❞ 📚 أهم كتب في مسيحية . ❝
الأهم والأكثر تحميلًا .. في كتب مسيحية . مجانا . جميع الكتب المتعلقة بـ مسيحية . . المَسِيْحيَّة، أو النَّصْرَانيّة، هي ديانة إبراهيمية، وتوحيدية، متمحورة في تعاليمها حول الكتاب المقدس، وبشكل خاص يسوع، الذي هو في العقيدة متمم النبؤات المُنتظَر، وابن الله المتجسد؛ الذي قدّم في العهد الجديد ذروة التعاليم الروحيّة والاجتماعية والأخلاقية، وأيّد أقواله بمعجزاته؛ وكان مخلّص العالم بموته على الصليب وقيامته، والوسيط الوحيد بين الله والبشر؛ وينتظر معظم المسيحيين مجيئه الثاني، الذي يُختم بقيامة الموتى، حيث يثيب الله الأبرار والصالحين بملكوت أبدي سعيد.
المسيحية تعدّ أكبر دين معتنق في البشرية، ويبلغ عدد أتباعها 2.4 مليار أي حوالي ثلث البشر، كذلك فالمسيحية دين الأغلبية السكانية في 126 بلدًا من أصل 197 بلدًا في العالم؛ ويُعرف أتباعها باسم المسيحيين؛ جذر كلمة "مسيحية" يأتي من كلمة المسيح التي تعني "من وقع دهنه" أو "الممسوح بالدّهن المقدّس" ؛ وتُعرف أيضًا لناطقي العربية باسم النَّصرانية، من كلمة الناصرة بلدة المسيح.[مت 2:23] نشأت المسيحية من جذور وبيئة يهودية فلسطينية، وخلال أقل من قرن بعد المسيح وُجدت جماعات مسيحية في مناطق مختلفة من العالم القديم حتى الهند شرقًا بفضل التبشير، وخلال القرنين التاليين ورغم الاضطهادات الرومانية، غدت المسيحية دين الإمبراطورية؛ وساهم انتشارها ومن ثم اكتسابها الثقافة اليونانية لا بانفصالها عن اليهودية فحسب، بل بتطوير سمتها الحضارية الخاصة. المسيحية تصنّف في أربع عائلات كبيرة: الكاثوليكية، الأرثوذكسية المشرقية، الأرثوذكسية الشرقية والبروتستانتية؛ وإلى جانب الطوائف، فإنّ للمسيحية إرثًا ثقافيًا دينيًا واسعًا يدعى طقسًا، حيث أن أشهر التصنيفات، وأعرقها في هذا الخصوص، هي المسيحية الشرقية، والمسيحية الغربية.
الثقافة المسيحية، تركت تأثيرًا كبيرًا في الحضارة الحديثة وتاريخ البشرية على مختلف الأصعدة.
التسمية
مشاريع شقيقة ابحث عن مَسِيْحِيَّة في ويكاموس.
كلمة مَسِيْحِيَّة (باليونانية: Χριστιανισμός) ومَسِيْحِيّ (باليونانية: Χριστιανός؛ وأيضًا χρηστιανός) هي نسبة إلى "المسيح"، ومعناها في العهد القديم الممسوح بالدهن المقدس، وربما تكون مشتقة من الكلمة الآرامية السريانية (ܡܫܝܚܐ، نقحرة: مشيحا) وتكتسب الآرامية أهمية دينية خاصة في المسيحية، وذلك لأن يسوع قد تكلّم بها، وكلمة مسيحي في معظم اللغات الهندوأوروبية مشتقة من الكلمة اليونانية "Хριτός، نقحرة: خريستوس" واللاتينية "Christos، نقحرة: كريستوس" بمعنى المسيح، وهو أصل المصطلح المتعارف عليه اليوم في تلك اللغات.
ظهر استخدام كلمة مسيحي لأول مرة في حوالي عام 42 للميلاد، حيث يذكر سفر أعمال الرسل إعطاء أتباع يسوع لقب مسيحيين في مدينة أنطاكية:
المسيحيةفَحَدَثَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعًا غَفِيرًا. وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً. المسيحية
التسمية العبرية للديانة المسيحية هي نَتسْروت (נָצְרַוּת) ونُصريم (נוּצְריְם)، والتسمية العربية المعاصرة هي مَسِيحيَّة ومَسِيْحِيُّوْن نسبة إلى المسيح، والتسمية العربية القديمة هي نَصْرَانِيَّة ونَصَارَى، من كلمة الناصرة بلدة يسوع، أو نسبة لكلمة "أنصار الله" المذكورة بالقرآن Ra bracket.png يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ Aya-14.png La bracket.png. يذكر أن معظم المسيحيين العرب الحاليين يصفون أنفسهم بالمسيحيين.
التاريخ
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: تاريخ المسيحية
خط زمني للفروع الأساسية للكنائس المسيحية بحسب العقيدة.
النشوء والانتشار
Crystal Clear app kdict.png مقالات مفصلة: أعمال الرسلمسيحية مبكرةاضطهاد المسيحيين
أحد الأديار الأرمنية القديمة من القرن السابع مقابل جبل أرارات، تعدّ أرمينيا أول الممالك التي تحولت بالكامل إلى المسيحية.
الصلاة الأخيرة لمسيحيين خلال أحد حفلات التعذيب في الكولسيوم، روما لوحة لجان ليون جيروم سنة 1834.
طبقًا لرواية الكتاب المقدس فإنه وبعد نشاط علني دام قرابة ثلاث سنوات في فلسطين وضمن بيئة يهودية، صعد يسوع المسيح إلى السماء بعد أن قدّم تعاليمه ومواعظه وأجرى المعجزات وتمم النبؤات، وافتتح العهد الجديد طالبًا البشارة إلى كافة أصقاع الأرض، موكلاً الأمر إلى تلامذته، وواعدًا بالرجوع. يقدّم سفر أعمال الرسل، بعض المحطات التاريخية في حياة الجماعة المسيحية الأولى، والتي كانت تعيش مواظبة على الصلاة في حياة مشتركة في كل شيء،[أع 2:45] آخذة أعدادها بالنمو والازدياد، حتى امتدت سريعًا إلى خارج بيئتها اليهودية - الفلسطينيّة، فوجدت خلال عشرين عامًا جماعات مسيحية في سوريا وآسيا الصغرى ومصر واليونان وإيطاليا. وصدر حوالي عام 49 مرسوم طرد المسيحيين واليهود من روما، في حين انعقد مجمع أورشليم عام 50 للتباحث في علاقة المسيحيين من أصل يهودي، مع المسيحيين من أصل أممي؛[أع 6:15] وكان أن اتهم نيرون المسيحيين زورًا حسب رأي أغلب المؤرخين، بإشعال حريق روما عام 64 فجرّد حملة اضطهادات عنيفة؛ ومع مقتل أو وفاة أغلب الحلقة المقربة من المسيح، ظهرت شخصيات جديدة شكلت الحلقة الأولى من آباء الكنيسة.
لقد دعت الجماعات المسيحية الأولى نفسها باسم "الغرباء"، إذ وجدوا أنفسهم في «منفى أرضي» مقابل «الوطن السماوي»، وعزفوا عن السياسة أو التجارة أو الفلسفات، وفي المقابل اهتموا بالفقراء والعجزة والمرضى والعبيد، والإخلاص في الزواج مقارنة بتحلله في المجتمع اليوناني - الروماني. وكان القرن الثاني، موعدًا لاضطهادات كثيرة عرفت باسم الاضطهادات العشرة في الإمبراطورية الرومانية، قضى خلالها وعلى مدى القرن والقرن التالي مئات الآلاف من المسيحيين؛ وأما المبررات المقدمة للاضطهاد فكانت رفض عبادة الإمبراطور من جهة، والمؤسسة المسيحية النابذة للعالم الوثني وقيمه، والمنغلقة على ذاتها نوعًا ما من جهة ثانية.
ومنذ النصف الثاني للقرن الثاني، كانت أسفار العهد الجديد قد جمعت كما يشهد قانون موراتوري، وانتشرت الكنائس في الريف كما في المدن، وأخذت المؤسسات الكنسية، كالأبرشيات تأخذ شكلها المعروف، وظهر اللاهوت الدفاعي أي مجموع الكتابات التي تدافع عن العقيدة بوجه خصومها، لاسيّما الغنوصية والمانوية. وقد استمرت مسيحية القرن الثالث بالنمو، وجذبت مزيدًا من المنضوين تحت لوائها، وأقدم البلاد التي تنصرّت بالكامل هي مملكة أرمينيا ومملكة الرها، كما وجدت جماعات مسيحية مزدهرة في الهند والحبشة؛ وعلى الصعيد الفكري فإن المدارس اللاهوتية قد تكاثرت ونبغ منها مدرستي الإسكندرية وأنطاكية، وبرزت خطوط تفسير الكتاب المقدس وتصلّبت أشكالها، كما تنظمت مؤسسة الرهبنة بعد أن كانت أفرادًا أو مجموعات صغيرة لا منظم لها، بوصفها أفرادًا تخلوا عن العالم المادي وكلّ ما فيه في سبيل التكرّس للدين والإيمان. وإن للقرن الثالث عمومًا يرجع أغلب المؤرخين الكنسيين وإن كان قد وجد بعض المؤرخين أقدم طورًا من ذلك؛ أما على الصعيد الاجتماعي فإن الفكرة القائلة بمجيء سريع للمسيح قد تلاشت وأخذت المجتمعات المسيحية تنفتح نحو المشاركة في الحياة الاقتصادية والثقافية، وإن كان بعض الأباطرة أمثال فيليب العربي، قد مالوا نحو المسيحية، فإن البعض الآخر قد حاول القضاء عليها بالاضطهاد والتنكيل، رغم عدم نجاعة الحل المقترح في ضبط انتشار الدين، وعمومًا فإن الشهداء في المسيحية يذكرون ثالثًا بعد الأنبياء والرسل بوصفهم شهود الإيمان وناشريه حتى اليوم.
القرون الوسطى المبكرة
Crystal Clear app kdict.png مقالات مفصلة: مجمع مسكونيالانشقاق العظيمالإمبراطورية البيزنطيةالإمبراطورية الرومانية المقدسة
الإمبراطور قسطنطين الأول محاطًا بالأساقفة مشهرين قانون الإيمان، في مجمع نيقية.
الطيف المسيحي في الخريستولوجيا بين القرنين الخامس والسابع، يظهر معتقدات كنيسة المشرق (أزرق فاتح) والكنائس الميافيزية (أحمر فاتح) والكنائس الغربية (بنفسجي فاتح.)
كانت بداية القرن الرابع، موعدًا لنهاية زمن الاضطهاد، فإن مرسوم غاليريوس التسامحي ثم مرسوم ميلانو عام 312، اعترف بالمسيحية دينًا من أديان الإمبراطورية، وحسب التقليد فإن القديس قسطنطين قد وعد الله باعتناق المسيحية إن انتصر في أحد معاركه على الفرس، فكان له ما أراد. وفي عام 330 قام بنقل العاصمة من روما إلى القسطنطينية، والتي أصبحت مركز المسيحية الشرقية ومركز حضاري عالمي، فأضحت أعظم مدن العالم في ذلك العصر. وما تلا ذلك من تراجع سريع لبقايا الوثنية. وفي عام 325 انعقد المجمع المسكوني في نيقية للتباحث في قضايا تنظيمية وطقسية في الكنيسة، أما موضوعه الأساسي فكان المذهب الذي علّمه آريوس، والقائل بخلق الكلمة، وكونها من غير ذات الجوهر الإلهي، فعزل وحرم وصيغ في المجمع قانون الإيمان الذي لا يزال مستخدمًا إلى اليوم. غير أن حرم الآريوسية، لم يكن يعني اندثارها، إذ استمرت في مختلف أنحاء العالم المسيحي، حتى القرن الثامن، وشغل أساقفة آريوسيون مناصب هامة في فترات معينة. وكان مجمع القسطنطينية عام 380 قد جاء مكملاً لحرم الآريوسية بتثبيت طبيعة الروح؛ أما المجمعين اللاحقين أي مجمع أفسس عام 431 ومجمع أفسس الثاني أو مجمع خلقيدونية عام 451 فقد انعقدا للتباحث في شؤون خريستولوجية، أي طريقة اتحاد الكلمة بالطبيعة الإنسانية، فحرم أولاً نسطور الذي قال بعدم وجود ارتباط بين الطبعين، في