❞ كتاب جمال الدين الأفغاني بين دارسيه ❝  ⏤ علي شلش

❞ كتاب جمال الدين الأفغاني بين دارسيه ❝ ⏤ علي شلش

نبذة عن الكتاب :

محمد جمال الدين بن السيد صفتر الحسيني الأفغاني الأسد آبادي (1838 – 1897)، أحد أعلام التجديد في عصر النهضة العربية والإسلامية الحديثة.

منشأه
ولد جمال الدین سنة 1839م / 1254 هـ وهناك خلاف في محل ولادته قيل أنه ولد في "أسد آباد (إيران)" و قيل أنه ولد في أسد آباد (أفغانستان) وهو ما تؤكده أسرة الأفغاني نفسه والدراسات الأكاديمية ، ووالده السيد صفتر من السادة الحسينية، ويرتقي نسبه إلى علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضى الله عنه، ومن هنا جاء التعريف عنه بالسيد جمال الدين الافغانی. يؤكد مصطفى جواد أن جمال الدين الأفغاني يعتبر من أهم الشخصيات الأفغانية المؤثرة وقد ظهر للمرة الأولى شاباً سواحاً يجعل من الشرق كله وطناً له فيزور بلاد العرب ومصر وتركية ويقيم في الأفغان وهند وفارس ويسافر إلى كثير من عواصم أوروبا. وقد تربى دينياً ليكون مسلماً صوفياً، ولكن عُرف كونه من المسلمين الأصولين، متوافقاً مع الأفكار السائدة التي تقف حاجزاً أمام سلطة الفكرة والشخص أمام الجماهير، المنحازة للعاطفة الدينية. وقد حدث خلاف شديد بين الكثير من المؤرخين والكتاب حول الدولة التي ينتمى إليها جمال الدين الأفغاني، وأوثقها انتمائه "للأفغان" وهو ما اثبته محمد عمارة بالعديد من الاثباتات ونفيه للإدعاء القائل بشيعية جمال الدين الأفغاني.

كانت لأسرته منزلة عالية في بلاد الأفغان، لنسبها الشريف، ولمقامها الاجتماعي والسياسي إذ كانت لها الإمارة والسيادة على جزء من البلاد الأفغانية، تستقل بالحكم فيه، إلى أن نزع الإمارة منها دوست محمد خان أمير الأفغان وقتئذ، وأمر بنقل والد السيد جمال الدين وبعض أعمامه إلى مدينة كابل، وانتقل الأفغاني بانتقال أبيه إليها، وهو بعد في الثامنة من عمره، فعني أبوه بتربيته وتعليمه، على ما جرت به عادة الأمراء والعلماء في بلاده.

كانت مخايل الذكاء، وقوة الفطرة، وتوقد القريحة تبدو عليه منذ صباه، فتعلم اللغة العربية، واللغة الأفغانية، وتلقى علوم الدين، والتاريخ، والمنطق، والفلسفة، والرياضيات فاستوفى حظه من هذه العلوم، على أيدي أساتذة من أهل تلك البلاد، على الطريقة المألوفة في الكتب الإسلامية المشهورة، واستكمل الغاية من دروسه وهو بعد في الثامنة عشرة من عمره، ثم سافر إلى الهند، وأقام بها سنة وبضعة أشهر يدرس العلوم الحديثة على الطريقة الأوروبية وتعلم اللغة الإنجليزية، فنضج فكره، واتسعت مداركه. وكان بطبعه ميالاً إلى الرحلات، واستطلاع أحوال الأمم والجماعات، فعرض له وهو في الهند أن يؤدي فريضة الحج، فاغتنم هذه الفرصة وقضى سنة ينتقل في البلاد، ويتعرف أحوالها، وعادات أهلها، حتى وافى مكة المكرمة في سنة 1857 م - 1273 هـ، وأدى الفريضة.

بداية حياته العملية
ثم عاد إلى بلاد الأفغان، وانتظم في خدمة الحكومة على عهد الأمير دوست محمد خان المتقدم ذكره وكان أول عمل له مرافقته إياه في حملة حربية جردها لفتح هراة، إحدى مدن الأفغان، وليس يخفى أن النشأة الحربية تعود صاحبها الشجاعة، واقتحام المخاطر، ومن هنا تبدو صفة من الصفات العالية، التي امتاز بها جمال الدين، وهي الشجاعة، فإن من يخوض غمار القتال في بدء حياته تألف نفسه الجرأة والإقدام، وخاصة إذا كان بفطرته شجاعاً.

ففي نشأة الأفغاني الأولى، وفي الدور الأول من حياته، تستطيع أن تتعرف على أخلاقه، والعناصر التي تكونت منها شخصيتة، فقد نشأ كما رأيت من بيت مجيد، ازدان بالشرف واعتز بالإمارة، والسيادة، والحكم، زمناً ما، وتربى في مهاد العز، في كنف أبيه ورعايته، فكان للوراثة والنشأة الأولى أثرهما فيما طبع عليه من عزة النفس، التي كانت من أخص صفاته، ولازمته طوال حياته، وكان للحرب التي خاضها أثرها أيضاً فيم اكتسبه من الأخلاق الحربية، فالوراثة والنشأة، والتربية، والمرحلة الأولى في الحياة العملية، ترسم لنا جانباً من شخصية جمال الدين الأفغاني.

سار الأفغاني إذن في جيش دوست محمد خان لفتح "هراة"، ولازمه مدة الحصار إلى أن توفي الأمير، وفتحت المدينة بعد حصار طويل، وتقلد الإمارة من بعده ولى عهده شير علي خان سنة 1864م - 1280 هـ.

ثم وقع الخلاف بين الأمير الجديد واخوته، إذ أراد أن يكيد لهم ويعتقلهم، فانضَمَّ السيد جمال الدين إلى محمد أعظم أحد الأخوة الثلاثة، لما توسمه فيه من الخير. أستعرت نار الحرب الداخلية، فكانت الغلبة لمحمد أعظم، وانتهت إليه إمارة الأفغان، فعظمت منزلة الأفغاني عنده، وأحله محل الوزير الأول، وكان بحسن تدبيره يستتب الأمر للأمير، ولكن الحرب الداخلية، مالبثت أن تجددت، إذ كان شير علي لا يفتأ يسعى لاسترجاع سلطته، وكان الإنجليز يعضدونه بأموالهم ودسائسهم، فأيدوه ونصروه، ليجعلوه من أوليائهم وصنائعهم، وأغدق شير علي الأموال على الرؤساء الذين كانوا يناصرون الأمير محمد أعظم، فبيعت أمانات ونقضت عهود وجددت خيانات، كما يقول الأستاذ الشيخ محمد عبده وانتهت الحرب بهزيمة محمد أعظم، وغلبه شير علي، وخلص له الملك.

بقي السيد جمال الدين في كابل لم يمسسه الأمير بسوء، احتراماً لعشيرته وخوف انتفاض العامة عليه حمية لآل البيت النبوي، وهنا أيضاً تبدو لك مكانة الأفغاني، ومنزلته بين قومه، وهو بعد في المرحلة الأولى من حياته العامة، ويتجلى استعداده للإضطلاع بعظائم المهام، والتطلع إلى جلائل الأعمال، فهو يناصر أميراً يتوسم فيه الخير، ويعمل على تثبيته في الإمارة، ويشيد دولة يكون له فيها مقام الوزير الأول، ثم لاتلبث أعاصير السياسة والدسائس الإنجليزية أن تعصف بالعرش الذي أقامه، ويغلب على أمر الأمير، ويلوذ بالفرار إلى إيران لكي لايقع في قبضة عدوه، ثم يموت بها، أما الأفغاني فيبقى في عاصمة الإمارة، ولايهاب بطش الأمير المنتصر، ولايتملقه أو يسعى إلى نيل رضاه، ولاينقلب على عقبيه كما يفعل الكثيرون من طلاب المنافع، بل بقي عظيماً في محنته، ثابتاً في هزيمته، وتلك ظواهر عظمة النفس، ورباطة الجأش، وقوة الجنان.

وهذه المرحلة كان لها أثرها في الاتجاه السياسي للسيد جمال الدين، فقد رأى مابذلته السياسة الإنجليزية لتفريق الكلمة، ودس الدسائس في بلاد الأفغان، وإشعال نار الفتن الداخلية بها، واصطناعها الأولياء من بين أمرائها، ولا مراء في أن هذه الأحداث قد كشفت له عن مطامع الإنجليز، وأساليبهم في الدس والتفريق، وغرست في فؤاده روح العداء للسياسة البريطانية خاصة، والمطامع الاستعمارية الأوروبية عامة، وقد لازمه هذا الكره طوال حياته، وكان له مبدأ راسخاً يصدر عنه في أعماله وآرائه وحركاته السياسية.

ويمثل كتاب جمال الدين الأفغاني بين دارسيه أهمية خاصة لدى باحثي التراجم والأعلام؛ حيث يندرج كتاب جمال الدين الأفغاني بين دارسيه ضمن نطاق مؤلفات التراجم وما يرتبط بها من فروع الفكر الاجتماعي والثقافة.
علي شلش - علي شلش (1935 - 1993م)، هو كاتب وناقد ومترجم مصري.

وُلد علي شلش في 12 مايو 1935م، (اسمه الكامل: علي محمد طاهر حمزة شلش، اسم الشهرة:علي شلش)، تلقى تعليمه في جامعة القاهرة التي حصل منها على درجة الدكتوراه في الصحافة والإعلام، وعمل سكرتيراً لتحرير مجلة «الطلبة العرب» بين عامي 1961 و1963، ثم محرراً ثقافيا في مجلة «بناء الوطن» بين عامي 1963 و1974م، انتقل بعدها محرراً ثقافيا في مجلة «الإذاعة والتلفزيون» بين عامي 1967 و1988م. كما عمل محاضراً في معهد الدراسات الأفريقية بالقاهرة ومعهد الفنون المسرحية وبعض جامعات أوروبا وأمريكا. وهو من الأعضاء المؤسسين لإتحاد الكتاب، كما كان عضواً في نقابة الصحفيين المصريين ولجنة التبادل الثقافي في المجلس الأعلى للثقافة (مصر) 1977- 1979م. ترك مصر عام 1979 للإقامة في لندن وعاش متفرغا للقراءة والكتابة والمحاضرة. (علي شلش سُجن عام 1968 في مصر).

يُعد الأديب علي شلش من أوائل الذين اهتموا بالأدب الإفريقي ترجمة وتعريفا، حيث ألف ستة كتب عن الأدب الإفريقي.

وعُرف علي شلش بمشاركاته النشطة في الحياة الثقافية عبر مقالاته ودراساته الأدبية والنقدية وحضوره في العديد من المؤتمرات والندوات والمحاضرات، وكانت آخر مشاركته له قبيل وفاته بيوم واحد في مهرجان الشعر العربي الذي استضافته القاهرة - بمداخلة نقدية عنوانها «صدى الشعر العربي في إنجلترا».




ناقِد
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ جمال الدين الأفغاني بين دارسيه ❝ ❞ النقد السينمائي ❝ الناشرين : ❞ دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان ❝ ❞ وكالة الصحافة العربية - ناشرون ❝ ❱
من كتب التاريخ الإسلامي - مكتبة كتب التاريخ.

نبذة عن الكتاب:
جمال الدين الأفغاني بين دارسيه

نبذة عن الكتاب :

محمد جمال الدين بن السيد صفتر الحسيني الأفغاني الأسد آبادي (1838 – 1897)، أحد أعلام التجديد في عصر النهضة العربية والإسلامية الحديثة.

منشأه
ولد جمال الدین سنة 1839م / 1254 هـ وهناك خلاف في محل ولادته قيل أنه ولد في "أسد آباد (إيران)" و قيل أنه ولد في أسد آباد (أفغانستان) وهو ما تؤكده أسرة الأفغاني نفسه والدراسات الأكاديمية ، ووالده السيد صفتر من السادة الحسينية، ويرتقي نسبه إلى علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضى الله عنه، ومن هنا جاء التعريف عنه بالسيد جمال الدين الافغانی. يؤكد مصطفى جواد أن جمال الدين الأفغاني يعتبر من أهم الشخصيات الأفغانية المؤثرة وقد ظهر للمرة الأولى شاباً سواحاً يجعل من الشرق كله وطناً له فيزور بلاد العرب ومصر وتركية ويقيم في الأفغان وهند وفارس ويسافر إلى كثير من عواصم أوروبا. وقد تربى دينياً ليكون مسلماً صوفياً، ولكن عُرف كونه من المسلمين الأصولين، متوافقاً مع الأفكار السائدة التي تقف حاجزاً أمام سلطة الفكرة والشخص أمام الجماهير، المنحازة للعاطفة الدينية. وقد حدث خلاف شديد بين الكثير من المؤرخين والكتاب حول الدولة التي ينتمى إليها جمال الدين الأفغاني، وأوثقها انتمائه "للأفغان" وهو ما اثبته محمد عمارة بالعديد من الاثباتات ونفيه للإدعاء القائل بشيعية جمال الدين الأفغاني.

كانت لأسرته منزلة عالية في بلاد الأفغان، لنسبها الشريف، ولمقامها الاجتماعي والسياسي إذ كانت لها الإمارة والسيادة على جزء من البلاد الأفغانية، تستقل بالحكم فيه، إلى أن نزع الإمارة منها دوست محمد خان أمير الأفغان وقتئذ، وأمر بنقل والد السيد جمال الدين وبعض أعمامه إلى مدينة كابل، وانتقل الأفغاني بانتقال أبيه إليها، وهو بعد في الثامنة من عمره، فعني أبوه بتربيته وتعليمه، على ما جرت به عادة الأمراء والعلماء في بلاده.

كانت مخايل الذكاء، وقوة الفطرة، وتوقد القريحة تبدو عليه منذ صباه، فتعلم اللغة العربية، واللغة الأفغانية، وتلقى علوم الدين، والتاريخ، والمنطق، والفلسفة، والرياضيات فاستوفى حظه من هذه العلوم، على أيدي أساتذة من أهل تلك البلاد، على الطريقة المألوفة في الكتب الإسلامية المشهورة، واستكمل الغاية من دروسه وهو بعد في الثامنة عشرة من عمره، ثم سافر إلى الهند، وأقام بها سنة وبضعة أشهر يدرس العلوم الحديثة على الطريقة الأوروبية وتعلم اللغة الإنجليزية، فنضج فكره، واتسعت مداركه. وكان بطبعه ميالاً إلى الرحلات، واستطلاع أحوال الأمم والجماعات، فعرض له وهو في الهند أن يؤدي فريضة الحج، فاغتنم هذه الفرصة وقضى سنة ينتقل في البلاد، ويتعرف أحوالها، وعادات أهلها، حتى وافى مكة المكرمة في سنة 1857 م - 1273 هـ، وأدى الفريضة.

بداية حياته العملية
ثم عاد إلى بلاد الأفغان، وانتظم في خدمة الحكومة على عهد الأمير دوست محمد خان المتقدم ذكره وكان أول عمل له مرافقته إياه في حملة حربية جردها لفتح هراة، إحدى مدن الأفغان، وليس يخفى أن النشأة الحربية تعود صاحبها الشجاعة، واقتحام المخاطر، ومن هنا تبدو صفة من الصفات العالية، التي امتاز بها جمال الدين، وهي الشجاعة، فإن من يخوض غمار القتال في بدء حياته تألف نفسه الجرأة والإقدام، وخاصة إذا كان بفطرته شجاعاً.

ففي نشأة الأفغاني الأولى، وفي الدور الأول من حياته، تستطيع أن تتعرف على أخلاقه، والعناصر التي تكونت منها شخصيتة، فقد نشأ كما رأيت من بيت مجيد، ازدان بالشرف واعتز بالإمارة، والسيادة، والحكم، زمناً ما، وتربى في مهاد العز، في كنف أبيه ورعايته، فكان للوراثة والنشأة الأولى أثرهما فيما طبع عليه من عزة النفس، التي كانت من أخص صفاته، ولازمته طوال حياته، وكان للحرب التي خاضها أثرها أيضاً فيم اكتسبه من الأخلاق الحربية، فالوراثة والنشأة، والتربية، والمرحلة الأولى في الحياة العملية، ترسم لنا جانباً من شخصية جمال الدين الأفغاني.

سار الأفغاني إذن في جيش دوست محمد خان لفتح "هراة"، ولازمه مدة الحصار إلى أن توفي الأمير، وفتحت المدينة بعد حصار طويل، وتقلد الإمارة من بعده ولى عهده شير علي خان سنة 1864م - 1280 هـ.

ثم وقع الخلاف بين الأمير الجديد واخوته، إذ أراد أن يكيد لهم ويعتقلهم، فانضَمَّ السيد جمال الدين إلى محمد أعظم أحد الأخوة الثلاثة، لما توسمه فيه من الخير. أستعرت نار الحرب الداخلية، فكانت الغلبة لمحمد أعظم، وانتهت إليه إمارة الأفغان، فعظمت منزلة الأفغاني عنده، وأحله محل الوزير الأول، وكان بحسن تدبيره يستتب الأمر للأمير، ولكن الحرب الداخلية، مالبثت أن تجددت، إذ كان شير علي لا يفتأ يسعى لاسترجاع سلطته، وكان الإنجليز يعضدونه بأموالهم ودسائسهم، فأيدوه ونصروه، ليجعلوه من أوليائهم وصنائعهم، وأغدق شير علي الأموال على الرؤساء الذين كانوا يناصرون الأمير محمد أعظم، فبيعت أمانات ونقضت عهود وجددت خيانات، كما يقول الأستاذ الشيخ محمد عبده وانتهت الحرب بهزيمة محمد أعظم، وغلبه شير علي، وخلص له الملك.

بقي السيد جمال الدين في كابل لم يمسسه الأمير بسوء، احتراماً لعشيرته وخوف انتفاض العامة عليه حمية لآل البيت النبوي، وهنا أيضاً تبدو لك مكانة الأفغاني، ومنزلته بين قومه، وهو بعد في المرحلة الأولى من حياته العامة، ويتجلى استعداده للإضطلاع بعظائم المهام، والتطلع إلى جلائل الأعمال، فهو يناصر أميراً يتوسم فيه الخير، ويعمل على تثبيته في الإمارة، ويشيد دولة يكون له فيها مقام الوزير الأول، ثم لاتلبث أعاصير السياسة والدسائس الإنجليزية أن تعصف بالعرش الذي أقامه، ويغلب على أمر الأمير، ويلوذ بالفرار إلى إيران لكي لايقع في قبضة عدوه، ثم يموت بها، أما الأفغاني فيبقى في عاصمة الإمارة، ولايهاب بطش الأمير المنتصر، ولايتملقه أو يسعى إلى نيل رضاه، ولاينقلب على عقبيه كما يفعل الكثيرون من طلاب المنافع، بل بقي عظيماً في محنته، ثابتاً في هزيمته، وتلك ظواهر عظمة النفس، ورباطة الجأش، وقوة الجنان.

وهذه المرحلة كان لها أثرها في الاتجاه السياسي للسيد جمال الدين، فقد رأى مابذلته السياسة الإنجليزية لتفريق الكلمة، ودس الدسائس في بلاد الأفغان، وإشعال نار الفتن الداخلية بها، واصطناعها الأولياء من بين أمرائها، ولا مراء في أن هذه الأحداث قد كشفت له عن مطامع الإنجليز، وأساليبهم في الدس والتفريق، وغرست في فؤاده روح العداء للسياسة البريطانية خاصة، والمطامع الاستعمارية الأوروبية عامة، وقد لازمه هذا الكره طوال حياته، وكان له مبدأ راسخاً يصدر عنه في أعماله وآرائه وحركاته السياسية.

ويمثل كتاب جمال الدين الأفغاني بين دارسيه أهمية خاصة لدى باحثي التراجم والأعلام؛ حيث يندرج كتاب جمال الدين الأفغاني بين دارسيه ضمن نطاق مؤلفات التراجم وما يرتبط بها من فروع الفكر الاجتماعي والثقافة. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

نبذة عن الكتاب :

محمد جمال الدين بن السيد صفتر الحسيني الأفغاني الأسد آبادي (1838 – 1897)، أحد أعلام التجديد في عصر النهضة العربية والإسلامية الحديثة.

منشأه
ولد جمال الدین سنة 1839م / 1254 هـ وهناك خلاف في محل ولادته قيل أنه ولد في "أسد آباد (إيران)"  و قيل أنه ولد في أسد آباد (أفغانستان) وهو ما تؤكده أسرة الأفغاني نفسه والدراسات الأكاديمية ، ووالده السيد صفتر من السادة الحسينية، ويرتقي نسبه إلى علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضى الله عنه، ومن هنا جاء التعريف عنه بالسيد جمال الدين الافغانی. يؤكد مصطفى جواد أن جمال الدين الأفغاني يعتبر من أهم الشخصيات الأفغانية المؤثرة وقد ظهر للمرة الأولى شاباً سواحاً يجعل من الشرق كله وطناً له فيزور بلاد العرب ومصر وتركية ويقيم في الأفغان وهند وفارس ويسافر إلى كثير من عواصم أوروبا. وقد تربى دينياً ليكون مسلماً صوفياً، ولكن عُرف كونه من المسلمين الأصولين، متوافقاً مع الأفكار السائدة التي تقف حاجزاً أمام سلطة الفكرة والشخص أمام الجماهير، المنحازة للعاطفة الدينية. وقد حدث خلاف شديد بين الكثير من المؤرخين والكتاب حول الدولة التي ينتمى إليها جمال الدين الأفغاني، وأوثقها انتمائه "للأفغان" وهو ما اثبته محمد عمارة بالعديد من الاثباتات ونفيه للإدعاء القائل بشيعية جمال الدين الأفغاني.

كانت لأسرته منزلة عالية في بلاد الأفغان، لنسبها الشريف، ولمقامها الاجتماعي والسياسي إذ كانت لها الإمارة والسيادة على جزء من البلاد الأفغانية، تستقل بالحكم فيه، إلى أن نزع الإمارة منها دوست محمد خان أمير الأفغان وقتئذ، وأمر بنقل والد السيد جمال الدين وبعض أعمامه إلى مدينة كابل، وانتقل الأفغاني بانتقال أبيه إليها، وهو بعد في الثامنة من عمره، فعني أبوه بتربيته وتعليمه، على ما جرت به عادة الأمراء والعلماء في بلاده.

كانت مخايل الذكاء، وقوة الفطرة، وتوقد القريحة تبدو عليه منذ صباه، فتعلم اللغة العربية، واللغة الأفغانية، وتلقى علوم الدين، والتاريخ، والمنطق، والفلسفة، والرياضيات فاستوفى حظه من هذه العلوم، على أيدي أساتذة من أهل تلك البلاد، على الطريقة المألوفة في الكتب الإسلامية المشهورة، واستكمل الغاية من دروسه وهو بعد في الثامنة عشرة من عمره، ثم سافر إلى الهند، وأقام بها سنة وبضعة أشهر يدرس العلوم الحديثة على الطريقة الأوروبية وتعلم اللغة الإنجليزية، فنضج فكره، واتسعت مداركه. وكان بطبعه ميالاً إلى الرحلات، واستطلاع أحوال الأمم والجماعات، فعرض له وهو في الهند أن يؤدي فريضة الحج، فاغتنم هذه الفرصة وقضى سنة ينتقل في البلاد، ويتعرف أحوالها، وعادات أهلها، حتى وافى مكة المكرمة في سنة 1857 م - 1273 هـ، وأدى الفريضة.

بداية حياته العملية
ثم عاد إلى بلاد الأفغان، وانتظم في خدمة الحكومة على عهد الأمير دوست محمد خان المتقدم ذكره وكان أول عمل له مرافقته إياه في حملة حربية جردها لفتح هراة، إحدى مدن الأفغان، وليس يخفى أن النشأة الحربية تعود صاحبها الشجاعة، واقتحام المخاطر، ومن هنا تبدو صفة من الصفات العالية، التي امتاز بها جمال الدين، وهي الشجاعة، فإن من يخوض غمار القتال في بدء حياته تألف نفسه الجرأة والإقدام، وخاصة إذا كان بفطرته شجاعاً.

ففي نشأة الأفغاني الأولى، وفي الدور الأول من حياته، تستطيع أن تتعرف على أخلاقه، والعناصر التي تكونت منها شخصيتة، فقد نشأ كما رأيت من بيت مجيد، ازدان بالشرف واعتز بالإمارة، والسيادة، والحكم، زمناً ما، وتربى في مهاد العز، في كنف أبيه ورعايته، فكان للوراثة والنشأة الأولى أثرهما فيما طبع عليه من عزة النفس، التي كانت من أخص صفاته، ولازمته طوال حياته، وكان للحرب التي خاضها أثرها أيضاً فيم اكتسبه من الأخلاق الحربية، فالوراثة والنشأة، والتربية، والمرحلة الأولى في الحياة العملية، ترسم لنا جانباً من شخصية جمال الدين الأفغاني.

سار الأفغاني إذن في جيش دوست محمد خان لفتح "هراة"، ولازمه مدة الحصار إلى أن توفي الأمير، وفتحت المدينة بعد حصار طويل، وتقلد الإمارة من بعده ولى عهده شير علي خان سنة 1864م - 1280 هـ.

ثم وقع الخلاف بين الأمير الجديد واخوته، إذ أراد أن يكيد لهم ويعتقلهم، فانضَمَّ السيد جمال الدين إلى محمد أعظم أحد الأخوة الثلاثة، لما توسمه فيه من الخير. أستعرت نار الحرب الداخلية، فكانت الغلبة لمحمد أعظم، وانتهت إليه إمارة الأفغان، فعظمت منزلة الأفغاني عنده، وأحله محل الوزير الأول، وكان بحسن تدبيره يستتب الأمر للأمير، ولكن الحرب الداخلية، مالبثت أن تجددت، إذ كان شير علي لا يفتأ يسعى لاسترجاع سلطته، وكان الإنجليز يعضدونه بأموالهم ودسائسهم، فأيدوه ونصروه، ليجعلوه من أوليائهم وصنائعهم، وأغدق شير علي الأموال على الرؤساء الذين كانوا يناصرون الأمير محمد أعظم، فبيعت أمانات ونقضت عهود وجددت خيانات، كما يقول الأستاذ الشيخ محمد عبده وانتهت الحرب بهزيمة محمد أعظم، وغلبه شير علي، وخلص له الملك.

بقي السيد جمال الدين في كابل لم يمسسه الأمير بسوء، احتراماً لعشيرته وخوف انتفاض العامة عليه حمية لآل البيت النبوي، وهنا أيضاً تبدو لك مكانة الأفغاني، ومنزلته بين قومه، وهو بعد في المرحلة الأولى من حياته العامة، ويتجلى استعداده للإضطلاع بعظائم المهام، والتطلع إلى جلائل الأعمال، فهو يناصر أميراً يتوسم فيه الخير، ويعمل على تثبيته في الإمارة، ويشيد دولة يكون له فيها مقام الوزير الأول، ثم لاتلبث أعاصير السياسة والدسائس الإنجليزية أن تعصف بالعرش الذي أقامه، ويغلب على أمر الأمير، ويلوذ بالفرار إلى إيران لكي لايقع في قبضة عدوه، ثم يموت بها، أما الأفغاني فيبقى في عاصمة الإمارة، ولايهاب بطش الأمير المنتصر، ولايتملقه أو يسعى إلى نيل رضاه، ولاينقلب على عقبيه كما يفعل الكثيرون من طلاب المنافع، بل بقي عظيماً في محنته، ثابتاً في هزيمته، وتلك ظواهر عظمة النفس، ورباطة الجأش، وقوة الجنان.

وهذه المرحلة كان لها أثرها في الاتجاه السياسي للسيد جمال الدين، فقد رأى مابذلته السياسة الإنجليزية لتفريق الكلمة، ودس الدسائس في بلاد الأفغان، وإشعال نار الفتن الداخلية بها، واصطناعها الأولياء من بين أمرائها، ولا مراء في أن هذه الأحداث قد كشفت له عن مطامع الإنجليز، وأساليبهم في الدس والتفريق، وغرست في فؤاده روح العداء للسياسة البريطانية خاصة، والمطامع الاستعمارية الأوروبية عامة، وقد لازمه هذا الكره طوال حياته، وكان له مبدأ راسخاً يصدر عنه في أعماله وآرائه وحركاته السياسية.

ويمثل كتاب جمال الدين الأفغاني بين دارسيه أهمية خاصة لدى باحثي التراجم والأعلام؛ حيث يندرج كتاب جمال الدين الأفغاني بين دارسيه ضمن نطاق مؤلفات التراجم وما يرتبط بها من فروع الفكر الاجتماعي والثقافة. 



حجم الكتاب عند التحميل : 5.1 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة جمال الدين الأفغاني بين دارسيه

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل جمال الدين الأفغاني بين دارسيه
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
علي شلش - Ali Shalash

كتب علي شلش علي شلش (1935 - 1993م)، هو كاتب وناقد ومترجم مصري. وُلد علي شلش في 12 مايو 1935م، (اسمه الكامل: علي محمد طاهر حمزة شلش، اسم الشهرة:علي شلش)، تلقى تعليمه في جامعة القاهرة التي حصل منها على درجة الدكتوراه في الصحافة والإعلام، وعمل سكرتيراً لتحرير مجلة «الطلبة العرب» بين عامي 1961 و1963، ثم محرراً ثقافيا في مجلة «بناء الوطن» بين عامي 1963 و1974م، انتقل بعدها محرراً ثقافيا في مجلة «الإذاعة والتلفزيون» بين عامي 1967 و1988م. كما عمل محاضراً في معهد الدراسات الأفريقية بالقاهرة ومعهد الفنون المسرحية وبعض جامعات أوروبا وأمريكا. وهو من الأعضاء المؤسسين لإتحاد الكتاب، كما كان عضواً في نقابة الصحفيين المصريين ولجنة التبادل الثقافي في المجلس الأعلى للثقافة (مصر) 1977- 1979م. ترك مصر عام 1979 للإقامة في لندن وعاش متفرغا للقراءة والكتابة والمحاضرة. (علي شلش سُجن عام 1968 في مصر). يُعد الأديب علي شلش من أوائل الذين اهتموا بالأدب الإفريقي ترجمة وتعريفا، حيث ألف ستة كتب عن الأدب الإفريقي. وعُرف علي شلش بمشاركاته النشطة في الحياة الثقافية عبر مقالاته ودراساته الأدبية والنقدية وحضوره في العديد من المؤتمرات والندوات والمحاضرات، وكانت آخر مشاركته له قبيل وفاته بيوم واحد في مهرجان الشعر العربي الذي استضافته القاهرة - بمداخلة نقدية عنوانها «صدى الشعر العربي في إنجلترا». ناقِد❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ جمال الدين الأفغاني بين دارسيه ❝ ❞ النقد السينمائي ❝ الناشرين : ❞ دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان ❝ ❞ وكالة الصحافة العربية - ناشرون ❝ ❱. المزيد..

كتب علي شلش
الناشر:
دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان
كتب دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان دار الشروق أحد دور النشر العربية. وهي ناشر عام للكتب السياسية والسير والمذكرات وكتب التاريخ والفلسفة والعلوم الاجتماعية والدين والفكر القومي والكتب الفنية المصورة وكتب الأطفال. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ مختصر النحو ❝ ❞ تاجر البندقية ❝ ❞ تراب الماس ❝ ❞ السيرة النبوية المشرفة ❝ ❞ المرأة بحث في سيكولوجية الأعماق ❝ ❞ جسمك كيف يعمل رحلة داخل جسم الإنسان ❝ ❞ حول العالم فى 200 يوم ❝ ❞ الذين عادوا إلى السماء ❝ ❞ هذا الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يا محب ❝ ❞ لعنة الفراعنة وشيء وراء العقل ❝ ❱.المزيد.. كتب دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان

كتب شبيهة بـ جمال الدين الأفغاني بين دارسيه:

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغاني بين حقائق التاريخ وأكاذيب لويس عوض  PDF

جمال الدين الأفغاني بين حقائق التاريخ وأكاذيب لويس عوض PDF

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغاني بين حقائق التاريخ وأكاذيب لويس عوض PDF مجانا

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغانى ذكريات وأحاديث PDF

جمال الدين الأفغانى ذكريات وأحاديث PDF

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغانى ذكريات وأحاديث PDF مجانا

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغانى ذكريات وأحاديث PDF

جمال الدين الأفغانى ذكريات وأحاديث PDF

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغانى ذكريات وأحاديث PDF مجانا


Warning: extract() expects parameter 1 to be array, boolean given in /home/books/public_html/includes/functions.php on line 178
قراءة و تحميل كتاب  PDF

PDF

قراءة و تحميل كتاب PDF مجانا

قراءة و تحميل كتاب الرد على الدهريين للمصلح الكبير السيد جمال الدين الافغاني PDF

الرد على الدهريين للمصلح الكبير السيد جمال الدين الافغاني PDF

قراءة و تحميل كتاب الرد على الدهريين للمصلح الكبير السيد جمال الدين الافغاني PDF مجانا

قراءة و تحميل كتاب سلسلة أعلام العرب ( جمال الدين الافغاني باعث نهضة الشرق ) PDF

سلسلة أعلام العرب ( جمال الدين الافغاني باعث نهضة الشرق ) PDF

قراءة و تحميل كتاب سلسلة أعلام العرب ( جمال الدين الافغاني باعث نهضة الشرق ) PDF مجانا

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغاني المفترى عليه PDF

جمال الدين الأفغاني المفترى عليه PDF

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغاني المفترى عليه PDF مجانا

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغاني موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام PDF

جمال الدين الأفغاني موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام PDF

قراءة و تحميل كتاب جمال الدين الأفغاني موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام PDF مجانا