❞ كتاب تاريخ الدولة الفاطمية (ت: سرور) ❝  ⏤ محمد جمال الدين سرور

❞ كتاب تاريخ الدولة الفاطمية (ت: سرور) ❝ ⏤ محمد جمال الدين سرور


الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ هي إحدى دُولِ الخِلافةُ الإسلاميَّة، والوحيدةُ بين دُولِ الخِلافةِ التي اتخذت من المذهب الشيعي (ضمن فرعه الإسماعيلي) مذهبًا رسميًّا لها.

قامت هذه الدولة بعد أن نشط الدُعاة الإسماعيليّون في إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر، الذين تنبؤوا جميعًا بظُهوره في القريب العاجل، وذلك خلال العهد العبَّاسي فأصابوا بذلك نجاحًا في الأقاليم البعيدة عن مركز الحُكم خُصوصًا، بسبب مُطاردة العبَّاسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيثُ تمكنوا من استقطاب الجماهير وسط قبيلة كتامة البربريَّة خصوصًا، وأعلنوا قيام الخِلافةِ بعد حين.

شملت الدولة الفاطميَّة مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول الساحل المُتوسطيّ من بلاد المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية، والشَّام، والحجاز، فأضحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة، والمُنافس الرئيسيّ لها على زعامة الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين.

اختلفت المصادر التاريخيَّة حول تحديد نسب الفاطميين، فمُعظم المصادر الشيعيَّة تؤكِّد صحَّة ما قال به مؤسس هذه السُلالة، الإمام عُبيد الله المهدي بالله، وهو أنَّ الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فهُم بهذا عَلَويّون، ومن سُلالة الرسول مُحمَّد عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخُلفاء الرَّاشدين الإمام عليّ بن أبي طالب.

بالمُقابل، أنكرت مصادر أُخرى هذا النسب وأرجعت أصل عُبيد الله المهدي إلى الفُرس أو اليهود. أسس الفاطميّون مدينة المهدية في ولاية إفريقية سنة 300هـ المُوافقة لِسنتيّ 912 - 913م، واتخذوها عاصمةً لدولتهم الناشئة، وفي سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 948م، نقلوا مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة، ولمَّا تمَّ للفاطميين فتح مصر سنة 358هـ المُوافقة لِسنة 969م، أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة، وبقيت كذلك حتّى انهيارها.

أظهر عددٌ من الخُلفاء الفاطميّون تعصُّبهم للمذهب الإسماعيلي، فعانى أتباع المذاهب والديانات الأُخرى خِلال عهدهم، وبالمُقابل اشتهر غيرهم بتسامحه الشديد مع سائر المذاهب الإسلاميَّة ومع غير المُسلمين من اليهود والنصارى الأقباط واللاتين والشوام من رومٍ وسُريانٍ وموارنة، واشتهر الفاطميّون أيضًا بقدرتهم على الاستفادة من كافَّة المُكونات البشريَّة لدولتهم المُنتمية لتكتُلاتٍ عُنصريَّة مُتنوِّعة، فاستعانوا بالبربر والتُرك والأحباش والأرمن في تسيير شؤون الدولة، إلى جانب المُكوِّن العُنصري الرئيسي، أي العرب.

شكَّل العصر الفاطمي امتدادًا للعصر الذهبي للإسلام، لكنَّ قُصور الخُلفاء لم تحفل بالعُلماء والكُتَّاب البارزين كما فعلت قُصور بغداد قبلها. وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أُصول اللُغة والدين. وأبرز عُلماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم كبير عُلماء الطبيعيَّات، والأخصَّائي بعلم البصريَّات، وقد جاوزت مؤلَّفاته المائة في الرِّياضيَّات وعلم الفلك والطب.

أخذت الدولة الفاطميَّة تتراجع بسُرعةٍ كبيرة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فاستبدَّ الوُزراء بالسُلطة وأصبح اختيار الخُلفاء بأيديهم. وكان هؤلاء الخُلفاء غالبًا من الأطفال أو الفتيان، واختلف عددٌ كبيرٌ من الوزراء مع قادة الجيش ووُلاة الأمصار ورجال القصر، فعاشوا في جوٍ من الفتن والدسائس، تاركين الناس يموتون من المجاعة والأوبئة المُتفشية.

وخلال ذلك الوقت كانت الخِلافة العبَّاسيَّة قد أصبحت في حماية السلاجقة، الذين أخذوا على عاتقهم استرجاع الأراضي التي خسرها العبَّاسيّون لصالح الفاطميين، ففتحوا شمال الشَّام وسواحلها وسيطروا عليها لفترةٍ من الزمن قبل أن يستردَّها الفاطميّون، لكنَّها لم تلبث بأيديهم طويلًا، إذ كانت الحملة الصليبيَّة الأولى قد بلغت المشرق، وفتح المُلوك والأُمراء الإفرنج المُدن والقلاع الشاميَّة الواحدة تلو الأُخرى، وبلغ أحد هؤلاء المُلوك، وهو عمّوري الأوَّل أبواب القاهرة وهددها بالسُقوط.

استمرَّت الدولة الفاطميَّة تُنازع حتّى سنة 1171م عندما استقلَّ صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخُلفاء الفاطميين، وهو أبو مُحمَّد عبدُ الله العاضد لدين الله، وأزال سُلطتهم الإسميَّة بعد أن كانت سُلطتهم الفعليَّة قد زالت مُنذُ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.

هذا كتاب يتناول تاريخ الدولة الفاطمية وسياستها الخارجية يتجلى لنا فيه: مدى نجاح الفاطميين في نشر دعوتهم وإقامة خلافتهم في المغرب، والأحوال الداخلية في مصر قبل أن يمتد إليها سلطان الدولة الفاطمية، والجهود التي بذلها الفاطميون في سبيل بسط سيادتهم على مصر واتخاذها مقراً لخلافتهم، والحركات السياسية والدينية التي ظهرت في العصر الفاطمي الأول بمصر، وازدياد نفوذ الوزراء وما ترتب عليه من نتائج في العصر الفاطمي الثاني، وتطور نظم الحكم والحضارة في مصر على عهد الدولة الفاطمية، وقد قسم المؤلف الكتاب إلى قسمين: القسم الأول الدعو ة الإسماعيلية قيام الدولة الفاطمية في المغرب والعقبات التي واجهتها، وانتقال الخلافة الفاطمية إلى مصر، واتخاذ الفاطميين القهرة حاضرة لدولتهم، والجامع الأزهر مركزاً لنشر دعوتهم، وتحدث المؤلف عن الأحوال الداخلية في مصر؛ التنظيمات الإدارية والمالية، الحركات السياسية والدينية في مصر الفاطمية؛ سياسة الفاطميين مع أهل الذمة- الحاكم بأمر الله ودعوى ألوهيته- العناصر الأجنبية وأثرها في الوضع الداخلي في مصر- عصر نفوذ الوزراء في مصر- زوال الخلافة الفاطمية، وفي القسم الثاني من الكتاب كتب المؤلف عن علاقة الفاطميين بولايات الجزيرة العربية، اليمامة والبحرين وعمان واليمن والحجاز وبلاد الشام والعراق والأندلس والمغرب، وأثر ضعف الفاطميين في مصر في ضعف المذهب الإسماعيلي في مصر وخارجها.
محمد جمال الدين سرور - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ تاريخ الدولة الفاطمية (ت: سرور) ❝ ❞ الظاهر بيبرس و حضارة مصر فى عصره ❝ الناشرين : ❞ دار الفكر العربي بمصر ❝ ❞ دار الكتب والوثائق القومية ❝ ❱
من عصر الدولة الفاطمية كتب التاريخ الإسلامي - مكتبة كتب التاريخ.


اقتباسات من كتاب تاريخ الدولة الفاطمية (ت: سرور)

نبذة عن الكتاب:
تاريخ الدولة الفاطمية (ت: سرور)

1995م - 1445هـ

الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ هي إحدى دُولِ الخِلافةُ الإسلاميَّة، والوحيدةُ بين دُولِ الخِلافةِ التي اتخذت من المذهب الشيعي (ضمن فرعه الإسماعيلي) مذهبًا رسميًّا لها.

قامت هذه الدولة بعد أن نشط الدُعاة الإسماعيليّون في إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر، الذين تنبؤوا جميعًا بظُهوره في القريب العاجل، وذلك خلال العهد العبَّاسي فأصابوا بذلك نجاحًا في الأقاليم البعيدة عن مركز الحُكم خُصوصًا، بسبب مُطاردة العبَّاسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيثُ تمكنوا من استقطاب الجماهير وسط قبيلة كتامة البربريَّة خصوصًا، وأعلنوا قيام الخِلافةِ بعد حين.

شملت الدولة الفاطميَّة مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول الساحل المُتوسطيّ من بلاد المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية، والشَّام، والحجاز، فأضحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة، والمُنافس الرئيسيّ لها على زعامة الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين.

اختلفت المصادر التاريخيَّة حول تحديد نسب الفاطميين، فمُعظم المصادر الشيعيَّة تؤكِّد صحَّة ما قال به مؤسس هذه السُلالة، الإمام عُبيد الله المهدي بالله، وهو أنَّ الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فهُم بهذا عَلَويّون، ومن سُلالة الرسول مُحمَّد عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخُلفاء الرَّاشدين الإمام عليّ بن أبي طالب.

بالمُقابل، أنكرت مصادر أُخرى هذا النسب وأرجعت أصل عُبيد الله المهدي إلى الفُرس أو اليهود. أسس الفاطميّون مدينة المهدية في ولاية إفريقية سنة 300هـ المُوافقة لِسنتيّ 912 - 913م، واتخذوها عاصمةً لدولتهم الناشئة، وفي سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 948م، نقلوا مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة، ولمَّا تمَّ للفاطميين فتح مصر سنة 358هـ المُوافقة لِسنة 969م، أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة، وبقيت كذلك حتّى انهيارها.

أظهر عددٌ من الخُلفاء الفاطميّون تعصُّبهم للمذهب الإسماعيلي، فعانى أتباع المذاهب والديانات الأُخرى خِلال عهدهم، وبالمُقابل اشتهر غيرهم بتسامحه الشديد مع سائر المذاهب الإسلاميَّة ومع غير المُسلمين من اليهود والنصارى الأقباط واللاتين والشوام من رومٍ وسُريانٍ وموارنة، واشتهر الفاطميّون أيضًا بقدرتهم على الاستفادة من كافَّة المُكونات البشريَّة لدولتهم المُنتمية لتكتُلاتٍ عُنصريَّة مُتنوِّعة، فاستعانوا بالبربر والتُرك والأحباش والأرمن في تسيير شؤون الدولة، إلى جانب المُكوِّن العُنصري الرئيسي، أي العرب.

شكَّل العصر الفاطمي امتدادًا للعصر الذهبي للإسلام، لكنَّ قُصور الخُلفاء لم تحفل بالعُلماء والكُتَّاب البارزين كما فعلت قُصور بغداد قبلها. وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أُصول اللُغة والدين. وأبرز عُلماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم كبير عُلماء الطبيعيَّات، والأخصَّائي بعلم البصريَّات، وقد جاوزت مؤلَّفاته المائة في الرِّياضيَّات وعلم الفلك والطب.

أخذت الدولة الفاطميَّة تتراجع بسُرعةٍ كبيرة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فاستبدَّ الوُزراء بالسُلطة وأصبح اختيار الخُلفاء بأيديهم. وكان هؤلاء الخُلفاء غالبًا من الأطفال أو الفتيان، واختلف عددٌ كبيرٌ من الوزراء مع قادة الجيش ووُلاة الأمصار ورجال القصر، فعاشوا في جوٍ من الفتن والدسائس، تاركين الناس يموتون من المجاعة والأوبئة المُتفشية.

وخلال ذلك الوقت كانت الخِلافة العبَّاسيَّة قد أصبحت في حماية السلاجقة، الذين أخذوا على عاتقهم استرجاع الأراضي التي خسرها العبَّاسيّون لصالح الفاطميين، ففتحوا شمال الشَّام وسواحلها وسيطروا عليها لفترةٍ من الزمن قبل أن يستردَّها الفاطميّون، لكنَّها لم تلبث بأيديهم طويلًا، إذ كانت الحملة الصليبيَّة الأولى قد بلغت المشرق، وفتح المُلوك والأُمراء الإفرنج المُدن والقلاع الشاميَّة الواحدة تلو الأُخرى، وبلغ أحد هؤلاء المُلوك، وهو عمّوري الأوَّل أبواب القاهرة وهددها بالسُقوط.

استمرَّت الدولة الفاطميَّة تُنازع حتّى سنة 1171م عندما استقلَّ صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخُلفاء الفاطميين، وهو أبو مُحمَّد عبدُ الله العاضد لدين الله، وأزال سُلطتهم الإسميَّة بعد أن كانت سُلطتهم الفعليَّة قد زالت مُنذُ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.

هذا كتاب يتناول تاريخ الدولة الفاطمية وسياستها الخارجية يتجلى لنا فيه: مدى نجاح الفاطميين في نشر دعوتهم وإقامة خلافتهم في المغرب، والأحوال الداخلية في مصر قبل أن يمتد إليها سلطان الدولة الفاطمية، والجهود التي بذلها الفاطميون في سبيل بسط سيادتهم على مصر واتخاذها مقراً لخلافتهم، والحركات السياسية والدينية التي ظهرت في العصر الفاطمي الأول بمصر، وازدياد نفوذ الوزراء وما ترتب عليه من نتائج في العصر الفاطمي الثاني، وتطور نظم الحكم والحضارة في مصر على عهد الدولة الفاطمية، وقد قسم المؤلف الكتاب إلى قسمين: القسم الأول الدعو ة الإسماعيلية قيام الدولة الفاطمية في المغرب والعقبات التي واجهتها، وانتقال الخلافة الفاطمية إلى مصر، واتخاذ الفاطميين القهرة حاضرة لدولتهم، والجامع الأزهر مركزاً لنشر دعوتهم، وتحدث المؤلف عن الأحوال الداخلية في مصر؛ التنظيمات الإدارية والمالية، الحركات السياسية والدينية في مصر الفاطمية؛ سياسة الفاطميين مع أهل الذمة- الحاكم بأمر الله ودعوى ألوهيته- العناصر الأجنبية وأثرها في الوضع الداخلي في مصر- عصر نفوذ الوزراء في مصر- زوال الخلافة الفاطمية، وفي القسم الثاني من الكتاب كتب المؤلف عن علاقة الفاطميين بولايات الجزيرة العربية، اليمامة والبحرين وعمان واليمن والحجاز وبلاد الشام والعراق والأندلس والمغرب، وأثر ضعف الفاطميين في مصر في ضعف المذهب الإسماعيلي في مصر وخارجها. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:


الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ هي إحدى دُولِ الخِلافةُ الإسلاميَّة، والوحيدةُ بين دُولِ الخِلافةِ التي اتخذت من المذهب الشيعي (ضمن فرعه الإسماعيلي) مذهبًا رسميًّا لها. 

قامت هذه الدولة بعد أن نشط الدُعاة الإسماعيليّون في إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر، الذين تنبؤوا جميعًا بظُهوره في القريب العاجل، وذلك خلال العهد العبَّاسي فأصابوا بذلك نجاحًا في الأقاليم البعيدة عن مركز الحُكم خُصوصًا، بسبب مُطاردة العبَّاسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيثُ تمكنوا من استقطاب الجماهير وسط قبيلة كتامة البربريَّة خصوصًا، وأعلنوا قيام الخِلافةِ بعد حين. 

شملت الدولة الفاطميَّة مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول الساحل المُتوسطيّ من بلاد المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية، والشَّام، والحجاز، فأضحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة، والمُنافس الرئيسيّ لها على زعامة الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين.

اختلفت المصادر التاريخيَّة حول تحديد نسب الفاطميين، فمُعظم المصادر الشيعيَّة تؤكِّد صحَّة ما قال به مؤسس هذه السُلالة، الإمام عُبيد الله المهدي بالله، وهو أنَّ الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فهُم بهذا عَلَويّون، ومن سُلالة الرسول مُحمَّد عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخُلفاء الرَّاشدين الإمام عليّ بن أبي طالب. 

بالمُقابل، أنكرت مصادر أُخرى هذا النسب وأرجعت أصل عُبيد الله المهدي إلى الفُرس أو اليهود. أسس الفاطميّون مدينة المهدية في ولاية إفريقية سنة 300هـ المُوافقة لِسنتيّ 912 - 913م، واتخذوها عاصمةً لدولتهم الناشئة، وفي سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 948م، نقلوا مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة، ولمَّا تمَّ للفاطميين فتح مصر سنة 358هـ المُوافقة لِسنة 969م، أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة، وبقيت كذلك حتّى انهيارها.

أظهر عددٌ من الخُلفاء الفاطميّون تعصُّبهم للمذهب الإسماعيلي، فعانى أتباع المذاهب والديانات الأُخرى خِلال عهدهم، وبالمُقابل اشتهر غيرهم بتسامحه الشديد مع سائر المذاهب الإسلاميَّة ومع غير المُسلمين من اليهود والنصارى الأقباط واللاتين والشوام من رومٍ وسُريانٍ وموارنة، واشتهر الفاطميّون أيضًا بقدرتهم على الاستفادة من كافَّة المُكونات البشريَّة لدولتهم المُنتمية لتكتُلاتٍ عُنصريَّة مُتنوِّعة، فاستعانوا بالبربر والتُرك والأحباش والأرمن في تسيير شؤون الدولة، إلى جانب المُكوِّن العُنصري الرئيسي، أي العرب.

شكَّل العصر الفاطمي امتدادًا للعصر الذهبي للإسلام، لكنَّ قُصور الخُلفاء لم تحفل بالعُلماء والكُتَّاب البارزين كما فعلت قُصور بغداد قبلها. وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أُصول اللُغة والدين. وأبرز عُلماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم كبير عُلماء الطبيعيَّات، والأخصَّائي بعلم البصريَّات، وقد جاوزت مؤلَّفاته المائة في الرِّياضيَّات وعلم الفلك والطب. 

أخذت الدولة الفاطميَّة تتراجع بسُرعةٍ كبيرة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فاستبدَّ الوُزراء بالسُلطة وأصبح اختيار الخُلفاء بأيديهم. وكان هؤلاء الخُلفاء غالبًا من الأطفال أو الفتيان، واختلف عددٌ كبيرٌ من الوزراء مع قادة الجيش ووُلاة الأمصار ورجال القصر، فعاشوا في جوٍ من الفتن والدسائس، تاركين الناس يموتون من المجاعة والأوبئة المُتفشية.

 وخلال ذلك الوقت كانت الخِلافة العبَّاسيَّة قد أصبحت في حماية السلاجقة، الذين أخذوا على عاتقهم استرجاع الأراضي التي خسرها العبَّاسيّون لصالح الفاطميين، ففتحوا شمال الشَّام وسواحلها وسيطروا عليها لفترةٍ من الزمن قبل أن يستردَّها الفاطميّون، لكنَّها لم تلبث بأيديهم طويلًا، إذ كانت الحملة الصليبيَّة الأولى قد بلغت المشرق، وفتح المُلوك والأُمراء الإفرنج المُدن والقلاع الشاميَّة الواحدة تلو الأُخرى، وبلغ أحد هؤلاء المُلوك، وهو عمّوري الأوَّل أبواب القاهرة وهددها بالسُقوط. 

استمرَّت الدولة الفاطميَّة تُنازع حتّى سنة 1171م عندما استقلَّ صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخُلفاء الفاطميين، وهو أبو مُحمَّد عبدُ الله العاضد لدين الله، وأزال سُلطتهم الإسميَّة بعد أن كانت سُلطتهم الفعليَّة قد زالت مُنذُ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.

تاريخ الدولة الفاطمية

سقوط الدولة الفاطمية

أسماء خلفاء الدولة الفاطمية

الدولة الفاطمية pdf

بحث عن الدولة الفاطمية مختصر

بحث عن الدولة الفاطمية doc

الدولة الفاطمية في مصر pdf

اين كانت بدايات الدولة الفاطمية

لماذا حارب صلاح الدين الدولة الفاطمية



سنة النشر : 1995م / 1416هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 13.6 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة تاريخ الدولة الفاطمية (ت: سرور)

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل تاريخ الدولة الفاطمية (ت: سرور)
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
محمد جمال الدين سرور - Muhammad Jamal al Din Sorour

كتب محمد جمال الدين سرور ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ تاريخ الدولة الفاطمية (ت: سرور) ❝ ❞ الظاهر بيبرس و حضارة مصر فى عصره ❝ الناشرين : ❞ دار الفكر العربي بمصر ❝ ❞ دار الكتب والوثائق القومية ❝ ❱. المزيد..

كتب محمد جمال الدين سرور
الناشر:
دار الفكر العربي بمصر
كتب دار الفكر العربي بمصرتأسست سنة 1365هـ - 1946 م - مؤسسها : محمد محمود الخضري وما تزال دار الفكر العربي تواصل حمل مشعل الثقافة والمعرفة بين أترابها ، وتضرب بجذورها في عمق الفكر والتنوير بمنهجها الفريد الذي اختارته لنفسها منذ أربعة وستين عاماً، حيث اللجان الاستشارية الُمحكمة في شتي مجالات المعرفة، والأساتذة المتخصصين، والموضوعات الجادة الهادفة، والكوادر العاملة المؤهلة، وأساليب التقنية الحديثة مع الحفاظ علي الهوية الثقافية التي تميزنا بين الأمم، فاكتسبت بذلك خبرة في النشر والطباعة والتوزيع ، وأصبحت مهبط الجوائز والتقديرات المحلية والدولية. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ تسعون قصيدة غزل ❝ ❞ الذكاءات المتعددة والفهم ❝ ❞ تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة مشكلاته ❝ ❞ الإختبارات النفسية تقنياتها وإجرائاتها ❝ ❞ سلسلة الكون كتاب الله المنظور آيات ودلالات (ملون) ❝ ❞ فقه التصوف لشيخ الإسلام الإمام ابن تيمية ❝ ❞ أقوم قيلا ❝ ❞ علم البلورات والأشعة السينية ❝ ❞ إنباه الرواة على أنباه النحاة ❝ ❞ دراسة في مصادر الأدب ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ ديل كارنيجي ❝ ❞ أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني ❝ ❞ مجموعة من المؤلفين ❝ ❞ أحمد نجيب ❝ ❞ سعيد عبد الفتاح عاشور ❝ ❞ عبد الوهاب المسيري ❝ ❞ محمد أبو زهرة ❝ ❞ سامي عامري ❝ ❞ عبد الوهاب خلاف ❝ ❞ علي الخفيف ❝ ❞ علي عزت بيجوفيتش ❝ ❞ الطاهر أحمد مكي ❝ ❞ محمد بن يزيد المبرد أبو العباس ❝ ❞ على هاشم ❝ ❞ سلطان موسى الموسى ❝ ❞ د. أحمد حجازى السقا ❝ ❞ غازى عبد الرحمن القصيبى ❝ ❞ د.جابر عبدالحميد جابر ❝ ❞ وفاء محمد علي ❝ ❞ عز الدين إسماعيل ❝ ❞ محمد ابو زهرة ❝ ❞ مها على فهمى صدقى ❝ ❞ فيصل عباس ❝ ❞ د. محمد صبرى محسوب د. محمد إبراهيم أرباب ❝ ❞ د. زينب عصمت راشد ❝ ❞ منصور محمد حسب النبي ❝ ❞ عبد الكريم الخطيب ❝ ❞ جمال الدين القفطي ❝ ❞ حسن أحمد محمود ❝ ❞ محمد جمال الدين سرور ❝ ❞ دالسيد محمد خيرى ❝ ❞ فؤاد البهى السيد ❝ ❞ ابن أبي العز ❝ ❞ د. على أحمد هارون ❝ ❞ د. جاد طه ❝ ❞ محمد حسن حسن جبل ❝ ❞ معجب الشمرى ❝ ❞ محمد الجوهري حمد الجوهري ❝ ❞ طارق منصور ❝ ❞ أبو داود الخطابي ❝ ❞ ابن الانباري ❝ ❞ د. عزالدين فراج ❝ ❞ القاسم بن الحسين الخوارزمي صدر الأفاضل ❝ ❞ عبد العزيز الشناوي ❝ ❞ عبد العزيز سليمان نوار، محمود محمد جمال الدين ❝ ❞ عبد العزيز نوار محمود محمد جمال الدين ❝ ❞ الإمام محمد أبو زهرة ❝ ❞ د. محمد إبراهيم الفيومى ❝ ❞ د. أحمد إبراهيم الشريف ❝ ❞ عبد العزيز رمضان ❝ ❞ عبد المنعم ماجد ❝ ❞ مقدم . محمد فرج ❝ ❞ عبد الحفيظ فرغلى على القرنى ❝ ❞ توماس هاردي ❝ ❞ محمود أحمد شوق ❝ ❞ د. أحمد البدوي محمد الشريعى ❝ ❞ د. عاطف عدلى العبد د. زكى أحمد عدلى ❝ ❞ جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزوينى الخطيب ❝ ❞ د. محمد حسين أبو موسى ❝ ❞ د. شفيق عبد الرحمن على ❝ ❞ سعيد إسماعيل علي ❝ ❞ سالى ذكى محمد ❝ ❞ علي الجندي ❝ ❞ أ. د. محمد مصطفى صفوت ❝ ❞ يحي الشامي ❝ ❞ عبدالله ناصر الداوود ❝ ❞ سليم زيدان ❝ ❞ د. فوزى عطوى ❝ ❞ سامية عبد العزيز منيسي ❝ ❞ هانم ابراهيم يوسف ❝ ❞ طه أبو سديره ❝ ❞ أحمد سمايلوفتش ❝ ❞ على سعيد عبد الوهاب مكى ❝ ❞ عز الدين فراج ❝ ❞ كاتب غير معروف ❝ ❞ د.يحيى شامي ❝ ❞ كارم غنيم ❝ ❞ ل. و. بيردزل ❝ ❞ حجر عاصى ❝ ❞ محمد سكري سرور ❝ ❞ د. يحى شامى ❝ ❞ أبو المعاطي أبو الفتوح ❝ ❞ عمر الدسوقى ❝ ❞ أحمد بن محمد الأمين بن احمد المختارالجكنى ❝ ❞ د. عبد الرحمن عبد الرحمن النقيب ❝ ❞ محمد محمود سعيد ❝ ❞ على احمد يونس ❝ ❞ يوسف عبد الرحمن الفرت ❝ ❞ جورج براون ❝ ❞ إبراهيم أحمد الوقفى ❝ ❞ مهلهل بن يموت ❝ ❞ زهير الكبي ❝ ❞ محمد العبد ❝ ❞ ج . د . تيريل ❝ ❞ إسحق عبيد ❝ ❞ زيادات بحرق وابن زين ❝ ❞ زهير شفيق الكبي ❝ ❞ رفيق العظم ❝ ❞ جمال زكريا قاسم ❝ ❞ د. عبد الرحمن أحمد سالم ❝ ❞ محمد أحمد الشهاوي ❝ ❞ دكتور عز الدين اسماعيل ❝ ❞ محمد العربي فوزي ❝ ❞ حافظ شمس الدين عبدالوهاب ❝ ❞ أحمد ناصر باسهل ❝ ❞ عبد الحفيظ بن عبد الرحيم محبوب ❝ ❞ محمد مفيد الشوباشي ❝ ❱.المزيد.. كتب دار الفكر العربي بمصر