❞ كتاب الدولة والمذهب (جدل السلطة والسلطة الموازية في الفكر الإسلامي) ❝ ⏤ غسان إسماعيل عبدالخالق
استقام للمؤلّف في هذا الكتاب أربعة مباحث: رابعها وأوّلها يبرزان ذلك التطابق في الأدوار رغم التناقض في الرموز على نحو تراجيدي؛ فالمأمون العبّاسي في بغداد يشرع في حملة تطهير فكري ظاهرها عقائدي وباطنها سياسي بحت، فيذهب ضحيّتها غير قليل من أئمّة السنّة الذين رفضوا التسليم بمعظم مقولات المعتزلة. والناصر الأمويّ في قرطبة يشرع، بعد أكثر من مئة عام، في حملة تطهير فكريّ ظاهرها عقائديّ وباطنها سياسيّ أيضًا، فيذهب ضحيّتها غير قليل من رجالات المعتزلة (المسرّيين) الذين لم تستهوهم مقولات المذهب المالكيّ.
إن العلاقة بين الدولة والمذهب، في التاريخ العربيّ الإسلاميّ، سلبًا أم إيجابًا، علاقة سجالية في المقام الأوّل، وتسير لصالح الدولة في المقام الثاني. وقد حاول ابن خلدون –كما يتّضح في المبحث الثاني- الخروج من هذه العلاقة / المحنة على نحو براغماتيّ؛ فانحاز إلى الأشاعرة عندما تعلّق الأمر بالتأريخ لعلم الكلام، لكنّه اختار نفي علم الكلام ومن ثمّ الفلسفة التي خالطته حتّى كادت تذوب فيه حينما تعلّق الأمر بالاختيار بين المعيار المنطقيّ الصوريّ والمنهج الواقعيّ الاجتماعيّ التاريخيّ. وهو خيار ينقل العلاقة من حيّز السجال حول الغيبيّ إلى فضاء الحوار حول الواقعيّ والمشاهد المحسوس.
على أنّ هذه المحاولة التي لم يقيّض لها التجسّد نظريًّا أو عمليًّا، ظلّت في منأى عن وعي سلفيّي روّاد النهضة العربيّة التي لا شكّ في أنّ اكتشاف مقدّمة ابن خلدون قد كان أحد روافعها الرئيسة، فقد شغلت واقعة الاستعمار هؤلاء الروّاد بترداد سؤال واحد: لماذا تنحطّ الأمم وكيف تنهض؟ دون غيره من الأسئلة الخلدونيّة الكثيرة، فاندفع جمال الدين الأفغاني –كما يتّضح في المبحث الثالث- إلى الإجابة عنه، على نحو يظهر إصراره على استمرار هذه العلاقة السجالية بين الدولة والمذهب، بل بين دولة الإسلام ودولة الأجنبي، مع أنّ كلّ تعالق مع دولة الأجنبيّ يحيل بالضرورة إلى الواقعيّ والاجتماعيّ والتاريخيّ.
غسان إسماعيل عبدالخالق -
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الدولة والمذهب (جدل السلطة والسلطة الموازية في الفكر الإسلامي) ❝ الناشرين : ❞ الآن ناشرون وموزعون ❝ ❱
من عصر ظهور الإسلام كتب التاريخ الإسلامي - مكتبة كتب التاريخ.