❞ 📚 أهم كتب في كتب الادب العربي . ❝
الأهم والأكثر تحميلًا .. في كتب كتب الادب العربي . . جميع الكتب المتعلقة بـ كتب الادب العربي . .
الأدب العربي هو مجموع الأعمال المكتوبة باللغة العربية، ويشمل الأدب العربي النثر والشعر المكتوبين بالعربية وكذلك يشمل الأدب القصصي والرواية والمسرح والنقد. ازدهر الأدب العربي خلال العصر الذهبي للإسلام، وظل نابضا بالحياة حتى يومنا هذا.
أغراض الشعر العربي
أغراض الشعر العربي كثيرة نجد من بينها غرض الهجاء المدح الفخر الغزل الرثاء.
الهِجاء
كان الهجاء شائعًا بين الأعداء والأضداد من الناس وبين الشعراء وبعضهم البعض حيث يذكرون مساوئ بعض. وهنا أقدم بين يديك هذه الأبيات في الهجاء من العصر الجاهلي وهي لأوس بن حجر:
فإن يأتكُمْ منِّي هجاءٌ فإنّماحَبَاكُمْ بهِ مني جميلُ بنُ أرْقما
تجلّلَ غدراً حرملاءَ وأقلعتْسحائبُهُ لمّا رأى أهلَ ملهَمَا
فهلْ لكُمُ فيهَا أليّ فإنّنيطبيبٌ بما أعيَا النّطاسيُّ حذيمَا
فَأُخرِجَكُم من ثوْبِ شَمطاءَ عارِكٍمُشَهَّرَة ٍ بَلّتْ أسافِلَهُ دَما
وَلَوْ كانَ جارٌ مِنْكُمُ في عَشيرتيإذا لرَأوا للجار حقّاً ومحرمَا
وَلَوْ كانَ حَوْلي من تميمٍ عِصَابةلمَا كانَ مَالي فِيكُمُ مُتَقَسَّما
ألا تَتّقُونَ الله إذْ تَعْلِفُونَهارضيخَ النَّوى والعُضِّ حولاً مجرَّما
وأعجبَكُمْ فيهَا أغرُّ مشهَّرٌتلادٌ إذا نامَ الرّبيضُ تغمغما
المديح
كان المديح للحكام والكبار والأعيان وكان يمنح الشاعر من المال على قدر جودة شعره وإعجاب الممدوح به.
قـم للمعلـم وفّـه التبـجيــلا كـاد المعلم أن يـكون رســولا - أحمد شوقي. أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعتْ كلمـاتـي من بـه صمـمً - أبو الطيب المتنبي. إذا رأيت نيـوب الليث بـارزة فـلا تظنن أن الليث يـبتـســم - أبو الطيب المتنبي. مـا أبـعد الغايـات إلا أننـي أجد الثبـات لكـم بـهن كفيـلا - أحمد شوقي. وإنمـا الأمـم الأخلاق مـا بقيـت فإن هم ذهبت أخلاقـهم ذهبــوا - أحمد شوقي. ولد الـهدى فالكائنـات ضيـاء و فم الزمــان تبسـم وثنــاءُ - أحمد شوقي. أيـا مـن بالوفـا قد عودونـي بـحق المصـطفـى لا تـهـجرونـي - موال لرشيد غلام. الأم مـدرسـة إذا أعـددتـهــا أعددت شـعـبــا طيـب الأعـراق - حافظ إبراهيم. ولا خيـر فـي ودّ امرئ متلـوّن إذا الريح مالت مال حيث تميل - الإمام الشافعي. ألذ الحب ما كان استراقا وأعذبه إذا شئت القليل - منصر فلاح. عرف الشاعر العربي الجاهلي المديح واتخذه وسيلة للتكسُّب، وكان للغساسنة في الشاموالمناذرة في الحيرة دور كبير في حفز الشعراء على مديح أمرائهم. ومن أشهر المداحين من شعراء الجاهلية:النابغة الذبياني الذي اشتهر بمدح النعمان بن المنذر، كما يقول أبو عمرو بن العلاء: (وكان النابغة يأكل ويشرب في آنية الفضة والذهب من عطايا النعمان وأبيه وجدّه.) وقد مدح الشاعر الجاهلي بفضائل ثابتة كالشجاعة والكرم والحلم ورجاحة العقل ورفعة النسب، وكلها ترسم الصورة الخلقية المثلى للإنسان في رؤياه، كما كان يتخذ من المدح المبالغ فيه ـ باستثناء زهير بن أبي سُلمى مثلا ـ حافزًا للممدوح على المزيد من العطاء. وكان يقدّم لقصائده في المديح بوصف الرحلة ومشاق الطريق وما أصاب ناقته من الجهد ليضمن مزيدًا من بذل ممدوحه. وفي عصر صدر الإسلام، ظهر تيار جديد في المديح، هو مدح النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). ومن أوضح نماذجه لاميّة كعب بن زهير "بانت سعاد" التي أنشدها عند عفو النبي الكريم عنه، وصارت إلى عصور متأخرة نموذجًا يُحتذى. كما زخرت قصائد حسّان بمديحه للنبي محمد أيضًا. وبذلك تحوّل المدح من التكسّب إلى التدين، واكتسب، فيما عبر به من الأوصاف، التجرد والصدق، بعيدًا عن التكسّب فضلاً عن رسم الصورة الإسلامية للفضائل والقيم الخلقية. وفي العصر الأموي، امتزج المديح بالتيارات السياسية، بعضها يمالئ الأمويين، وبعضها الآخر يشايع فرقًا مختلفة، وكان مداحو الأمويين يتكسبون بمدائحهم، بينما تجرد شعراء الفرق المختلفة عن التكسب، بل اتخذوا من مدائحهم وسيلة للانتصار للمذهب ومحاربة خصومه، كما نجد في مديح عبيدالله بن قيس الرقيات لمصعب بن الزُّبير الذي يجسّد بشكل واضحٍ نظرية الزبيريين في الحكم. وأما في العصر العباسي المتأخِّر فإن أجلى صور المدح، تتمثّل في مدائح المتنبيلسيف الدولة؛ إذ هي صادرة عن حب صادق، وإعجاب تام ببطولة سيف الدولة الذي يجسد حلم أبي الطيب بالبطل المخلِّص من اعتداءات الروم. ومن هنا جاءت مدائحه تلك أشبه بملاحم رائعة. وكذلك كان أبو تمام في مدائحه للمعتصم، وبائيته أشهر من أن نذكرها هنا. (السيف أصدق إنباء من الكتب) وهنا نشير إلى حقيقة مهمة وهي أن المدح في الشعر العربي ـ وإن يكن للتكسب ـ لم يكن في كل الأحوال يعني التملق والبحث عن النفع، بل هو في كثير من الأحيان تجسيد للود الخالص والإعجاب العميق بين الشاعر والممدوح، وهذا مايتضح في مدائح المتنبي لسيف الدولة، فهي تجسيد حي لهذا المعنى الذي أشرنا إليه. فقد كان المتنبي شديد الإعجاب بسيف الدولة ويرى فيه البطل العربي الذي طالما تاقت إليه نفسه، بقدر ما كان سيف الدولة عميق التقدير لأبي الطيب، ويرى فيه الشاعر العربي الفذ الذي طالما تطلعت إليه نفسه الذواقة للشعر، التواقة أبدًا للشاعر الذي يخلّد بطولاته. مضى المدح في سائر العصور كما كان على نحو ما أوضحنا وإن تفاوتت فيه عناصر القوة والضعف، كما سجل لنا مدح الشعراء لبني أيوب، والمماليك، وبخاصة، بطولات هؤلاء الرجال في مقاومتهم للصليبيينوالتتاروالمغول. يعد المدح في العصر الحديث على صورته القديمة، إذ رأينا الشاعر الحديث يرسم لنا صورة بطل قديم ـ مثلا ـ ليضعه أمامنا نموذجًا للبطولة، ولم يعد الشاعر نديمًا لذوي السلطان وأنيسًا في مجالسهم واقفًا شعره وولاءه عليهم، بل صارت الأنشودة الوطنية العاشقة للوطن بديلاً جديدًا للمدح التقليدي
الرثاء
كان الرثاء من أهم فنون الشعر العربي، بل انه يتصدرها بصدق الإحساس وعمق الشعور وحرارة التعبير، ومن أشهر شعراءه الخنساء ومن أجمل ما قالت فيه:
قذًى بعينك أم بالعين عوارأم ذرَفت أن خلت من أهلها الدار
كأن دمعي لذكراه إِذا خطرتفيض يسيل على الخدين مدرارُ
تبكي خناس هي العبرى وقد ولهتودونه من جديد الأرض أستار
تبكي خناس على صخر وحُقَّ لهاإِذ رابها الدهر إنَّ الدهر
تبكي خناس فما تنفك ما عمرتلها عليه رنين وهي مقتار
بكاء والهة ضلت أليفتهالها حنينان: إِصغار وإِكبار
ترعى إِذا نسيت حتى إِذا ادكرتفإِنما هي إِقبال وإِدبار
وإِن صخرًا لتأتم الهداة بهكأنه علم في رأسه نار
الاعتذار
وزعيمه المنشئ لأساسه هو النابغة الذبياني، وقد أثارته ظروف الشاعر مع الملك النعمان بن المنذر، ومنه قوله له:
أتاني أبيتَ اللعنَ أنكَ لمتنيوتلكَ التي أهتمّ منها وأنصبُ
فبتُّ كأنّ العائداتِ فرشن ليهراساً، به يُعلى فِراشي ويُقْشَبُ
حَلَفْتُ، فلم أترُكْ لنَفسِكَ ريبَةوليسَ وراءَ اللَّهِ للمَرْءِ مَذهَبُ
لئنْ كنتَ قد بُلغتَ عني وشايةً،لَمُبْلغُكَ الواشي أغَشُّ وأكذَبُ
و لكنني كنتُ امرأً ليَ جانبٌمنَ الأرضِ ، فيه مسترادٌ ومطلب
مُلوكٌ وإخوانٌ، إذا ما أتَيتُهُمْ،أحكمُ في أموالهمْ ، وأقربْ
كفعلكَ في قومٍ أراكَ اصطفيتهمفلم ترَهُمْ، في شكر ذلك، أذْنَبُوا
فلا تتركني بالوعيدِ ، كأننيإلى النّاسِ مَطليٌّ به القارُ، أجْرَبُ
ألمْ ترَ أنّ اللهَ أعطاكَ سورة ًترى كلّ مَلْكٍ، دونَها،يتذَبذَبُ
فإنكَ شمسٌ ، والملوكُ كواكبٌإذا طلعتْ لم يبدُ منهنّ كوكبُ
و لستَ بمستبقٍ أخاً ، لا تلمهُعلى شَعَثٍ، أيُّ الّرجال المُهَذَّبُ؟
فإنْ أكُ مظلوماً ؛ فعبدٌ ظلمتهُوإنْ تكُ ذا عُتَبى ؛ فمثلُكَ يُعتِبُ
الغزل
كان شعر الغزل مقبولاً ومحبوباً إلا أن التشبيب (أي ذكر اسم المحبوبة) كان غير مقبول. حيث كان الشاعر القديم يتغنى بمحاسن محبوبته شكلاً وموضوعا ويذكر لوعته وشوقه إليها. ومن أجمل ما قيل فيه قول ابن عبدربه الأندلسي :
يا لؤلؤا يسبي العقول أنيقاو رشا بتعذيب القلوب رفيقا
ما قد سمعت ولارأيت بمثلهدر يعود من الحياء عقيقا
و إذا نظرت إلى محاسن وجههأدركت وجهك في سناه غريقا
يا من توجع خصره من رقةما بال قلبك لا يكون رقيقا
الفخر
عادة أصيلة من عادات العرب وهو الفخر بالأنساب والأحساب والأصل والمنبت، رغم أنها محرمة دينياً، ومن أجمل أبيات الفخرالعربي بيت بشار بن برد الذي يفخر فيه بمضر مع أنه من المولدين :
إذا ما غضبنا غضبة مضريةهتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
إذا ما أعرنا سيدا من قبيلةذرى منبر صلى علينا وسلما
الأدب العربي القديم
هو أقدم أدب حي. ترجع نشأته إلى أكثر من ستة عشر قرناً. نشأ في بادية "نجد" شعراً غنائياً في شكل سمي "القصيدة". ويعد امرؤ القيس الذي وصل بهذا الفن إلى ذروة شامخة، من تلاميذ مدرسة نجد. وظلت القصيدة الجاهلية النجدية في شكلها العام، حتى العصر الحديث، مثلاً أعلى يحتذى. لا نعرف الصور التي تصور المحاولات الأولى، ولكن مدرسة نجد ترجع إلى ماقبل القرن 4. وفي القرن 6، انتشر الشعر من نجد، وقلد في سائر أنحاء الجزيرة، وحمل خصائص محلية، ولكن سلطان المثل النجدي لم يضعف إلا بظهور الإسلام.
يختلف شكل القصيدة العربية عن شكل القصائد المعروف في الآداب الأخرى. وتمتاز بأن موضوعها، وهوالمديح، يمهد له بوصف الرحلة إلى الممدوح، ويقدم للرحلة بشعر في النسيب يشكو فيه الشاعر فراق الأحبة. وفي الرحلة يتاح للشاعر أن يصف جواده، أو ناقته، والطبيعة من حوله، وحياة الحيوان وصراعه مع غيره من الحيوانات أو مع الطبيعة. والمدح يتغنى بفضائل الصحراء ويصف حياة الكريم في ضيافته وشربه وحروبه. وأبيات القصيدة عادة من 60 إلى 100، وكلها تلتزم بحراً واحداً وقافية واحدة.
والمعلقات عشر أو سبع، هي خير مثال لهذا الشعر. ولاشك أن شعراء ضاع شعرهم سبقوا مدرسة نجد. وقد ساهم بلاط المناذرة وبلاط الغساسنة في تطوير القصيدة، ولكنهما لم يخلقا نوعاً جديداً إلى جوار القصيد النجدي. ولما كانت القصيدة تجمع موضوعات عدة فإنها كانت امتحاناً طيباً لقدرة الشاعر.
امتاز قصيد نجد، إلى جانب هذا الشكل العام والموضوعات المعينة، بخصائص ذاعت وقلدت، مثل التركيز في رسم الصورة، وتعميم الفكرة بحيث تصبح في يسر مثلا أو حكمة. وبينما كان وصف المرأة في النسيب عاماً مبهماً كان وصف الحيوان والصحراء واقعياً دقيقاً. ولأن الشاعر يلجأ إلى الصورة المركزة، أصبح محور النقد هو البيت الواحد. ولما كان الشعر لفترة طويلة غير مكتوب، يعتمد على السماع في الرواية، فإن الشاعر لم يستطع أن يركب الصورة أو أن يسرح بالخيال، اعتماداً على تذكر السامعين لأبياته السابقة. ومن هنا تحدد الشعر من حيث الموضوعات والصور، وأخذ يجول حول المعروف والمسلم به، واتخذ الشكل مكانة ممتازة، لأنه المجال الأكبر للتجديد والتنويع. وصلنا عن هذه الفترة بعض مقطوعات ورجز، في وصف الحروب والرثاء، ثم حماسيات يتغنى بها الصعاليك مثل: الشنفرى وتأبط شرا، وهجاء يمثل سلطة شيطان الشعر على الشاعر.
تركز اهتمام الشعراء حول الألفاظ، فاكتسب بعضها جمالاً وسحراً ولا توجد في هذه الفترة قصائد خالصة لموضوع واحد، إلا مقطعات قليلة في الخمر. أما الطرديات فمنعدمة، لأن وصف الصيد كان جزءاً من القصيدة العامة. أما شعراء الحضر في الجاهلية، فقد اختلف شعرهم قليلاً من حيث الموضوع والمعالجة، ولكن الذي بقي لنا منه قليل، أشهره شعر عدي بن زيد في الخمر، وشعر أمية بن أبي الصلت الديني. وليس هناك ما يقطع بعدم احتمال كتابته بعض الشعر قبل الإسلام، ولكن الواضح أنه لم يصلنا منه شيء.
يشير الفرزدق في شعره إلى ديوان مكتوب للبيد الشاعر. ولكن تدوين الشعر العربي بدأ في القرن 8 أي بعد تأليفه بأكثر من 200 أو 300 سنة، وهذا يفتح باباً كبيراً في صحة هذا الشعر من حيث حجة النص، ونسبته إلى شاعر معين. والنثر من هذه الناحية أوسع مجالاً للشك في صحته، ولكن هناك أدلة على أن تجويد النثر كان معروفا. فلقد وصلت حكم وأمثال تصور فن الإيجاز المتجلى في صناعة القصيد. وهناك إشارات إلى صحف مكتوبة في الجاهلية. وربما كانت بعض الأحكام القضائية تكتب للاطمئنان إلى تنفيذها.
وهناك نماذج من الخطابة وضلتنا تمتاز بالإطناب والسجع والمقابلة بين الفقرات المتساوية طولاً، وإذا كانت الفقرات التي أوردها الجاحظ في كتابه "البيان " تدل على مستوى هذا الفن، فإنه من العسير أن تطمئن اطمئناناً كاملاً إلى صحة نصوص هذه الخطب، فقد يصح بعض فقراتها ليس غير. أما المثل، وكان الأحق أن يكون بلهجة القبيلة المحلية لطبيعة وظيفته، فإن الاطمئنان إلى لفظه أعسر. وقد وصلت عن هذه الفترة أيضاً أحاجي وقصص حيوان، وقصص عن أيام العرب، نشك في نصها ونطمئن إلى وقائعها، وإلى فنية التركيب والبناء، وقد نطمئن إلى بعض فقراتها، وإلى الشعر الذي يحليها.
والاطمئنان إلى نصوص عن القبائل الجنوبية أعسر، حتى أنه يمكن الجزم بأن كل هذه النصوص خضعت لتغيرات كثيرة عند التدوين. وجاء القرآن الكريم بالفصحى، لغة قريش، التي سادت قبيل الإسلام، ولم يكن مشبهاً لأي نثر أو شعر قبله، وإن لم يخرج عن الإطار العام للذوق العربي. استعمل طريقة جديدة في القصص، وجاء بالحجج التي لم يألفها العرب في خطاباتهم ولا في قصصهم. ولأول مرة يرى العرب نثراً يخضع الشكل لمتطلبات المضمون، والمعنى على غير ما ألفوا في بيانهم، يستعمل السجع بفن ساحر، كما يكسب الفكرة قدرة على التأثير بذاتها دون أن ترتكز على الأسلوب. وظل القرآن الكريم مثلاً أعلى بإعجازه يتحدى كل محاولات التقليد فكان أثره "خارج نطاق القصيدة" في المجال الأدبي يدور حول ما أيقظ من أفكار، وما أشاع من صور، لاحول الأسلوب بالمعنى الدقيق. وكان للقرآن الكريم الفضل في تخلص الخطباء - فيما عدا علي بن أبي طالب والخوارج والأولين منهم من سجع الجاهلية، واتجاههم نحو الاهتمام بالموضوع والفكرة. كذلك أثر في اتجاهات الخطباء من الحكام والخلفاء واتجاهات الكتاب والوزراء، في سائلهم وتوقيعاتهم، حين نشأت الكتابة أيام سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز.
في العصر الإسلامي بدأ الشعر يصور التغير الاقتصادي والاجتماعي، الذي نشأ من انتشار الدعوة المحمدية وتكوين الدولة الإسلامية، ففقد الهجاء مركزه الجاهلي، وإذا هو في صورة جديدة، هي المناقضة بين الشعراء أو طوائف منهم. والحماسة تكتسي بالوان الاستشهاد الديني، وخاصة عند الخوارج. والغزل ينفرد بقصائد كاملة في بعض المدن الزاهرة في الحجاز، فيرق أسلوبه باللهجة الحجازية، وبسبب شيوع فن الغناء وتأليف الشعر الغزلي الذي يقصد التغني به. وغزل الحجاز نوعان: نوع قصصي واقعي مرح، يمثله عمر بن أبي ربيعة في مكة، وآخر عذري رمزي حزين محروم، عند الشعراء العذريين في المدينة، مثل جميل والأحوص والمجنون.
في هذه الفترة يظهر الشعر السياسي، ويتطور الرجز – من مجرد شعر حماسي لاستثارة المحاربين – إلى ميدان استعراض البراعة اللغوية عند "العجاج"، ويصبح الشعر – دون أن يفقد رونقه ولا فنيته – أكثر التصاقاً بحياة الجماعة، مؤدياً لوظيفته الاجتماعية. وهنا يتوافق الشكل مع المضمون، وتعود القصيدة العربية – بعد توقف قصير المدى في أثناء الفتوح- إلى قوتها، وقد تخلصت من كثير من جمود الموضوع في الجاهلية.
نمت القصيدة في العراق والجزيرة، وحمل لواء الشعر في هذه المنطقة جرير والفرزدق والأخطل وذو الرمة، وكان الأخطل أكثرهم تمثيلاً وتنفيذاً للشكل الجاهلي، في شعر الفخر ومدح الأمويين. وصور الفرزدق وجرير فجاجة الحياة البدوية واستعملا الشعر للوصول إلى الثراء، وطورا موضوع القصيدة، وأدخلا فيها تفصيلات من الخلافات السياسية والقبلية، وانتعشت النقائض على أيديهما، وأساسها المفاخرة والهجاء، وركزا مقدرتهما على إبراز معارفهما اللغوية، لإثارة إعجاب مدرسة النقادر اللغويين التي تكونت في هذه الفترة من جامعي اللغة والشعر القديم. وشعر ذو الرمة أمعن في استعراض اللغة، وأجمل في وصف الصحراء تلهب صوره الغزل أحياناً. وبينما كان الشعر الجاهلي يمثل العاطفية والمحدودية، والمستوى الخلقي السامي، كان الشعر الأموي يمثل تضارب القوى، وتصارع المثل في الحياة الجديدة، وخلافات الأحزاب على الخلافة والحكم. وفيما عدا الغزل الذي ظل في مستواه المثالي، فإن الموضوعات الأخرى تنزل إلى مستوى الحياة اليومية. وبالرغم من التمثل بكثير من آيات القرآن، فإن الاتجاه الخلقي يضعف. وقد غص الشعر بما يعجب الجماهير المحتشدة لمشاهدة مباريات النقائض.
جمعت دواوين شعراء هذا العصر، إما في حياتهم أو مباشرة بعد مماتهم. وشعر هذا العصر أكثر الشعر العربي القديم صحة، من حيث النص أو نسبته إلى الشاعر. أما شعر العصر العباسي - الذي تبدأ خصائصه في الظهور منذ أواخر العصر الأموي (منتصف القرن 8) – فإنه يمتاز بأنه شعر حضري وبأنه قد ساهم فيه لأول مرة شعراء ليسوا عرباً خلصاء، وكان فحوله من الموالي. وقد أثرت هذه الظاهرة الأخيرة في النثر أكثر من الشعر. وظل الوزن والشكل دون تغيير. وحصر بحور الشعر الخليل بن أحمد (791)، فتجمدت منذ ذاك.
لكن اللغة رقت عن لغة البادية، مع احتفاظ تام بالمستوى الفصيح. ولما أوى الشعر إلى بلاط الخلفاء، الذين رعوا الشعر والشعراء، اتخذت القصيدة شكلاً رسمياً مسجلاً، وأصبح هذا الشكل وحده مجال تنافس الشعراء بسبب تمسك الخلفاء بثقافتهم العربية، وبسبب ميل فطري في العرب عامة إلى المحافظة على القديم، ولهذا أصبح مجال التجديد نسبياً. ولكن بالرغم من صرامة الشكل والموضوع، فقد حدث في المعالجة التفصيلية للموضوعات التقليدية، تغيرات تنوع المدح والهجاء، ولكن الغزل كان أطوع في التجديد، فلقد حمل آثار الحجاز في الرقة والغنائية إلى سوريا، حيث تطور على يد الخليفة الوليد بن يزيد (744)، وعندما اختلط بشعر الخمر ووصف مجالس الشراب جاء إلى العراق مع مطيع ابن اياس، ليجد مجالات للتطور في مجالس المجون في البصرة وبغداد، حتى في قصور الخلفاء، وذخر بالصور الجديدة، والروح الماجن الساخر، والحوادث الوقعية البعيدة عما ألف العرب.
باحتكاك الثقافة العربية في هذا العصر بتراث الفرس والآراميين الحضاري، نشأ جو فكري حديث أثر في الشعر والنثر، فصورا أفكاراً جريئة، وواقعاً طلقاً متحرراً وإن كان متحللاً خلقياً أحياناً. وظل الشعر الشيعي تقليدياً، وأخرج العراق بفضل ميله إلى الشعر الخلقي والتعليمي – بشر بن المعتم وأبا العتاهية - وجاء العباس بن الأحنف (807) بغزل الفروسية القصير، فجدد في الشكل والصورة كما أدخل أبان اللاحقي (815)م. نوعاً من الرجز، هو المزدوج بشعره التعليمي والقصصي.
شعر هذه الفترة غزير كثير مجدد في داخل الإطار التقليدي الثابت. وفي هذه الفترة دخلت الصنعة الشعر، فإن العقل الحضري لم يستطع أن يعوض الشعر عن بداوة العاطفة وصدقها وسموها، فبدأ الجهد يبذل في انتقاء التشبيهات وتوليدها، والتأنق في صور التعبير، فظهر المذهب البديعي حين فشا البديع في شعر الشعراء. وبدأ هذه الحركة بشار بن برد (744)، وهو أول شاعر فحل غير عربي خالص. وينسب إلى مسلم بن الوليد (من الجيل اللاحق لبشار) أنه أول من أفسد الشعر بالبديع. وإن امتدح بعض النقاد مذهبه والواقع أنه أكثر بشكل ملحوظ من استعمال المحسنات البديعية، حتى أصبحت أبرز سمات شعره. والعجيب أن معاصره أبا نواس (803) الذي كان أغزر شعراء العربية إنتاجاً وحيوية وتنوعاً في الموضوعات، لم يتجه إلى الإسراف في البديع مثله. وأحيا أبو نواس الطرديات وروج للخمريات، وتغزل في فحش في الغلمان والنساء. وأخذت الثقافة اللغوية التي ذاعت لدى شعراء هذا العصر تجني على الشعر والذوق، فهبط المستوى الفني وبعد عن الطبيعة والعاطفة وعمت الصنعة في البديع.
بالرغم من شيوع الكتابة نسبياً فإن شعر هؤلاء الشعراء أهمل، بسبب عدم حاجة اللغويين إليه في عملية جمع اللغة، واعتبارهم أنه غير موثوق بسلامة لغته لحداثته. وإلى توقيعات الوزراء أو الكتاب، ترجع بذور المقالات الأدبية. وأول من طوع أسلوب الخطابة القديم ليدل على حاجات العصر هو عبد الحميد الكاتب (750) ولم يكمل هذا التطويع إلا عن طريق الترجمة، وهذا ما يحدث في كل اللغات. وبفضل ابن المقفع (757) الذي ترجم عن الأدب البهلوي المزدهر في بلاط الساسانيين، وبفضل من جاؤوا بعده، ذلل النثر العربي. ولا يقلل التغيير الذي أصاب نثر ابن المقفع في التدوين شيئاً من هذه الحقيقة. وهذا الأدب المترجم كان تعليمياً وعظياً، يبين للطوائف الحاكمة المختلفة دورها في المجتمع وآداب مهنتها، في صورة حكم وأمثال وقصص قصار، وسمي هذا كله "أدباً" فنجد أدب الكتاب وأدب الملوك... إلخ، أما القصص الفني، فقد بدأ لدى جامعي الأخبار وسير الغزوات على نحو ما فعل ابن إسحاق في سيرة النبي. كذلك وصلت بعض قصص العشاق في شكل فني.
تأثر النثر الكلامي (الفلسفي) بما ترجم من منطق اليونان. وأثر في النثر نشاط اللغويين الذين دأبوا على جمع مادة اللغة الفصحى السليمة، بدافع ديني وقومي، ليحموها من تحريف الموالي ومن انحدارهم بها إلى مجرد أداة للتعبير عن شؤون الدولة في الإدارة والقضاء. وبذلك نشط جمع التراث، ليصبح أساساً لكل العلوم الإنسانية. وبدأ تأليف كتب ضبط اللغة وقواعدها، فألف الخليل "العين" (791) وألف سيبويه (796) "الكتاب"، كما ألف أبو عبيدة (825)، والأصمعي (831). وفي هذا العصر جمع التاريخ. وألف في الفقه الحنفي في العراق (أبو يوسف – 898) والمالكي في المدينة "موطأ" مالك بن أنس (795). ألف الشافعي بعدهما "الأم"، وهو أساس تشريع السنة. وفي فجر القرن 3 كان نثر الدراسات التاريخية والدينية ينافس النثر الفني لكتاب الدواوين. وجاء الجاحظ (769) أبو النثر الحديث برسائله ومؤلفاته العديدة في شتى أبواب المعرفة ليصل بهذه المعلومات، بنثره الممتاز وشخصيته القوية، إلى مستوى عامة المثقفين. ولم تحل مشكلة المواءمة بين نثر العلوم ونثر الكتاب إلا بعد الجاحظ. ونتج عن ذلك استقلال الشعر بالميدان الخيالي البحت، وبعده عن واقع الحياة، وفقد النثر شيئاً من روائه ورونقه وأخذ يعبر عن ..
مناقشات واقتراحات حول صفحة كتب الادب العربي .: