❞ 📚 كتب تونس عبر التاريخ ❝
اسرع تحميل تونس عبر التاريخ . جميع الكتب المتعلقة بـ تونس عبر التاريخ . تاريخ تونس ، (بالإنجليزية: History of Tunisia)، هو ليس فقط تاريخ دولة عربية، تقع في شمال أفريقيا، بل جزء من تاريخ العديد من الحضارات التي تعاقبت عليها عبر التاريخ. وكانت تسمى في السابق إفريقية، وعاصمتها حاليا تونس.
ما قبل التاريخ
عرفت تونس تاريخا يعود لعهود سحيقة إذ يعود ظهور الإنسان في المنطقة التي تعرف اليوم بتونس إلى فترة ما قبل التاريخ، حيث تم العثور على آثار نشاط إنساني يعود إلى العصر الحجري القديم السفلي وذلك تحديدا في موقع القطار (بمدينة قفصة) والذي اكتشف فيه عالم الآثار جراي كوما من الحجارة مخروطي الشكل يعتقد أنه تعبير عن معتقد ما ويُرَجّحُ أنّه من أقدم المعالم الدينية التي عرفتها البشرية.
تُعدّ الحضارة القبصية (6.800 ق.م. إلى 4.500 ق.م.) أول مظاهر المجتمعات الإنسانية المنظمة بالمنطقة.وفي هذه الفترة وفد البربر الأمازيغ كما يبدو مع هجرة الشعوب الليبية (تعبير اغريقي عن الشعوب الأفريقية آنذاك) وإن كان لا يعرف أصل الشعوب الأمازيغية بالتحديد ويعتبرهم كثيرون السكان الأصليين للبلاد.
عرفت المنطقة تعاقب العديد من الحضارات التي جلبتها ثروات هذه الأرض وأهمية موقعها الإستراتيجي في قلب حوض البحر الأبيض المتوسط وساعد على دخولها الانفتاح الطبيعي لتونس وسهولة تضاريسها. ويُعدّ قدوم الفينيقيين سنة 1101 ق.م. لغايات تجارية بداية دخول المنطقة فترة التاريخ. أما تأسيس قرطاج سنة 814 ق.م. فيٌعدّ البداية الحقيقية لدخول شمال إفريقيا القديم في صلب التاريخ وذلك في علاقة بعامل التأثّر والتأثير على المستوى الحضاري.
التاريخ القديم
الفترة القرطاجية
(814 ق.م. - 146 ق.م.)
أقام السكان الموجودون بالبلاد التونسية علاقات تجارية مع الفينيقيين منذ القرن 11 ق.م. حيث قام هؤلاء بإنشاء مرافئ لتبادل البضائع تعتمد في أغلب الأحيان على المقايضة. وتعتبر أوتيكا من أهم هذه الموانئ وكان تأسيس عليسة لقرطاج كقاعدة عسكرية لحماية الموانئ التجارية على الساحل الغربي للبحر الأبيض المتوسط. وعلى إثر الإضرابات التي نشبت في فينيقيا قامت مجموعة من التجّار بالفرار إلى ----قرطاج (قرط جدشت) المدينة الجديدة والاستقرار فيها
ديدون"عليسة"تؤسس قرطاج
بمرور الزمن ضعفت الإمبراطورية التجارية الفينيقية وورثت قرطاج أمجادها ومستعمراتها وقامت بتوسيع رقعتها لتشمل جزءا كبيرا من سواحل البحر الأبيض المتوسط، ونظرا لموقعها الإستراتيجي والمُطل على حوضي المتوسط، استطاعت بسط نفوذها والسيطرة على حركة التجارة بشكل لم يكن لينال رضاء القوة العظمى آن ذلك. حيث شكل التوسع القرطاجي خطرا على مصالح ونفوذ الإغريقيين مما أدى إلى اشتباكات عسكرية بين الدولتين.
الامبراطورية القرطاجية في 264 ق.م
الإمبراطورية القرطاجية
وفي سنة 753 ق.م برز كيان جديد في شبه الجزيرة الإيطالية تحت اسم روما ودخلت روما حلبة الصراع منافسة قرطاج، الشيء الذي أدى إلى نشوب سلسلة من الحروب (سنة 264 ق.م) اشتهرت باسم الحروب البونيقية ولعل أشهرها حملة حنبعل (الحرب البونيقية الثانية) الذي قام بعبور سلستي البيريني والألب بفيلته (218 ق.م. – 202 ق.م.). انتهت هذه الحروب البونيقية بهزيمة القرطاجيين واضعافهم بشكل كبير خاصة بعد حرب زوما المفصلية مما مهد الطريق لحرب ثالثة وحاسمة انتهت بزوال قرطاج وخراب المدينة وقيام الرومانيون بإنشاء "أفريكا" أول مقاطعة رومانية بشمال إفريقيا وذلك سنة 146 ق.م.
الفترة الرومانية
(146 ق.م – 431 م)
سنة 44 ق.م قرر الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر اعادة بناء مدينة قرطاج بعد أن كانت أوتيكا العاصمة ولكن أعمال البناء لم تبدأ رسميا إلا مع خلفه أوغيست وبذلك بدأت فترة ازدهار في المنطقة حيث أصبحت أفريقية مخزن حبوب روما.
ازدهرت مدن رومانية أخرى بالتزامن مع أرض قرطاج ومازالت الآثار شاهدة على بعض منها مثل دقة بولاية باجة والجم بولاية المهدية.هناك مدينة بلاريجيا وشمتو بجندوبة.
أدى نمو قرطاج السريع إلى تبوئها مكانة ثاني مدينة في الغرب بعد روما إذ ناهز عدد سكانها مائة ألف نسمة. وبدأ انتشار المسيحية في تلك الفترة والذي لاقى في البداية معارضة كبيرة من السكان ولم يحسم الأمر للدين الجديد إلا مع القرن الخامس وأصبحت قرطاج إحدى العواصم الروحية الهامة للغرب آنذاك.
التنافس الروماني القرطاجي حول الحوض الغربي للمتوسط أدى بهما إلى التصادم عسكريا في حروب ثلاثة عرفت بالحروب البونية بين قرطاج وروما اندلعت الأولى سنة 264ق م إلى 241م ق والتي سميت بحرب صقلية أما الثانية والتي سميت بحرب حنبعل فامتدت بين 219 و 201 قم لينتهي هذا الصراع بتخريب قرطاج وإحراقها خلال الحرب الثالثة 149-146 قم . بعد ذلك تعددت محاولات إعادة إعمار قرطاج لكنها فشلت لأسباب مختلفة أهمها محاولة كايوس قراكوس ومحاولة يوليوس قيصر لكن اغتياله حال دون إتمام مشروعه. 27ق م يقرر أقتاوينوس ابن يوليوس قيصر بالتبني ومؤسس النظام الإمبراطوري إعادة بناء قرطاج ( أقتاوينوس الملقب بأوغسطوس أول الأباطرة الرومان ) . بعد إتمام البناء أصبحت قرطاج عاصمة للولاية الرومانية الجديدة التي سميت إفريقيا البرونصلية والتي امتدت على كامل البلاد التونسية الحالية وجزء من شرقي الجزائر . إزدهرت المنطقة خلال العهد الروماني على جميع الأصعدة، من ذلك عمرانيا فالمجال التونسي احتوى خلال العهد الروماني على أكثر من 200 مدينة بكل معالمها الررومانية المعروفة ومن هذ ه المدن نذكر إضافة إلى قرطاج هدرومتوم (سوسة) نيابوليس (نابل ) توقا ( دقة ) مكتريس ( مكثر ) سيكا فينيريا ( الكاف ) أوينا ( أوذنة ) تيسدروس ( الجم ) وغيرها من المدن التي أنشات أو أعيد تهيئتها على النمط الروماني لتوطين الجيوش وعائلاتهم و المهاجرين الإطاليين. تميزت من بين هذه المدن قرطاج باعتبارها عاصمة الولاية وثالث مدينة في العالم الروماني بعد روما والقسطنطينية من حيث الحجم وعدد السكان فهي تمسح 315 هكتار وتعد حوالي مليون ساكن في أواخر القرن الثاني الميلادي.تعددت وظائف المدينة في إفريقيا البروقنصلية على غرار المدن الرومانية من سياسية وسكنية و احتوت جملة من العالم المتصلة بهذه الوظائف من فوروم ( الساحة العمومية ) و الكابيتوليم ( معبد الديانة الرسمية للدولة الرومانية ) و حمامات ومسارح نصف دائرية ودائرية كمسرح مدينة تيسدروس . كما تميزت المنطقة عن سائر الولايات الرومانية بازدهار فن الفسيفساء الذي تأثر في إفريقيا البروقنصلية بالمدرسة الإسكندرية ( أي اعتماد المكعبات متعددة الألوان ) فقد إتتشرت اللوحات الفسيفسائية في كامل مدن الولاية بل تنافس الأثرياء فيما بينهم في تزيين بلاطات منازلهم باللوحات الفسيفسائية وتنوعت المواضيع التي جسدتها هذه اللوحات، إذ نجد اليوم بالمتاحف التونسية لوحات تمثل مشاهد صيد، واخرى بها مشاهد مصارعة كذلك نجد لوحات تبرز مشاهد عن الحياة اليومية، مشاهد عن الزراعة والأعمال الفلاحية، لوحات تبرز المعتقدات والآلهة ....المجال الثاني الذي ميز الولاة الروملنية هو الفلاحة إذ سمت تونس خلال العهد الروماني ( مطمور روما ) و ذلك لأهمية إنتاجها الفلاحي وخاصة إنتاج الحبوب وزيت الزيتون فخلال القرن الثالث الميلادي اغتنمت الولاية فرصة تدهور الاقتصاد الإيطالي لإحياء غراسة الأشجار المثمرة بعد أن قضي عليها إثر إحراق قرطاج سنة 146 ق م وبفضل التقاليد الفلاحية المكتسبة منذ العهد القرطاجي وأيضا بفضل تعدد التشريعات والقوانين المشجعة على العمل في الفلاحة أضحت الولاية توفر كامل حاجيات روما الغذائية بمفردها وقدرت صادرات قرطاج من الحبوب إلى روما حسب المصادر الرومانية بحوالي 1.2 مليون قنطار هذا إضافة إلى بقية المنتوجات الأخرى كالزيوت والخمور . أيضا في مجال الفكر كان للولاية إسهاماتها في إثراء الحضارة الرومانية فروائع أبولوس لا تزال تثري إلى اليوم الأدب الغربي، وأبولوس من أصل إفريقي . كطلك في هذا الإطار نذكر القديس أوغسطينوس الذي عاش بين 350 و430 ميلادي والذي وضع فلسفة مسيحية أثرت في الفكر المسيحي الغربي حتى أزمنتنا الحديثة . في مجال السياسة والحكم كان لولاية إفريقيا البروقتصلية أيضا كلمتها فالعائلة السيفيرية التي حكم أبناؤها الإمبراطورية هي من أصل إفريقي وأشهر أبنائها الإمبرطور سيبتيموس سوريوس أو سيبتيم سيفار الذي حكم بين 193 و211 م .
الفترة الوندالية
(431 – 533) عبر الوندال مضيق جبل طارق في 429 م وسيطروا سريعا على مدينة قرطاج حيث اتخذوها عاصمة لهم. وكانوا أتباع الفرقة الأريانية والتي اعتبرتها الكنيسة الكاثوليكية آنذاك فرقة من الهراطقة كما اعتبرهم السكان برابرة وأدى ذلك إلى حملة قمع سياسي وديني واسعة ضد المعارضين.
Invasions of the Roman Empire Arabic.png
بدأت مناوشات بين الوندال والممالك البربرية المتاخمة للدولة وكانت انهزام الوندال سنة 530 م الحدث الذي شجع بيزنطة على القدوم لطرد الوندال.
ينطوي تاريخ تونس على سجل حافل من الحقب التاريخية المهمة والفترات الزمنية الثرية بالأحداث مما يجعل هذه الأحقاب جديرة بالدراسة والبحث والتنقيب قصد استجلاء تفاصيلها وسبر أغوارها وتتبع حركات الاندفاع والإشراق فيها.ومن بين هذه الفترات التاريخية فترة المملكة الوندالية بأرض تونس من 439 إلى 533 للميلاد، والونداليون (فرع من الجرمانيين) هم ورثة الامبراطورية الرومانية، تركوا إسبانيا وغزوا إفريقيا الشمالية عبر البحر المتوسط تحت قيادة ملكهم جنسريق، وكان ذلك تحت ضغط القوط الغربيين. وستحظى فترة الونداليين بمعرض خاص تنظمه وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بالتعاون مع المعهد الوطني للتراث ومتحف “كالشرو” الألماني تحت عنوان “ورثة الامبراطورية الرومانية المملكة الوندالية” الذي سيفتتح يوم 24 أكتوبر 2009 في ألمانيا. ويتواصل العرض على امتداد أربعة أشهر وهو يشتمل على قطع أثرية هامة تؤرخ للفترتين الوندالية والبيزنطية تم انتقاؤها بكل عناية من مختلف المتاحف التونسية.
وقد سبق أن عرض متحف “كالشرو” الألماني مثل هذه التظاهرات الثقافية التي تعرف بثراء تاريخ تونس لعل اهمها معرض حنبعل وقرطاج وكان ذلك سنة 2005 والذي لاقى نجاحا باهرا بلغ صداه جميع البلدان الأوروبية.
وتعود أصول متحف “كالشرو” إلى القرن السادس عشر ويحتوي على مجموعة من التحف النادرة ترجع إلى العصور القديمة وبعض القطع الفنية التي جمعت على مر الزمن من خلال جهود الأسرة الدوقية الكبرى بادن وبعد عام 1945 تم تطوير المتحف من خلال عمليات توسعة للمساحة التي يشغلها ومن ثم أصبح هذا المعلم من المتاحف الألمانية الكبرى ذات السمعة الدولية المرموقة.
كما ستمثل هذه التظاهرة مناسبة لاكتشاف شواهد أثرية للحقبة البيزنطية الممتدة من 533 إلى 647 للميلاد بالإضافة إلى قطع فريدة تؤرخ لبداية الحضور العربي الإسلامي بتونس مثل صفحات من القرآن الكريم وعدد من الشواهد الجنائزية والقطع الخزفية والبلورية. ويقدم المعرض كذلك قطعا أثرية متنوعة أخرى يناهز عددها 318 قطعة تم اختيارها من متاحف وطنية وجهوية تونسية مثل متاحف قرطاج وباردو وأوذنة وبوبوت وهرقلة ومكثر وحيدرة وسبيطلة وتلابت وهي تعكس ابداعا في فن الخزف والفسيفساء والحلي الوندالى إضافة لكنز “مدينة شمتو” ومنحوتات وتماثيل وتوابيت.
وعلى هامش تنظيم المعرض سيتولى عدد من الباحثين من المعهد الوطني للتراث تقديم محاضرات تتمحور حول التاريخ القديم للبلاد التونسية وتطور المتاحف ودورها في دعم السياحة الثقافية.
وكان الوندال قد سيطروا على نوميديا وما يليها غرباً واتخذوا من بونة عاصمة مملكتهم واستغلوا في ذلك ضعف روما وتمزقها وكذلك اشتغال الرومان بحرب القوط، فلم يهمل ملك الوندال “جنسريق” هذه الفرصة وذهب إلى قرطاجنة ففتحها من غير عناء واستولى على البروقنصلية وتم له بذلك الاستيلاء على تونس والجزائر ومراكش وذلك سنة 439م.
وقد أقام جنسريق في إفريقيا دولة عظيمة حسب التقاليد الجرمانية التي لم يتردد في إدخال تغييرات عليها كلما اقتضى الأمر ذلك ولقد استقام لملك الوندال والآلان منذ سنة 442م ملك مطلق.
وتعود سرعة احتلال الوندال لشمال إفريقيا إلى مساعدة البربر لهم والسبب في ذلك أنهم كانوا ينفرون من سلطة روما ويطمحون إلى الاستقلال.
الفترة البيزنطية
سيطر البيزنطييون بسهولة على قرطاج سنة 533 م ثم انتصر الجيش البيزنطي والذي على الخيل الوندالية والتي كانت أقوى تشكيل في جيش الوندال. واستسلم آخر ملك وندالي سنة 534 م.
هجر أغلب الشعب الوندالي قسرا إلى الشرق أين أصبحوا عبيدا بينما جند الباقون في الجيش أو كعمال في مزارع القمح.
سرعان ما عاد الحكام الجدد إلى سياسة القمع والاضطهاد الديني كما أثقلوا كاهل الناس بالضرائب مما حدى بهم إلى الحنين إلى سيطرة الوندال على مساوئهم.
الفترة الإسلامية
شهدت هذه الفترة تطورا كبيرا في العمران والعلوم والفكر. سكن الفينيقيون أو البونيقيون شمال أفريقيا منذ 1900 إلى 146 ق م وأسسوا قرطاج سنة 814 ق م بقدوم شخصية أسطورية تحكمهم يقال أنها تسمى "عليسة"، قدموا من صور بلبنان وأقاموا معابد وحكموا البلاد قرونا حتى ضعفت صور بسقوطها بأيدي نبوخذ نصر سنة 573 ق م، فعظم دور قرطاج التي اصطدمت بروما في الحروب البونيقية الثلاثة إلى أن سقطت ودمرت بيد الرومان سنة 146 ق م، فحكموها خمس قرون وتسارعت حركة أنتشار الحضارة الرومانية في القرن الثاني والثالث بعد الميلاد وظل الأفارقة السكان الأصليون البرابرة لشمال أفريقيا يعانون من العنصرية الرومانية إذ ليس من السهل الحصول على "مرتبة المواطن الروماني".
وأنتقلت المسيحية إلى روما عن طريق الحواري Pierre في عهد حاكم روما آنذاك، وصارت المسيحية الديانة الرسمية لروما في عهد الإمبراطور Constantin سنة 313 م ولم تعرف إفريقية انتشارا للمسيحية بحكم انحسارها في طبقة الرومانيين الأصليين إلى قدوم القديس أوغسطين (354 – 430 م)، المولود بسوق أهراس، (طاغاست) بالجزائر والذي درس بقرطاج، عرفت المسيسحية طريقا إلى شمال أفريقيا.
وفي سنة 429 م نزل الوندال، وهم أقوام من الدانمارك، واحتلوا تونس تحديدا واستقروا بقرطاج، ولم يلبث أن سقط عرش الوندال سنة 533 م بنزول جيش القسطنطينية "البيزنطيون" بكاب أفريكا ما يعرف بالشابة اليوم، الذين حكموا شمال إفريقيا (على السواحل) وأحيوا المسيحسة الأرتدكسية التي أتوا بها من المشرق، وبقيت شمال إفريقيا تمول روما والقسطنطينية بالحبوب والمنتجات الزراعية إلى أن عرفت "بمطمورة روما".
الفتح الإسلامي
استقر الإسلام في المنطقة بعد ثلاث فتوحات متتالية عرفت مقاومة كبيرة من الأمازيغ بينما لم تُعَرّب شعوب المنطقة إلا بعد ذلك بقرون طويلة.
كانت أولى الفتوحات سنة 647م وعرفت بفتح العبادلة لأن قادتها يحملون اسم عبد الله وقد كان اسم المعركة الآخر هو معركة سبيطلة حيث دخلوا المدينة وقتلوا حاكمها جرجيريورس أو كما كانوا يسمونه جرجير وأسروا ابنته.
وقعت الحملة الثانية سنة 661م وانتهت بالسيطرة على مدينة بنزرت. أما الحملة الثالثة والحاسمة فكانت بقيادة عقبة بن نافع سنة 670م وتم فيها تأسيس مدينة القيروان والتي أصبحت فيما بعد القاعدة الأمامية للحملات اللاحقة في إفريقية والأندلس. إلا أن مقتل عقبة بن نافع سنة 683م على يد كسيلة أفقد العرب السيطرة وقتيا على القيروان واضطر العرب إلى حملة رابعة ونهائية بقيادة حسان بن النعمان سنة 693م أكدت سيطرة المسلمين على إفريقية رغم مقاومة شرسة من الأمازيغ بقيادة الكاهنة ديهيا. وتمت السيطرة على قرطاج سنة 695م ورغم بعض الانتصارات للأمازيغ واسترجاع البيزنطيين لقرطاج سنة 696م فإن المسلمين سيطروا بصفة نهائية على المدينة في 698م وقُتلت الكاهنة ديهيا في السنة نفسها.
لم تسترجع قرطاج هيبتها بعد ذلك وتم استبدالها بعد ذلك بميناء تونس القريب والذي كان مركز انطلاق للغزوات في البحر باتجاه صقلية وجنوب إيطاليا.
بعد ذلك اتجه المسلمون إلى القرى البريك ونشروا الإسلام في صفوف الأمازيغ الذين أصبحوا من ذلك الحين رأس الحربة في الفتوحات اللاحقة وخاصة في الأندلس بقيادة طارق بن زياد.
احتوت مدينة القيروان على العديد من مراكز تعليم الإسلام إلا أن بعد إفريقية عن المشرق مهد الديانة ومركز الحكم أدى إلى انتشار الفرق الإسلامية التي لا تنتمي إلى أهل السنة وخاصة الفكر الخارجي.
انتشر الإسلام في مكة ببعثة النبي محمد، فدخل الناس في الإسلام، ولما توفي النبي محمد كان الإسلام قد عم جزيرة العرب، ثم انتشر الصحابة خارجها فاتحين وناشرين لدعوة الأسلام. وفي أقل من ربع قرن أتموا فتح كل من العراق وبلاد الشام ومصر، وما إن أتم المسلمون الفتح النهائي لمصر سنة 21 هـ حتى سارع عمرو بن العاص ففتح برقة (بين الإسكندرية وطرابلس بليبيا) سنة 22 هـ، وطرابلس سنة 23 هـ، وترك جزءا من جيشه للحفاظ على البلاد المفتوحة ونشر الإسلام بين أهلها لمن رغب فيه. وكان ضمن هذه الحامية عقبة بن نافع الفهري الذي كان له بعد ذلك شأن عظيم في تاريخ إفريقية والمغرب.
ولما شارف عمرو بن العاص على إفريقية (تونس) ليفتحها أرسل يستشير أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فكان الجواب "لا".
ففي هذه السنة 22 هـ بات عمر بن الخطاب ليلة مهموما يفكر من يولي على الكوفة وقد رفض أهلها أن يولى عليهم عمار بن ياسر ومن بعده أبو موسى الأشعري فكانت ولاية الكوفة مبعثة للقلق، وأمام تقدم فتوحات المسلمين في أرض البحرين وفارس والسند والترك والأكراد ومصر قلق عمر بن الخطاب وأحس بتسارع الأحداث، فلما أراد عمرو ابن العاص أن يتوغل باتجاه الروم (تونس) منعه من ذلك، ثم كان يوم الأربعاء 27 ذي الحجة سنة 23 هـ الموافق لـ 3 نوفمبر 644 م هو اليوم الذي طعن فيه عمر بن الخطاب بخنجر أبي لؤلؤة المجوسي ودفن يوم الأحد 7 نوفمبر 644 م الموافق للأول من 24 هـ، فدفن معه العدل في ذلك اليوم.
إلى أن جاءت ولاية عثمان بن عفان يوم الأربعاء 4 محرم 24 هـ، فعزل عمرو بن العاص سنة 26 هـ وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح على مصر فسار ومعه عقبة بن نافع الفهري على رأس جيش يضم عشرين ألفا، قال الطبري خرج منهم عشرة آلاف من قريش والأنصار والمهاجرين، وعرفت هذه الغزوة "بغزوة العبادلة السبع" والتي جرت أحداثها بمدينة سبيطلة سنة 27 هـ الموافق لـ 648 م حيث قتل قائد الجيش الأمازيغي جرجير وأصاب المسلمون من هذه الغزوة أموالا لم يصيبوا مثلها، فكانت إفريقية من أعظم الفتوح عند المسلمين، قال الطبري كانت أحسن امة سلاما وطاعة وأهل إفريقية من أحسن أهل البلدان وأطوعهم إلى ولاية هشام بن عبد الملك، حتى دب إليهم أهل العراق فاستثاروهم وشقوا عصاهم وفرقوا بينهم .
عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري، كان يكتب للنبي فأزله الشيطان فلحق بالكفر فأمر النبي أن يقتل يوم الفتح، فلما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله عند عثمان بن عفان (وهو أخوه لأمه) فجاء به حتى أوقفه على النبي وهو يبايع الناس، فقال يا رسول الله بايع عبد الله (بن أبي سرح) ! فبايعه بعد ثلاث أيام، ثم أقبل على الصحابة فقال : ما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا (يقصد عبد الله بن أبي سرح) حين رآني كففت يدي عن مبايعته فيقتله.
العبادلة السبعة: أشهرهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عمرو بن العاص.
الدولة الأغلبية
المصحف الأزرق الذي يرجع إلى القرن الرابع للهجرة
بقيت القيروان عاصمة لولاية أفريقية التابعة للدولة الأموية حتى 750م ثم الدولة العباسية ولم تشهد المنطقة حكما مستقلا إلا بقيادة إبراهيم ابن الأغلب مؤسس الدولة الأغلبية بقرار من هارون الرشيد سنة 800م والذي كان يريد بذلك وضع سد أمام الدويلات المنتشرة في غرب أفريقية أين انتشر الفكر الخارجي.
دام حكم الأغالبة 109 سنوات وازدهرت خلاله الحياة الثقافية وأصبحت القيروان مركز إشعاع كما شهدت نفس الفترة تأسيس أسطول بحري قوي لصد الهجومات الخارجية والذي مكن أسد بن الفرات لاحقا من فتح جزيرة صقلية.
الدولة الفاطمية
الجامع الكبير بالمهدية الذي يرجع إلى العصر الفاطمي
شكل وصول بني أمية إلى سدة الحكم بعد مقتل الإمام علي نقطة انطلاق تنظيم الشيعة العلويين وتحلقهم حول ذرية الإمام من السيدة فاطمة الزهراء، الحسن والحسين. كما أعطى مقتل الإمام الحسين شحنة جديدة زادت من تكتلهم ومن تقوية صفوفهم وذلك حتى نهاية الحكم الأموي.
لم يتغير وضع الشيعة كثير بعد وصول أبناء أعمامهم العباسيون إلى الحكم مما زاد شعورهم بالإحباط والكبت. وفي عهد الخليفة المنصور ظهرت عدة فرق في صفوف الشيعة لعل أهمها وأكثرها تنظيما سواء من ناحية العقدية أو السياسية الفرقة الاسماعيلية أتباع إسماعيل بن جعفر الصادق.
بوفاة إسماعيل بن جعفر بدأت فترة الأئمة المستورين الذين لم يكن لهم مشاركة في الحياة السياسية وهم: الوافي أحمد والتقي محمد والزكي عبد الله والتي انتهت بظهور المهدي عبد الله والمعروف أكثر باسم عبيد الله المهدي.
استطاع عبد الله الشيعي في غضون 7 سنوات الاستيلاء على أغلب مناطق شمال إفريقيا وذلك بمساعدة بعض القبائل البربرية التي استجابت إلى دعوته واعتنقت المذهب الإسماعيلي. وبعد انتصارهم على الجيش الأغلبي دخل عبيد الله رقادة يوم الخميس 20 ربيع الثاني سنة 296 هـ/6 جانفي 909 م والتي كان زيادة الله الثالث قد تخلى عنها. أسس عبيد الله المهدي عاصمة جديدة سماها المهدية، تداول على الخلافة الفاطمية في المهدية من الخلفاء اربعة وهم عبيد الله المهدي فالقائم بأمر الله فالمنصور فالمعز لدين الله. دام حكم الفاطميين في تونس 64 عاما عرفت فيها البلاد ازدهارا كبيرا. عام 969 تمكن الفاطميون من فتح مصرعلى يدي جوهر الصقلي الذي أسس القاهرة، لينقلوا إليها عاصمتهم عام 973.استخلف المعز على إفريقية بلكين بن زيري الصنهاجي وبذلك تأسست الدولة الصنهاجية.
الدولة الصنهاجية
لما انتقل الفاطميون إلى مصر ولوا على إفريقية أميرا من أصل أمازيغي يدعى بلكين بن زيري بن مناذ الصنهاجي. استطاع بلكين القضاء على الفتن والثورات القبائلية المجاورة على حدود البلاد مما مكنه من تعزيز حكمه والاحتفاظ بالأرا..
مناقشات واقتراحات حول صفحة تونس عبر التاريخ: