📘 قراءة كتاب الالتزامات الشرعية الناشئة عن الارادة المنفردة (بحث فقهي موازن بالقانون الوضعي) أونلاين
وارادة الشخص بمفردها قد تصلح، من جهة رابعة، لتكون سببا في تصحيح بعض العقود او انفاذها، كما في العقد القابل للابطال قانونا، او العقد الموقوف في الفقه الاسلامي الذي تجعله الاجازة اللاحقة الصادرة من المالك عقدا صحيحا ونافذا، كما اشار بالفعل الى ذلك بعض فقهائنا الاعلام.
كما قد تكون الارادة المنفردة، من جهة اخرى، سببا لانهاء انماط مختلفة من العقود الموصوفة بعدم اللزوم، كما في عقد الوكالة، فالموكل يستطيع ان يعزل وكيله عن مهمته دونما ادنى حرج، كما ان الوكيل بدوره يستطيع بارادته ان يتنازل عن حق الوكالة، وكل من العزل والتنازل يتم كما ترى بارادة واحدة. وباعتبارهما من العقود غير اللازمة، وذلك لاسقاط الرابطة العقدية اصلا فيهما او انهائها.
من كل هذا يتبين ان موطن الخلاف المتعلق بمسالة الارادة المنفردة بين الفقهاء من شرعيين وقانونيين، انما يتركز فقط، كما سبق ان اشرنا، حول نقطة واحدة، وهي قدرة هذه الارادة على انشاء الالتزام في ذمة صاحبها مع اعتبارها مصدرا عاما ومستقلا من مصادر الالتزام، الى جانب العقد وغيره من المصادر العامة الاخرى للالتزام، اما ما سوى ذلك من آثار الالتزام، فلا اجدخلافا بين الفقهاء عموما بشان قدرة الارادة او المشيئة الواحدة على تحقيقها وايجادها والتي مر بنا قبل هنية بيانها.
وعليه سوف يقوم بحثنا في فصل اول على معالجة نقطة الخلاف المذكورة المتعلقة بامكانية جعل الارادة المنفردة مصدرا عاما للالتزام، والذي سوف نوزعه الى ثلاثة مطالب:
المطلب الاول: نتحدث فيه عن الجدل الفقهي القائم بصفة خاصة بين فقهاء القانون الوضعي.
المطلب الثاني: ونتحدث فيه عن الخلاف المتسرب الى فقه الشريعة الاسلامية حول هذا الموضوع.
اما المطلب الثالث: فسوف نخصصه لبيان الراي الراجح في الموضوع في ضوء مرئياتنا وانطباعاتنا الخاصة، مقرونة بالدليل.
ويجدر بنا بعدئذ ان نعرض في «فصل ثان» لاهم الحالات او التطبيقات الخاصة بالارادة المنفردة، بما في ذلك الالتزامات غير المالية، كالطلاق ونحوه، توسيعا لقاعدة الارادة المنفردة ونطاقها، معتمدين في ذلك على آراء جملة من فقهاء المذاهب الاسلامية المختلفة، مع المقارنة في حدود ضيقة مع بعض التقنينات الوضعية وشروحها المعروفة.
الفصل الاول:
قدرة الارادة المنفردة على تكوين الالتزام المطلب الاول: راي فقهاء القانون نشا، منذ اواخر القرن الثامن عشر الميلادي، تقريبا، وما زال، خلاف واسع بين فقهاء القانون الوضعي حول امكانية اعتبار الارادة المنفردة مصدرا عاما للالتزام، وتبلور من خلال ذلك كمامرت الاشارة اليه اتجاهان متميزان:
الاتجاه الاول ينزع الى انكار قدرة الارادة المنفردة على انشاء الالتزام في وجه عام، وقد انحاز الى هذا الاتجاه فريق من فقهاء القانون الفرنسي من تقليديين ومحدثين، ولهذا حمل هذاالاتجاه مسمى «النظرية الفرنسية».
ويرى هؤلاء ان المشيئة الواحدة لا تصلح بمفردها، وعلى وجه الاستقلال، ان تنهض بانشاء اي التزام في ذمة صاحبها، ذلك ان الالتزام لا يمكن ان يتحقق، في تقديرهم، الا حيثما توجدرابطة قانونية، وان هذه الرابطة بالتالي لا يمكن ان تنشا الا بارتكازها على طرفين او ارادتين متوافقتين فيما تهدفان اليه من تحقيق آثار قانونية، اي عن طريق «العقد». وعليه فالعقد يعد اساس الالتزامات ومصدرها الفاعل.
نوع الكتاب : docx.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات doc
يمكن تحميلة من هنا 'http://www.microsoftstore.com/store/msmea/ar_EG/pdp/Office-365-Personal/productID.299498600'