📘 قراءة كتاب أثر صغر السن في المسؤولية الجنائية أونلاين
القانون
أثر صغر السن في المسؤولية الجنائية
بحث مقدم لنيل درجة دكتوراه العلوم في الفقه والأصول
تقديم الطالب :موسى بن سعيد
إشراف الأستاذ الدكتور: بلقاسم شتوان
المقدمة
أ
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد
الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله.
أهمية البحث وأسباب اختياره :
تتجلى أهمية البحث وأسباب اختياره في كون الشريعة الإسلامية وضعت مقاصد لتحقيق
مصالح العباد في العاجل والآجل وجلب المصالح لهم ودرء المفاسد عنهم وإقامة مجتمع فاضل تسوده
المودة والرحمة والعدالة، ولا يتأتى هذا إلا بإصلاح الفرد فهو اللبنة الأساسية لبناء الأسرة التي هي
تمع، ولإيجاد الفرد الصالح لابد من رعايته وتعهده منذ الصغر، بل قبل أن يولد، فقد الأساس لبناء ا
أرشد الإسلام إلى اختيار الزوجة، وحث على تزويج ذي الخلق الحسن قال عليه الصلاة والسلام:
( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض )
رواه الترمذي وابن ماجه.
لذلك حرص الإسلام على غرس القيم النبيلة في نفوس الناشئة منذ الصغر وجعلها أفضل ما
يقدم للأولاد، قال عليه الصلاة والسلام: ( ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن ) رواه الإمام
أحمد.
فالولد إذا ارتبط بروابط اعتقادية ور وابط أخلاقية وقيم اجتماعية منذ صغره صفت سريرته واستقام
، وإذا صلح الفرد صلحت الأسرة، فإن صلحت الأسرة صلح سلوكه وأصبح فردا صالحا
في المجتمع الذي ينشده الإسلام.
ولقد كرم الله الإنسان وجعله خليفة في الأرض وأسجد له ملائكته وسخر له كل ما في
الكون، وأقر له حقوقا يجب أن تراعى، وواجبات يجب أن تؤدى .
وهذه الحقوق قررها الله له لكونه إنسانا، صغيرا كان أم كبيرا، فهي حقوق ثابتة بحكم الطبيعة، ومن
هذه الحقوق: حق الحياة فهي هبة من الله تعالى لا يجوز لأحد أن يسلبها غيره، وحق الكرامة، وحماية
العرض، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم حرمتها فقال: ( ...إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم
عليكم حرام... ) رواه البخاري ومسلم
ا الإسلام وكذا حق التعلم، وحق التملك، وحق التدين، وحق التفكير…وغيرها من الحقوق التي صا
للإنسان.
ب
لذلك أوجب حدودا وعقوبات على من اعتدى على هذه الحقوق، فمن اعتدى على حق
، [ الحياة يقتل قال تعالى: ﴿ ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ﴾ [البقرة: 179
ومن اعتدى على حق العرض يجلد، ومن اعتدى على حق المال تقطع يده …ومن اعتدى على غيره
في حق دون هذه الحقوق يعزر بما يراه القاضي مناسبا.
هذا إن كان المعتدي مكلفا، أما إذا كان غير مكلف كالصبي، فهل يطبق عليه نفس الحكم؟ أم
تخفف عنه العقوبة؟ أم لكونه مرفوعا عنه القلم يعفى عنه؟ وهل يذهب دم المقتول و حق المعتدى
عليه هدرا؟ أم أن هناك حكما خاصا به؟
ا إن ظاهرة جنوح صغار السن وانحرافهم تعد من الظواهر الاجتماعية السلبية الشائكة لأ
تستهدف فئة تحتاج إلى حماية وتوجيه وتربية، فالصغير الذي انحرف ولم ي قُو مّ اعوجاجه منذ الصغر
يصبح أكثر عرضة للأنشطة الإجرامية، وفي كثير من الأحيان ي سُتغل من طرف عصابات إجرامية
محترفة، ويتحول إلى مجرم عندما يصل إلى مرحلة البلوغ، وهو ما أكدته البحوث العلمية التي دلت
م الجنائية منذ الحداثة. رمين البالغين بدأوا حيا على أن معظم ا
وقد ازداد انحراف الأطفال وتورطهم في ارتكاب جرائم مختلفة كالمخدرات والسرقة والاعتداء على
النفس والعر .. ض.وغيرها، فقد سجل تقرير للدرك الجزائري تور طّ 34 ألف قاصر في مختلف أشكال
الإجر ام وأبرزها السرقة خلال الخمس سنوات المنقضية ( أي من 2003 إلى 2008 )، ولاحظ
التقرير أن حرمان أكثر من 300 ألف طفل من الرقابة الأبوية له انعكاسات سلبية على أحداث لا
تتعدى أعمارهم عشر سنوات يتفننون في السطو والجرح العمد وتوابعهما، وتضع الإحصائيات السرقة
في الصدارة حيث تظل الجريمة الأكثر شيوعا ب 44 في المئة، وأكثر من ذلك ارتفعت ب 12 بالمئة
عما كان في النصف الثانيل لتسعينات، مع الاشارة إلى أن الذكور يشكلون الأغلبية الساحقة ب 97
ا فيلم ئة من القص رّ المتورطين، في حين نجد الفئة العمرية الأكثر من 16 إلى 18 عاما ب 9743 على
رأس القائمة قبل شريحة 13 إلى 16 سنة ب 4612 ، دون إغفال ذوي العشر سنوات الذين وصلت
أعداد المذنبين منهم إلى 284 طفلا، وقد استخدمت جماعات الإجرام 500 قاصر في بيع وتعاطي
المخدرات، والسرقة، بجانب استخدام عدد منهم في تجارة الجنس، وغيرها من الجرائم.
كما بينت الإحصائيات المسجلة خلال الفترة الممتدة بين شهري جانفي وماي من سنة 2009
إحصاء 805 حالة اعتداء جنسي ضد القصر.
ج
وهذا الارتفاع المتزايد في عدد القصر المتورطين في الجريمة سواء كانوا معتدين أم معتدى عليهم
ينبئ عن انزلاق خطير نحو الجريمة، مما يقتضي البحث عن الوسائل الملائمة لحماية هذه الفئة الضعيفة
تمع. تمع من أذاهم وإعادة إدماجهم في ا وحماية ا
إن إجرام الأحداث يمثل خللا قائما في الأسس الاجتماعية والقانونية والثقافية والحضارية،
وتسعى السياسة الجنائية الحديثة للقضاء على الجريمة في مهدها، أو القضاء على الظروف المهيئة لها،
إذ أن الصغير المنحرف لا ينظر إليه على أنه مجرم يجب معاقبته بل ينظر إليه على أنه ضحية ظروف
وعوامل مختلفة مما يجب اعتباره مجنيا عليه وليس جانيا، وللقاضي – وفق سلطته التقديرية – أن يراعي
ذلك كله قبل إصداره الحكم حتى لا تترك العقوبة آثارا نفسية عند الصغير فتتولد لديه الشخصية
الإجرامية مستقبلا.
هذه بعض الدوافع والأسباب التي دفعتني لاختيار هذا الموضوع.
وهناك أسباب أخرى يمكن إجمالها فيما يلي:
تمع ؟ أم هل هي 1 تحديد المسئول الحقيقي عن انحراف الصغير، هل هي مسؤولية الأولياء أم ا
مسؤولية الصغير أم هل المسئولية مشتركة؟ إذ أن تحديد المسئولية يساعد على علاج الظاهرة الإجرامية
المتفشية بين أوساط الشباب.
2 يعتبر موضوع المسؤولية الجنائية وموانعها من المواضيع التي لها صلة وثيقة بالمشكلة الفلسفية
الشائكة مشكلة حرية اختيار الإنسان ومداها.
3 موضوع المسؤولية الجنائية للصغير يعتبر من أهم المواضيع لعلاج انحراف الصغار وللحد من
التسامح الذي يجب أن يعامل به الصغير كي يتحقق الأثر المطلوب من السلوك التربوي
ونصحح له الاتجاه الخاطئ الذي اندفع إليه .
4 إن البحوث التي تخص الصغار من المواضع التي يجب أن يوليها رجال القانون وعلماء
ا. الاجتماع وعلماء النفس الاهتمام البالغ، لأن الصغار هم مستقبل الأمة وذخير
5 لقلة وجود دراسات وأبحاث مستقلة شاملة ومفصلة تتناول موانع المسؤولية الجنائية سواء
تلك التي تعلقت بالصغير أم بغيره، خاصة تلك الدراسات المقارنة بين الفقه الإسلامي
و القانون الجزائري.
تمع عموما والأحداث خصوصا، و ما تولده 6 – كثرة انتشار الآفات الاجتماعية بين أفراد ا
م هذه الآفات من انحراف للصغار وتصرفات سيئة تصدر عنهم و سلوكات ضارة
د
وبمجتمعهم، كالسرقة وجرائم الجرح والضرب والقتل، والمخدرات وتعاطي الكحول
والأقراص المهلوسة...وغيرها.
الإشكالية :
ا تخص فئة ضعيفة يعتبر موضوع موانع المسؤولية الجنائية من أهم المواضيع الجديرة بالدراسة لأ
انين …، فالصغير قد يقوم بتصرفات تلحق ضررا به أو بغيره أو تخلف آثارا تمع كالصغار وا في ا
تمع كما ذهبت إلى ذلك التشريعات سيئة ، فهل يتحمل المسؤولية الجنائية كونه أحد أفراد ا
تمع مما يلحقه من ضرر الإجرام القديمة أم يعفى من المسؤولية، وإن أعفي فكيف يحمى حق ا
سواء وقع من الكبار أو من الصغار.
والفقه الإسلامي لايصنف الجريمة كما يصنفها القانون الوضعي بل يجعل الجريمة إما من باب الحدود
أو باب التعزير ، فآثار مسؤولية الصغير الجنائية يتناولها الفقه الإسلامي من هذا الباب ، أما القانون
الوضعي ومنه القانون الجنائي الجزائري فيتناولها على مستويات وتصنيفات مختلفة.
وفي ظل هذا التصور فإن إشكالية بحثنا تتمحور حول التساؤلات الآتية:
1. - ما هي الأسباب التي تعدم المسؤولية الجنائية ؟
2. - ماهو السن المانع للمسؤولية الجنائية عند الصغير؟
تمع ؟ 3. - وفي أي سن يمكن مساءلة الصغير عن أفعاله الضارة با
4. - ما هو أثر الصغر في الجرائم التي يقترفها الصغير؟ وهل أن اعتداء الصغير على الغير في
نفسه أو ماله يرتب عليه المسؤولية الجنائية ؟
5. - هل جناية الصغير مثل جناية الكبير أم لها حكم خاص ؟
6. – ماهي التدابير الوقائية المقررة لمعالجة جرائم الصغار؟
تمع وهل في رفع المسؤولية عن الصغير 7. - ما هو أثر انحراف الصغير على الأسرة وعلى المجتمع؟ ضياع الحق
8. - ما هي الحلول الشرعية والقانونية والاجتماعية التي تعالج انحراف الصغير؟
هذه الأسئلة وغيرها سنحاول بإذن الله تعالى إيجاد الأجوبة الشافية والحلول الكافية لها في هذا
البحث .
سنة النشر : 2009م / 1430هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 1.6 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'