادرة لم تنتشر ولا حتى بالكوفة، وإنما أخذ أهلها رواية عاصم عن أبي بكر. ثم لما ضنّ بها أبو بكر، اضطروا للأخذ بقراءة حمزة والكسائي رغم كراهيتهم لها، وما التفتوا لرواية حفص. ثم لو نظرنا في العالم الإسلامي لوجدنا أنه خلال مدة من الزمن سادت قراءتا أبي عمرو ونافع على العالم الإسلامي. ولم يكن لرواية حفص عن عاصم ذكر. ثم مع قدوم الدولة العثمانية اعتُمِدت رواية حفص.


يقول المؤلف:

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن قراءة القرآن الكريم شريعة ماضية، وفريضة من فرائض الله باقية، لا يسع مسلماً تركها، ولا ينبغي لمؤمن الحيدة عنها. كيف لا وهو مأمور بها في صلاته المفروضة والمسنونة، إضافة إلى الأجر العميم والخير الكبير لقارئ القرآن المتقرب إلى ربه بتلاوته.

ومن هنا كان شرف تعلم قراءة القرآن منتهى مفاخر الصالحين، وغاية منى العارفين، فهو كتاب رب العالمين، وحبله المتين، وأهله هم أهل الله وخاصته، كما ثبت ذلك عن رسول الهدى وإمام المتقين - صلى الله عليه وسلم .

ولقد كان من فضل القرآن على سائر الكتب السماوية أنه أُنزِل على أحرف متعددة وقراءات مختلفة تيسيراً على هذه الأمة ورحمة بها.

ومما لا شك فيه أن البحث في هذه القراءات ومعرفتها من شريف العلوم ونبيل المقاصد،

ولما صحّ العزم على الكتابة في هذا الموضوع استعنت بالله فنقبت في كتب القراءات عن أوجه الاختلاف بين أئمة القراء في كل آية تعرض لي ورد فيها اختلاف بينهم، فذكرت اختلاف قراءاتهم في الكلمات، مع ضبط الكلمة رسما وكتابة، وأثبتُّ في الحاشية بعد كل قراءة أهم المراجع التي ذكرَتْها وأشَارَتْ إليها، كالنشر في القراءات العشر للإمام ابن الجزري، والكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب، وإتحاف فضلاء البشر في تخريج القراءات الأربعة عشر للدمياطي وغيرها من مصادر ومراجع هذا الفن الشريف.


هذا ومما يجدر التنبيه إليه أنني اقتصرت في ذكر أوجه الاختلاف في القراءة بين الأئمة على القراءات العشر المتواترة دون غيرها من القراءات.

وقد رأيت أن من المناسب أن أبدأ هذا البحث بمقدمة مقتضبة حول علم القراءات وبعض مباحثه المهمة، ثم عرّفت ُبالأئمةِ القراءِ العشرة ِ الذين ورد ذكرهم في طيات البحث، فذكرت نتفا من سيرتهم مع بيان رواة كلِّ إمام.

وعلى هذا فسيكون الحديث منصبّاً في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: مدخل إلى علم القراءات.

المبحث الثاني: التعريف بالقراء العشرة.

المبحث الثالث: ذكر اختلاف القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم

هذا وإني أسأل الله التوفيق والسداد فيما كتبت وحسن النية والقصد فيما أردت، وما كان في هذا العمل من صواب فالفضل فيه لله وحده، فهو أهل الفضل والإحسان، وما كان من خطأ فمردُّه إلى نفس مقصِّرة وشيطان رجيم، والله ورسوله بريئان منه، وأستغفر الله وأتوب إليه. والحمد لله أولا وآخراً، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

يعرض البحث أوجه الاختلاف بين أئمة القراء -في القراءات العشر- كل آية يعرض فيها وجه اختلاف، فذكر اختلاف قراءاتهم في الكلمات، مع ضبط الكلمة رسمًا وكتابة، مع تثبيت أهم المراجع المستند إليها.
عبدالله بن محمد العسكر - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ ترجمة أئمة العدّ ❝ ❞ أوجه القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم ❝ ❞ المختصر الوافي في أحكام الطهارة ❝ ❞ محاسبة النفس ضرورة ملحة ❝ ❞ بم تثبت الحدود ؟ ❝ ❞ ألا تحبون أن يغفر الله لكم ❝ ❞ T oacute m Tắt Đầy Đủ Gi aacute o Luật Về Sự Sạch Sẽ ❝ ❞ السؤال في القرآن ❝ ❞ التفاؤل في زمن الكروب ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ موقع دار الإسلام ❝ ❱
من كتب علوم القرآن كتب التفاسير وعلوم القرآن الكريم - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب أوجه القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم

نبذة عن الكتاب:
أوجه القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم

القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.

وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل؛ أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي ﷺ والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي ﷺ.

والقراءات العشر هي عشر قراءات لقراءة القرآن أقرها العلماء في بحثهم لتحديد القراءات المتواترة، فاستقر الاعتماد العلمي، بعد زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى القراءات السبع، على يد الإمام ابن الجزري، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة أبو جعفر المدني ويعقوب الحضرمي البصري وخلف بن هشام البغدادي

تاريخها:

نزل القرآن على سبعة أحرف، والأحرف ليست في الكتابة فقط بل في النطق والمعنى والتشكيل وعلامات الوقف والإيجاز، ونظرا لاختلاف لكنات ولهجات العرب الذين أنزل عليهم القرآن، وقد جمع الصحابي وأمير المؤمنين عثمان بن عفان القرآن على تشكيل واحد، وهناك سبع قراءات ثابتة وثلاث قراءات مكملة للسبع فيكتمل عقد العشر قراءات، وكل هذه القراءات ونطقها وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناقلها الصحابة ثم التابعون فالتابعين وهكذا.

يذكر القرآن أنه نزل بلسان العرب: {نَزَلَ بهِ الْرُّوحُ الْأمِيْنُ * عَلَى قَلْبكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرينْ * بلِسَانٍ عَرَبيٍّ مَبيْنٌ} وبين العرب اتفاق كبير في كثير من الكلمات واختلاف ضئيل في بعض الظواهر اللفظية التي تتميز بها كل قبيلة عن الأخرى، وحول ذلك قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ فاقرؤوا كما عُلّمتم." فكان كل صحابي يعلّم كما تعلّم وفي عصر تابع التابعين ظهر رجال تفرّغوا للقراءة ولنقلها وضبطها وجلسوا بعد ذلك للتعليم، فاشتُهرت القراءة التي كانوا يَقرؤون ويُقرئون بها الناس، فصارت تلك الكيفية تُنسب إلى هؤلاء القراء، لأنهم لزموها وليس لأنهم اخترعوها، فهم نقلوها نقلاً محضاً وليس لهم فيها أدنى تغيير أو زيادة.

وكما حصل مع الفقهاء في العصور الأولى حيث كان عددهم كبير جدًا في البداية برز منهم أئمة أربعة فقط، بعد أن تَهَيّأ لهم تلاميذ لزموهم ونقلوا مذاهبهم الفقهية، فبقيت مذاهبهم وانتشرت واندثرت باقي المذاهب، وكذلك حصل مع القرّاء حيث ظهر وبرز منهم عشرة من أئمة القراءة.

انتشارها:

أغلب هذه القراءات يعرفها أهل القراءات وعلماؤها الذين تلقوها وعددهم كافٍ للتواتر في العالم الإسلامي. لكن العامّة من المسلمين المنتشرين في أغلب دول العالم الإسلامي وعددهم يقدر بالملايين يقرؤون برواية الكوفية برواية الكوفي حفص عن عاصم وفي بلاد المغرب العربي يقرؤون بقراءة الإمام نافع وهو إمام أهل المدينة سواء رواية قالون أو رواية ورش". وفي السودان وفي حضرموت يقرؤون بالرواية التي رواها الدوري عن أبي عمرو.

سبب الاقتصار على القراءات السبع:

وقال مكي بن أبي طالب: كان الناس على رأس المئتين (200هـ) بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، بالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، بالشام على قراءة ابن عامر، بمكة على قراءة ابن كثير، بالمدينة على قراءة نافع. واستمروا على ذلك. فلما كان على رأس الثلاثمئة (300هـ)، أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب. قال: والسبب في الاقتصار على السبعة –مع أن في أئمة القراء من هو أجل منهم قدراً، ومثلهم أكثر من عددهم– أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيراً جداً. فلما تقاصرت الهمم، اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به. فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة، وطول العمر في ملازمة القراءة، والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماما واحداً. ولم يتركوا مع ذلك ما نقل مما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به، كقراءة يعقوب وعاصم الجحدري وأبي جعفر وشيبة وغيرهم... انظر فتح الباري (9|31).

أي القراءات أصح وأصوب؟

وهنا قد يتساءل المرء، أي القراءات أصح وأصوب؟ وهذا السؤال خطأ. ولعل الأصح قولاً: أيهن الأقوى تواتراً؟ فأقواهن تواتراً هي قراءة نافع المدني، ثم تليها قراءة ابن عامر الشامي وقراءة ابن كثير المكي. وهناك قراءات فيها خلاف، أعني أن بعض الناس ذمها وبخاصة قراءة حمزة وما تفرع عنها. وأما ما زعمه البعض من أن انتشار رواية حفص عن عاصم هذه الأيام دليل على أنها أصح، فليس في هذا القول إثارة من علم. ولو كان صادقاً، لكانت انتشرت قبل العثمانيين بعصور طويلة. لكن الحقيقة معروفة.

فرواية حفص عن عاصم كانت رواية نادرة لم تنتشر ولا حتى بالكوفة، وإنما أخذ أهلها رواية عاصم عن أبي بكر. ثم لما ضنّ بها أبو بكر، اضطروا للأخذ بقراءة حمزة والكسائي رغم كراهيتهم لها، وما التفتوا لرواية حفص. ثم لو نظرنا في العالم الإسلامي لوجدنا أنه خلال مدة من الزمن سادت قراءتا أبي عمرو ونافع على العالم الإسلامي. ولم يكن لرواية حفص عن عاصم ذكر. ثم مع قدوم الدولة العثمانية اعتُمِدت رواية حفص.


يقول المؤلف:

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن قراءة القرآن الكريم شريعة ماضية، وفريضة من فرائض الله باقية، لا يسع مسلماً تركها، ولا ينبغي لمؤمن الحيدة عنها. كيف لا وهو مأمور بها في صلاته المفروضة والمسنونة، إضافة إلى الأجر العميم والخير الكبير لقارئ القرآن المتقرب إلى ربه بتلاوته.

ومن هنا كان شرف تعلم قراءة القرآن منتهى مفاخر الصالحين، وغاية منى العارفين، فهو كتاب رب العالمين، وحبله المتين، وأهله هم أهل الله وخاصته، كما ثبت ذلك عن رسول الهدى وإمام المتقين - صلى الله عليه وسلم .

ولقد كان من فضل القرآن على سائر الكتب السماوية أنه أُنزِل على أحرف متعددة وقراءات مختلفة تيسيراً على هذه الأمة ورحمة بها.

ومما لا شك فيه أن البحث في هذه القراءات ومعرفتها من شريف العلوم ونبيل المقاصد،

ولما صحّ العزم على الكتابة في هذا الموضوع استعنت بالله فنقبت في كتب القراءات عن أوجه الاختلاف بين أئمة القراء في كل آية تعرض لي ورد فيها اختلاف بينهم، فذكرت اختلاف قراءاتهم في الكلمات، مع ضبط الكلمة رسما وكتابة، وأثبتُّ في الحاشية بعد كل قراءة أهم المراجع التي ذكرَتْها وأشَارَتْ إليها، كالنشر في القراءات العشر للإمام ابن الجزري، والكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب، وإتحاف فضلاء البشر في تخريج القراءات الأربعة عشر للدمياطي وغيرها من مصادر ومراجع هذا الفن الشريف.


هذا ومما يجدر التنبيه إليه أنني اقتصرت في ذكر أوجه الاختلاف في القراءة بين الأئمة على القراءات العشر المتواترة دون غيرها من القراءات.

وقد رأيت أن من المناسب أن أبدأ هذا البحث بمقدمة مقتضبة حول علم القراءات وبعض مباحثه المهمة، ثم عرّفت ُبالأئمةِ القراءِ العشرة ِ الذين ورد ذكرهم في طيات البحث، فذكرت نتفا من سيرتهم مع بيان رواة كلِّ إمام.

وعلى هذا فسيكون الحديث منصبّاً في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: مدخل إلى علم القراءات.

المبحث الثاني: التعريف بالقراء العشرة.

المبحث الثالث: ذكر اختلاف القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم

هذا وإني أسأل الله التوفيق والسداد فيما كتبت وحسن النية والقصد فيما أردت، وما كان في هذا العمل من صواب فالفضل فيه لله وحده، فهو أهل الفضل والإحسان، وما كان من خطأ فمردُّه إلى نفس مقصِّرة وشيطان رجيم، والله ورسوله بريئان منه، وأستغفر الله وأتوب إليه. والحمد لله أولا وآخراً، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

يعرض البحث أوجه الاختلاف بين أئمة القراء -في القراءات العشر- كل آية يعرض فيها وجه اختلاف، فذكر اختلاف قراءاتهم في الكلمات، مع ضبط الكلمة رسمًا وكتابة، مع تثبيت أهم المراجع المستند إليها.

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.

وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل؛ أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي ﷺ والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي ﷺ.

والقراءات العشر هي عشر قراءات لقراءة القرآن أقرها العلماء في بحثهم لتحديد القراءات المتواترة، فاستقر الاعتماد العلمي، بعد زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى القراءات السبع، على يد الإمام ابن الجزري، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة أبو جعفر المدني ويعقوب الحضرمي البصري وخلف بن هشام البغدادي

تاريخها:

نزل القرآن على سبعة أحرف، والأحرف ليست في الكتابة فقط بل في النطق والمعنى والتشكيل وعلامات الوقف والإيجاز، ونظرا لاختلاف لكنات ولهجات العرب الذين أنزل عليهم القرآن، وقد جمع الصحابي وأمير المؤمنين عثمان بن عفان القرآن على تشكيل واحد، وهناك سبع قراءات ثابتة وثلاث قراءات مكملة للسبع فيكتمل عقد العشر قراءات، وكل هذه القراءات ونطقها وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناقلها الصحابة ثم التابعون فالتابعين وهكذا.

يذكر القرآن أنه نزل بلسان العرب: {نَزَلَ بهِ الْرُّوحُ الْأمِيْنُ * عَلَى قَلْبكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرينْ * بلِسَانٍ عَرَبيٍّ مَبيْنٌ} وبين العرب اتفاق كبير في كثير من الكلمات واختلاف ضئيل في بعض الظواهر اللفظية التي تتميز بها كل قبيلة عن الأخرى، وحول ذلك قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ فاقرؤوا كما عُلّمتم." فكان كل صحابي يعلّم كما تعلّم وفي عصر تابع التابعين ظهر رجال تفرّغوا للقراءة ولنقلها وضبطها وجلسوا بعد ذلك للتعليم، فاشتُهرت القراءة التي كانوا يَقرؤون ويُقرئون بها الناس، فصارت تلك الكيفية تُنسب إلى هؤلاء القراء، لأنهم لزموها وليس لأنهم اخترعوها، فهم نقلوها نقلاً محضاً وليس لهم فيها أدنى تغيير أو زيادة.

وكما حصل مع الفقهاء في العصور الأولى حيث كان عددهم كبير جدًا في البداية برز منهم أئمة أربعة فقط، بعد أن تَهَيّأ لهم تلاميذ لزموهم ونقلوا مذاهبهم الفقهية، فبقيت مذاهبهم وانتشرت واندثرت باقي المذاهب، وكذلك حصل مع القرّاء حيث ظهر وبرز منهم عشرة من أئمة القراءة.

انتشارها:

أغلب هذه القراءات يعرفها أهل القراءات وعلماؤها الذين تلقوها وعددهم كافٍ للتواتر في العالم الإسلامي. لكن العامّة من المسلمين المنتشرين في أغلب دول العالم الإسلامي وعددهم يقدر بالملايين يقرؤون برواية الكوفية برواية الكوفي حفص عن عاصم وفي بلاد المغرب العربي يقرؤون بقراءة الإمام نافع وهو إمام أهل المدينة سواء رواية قالون أو رواية ورش". وفي السودان وفي حضرموت يقرؤون بالرواية التي رواها الدوري عن أبي عمرو.

سبب الاقتصار على القراءات السبع:

وقال مكي بن أبي طالب: كان الناس على رأس المئتين (200هـ) بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، بالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، بالشام على قراءة ابن عامر، بمكة على قراءة ابن كثير، بالمدينة على قراءة نافع. واستمروا على ذلك. فلما كان على رأس الثلاثمئة (300هـ)، أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب. قال: والسبب في الاقتصار على السبعة –مع أن في أئمة القراء من هو أجل منهم قدراً، ومثلهم أكثر من عددهم– أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيراً جداً. فلما تقاصرت الهمم، اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به. فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة، وطول العمر في ملازمة القراءة، والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماما واحداً. ولم يتركوا مع ذلك ما نقل مما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به، كقراءة يعقوب وعاصم الجحدري وأبي جعفر وشيبة وغيرهم... انظر فتح الباري (9|31).

أي القراءات أصح وأصوب؟

وهنا قد يتساءل المرء، أي القراءات أصح وأصوب؟ وهذا السؤال خطأ. ولعل الأصح قولاً: أيهن الأقوى تواتراً؟ فأقواهن تواتراً هي قراءة نافع المدني، ثم تليها قراءة ابن عامر الشامي وقراءة ابن كثير المكي. وهناك قراءات فيها خلاف، أعني أن بعض الناس ذمها وبخاصة قراءة حمزة وما تفرع عنها. وأما ما زعمه البعض من أن انتشار رواية حفص عن عاصم هذه الأيام دليل على أنها أصح، فليس في هذا القول إثارة من علم. ولو كان صادقاً، لكانت انتشرت قبل العثمانيين بعصور طويلة. لكن الحقيقة معروفة.

فرواية حفص عن عاصم كانت رواية نادرة لم تنتشر ولا حتى بالكوفة، وإنما أخذ أهلها رواية عاصم عن أبي بكر. ثم لما ضنّ بها أبو بكر، اضطروا للأخذ بقراءة حمزة والكسائي رغم كراهيتهم لها، وما التفتوا لرواية حفص. ثم لو نظرنا في العالم الإسلامي لوجدنا أنه خلال مدة من الزمن سادت قراءتا أبي عمرو ونافع على العالم الإسلامي. ولم يكن لرواية حفص عن عاصم ذكر. ثم مع قدوم الدولة العثمانية اعتُمِدت رواية حفص.

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن قراءة القرآن الكريم شريعة ماضية، وفريضة من فرائض الله باقية، لا يسع مسلماً تركها، ولا ينبغي لمؤمن الحيدة عنها. كيف لا وهو مأمور بها في صلاته المفروضة والمسنونة، إضافة إلى الأجر العميم والخير الكبير لقارئ القرآن المتقرب إلى ربه بتلاوته. 

ومن هنا كان شرف تعلم قراءة القرآن منتهى مفاخر الصالحين، وغاية منى العارفين، فهو كتاب رب العالمين، وحبله المتين، وأهله هم أهل الله وخاصته، كما ثبت ذلك عن رسول الهدى وإمام المتقين - صلى الله عليه وسلم . (1) 

ولقد كان من فضل القرآن على سائر الكتب السماوية أنه أُنزِل على أحرف متعددة وقراءات مختلفة تيسيراً على هذه الأمة ورحمة بها. 

ومما لا شك فيه أن البحث في هذه القراءات ومعرفتها من شريف العلوم ونبيل المقاصد، 

ولما صحّ العزم على الكتابة في هذا الموضوع استعنت بالله فنقبت في كتب القراءات عن أوجه الاختلاف بين أئمة القراء في كل آية تعرض لي ورد فيها اختلاف بينهم، فذكرت اختلاف قراءاتهم في الكلمات، مع ضبط الكلمة رسما وكتابة، وأثبتُّ في الحاشية بعد كل قراءة أهم المراجع التي ذكرَتْها وأشَارَتْ إليها، كالنشر في القراءات العشر للإمام ابن الجزري، والكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب، وإتحاف فضلاء البشر في تخريج القراءات الأربعة عشر للدمياطي وغيرها من مصادر ومراجع هذا الفن الشريف. 


هذا ومما يجدر التنبيه إليه أنني اقتصرت في ذكر أوجه الاختلاف في القراءة بين الأئمة على القراءات العشر المتواترة دون غيرها من القراءات. 

وقد رأيت أن من المناسب أن أبدأ هذا البحث بمقدمة مقتضبة حول علم القراءات وبعض مباحثه المهمة، ثم عرّفت ُبالأئمةِ القراءِ العشرة ِ الذين ورد ذكرهم في طيات البحث، فذكرت نتفا من سيرتهم مع بيان رواة كلِّ إمام. 

وعلى هذا فسيكون الحديث منصبّاً في ثلاثة مباحث: 

المبحث الأول: مدخل إلى علم القراءات. 

المبحث الثاني: التعريف بالقراء العشرة. 

المبحث الثالث: ذكر اختلاف القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم 

هذا وإني أسأل الله التوفيق والسداد فيما كتبت وحسن النية والقصد فيما أردت، وما كان في هذا العمل من صواب فالفضل فيه لله وحده، فهو أهل الفضل والإحسان، وما كان من خطأ فمردُّه إلى نفس مقصِّرة وشيطان رجيم، والله ورسوله بريئان منه، وأستغفر الله وأتوب إليه. والحمد لله أولا وآخراً، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. 



حجم الكتاب عند التحميل : 336 كيلوبايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة أوجه القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل أوجه القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
عبدالله بن محمد العسكر - Abdullah bin Mohammed Al Askar

كتب عبدالله بن محمد العسكر ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ ترجمة أئمة العدّ ❝ ❞ أوجه القراءات في الأجزاء الثلاثة الأولى من القرآن الكريم ❝ ❞ المختصر الوافي في أحكام الطهارة ❝ ❞ محاسبة النفس ضرورة ملحة ❝ ❞ بم تثبت الحدود ؟ ❝ ❞ ألا تحبون أن يغفر الله لكم ❝ ❞ T oacute m Tắt Đầy Đủ Gi aacute o Luật Về Sự Sạch Sẽ ❝ ❞ السؤال في القرآن ❝ ❞ التفاؤل في زمن الكروب ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ موقع دار الإسلام ❝ ❱. المزيد..

كتب عبدالله بن محمد العسكر