حين أقر مجمع خلقيدونية رسائل ليون الأول بابا روما المتعلقة بطبيعتي المسيح، غير أن المجمع شرخ الكنيسة، فإن الكنائس الأرثوذكسية المشرقية رفضت القول بالطببعتين بعد الاتحاد وقالت بالطبيعة الواحدة من طبيعتين، كما في مجمع أفسس الثاني، وشكل أتباع هذا القول أكثرية مسيحيي أرمينيا ومصر والحبشة والريف السوري، ولا يخفى الواقع السياسي والاجتماعي في تأجج هذا الخلاف الذي شطر الكنيسة والامبراطورية والمجتمع، وحاول العديد من الأباطرة لجمه بصيغ وسطى أو توحيدية أمثال الهينوتيكون إلا أنهم فشلوا.
غير أن الفترة ذاتها كانت حملت انتشار وتطور الفنون المسيحية لاسيّما العمارة في النمط المعروف باسم "بازيليك" أو "كنيسة كبرى"، وتكاثرت الكنائس والرهبانيات، وكانت كنيسة الحكمة المقدسة في العاصمة يخدمها 525 رجل دين بينهم 60 كاهنًا وحدها، وأصدر الإمبراطور يوستيانوس قانون الشهير عام 538 في تنظيم الحياة الكنسيّة وقضايا عديدة والتي جمعها وبوبها من قوانين وتقاليد وافرة سابقة، وكذلك فقد قدمت الكنيسة عددًا من المدارس الفلسفية والأدبية، كما يبدو في مجمل الأدب السرياني واليوناني؛ وقد شاع في ذلك العصر بنوع خاص إكرام الأيقونات وذخائر الشهداء والقديسين، ووصلت المسيحية بفضل جهود المبشرين إلى آسيا الوسطى والصين وكوريا وأقامت فيها أبرشيات. وعلى الرغم أن الدين، لاسيّما في كتابات القديس أوغوسطين وهو أحد الملافنة، ينصّ على كفالة حرية غير المسيحيين وحقوقهم سواءً كانت دينية أم مدنية، إلا أن ذلك العصر قد شمل اضطهادات في بعض المناطق ضد اليهود أو الوثنيين وشمل في بعض الأحيان الفرق المسيحية ذاتها سواءً أكانوا من أنصار الطبيعة أم الطبيعتين.
ومع بداية القرن السابع، سيطر الفرس على الهلال الخصيب، وأجزاء من اسيا الصغرى، وأعلنوا الطبيعة الواحدة مذهبًا رسميًا، غير أن هرقل استطاع استعادة البلاد في العقد التالي، وإذ أدرك أهمية توحيد الفريقين اجترح الصيغة الجديدة القائلة بالطبعين في مشيئة، غير أن محاولته فشلت ثم أدينت بوصفها هرطقة في مجمع القسطنطينية الثالث عام 681. وخرج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن طاعة الإمبراطورية بوصول الإسلام، وكانت أوضاع المسيحيين في ظل الدولة الأموية والعصر العباسي الأول مزدهرة، وقد برز السريان والنساطرة في الترجمة، العلوم، الفلك والطب فاعتمد عليهم الخلفاء. غير أنها انتكست نتيجة الاضطهادات لاسيّما أيام المتوكل على الله العباسي والحاكم بأمر الله الفاطمي، وعدد من خلافائهما، كما أن عملية التحول عن المسيحية ازدهرت في القرنين التاسع والعاشر؛ وقد استقرت أوضاع المسيحية الشرقية على هذا الحال بين أزمنة استقرار وأزمنة مضايقات أو اضطهاد، وانحسر تأثيرها في محيطها كما في العالم المسيحي. أما في الغرب، فإن شعوب أوروبا الوسطى والشرقية، تحولت إلى المسيحية، واعتنقت بريطانيا المسيحية على يد القديس باتريك في احين اعتمدت روسيا في ختام القرن العاشر. وبات لبابا روما، دور كبير لا على الصعيد الديني فحسب بل على الصعيد المدني أيضًا، وغدا الباباوات يتوجون الأباطرة؛ وإن كان الإقطاع والتخلف الحضاري سمات أوروبا آنذاك، فإن الأديرة والكنائس كانت المراكز الحضرية الوحيدة فيها، وقد لعبت الرهبنات الأوغوسطينية والبندكتية وكذلك دير كلوني دورًا رائدًا في الغرب. وقد شكل الخلاف حول "مسكونية" كرسي روما، واتهامها بالاحتكار، الانشقاق العظيم عام 1054.
القرون الوسطى المتأخرة
Crystal Clear app kdict.png مقالات مفصلة: حملات صليبيةعصر النهضةنهضة بابويةالإصلاح البروتستانتيإصلاح مضاد
مريم العذراء، سيدة غوادالوبي شفيعة الإمريكيتين؛ إحدى أقدم الآثار المسيحية في العالم الجديد وأشهرها تعود لعام 1555، ومن أيقونات العذراء السمراء.
كانت المرحلة الثانية من القرون الوسطى تركزًا لزعامة العالم المسيحي في الغرب، الذي بدأ يخرج من ركوده السابق، وكان للكنيسة نشاط في مختلف الميادين، وحسب رأي المؤرخ الفرنسي جورج مينوا: "يسعنا الحديث دون مبالغة عن ثورة عملية قادتها الذهنية الكاثوليكية في القرن الحادي عشر". هذه الثورة التي كانت تجلياتها الخارجية بالحملات الصليبية ثم حروب استعادة الأندلس، كانت تجلياتها الداخلية بتحسن الوضع المعيشي في أوروبا، ومن ثم تحسين مركزية الدولة، ورعاية العلوم والفلسفات، ويذكر في هذا الصدد على وجه الخصوص القديس توما الإكويني. وتزامنًا، انتهى الانشقاق البابوي، وانخفض مستوى التوتر بين الأباطرة والباباوات؛ وأما الحدث الأبرز في القرون الوسطى ولا شكّ، كان اكتشاف العالم الجديد بدءًا من عام 1492، وغالبًا ما كانت الحملات الاستكشافية تتم بمباركة الكنيسة، التي تمكنت من تأسيس مراكز لها في الأصقاع المكتشفة حديثًا كما في الشرق الأقصى وأفريقيا الجنوبية. هذه الاكتشافات أدت إلى تدفق الذهب نحو إيطاليا، وغدت روما وفلورنسا وجنوا عواصم النهضة التي سرعان ما عمّت أوروبا، فاسحة المجال لترف ووفرة لا اقتصادية فقط، بل ثقافية وعلمية أيضًا، وإن بعضًا من الرهبانيات الكبيرة الأثر في التاريخ كالرهبنة الفرنسيسكانية والدومينيكانية، قد تأسست خلال تلك المرحلة، وكذلك تطور الاهتمام بتشييد الكاتدرائيات الكبرى، والجامعات، والمشافي، وتشجيع الفنون، وبخاصة الموسيقى، والنحت، والرسم، وانتشرت الجامعات، والنوادي الاجتماعية التي شكلت سمات عصر النهضة الأوروبيّة والنهضة البابوية.
تمثال داود النبي والملك، لمايكل آنجلو، أحد أشهر أعمال عصر النهضة الفنية.
على الصعيد العقائدي، فقد تمت عملية إعادة قراءة للعقائد، فعلى سبيل المثال فإن تعاليم أرسطو عن "الجوهر والشكل" باتت أساس شرح سر القربان. وعلى الرغم من هذا الازدهار فلم يكن العصر خاليًا مما يؤرق أوروبا، إذ تمكنت الدولة العثمانية من فتح القسطنطينية عام 1453 وتحول ثقل الأرثوذكسية نحو روسيا، كما أن الثروات المتدفقة إلى الغرب أدت إلى انتشار الفساد المالي والأخلاقي حتى داخل بعض أروقة الكنيسة ذاتها، وإلى سيطرة بعض العائلات أمثال آل ميديتشي على الكرسي الرسولي، ويشار إلى عهد البابا ألكسندر السادس بوصفه ذروة الفساد. هذا الوضع، قد دفع لقيام حركة إصلاح بالغة الأثر في الكنيسة والعالم، كانت ذات شقين، الأول مع مارتن لوثر عام 1518 وما اصطلح عليه اسم الإصلاح البروتستانتي، والذي اتسع ليشمل أوروبا الشمالية برمتها، كما أتبع بظهور عدد آخر من المصلحين الإنجيليين أمثال كالفن ويان هوس؛ وظهور الكنائس الوطنية المستقلة مع الإصلاح الإنجليزي 1534؛ والشق الثاني ما يعرف بالإصلاح المضاد أو الإصلاح الكاثوليكي الذي شكل مجمع ترنت، والرهبنة اليسوعية، ثم سيطرة المحافطين على الكرسي الرسولي بدءًا من وفاة البابا جول الثالث عام 1555 عماده الرئيسي.
من نتائج السياسة المحافظة كانت محاكم التفتيش التي نشأت للرقابة على الفلسفات والأفكار الآخذة بالتصاعد والبروتستانت أساسًا، وشملت أيضًا في أهدافها الموريسكيين واليهود، الذين أضمروا دينهم سرًا وأظهروا المسيحية، وكانوا قد خيرّوا بين اعتناق المسيحية أو الهجرة في إسبانيا وحدها. في المقابل، فإن أصقاعًا أخرى من العالم المسيحي، كهولندا والمستعمرات الإمريكية كانت موئلاً للأقليات المضطهدة لاسيّما اليهود وحاضنًا للأفكار والفلسفات الجديدة. أما الاحتقان في أوروبا بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية قد دفع إلى تفجر سلسلة حروب أهلية كان أكبرها حرب الثلاثين عامًا التي اندلعت عام 1618، ومع منتصف القرن تم الدخول في مرحلة من السلام والاعتراف المتبادل.
القرون الحديثة
Crystal Clear app kdict.png مقالات مفصلة: مسيحية أصوليةمسيحية ليبراليةتبشير
توقف العثمانيون عن التمدد في أوروبا إثر عجزهم عن دخول فيينا عام 1683 غير أنهم سيطروا على أغلب أقطار أوروبا الشرقية، وعمومًا لم تكن العلاقة بين الغرب المسيحي والعثمانيين علاقات حرب فحسب بل وجدت علاقات دبلوماسية وتجارية نشطة، وكان لمسيحيي الداخل العثماني أزمنة مستقرة ومزدهرة لاسيّما في العاصمة والأقطار ذات الغالبية المسيحية كما كان بعض الأزمنة من التضييق والاضطهاد، ووضعت المجموعات المسيحية في الدولة العثمانية تحت حماية الدول الأوروبية وفق نظام الامتيازات الأجنبية بدءًا من عام 1649، وإن نشوء الكنائس الكاثوليكية الشرقية نتيجة جهود مبعوثي روما يعود لتلك الحقبة.
أساقفة في ساحة القديس بطرس، الفاتيكان.
لقد شكلت الثورة الصناعية نقطة انعطاف في تاريخ البشرية مع نشوء أنماط جديدة من المجتمع البشري خلافًا لما كان سائدًا في الحضارات الزراعية، وترك التحوّل عميق الآثار في الفكر الإنساني بما فيه الدين، وكان أحد تمظهرات الأمر نشوء المدارس والأفكار الإلحادية واكتسابها شعبية وتأييدًا بين الجمهور، وتصاعدت حالات التهجم على الدين والكنيسة، ومعاداة الإكليروس، وقد أعلن نيتشه على سبيل المثال "موت الله"، غير أن القرن العشرين قد شهد تراجعًا لهذه الفلسفات، حسبما يراه البعض. كما أن حركة التحديث المسيحية قد طفقت تنمو، وبرزت المسيحية الليبرالية في مقابل المسيحية الأصولية، والدراسات الكتابية الحديثة، وتطور العقيدة الاجتماعية ودور المجتمع في الحالات الخاصة، وتكاثر المنظمات العلمانية الكنسيّة وتقلص دور وحجم الإكليروس، إلى جانب حركة تحديث طقسي ومجمعي أيضًا عبر المجمع الفاتيكاني الأول ثم وبشكل خاص المجمع الفاتيكاني الثاني بين 1963 - 1965 والذي أجرى إصلاحات ليتورجية وإدارية على صعيد الكنيسة الكاثوليكية في المرحلة التي شهدت تحديدات جديدة للعقيدة مثل الحبل بلا دنس وانتقال العذراء. يعود لهذه المرحلة، على الصعيد السياسي حدثان كان لهما عميق التأثير في المسيحية الغربية، الأول قيام الولايات المتحدة الإمريكية التي وجدها الإنجيليون من الواسب "إنجاز من الله على الأرض تمامًا كما حصل مع داود وموسى"، والثانية كانت الثورة الفرنسية التي على العكس من الأولى برزت شديدة الهجومية على الدين والكنيسة لاسيّما خلال عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة، وكان من تجليات الأمر مصادرة أملاك الكنيسة والتدخل بتعيين الأساقفة حتى قطعت العلاقة بين فرنسا والكرسي الرسولي عام 1904، ولم تصلح إلا بعد الحرب العالمية الثانية.
البابا فرنسيس خلال مباركته الحشود: لا تزال للكنيسة قوتها.
أما في المسيحية الشرقية فقد نالت دول أوروبا الشرقية استقلالها عن العثمانيين، ولعب المسيحيون العرب لاسيّما في لبنان دورًا بارزًا في النهضة العربية، كما أزيلت قانونًا أشكال التمييز مع بداية القرن التاسع عشر، غير أن بدايات الهجرة المسيحية تعود لتلك الفترة أيضًا. أما الكنيسة الروسية فقد شهدت استقرارًا وتعاونًا مع القياصرة، واضطلعت بدور هام في المجتمع الروسي. وانتشرت أواخر القرن التاسع عشر، حركة صحوة دينية في المناطق البروتستانتية، ركزت على الورع والأخلاق بوصفهما تعبيرًا أسمى عن العقيدة؛ أما الهزيع الأول من القرن العشرين فقد شهد قيام الأنظمة الشيوعية ثم الفاشية والنازية التي اضطهدت الكنيسة وسعت لاستئصال الدين من المجتمع، وقد قارعتها الكنيسة بشتى الوسائل، في حين أوجدت اتفاقية لاتران الفاتيكان بالشكل المتعارف عليه اليوم. وشهدت المرحلة ذاتها أيضًا مذابح الأرمن واليونان البوتيك والسريان الآشوريين.
في مطلع القرن العشرين بدأت حركة تقارب بين الكنائس والطوائف المسيحية، حيث دعيت هذه الحركة باسم الحركة المسكونية، في سنة 1948 تأسس مجلس الكنائس العالمي، وهي منظمة تعمل من أجل تطوير الوحدة المسيحية، ويضم الآن مختلف الكنائس.
تقف المسيحية بشكل عام اليوم، بوجه الإجهاض، الموت الرحيم وزواج المثليين جنسيًا، ما يجعلها من أكبر المؤسسات المدافعة عن الثقافة التقليدية والأخلاق التقليدية في المجتمع، أما عن أبرز مشاكلها فإن تراجع عدد المنخرطين في سلك الكهنوت ونسبة المداومين على حضور الطقوس يعدّان من أكبر المشاكل؛ رغم ذلك فإن هذه ..
مناقشات واقتراحات حول صفحة مسيحية .: