📘 قراءة كتاب موسوعة الخطب المنبرية (7) أونلاين
كان ظهور الدعوة الإسلامية حدثاً عظيمًا، وتحولاً بارزًا وضخما في تاريخ الإنسانية، حيث بعث الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، وبعد أن كان الناس في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، وبعد أن أسِنَت الحياة وفسدت بما ضلَّ الناس طريق الله رب العالمين، وصراطَه المستقيم.
ولقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم برسالته من رب العالمين، وقد أُمِر بإعلانها وتبليغها، فلم يسعْه إلا القيام بما أمره به ربه: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الحجر: 94]، ﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67]، فقام البشير النذير صلى الله عليه وسلم يدعو بدين الله، فطرق مسامعَ البشرية صوتُ هذا الداعي الجديد، وأقبل الناس ينظرون ما الأمر، فكان منهم من شرح الله صدره للإسلام، فكان على نور من ربه، ومنهم من أعرض واستكبر ونأى بجانبه، وولى وأدبر، واتبع هواه، وحارب دعوة الله، فصار للدعوة مناوئون، كما كان لها ممالئون، فأنصارها يدعون إليها ويذودون عنها، وأعداؤها يحاربونها ويصدون الناس عن طريقها.
ومنذ ذلك الحين أهَلَّ على الخَطابة زمان جديد، كان إيذاناً بارتقائها وعلوِّ شأنها، فقد اعتمدت الدعوة الجديدة على الخَطابة في نشرها، والدفاع عن مبادئها ضد خصومها، وكذلك صنع المناوئون لها، ثم إن الإسلام بالإضافة إلى اعتماده على الخَطابة في نشر الدعوة، قد جعلها ضمن الشعائر التعبدية، ففرض خطبة كل يوم جمعة، لا تصح الصلاة بدونها، كما أن هناك الخطبَ المشروعة في الحج، وفي الاستسقاء، وفي الخسوف والكسوف، وفي الزواج، والجهاد وغيرها، كما أن الشريعة الإسلامية تحث دائما على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإسداء النصح للآخرين.
ولقد ارتقت الخَطابة في ظل الدعوة الإسلامية، وبلغت الغاية في الكمال مظهرًا وجوهرًا، أو أداءً ومضمونًا، وكان من أكبر عوامل ارتقائها وسموها؛ استمدادها من القرآن الكريم، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتأثّر الخطباء ببلاغة وفصاحة القرآن والحديث النبوي الشريف.
وقد ذكر ابن خلدون أن كلام العرب الذين أدركوا الإسلام قد فاق كلام الجاهليين، في الشعر، وفي النثر بأنواعه من خطابة وكتابة ومحاورة ونحوها، وأن ذلك كله قد أتى أعلى طبقة في البلاغة وأذواقها من منظوم الجاهليين ومنثورهم، ثم قال:
والطبع السليم والذوق الصحيح شاهدان بذلك للناقد البصير بالبلاغة، والسبب في ذلك أن هؤلاء الذين أدركوا الإسلام سمعوا الطبقة العالية من الكلام في القرآن والحديث، اللذيْنِ عجز البشر عن الإتيان بمثليْهما، لكونها ولجت في قلوبهم ونشأت على أساليبها نفوسهم، فنهضت طباعهم وارتقت ملكاتهم في البلاغة على ملكات من قبلهم من أهل الجاهلية، ممن لم يسمع هذه الطبقة ولا نشأ عليها، فكان كلامهم في نَظْمهم ونثرهم أحسنَ ديباجة وأصفى رونقا من أولئك، وأرصف مبنى وأعدل تثقيفا بما استفادوه من الكلام العالي الطبقة، وتأمّلْ ذلك يشهدْ لك به ذوقك إن كنت من أهل الذوق والتبصّر بالبلاغة .
وكثير من أغراض الخَطابة التي كانت قبل الإسلام؛ بقيت أيضاً بعد الإسلام، مثل الزواج والصلح، والحث على القتال، والأغراض السياسية، والقضاء وغيرها، وبقيت أيضاً كثير من عادات الخطباء العرب قبل الإسلام، واستمرت إلى ما بعده، مثل اعتماد الخطيب على العصا، وإلقاء الخطبة من مكان مرتفع، أو فوق الراحلة، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته في حجة الوداع، ومِثل لفّ العمامة، والإشارة أثناء الإلقاء، وغير ذلك.
ثم إن الخطبة في الإسلام اكتسبت مزايا وخلالًا طيبة لم تكن فيها من قبل، حيث صارت تفتتح بحمد الله والصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، والتشهد بالشهادتين، والاستشهاد بآي من القرآن الكريم، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، والالتزام في مضمونها بأدب الإسلام وشريعته، مما يعني إهمال بعض الأغراض التي كانت موجودة من قبل، والترفع بالخَطابة عنها، مثل التنافر والتفاخر بالأحساب والأنساب الجاهلية، ونحو ذلك مما كان سائدًا قبل الإسلام.
الجاحظ وقد ذكر أن خطباء السلف الطيب وأهل البيان من التابعين لهم بإحسان مازالوا يسمون الخطبة التي لم تبتدأ بالتحميد، وتستفتح بالتمجيد " البتراء " ويسمون التي لم تُوشَّح بالقرآن وتُزيَّن بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: " الشوهاء ".
وخطب أعرابي فلما أعجله بعضُ الأمر عن التصدير بالتحميد والاستفتاح بالتمجيد، قال: " أما بعد بغير ملالةٍ لذكر الله ولا إيثارِ غيرِه عليه، فإنا نقول كذا، ونسأل كذا "، فرارًا من أن تكون خطبته بتراء أو شوهاء .
وقال كذلك: وكانوا يستحسنون أن يكون في الخطب يوم الحفل، وفي الكلام يومَ الجُمع آيٌ من القرآن، فإن ذلك مما يورث الكلام البهاء والوقار، والرقة، وسلس الموقع.
قال الهيثم بن عدي: قال عمران بن حطان: إن أول خطبة خطْبتُها عند زياد أو عند ابن زياد - فأعجب بها الناس، وشهدها عمي وأبي، ثم إني مررت ببعض المجالس، فسمعت رجلا يقول لبعضهم: هذا الفتى أخطب العرب لو كان في خطبته شيء من القرآن .
وكانت خطب ذلك العصر مثل خطب ما سبقه؛ منها الطوال ومنها القصار، كما يتبين هذا من استقرائها، وإن كان الغالب هو النوع القصير وما فوقه.
ولقد اشتهر في ذلك العصر كوكبة من الخطباء الأفذاذ، على رأسهم خاتم النبيين، وإمام المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي آتاه الله جوامع الكلم، وكان له صلى الله عليه وسلم خطيب هو ثابت ابن قيس بن شماس ، وكان جهير الصوت خطيباً بليغاً.
ثم كان من خطباء ذلك العصر المبارك الفصحاء؛ الخلفاء الأربعة، وكثيرون من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين.
موسوعة الخطب المنبرية
(7)
الباب الثاني
خطب مرتبة ألف بائيا
(5)
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
الفهرس العام
الشيعة الاثنا عشرية وعقائدهم 2
الصادعون بالحق 84
( الصبر الجميل ) 96
الصبر علي الطاعات سبب لدخول الجنات 99
الصبر واليقين طريق النصر والتمكين 103
الصحابة ... ... 115
الصحابة1 124
الصحبة يا رسول الله ... ... 127
الصدقة حلية المال ... ... 133
الصراع بين الحق والباطل 140
الصراع بين الحق والباطل 144
الصلاة الصلاة ... ... ... 148
الصلاة بين السواري 166
الصلاة خلف المذياع أو التلفاز 168
الصلاة عماد الدين 171
الصلاة والرياضة والبدن 180
الصلاة ... ... 182
الصمود وعداء اليهود 188
الصياد الماهر 198
الصيام وتقوى الله 216
الصيام ... ... 223
الصيف ضيّعت اللبن 231
الطاعة ... ... 240
الطريق إلى إعلاء الهمم 245
الطريق إلى الثقة بالنفس 277
الطريق إلى الشخصية المؤثرة 297
الطريق إلى مكة 323
الطالبة المثالية 331
الطلاق السني والطلاق البدعي 338
الطهارة 346
الطيب والخبيث 2 351
الظلم وعواقبه الوخيمة 357
الظلم وأحكامه 361
العادات السيئة والعنوسة 376
العاطفة والدعوة 383
العبادة الصوفية في ميزان الشريعة 405
العبادة بين الصورة والحقيقة 412
العبادة في رمضان 419
العبادة ومفهومها وأهدافها 431
العبر والدروس من فتح مكة 512
العبوديةحقيقتها وأنواعها 514
العدل أساس قيام الدول وسعادة الأمم 539
العدل بين الأولاد 549
العدل مفاهيمه وأحكامه 553
العز بن عبد السلام 577
العفاف 582
العفو عن الناس 584
العقوبات الإلهية للشعوب والأمم 592
العقوبات وأثرها في الحدّ من الجرائم 598
العقوبات وأسبابها 636
العلم تعريفات .. وفوائد .. 640
العلم وأهميته في الإسلام 652
العلم سبيل النجاة 679
العلمانيون وزلزال تسونامي 681
العلمانية وخطرها 685
العلمانية وخطرها 692
العمل للدين واجب الجميع 698
العناية بالأولاد 728
العنوسة ... ... ... ... ... 732
العواصم من الفتن 738
العيد عبادة وشكر 750
العيد وأحكامه 753
العين حق 873
الغاية من الخلق 875
الغربة والغرباء 878
الغريب 882
الغزو الفكري 885
الغضب محموده ومذمومه 895
الغيبة 906
الغلو معالمه ومخاطره ( 1 ) 912
الغلو مقابل التساهل، المفاهيم والآثار 932
الغناء .. 936
الغيبة وأثرها في محق الحسنات وتعاظم السيئات 944
الغيبة والمغتابون 949
الغيرة 957
الجوال 962
الدعاء سلاح المؤمن ... ... 964
الرؤى والأحلام 971
الرزق ... ... ... 974
الفتور المظاهر - الأسباب - العلاج 979
موسوعة الخطب المنبرية
تحميل موسوعة الخطب المنبرية المكتوبة pdf
موسوعة الخطب والدروس pdf
كتاب خطب منبرية pdf
اجمل الخطب المنبرية المكتوبة
رياض الصالحين في الخطب المنبرية pdf
كتاب خطب الجمعة مكتوبة
الموسوعة المنبرية فى خطب الجمعة والعيدين
تحميل اكبر موسوعة خطب مكتوبة
سنة النشر : 2007م / 1428هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 3.2 ميجا بايت .
نوع الكتاب : doc.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات doc
يمكن تحميلة من هنا 'http://www.microsoftstore.com/store/msmea/ar_EG/pdp/Office-365-Personal/productID.299498600'