📘 قراءة كتاب السخرية في أدب الجاحظ أونلاين
أبو عُثْمان عُمَرُو بن بَحر بن مَحْبُوبٌ بن فَزارَة اللَّيْثِيّ الْكِنَانِيّ الْبَصَرِيّ المعروف بالْجَاحِظ (159 هـ-255 هـ) أديب عربي كان من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، ولد في البصرة وتوفي فيها. وفي رسالة الجاحظ اشتهرت عنه حيث مدح فيها نفسه حيث قال : «أنا رجل من بني كنانة، وللخلافة قرابة، ولي فيها شفعة، وهم بعد جنس وعصبة»
كان ثمة نتوء واضحٌ في حدقتيه فلقب بالحدقي ولكنَّ اللقب الذي التصق به أكثر وبه طارت شهرته في الآفاق هو الجاحظ، عمّر الجاحظ نحو تسعين عامًا وترك كتبًا كثيرة يصعب عدها، وإن كان البيان والتبيين وكتاب الحيوان والبخلاء أشهر هذه الكتب، كتب في علم الكلام والأدب والسياسية والتاريخ والأخلاق والنبات والحيوان والصناعة وغيرها.
«الفلسفة هي أداة الضمائر وألة الخواطر ونتائج العقل وأداة لمعرفة الأجناس والعناصر وعلم الأعراض والجواهر وعلل الأشخاص والصور واختلاف الأخلاق والطبائع والسجايا والغرائز.»
قال ابن خلدون عند الكلام على علم الأدب : «وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة كتب هي : أدب الكاتب لابن قتيبة، كتاب الكامل للمبرد، كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب الأمالي لأبي علي القالي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها.»
كانت السخرية قبل عصر الجاحظ تأتي عفوية تارة، أو مقصودة لغرض من الأغراض السياسية تارة أخرى دون أن تقوم بالتحليل، و التصوير ، و التشخيص لإبراز خصائص المجتمع . كذلك لم يُؤلِّف في السخرية - قبل الجاحظ - كتاب يرد نوادر المجتمع ليظهر سماته باستثناء المدائني في كتابه < >الأكلة الذي كان إخبارياً في نوادره، و أبي عبيدة في كتابه < >لصوص العرب . و من هنا كان الجاحظ أول مؤلِّف في تاريخ الأدب يخص كتبًا كاملة في السخرية تحليلاً و دراسة لمجتمعه، كما فعل في كتابه < > البخلاء ، و رسالته < >التربيع و التدويرالسخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 93.
عوامل نبوغ الجاحظ في فن السخرية
تعددت العوامل التي جعلت من الجاحظ أديبًا ساخرًا، يجعل من السخرية فناً و أدباً له أشكاله و ضروبه،.السخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 131 و منها
1- الوراثة
كان جد الجاحظ أسود يقال له فزارة . و كان هذا الجد فكهاً مرحاً؛ و كذلك كانت ام الجاحظ فيها ميل واضح إلى السخرية فقد روُيَ أن الجاحظ في حداثته مشتغلاً بالعلم، فطلب من أمه الطعام يومًا، فجائته بطبق فيه كراريس، فقال لها ما هذا؟ قالت هذا الذي تجئ به. فالميل إلى المرح و الفكاهة و السخرية لدى الجاحظ يرجع في الجانب منه إلى الوراثة .السخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 132
2- المجتمع و البيئة
أ- بيئته العامة
نشأ الجاحظ يبيع الخبز و السمك ب سيحان ، و كان يتردد على كتاب القرية، يتلقى مبادئ العلوم مع أمثاله من الصبيان. فهذان المجتمعان يحفلان بالنوادر و الطرائف. و في مجتمعه، أيضاً، ظهرت طبقات - أو طوائف - البخلاء ، و الحمقى، و المتعلمين، فسرت فيه روح الخفة و التهكم .
و قد كان هذا المجتمع حافلاً بالمتناقضات، مليئاً بالمخالفات، و كان على الجاحظ أن يقاوم - أثناء مكثه في بغداد - تياراً عاماً من الجد و الكآبة و الصرامة، و هذا ما يعلل إشاراته العديدة إلى فوائد الضحك.السخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 133
ب- بيئته الفكرية
كان لبيئته الفكرية أثرها الكبير في نمو السخرية عنده، و براعته فيها. فقد نشأ في الكُتاب حتى كبر سنه، ثم قصد شيوخ البصرة ، و ائمتها في العلم و الأدب ، و لزمهم. و من شيوخ البصرة الذين لا يضيعون فرصة للسخرية أبو عبيدة بن معمر المثني، و إبراهيم بن سيار النظام؛ الذي كان مشهوراً بالدعابة و السخرية ، و قد لازمه الجاحظ ملازمة شديدة، ظهرت آثارها في كتباته. و منهم - ايضاً - ثمامة الأشرس، و قد نقل عنه تلميذه الجاحظ كثيراً من أدبه، كما كان أستاذاً له في المجون و الفكاهة و النادرة اللاذعةالسخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 134. و في بلاط المتوكل ، اتصل الجاحظ برجال تخصصوا في الهزل و الفكاهة و السخرية ، منهم أبا العنبر الهاشمي، و أبا العنبس، و الجماز.السخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 135 فصار الجاحظ واسع الأطلاع، موفور الثقافة،فقال عنه أبو هفان “لم ار قط، و لا سمعت، من أحب الكتب و العلوم، أكثر من الجاحظ . و كان علمه لم يقف عند حد،”
أسباب سخرية الجاحظ
إن سخر الجاحظ متصل بطبيعته المرحة، و فنه، و بموقفه من الحياة و هو موقف التوجيه و النقد، فلم تقم سخريته على عاطفة شخصية، و لم تقم على الهجاء أو الشتمالسخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 99. فعاش الجاحظ في مجتمعه بعين الخبير الناقد فكان يعالج المشكلات بالضحك و السخرية و خاصة في مواجهة خصومهالسخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 6. فسخر من كل تصرف أو قول غريب يخالف قواعد مجتمعه طمعاً في رد صاحبه إلى نصابه، أو رغبة في التسلية و المرح، فيُلاحظ أن تيار السخرية يسري في كل كتاباته التي تتناول شتى الموضوعات، و التي كانت تمتلئ بالأدلة و البراهين و خاصة الدينية كتفسير آية ، و شرح حديث .السخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 62
منهجه
اعتبر المنهج الذي اتبعه الجاحظ في رسائله وكتبه منهجاً علمياً دقيقاً في البحث. حيث بدأ أسلوبه بالشك ثم النقد حتى يصل بواسطة الشمول والتعميم إلي الاستقراء.
وتظهر شخصية الجاحظ وحقيقة اهتمامه باستخدام العقل في البحث العلمي وذلك من خلال تجربته ونقده وعيانه وتعليله وسماعه وشكه. ومع ذلك نجد في شعره بعض المعاني الأدبية ويظهر فيها الجمال الفني الذي يجذب الناس للاستمتاع بشعره وهذا ما يفتقده كثير من الشعراء والأدباء.
موضوعات السخرية في أدب الجاحظ
1- العيوب الجسمية و المظهرية
إن العيوب الجسمية و المظهرية من أهم موضوعات السخر و أكثرها رواجاً لدى الكُتّاب و الشعراء. و من هذه الأنماط نماذج عديدة ملأت عصر الجاحظ فكتب عنها، و قال عن نفسه ذات مرة ”إنه وصف للخليفة المتوكل ، أحد أولاده، فلما رأى الخليفة صورته استبشعها، فصرفه.” السخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 144
2- غرابة الطباع و الأخلاق
اشتهر العصر العباسي بغرابة الطباع و الأخلاق، فجاء الجاحظ بنقده و سخره ليبرزها محاولة لأصلاحها. و كان من أشهر تلك الطباع، و أبرز تلك الأخلاق التي تهكم بها
أ- البخل
كثر البخلاء في عصر الجاحظ ، و امتلكوا الثروات و تحكموا بأموالهمالسخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 147 في المجتمع حيث إن التاجر الرابح يضن و يبخل على غيره. و لقد أفرد الجاحظ للبخيل كتاباً خاصاً، و هو كتاب < > البخلاء ، فيه يصور حرص مجتمعه و شحهم، و جعل الدرهم عند البخيل يساوى دية مسلم ، فيقول ” الدرهم عشر العشرة، و أن العشرة عشر المائة، و أن المائة عشر الألف، و أن الألف عشر العشرة آلاف، أما ترى كيف ارتفع الدرهم إلى دية المسلم ؟“ السخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 148
ب- النفاق
كان المرائي محلاً للسخر و التندر عند الجاحظ ، فقال عن قاسم التمار، حين ”أقبل على أصحاب له و هم يشربون النبيذ ، و ذلك بعد العصر بساعة، فقال بعضهم قم صل فاتتك الصلاة ! ثم أمسك عنه بساعة، ثم قال لأخر قم، صل، ويلك، فقد ذهب الوقت. فلم أكثر عليهم في ذلك و هو جالس لا يقوم يصلي، قال له واحد منهم أنت! لم لا تصلي؟ فأقبل عليه، فقال ليس، و الله ، تعرفون أصلي في هذا قلت و أى شيء أصلك؟ قال لا نصلي، لأن هذه المغرب قد جاءت.“ السخرية في أدب الجاحظ. السيد عبد الحليم محمد حسين. صفحة 154
ج- الجحود و نكران الجميل
سخر الجاحظ من الذين يحبون أن يأخذوا دون أن يعطوا، و يتنكرون لمن يسدي لهم الجميل.
سنة النشر : 1988م / 1408هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'