❞ 📚 أهم كتب في نحو صرف . ❝
الأهم والأكثر تحميلًا .. في كتب اكبر مكتبة لـ نحو صرف . . جميع الكتب المتعلقة بـ نحو صرف . . عِلْمُ النَّحُو ويسمَّى أيضًا عِلْمُ الإِعْرَاب هو علم يعرف به حال أواخر الكلم، وعلم النحو يبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد الإعراب. فغاية علم النحو أن يحدد أساليب تكوين الجمل ومواضع الكلمات والخصائص التي تكتسبها الكلمة من ذلك الموضع، سواءً أكانت خصائص نحوية كالابتداء والفاعلية والمفعولية أو أحكامًا نحوية كالتقديم والتأخير والإعراب والبناء.
والغرض من علم النحو تحصيل ملكة يقتدر بها على إيراد تركيب وضع وضعا نوعيًا لما أراده المتكلم من المعاني وعلى فهم معنى أي مركب كان بحسب الوضع المذكور.
وعلم النحو من علوم اللغة العربية ويعد العلم الأهم بينها، معرفته ضرورية على أهل الشريعة إذ مأخذ الأحكام الشرعية كلها من الكتاب والسنة، وتعلم لمن أراد علم الشريعة.
والنحو هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره: كالتثنية، والجمع، والتحقير والتكسير والإضافة والنسب، والتركيب، وغير ذلك، ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها وإنْ لم يكن منهم، وإنْ شذ بعضهم عنها رد به إليها. وهو في الأصل مصدر شائع، أي نحوت نحوًا، كقولك قصدت قصدًا، ثم خصّ به انتحاء هذا القبيل من العلم" (الجزء الأول – صفحة 34)، فالنحو عند ابن جني على هذا هو: محاكاة العرب في طريقة كلمهم تجنبًا للّحن، وتمكينًا للمستعرب في أن يكون كالعربيّ في فصاحته وسلامة لغته عند الكلام.
من خصائص هذا العلمِ تمييزُ الاسمِ من الفعلِ من الحرفِ، و تمييزُ المعربِ من المبنيِّ، و تمييزُ المرفوعِ من المنصوبِ من المخفوضِ من المجزومِ، مَعَ تحديدِ العواملِ المؤثرةِ في هذا كلِّه، و قد استُنبِطَ هذا كلُّه من كلامِ العربِ بالاستقراءِ، و صارَ كلامُ العربِ الأولُ شعرًا و نثرًا - بعدَ نصوصِ الكتابِ و السُّنةِ - هو الحجةَ في تقريرِ قواعدِ النحوِ في صورةِ ماعُرِفَ بالشواهدِ اللُّغويةِ، و هو ما استَشهدَ به العلماءُ من كلامِ العربِ لتقريرِ القواعدِ.
أصل التسمية
النحو في اللغة من المصدر نَحَا؛ والنَّحْوُ: القَصدُ والطَّرِيقُ، يكون ظرفًا ويكون اسمًا، نَحاه يَنْحُوه ويَنْحاه نَحْوًا وانْتَحاه، ونَحْوُ العربية منه، وهو في الأَصل مصدر شائع أَي نَحَوْتُ نَحْوًا كقولك قَصَدْت قَصْدًا، ثم خُص به انْتِحاء هذا القَبيل من العلم، كما أَن الفِقه في الأَصل مصدر فَقِهْت الشيء أَي عَرَفته، ثم خُص به علم الشريعة من التحليل والتحريم. قال ابن سيده: وله نظائر في قصر ما كان شائعًا في جنسه على أَحد أَنواعه، وقد استعملته العرب ظَرْفًا، وأَصله المصدر؛ ومن ذلك فقد سُمي علمُ النحوِ بهذا الاسمِ لأن المتكلمَ ينحو به منهاجَ كلامِ العربِ إفرادًا و تركيبًا.
وتكثر الروايات بشأن تسمية النحو بهذا الاسم بكثرة الروايات التي تتحدث عن نشأته، ومن أشهر الرويات هي ما روي أن علي بن أبي طالب لمَّا أشار على أبي الأسود الدؤلي أن يضع علم النحو، قال له ـ بعد أن علمه الاسم والفعل والحرف -: الاسم ما أنبأ عن مسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى في غيره، والرفع للفاعل وما اشتبه به، والنصب للمفعول وما حمل عليه، والجر للمضاف وما يناسبه، انح هذا النحو يا أبا الأسود (آي اسلك هذه الطريقة)؛ فسمي بذلك. من هنا اعتبر النحو محاكاة كلام العرب واتباع نهجهم في ما قالوه من الكلام الصحيح، وسمي نحوا لأن المتكلم ينحو به نهج كلام العرب، وهذا ما عبر عنه ابن جني -وهو يحدد بدقة مفهوم النحو- قائلا: “هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره كالتثنية والجمع، والتحقير، والتكسير والإضافة والنسب، والتركيب وغير ذلك ليلحق من ليس من أهل العربية بالعربية في الفصاحة”(3).
التاريخ
فلما كانت الفتوحات الإسلامية واتسعت الدولة الإسلامية، واختلاط العرب الفاتحين بالشعوب التي كانت تحت سيطرة الفرس والبيزنطيين والأحباش، ودخول كثير من هؤلاء في الإسلام، واضطرارهم إلى تعلم ما استطاعوا من العربية، وانتشرت العربية كلغة أساسية بين هذه الشعوب، بعد أن أصبحت اللغة العربية لغة خاصة بالعرب إلى لغة لجميع المسلمين، تسرب الفساد إلى اللغة العربية وبدأ يسمع لحن في التخاطب، إلى أن انتشر وتفشَّى اللحن والتحريف في اللغة العربية داخل الأراضي الإسلامية، ولم يقتصر الأمر على المستعربين بل وظهر اللحن بين العرب خصوصًا في العراق، واستفحال خطره وتسرب اللحن حتى في قراءة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. كان من الأسباب التي استدعت وضع علم النحو، وضبط الألسن، بتدوين القواعد المستنبطة من القرآن الكريم وأقوال العرب، والتخلص من آفتيْ اللحن والتحريف، التي قد تجمع اللفظ والمعنى. قليلًا في الأول ثم أخذ في الانتشار حتى لفت إليه أنظار المسئولين وغيرهم من أهل الحل والعقد.
وهذا ماذكره أبو بكر الزبيدي في مقدمة كتابه طبقات النحويين واللغويين فقال: «ولم تزل العربية تنطق على سجيتها في صدر اسلامها وماضي جاهليتها، حتى أظهر الله الاسلام على سائر الأديان، فدخل الناس فيه أفواجا واقبلوا اليه ارسلًا، واجتمعت فيه الألسنة المتفرقة، واللغات المختلفة، ففشا الفساد في اللغة العربية، واستبان منه في الاعراب الذي هو حليها، والموضح لمعانيها. فتفطن لذلك من نافر بطباعة سوء افهام الناطقين من دخلاء الأمم بغير المتعارف من كلام العرب، فعظم الإشفاق من فشوا ذلك وغلبته، حتى دعاهم الحذر من ذهاب لغتهم وفساد كلامهم الى ان سببوا الاسباب في تقييدها أمن ضاعت عليه، وتثقيفها لمن زاغت عنه».
بوادر اللحن
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: بوادر اللحن
بدأ اللحن قليلًا خفيفًا منذ أيام الرسول Mohamed peace be upon him.svg على ما يظهر، فقد لحن رجل بحضرته فقال: «أرشدوا أخاكم؛ فإنه قد ضل». والظاهر أيضًا أنه كان معروفًا بهذا الاسم نفسه «اللحن»، بدليل أن أبا بكرالصديق رضي الله عنه كان يقول: «لأن أقرأ فأسقط أحب إلي من أن أقرأ فألحن».
غير أن اللحن في صدر الأول الإسلام كان لا يزال قليلًا بل نادرًا، وكلما تقدمنا منحدرين مع الزمن اتسع شيوعه على الألسنة، وخاصة بعد تعرب الشعوب المغلوبة التي كانت تحتفظ ألسنتها بكثير من عاداتها اللغوية، مما فسح للتحريف في عربيتهم التي كانوا ينطقون بها، كما فسح اللحن وشيوعه.
وورد إلى عمر كتاب أوله: «من أبو موسى الأشعري» فكتب عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري بضرب الكاتب سواطان، والصحيح أن يكتب «من أبي موسى الأشعري». والأنكى من ذلك تسرب اللحن إلى قراءة الناس للقرآن الكريم، فقد قدم أعرابي في خلافة عمر رضي الله عنه فقال: من يقرئني شيئًا مما أنزل على محمد؟ فأقرأه رجل سورة براءة بهذا اللحن: «وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهِ...» فقال الأعرابي: «إن يكن الله بريئًا من رسوله، فأنا أبرأ منه» فبلغ عمر بن الخطاب مقالة الأعرابي فدعاه فقال: «يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينة...» وقص القصة فقال عمر: «ليس هكذا يا أعرابي» فقال: "كيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ فقال الأعرابي: «وأنا أبرأ ممن برئ الله ورسوله منهم». فأمر عمر ألا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة. وروى الجاحظ أن أول لحن سمع بالبادية: «هذه عصاتي» بدل «هذه عصاي»، وأول لحن سمع بالعراق: «حيِّ على الفلاح» (بكسر الياء بدل فتحها).
وقال عمر بن عبد العزيز: «إن الرجل ليكلمني في الحاجة يستوجبها فيلحن فأرده عنها، وكأني أقضم حب الرمان الحامض لبغضي استماع اللحن، ويكملني آخر في الحاجة لا يستوجبها فيعرب فأجيبه إليها؛ التذاذا لما أسمع من كلامه». وكان يقول: «أكاد أضرس إذا سمعت اللحن».
نشأة علم النحو
وضع علم النحو في الصدر الأول للإسلام، لأن علم النحو ككل قانون تتطلبه الحوادث، وتقتضيه الحاجات، ولم يكن قبل الإسلام ما يحمل العرب على النظر إليه فإنهم في جاهليتهم غنيون عن تعرفه لأنهم كانوا ينطقون عن سليقة جبلوا عليها، فيتكلمون في شؤونهم دون تعمل فكر أو رعاية إلى قانون كلامي يخضعون له، قانونهم: ملكتهم التي خلقت فيهم، ومعلمهم: بيئتهم المحيطة بهم بخلافهم بعد الإسلام إذ تأشبوا بالفرس والروم والنبط وغيرهم، فحل فانتشار اللحن والانحراف في اللسان العربي، حتى هرعوا إلى وضع النحو، وحمل القوم على الاجتهاد لحفظ العربية، وتيسير تعلمها للأعاجم، فشرعوا يتكلمون في الإعراب وقواعده حتى تم لهم مع الزمن هذا الفن.
وكثرت الروايات في قصة وضع علم النحو، ولكن معظم الروايات أتفقت على أن الذي وضع علم النحو هو أبو الأسود الدؤلي المتوفى سنة 67 هـ، وقد ورد في كتاب سبب وضع علم العربية، للإمام السيوطي بعضًا من هذه الروايات:
الرواية الأولى عن أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْأَنْبَارِي فِي أَمَالِيهِ حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا قَالَ قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يحيى الْقطعِي حَدثنِي مُحَمَّد بن عِيسَى بن يزِيد حَدثنِي أَبُو تَوْبَة الرّبيع بن نَافِع الْحلَبِي حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة رضي الله عنه قدم أعرابي في خلافة عمر رضي الله عنه فقال: من يقرئني شيئًا مما أنزل على محمد؟ فأقرأه رجل سورة براءة بهذا اللحن: «وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُه» فقال الأعرابي: «إن يكن الله بريئًا من رسوله، فأنا أبرأ منه» فبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه مقالة الأعرابي فدعاه فقال: «يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينة...» وقص القصة فقال عمر: «ليس هكذا يا أعرابي» فقال: كيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ فقال الأعرابي: «وأنا أبرأ ممن برئ الله ورسوله منهم». فأمر عمر ألا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة وَأمر أَبَا الْأسود فَوضع النَّحْو. [[أخرجه الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق]]
الرواية الثانية عن أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الزجاجي النَّحْوِيّ فِي أَمَالِيهِ حَدثنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن رستم الطَّبَرِيّ قَالَ حَدثنَا أبو حَاتِم السجسْتانِي حَدثنِي يَعْقُوب بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ حَدثنَا سعيد بن سلم الْبَاهِلِيّ حَدثنَا أبي عَن جدي عَن أبي الْأسود الدؤَلِي رضي الله عنه قَال: دخلت على أَمِير الْمُؤمنِينَ عليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه فرأيته مطرقًا متفكرًا، فَقلت فيمَ تفكر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: قَالَ إِنِّي سَمِعت ببلدكم هَذَا لحنًا فَأَرَدْت أَن أصنع كتابًا فِي أصُول الْعَرَبيَّة، فَقلت: إِن فعلت هَذَا أَحْيَيْتَنَا، وَبقيت فِينَا هَذِه اللُّغَة، ثمَّ أَتَيْته بعد ثَلَاث فَألْقى إِلَيّ صحيفَة فِيهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، الْكَلَام كُله اسْم وَفعل وحرف، فالاسم مَا أنبأ عَن الْمُسَمّى، وَالْفِعْل مَا أنبأ عَن حَرَكَة الْمُسَمّى، والحرف مَا أنبأ عَن معنى لَيْسَ باسم وَلَا فعل، ثمَّ قَالَ لي تتبعه وزد فِيهِ مَا وَقع لَك، وَاعْلَم يَا أَبَا الْأسود أَن الْأَسْمَاء ثَلَاثَة ظَاهر، ومضمر، وَشَيْء لَيْسَ بِظَاهِر وَلَا مُضْمر، وَإِنَّمَا تتفاضل الْعلمَاء فِي معرفَة مَا لَيْسَ بِظَاهِر وَلَا مُضْمر، قَالَ أَبُو الْأسود فَجمعت مِنْهُ أَشْيَاء وعرضتها عَلَيْهِ، فَكَانَ من ذَلِك حُرُوف النصب، فَذكرت مِنْهَا إِن وَأَن وليت وَلَعَلَّ وَكَأن وَلم أذكر لَكِن، فَقَالَ لي: لم تركتهَا فَقلت: لم أحسبها مِنْهَا فَقَالَ: بل هِيَ مِنْهَا فزدها فِيهَا.
الرواية الثالثة عن ابْن الْأَنْبَارِي قَال: حَدثنَا يَمُوت حَدثنَا السجسْتانِي وَهُوَ أَبُو حَاتِم سَمِعت مُحَمَّد بن عباد المهلبي عَن أَبِيه قَال: سمع أبُو الْأسود الدؤَلِي ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُه﴾ فَقَال: لَا تطمئِن نَفسِي إِلَّا أَن أَضَع شَيْئًا اصلح بِهِ لحن هَذَا أَو كلَامًا هَذَا مَعْنَاه.
الرواية الثالثة عن ابْن الْأَنْبَارِي قَال: حَدثنِي أبي حَدثنِي أَبُو عِكْرِمَة قَالَ قَالَ الْعُتْبِي كتب مُعَاوِيَة إِلَى زِيَاد يطْلب عبيد الله ابْنه فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ كَلمة فَوَجَدَهُ يلحن فَرده إِلَى زِيَاد وَكتب إِلَيْهِ كتابًا يلومه فِيهِ وَيَقُول: أمثل عبيد الله يضيع فَبعث زِيَاد إِلَى أبي الْأسود رضي الله عنه فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْأسود إِن هَذِه الْحَمْرَاء قد كثرت وأفسدت من ألسن الْعَرَب فَلَو وضعت شَيْئًا يصلح بِهِ النَّاس كَلَامهم ويعربون بِهِ كتاب الله فَأبى ذَلِك أبو الْأسود فَوجه زِيَاد رجلًا وَقَالَ لَهُ أقعد فِي طَرِيق أبي الْأسود فَإِذا مر بك فاقرأ شَيْئًا من الْقُرْآن وتعمد اللّحن فِيهِ فَفعل ذَلِك فَلَمَّا مر بِهِ أَبُو الْأسود الدؤلي رضي الله عنه رفع الرجل صَوته فَقَرَأَ ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُه﴾ (بالجر) فاستعظم ذَلِك أَبُو الْأسود وَقَالَ عز وَجه الله أَن يبرأ من رَسُوله ثمَّ رَجَعَ من فوره إِلَى زِيَاد فَقَال: يَا هَذَا قد أَجَبْتُك إِلَى مَا سَأَلت وَرَأَيْت أَن ابدأ بإعراب الْقُرْآن فَابْعَثْ إِلَيّ ثَلَاثِينَ رجلًا فأحضرهم زِيَاد، فَاخْتَارَ مِنْهُم أَبُو الْأسود عشرَةً ثمَّ لم يزل يختارهم حَتَّى اخْتَار مِنْهُم رجًلا من عبد الْقَيْس فَقَال: خُذ الْمُصحف وصبغًا يُخَالف لون المداد فَإِذا فتحت شفتي فانقط وَاحِدَة فَوق الْحَرْف، وَإِذا ضممتها فَاجْعَلْ النقطة إِلَى جَانب الْحَرْف، فَإِذا كسرتها فَاجْعَلْ النقطة من اسفل الْحَرْف، فَإِن أتبعت شَيْئًا من هَذِه الحركات غنة فانقط نقطتين فابتدأ بالمصحف حَتَّى أَتَى على آخِره، ثمَّ وضع الْمُخْتَصر الْمَنْسُوب إِلَيْهِ بعد ذَلِك.
الرواية الرابعة عن أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ أخبرنَا أَبُو جَعْفَر بن رستم الطَّبَرِيّ النَّحْوِيّ عَن أبي عُثْمَان الْمَازِني عَن أبي عمر الْجرْمِي عَن أبي الْحسن الْأَخْفَش عَن سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل بن أَحْمد عَن عِيسَى بن عمر عَن عبد الله بن أبي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ عَن عَنْبَسَة الْفِيل وَمَيْمُون الأقرن عَن يحيى بن يعمر اللَّيْثِيّ قال: أَن أبا الْأسود الدؤَلِي رضي الله عنه دخل إِلَى ابْنَته بِالْبَصْرَةِ فَقَالَت لَه: يَا أَبَت مَا أَشد الْحر رفعت أَشد فظنها تسأله وتستفهم مِنْهُ أَي زمَان الْحر أَشد؟ فَقَالَ: لَهَا شهر ناجر (يُرِيد شهر صفر الْجَاهِلِيَّة كَانَت تسمى شهور السَّنة بِهَذِهِ الْأَسْمَاء) فَقَالَت: يَا أَبَت إِنَّمَا أَخْبَرتك وَلم أَسأَلك، فَأتى أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ذهبت لُغَة الْعَرَب لما خالطت الْعَجم، وأوشك إِن تطاول عَلَيْهَا زمَان أَن تضمحل، فَقَالَ لَهُ: وَمَا ذَلِك فَأخْبرهُ خبر ابْنَته فَأمره فَاشْترى صحفًا بدرهم وأملى عَلَيْهِ الْكَلَام كُله لَا يخرج عَن اسْم وَفعل وحرف جَاءَ لِمَعْنى. وَهَذَا القَوْل أول كتاب سِيبَوَيْهٍ ثمَّ رسم أصُول النَّحْو كلهَا فنقلها النحويون وفرعوها. وفي رواية أخرى عن أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ قال: أَخْبرنِي أَحْمد بن الْعَبَّاس قَالَ حَدثنَا الْعَنزي عَن أبي عُثْمَان الْمَازِني عَن الْأَخْفَش عَن الْخَلِيل بن أَحْمد عَن عِيسَى بن عمر عَن عبد الله بن أبي إِسْحَاق عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود قَال: أول بَاب وَضعه أبي من النَّحْو بَاب التَّعَجُّب وقَالَ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه وَيُقَال إِن ابْنَته قَالَت لَهُ يَوْمًا يَا أَبَت مَا أحسن السَّمَاء، فَقَال: أَي بنية نجومها قَالَت: إِنِّي لم أرد أَي شَيْء مِنْهَا أحسن، إِنَّمَا تعجبت من حسنها، قَال: إِذن فَقولِي مَا أحسن السَّمَاءَ فَحِينَئِذٍ وضع كتابًا.
وقَالَ السيرافي: وَيُقَال إِن السَّبَب فِي وضع النحو أَنه مر بِأبي الْأسود سعد الْفَارِسِي وَكَانَ رجلا فارسيًا من أهل بوزنجان، كَانَ قدم الْبَصْرَة مَعَ جمَاعَة من أَهله فدنوا من قدامَة بن مَظْعُون الجُمَحِي، فَادعوا أَنهم اسلموا على يَدَيْهِ، وَأَنَّهُمْ بِذَاكَ من موَالِيه، فَمر سعد هَذَا بِأبي الْأسود وَهُوَ يَقُود فرسه فَقَالَ لَهُ: مَا لَك لَا تركب فَقَال: إِن فرسي ضالع فَضَحِك بِهِ بعض من حَضَره، فَقَالَ أَبُو الْأسود: هَؤُلَاءِ الموَالِي قد رَغِبُوا فِي الْإِسْلَام ودخلوا فِيهِ فصاروا لنا إخْوَة فَلَو علمناهم الْكَلَام فَوضع بَاب الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ وَلم يزدْ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيْضًا وَيُقَال: إِن أبا الأسود لما وضع بَاب الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ، زَاد فِي ذَلِك الْكتاب رجل من بني لَيْث أبوابًا، ثمَّ نظر فَإِذا فِي كَلَام الْعَرَب مَا لَا يدْخل فِيهِ فأقصر عَنهُ، وَلَعَلَّ هَذَا الرجل يحيى بن يعمر قَالَ: وروى مَحْبُوب الْبكْرِيّ عَن خَالِد الْحذاء قَالَ أول من وضع الْعَرَبيَّة نصر بن عَاصِم.
وقد روي أنه قيل لأبي الْأسود من أيْنَ لَك هَذَا الْعلم يعنون النَّحْو قَالَ أخذت حُدُوده عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه. وَقَالَ مُحَمَّد بن سَلام الجُمَحِي وَكَانَ أول من أسس الْعَرَبيَّة وَفتح بَابهَا وأنهج سَبِيلهَا وَوضع قياسها أبو الْأسود الدؤَلِي وَإِنَّمَا فعل ذَلِك حِين اضْطربَ كَلَام الْعَرَب. وروى ابْن لَهِيعَة عَن أبي النَّضر قَالَ كَانَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز أول من وضع الْعَرَبيَّة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى رَحمَه الله أول من وضع الْعَرَبيَّة أَبُو الْأسود الدؤَلِي ثمَّ مَيْمُون الأقرن، ثمَّ عَنْبَسَة الْفِيل ثمَّ عبد الله بن أبي إِسْحَاق.
موضع نشأة النحو
تجمع الأدلة على أن نشأة النحو كانت في العراق كان أسبق البلاد إلى تدوين النحو والصرف، الذي تجمع عليه المصادر أن النحو نشأ بالبصرة، وبها نما واتسع وتكامل وتفلسف، وأن رءوسه بنزعتيه السماعية والقياسية كلهم بصريون.
بواعث نشأة علم النحو
يعتبر اللحن الباعث الأول على تدوين اللغة وجمعها وعلى استنباط قواعد النحو وتصنيفها؛ فقد كانت حوادثه المتتابعة نذير الخطر الذي هب على صوته أولو الغيرة على العربية والإسلام، بدء العرب بالاختلاط مع هذه الشعوب.
الباعث الديني: وهو الدافع الأهم والرئيسي، الذي حمل علماء المسلمين على وضع علم النحو، وذلك بعد أن خشي المسلمون أن يصيب الناس اللحن في قراءة القرآن الكريم، فحرص علماء المسلمون على وضع علم العربية، ودفعهم ذلك على الاجتهاد لوضع علم العربية، لحفظ العربية.
الباعث القومي: يرجع إلى أن العرب يعتزون بلغتهم اعتزازًا شديدًا، وهو اعتزاز جعلهم يخشون عليها من الفساد ويخشون عليها من الألفاظ الداخلة من الأعاجم حين امتزجوا بهم، مما جعلهم يحرصون على رسم أوضاعها؛ خوفًا عليها من التأثر باللغات الأعجمية.
الباعث الاجتماعي: ويرجع ذلك إلى حاجة الشعوب المستعربة لمن يرسم لها اوضاع العربية في إعرابها، وتصريفها، حتى تتمثل تمثلا مستقيما، وتتقن النطق بأساليب العرب الفصحاء أصحاب النطق السليم.
أهمية علم النحو
إن علم النحو من أهم علوم اللغة العربية، حيث يساعد في التعرف على صحة أو ضعف التراكيب العربيَّة، وكذلك التعرف على الأمور المتعلقة بالألفاظ من حيث تراكيبها، ويكون الهدف من ذلك تجنب الوقوع في أخطاء التأليف، والقدرة على الإفهام؛ فبه يُعرف كيفية التركيب العربي صحَّة وسقمًا، وكيفية ما يتعلَّق بالألفاظ من حيث وقوعها في التركيب، والغرض منه الاحتراز عن الخطأ في التأليف، والاقتدار على فَهْمِه، والإفهام به.
ويعتبر العلماء أن علم النحو بمكانة أبي العلوم العربية، ويعدوه من أهم علوم اللغة العربية والقنطرة التي نعبر بها عليه إلى التزود بالعلوم اللغوية والعلوم الشرعية وغيرها. وعلم النحو دعامة العلوم العربية، وقانونها الأعلى؛ منه تستمد العون، وتستلهم القصد، وترجع إليه في جليل مسائلها، وفروع تشريعها؛ ولن تجد علمًا منها يستقل بنفسه عن النحو، أويستغنى عن معونته، أويسير بغير نوره وهداه. وإن علم النحو من العلوم المهمة التي لا غنى عنها، وهو من أسمى العلوم قدرًا وأنفعها.
ويرى ابن جني في كتابه الخصائص: أنَّ النحو طريقة لمحاكاة العرب في طريقة كلامهم؛ وذلك من أجل تجنب اللحن، ولتمكين المستعربين في الوصول إلى مرتبة العربيِّ في الفصاحة، وسلامة اللغة التي يتكلمها، وبالتالي يكون غرض علم النحو هو تحقيق هذين الهدفين.
وقد وردت الكثير من الاقتباسات تدل على أهمية علم النحو وتحث على طلبه ومن هذه الاقتباساسات قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: «تعلَّموا النحو كما تعلَّمون السَّنن والفرائض»، وكان أيوب السختياني يقول:«تعلموا النحو، فإنه جمال للوضيع، وتركه هجنة للشريف».
ويقول ابن الأنباري:«ن الأئمة من السلف والخلف أجمعوا قاطبة على أنه شرط فى رتبة الاجتهاد، وأن المجتهد لوجمع كل العلوم لم يبلغ رتبة الاجتهاد حتى يعلم النحو، فيعرف به المعانى التى لا سبيل لمعرفتها بغيره. فرتبة الاجتهاد متوقفة عليه، لا تتم إلا به».
ويقول عبد القاهر الجرجاني: «وأما زُهُدهم في النَّحو واحتقارُهم له وإصغارُهم أمرَهُ وتهاوُنهم به فصنيعُهم في ذلك أشنعُ من صَنيعهم في الذي تقدَّم وأشبهُ بأن يكونَ صّداً عن كتابِ الله وعن معرفةِ معاينه ذاك لأنَّهم لا يجدونَ بُدّاً من أنْ يَعْترِفُوا بالحاجةِ إليه فيه إذ كان قد عُلمَ أنَّ الألفاظَ مغلقةٌ على مَعانيها حتّى يكونَ الإِعرابُ هو الذي يفتحها وأنّ الأغراضَ كامنةٌ فيها حتى يكونَ هو المستخرِجَ لها وأنه المعيارُ الذي لا يُتبيَ..
مناقشات واقتراحات حول صفحة نحو صرف .: