❞ كتاب تاريخ الدولة الفاطمية( إتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء )الجزء الثالث ❝  ⏤ تقى الدين أبى العباس أحمد بن على المقريزى

❞ كتاب تاريخ الدولة الفاطمية( إتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء )الجزء الثالث ❝ ⏤ تقى الدين أبى العباس أحمد بن على المقريزى

نبذة عن الكتاب :

يدخل كتاب تاريخ الدولة الفاطمية في دائرة اهتمام الباحثين والطلاب المهتمين بالدراسات التاريخية؛ حيث يقع كتاب تاريخ الدولة الفاطمية ضمن نطاق تخصص علوم التاريخ والفروع ذات الصلة من الجغرافيا والآثار وغيرها من التخصصات الاجتماعية.


الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ هي إحدى دُولِ الخِلافةُ الإسلاميَّة، والوحيدةُ بين دُولِ الخِلافةِ التي اتخذت من المذهب الشيعي (ضمن فرعه الإسماعيلي) مذهبًا رسميًّا لها. قامت هذه الدولة بعد أن نشط الدُعاة الإسماعيليّون في إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر، الذين تنبؤوا جميعًا بظُهوره في القريب العاجل، وذلك خلال العهد العبَّاسي فأصابوا بذلك نجاحًا في الأقاليم البعيدة عن مركز الحُكم خُصوصًا، بسبب مُطاردة العبَّاسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيثُ تمكنوا من استقطاب الجماهير وسط قبيلة كتامة البربريَّة خصوصًا، وأعلنوا قيام الخِلافةِ بعد حين. شملت الدولة الفاطميَّة مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول الساحل المُتوسطيّ من بلاد المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية، والشَّام، والحجاز، فأصبحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة، والمُنافس الرئيسيّ لها على زعامة الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين.

اختلفت المصادر التاريخيَّة حول تحديد نسب الفاطميين، فمُعظم المصادر الشيعيَّة تؤكِّد صحَّة ما قال به مؤسس هذه السُلالة، الإمام عُبيد الله المهدي بالله، وهو أنَّ الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فهُم بهذا عَلَويّون، ومن سُلالة الرسول مُحمَّد عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخُلفاء الرَّاشدين الإمام عليّ بن أبي طالب. بالمُقابل، أنكرت مصادر أُخرى هذا النسب وأرجعت أصل عُبيد الله المهدي إلى الفُرس أو اليهود. أسس الفاطميّون مدينة المهدية في ولاية إفريقية سنة 300هـ المُوافقة لِسنتيّ 912 - 913م، واتخذوها عاصمةً لدولتهم الناشئة، وفي سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 948م، نقلوا مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة، ولمَّا تمَّ للفاطميين فتح مصر سنة 358هـ المُوافقة لِسنة 969م، أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة، وبقيت كذلك حتّى انهيارها.

أظهر عددٌ من الخُلفاء الفاطميّون تعصُّبهم للمذهب الإسماعيلي، فعانى أتباع المذاهب والديانات الأُخرى خِلال عهدهم، وبالمُقابل اشتهر غيرهم بتسامحه الشديد مع سائر المذاهب الإسلاميَّة ومع غير المُسلمين من اليهود والنصارى الأقباط واللاتين والشوام من رومٍ وسُريانٍ وموارنة، واشتهر الفاطميّون أيضًا بقدرتهم على الاستفادة من كافَّة المُكونات البشريَّة لدولتهم المُنتمية لتكتُلاتٍ عُنصريَّة مُتنوِّعة، فاستعانوا بالبربر والتُرك والأحباش والأرمن في تسيير شؤون الدولة، إلى جانب المُكوِّن العُنصري الرئيسي، أي العرب.

شكَّل العصر الفاطمي امتدادًا للعصر الذهبي للإسلام، لكنَّ قُصور الخُلفاء لم تحفل بالعُلماء والكُتَّاب البارزين كما فعلت قُصور بغداد قبلها. وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أُصول اللُغة والدين. وأبرز عُلماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم كبير عُلماء الطبيعيَّات، والأخصَّائي بعلم البصريَّات، وقد جاوزت مؤلَّفاته المائة في الرِّياضيَّات وعلم الفلك والطب. أخذت الدولة الفاطميَّة تتراجع بسُرعةٍ كبيرة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فاستبدَّ الوُزراء بالسُلطة وأصبح اختيار الخُلفاء بأيديهم. وكان هؤلاء الخُلفاء غالبًا من الأطفال أو الفتيان، واختلف عددٌ كبيرٌ من الوزراء مع قادة الجيش ووُلاة الأمصار ورجال القصر، فعاشوا في جوٍ من الفتن والدسائس، تاركين الناس يموتون من المجاعة والأوبئة المُتفشية. وخلال ذلك الوقت كانت الخِلافة العبَّاسيَّة قد أصبحت في حماية السلاجقة، الذين أخذوا على عاتقهم استرجاع الأراضي التي خسرها العبَّاسيّون لصالح الفاطميين، ففتحوا شمال الشَّام وسواحلها وسيطروا عليها لفترةٍ من الزمن قبل أن يستردَّها الفاطميّون، لكنَّها لم تلبث بأيديهم طويلًا، إذ كانت الحملة الصليبيَّة الأولى قد بلغت المشرق، وفتح المُلوك والأُمراء الإفرنج المُدن والقلاع الشاميَّة الواحدة تلو الأُخرى، وبلغ أحد هؤلاء المُلوك، وهو عمّوري الأوَّل أبواب القاهرة وهددها بالسُقوط. استمرَّت الدولة الفاطميَّة تُنازع حتّى سنة 1171م عندما استقلَّ صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخُلفاء الفاطميين، وهو أبو مُحمَّد عبدُ الله العاضد لدين الله، وأزال سُلطتهم الإسميَّة بعد أن كانت سُلطتهم الفعليَّة قد زالت مُنذُ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.


أُثيرت حول أُصول الفاطميين عدَّة قضايا مُعقَّدة لم يصل الباحثون فيها إلى نتائج مُوحدة. فهذا اللقب، أي «الفاطميين» الذي عُرف به خُلفاء عُبيد الله المهدي، يدُلُّ، للوهلة الأولى، على أنَّهم من ذُريَّة عليّ بن أبي طالب رابع الخُلفاء الراشدين وأوَّل أئمة الشيعة، وفاطمة الزهراء بنت الرسول مُحمَّد، فهُم عَلَويّون. على أنَّ قضيَّة نسب الأُسرة الفاطميَّة، كان ولا يزال، موضوعًا لم يتفق المؤرخون، لا في الماضي ولا في الحاضر، على رأيٍ واحدٍ فيه، وذلك بفعل واقعين: الأوَّل هو التباين السياسي والمذهبي الذي ساد بين المُسلمين بعد وفاة الرسول، والثاني هو امتناع الفاطميين، مُدَّةً من الزمن، عن إعلان أنسابهم، بالإضافة إلى تعمُّدهم إخفاء أسماء أئمتهم من مُحمَّد بن إسماعيل حتّى عُبيد الله المهدي في المُدَّة التي اتخذوا فيها مبدأ ستر الإمام(1). وذهب كُلُّ مصدر مذهبًا خاصًّا في تحديد اسم ونسب عُبيد الله المهدي قبل أن يكون مهديًّا، وبعد أن صار كذلك. فبعضُ المصادر تنفي عنه النسب العَلَوي، وتعزوهُ إلى الفُرس أو المجوس، وتصفه أحيانًا بأنَّه ابن يهودي، وترجع في نسبه إلى ميمون القدَّاح فارسيّ الأصل. وهي وإن اختلفت في تحديد اسمه قبل استلامه رئاسة الدعوة الفاطميَّة، إلَّا أنَّها تتفق على أنَّ اسمه بعد أن أصبح رئيسًا للفاطميين هو عُبيد الله، وعلى هذا الأساس دعت هذه المصادر الدولة الفاطميَّة باسم «الدولة العُبيديَّة». وفي المُقابل تؤكد مصادر أُخرى، مُعظمها شيعيَّة، صحَّة نسب عُبيد الله المهدي، وتُرجعه إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق. تقى الدين أبى العباس أحمد بن على المقريزى - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ رسائل المقريزي ❝ ❞ تاريخ الأقباط (القول الإبريزي للعلامة المقريزي) ت/أحمد بن علي المقريزي تقي الدين أبو العباس ❝ ❞ المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار الخطط المقريزية ❝ ❞ تاريخ الأقباط القول الإبريزي للعلامة المقريزي ❝ ❞ تجريد التوحيد المفيد ❝ ❞ درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة ❝ ❞ المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ❝ ❞ تاريخ الدولة الفاطمية( إتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء )الجزء الثالث ❝ ❞ المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار الجزء الرابع ❝ الناشرين : ❞ دار الكتب العلمية بلبنان ❝ ❞ دار الغرب الإسلامي ❝ ❞ دار الفضيلة ❝ ❞ دار الحديث - القاهرة ❝ ❞ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ❝ ❞ الهيئة العامة لقصور الثقافة ❝ ❞ مركز المخطوطات والتراث والوثائق - الكويت ❝ ❱
من عصر الدولة الفاطمية كتب التاريخ الإسلامي - مكتبة كتب التاريخ.

نبذة عن الكتاب:
تاريخ الدولة الفاطمية( إتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء )الجزء الثالث

1996م - 1446هـ
نبذة عن الكتاب :

يدخل كتاب تاريخ الدولة الفاطمية في دائرة اهتمام الباحثين والطلاب المهتمين بالدراسات التاريخية؛ حيث يقع كتاب تاريخ الدولة الفاطمية ضمن نطاق تخصص علوم التاريخ والفروع ذات الصلة من الجغرافيا والآثار وغيرها من التخصصات الاجتماعية.


الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ هي إحدى دُولِ الخِلافةُ الإسلاميَّة، والوحيدةُ بين دُولِ الخِلافةِ التي اتخذت من المذهب الشيعي (ضمن فرعه الإسماعيلي) مذهبًا رسميًّا لها. قامت هذه الدولة بعد أن نشط الدُعاة الإسماعيليّون في إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر، الذين تنبؤوا جميعًا بظُهوره في القريب العاجل، وذلك خلال العهد العبَّاسي فأصابوا بذلك نجاحًا في الأقاليم البعيدة عن مركز الحُكم خُصوصًا، بسبب مُطاردة العبَّاسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيثُ تمكنوا من استقطاب الجماهير وسط قبيلة كتامة البربريَّة خصوصًا، وأعلنوا قيام الخِلافةِ بعد حين. شملت الدولة الفاطميَّة مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول الساحل المُتوسطيّ من بلاد المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية، والشَّام، والحجاز، فأصبحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة، والمُنافس الرئيسيّ لها على زعامة الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين.

اختلفت المصادر التاريخيَّة حول تحديد نسب الفاطميين، فمُعظم المصادر الشيعيَّة تؤكِّد صحَّة ما قال به مؤسس هذه السُلالة، الإمام عُبيد الله المهدي بالله، وهو أنَّ الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فهُم بهذا عَلَويّون، ومن سُلالة الرسول مُحمَّد عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخُلفاء الرَّاشدين الإمام عليّ بن أبي طالب. بالمُقابل، أنكرت مصادر أُخرى هذا النسب وأرجعت أصل عُبيد الله المهدي إلى الفُرس أو اليهود. أسس الفاطميّون مدينة المهدية في ولاية إفريقية سنة 300هـ المُوافقة لِسنتيّ 912 - 913م، واتخذوها عاصمةً لدولتهم الناشئة، وفي سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 948م، نقلوا مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة، ولمَّا تمَّ للفاطميين فتح مصر سنة 358هـ المُوافقة لِسنة 969م، أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة، وبقيت كذلك حتّى انهيارها.

أظهر عددٌ من الخُلفاء الفاطميّون تعصُّبهم للمذهب الإسماعيلي، فعانى أتباع المذاهب والديانات الأُخرى خِلال عهدهم، وبالمُقابل اشتهر غيرهم بتسامحه الشديد مع سائر المذاهب الإسلاميَّة ومع غير المُسلمين من اليهود والنصارى الأقباط واللاتين والشوام من رومٍ وسُريانٍ وموارنة، واشتهر الفاطميّون أيضًا بقدرتهم على الاستفادة من كافَّة المُكونات البشريَّة لدولتهم المُنتمية لتكتُلاتٍ عُنصريَّة مُتنوِّعة، فاستعانوا بالبربر والتُرك والأحباش والأرمن في تسيير شؤون الدولة، إلى جانب المُكوِّن العُنصري الرئيسي، أي العرب.

شكَّل العصر الفاطمي امتدادًا للعصر الذهبي للإسلام، لكنَّ قُصور الخُلفاء لم تحفل بالعُلماء والكُتَّاب البارزين كما فعلت قُصور بغداد قبلها. وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أُصول اللُغة والدين. وأبرز عُلماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم كبير عُلماء الطبيعيَّات، والأخصَّائي بعلم البصريَّات، وقد جاوزت مؤلَّفاته المائة في الرِّياضيَّات وعلم الفلك والطب. أخذت الدولة الفاطميَّة تتراجع بسُرعةٍ كبيرة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فاستبدَّ الوُزراء بالسُلطة وأصبح اختيار الخُلفاء بأيديهم. وكان هؤلاء الخُلفاء غالبًا من الأطفال أو الفتيان، واختلف عددٌ كبيرٌ من الوزراء مع قادة الجيش ووُلاة الأمصار ورجال القصر، فعاشوا في جوٍ من الفتن والدسائس، تاركين الناس يموتون من المجاعة والأوبئة المُتفشية. وخلال ذلك الوقت كانت الخِلافة العبَّاسيَّة قد أصبحت في حماية السلاجقة، الذين أخذوا على عاتقهم استرجاع الأراضي التي خسرها العبَّاسيّون لصالح الفاطميين، ففتحوا شمال الشَّام وسواحلها وسيطروا عليها لفترةٍ من الزمن قبل أن يستردَّها الفاطميّون، لكنَّها لم تلبث بأيديهم طويلًا، إذ كانت الحملة الصليبيَّة الأولى قد بلغت المشرق، وفتح المُلوك والأُمراء الإفرنج المُدن والقلاع الشاميَّة الواحدة تلو الأُخرى، وبلغ أحد هؤلاء المُلوك، وهو عمّوري الأوَّل أبواب القاهرة وهددها بالسُقوط. استمرَّت الدولة الفاطميَّة تُنازع حتّى سنة 1171م عندما استقلَّ صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخُلفاء الفاطميين، وهو أبو مُحمَّد عبدُ الله العاضد لدين الله، وأزال سُلطتهم الإسميَّة بعد أن كانت سُلطتهم الفعليَّة قد زالت مُنذُ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.


أُثيرت حول أُصول الفاطميين عدَّة قضايا مُعقَّدة لم يصل الباحثون فيها إلى نتائج مُوحدة. فهذا اللقب، أي «الفاطميين» الذي عُرف به خُلفاء عُبيد الله المهدي، يدُلُّ، للوهلة الأولى، على أنَّهم من ذُريَّة عليّ بن أبي طالب رابع الخُلفاء الراشدين وأوَّل أئمة الشيعة، وفاطمة الزهراء بنت الرسول مُحمَّد، فهُم عَلَويّون. على أنَّ قضيَّة نسب الأُسرة الفاطميَّة، كان ولا يزال، موضوعًا لم يتفق المؤرخون، لا في الماضي ولا في الحاضر، على رأيٍ واحدٍ فيه، وذلك بفعل واقعين: الأوَّل هو التباين السياسي والمذهبي الذي ساد بين المُسلمين بعد وفاة الرسول، والثاني هو امتناع الفاطميين، مُدَّةً من الزمن، عن إعلان أنسابهم، بالإضافة إلى تعمُّدهم إخفاء أسماء أئمتهم من مُحمَّد بن إسماعيل حتّى عُبيد الله المهدي في المُدَّة التي اتخذوا فيها مبدأ ستر الإمام(1). وذهب كُلُّ مصدر مذهبًا خاصًّا في تحديد اسم ونسب عُبيد الله المهدي قبل أن يكون مهديًّا، وبعد أن صار كذلك. فبعضُ المصادر تنفي عنه النسب العَلَوي، وتعزوهُ إلى الفُرس أو المجوس، وتصفه أحيانًا بأنَّه ابن يهودي، وترجع في نسبه إلى ميمون القدَّاح فارسيّ الأصل. وهي وإن اختلفت في تحديد اسمه قبل استلامه رئاسة الدعوة الفاطميَّة، إلَّا أنَّها تتفق على أنَّ اسمه بعد أن أصبح رئيسًا للفاطميين هو عُبيد الله، وعلى هذا الأساس دعت هذه المصادر الدولة الفاطميَّة باسم «الدولة العُبيديَّة». وفي المُقابل تؤكد مصادر أُخرى، مُعظمها شيعيَّة، صحَّة نسب عُبيد الله المهدي، وتُرجعه إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق.
.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

 

نبذة عن الكتاب :

يدخل كتاب تاريخ الدولة الفاطمية في دائرة اهتمام الباحثين والطلاب المهتمين بالدراسات التاريخية؛ حيث يقع كتاب تاريخ الدولة الفاطمية ضمن نطاق تخصص علوم التاريخ والفروع ذات الصلة من الجغرافيا والآثار وغيرها من التخصصات الاجتماعية.


الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ هي إحدى دُولِ الخِلافةُ الإسلاميَّة، والوحيدةُ بين دُولِ الخِلافةِ التي اتخذت من المذهب الشيعي (ضمن فرعه الإسماعيلي) مذهبًا رسميًّا لها. قامت هذه الدولة بعد أن نشط الدُعاة الإسماعيليّون في إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر، الذين تنبؤوا جميعًا بظُهوره في القريب العاجل، وذلك خلال العهد العبَّاسي فأصابوا بذلك نجاحًا في الأقاليم البعيدة عن مركز الحُكم خُصوصًا، بسبب مُطاردة العبَّاسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيثُ تمكنوا من استقطاب الجماهير وسط قبيلة كتامة البربريَّة خصوصًا، وأعلنوا قيام الخِلافةِ بعد حين. شملت الدولة الفاطميَّة مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول الساحل المُتوسطيّ من بلاد المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية، والشَّام، والحجاز، فأصبحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة، والمُنافس الرئيسيّ لها على زعامة الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين.

اختلفت المصادر التاريخيَّة حول تحديد نسب الفاطميين، فمُعظم المصادر الشيعيَّة تؤكِّد صحَّة ما قال به مؤسس هذه السُلالة، الإمام عُبيد الله المهدي بالله، وهو أنَّ الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فهُم بهذا عَلَويّون، ومن سُلالة الرسول مُحمَّد عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخُلفاء الرَّاشدين الإمام عليّ بن أبي طالب. بالمُقابل، أنكرت مصادر أُخرى هذا النسب وأرجعت أصل عُبيد الله المهدي إلى الفُرس أو اليهود. أسس الفاطميّون مدينة المهدية في ولاية إفريقية سنة 300هـ المُوافقة لِسنتيّ 912 - 913م، واتخذوها عاصمةً لدولتهم الناشئة، وفي سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 948م، نقلوا مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة، ولمَّا تمَّ للفاطميين فتح مصر سنة 358هـ المُوافقة لِسنة 969م، أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة، وبقيت كذلك حتّى انهيارها.

أظهر عددٌ من الخُلفاء الفاطميّون تعصُّبهم للمذهب الإسماعيلي، فعانى أتباع المذاهب والديانات الأُخرى خِلال عهدهم، وبالمُقابل اشتهر غيرهم بتسامحه الشديد مع سائر المذاهب الإسلاميَّة ومع غير المُسلمين من اليهود والنصارى الأقباط واللاتين والشوام من رومٍ وسُريانٍ وموارنة، واشتهر الفاطميّون أيضًا بقدرتهم على الاستفادة من كافَّة المُكونات البشريَّة لدولتهم المُنتمية لتكتُلاتٍ عُنصريَّة مُتنوِّعة، فاستعانوا بالبربر والتُرك والأحباش والأرمن في تسيير شؤون الدولة، إلى جانب المُكوِّن العُنصري الرئيسي، أي العرب.

شكَّل العصر الفاطمي امتدادًا للعصر الذهبي للإسلام، لكنَّ قُصور الخُلفاء لم تحفل بالعُلماء والكُتَّاب البارزين كما فعلت قُصور بغداد قبلها. وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أُصول اللُغة والدين. وأبرز عُلماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم كبير عُلماء الطبيعيَّات، والأخصَّائي بعلم البصريَّات، وقد جاوزت مؤلَّفاته المائة في الرِّياضيَّات وعلم الفلك والطب. أخذت الدولة الفاطميَّة تتراجع بسُرعةٍ كبيرة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فاستبدَّ الوُزراء بالسُلطة وأصبح اختيار الخُلفاء بأيديهم. وكان هؤلاء الخُلفاء غالبًا من الأطفال أو الفتيان، واختلف عددٌ كبيرٌ من الوزراء مع قادة الجيش ووُلاة الأمصار ورجال القصر، فعاشوا في جوٍ من الفتن والدسائس، تاركين الناس يموتون من المجاعة والأوبئة المُتفشية. وخلال ذلك الوقت كانت الخِلافة العبَّاسيَّة قد أصبحت في حماية السلاجقة، الذين أخذوا على عاتقهم استرجاع الأراضي التي خسرها العبَّاسيّون لصالح الفاطميين، ففتحوا شمال الشَّام وسواحلها وسيطروا عليها لفترةٍ من الزمن قبل أن يستردَّها الفاطميّون، لكنَّها لم تلبث بأيديهم طويلًا، إذ كانت الحملة الصليبيَّة الأولى قد بلغت المشرق، وفتح المُلوك والأُمراء الإفرنج المُدن والقلاع الشاميَّة الواحدة تلو الأُخرى، وبلغ أحد هؤلاء المُلوك، وهو عمّوري الأوَّل أبواب القاهرة وهددها بالسُقوط. استمرَّت الدولة الفاطميَّة تُنازع حتّى سنة 1171م عندما استقلَّ صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخُلفاء الفاطميين، وهو أبو مُحمَّد عبدُ الله العاضد لدين الله، وأزال سُلطتهم الإسميَّة بعد أن كانت سُلطتهم الفعليَّة قد زالت مُنذُ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.


أُثيرت حول أُصول الفاطميين عدَّة قضايا مُعقَّدة لم يصل الباحثون فيها إلى نتائج مُوحدة. فهذا اللقب، أي «الفاطميين» الذي عُرف به خُلفاء عُبيد الله المهدي، يدُلُّ، للوهلة الأولى، على أنَّهم من ذُريَّة عليّ بن أبي طالب رابع الخُلفاء الراشدين وأوَّل أئمة الشيعة، وفاطمة الزهراء بنت الرسول مُحمَّد، فهُم عَلَويّون. على أنَّ قضيَّة نسب الأُسرة الفاطميَّة، كان ولا يزال، موضوعًا لم يتفق المؤرخون، لا في الماضي ولا في الحاضر، على رأيٍ واحدٍ فيه، وذلك بفعل واقعين: الأوَّل هو التباين السياسي والمذهبي الذي ساد بين المُسلمين بعد وفاة الرسول، والثاني هو امتناع الفاطميين، مُدَّةً من الزمن، عن إعلان أنسابهم، بالإضافة إلى تعمُّدهم إخفاء أسماء أئمتهم من مُحمَّد بن إسماعيل حتّى عُبيد الله المهدي في المُدَّة التي اتخذوا فيها مبدأ ستر الإمام(1). وذهب كُلُّ مصدر مذهبًا خاصًّا في تحديد اسم ونسب عُبيد الله المهدي قبل أن يكون مهديًّا، وبعد أن صار كذلك. فبعضُ المصادر تنفي عنه النسب العَلَوي، وتعزوهُ إلى الفُرس أو المجوس، وتصفه أحيانًا بأنَّه ابن يهودي، وترجع في نسبه إلى ميمون القدَّاح فارسيّ الأصل. وهي وإن اختلفت في تحديد اسمه قبل استلامه رئاسة الدعوة الفاطميَّة، إلَّا أنَّها تتفق على أنَّ اسمه بعد أن أصبح رئيسًا للفاطميين هو عُبيد الله، وعلى هذا الأساس دعت هذه المصادر الدولة الفاطميَّة باسم «الدولة العُبيديَّة». وفي المُقابل تؤكد مصادر أُخرى، مُعظمها شيعيَّة، صحَّة نسب عُبيد الله المهدي، وتُرجعه إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق.
 



سنة النشر : 1996م / 1417هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 1.1 ميجا بايت .
نوع الكتاب : doc.
عداد القراءة: عدد قراءة تاريخ الدولة الفاطمية( إتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء )الجزء الثالث

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل تاريخ الدولة الفاطمية( إتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء )الجزء الثالث
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات docقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات doc
يمكن تحميلة من هنا 'http://www.microsoftstore.com/store/msmea/ar_EG/pdp/Office-365-Personal/productID.299498600'

المؤلف:
تقى الدين أبى العباس أحمد بن على المقريزى - Taqi al Din Abi Al Abbas Ahmed bin Ali Al Maqrizi

كتب تقى الدين أبى العباس أحمد بن على المقريزى ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ رسائل المقريزي ❝ ❞ تاريخ الأقباط (القول الإبريزي للعلامة المقريزي) ت/أحمد بن علي المقريزي تقي الدين أبو العباس ❝ ❞ المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار الخطط المقريزية ❝ ❞ تاريخ الأقباط القول الإبريزي للعلامة المقريزي ❝ ❞ تجريد التوحيد المفيد ❝ ❞ درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة ❝ ❞ المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ❝ ❞ تاريخ الدولة الفاطمية( إتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء )الجزء الثالث ❝ ❞ المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار الجزء الرابع ❝ الناشرين : ❞ دار الكتب العلمية بلبنان ❝ ❞ دار الغرب الإسلامي ❝ ❞ دار الفضيلة ❝ ❞ دار الحديث - القاهرة ❝ ❞ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ❝ ❞ الهيئة العامة لقصور الثقافة ❝ ❞ مركز المخطوطات والتراث والوثائق - الكويت ❝ ❱. المزيد..

كتب تقى الدين أبى العباس أحمد بن على المقريزى
الناشر:
المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
كتب المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميةالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية هو مجلس حكومي مصري يتبع وزارة الأوقاف المصرية. اختصاصات المجلس: التعريف بالإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا بين شعوب العالم بإظهار حقائقه وإبراز آثاره من تقدم البشرية وكفالة السعادة للناس في حياتهم. تنمية الوعي الديني من خلال نشر الثقافة الإسلامية في الداخل والخارج. إحياء التراث الفكري للإسلام وبعث الحضارة العربية الإسلامية. عرض الفكري الإسلامي في صورته المستنيرة التي تظهر سماحة الإسلام وتبرز عطاءه الحضاري للإنسانية بما يكفل إمكانية التعايش بين أبناء الرسالات السماوية ويكفل اقامة مجتمع إنساني يظله السلام والعدل. توثيق الروابط وتحقيق التعاون والتنسيق مع الهيئات والمؤسسات والقيادات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم. المعاونة في رعاية شؤون الأقليات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم. تفنيد ما يثار ضد الإسلام من شبهات. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ الموسوعة القرآنية المتخصصة ❝ ❞ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد / ج 1 ❝ ❞ اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء ت :الامام المقريزي ❝ ❞ تصحيح الفصيح وشرحه ❝ ❞ حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين ❝ ❞ فلسطين بين مؤامرات الصهيونية والاستعمار ❝ ❞ المذكر والمؤنث ❝ ❞ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد / ج 12 ❝ ❞ إعلام الساجد بأحكام المساجد ❝ ❞ إعجاز القرآن البياني بين النظرية والتطبيق ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ أنور الجندي ❝ ❞ مجموعة من المؤلفين ❝ ❞ محمد بن يوسف الصالحي الشامي ❝ ❞ تقي الدين المقريزي ❝ ❞ عائشة بنت عبد الرحمن بنت الشاطيء ❝ ❞ تقى الدين أبى العباس أحمد بن على المقريزى ❝ ❞ محمد بن القاسم الأنباري ❝ ❞ أحمد عمر هاشم ❝ ❞ محمود حمدى زقزوق ❝ ❞ د. سعاد ماهر محمد ❝ ❞ بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي. ❝ ❞ البهي الخولي ❝ ❞ أحمد بن علي بن عبد القادر أبو العباس الحسيني العبيدي تقي الدين المقريزي ❝ ❞ فؤاد شاكر ❝ ❞ محمد مختار جمعة ❝ ❞ يوسف حسن نوفل ❝ ❞ د. محمد عبد الله العرعى ❝ ❞ بد الله بن جعفر بن محمد بن درستويه ابن المرزبان ❝ ❞ حنفي محمد شرف ❝ ❞ د. على محمد مطاوع ❝ ❞ حسن صبري الخولي ❝ ❞ عبد العزيز غنيم ❝ ❞ عبدالعظيم منصور ❝ ❞ حسن كامل الملطاوي ❝ ❱.المزيد.. كتب المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية