❞ 📚 أهم كتب في المبتدأ . ❝
الأهم والأكثر تحميلًا .. في كتب المبتدأ . . جميع الكتب المتعلقة بـ المبتدأ . . في النحو العربي وقواعد اللغة العربية المبتدأ اسم صريح أو مؤول بالصريح مرفوع أو في محلِّ رفع، يأتي غالباً في بداية الجملة الاسمية، ويليه ما يُعرف اصطلاحاً بالخبر، وبإسناد الخبر إليه يكتمل معنى الجملة وتصبح ذات فائدة معنوية، مثل: «الحَقُّ بَيِّنٌ». والمبتدأ هو الاسم المجرَّد من العوامل اللفظية غير الزائدة في الإسناد، والعامل في رفعه هو معنى الابتداء نفسه. والجملة التي تتكون من المبتدأ والخبر تسمَّى جملة اسمية، ويُفَرَّقُ بين الاثنين كون المبتدأ هو المُحَدَّث عنه والخبر هو المُحَدَّث به. والمبتدأ إمَّا مخبراً عنه أو وصفاً عاملاً في اسم مرفوع سدَّ مسدَّ الخبر. والمبتدأ يأتي اسماً ظاهراً مُعرباً، أو اسماً مبنيّاً كأسماء الإشارة أو الأسماء الموصولة أو أسماء الشرط، ويأتي كذلك ضميراً منفصلاً، ويكون مصدراً مؤولاً من أنْ والفعل المضارع أو من همزة التسوية وما بعدها، والأصل في المبتدأ أن يكون معرفة، إلا أنَّه قد يكون نكرة إذا أفادت النكرة معنى محدداً ليكون في الإخبار عنها فائدة.
العامل في المبتدأ
ليس للمبتدأ أي عامل لفظي، والعامل في رفعه هو معنى الابتداء نفسه، فالعامل في المبتدأ هو عامل معنوي غير ظاهر ولكنّه مفهوم في الذهن. وهذا هو أشهر الآراء، وقال به جمهور البصريين، وهناك أقوال أخرى غير هذه، أشهرها أنَّ المبتدأ والخبر يترافعان، أي أنَّ كل منهما هو العامل في رفع الآخر، وأخذ بهذا الرأي جمهور الكوفيين ومنهم ابن جني وأبو حيان. ولا يوجد موقع إعرابي آخر غير المبتدأ يُجرَّد من العوامل اللفظية وفقاً لأغلبية النحاة. ولكن ليس كل اسم مجرد من العوامل اللفظية هو بالضرورة مبتدأ، فقد تأتي بعض الأسماء مجردة من العوامل اللفظية ولكن لم يسند إليها أي لفظ، فإذا قلنا مثلاً: «الحَقُّ» لم يكن «الحَقُّ» مبتدأ، على اعتبار المثال السابق جملة صحيحة، لأنَّه لم يُسند إليه أي لفظ بعد، وإذا أُسند إليه لفظ يُخبِر عنه فسيكون عندها مبتدأ.
بإمكان عوامل لفظية زائدة أن تعمل في المبتدأ، وهذه العوامل الزائدة لا تؤخذ كعوامل حقيقية، لأن الزائد في عُرف النحاة حكمه حكم الساقط. مثل حروف الجر الزائدة التي تتصل بالمبتدأ فتعمل على جرّه لفظاً، ولكنَّه محلّا يبقى مرفوعاً بالابتداء، وهذه العوامل وما شابهها التي تدخل زيادة على المبتدأ عوامل ثانوية لا يُعتد بها، وذلك لأنَّ وجودها من عدمها لا يغير شيئاً من المفهوم العام للجملة. وقد تسبقه أيضاً عدد من الأدوات غير العاملة فلا تؤثر فيه كذلك، ولا يُعتد بها كعوامل أيضاً، غير أنَّ هذه العوامل الثانوية تزيل أثر العامل المعنوي الأول، فعملها في المبتدأ عمل لفظي وليس وظيفي.
دائماً ما تدخل الإشارة إلى تَجَرُّد المبتدأ من العوامل اللفظية في تعريفه، وذلك للتمييز بينه وبين الفاعل ونائب الفاعل، وأيضاً للتمييز بين المبتدأ ومعمول «كان وأخواتها» المرفوع، الذي هو في الأصل والمدلول مبتدأ، ونفس الشيء ينطبق على معمول «أفعال المقاربة والرجاء والشروع» المرفوع وكذلك معمول «أخوات إنَّ» المنصوب.
أنواع المبتدأ
يأتي المُبَتَدأَ فِي ثَلَاثَةُ صُوَرٌ. فيكون المبتدأ اسماً صريحاً، مفرداً أو مثنى أو جمعاً، مذكَّراً أو مؤنَّثاً، مثل: «سَعدٌ حَضَرَ الاِجتِمَاعَ». ويشمل هذا المصادر الصريحة والأسماء المشتقة، مثل: «الاِطمِئنَانُ مَكَانُهُ القَلبُ» أو «مَا صَادِقٌ أَنتَ». ويأتي المبتدأ كذلك ضميراً منفصلاً، وذلك على اختلاف أنواعه من ناحية التذكير والتأنيث ومن ناحية الإفراد والتثنية والجمع، مثل: «أَنتَ حَدِيثُكَ مُشَوِّقٌ». ويكون المبتدأ مصدراً مؤولاً، أي أنَّ المبتدأ في لفظه المقدَّر والمفهوم يُستخرج من حرف مصدري وما بعده، مثل: «وَأَنْ تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ» حيث المصدر المؤول من «أَنْ» الناصبة والفعل المضارع في أول الجملة في محلِّ رفع مبتدأ، وتقدير الكلام: «صِيَامُكُم خَيرٌ لَكُمْ». ويأتي المصدر المؤول كذلك من همزة التسوية وما بعدها، كما في الآية: «» حيث المصدر المؤول من همزة التسوية «أَ» والفعل «أَنذَرَ» بعدها في محلِّ رفع مبتدأ تقديره «إِنذَارُكَ». ويُلاحظ كثرة مجيء المبتدأ مصدراً مؤولاً في الحديث النبوي والكلام العربي القديم.
لا يأتي المبتدأ ضميراً متصلاً إلَّا في حالتين فقط، وذلك إذا تحوّل المبتدأ من كونه ضميراً منفصلاً إلى متصل بحرف جر زائد، مثل: «كَيفَ بِكَ». حيث كاف المخاطب ضمير متصل مبني في محل رفع مبتدأ، وأصل الجملة القول: «كَيفَ أَنتَ» حيث تحوَّل الضمير المنفصل إلى متصل باتصاله بحرف الجر الزائد، وكلا الضميرين مبتدأ، ومن هذا أيضاً: «كَيفَ بِهِ» أو «كَيفَ بِنَا». ويأتي المبتدأ ضميراً متصلاً إذا جاءَ بعد «لَولَا»، مثل: «لَولَاهُ» أو «لَولَايَ» أو «لَولَاكَ» أو «لَولَانَا»، في جملةٍ مثل: «لَولَاكَ لخَسَرنَا اللُّعبَةَ».
ويصلح ما يكون في قوة الاسم الصريح أن يكون مبتدأ، مثل "الجملة المحكية بالقول": «حَسبِيَ اللَّه وَنِعمَ الوَّكِيلِ مَا يَقُولُهُ المُؤمِنُ عِندَ المُصِيبَةِ». حيث المبتدأ في الجملة السابقة هو الجملة المحكية «حَسبِيَ اللَّه وَنِعمَ الوَّكِيلِ»، ولا يجب النظر إلى الجملة المحكية باعتبارها جملة حقيقية تتركب من مفردات منفصلة، ولكن باعتبارها بنية لغوية واحدة تشكل ككل ما يعادل اسماً مفرداً.
إعراب المبتدأ
الرفع
المبتدأ ملازم للرفع في أي موقع كان، وقد يجرُّ لفظاً لكنَّه محلاً يبقى مرفوعاً، وإذا دخلت عليه إنَّ وأخواتها يُنصب ولكن يتغير موقعه الإعرابي من كونه مبتدأ إلى اسم لإن وأخواتها. والرفع في المبتدأ يكون ظاهرياً أو تقديرياً أو محلياً. ويرتفع المبتدأ بعلامة أصلية، أي بالضمة الظاهرة أو التنوين المضموم، إذا كان اسماً مفرداً أو جمعاَ مؤنثاً سالماً أو جمع تكسير. وقد يرتفع كذلك بعلامات فرعية، ويرتفع المبتدأ بالألف إذا كان اسماً مثنى، ويرتفع بالواو إذا كان جمعاً مذكراً سالماً أو اسماً من الأسماء الخمسة.
يرى بعض النحاة، وأشهرهم ابن يعيش وجلال الدين السيوطي، أنَّ الرفع في أصله مختصٌّ بالمبتدأ إلى جانب الخبر فقط، وكلُّ المرفوعات غيرهما مُلحَقة بهما من هذه الناحية. بينما يرى نحاة آخرون أنَّ أصل الرفع أن يكون مختصاً بالفاعل فقط، والمبتدأ جاء مرفوعاً إلحاقاً به. ويذهب غيرهم إلى أنَّ المرفوعات جميعها أصول، وليس أحدها مرفوع إلحاقاً أو مشابهةً بآخرٍ. وكان المبرد يرى أنَّ المبتدأ والفاعل مرفوعان للسبب ذاته، وهو أنَّ كلاهما لفظ يصحُّ السكوت عنده. وقد أجمع جمهور النحاة على أنَّ الرفع هو علم الإسناد، بمعنى أنَّ حاجة المبتدأ إلى ما يُسند إليه هو العلة في رفعه. وبعض النحاة يخصُّ المبتدأ بالعمدات فقط، بمعنى أنَّ الرفع ليس مخصوصاً بالمبتدأ أو الفاعل دون غيرهما، بل هو عام على كل عمدة في الجملة كالخبر ونائب الفاعل.
جرَّه لفظاً
الأصل في المبتدأ أن يكون مرفوع المحلّ واللفظ، إلا أنَّه قد يجر لفظاً ويبقى مرفوع محلاً إذا دخلت عليه حروف الجر الزائدة، وحروف الجر الزائدة التي تدخل على المبتدأ ثلاثة حروف هي «مِنْ» و«البَاء» و«رُبَّ». ويشترط لجر المبتدأ بحرف الجر الزائد «مِنْ» أن يكون المبتدأ نكرة ويشترط أن تُسبق الجملة إمَّا بأداة نفي أو استفهام، مثل: «مَا مِن أَحَدٍ عِندِي» أو «هَل مِن أَحَدٍ هُنَاكَ» حيث «أَحَدٍ» مبتدأ مرفوع محلاً مشغول الآخر بحركة حرف الجر الزائد. ويدخل حرف الجر الزائد «البَاء» على المبتدأ إذا كان المبتدأ كلمة «حَسبُ»، مثل: «بِحَسبِكَ لُقَيمَاتُ». ويُجَرُّ المبتدأ ب«رُبَّ» عندما يكون المبتدأ اسم نكرة لفظاً أو معنى، مثل: «رُبَّ كِتَابٍ مُفِيدٌ».
يَكثر دخول حرف الجر «البَاء» خطأً على المبتدأ عندما يكون مصدراً مؤولاً من «أنْ» أو من «أنَّ» وما بعدهما، فيقال: «مِن آثارِ الزَّلازِلِ بِأَن تُدَمَّرَ المَنَازِلَ»، ودخول حرف الجر هنا غير فصيح ولم تصل شواهد تدل على فصاحة هذا الأسلوب، وزيادة حرف الباء نتجت عن مقارنة ليس لها أساس بين المبتدأ المؤول من أحرف مصدرية وما بعدها وبين الخبر الجار والمجرور.
نصب المبتدأ
Crystal Clear app kdict.png مقالات مفصلة: إن وأخواتهالا النافية للجنس
يُنصَب المبتدأ في حالات استثنائية، وذلك عندما يدخل على الجملة الاسمية حرف ناسخ من أخوات إنَّ أو عندما تدخل عليها لا النافية للجنس، وعلى عكس عندما يُجَر المبتدأ بأحرف الجر الزائدة أو شبه الزائده فعندما يُنصب المبتدأ في هذه الحالات فإنَّه لا ينصب فقط من ناحية اللفظ بل وينصب محلاً أيضاً، فيتغيَّر موقعه الإعرابي من كونه مبتدأ مرفوع إلى اسم منصوب لأخوات إنَّ أو للا النافية للجنس.
المبتدأ والجملة الاسمية
موقعه في بداية الجملة
الأصل أنْ يأتي المبتدأ في أول الجملة الاسمية ولا يسبقه أيُّ لفظ، ويُستثنى من ذلك عدد من الحروف التي لها الصدارة في الكلام وبعضها يتصل بأوَّل المبتدأ، ومن هذه الحروف لام الابتداء المفتوحة، مثل: «لَسَمَاءٌ صَافِيَةٌ أَجمَلُ مِن مُغَيِّمَةٍ» أو أحد حروف النفي، مثل: «مَا السَّمَاءُ صَافِيَةٌ اليَومَ» أو أحد حروف الاستفهام، مثل: «هَلِ السَّمَاءُ مُمطِرَةٌ غَداً؟». وقد يسبق المبتدأ حرف جرٍّ زائد أو شبه زائد، مثل: «بِحَسبِكَ درهمٌ» أو «رُبَّ كِتَابٍ قَصِيرٍ مُفِيدٌ». وحروف النفي أو الاستفهام لا تؤثر إطلاقاً على إعراب المبتدأ، أمَّا حروف الجر الزائدة وشبه الزائدة فتعمل على جرِّ المبتدأ في اللفظ وتشغل حركة آخره بالكسرة أو ما ماثلها، ولكنَّه في المحلِّ يظل مرفوعاً (أنظر: جرُّ المبتدأ في اللفظ). وقد يسبق المبتدأ معمول الخبر فيتقدَّم عليه، مثل: «كِتَاباً مُحَمَّدٌ قَرَأَ»، حيث «كِتَاباً» مفعول به للفعل «قَرَأَ» متقدِّم على المبتدأ «مُحَمَّدٌ»، ويجوز هذا الأمر بإجماع جمهور نحاة البصرة، أمَّا الكوفيون فذهبَ أغلبيتهم إلى منع تقديم معمول الخبر على المبتدأ، فيما أجاز بعضهم هذا الأمر مثل ابن هشام الأنصاري، وأجاز الكسائي تقديم معمول اسم الفاعل على المبتدأ ولكنَّه اختار المنع عندما يكون الخبر جملة فعلية.
قد يتقدَّم الخبر على المبتدأ، وهو ما سيفقد المبتدأ موقعه في أول الجملة الاسمية، مثل: «فَوقَ الشَّجَرَةِ طَائِرٌ»، ولهذا التقديم أحكام وقواعد تضبطه وشروط يجب توفّرها، لأنَّ الأصل أن يتقدَّم المبتدأ على الخبر، لأن المبتدأ في المعنى هو المحدّث عنه والخبر هو المحدّث به، ويجب تقديم ما يدور الحديث حوله على ما يتعلّق به من أحداث أو أوصاف. وحتى إذا تأخَّر المبتدأ عن الخبر من ناحية اللفظ، فيظلُّ مقدَّماً على الخبر من ناحية الرتبة والدور القيادي والمحوري في الجملة.
وفي الغالب يكون تقديم الخبر جائزاً، ومن حق المتكلم الاختيار بين تقديمه أو الإبقاء على رتبته الطبيعية، ما لم تلزم حالات بعينها تقديم الخبر أو تقديم المبتدأ. وهناك من النحاة من يرى أنَّ الخبر يجوز تقديمه على المبتدأ في حالة واحدة فقط، وذلك إذا كان الخبر شبه جملة والمبتدأ اسم مُعرَّف، وعدا هذه الحالة فإما يُوجَب تقدُّمه أو تأخُّره عن المبتدأ. وإذا وجب تقديم المبتدأ سيجب عندها تأخير الخبر وبقاءه في موقعه الأصلي، وإذا وجب تقديم الخبر سيتغير موقع المبتدأ وسيترك موقعه المتصدر في الجملة. ويذكر النحاة حالات يوجب فيها تقدّم المبتدأ على الخبر، وبالتالي فالمبتدأ يلزم موقعه في بداية الجملة، وهذه الحالات هي:
عندما يكون المبتدأ من الأسماء التي لها الصدارة في الجملة، ومن هذه الأسماء أسماء الاستفهام، مثل: «مَتَى صَلَاةُ المَغرِبِ». و«مَا» التعجبية في أسلوب التعجب من صيغة «مَا أَفعَلَهُ»، مثل: «مَا أَروَعُ الشِّعرَ»، فلا يجوز تأخير مَا التعجبية على ما بعدها. و«كَم» الخبرية، مثل: «كَم كِتَابٍ لِي». وضمير الشأن، مثل: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ». ويُوجَب تَقدُّم المبتدأ أيضاً إذا كان اسماً موصولاً اتصل بخبره فاء زائدة، مثل: «الَّذِي يَملِكُ المَعرِفَةَ فَلَهُ القِدرَةُ عَلَى التَّطبِيقِ»، فلا يقال: «فَلَهُ القِدرَةُ عَلَى التَّطبِيقِ الَّذِي يَملِكُ المَعرِفَةَ». ولا يقتصر وجوب تقديم المبتدأ عندما تكون الصدارة له فحسب، فيجب تقديمه على الخبر عندما يقترن بما له الصدارة، مثل لام الابتداء، فلا يتقدَّم الخبر عليه، مثل: «لَكِتَابٌ قَصِيرٌ أَفضَلُ من كِتَابٍ طَوِيلٍ»، فلا يقال: «أَفضَلُ من كِتَابٍ طَوِيلٍ لَكِتَابٌ قَصِيرٌ». ويجب تقديم المبتدأ عندما يضاف إلى ما له الصدارة في الكلام، مثل: «حِذَاءُ مَن هَذَا»، فلا يقال: «هَذَا حِذَاءُ مَن». ويجب كذلك تقديم المبتدأ إذا كان مشبهاً باسم شرط له الصدارة في الكلام، مثل «كُلّ» في جملة مثل: «كُلُّ عَمَلِ تَعمَلُهُ تُحَاسَبُ عَلَيهِ».
يجب تقديم المبتدأ إذا كان تأخّره عن الخبر سيحدث لبساً بينه وبين الفاعل، وذلك عندما يكون الخبر جملة فعلية فاعلها هو ضمير مستتر عائد على المبتدأ، مثل: «عَلِيٌّ ذَهَبَ» حيث «عَلِيٌّ» هنا مبتدأ، والجملة الفعلية المكونة من الفعل «ذَهَبَ» وفاعله المستتر خبر للمبتدأ السابق ذكره. وتقديم المبتدأ في هذه الحالة واجب، لأنَّ تأخّره سيجعل منه فاعلاً، فتكون الجملة على النحو: «ذَهَبَ عَلِيٌّ». وتجدر الإشارة إلى أنَّ جماعة من النحاة ترى أنَّ «عَلِيٌّ» مقدماً على خبره هو أيضاً فاعل، وبهذا لا يكون «عَلِيٌّ» مبتدأ أصلاً، ويقول بهذا الرأي من يسمح بتقدّم الفاعل على عامله، ويُنسب هذا الرأي عادة إلى المدرسة الكوفية في النحو (انظر: الخلاف حول تقدم الفاعل على عامله).
ويجب تقديم المبتدأ على الخبر عندما يحدث لبس بينهما، مثل: «كِتَابِي كِتَابُكَ». فلا يمكن تمييز المبتدأ من الخبر في المثال السابق، فوُجِب اعتبار الاسم الأول المبتدأ والمتأخر هو الخبر، لأنَّ المتكلم إذا أراد الإخبار عن أمرٍ ما بدأ به، فإذا أردتُ الإخبار عن «كِتَابِي» بدأتُ الجملة به. ويجب تقديم المبتدأ عندما يكون كلٌّ من المبتدأ والخبر اسم معرفة. سواءً تساوت رتبتهما، مثل: «مُحَمَّدٌ مُعَلِّمُنَا» أو اختلفت، مثل: «الكَاتِبُ مُحَمَّدٌ». فالأشهر اعتبار الاسم الأول مبتدأ والمتأخر خبر، وذلك عندما لا يكون هناك قرينة أو دليل يمكن بواسطته تمييز المبتدأ من الخبر. ويمكن وفقاً لرأي آخر اعتبار أيًّ منهما مبتدأ أو خبر، وغيرهم يجعل الاسم المشتق هو الخبر سواء تقدّم أو تأخر. ويُستثنى من هذه القاعدة التشبيه المعكوس للمبالغة، مثل: «جَبَلُ أُحُدٍ حَسَنَاتُكَ» حيث يُوجب اعتبار الاسم المتأخّر هو المبتدأ، مراعاةً للمعنى لأنَّ أصل الجملة على النحو: «حَسَنَاتُكَ كَجَبَلِ أُحُد». ويجب اعتبار الاسم الأول هو المبتدأ عندما يكون كلٌّ من المبتدأ والخبر اسم نكرة يصحُّ الابتداء به. وإذا كان الاسم الأول معرفة والاسم المتأخر نكرة، يجب اعتبار الأول مبتدأ والآخر خبر، مثل: «الهَوَاءُ نَقِيٌّ». أمَّا إذا كان الاسم الأول نكرة والثاني معرفة، فاتفق النحاة على اعتبار الأول خبر والثاني مبتدأ، مثل: «نَقِيٌّ الهَوَاءُ». أمَّا إذا وُجِدَ مسوّغ للابتداء باسم نكرة، فأوجب سيبويه اعتبار اسم النكرة ليكون المبتدأ، بينما ذهب جمهور النحاة إلى إبقاء الاسم النكرة باعتباره خبر مقدم، وأجاز ابن هشام اعتباره مبتدأ أو خبر. ويرى جماعة من النحاة، منهم ومن المعاصرين إبراهيم السامرائي، أنَّ المبتدأ من بين الاسمين الملتبس بينهما هو ما كان معروفاً لدى المخاطَب، والخبر هو ما يجهله المخاطَب وأراد المتكلِّم أن يُخبِره عنه، وسياق الكلام وموضع الجملة الاسمية فيه هو ما يميز أيّ منهما المبتدأ وأيّهما الخبر، فإذا جيء بالجملة الاسمية «زَيدٌ أخِي» منفردة في غير سياقها لا يمكن تمييز المبتدأ من الخبر، أمَّا إذا وُضِعَت في سياقها الذي يقضي مثلاً بعِلم المخَاطَب أنَّ لدى المتكلِّم أخٌ ولكنَّه لم يعلم هويته، في هذه الحالة يكون «أخِي» مبتدأ مؤخَّر و«زَيدٌ» خبر مُقدَّم، إذا أخذنا في الاعتبار أنَّ المتكلِّم أراد أن يُخبر عن هوية أخيه.
يجب تقديم المبتدأ عندما يقع الحصر على الخبر، مثل: «إِنَّمَا الشَّمسُ تَطلَعُ مِنَ الشَّرقِ». ولا يكون الحصر بـ«إِنَّمَا» فقط، فقد يكون بغيرها من أدوات الحصر، مثل: «مَا أَنَا إِلَّا عَامِلٌ». ولا يجوز تقديم الخبر في هذه الحالة لأنَّ الحصر عندها سيقع على المبتدأ بدلاً من الخبر، فلا يجوز تأخير المبتدأ على النحو: «إِنَّمَا تَطلَعُ مِنَ الشَّرقِ الشَّمسُ». لأنَّ المعنى عندها سيتغيّر، من الدلالة على أنَّ الشمس لا تطلع إلا من الشرق ولا تطلع من جهة أخرى، إلى الدلالة على أنَّ الشمس هي الوحيدة التي تطلع من الشرق ولا يطلع شيء غيرها من تلك الجهة.
يرى بعض النحاة أنَّ المبتدأ يُقَدَّم وجوباً إذا كان ضميراً منفصلاً للمتكلِّم أو المخاطب، وكان الخبر اسماً موصولاً أو نكرةً موصوفة، مثل: «أَنَا الَّذِي كَتَبَ عَلَى الجِدَارِ» أو «أَنتَ رَجُلٌ يَكرُمُ». وذهب نحاة آخرون إلى إجازة هذا الأمر، مثل الكسائي، فيجوز القول: «الَّذِي كَتَبَ عَلَى الجِدَارِ أَنَا» أو «رَجُلٌ يَكرُمُ أَنتَ».
نقلَ أبو حيان الغرناطي عن ابن هشام الأنصاري أنَّه منع تقدُّم الخبر على المبتدأ عندما يكون الخبر كلمة «وحده»، أمَّا جلال الدين السيوطي فنقل عنه المنع في موضع والجواز في موضع آخر.
أغراض تقدُّم المبتدأ على الفعل
Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: أغراض تقديم الفاعل على عامله
ذُكِرَ في المواضع السابقة أنَّ المبتدأ يُقَدَّم وجوباً عندما يكون خبره جملة فعلية، وذلك لمنع الالتباس بينه وبين الفاعل، وتتحقق عدة أغراض بهذا التقدم. فإذا قيل: «كَتَبَ الكَاتِبُ» كان «الكَاتِبُ» فاعل، وبتقديم «الكَاتِبُ» على فعله يصير مبتدأ بعد أن كان فاعلاً، وهذا التقديم والتغير في الجملة تتحقق من وراءه أغراض معنوية كثيرة أشار إليها البلاغيون. وعندما يكون المسند إليه واحداً من الاسمين «مِثلُ» أو «غَيرُ»، فإنَّ الأكثر بلاغة التقديم، مثل: «مِثلُكَ لَا يَأتِي هُنَا» أو «غَيرُكَ حَضَرَ المَهرَجَانَ»، ويقدَّم هذين الاسمين لغرض الكناية عن الفرد ومن يماثله في صفة أو منزلة. ويُقَدَّم المسند إليه بشكل عام عندما يكون اهتمام المتكلِّم والمخاطب منصبّ حوله، ومن أغراض تقديم المسند إليه على الفعل، بحيث يكون المسند إليه مبتدأ، ما يأتي:
التخصيص والحصر. فعندما تقول: «أَنَا كَتَبتُ» فإنَّ متلقِ الفائدة يميل إلى الاعتقاد بأنَّك أنت وحدك الذي كتب، على الأقل في نطاق ما يدور حوله الحديث وما يهمّ المتكلم والمخاطب، على عكس إذا قلتَ: «كَتَبتُ أَنَا» فنفهم من هنا أنَّكَ أنت كتبتَ شيئاً، مع عدم حصر الكتابة عليك فقط وإمكانية أن يكون هناك شخص آخر قد شاركك الكتابة. وقد يتقدَّم المبتدأ لغرض التخصيص، مثل: «سَعِيدٌ جَاءَ»، كأن تكون هناك فكرة غير صحيحة لدى المخاطب أنَّ صالحاً هو الذي جاء مثلاً وليس سعيد، فيُقدَّم المبتدأ لتخصيص سعيد بالفعل وأيضاً لإزالة اللبس الموجود. أمَّا إذا لم يتقدم المبتدأ وقيل: «جَاءَ سَعِيدٌ»، فيكون الإخبار عن سعيد إخباراً ابتدائياً وذهن المخاطب غير موجه لجهة بحدِّ ذاتها، مما يفسح المجال ليكون صالح قد جاء فعلاً. والملاحظ أنَّ الأسلوبين كلاهما صحيحان، إلا أنَّ أحدهما أكثر دقة في إبراز المعنى من الآخر.
إزالة الشكوك حول صحة واقعة أو حقيقة. كأن يقال: «النَّجَّارُ يَطرِقُ البَّابَ» عندما تدور هناك شكوك ما حول هوية الطارق وما إذا كان هو الحداد أم لا، فتقديم المبتدأ في الجملة السابقة فيه تأكيد على أنَّ الحداد يطرق الباب، وليس الغرض من التقديم حصر الطرق عليه أو تخصيصه به وإنَّما الغرض من التقديم يكتفي بالتأكيد على أنَّ الحداد يطرق الباب فعلاً لمن يشك في هذه الحقيقة.
تعجيل الأنباء الجيدة والسيئة. مثل: «سَيَّارَتُكَ عُثِرَت»، لمن سُرِقت سيارته أو ضاعت. ومثل: «سَيَّارَتُكَ سُرِقَت».
يُقَدَّم المبتدأ لغرض تعظيمه أو تحقيره. فيقال: «اللَّهُ أَوجَدَ كُلَّ مَوجُودٍ» أو «الأَبلَهُ أَضَاعَ الوَثِيقَةَ».
يُقَدَّم المبتدأ إذا أُخبِر عنه بما ليس من صفاته المعتادة، للتعجب والتأكيد على غرابة الموقف. مثل: «البَقَرَةُ تَكَلَّمَت».
لتبيين الجنس أو العدد. وذلك عندما يكون المبتدأ نكرة، فيقال: «رَجُلٌ يَزُورُ القَبرَ»، إذا كان المخاطب يعلم أنَّ شخصاً ما قد حضر، ولكن لا يعلم جنسه، فيقدم المبتدأ للتأكيد على الجنس. والمثل يقال إذا قُصِد تبيين العدد، أي أنَّ من حضر هو رجل واحد فقط، وليس رجلان أو رجال.
نفي الحكم عن المبتدأ مع إثباته لغيره. فعندما نقول مع تقديم المسند إليه: «مَا صَالِحٌ ضَرَبَ زَيداً»، النفي يكون واقع على صالح، مع إثبات أنَّ هناك شخص ما قام فعلاً بضرب زيد، بمعنى: "ليس صالح هو الذي ضرب زيد، ولكنَّه شخص آخر". أَمَّا إذا قيل: «مَا ضَرَبَ صَالِحٌ زَيداً» فإنَّ المعنى يختلف عن السابق، فالنفي هنا واقع على صالح أيضاً، ولكن بدون إثبات أو نفي أنَّ هناك من ضرب زيد أم لا. والأمر نفسه تقريباً ينطبق على الاستفهام عندما يقال: «أَصَالِحٌ ضَرَبَ زَيداً؟»، فإنَّ الاستفهام يكون حول هوية الضارب مع إثبات حدوث الفعل أي الضرب، أمَّا عند تأخُّر المسند إليه فإنَّ الاستفهام يقع حول ما إذا حدث الفعل أم لا، مثل: «أَضَرَبَ صَالِحٌ زَيداً؟» مع اقتران الفعل بالمسند إليه فقط، بحيث لو كان لغيره تكون الإجابة بالنفي.
تأخّره عن الخبر
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: خبر
اشتمال الجملة الاسمية على أكثر من مبتدأ
قد يحدث في بعض الأحيان أن يكون الخبر هو جملة اسمية بحد ذاتها تدخل ضمن نطاق جملة اسمية أخرى تشملها، وهو ما سيؤدي إلى وجود مبتدءان في الجملة الشاملة، مثل: «الطِيورُ صَوتُ غنَائِهَا بَدِيعٌ». فالمبتدأ الأول هو ما يدور الحديث حوله في الجملة الشاملة ويُعتبر الركن الأول منها، وفي حالة المثال السابق سيكو..
مناقشات واقتراحات حول صفحة المبتدأ .: