أسامة بن منقذ
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ ديوان أسامة بن منقذ ❝ ❞ الاعتبار ❝ الناشرين : ❞ المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ❝ ❞ عالم الكتب ❝ ❱1095 م - 1188 م.
تم إيجاد له: كتابين.
أبو المُظَفَّر أسامةُ بنُ مرشِد بنِ عليّ بنِ مقلَّد بنِ نصر بنِ مُنقِذ الكِنانيُّ الكلبيُّ الشَّيْزَرِيُّ (488هـ/1095م - 584هـ/1188م) المُلَقَّبُ بـ"مؤيِّدِ الدولة" و"مجدِ الدين". أمير وفارس من بني منقذ، وشاعر أديب ومؤرخ مسلم. عاصر الحروب الصليبية منذ أيامها الأولى، وعُمِّرَ حتى بلغَ عمرُه ستّاً وَتِسْعين سنةً، عاصر فيها سقوطَ عدةِ إماراتٍ إسلاميةٍ وظهورَ غيرِها، وخاض حروباً كثيرةً ضد الصليبيين، وقاد بعضها بنفسه. كما كان أسامةُ شاعراً أديباً، اشتُهر شعرُه وشاعَ في حياته وبعد موته. قال مُعاصرُه ابن عساكر: «له يدٌ بيضاءُ في الأدبِ والكتابةِ والشعرِ». وذَكَرَ أبو شامة المقدسي أن صلاح الدين الأيوبي كان شديدَ الإعجابِ بشِعره، «وَهُوَ لشغفه بِهِ يُفَضِّلُه على جَمِيع الدوّاوين».
وُلِدَ أسامةُ سنةَ 488هـ/1095م في قلعة شيزر شماليَّ حماة، ونشأ فيها في وسط أسرته من بني منقذ، وهي أسرةٌ معروفةٌ بالعلمِ والأدبِ والفروسيةِ، وكانوا ملوكَ شيزر منذ أن اشتراها جدُّه سَديدُ الملك عليّ بنُ مقلَّد سنة 447هـ/1055م. وقد حارب بنو منقذ الصليبيين دفاعاً عن شيزر، وشارك أسامة بنفسه في قتال الصليبيين مراتٍ كثيرة، إذ حارب مع أسرته في شيزر أولاً، ثم حارب تحت قيادة الأمراء عماد الدين زنكي في الموصل، ثم معين الدين أنر في دمشق، ثم العادل ابن السلار في مصر، ثم عاد إلى دمشق وقاتل تحت راية نور الدين زنكي، وأخيراً مع صلاح الدين الأيوبي الذي كان يُعينه بمشورته يومَ عَلتْ به السِّنُّ ولم يَقْوَ على الحرب. في دمشق، اختار البوريون أسامةَ ليكونَ سفيراً بينهم وبين الصليبيين، يقول أسامة: «كنتُ أتردَّدُ إلى ملكِ الإفرنجِ في الصلحِ بينَهُ وبينَ جمالِ الدينِ محمد بنِ تاجِ الملوكِ رحمهُ الله؛ ليدٍ كانت للوالد رحمه الله على بغدوين الملك والدِ الملكةِ امرأةِ الملك فُلْك بنِ فُلْك، فكان الإفرنجُ يسوقونَ أسراهم إليَّ لأشتريَهم، فكنتُ أشتري منهم مَن سَهَّلَ اللهُ تعالى خلاصَه».واستطاعَ مِن خلالِ مخالطتِه بالصليبيينَ أن يَتعرَّفَ على عاداتِهم وأطباعِهم ويُدَوِّنَها في مذكِّراتِه التي سمَّاها "كتابَ الاعتبار". وعندما رحلَ أسامةُ إلى مصر، أكرمَهُ حكامُها الفاطميون غايةَ الإكرامِ، وجَعلَه الوزيرُ العادل ابن السلار وسيطاً بينَه وبينَ نورِ الدين زنكي. أما صلاحُ الدينِ الأيوبيُّ فكانَ يُكرمُه ويستشيرُه في نوائبه، كما كان ابنُه أبو الفوارسِ مرهفُ بنُ أسامةَ مقرَّباً مِن صلاحِ الدين. قضى أسامةُ بقيةَ حياتِه في دمشق، وشَهِدَ في آخرِها معركةَ حِطِّين وفتحَ المسلمين مدينةَ القدس سنة 583هـ/1187م، وماتَ بعدَها بقليلٍ سنةَ 584هـ/1188م.
ؤلفاته وآثاره الأدبية
تلقى أسامة بن منقذ العلم في طفولته المبكرة، حيث تعهده والده بالمربين والمعلمين، وكانت هذه عادةَ الأمراء آنذاك. حفظَ أسامةُ القرآن الكريم في صغره، كما درس الأدب والنحو والحديث والتفسير على كبار العلماء الموجودين في عصره، وقد كانت أسرة الشاعر وهم أمراء شيزر مثابةً للشعراء والأدباء، يقصدونهم مادحين ومترفدين، ويقيمون في كنفهم مكرمين، وكانوا هم أيضاً علماء شعراء، فأفاد أسامةُ من هذا المجتمع الأدبي الذي نشأ فيه أدباً جماً، وأُولع بحفظ الشعر وروايته. ومما يدل على سعة اطلاعه وحرصه الشديد على القراءة، مكتبتُه الضخمةُ التي صحبَها معه إلى مصر، وفُقدت في أثناء عودته منها، وكان عددُ كتبها يربو على أربعة آلاف مجلد.وقد أشار الذهبي إلى علم أسامة بالحديث النبوي أيضاً، فقال: «رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْن السَّمْعَانِيّ، وَأَبُو المواهب، والحافظ عبد الغني، والبهاء عبد الرحمن، وَابْنه الأَمِيْر مُرْهَفٌ، وَعَبْد الصَّمَدِ بن خَلِيْل الصَّائِغ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن أَبِي سُرَاقَة، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الكَافِي الصَّقَلِّيّ»
قال العماد الكاتب: «وأسامة كاسمه، في قوة نثره ونظمه، يلوح في كلامه أمارة الإمارة، ويؤسّس بيت قريضه عمارة العبارة، حلو المجالسة، حالي المساجلة، ندي النديّ بماء الفكاهة، عالي النجم في سماء النباهة، معتدل التصاريف، مطبوع التصانيف، أسكنه عشق الغوطة، دمشق المغبوطة، ثم نبت به كما تنبو الدار بالكريم، فانتقل إلى مصر فبقي بها مؤمَّراً مشاراً إليه بالتعظيم، إلى أيام ابن رزيك، فعاد إلى الشام، وسكن دمشق مخصوصاً بالاحترام، حتى أخذت شيزر من أهله، ورشقهم صرفُ الزمان بنبله، ورماه الحدثان إلى حصن كيفا مقيماً بها في ولده، مؤثراً لها على بلده، حتى أعاد الله دمشق إلى سلطنة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة سبعين، ولم يزل مشغوفاً بذكره، مشتهراً بإشاعة نظمه ونثره، والأمير العضد مرهف ولد الأمير مؤيّد الدولة جليسه، ونديمه وأنيسه، فاستدعاه إلى دمشق وهو شيخ قد جاوز الثمانين».
مة أنه تفرغ للتأليف والكتابة بعد أن تجاوز السبعين من عمره، واستمر على ذلك حتى وفاته. ولأسامة بن منقذ ما يقارب العشرين مصنفاً، ضاع أكثرها، ومن هذه الكتب:[56][66]
- الاعتبار: سَجَّلَ فيه ذكرياتِه ومشاهداتِه وتجاربَه وما لقي من حروب ومعارك، ويروي فيه ما له وما عليه، ويشيد بالبطولة والشجاعة، ويعترف لأصحابه ولو كانوا من أعدائه، ويسجل الوقائع الجماعية والفردية ويقص الأحداث التي مرت به أو عاناها بنفسه أو وقعت لأصدقائه وأعدائه، ويتحدث عن طبائع الإفرنج وعاداتهم وانعدام غيرتهم في أمور لا يَتسامح فيها المسلمون. ويعد الكتاب من أهم مصادر التأريخ لتلك الحقبة، كتبه أسامة وقد نيف على التسعين، والأصح أنه أملاه من ذاكرته بعد أن أصبحت يده لا تقوى على حمل القلم.
- البديع في نقد الشعر: جمع فيه ما تفرق في كتب المتقدمين في نقد الشعر وذكر محاسنه وعيوبه، وذكر للبديع خمسة وتسعين فصلاً أو نوعاً، وأورد نماذج للبديع وأنواعه وللأسلوب.
- لباب الآداب: من مؤلفات أسامة المتأخرة، جمع مادته وهو في كيفا ورتبه وأخرجه بعد أن عاد إلى دمشق، وقسمه إلى أبواب ذكر في كل باب ما ورد فيه من القرآن الكريم ثم الحديث الشريف ثم ما ورد من الآثار الأدبية فيه نثراً وشعراً، منها ما ورد في كتب الأدب ومنها ما لا يوجد إلا فيه، ومنها أحداث حدثت له عاينها بنفسه أو سمعها أو شاهدها. وقد وضعه على سبعة أبواب: في الوصايا، في السياسة، في الكرم، في الشجاعة، في الأدب والأخلاق، في البلاغة، في الحكمة.[67][70]
- المنازل والديار: وهو ترجمة كتبها عن نفسه بعد أن اجتاحت الزلزلة منازل أهله وديارهم، ألفه عام 568هـ، ويتضمن شواهد شعرية كثيرة في المنازل والديار والأطلال.[68][71] وقد ذكر في مقدمته سبب تأليفه فقال: «فإني دعاني إلى جمع هذا الكتاب، ما نال بلادي وأوطاني من الخراب؛ فإن الزمان جر عليها ذيله، وصرف إلى تعفيتها حوله حيله»، ثم قال: «فاسترحت إلى جمع هذا الكتاب، وجعلته بكاء للديار والأحباب، وذلك لا يفيد ولا يجدي، ولكنه مبلغ جهدي، وإلى الله عز وجل أشكو ما لقيت من زماني وانفرادي من أهلي وإخواني، واغترابي عن بلادي وأوطاني».[72]
- كتاب العصا.
- مختصر مناقب عمر بن الخطاب.
- مختصر مناقب عمر بن عبد العزيز.
ديوان شعره
صنف أسامة في آخر حياته ديواناً جمع فيه الكثير من قصائده، ولكنه لم يجمعها كلها، ويفسر السبب في ذلك فيقول:
«فإني كَلِفْتُ بنظمِ الشعرِ في غِرة العمر أظنه من المآثر والمناقب، وأعده من الذخائر للعواقب، فلما علت سني، وانجلت جاهلية باطلي عني، ووضح لي أن الشعرَ لهوٌ وهُون، وأن الشعراء يتبعهم الغاوون، أكبرتُ خطأي وأعظمتُه، وندمتُ على تفريطي فيما نظمتُه. على أني بحمد الله ما فُهتُ برَفَثٍ ولا هجاء، ولا مدحتُ لطمع ولا رجاء، تنزهاً عن رفث المقال، وترفعاً عن منن الرجال، فحاولتُ أن أغسل عني وَضَرَه، وأُعَفِّيَ أثرَه، فعصاني منه ما شاع، ومُلئتْ به الأفواهُ والأسماع، فعُدتُ إلى تقليله وتمحيصه، وقمتُ بتنخيله وتلخيصه، وفيه بعد ذلك عيوبٌ يَشهدُ بها إنصافي وإقراري، ويشفع بها في سَترها اعترافي واعتذاري، وأثبتُّ في هذا الجزء منه ما حصلتُ منه على الاختصار، لا على الاختيار، وفيه ما فيه، مما لا أنكره ولا أخفيه، فمُظهره قائلُ صدقٍ وعدل، وساتره أخو كرم وفضل.»
وقد أثنى العلماء على شعره كثيراً، فقال عنه ابن كثير: «أحد الشعراء المشهورين الْمَشْكُورِينَ»، وقال أيضاً عنه: «وله أشعار رائقة، ومعان فائقة، ولديه علم غزير، وعنده جود وفضل كثير».وقال ياقوت الحموي: «وفي بني منقذ جماعة أمراء شعراء، لكن أسامة أشعرهم وأشهرهم».
وقال أبو عبد الله محمد بن الحسن بن الملحي: «الأمير مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ شاعر أهل الدهر، مالك عنان النظم والنثر، متصرف في معانيه، لاحق بطبقة أبيه، ليس يُستقصى وصفه بمعان، ولا يُعبَّر عن شرحها بلسان، فقصائده الطوال لا يفرق بينها وبين شعر ابن الوليد، ولا ينكر على منشدها نسبتها إلى لبيد، وهي على طرف لسانه بحسن بيانه، غير محتفل في طولها، ولا يتعثر لفظه العالي في شئ من فضولها، والمقطعات فأحلى من الشهد وألذ من النوم بعد طول السهر، في كل معنى غريب وشرح عجيب».
وقال الْعِمَاد الكاتب: «هَذَا مؤيد الدولة من الْأُمَرَاء الْفُضَلَاء، والكرماء الكبراء، والسادة القادة العظماء، وَقد متعهُ الله بالعمر وَطول الْبَقَاء، وَهُوَ من الْمَعْدُودين من شجعان الشَّام وفرسان الْإِسْلَام، وَلم يزل بَنو منقذ ملاك شيزر، وَقد جمعُوا السِّيَادَة والمفخر... وَكلهمْ من الأجواد الأمجاد، وَمَا فيهم إِلَّا ذُو فضل وبذل وإحسان وَعدل، وَمَا مِنْهُم إِلَّا من لَهُ نظمٌ مطبوع وَشعر مَصْنُوع، وَمن لَهُ قصيدة وَله مَقْطُوع، وَهَذَا مؤيد الدولة أعرقهم فِي الْحسب وأعرفهم فِي الْأَدَب».
كتب مفقودة
ذكرت المصادر له كتباً كثيرة لم يُعثر عليها، ومنها:
- أخبار أهله.
- أخبار البلدان.
- أخبار النساء.
- أزهار الأنهار.
- تاريخ أيامه (ولعله كتاب الاعتبار).
- التاريخ البدري.
- تاريخ القلاع والحصون.
- التأسي والتسلي.
- الثجائر المربحة والمساعي المنجحة.
- ذيل يتيمة الدهر للثعالبي.
- ردع الظالم ورد المظالم.
- الشيب والشباب: وقد ألفه لأبيه كما يقول ياقوت الحموي في معجمه.
- فضائل الخلفاء الراشدين.
- كتاب الفضاء (ولعله تصحيف للعصا).
- مجموع أشعار المحدثين.
- المكاتبات والأشعار.
- نصيحة الرعاة.
- النوم والأحلام.
مناقشات واقتراحات حول صفحة أسامة بن منقذ: