📘 قراءة كتاب هندسة الجمهور: كيف تغير وسائل الإعلام الأفكار والتصرفات؟ أونلاين
اقتباسات من كتاب هندسة الجمهور: كيف تغير وسائل الإعلام الأفكار والتصرفات؟
ما هي أهم الجوانب النفسية والعاطفية التي يستخدمها الإعلام في التأثير على الجمهور؟ وما هي أهمية الدعاية الإعلامية وكيف يتم استخدامها سياسيًا؟ وما هي توجّهات الإعلام وأهم طرقه وأساليب خداعه للجمهور؟ وما هي أهم النظريات النفسية التي يعتمد عليها؟ وأخيرًا، لماذا يستمر الإعلام في الكذب دون ملل؟
1- غزو المريخ: كيف يتغذى الديكتاتور على الإعلام؟
في ليلة باردة من شهر نوفمبر عام 1938 كانت شبكه إذاعية تبثّ حفلًا موسيقيًّا، ثم انقطع البثّ لإذاعة خبر عاجل مضمونه غزو فضائي من المريخ. كان لذلك الخبر أثرٌ مخيفٌ في نفوس المستمعين، وأصبحوا في حالة من الذعر، ثم تبيَّنَ أخيرًا أن ذلك مجرد عمل فنِّي مستوحى من رواية باسم (حرب العوالم ). كان ذلك متقَنًا جدًا إلى حدّ التصديق، ثم أصبحت تلك الواقعة مصدر إلهام لكثير من الأبحاث حول قوة تأثير وسائل الإعلام في الجمهور، وتميُّزها في زمن تلقِّي الخبر ونقله على عكس الإعلام المطبوع كالجرائد.
من هنا لعبت الإذاعة دورًا مهمًّا في ترسيخ دكتاتورية بعض الطغاة، مثل (هتلر ) حين قال وزير الإعلام الألماني: "لم يكن لنا تولِّي السلطة أو استخدامها بالأسلوب الذي فَعَلْنا دون المذياع ". من المهم أن نذكر دور (إدوارد بيرنيز ) الذي يعتبر العرّاب الحقيقي للخداع الإعلامي؛ حيث اعتمد في ذلك على نظريات خاله عالم النفس الشهير (سيجموند فرويد )، وبات يستخدم مصطلحات كـ (هندسة الإجماع ) و (هندسة القبول )، وشرح ذلك حين قال: "لو أننا فهمنا آليّات العقل الجماعي ودوافعه، أليس من الممكن السيطرة على الجماهير وإخضاعهم لأسلوب موحّد حسب رغبتنا دون أن يدركوا ذلك؟ ".
2- أيها الشعب، لستَ ذكيًّا إلى هذا الحدّ
الشعوب تتغنَّي في أناشيدها وشعاراتها بذكائها، فهل هذا الوصف يكون بالفعل صحيح؟ هل يكفي للتدليل على عبقريَّة شعب وجود بعض العباقرة بين صفوفه؟ ، وإذا كان ذلك صحيحًا فهل الشعوب الذكية غير قابلة للخداع الإعلامي؟ في دراسة لـ (ريتشارد لين )، وجد أن الشعوب الذكيَّة تتمتع بقدر لا بأس به من حرية الإعلام؛ لكن يكون الإعلام أكثر تعقيدًا وأعظم تأثيرًا على تلك الشعوب، وبذلك أكثر قدرة على الخداع؛ لذلك لايمكن الجزم باستحالة خداع تلك الشعوب الذكية.
وهناك أربع سمات رئيسية في الفرق بين إعلام المجتمعات التي تتمتع بالحريات وبين إعلام المجتمعات المقهورة، وهي:
أولًا: مستوى التناقض بين الحقيقة والكذب.
ثانيًا: مستوى الصناعة الإعلامية للأكاذيب.
ثالثًا: وجود النخبة المؤثرة المعارضة للخداع.
رابعًا: توفر البيئة القانونية الداعمة للحريات.
وتكمن أهمية الإعلام أيضًا في أنّه أحد أهم فروع علم الاتصال، ولعلم الاتصال تعريفات عدة، منها: نشر رسالة إلى أكثر من شخص. وكان النموذج الأوضح هو نموذج (لازويل ) ويتضمن: (من المرسل؟ وماذا يقول؟ وبأي وسيلة؟ ولمن يتم إرسالها؟ وبأي تأثير؟ ) .
3- الخدعة الأولى: الإعلام لا يعرف الكذب أبدًا
يصف (آل جور ) التأثير الإعلامي على الشعب الأمريكي فيقول: "فجأة، وفي جيل واحد غيَّر الأمريكيون نمط حياتهم اليومي، وبدأوا بالجلوس أمام صور تتحرك في شاشة قرابة الـ 30 ساعة أسبوعيا ". حتى أن الإعلام وصل لمرحلة هامة من التأثير على أفكار الأفراد السياسية، وظهر ذلك في ازدياد شعبية (أوباما ) إبان الانتخابات الرئاسية ضد (ماكين ) حين دعمته الإعلامية الشهيرة (أوبرا وينفري ). وعلى صعيد أهم، أصبح الإعلام مرجعًا لبناء التصورات والمواقف وإدراك الواقع، مما أدَّي إلى أن الجمهور أصبح من الصعب عليه تصديق أي اتهامات للإعلام؛ فلو صدّقَها فلن يجد من يزوده بالمعلومات التي يحتاجها.
ودائمًا ما يحاول الإعلام يحاول أن يرسم صورة مخالفة للواقع، فمثلًا لو هناك فساد في دوائر الحكم؛ تجد الإعلام يتكلم عن نزاهة المسؤولين. وعندما يعتمد الجمهور على الإعلام بشكل كبير في تكوين أفكاره عن الواقع من حوله، فإنه يرى الفساد أمام عينيه، ولكنه يكذبه؛ لأن الإعلام يقول العكس، ولذلك يصنع الإعلام عند المشاهد سلام نفسي على أن ما يحدث من فساد هو الصواب. وبالتالي يعيش الجمهور في عالم من الخداع دون أن يدري؛ بسبب التصوير المزيف للإعلام لهذا العالم.
4- من يحدد وجهة الإعلام؟
هناك مثل مشهور يقول: (من يدفع للزَمّار يختار اللحن ). إن تكلفة إنشاء قناة فضائية تتعدي تقريبًا مليونَيْ دولار، وبالنظر إلى الإعلام العربي، نجد أنه لا يحقق الإيرادات المرجوّة لتغطية تكاليف إنشاء هذه القنوات على عكس الإعلام الغربي، ومع ذلك نُفاجَأ باستمرار تلك القنوات اعتمادًا على تدفُّق ملايين الدولارات من الساسة ورجال الأعمال، من ذلك ندرك أن اتجاه الإعلام يتبع بوصلة المموِّل.
وببساطه تستطيع أن تستنبط أن الخلطة السرية للإعلام تضم ثلاثة أركان: (المال، السياسة، والإعلام ) ؛ فرجال الأعمال يحتاجون الإعلام والساسة لتمرير المصالح، والساسة يحتاجون الإعلام ورجال الأعمال للدّعم المادّي والتّرويجي، والإعلام يحتاج تدفُّق ملايين الدولارات للاستمرار .
المال يصنع السياسة ويصنع الإعلام، وكذا يفسدهما، ولهذا يقول (ميكافيلي ) في كتابه (الأمير ): "غالبا ما يضطر الأمير الذي يود أن يحافظ على سلطته أن يكون غير صالح؛ ذلك لأن الفئة التي يرى ضرورة الاعتماد عليها فاسدة، سواء عامة الشعب أو الجنود أو النبلاء؛ فإن حاجاتك الملِحَّه تجعلك تُكيِّف نفسك حسب مزاجها؛ فالتصرفات الأخلاقية الفاضلة في هذه الحال، لن تجلب لك سوى المتاعب ".
5- نظرية (بافلوف ): كيف يمكنك أن تخدع كلبًا؟
في العقد الثاني من القرن العشرين، ظهر ما يعرف بـِِِِِ الاتجاهات السلوكية في علم النفس؛ حيث اعتقد كثير من العلماء أن نماذج السلوك عند الإنسان تتشابه مع مثيلاتها عند الحيوان. العالم الروسي (إيفان بافلوف ) كانت له تجربة شهيرة، موجزها أنه قام بتعريض مجموعة من الكلاب لبعض المثيرات الخارجية، منها ما هو مثير حقيقي مثل الطعام، ومنها ما هو مثير محايد مثل الجرس، فكان يقدم الطعام للكلاب مع ضرب الجرس، ثم صار يضرب الجرس من دون تقديم الطعام، واكتشف أن رد فعل الكلاب (جريان اللعاب)، قد صار يتحقق بعد فترة في حال تحقُّق المثير المحايد وحده، رغم غياب المثير الحقيقي.
هذه النظرية اقتبسها الإعلام التلفزيوني منذ فترة طويلة، واستخدمها في توصيل العديد من الرسائل، وقام الإعلام الأميركي بوضع صور الدمار والوحشية مع صور الجنود الألمان خلال فترة الحرب العالمية الثانية. بعد فترة صار ظهور صور الألمان في حد ذاته، يؤدي إلى الإحساس بالكراهية عند المشاهِد. كما استخدم الحزب النازي في (ألمانيا ) تلك التقنية كثيرًا لتشويه الفكر الديموقراطي؛ فقد كان من الطبيعي أن تخرج وسائل الإعلام لتقول: "في ألمانيا كذا حزب وكذا مليون عاطل"، بمرور الوقت استقر في اللاوعي الألماني أن البطالة نتيجة للديمقراطية؛ مما أدّي إلى نفورهم منها وموافقتهم على نظرية الحزب الواحد الشمولية.
في الوقت الحالي يمارس الإعلام الغربي تلك الطريقة لتشويه صورة الإسلاميين؛ حيث تعرض الشاشات أشكال الإرهابيين وهم يقرءون القرآن أو يقومون بأداء الصلاة، هذا أدى إلى أن معظم الغربيين يتخوّفون من المسلمين في حال شاهدوهم أثناء ممارسة طقوس العبادة. وبعد تنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، حرص الإعلام الأميركي على خلق ارتباط شَرْطِي بين (أسامة بن لادن ) و (صدام حسين )، فإذا كان الأول هو المسئول عن تنفيذ الهجمات؛ فإن وضع اسم الثاني معه في جملة واحدة، سوف يؤدي إلى تحريك المشاعر السلبية ناحيته بالتأكيد.
حجم الكتاب عند التحميل : 9.5 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'